logo
انسحاب مفاجئ بمليارات الدولارات... هل يفقد "بنك أوف أميركا" جاذبيته؟

انسحاب مفاجئ بمليارات الدولارات... هل يفقد "بنك أوف أميركا" جاذبيته؟

النهارمنذ 3 أيام
في خطوة تعكس تغيراً عميقاً في شهية المستثمرين تجاه القطاع المصرفي الأميركي، باعت "الهيئة العامة للاستثمار الكويتية" حصة بقيمة 3.1 مليارات دولار من أسهمها في "بنك أوف أميركا"، في صفقة ضخمة نفذتها دفعة واحدة "غولدمان ساكس" ليل الثلثاء-الأربعاء بسعر 47.95 دولاراً للسهم، أي بخصم 1.5 في المئة عن سعر الإغلاق السابق. الصفقة جاءت بعد أيام فقط من تخارج الصندوق السيادي نفسه من حصة أخرى في شركة التأمين الآسيوية ذات الجذور الأميركية "إيه آي إيه غروب" بقيمة 3.4 مليارات دولار. وبالنظر إلى توقيت العمليتين، وحجم المبالغ المتخارج منها، تبدو الحكاية أكبر بكثير من مجرد إعادة توزيع للاستثمارات الخاصة بمحفظة استثمارية.
يبدو واضحاً أن سلسلة التخارجات من "بنك أوف أميركا"، سواء من جانب الكويت أو من جانب مستثمرين كبار آخرين مثل وارن بافيت، ترتبط بمزيج معقّد من العوامل البيئية والاستراتيجية والمالية. فالكويت، التي كانت من أبرز داعمي المصرف منذ أيام الأزمة المالية عام 2008 عبر استثمار ملياري دولار في "ميريل لينش" قبل اندماج الأخيرة فيه، لم تسيّل حصتها نتيجة ضغوط ظرفية، بل في سياق أوسع من إعادة النظر في جدوى الاستمرار في دعم مؤسسة مالية بدأت تفقد بريقها أمام منافسيها.
من جهة أخرى، بدأت "بيركشاير هاثاواي" التابعة لبافيت، والتي كانت من أكبر المساهمين في المصرف، بتقليص حصتها تدريجياً منذ العام الماضي، وواصلت البيع حتى تراجعت نسبة ملكيتها إلى ما دون 10 في المئة، ما أعفاها من الإفصاح اليومي الإلزامي. وفي نهاية آذار/مارس 2025، كانت "بيركشاير" تملك نحو 632 مليون سهم، مقارنة بـ1.03 مليار سهم قبل سنة فقط. هذا الانسحاب التدريجي لا يبدو عشوائياً، بل نتيجة تقييم استثماري يرى أن أداء المصرف في المرحلة المقبلة قد لا يكون جذاباً كما كان في السابق.
وليس الأمر محصوراً في حسابات الربح والخسارة. فالمخاوف البيئية باتت عاملاً مؤثراً في قرارات كبرى المؤسسات والمستثمرين. مثلاً، أعلن "تحالف الحفاظ على الطبيعة" (The Conservation Alliance) أنه بدأ التخارج من "بنك أوف أميركا" لأنه لا يزال يموّل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز في محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي، ليكون بذلك المصرف الأميركي الكبير الوحيد الذي لم يتعهد بوقف تمويل هذه الأنشطة المثيرة للجدل. هذه الخطوة تعكس تحوّل الاعتبارات البيئية إلى عنصر محوري في قرارات الاستثمار، حتى بين الجهات التي لا تُعرَف تقليدياً بمواقفها السياسية أو البيئية الصريحة.
وإلى جانب الاعتبارات البيئية والاستراتيجية، لا يمكن إغفال العامل المالي الصرف. فمنذ أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دورة رفع معدلات الفائدة أوائل عام 2022، كان "بنك أوف أميركا" الأسوأ أداءً بين أكبر ستة مصارف أميركية. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن معدلات الفائدة المرتفعة تعزز أرباح المصارف، كشف نموذج عمل "بنك أوف أميركا" عن هشاشة في مواجهة هذه التحولات النقدية، نظراً إلى حيازته الضخمة لسندات ذات عوائد منخفضة، إلى جانب ضعف في أداء قطاعاته المعتمدة على الإقراض العقاري والاستهلاكي.
هذه العوامل كلها مجتمعة تدفع إلى الاعتقاد بأن التخارج الكويتي الأخير ليس نهاية القصة بل ربما بداية لتحوّل أكبر في علاقة الصناديق السيادية الخليجية بالقطاع المالي الأميركي. فالتوجه العام اليوم يميل إلى توجيه الاستثمارات نحو التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبنية التحتية ومشاريع التنمية الوطنية، أكثر من التمسك بحصص تقليدية في مصارف كبرى تواجه ضغوطاً تنظيمية، ومنافسة متزايدة من شركات التكنولوجيا المالية، واتهامات متصاعدة بعدم الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية.
اللافت أن "بنك أوف أميركا"، على رغم تاريخه العريق ومكانته كمكون أساسي في النظام المصرفي الأميركي، بات اليوم في موقع الدفاع عن جدار الثقة الذي بناه مع مستثمريه الكبار على مدى عقدين من الزمن. وإذا استمر اتجاه الفائدة المرتفعة، وزاد الضغط التنظيمي، وظل أداء المصرف دون توقعات السوق، قد نشهد انسحابات جديدة من مستثمرين كانوا حتى وقت قريب يُعَدّون من أركان دعمه.
ببساطة، ما يجري ليس مجرد صفقة. إنه مؤشر على أن زمن الولاء البعيد الأمد للمؤسسات المالية الكبرى قد بدأ يتآكل، في ظل عالم سريع التغيّر، وقواعد استثمار جديدة، ومراكز ثقل تتحرك من وول ستريت إلى ما هو أبعد بكثير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تراجع معظم بورصات الخليج بضغط من مخاوف التضخم في أمريكا
تراجع معظم بورصات الخليج بضغط من مخاوف التضخم في أمريكا

صوت بيروت

timeمنذ 2 ساعات

  • صوت بيروت

تراجع معظم بورصات الخليج بضغط من مخاوف التضخم في أمريكا

اختتمت أغلب بورصات منطقة الخليج تداولات اليوم الأربعاء على تراجع في وقت يقيم فيه المستثمرون تطورات السياسة التجارية الأمريكية ومؤشرات على أن الرسوم الجمركية ربما تؤجج التضخم، وذلك وسط ترقب لإشارات على مسار السياسة النقدية في الولايات المتحدة. وارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأسرع وتيرة في خمسة أشهر في يونيو حزيران مما زاد من المخاوف من أن الرسوم الجمركية بدأت في الضغط على التضخم. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الثلاثاء إن خطابات لإبلاغ دول صغيرة بشأن معدلات الرسوم الجمركية سترسل قريبا. وهبط المؤشر السعودي 0.5 بالمئة بضغط من تراجع سهم مصرف الراجحي 0.4 بالمئة وسهم أرامكو 0.7 بالمئة. وجرى تداول نحو 217.4 مليون سهم خلال اليوم مقارنة مع متوسط 314.3 مليون سهم على مدى الجلسات العشر السابقة. وهبطت أسعار النفط، وهي محفز لأسواق المال في منطقة الخليج، بنحو واحد بالمئة إذ أن أثر مؤشرات على استهلاك أكبر للخام في الصين فاقه حذر المستثمرين من التداعيات الاقتصادية الأوسع نطاقا للرسوم الجمركية الأمريكية. لكن مؤشر دبي الرئيسي قفز واحدا بالمئة إلى 5974 نقطة ليتخطى عتبة رئيسية للمرة الأولى في نحو 17 عاما ونصف العام. وقاد القطاع المالي المكاسب إذ ارتفع سهم بنك الإمارات دبي الوطني 3.7 بالمئة بعد أن أتم قروضا مشتركة بقيمة 3.9 مليار درهم لمشروع الخط الأزرق لمترو دبي. وزاد مؤشر أبوظبي 0.3 بالمئة بدفعة من ارتفاع 2.6 بالمئة في سهم بنك أبوظبي الأول. وأدى صدور نتائج أعمال قوية للبنوك إلى تعزيز الثقة في القطاع المالي في أبوظبي ودبي. وهبط المؤشر القطري 0.1 بالمئة. وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات صدرت أمس الثلاثاء أن أسعار المستهلكين ارتفعت 0.3 بالمئة في يونيو حزيران بما يتوافق مع التوقعات لكنها أكبر زيادة منذ يناير كانون الثاني. وقال ترامب بعد تلك البيانات إن أسعار المستهلكين لا تزال منخفضة ودعا مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) مجددا لخفض أسعار الفائدة. تؤثر قرارات البنك المركزي الأمريكي على السياسة النقدية لدول الخليج نظرا لأن معظم عملات المنطقة مربوطة بالدولار. وتراجع المؤشر الرئيس في البحرين 0.3 بالمئة وكذلك نزل مؤشر سلطنة عمان 0.3 بالمئة، فيما تراجع المؤشر الكويتي 1.2 بالمئة. وخارج منطقة الخليج، هبط المؤشر القيادي في مصر، الذي يحوم قرب أعلى مستوى على الإطلاق، واحدا بالمئة بضغط من تراجع سهم الشركة الشرقية 5.3 بالمئة. وقال صندوق النقد الدولي إن مصر حققت تقدما متفاوتا في الإصلاحات الهيكلية المنصوص عليها في اتفاق قرض موسع قيمته ثمانية مليارات دولار، مشيرا إلى أن استمرار هيمنة القطاع العام على الاقتصاد يمثل مشكلة.

صعود الدولار مع بدء تأثير الرسوم الجمركية
صعود الدولار مع بدء تأثير الرسوم الجمركية

صوت بيروت

timeمنذ 2 ساعات

  • صوت بيروت

صعود الدولار مع بدء تأثير الرسوم الجمركية

ارتفع الدولار جنبا إلى جنب مع عوائد سندات الخزانة الأمريكية الأربعاء وهو ما أبقى بدوره الضغط على الين بعدما أظهر أحدث تقرير عن التضخم في الولايات المتحدة إشارات على أن رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية بدأت تؤثر على الأسعار. وأدى ارتفاع أسعار سلع متنوعة مثل القهوة والأثاث المنزلي إلى زيادة معدل التضخم في يونيو حزيران، مع زيادات كبيرة في أسعار السلع المستوردة بكثرة. ودفع ذلك الدولار وعوائد سندات الخزانة إلى الارتفاع، فيما تراجعت توقعات المستثمرين لخفض أسعار الفائدة هذا العام. وجاءت قفزة الدولار أكثر وضوحا مقابل الين، إذ هبطت العملة اليابانية إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 149.03 خلال الليل. وسجل الدولار في أحدث تعاملات 148.90 ين. وبالمثل، هبط اليورو والجنيه الإسترليني مقتربين من أدنى مستوياتهما في ثلاثة أسابيع والمسجلة في الجلسة السابقة، وسجلا في أحدث تعاملات 1.1608 دولار و1.3394 دولار على الترتيب. وقال ناثانيال كيسي خبير الاستثمار في إيفلين بارتنرز إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الولايات المتحدة 'قد يكون علامة على أننا بدأنا نرى بعض الضغوط التضخمية من الرسوم الجمركية' ولكن السابق لأوانه معرفة ذلك 'بشكل قاطع'. وأضاف كيسي 'على الرغم من أن تقرير التضخم هذا لا ينذر بخطر كبير، فإن ارتفاع أسعار السلع الأساسية واستمرار حالة عدم اليقين بشأن معدلات الرسوم الجمركية المستقبلية قد يجعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي و(رئيسه جيروم) باول مترددين في الرغبة في خفض أسعار الفائدة'. ويتوقع المتعاملون الآن خفض أسعار الفائدة بنحو 43 نقطة أساس بحلول ديسمبر كانون الأول، بعد توقعهم ما يزيد قليلا عن خفض بمقدار 50 نقطة أساس في بداية الأسبوع. وظلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية مرتفعة اليوم الأربعاء، وزادت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى في شهر عند 4.4950 بالمئة. وساهم ذلك في إبقاء الدولار مدعوما مقابل مجموعة من العملات، إذ يحوم بالقرب من أعلى مستوى في شهر عند 98.60. وارتفع الدولار الأسترالي 0.02 بالمئة إلى 0.6517 دولار بعد انخفاضه 0.45 بالمئة أمس الثلاثاء. وارتفع الدولار النيوزيلندي 0.17 بالمئة إلى 0.5955 دولار. ومن بين الأمور التي تشغل بال المستثمرين أيضا احتمال أن يكون خليفة باول في نهاية المطاف أكثر ميلا لخفض أسعار الفائدة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. ويوجه ترامب انتقادات لباول منذ أشهر بسبب عدم خفض أسعار الفائدة وحثه مرارا على الاستقالة. وقال ترامب أمس الثلاثاء إن التجاوز في تكلفة تجديد المقر التاريخي لمجلس الاحتياطي الاتحادي في واشنطن البالغة 2.5 مليار دولار قد تصل إلى حد مخالفة تجيز الإقالة. وقالت مولي شفارتز المحللة في رابو بنك 'الاهتمام الإضافي غير المرغوب فيه بباول أعطى بعض المصداقية لفكرة أننا قد نشهد رحيله المبكر وترشيحا مبكرا من ترامب'. وفي مجال التجارة، قال ترامب أمس الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية 19 بالمئة على السلع الواردة من إندونيسيا بموجب اتفاق جديد معها، مشيرا إلى أن هناك المزيد من الاتفاقات قيد التفاوض. وقال أيضا إنه سيتم إرسال رسائل قريبا تخطر الدول الأصغر بمعدلات الرسوم الجمركية الأمريكية، وإن إدارته ستفرض على الأرجح معدلا للرسوم الجمركية 'يزيد قليلا على 10 بالمئة' على تلك الدول.

تراجع صافي أرباح البنك التجاري القطري بالنصف/1 من العام 20% تقريباً
تراجع صافي أرباح البنك التجاري القطري بالنصف/1 من العام 20% تقريباً

صوت بيروت

timeمنذ 2 ساعات

  • صوت بيروت

تراجع صافي أرباح البنك التجاري القطري بالنصف/1 من العام 20% تقريباً

أعلن البنك التجاري القطري، اليوم الأربعاء، انخفاض صافي أرباحه في النصف الأول من العام 19.7 بالمئة إلى 1.26 مليار ريال قطري (345.93 مليون دولار). وعزا البنك المتخصص في الخدمات المصرفية للأفراد والمؤسسات، ومقره الدوحة، هذا الانخفاض إلى خسائر في شركته التابعة في تركيا، بنك الترناتيف، وتغييرات متعلقة بخطة حوافز الموظفين الطويلة الأجل. وذكر بيان البنك أنه لن يقوم بتوزيعات أرباح عن الفترة المنتهية في 30 يونيو حزيران من العام الجاري. وانخفض صافي الدخل التشغيلي على أساس سنوي إلى 2.25 مليار ريال من 2.49 مليار ريال في النصف الأول من 2024.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store