logo
ترامب ضد ترامب

ترامب ضد ترامب

بوابة الأهراممنذ يوم واحد
لأكثر من أربعين عاما ظلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تلوح باستخدام القوة ضد إيران دون أن تتورط فى مواجهة عسكرية مباشرة معها إلى أن فعلها ترامب أخيرا. اكتفت واشنطن دائما بسياسة الردع والاحتواء عبر التهديد بالقوة والحصار الخانق والعقوبات الصارمة لمنع إيران من تطوير قدراتها النووية من ناحية، وتقليص نفوذها الإقليمى من ناحية أخرى. بالتوازى مع ذلك لم تنقطع شعرة معاوية بين الطرفين وظلت هناك قنوات اتصال سرية مفتوحة بينهما أتاحت لهما التوصل إلى تفاهمات حول ترتيبات إقليمية أو لتجنب الصدام. أجاد الطرفان لعبة الاندفاع إلى حافة الهاوية دون السقوط فيها. أصبحت هذه السياسة إستراتيجية ثابتة التزم بها الجمهوريون والديمقراطيون إلى أن نقضها ترامب بتوجيه ضربات عسكرية مباشرة ضد إيران عبر إسرائيل أولا ثم بطائراته لاحقا، وهو ما يمثل تحولا جذريا وتاريخيا فى السياسة الأمريكية تجاه إيران لابد أن يكون له مبرراته.
من الناحية النظرية يفترض أن الإدارة الأمريكية توصلت إلى معلومات مؤكدة عن امتلاك أو قرب امتلاك إيران لسلاح نووي، وهو ما دفعها لمباغتتها بالهجوم على منشآتها النووية. لكن التسريبات التى نشرها الإعلام الأمريكى تفيد بأنه لم يكن هناك أى جديد فى تقديرات الموقف بخصوص إيران. ولم تكن هناك تحذيرات أو معلومات استخبارية جديدة وموثقة عن صنع سلاح نووى أو قرب حدوث ذلك. وترامب نفسه تجنب سقطة بوش بترويج أكاذيب عن وجود أسلحة نووية على غرار أكذوبة أسلحة صدام للدمار الشامل. على ضوء هذه المعطيات يزداد الموقف غموضا بشأن مبرر الانقلاب فى التوجه الأمريكى الراسخ بتجنب الحرب مع إيران.
لكن مجلة نيشن الأمريكية ترى أن الأمر أكثر بساطة بكثير، وأنه لم تكن هناك بالفعل تحذيرات جديدة من المخابرات، ولم تتلق الإدارة توصيات بالتدخل العسكرى قبل فوات الأوان. التفسير البسيط الذى قدمته المجلة للتحول الأمريكى المفاجئ هو شخصية ترامب نفسه. ونصيحتها للباحثين عن أسباب إستراتيجية جادة ومعلومات استخبارية خطيرة لتفسير هذا التحول هو ألا يرهقوا أنفسهم فلا وجود لذلك كله. الإجابة المختصرة البسيطة هى أن ترامب بتقلباته المباغتة وغطرسته وتناقضاته هو من قرر القيام بذلك متجاهلا تقديرات المخابرات، ومستسلما لدائرة ضيقة من المحيطين به وهم جميعا من صقور اليمين المتشدد الكارهين بجنون لإيران والداعمين بجنون أشد لإسرائيل.
فى تقرير بعنوان «كيف أضر ترامب بأمريكا» قالت المجلة إنه مقابل شعار «ماجا» MAGA الذى يرفعه ترامب وهو اختصار لكلمات «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا» بدأ خصومه يروجون شعارا مضادا هو تاكو TACO وهى الحروف الأولى لجملة تقول «ترامب يتذبذب (أو يتراجع) دائما». أضافت أن هذا الشعار يلخص المشكلة وهى تناقض مواقفه واختلاف أقوله عن أفعاله. توضح أنه فى حملته الانتخابية الأخيرة وبعد فوزه أيضا تعهد بوقف الحروب لكنه انخرط هو نفسه فى حرب جديدة. إيران ليست السابقة الأولى ففى ولايته الأولى أعلن نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا ثم تراجع.
ودخل فى صدام مع الصين ثم سعى إلى التهدئة. وقبل أشهر أعلن حربه التجارية على كل شركائه بزيادات فلكية فى الرسوم الجمركية، وعندما بدأت البورصات تتهاوى أوقف الزيادات وتفاوض مع كل الأطراف للتوصل إلى حل عقلاني. عاقب حليفه الأوكرانى زيلينسكى وأهانه علنا وقرر حرمانه من السلاح، ثم عادت شحنات الأسلحة تتدفق عليه. أشاد ببوتين، ثم وجه له انتقادات أقرب للسباب. فى ولايته الأولى ألغى الاتفاق النووى الذى وقعه أوباما مع إيران واستهل ولايته الثانية بالحديث عن اتفاق جديد معها، ثم برر ضربها بمنعها من إنتاج سلاح نووى وهو ما كان الاتفاق الملغى يضمنه.
ترامب شخصية سريعة التقلب وكما تقول المجلة فإنه يتأثر بما يسمع من المحيطين به وهم مصدر ثقته المطلقة بصرف النظر عن صدقهم أو موضوعيتهم. لهذا كان من السهل لدعاة الحرب والمتطرفين من أصدقاء إسرائيل، وهم من خاصته المقربة التأثير عليه.
للصحفى الأمريكى جيت هير تفسير معقول لتناقضات ترامب وتذبذب قراراته هو أنه أسير لدوافع متعارضة تحركه، فهو يقدم نفسه إلى العالم، باعتباره رجل سلام، لكنه فى الوقت ذاته يريد الظهور فى صورة الزعيم القوى الذى لا يتردد فى استخدم القوة لحماية بلاده. لذا يدعو لوقف الحروب ويفجر واحدة جديدة. لديه مشكلة أخرى هى رغبته فى ترسيخ صورته كسياسى قادر على إبرام الصفقات ولو مع الأعداء، ومن ثم سعى للتواصل مع الصين وروسيا وحتى إيران وحماس قبل أن ينقلب عليهم جميعا، لأنه ببساطة مدفوع بقوة ضغط مضادة هى حرصه على استرضاء قاعدته الانتخابية وفى القلب منها كبار داعميه من اللوبى اليهودي.
حتى داخل معسكره الجمهورى يواجه معضلة أخرى فى التوازن بين صورته كزعيم يمينى تقليدى يرفع شعار «أمريكا أولا» ويرفض التورط فى مشاكل العالم، وبين التزامه بأجندة اليمين الصهيونى الداعم لحروب إسرائيل، ومن ثم الضاغط لتدخل أمريكى أوسع نطاقا بالشرق الأوسط دعما لها.
أسوأ جريمة يمكن أن يرتكبها سياسى أو أى مسئول فى حق نفسه هى محاولة استرضاء الجميع. تلك مهمة مستحيلة وستنتهى به إلى خسارة الجميع. بالطبع لا يفهم ترامب ذلك وهو ما يفسر تراجعاته المستمرة المحرجة. ومن يجهل معرفة خصوصية المأزق الذى يعيشه وطبيعة شخصيته ستعييه الحيل فى محاولة تفسير الكثير من مواقفه. ولابد أنه وسط ظلام حيرته تلك سيتساءل فى كل مرة يستمع فيها إليه: «أى ترامب هذا الذى يتحدث»؟ هل هو رجل الحلول الوسط والصفقات أم رجل الصدمات المشاغب؟ هل هو داعية السلام بالفعل أم رجل الحرب المتأهب للمعارك؟ هل انحاز لفكرة الانكفاء إلى الداخل أم استسلم للداعين إلى استثمار القوة الأمريكية لفرض الهيمنة على العالم. ترامب هو كل هؤلاء أو هكذا يبدو.
خالص تعازينا لمن راهن على قيادة أمريكية رشيدة تنشر السلام والاستقرار فى العالم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يتوعد بفرض رسوم جمركية على أي دولة تقر سياسات بريكس
ترامب يتوعد بفرض رسوم جمركية على أي دولة تقر سياسات بريكس

24 القاهرة

timeمنذ 41 دقائق

  • 24 القاهرة

ترامب يتوعد بفرض رسوم جمركية على أي دولة تقر سياسات بريكس

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد إن الدول التي تؤيد "السياسات المناهضة لأمريكا" لمجموعة البريكس ستُفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10%. وأشار ترامب في منشور على موقع "تروث سوشيال": "أي دولة تنضم إلى سياسات مجموعة البريكس المعادية لأمريكا ستُفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10%. لن تكون هناك أي استثناءات لهذه السياسة. شكرًا لاهتمامكم بهذا الأمر!".

أخبار العالم : قبل لقائه نتنياهو.. ترامب يعلق على اتفاق غزة المحتمل و"نووي إيران"
أخبار العالم : قبل لقائه نتنياهو.. ترامب يعلق على اتفاق غزة المحتمل و"نووي إيران"

نافذة على العالم

timeمنذ ساعة واحدة

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : قبل لقائه نتنياهو.. ترامب يعلق على اتفاق غزة المحتمل و"نووي إيران"

الاثنين 7 يوليو 2025 04:30 صباحاً نافذة على العالم - (CNN)-- أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، عن ثقته في التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن في غزة هذا الأسبوع، قبل يوم من اجتماع مهم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. وقال ترامب للصحفيين في ولاية نيوجيرسي: "أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس خلال الأسبوع المقبل، بشأن عدد لا بأس به من الرهائن". ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو بترامب في واشنطن، الاثنين، في ثالث لقاء يجمعهما في البيت الأبيض منذ بداية ولاية ترامب. الأحد، غادر فريق تفاوض إسرائيلي إلى الدوحة لبدء محادثات غير مباشرة مع حماس، التي قد تكون إحدى المراحل الأخيرة قبل أن يتمكن الوسطاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بناءً على اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا الذي قدمته قطر للجانبين الأسبوع الماضي. وقال ترامب مساء الأحد: "لقد أفرجنا عن عدد كبير من الرهائن، ولكن فيما يتعلق بالرهائن المتبقين، سيُفرج عن عدد كبير منهم. نعتقد أننا سنُنجز ذلك هذا الأسبوع". قد يهمك أيضاً وأضاف أنه سيناقش مع نظيره الإسرائيلي الضربات الأمريكية على إيران الشهر الماضي، بما في ذلك إمكانية التوصل إلى "اتفاق دائم" مع طهران. وقال: "بعبارة أخرى، عليهم التخلي عن كل ما تعرفونه جيدًا"، في إشارة محتملة إلى تخصيب اليورانيوم.

نتنياهو يطلب من ترامب استئناف الحرب على إيران وفقاً لإعلام عبري
نتنياهو يطلب من ترامب استئناف الحرب على إيران وفقاً لإعلام عبري

خبر صح

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبر صح

نتنياهو يطلب من ترامب استئناف الحرب على إيران وفقاً لإعلام عبري

أفادت هيئة البث العامة العبرية بأن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخطط خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للحصول على ضمانات أمريكية رسمية تسهل على إسرائيل تنفيذ ضربة عسكرية جديدة ضد إيران، في حال رصدت أي تصعيد في أنشطتها النووية أو الصاروخية. نتنياهو يطلب من ترامب استئناف الحرب على إيران وفقاً لإعلام عبري اقرأ كمان: الأردن يقدم تعازيه لمصر ولعائلات ضحايا حادث المنوفية المؤسف وحسب التسريبات، فإن هذه الضمانات قد تأتي في شكل رسالة مكتوبة تمنح إسرائيل هامشًا أكبر للتحرك في مواجهة ما تعتبره 'الخطر الإيراني المتزايد'. زيارة نتنياهو لترامب تأتي هذه الزيارة بعد إعلان ترامب عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران، مما أنهى 12 يومًا من المواجهات العسكرية العنيفة، حيث شنت إسرائيل هجمات واسعة على منشآت نووية وقواعد عسكرية إيرانية في 13 يونيو الماضي، بينما قامت القوات الأمريكية بضربات على مواقع استراتيجية في المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة نطنز وفوردو وأصفهان. وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نتنياهو سيستغل اللقاء أيضًا في بحث فرص توسيع 'دائرة التطبيع الإقليمي'، وسيؤكد على ما وصفه بـ'الفرصة التاريخية' لتحقيق السلام مع دول عربية جديدة، كما سيعبّر عن تقديره لمواقف ترامب 'الحازمة' تجاه إيران، واصفًا إياه بـ'الحليف الأقرب في تاريخ إسرائيل'، وفقًا لتعبيره. قبل مغادرته إلى واشنطن، صرح نتنياهو بأنه أعطى تعليمات واضحة لفريق التفاوض بشأن قطاع غزة، مهمتهم إعادة الأسرى، مع الاستمرار في العمل بلا هوادة لتفكيك بنية حركة حماس في القطاع. تم رفع مستوى اللقاء مع ترامب من اجتماع عمل إلى عشاء رسمي، وهو ما فسرته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه يعكس اهتمامًا أمريكيًا خاصًا بالمحادثات الجارية. مفاوضات الدوحة في سياق متصل، وصل وفد تفاوضي إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، مكون من كبار مسؤولي الشاباك والموساد والمستشارين الأمنيين، لبحث مقترح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يومًا. وفقًا لمصادر مطلعة، يتضمن المقترح إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم جثامين 18 جنديًا، مقابل انسحاب جزئي لقوات الاحتلال من القطاع، وتقديم مساعدات إنسانية. في المقابل، طالبت حركة حماس بإجراء تعديلات ضرورية، تشمل إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا، تتضمن الغذاء والدواء ومواد البناء، وفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين لنقل الجرحى والمرضى، بالإضافة إلى السماح ببناء مساكن مؤقتة وتأهيل البنية التحتية. كما رفضت حركة حماس تمرير المساعدات عبر صندوق الدعم الأمريكي GHF، واعتبرته آلية ملتوية تستهدف الضغط على المدنيين الفلسطينيين، مشددة على ضرورة إشراف وكالات الأمم المتحدة، وعلى رأسها وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا' على المساعدات. من نفس التصنيف: ترامب يمنح بوتين 'أسبوعين' لإنهاء حرب أوكرانيا ويؤكد: 'صبرنا ينفد' وأكدت مصادر فلسطينية أن الحركة تصر على أن تؤدي فترة الهدوء المقترحة إلى اتفاق نهائي وشامل يتضمن صفقة تبادل موسعة، ورفع الحصار بالكامل، وبدء إعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى انسحاب شامل لقوات الاحتلال، وليس مجرد إعادة تموضع مؤقت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store