
إيران... البُسطاء يدفعون الثمن
تقول وثائق أحداث العام الميلادي 1979 إن ثورة الزعيم الإيراني الراحل الخميني «الإسلامية»، لم يكن لها أن تحقق الانتصار على جهاز «السافاك»، وإطاحة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لولا أن إدارة الرئيس الأميركي الراحل جيمي كارتر اختارت يومذاك أن تغمض عينيها، أولاً، عما كان يحدث على أرض إيران منذ مطالع العام السابق، 1978، ثم تدير ظهرها، ثانياً، وتتخلى عن الحليف الأهم للولايات المتحدة في المنطقة، بعد إسرائيل، بالطبع، وتتركه يرحل هارباً، فلا تعرض عليه اللجوء إليها، حتى تعذر على الرجل أن يجد المأوى في المنفى، لولا أن الرئيس محمد أنور السادات، زعيم مصر آنذاك، رحب به، فأقام مع أسرته في القاهرة حتى وافاه الأجل المحتوم، ودُفِن في ثراها. يبرر تقبُّل ذلك السرد لما جرى زمنذاك أنه موثق، لكنه ليس بكاشف عن كل شيء، فما تبع من أحداث ألقى بعض ظلال الشك بأن المخفي من الأسرار أهم بكثير مما كُشِف عنه حتى الآن.
الحديث عما خفي من أسرار تكتنف علاقات واشنطن - طهران منذ تمكُّن ثورة الخميني من الحكم، وتأسيس «جمهورية إيران الإسلامية»، لا يعني بالضرورة الأخذَ بنظريات «المؤامرة» وعدّها دليلاً لإثبات أن كل الأزمات جرى الإعداد لها مُسبقاً، حتى لو أن مساراتها، أو نهاياتها، خرجت من أيدي الأطراف التي وضعت خططها. كلا، ليس كل ما يحدث، دائماً، هو نتيجة «مؤامرة». لكن هذا لن ينفي إمكانية «تآمر» أجهزة معنية لدى طرفين، تقول الشواهد كلها إن كِليهما عدوٌ للآخر لدود، كما أميركا وإيران؛ لأجل تحقيق أهداف تفيد الطرفين، ولو مرحلياً. ضمن هذا السياق، يمكن استحضار قصة ذاع أمرها أواخر سنة 1986 في عهد رونالد ريغان، بعدما كشفت تفاصيلها مجلة «الشراع» اللبنانية، وعُرفت باسم «فضيحة إيران - كونترا»؛ لأنها فضحت بيع واشنطن أسلحة لإيران مقابل توسطها في إطلاق سراح أميركيين كانت تحتجزهم فصائل لبنانية تمولها طهران. يوضح هذا أن التقاء المصالح قد يبيح المحظور في التعامل، حتى بين ألدّ الأعداء.
إذنْ، في إطار يقيس على ما سبق، هل يمكن الاعتقاد أن ثمة جهات في الغرب عموماً، وليس في أميركا وحدها، ارتأت التعامل برأس بارد، كما يقول الغربيون أنفسهم، مع برنامج إيران النووي، إنما من دون إغفال الاهتمام بمدى تطور برامج تخصيب اليورانيوم تحديداً، فإذا انطلق جرس إنذار بأن خطر امتلاك طهران القنبلة النووية اقترب فعلاً، بدأ التحضير لضرب المشروع ككل؟ قد يبدو تحليل كهذا قريباً هو الآخر من احتمال الوقوع في فخ وهمِ، أو شبحِ، «المؤامرة». صحيح، لكن التاريخ سوف يسجل أمرين ليس لأي منهما علاقة بأي تآمر. مضمون أول الأمرين يقول إن الشعب الإيراني لم يكن بحاجة لسلاح نووي. وخلاصة ثانيهما أن دول الغرب تتحمل مسؤولية تحميل بسطاء الإيرانيين عبء دفع أثمان باهظة لعداء لم يختاروه هُم، بل أراده الخميني وصحبُه. حصل ظلم كهذا مع العراقيين في تعامل الغرب مع صدام حسين، ومع الليبيين خلال حكم معمر القذافي، فهل ثمة شعب آخر مُرشح لسلوك الطريق ذاتها؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الآن
منذ ساعة واحدة
- مراكش الآن
ترامب: أنقذت خامنئي من موت قبيح ومهين والحرب لم تنتهي بعد
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، أنه 'بالتأكيد' سيقصف إيران مجدداً إذا أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أنها لا تزال قادرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تسمح بصنع الأسلحة النووية. تأتي هذه التصريحات الحادة في أعقاب غارات جوية سابقة، وتؤكد على موقف ترامب المتشدد تجاه برنامج إيران النووي. عندما سُئل خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض عما إذا كان سيفكر في شن ضربات جديدة في حال لم تنجح غارات الأسبوع الماضي في إنهاء الطموحات النووية الإيرانية، أجاب ترامب بوضوح: 'بلا شك. بالتأكيد'. اعتبر ترامب أن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي 'هزم شرّ هزيمة' نتيجة الضربات الأمريكية والإسرائيلية. وفي سياق متصل، قال ترامب في ذات اللقاء إنه منع اغتيال المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، مهاجماً إياه لقوله إن طهران انتصرت في الحرب مع إسرائيل. وأورد ترامب في منشور على منصة 'تروث سوشال': 'لقد أنقذته من موت قبيح ومهين للغاية'، مضيفاً أنه أوقف العمل على تخفيف العقوبات على إيران بعد تصريحات خامنئي الأخيرة، مما يشير إلى تصعيد في التوتر بين البلدين.


بديل
منذ ساعة واحدة
- بديل
غروسي: لا نعرف أين اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب
قال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه بعد ضربات واشنطن على المنشآت النووية الإيرانية 'يمكن أن يكون جزء من اليورانيوم المخصب دمر لكن قد يكون تم نقل جزء منه'. وفي تصريحات لقناة 'سي بي إس' نيوز، أشار غروسي إلى أنه 'بعد مرور ما يقرب من أسبوع على الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، لا توجد أي معلومات عن موقع حوالي 900 رطل من اليورانيوم عالي التخصيب الذي تزعم إيران أنه أزيل قبل الهجوم'. وأضاف 'لا نعرف أين يمكن أن يكون اليورانيوم الإيراني المخصب الآن'. وذكر أن إيران 'كان لديها برنامج نووي واسع وطموح وقد يكون جزء منه لا يزال قائما'، لافتا بأن إيران دولة متقدمة في التكنولوجيا النووية ولا يمكن محو هذا بعمليات عسكرية أو بدونها'. وأكد أنه 'لن يحل ملف إيران النووي بشكل نهائي بالعمل العسكري وسيكون علينا التوصل إلى اتفاق'. وكانت الوكالة قد أعربت سابقا عن مخاوفها بشأن نقص الشفافية في بعض جوانب الأنشطة النووية الإيرانية، 'خاصة في ظل تزايد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% وتقييد وصول المفتشين إلى بعض المنشآت'. - إشهار - وفي الأيام الماضية، وافقت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني على مشروع قانون يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وملاحقة مديرها رافائيل غروسي بتهمة التجسس. وشنت إسرائيل عملية ضد إيران في 13 يونيو، متهمة إياها بتنفيذ برنامج نووي عسكري سري. واستهدفت الغارات الجوية منشآت نووية، وجنرالات، وعلماء فيزياء نووية بارزين، وقواعد جوية. ورفضت إيران هذه الاتهامات، وردت بهجماتها الخاصة. وتبادل الطرفان الضربات على مدى 12 يوما، وانضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل، حيث شنّت هجوما لمرة واحدة على المنشآت النووية الإيرانية ليلة 22 يونيو. بعد ذلك، في مساء 23 يونيو، شنت طهران ضربات صاروخية على قاعدة 'العديد' الأمريكية في قطر، مؤكدة أن الجانب الإيراني لا ينوي التصعيد أكثر.


المغرب اليوم
منذ 3 ساعات
- المغرب اليوم
إيران تتمسك ببرنامجها النووي وتتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالصمت على الهجمات
أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، التزام طهران بحماية "مصالحها الوطنية ومكتسباتها العلمية"، مشددًا على أن العلماء الإيرانيين سيواصلون عملهم رغم ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي-الأمريكي" على منشآت نووية تخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني مساء الجمعة، قال إسلامي إن الهجمات الأخيرة استهدفت منشآت تخضع لإشراف دولي دائم، واعتبر ذلك "خرقًا فاضحًا للقانون الدولي"، مشيرًا إلى أن هذه الاعتداءات لن تثني بلاده عن مواصلة تطوير برنامجها النووي السلمي. ووجه انتقادًا حادًا إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، واصفًا صمته حيال الهجمات بـ"المريب"، ومتهماً إياه بالمساهمة غير المباشرة في تبريرها. من جهته، جدد سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، التأكيد على أن طهران ماضية في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، مع التمسك بحقها السيادي في إدارة برنامجها النووي. وأوضح أن إيران قد تقبل، كجزء من اتفاق شامل، بنقل مخزوناتها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و60% إلى دولة ثالثة مقابل الحصول على "الكعكة الصفراء"، أو الإبقاء عليها داخل البلاد بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وشدد إيرواني على أن إيران "لا تعترف بأي قيود مفروضة على برامجها الصاروخية"، معتبرًا أن هذه القدرات تمثل جزءًا من السيادة الوطنية التي لا تقبل المساومة. وأضاف أن طهران منفتحة على التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك فتح الباب أمام الاستثمارات الغربية والأمريكية، "شريطة أن يتم ذلك في إطار من الاحترام المتبادل لسيادة إيران وحقوقها النووية".