
أولوية «أوبك+»: استعادة الحصة السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار
فقد هبط سعر خام برنت إلى نحو 68 دولاراً للبرميل، وهو مستوى سعري لا يلبي احتياجات اقتصادات دول «أوبك»، بل يزيد من الضغوط المالية عليها، ويؤدي إلى تفاقم العجز في موازناتها، ما يضطرها إلى خفض الإنفاق، وتقليص المشاريع التنموية والإستراتيجية، فضلاً عن اللجوء إلى الاستدانة من البنوك والمؤسسات المالية الدولية.
واللافت أن التوترات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحرب بين إسرائيل وإيران، لم تنجح في تحفيز أسعار النفط كما كان متوقعاً، بل على العكس، تراجعت الأسعار، ما يعكس وجود فائض حقيقي في المعروض العالمي، ويؤكد أن الأسواق لم تعد تتفاعل مع المخاطر السياسية بالدرجة نفسها التي اعتادت عليها في الماضي.
ومع اتفاق «أوبك+» على زيادة الإنتاج إلى 548 ألف برميل يومياً من 411 ألف برميل حالياً، بهدف إلغاء التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً والتي التزمت بها السعودية والإمارات وروسيا، يتضح أن الأولوية باتت لاستعادة الحصص السوقية، بعدما أثبتت سياسة خفض الإنتاج فشلها في دعم الأسعار، بل أدت إلى تراجعها المستمر منذ عام 2022.
كما أن المعطيات الحالية تشير إلى استمرار الفائض في الأسواق، حيث فقد النفط أكثر من ثلاثة دولارات في فترة وجيزة، في ظل توقعات باستمرار هذا الاتجاه، حتى مع التصعيد بين إسرائيل وإيران، ورغم المخاطر المرتبطة بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، لم يشهد السوق أي ارتفاع حاد أو فزع، بل بقيت الأسعار دون مستوى 70 دولاراً للبرميل.
ومن الواضح أن قرار «أوبك+» السابق بخفض الإنتاج بمعدل 2.2 مليون برميل يومياً على مدى 18 شهراً لم يعد عملياً في ظل المستجدات الحالية، خاصة مع استمرار بعض الدول الأعضاء وغير الأعضاء في زيادة إنتاجها دون الالتزام بأي قيود، ما دفع المنظمة إلى مراجعة مواقفها وعدم قبول خسارة المزيد من حصصها لصالح المنتجين من خارج التحالف.
يُضاف إلى ذلك أن بعض دول «أوبك» باتت غير قادرة فعلياً على رفع إنتاجها أو حتى بلوغ حصصها المحددة، في حين تستمر دول أخرى، مثل كازاخستان، في تجاوز سقف إنتاجها دون الالتزام بالاتفاقات، ما يثير تساؤلات مشروعة داخل المنظمة بشأن جدوى الالتزام بحصص الإنتاج في ظل عدم التزام الجميع.
وفي ظل المنافسة الشرسة مع دول خارج «أوبك+»، مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، التي تواصل زيادة إنتاجها وتستهدف الأسواق التقليدية للمنظمة في آسيا، يبدو أن استمرار «أوبك+» في سياسة الحصص وخفض الإنتاج بات مكلفاً وغير مجدٍ. فالولايات المتحدة تنتج حالياً أكثر من 13.5 مليون برميل يومياً، وكندا نحو 5 ملايين برميل، والبرازيل تقارب 3.7 ملايين برميل، ومعظم هذه الدول تعتمد على آليات مرنة في التسويق، مثل التبادل التجاري والمقايضات، وليس فقط البيع النقدي.
ومن هنا، تبدو الحاجة ملحّة لإعادة النظر في سياسات «أوبك+»، خاصة أن العديد من دول المنظمة تمتلك طاقات إنتاجية فائضة لا يتم استغلالها، رغم استثماراتها الضخمة في قطاع النفط، فقط بسبب القيود المرتبطة بنظام الحصص. وقد حان الوقت لترك حرية الإنتاج لكل دولة حسب قدرتها، لاستعادة الحصص السوقية وتعزيز العوائد، بدلاً من التمسك بسياسات لم تعد تحقق أهدافها، فيما يستفيد المنتجون الآخرون من القيود التي تفرضها المنظمة على أعضائها.
كاتب ومحلل نفطي
[email protected]

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 41 دقائق
- الرأي
الغيص: «أوبك» ملتزمة بتوفير الطاقة للجميع.. دون استثناء أو تمييز
أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص التزام المنظمة بتوفير الطاقة للجميع بكل مصادرها وتقنياتها دون استثناء أو تمييز. وقال الغيص، في كلمة ألقاها خلال عشاء أقامه للاعلاميين المشاركين في ندوة «أوبك» الدولية التاسعة، «نحن لا نؤمن بحل واحد يناسب الجميع بل نؤمن بتعددية الحلول ونمد أيدينا للجميع لنبني معا مستقبلا للطاقة شامل وآمن». وأعلن اطلاق النسخة الجديدة من تقرير «آفاق أوبك العالمية 2025» الذي يعد أحد أبرز المراجع الاستراتيجية على مستوى قطاع الطاقة، مشيراً إلى أن التقرير يتضمن تحليلات معمقة ورسائل محورية ترسم ملامح مستقبل الطاقة حتى عام 2050. وأكد أن ندوة هذا العام تسجل مشاركات قياسية غير مسبوقة تعكس حجم التوسع والانفتاح الذي تشهده المنظمة على مختلف المستويات سواء من حيث عدد المشاركين أو الجهات الراعية أو التغطية الإعلامية. وأشار إلى أن عدد المؤسسات الإعلامية الشريكة ارتفع إلى 24 بعد أن كان 11 فقط في النسخة السابقة في دلالة واضحة على تنامي الاهتمام الإعلامي العالمي بدور «أوبك» ومخرجات هذه الندوة. ولفت الغيص إلى أن هذا الحدث الذي تمتد أعماله على مدى يومي الأربعاء والخميس يعد الأضخم من نوعه من حيث المحتوى ونطاق المشاركة إذ يغطي مناطق تمتد من الشرق الأوسط إلى أميركا اللاتينية وإفريقيا ويستضيف ممثلين عن الدول الأعضاء وغير الأعضاء إلى جانب دول «أوبك +». وأوضح أن عدد الجهات الراعية لهذا الحدث الدولي المهم ارتفع من 21 إلى 28 جهة هذا العام فيما ارتفع عدد المتحدثين من 48 إلى 73 متحدثاً من بينهم 24 وزيرا مقارنة بـ15 وزيرا في العام الماضي. وبين أن حفل الافتتاح سيتضمن كلمات رفيعة المستوى أبرزها كلمة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وكلمة أخرى لوزير الطاقة النمساوية ليونور غيفسلر التي تشارك للمرة الأولى. ولفت الغيص إلى أن برنامج الندوة يشمل ثلاث جلسات وزارية رفيعة المستوى وسبع موائد مستديرة تجمع نخبة من الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة العالمية وممثلي منظمات دولية وخبراء تقنيين ومناخيين من بينهم مسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» في مناقشات متعددة الزوايا حول آفاق الطاقة.


كويت نيوز
منذ 9 ساعات
- كويت نيوز
النفط يتراجع بعد مكاسب.. الأسواق تقيم تأثير الرسوم الأمريكية وزيادة إنتاج «أوبك+»
تراجعت أسعار النفط اليوم بعد ارتفاعها بنحو 2% بالجلسة السابقة مع تقييم المستثمرين للتطورات الجديدة بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية وزيادة إنتاج 'أوبك+' في أغسطس أكثر من المتوقع. وبحلول الساعة 09:45 بتوقيت موسكو، انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 'غرب تكساس الوسيط' لشهر أغسطس المقبل بنسبة 0.63% إلى 67.50 دولار للبرميل. في حين تراجعت العقود الآجلة للخام العالمي مزيج 'برنت' لشهر سبتمبر المقبل بنسبة 0.53% إلى 69.21 دولار للبرميل، بحسب ما أظهرته التداولات. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد كشف أمس عن أول دفعة من الرسائل المتوعدة بفرض معدلات جمركية أعلى على شركاء تجاريين مثل كوريا الجنوبية واليابان وصربيا وتايلاند وتونس، مع إشارته إلى أنه لا يزال منفتحا على المفاوضات. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في مطلع أغسطس المقبل. وأثارت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب حالة من عدم اليقين في السوق والمخاوف من أنها قد يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، وبالتالي على الطلب على النفط. ورغم ذلك، هناك بعض الدلائل على أن الطلب الحالي لا يزال قويا، وخاصة في الولايات المتحدة وهو ما دعم الأسعار.


الجريدة
منذ 15 ساعات
- الجريدة
سعر برميل النفط الكويتي ينخفض 9 سنتات ليبلغ 69.98 دولار
انخفض سعر برميل النفط الكويتي 9 سنتات ليبلغ 69.98 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الاثنين مقابل 70.07 دولار للبرميل في تداولات يوم الجمعة الماضي وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية. وفي الأسواق العالمية ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.28 دولار لتبلغ 69.58 دولار للبرميل في وقت انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 93 سنتاً لتبلغ 67.93 دولاراً.