
"العفو الدولية": السلطات السورية تتقاعس عن التحقيق في اختطاف نساء وفتيات علويات
السلطات السورية
، بفتح تحقيقات عاجلة وشاملة بشأن سلسلة من حالات اختطاف طاولت نساء وفتيات من الطائفة العلوية، مؤكّدة أن الحكومة تتقاعس عن حمايتهنّ أو ملاحقة الجناة، في ظل تصاعد أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي. وبحسب المنظمة، فقد تلقت منذ فبراير/شباط 2025 تقارير موثوقة عن اختطاف ما لا يقل عن 36 امرأة وفتاة علوية، تتراوح أعمارهنّ بين 3 و40 عاماً، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، ووثّقت مباشرةً 8 حالات، بينها اختطاف في وضح النهار لخمس نساء وثلاث فتيات دون سن 18 عاماً.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة، أنياس كالامار، إنّ السلطات السورية "تخفق في منع الانتهاكات بحقّ النساء والفتيات، وتقاعست في جميع الحالات الموثقة تقريباً عن التحقيق الفعّال أو اتخاذ أي إجراء لمحاسبة الجناة"، مشيرة إلى أن "الموجة الأخيرة من الاختطافات أثارت ذعراً واسعاً في أوساط المجتمع العلوي الذي سبق أن عانى من مجازر دامية"، وأضافت أن بعض الأسر أبلغت السلطات بأدلة ومعلومات عن هوية المختطفين أو أماكن الاحتجاز المحتملة، لكن هذه الأدلة جرى تجاهلها أو التشكيك بها، وفي بعض الحالات ألقى عناصر الأمن باللوم على أسر المختطفات، بحسب قولها.
وتحدثت المنظمة عن تعرض بعض النساء المختطفات للضرب، وتلقي أسرهنّ مطالبات بفدية وصلت إلى 14 ألف دولار، فيما لم يُطلق سراح المختطفات رغم دفع المبلغ. وفي ثلاث حالات على الأقل، يُرجَّح أن المختطفين أجبروهنّ على الزواج القسري، بما في ذلك فتاة قاصر. وفي شهادات جمعتها المنظمة من ناشطين وصحافيين، أكدوا اختطاف 28 امرأة وفتاة إضافية، أُطلق سراح نصفهنّ، بينما لا يزال مصير الأخريات مجهولاً. وأشارت العفو الدولية إلى أنّ رسائل صوتية وصوراً أرسلها المختطفون للأسر أظهرت آثار عنف جسدي على بعض الضحايا، كما وَثقت حالتَين أجبرت فيهما مختطفات متزوجات على طلب الطلاق، ما يشير إلى احتمال خضوعهنّ لزواج قسري بالإكراه.
تقارير عربية
التحديثات الحية
تقرير جرائم الساحل السوري... العبرة في تنفيذ التوصيات
وفي إحدى الحالات، أظهَرَ مقطع مصوّر فتاة قاصر حُلِقَ شعرها بعد رفضها الزواج من مختطفها، ما يضيف دلائل على تعرّضهنّ للإذلال وسوء المعاملة، على حدّ قول المنظمة. وأكدت كالامار أن بعض هذه الممارسات قد ترقى إلى جرائم اتّجار بالبشر والزواج القسري والتعذيب، ما يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، داعية الحكومة السورية إلى التحرك السريع لتحديد مصير المختطفات، وتقديم الدعم الكامل لعائلاتهنّ، وضمان تحقيقات شفافة ومستقلة، وبينت المنظمة أنه "من حقّ النساء والفتيات في سورية العيش دون خوف من العنف والاضطهاد. وأي تقاعس من الدولة هو انتهاك مباشر لحقوق الإنسان".
وعلق مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، في حديث إلى "العربي الجديد"، على تقرير "العفو الدولية" قائلاً: "حين تصدر تقارير عن منظمات حقوقية دولية مرموقة مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فعلينا أن نوليها أهمية خاصة. فهذه منظمات مشهود لها بالكفاءة، وتتبع بروتوكولات صارمة في التوثيق والتدقيق، ومعاييرها أعلى حتّى من تلك التي تعتمدها بعض وسائل الإعلام أو التحقيقات الاستقصائية (...) هذا هو مجال اختصاصها، ولا يمكن التشكيك بسهولة في نزاهتها أو حيادها، لا في آليات عملها ولا في مصادر تمويلها، وهي تنتقد جميع الأطراف بما في ذلك الدول المانحة لها، حفاظاً على مصداقيتها واستقلاليتها".
ودعا عبد الغني السلطات السورية إلى أن تتعامل بجدية مع تقرير منظمة العفو الدولية، وأن تفتح تحقيقات رسمية في الحالات الواردة فيه، وأضاف: "ينبغي على السلطات أن تتواصل مع المنظمة، وأن تطلب منها نسخاً من التوثيقات، وتكلّف جهة رسمية كوزارة الشؤون الاجتماعية أو لجنة مختصة لمتابعة هذه القضايا؛ فمثل هذه المنظمات الحقوقية تسهّل عمل النيابة العامة، وتوفر لها قاعدة معلومات جاهزة للتحقيق والمحاسبة".
وانتقد عبد الغني لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الحكومة للتحقيق في أحداث الساحل، والتي كانت قد أعلنت أنها لم تتلقَّ تقارير عن حالات اختطاف، قائلاً: "ليس واضحاً ما إذا كانت اللجنة لم توثق لأنها لم تعمل على هذه الملفات، أم أنها واجهت صعوبات أو تحديات لوجستية حالت دون ذلك. إمكانياتها محدودة، وربما لم تُمنح الصلاحيات أو الموارد الكافية. لذلك؛ من الظلم تقييم عمل اللجنة بشكل صفري أو عدمي، ويجب النظر في الظروف والسياق الذي عملت فيه".
وفي السياق ذاته، أشار عبد الغني إلى أنّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد تلقت بالفعل مؤشرات وشهادات حول عمليات اختطاف، لكنّها لم تتمكن من متابعتها وتوثيقها كلياً، بسبب "صعوبات تمويلية حادة" حدّت من قدرتها على تغطية مختلف المناطق السورية، وقلّصت عدد الباحثين العاملين ضمن الشبكة خلال العام الجاري. وشدد عبد الغني على أنه "إذا قامت منظمة دولية موثوقة مثل العفو الدولية بتوثيق هذه الحالات، فهذا يغني عن تكرار الجهد منّا. الأهم أنّ الرسالة وصلت، والفراغ جرى ملؤه، وعلى السلطات السورية الآن أن تبني على هذا التقرير، وأن تلاحق الجناة، وتُعلن ذلك بشفافية للرأي العام، لا بل عليها أن توجّه الشكر لمنظمة العفو الدولية على هذا الجهد الذي يصبّ في خدمة العدالة وحقوق الإنسان. هذا ما تفعله الدول الديمقراطية والمؤسسات التي تحترم مواطنيها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
أوروبا واتفاقها التجاري مع ترامب في مهبّ الرياح
باتت أوروبا في مهبّ رياح عاتية محمّلة بأتربة سوداء ونار مستعرة، مع الاتفاق التجاري الأخير الذي توصلت إليه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بداية الأسبوع. رياحٌ ربما تهزّ اقتصاد دول القارة وعملتها الموحّدة وصادراتها وأسواقها ومعيشة مواطنيها، وتساهم في إضعافها مالياً وتجارياً وربما سياسياً، وتعمق خلافاتها مع روسيا، خاصّة وأن الاتفاق يضع نهاية لتدفق الغاز والنفط الروسيَين نحو دول القارة، وهو ما تعتبره موسكو حرباً اقتصادية جديدة تضاف إلى الحروب المالية والعقوبات التي تشنّها القارة منذ اندلاع حرب أوكرانيا. وفي نظرة لبنود الاتفاق التجاري الأميركي الأوروبي نجد أنه لا يقف عند حدّ تقديم أوروبا تنازلات مهينة ومذلة وغير مسبوقة لترامب وإداراته، في محاولة لطيّ أسوأ نزاع تجاري تواجهه، ولا عند الخسائر المالية الضخمة التي سيتكبّدها الاقتصاد الأوروبي جرّاء تنفيذ بنود الاتفاق، ومنها سداد ما يزيد عن تريليون دولار هي كلفة استيراد الغاز والسلاح والوقود النووي الأميركي، وضخ استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار، ولا عند حدّ زرع ترامب فتنةً كبرى بين دول الاتحاد الأوروبي لدرجة تدفع دولة في ثقل فرنسا الاقتصادي للخروج علناً واصفةً الاتفاق بأنه "يوم أسود" لأوروبا، وأن تشتعل الخلافات العميقة بين قادة ألمانيا بشأن تقييم الاتفاق، لكن الخطر الأكبر يكمن في بنود الاتفاق الغامضة، وآليات تنفيذه، والضمانات المقدّمة من الطرفَين، ومدى التزام ترامب بالبنود المتّفق عليها، وعدم الانقلاب عليها مستقبلاً، وممارسة تهديدات جديدة خاصّة مع انتهاء الفترة الزمنية. من بين الأسئلة : هل ستعود أوروبا لشراء الغاز الروسي، أم ستواصل الاعتماد على الغاز الأميركي، ومَن يتحمل فاتورة استيراد الوقود الأكثر كلفة من الولايات المتحدة مقابل الغاز الروسي الرخيص؟ الاتفاق يطرح عشرات الأسئلة التي قد لا يجد كثيرون إجابةً شافية لها، وفي مقدمتها؛ ما هي الواردات الأوروبية الخاضعة للرسوم الجمركية الأميركية البالغة 15%، وهل تقتصر على السيارات وأشباه الموصلات والمستحضرات الصيدلانية والأدوية، وهل هذه هي النسبة الأعلى، ومَن هي الجهة المسؤولة عن ضخّ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي؛ القطاع الخاص الأوروبي أم الحكومات، وما هو الموقف في حال امتناع المستثمرين الأوروبيين عن ضخّ كل تلك الاستثمارات في فترة حكم ترامب؟ من بين الأسئلة أيضاً: هل ستعود أوروبا لشراء الغاز الروسي بعد مرور ثلاث سنوات هي فترة الاتفاق مع ترامب، أم ستواصل الاعتماد على الغاز الأميركي، ومَن يتحمل فاتورة استيراد الوقود الأكثر كلفة من الولايات المتحدة مقابل الغاز الروسي الرخيص، وما هي مخاطر اعتماد أوروبا كلياً على الطاقة الأميركية؟ موقف التحديثات الحية ليلة تركيع أوروبا أمام السمسار ترامب وهل هناك إطار قانوني ملزم للطرفيين ببنود الاتفاق، وما هي صادرات الاتحاد الأوروبي المعفاة من الرسوم التي جرى الاتفاق عليها، هل مثلاً الطائرات ومكوّناتها والسلع الضرورية مثل الأدوية غير المسجّلة والسلع الغذائية والرقائق ومستلزمات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وبالتالي تجري حماية المستهلك الأوروبي من خطر التضخم، أم تقتصر على السجائر والنبيذ والمشروبات الكحولية؟ ماذا عن واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية التي لا تزال الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية عالية عليها وبنسبة 50%؟ صحيح أنّ توقيع الاتفاقية بين واشنطن وبروكسل وضَعَ، وإن مؤقتاً، حداً لحرب تجارية شرسة كادت أن تندلع بين أكبر اقتصادَين في العالم، وأنّ أوروبا تفادت بتوقيع الاتفاق الدخول في نزاع تجاري شرس مع إدارة ترامب المتعطّشة لحصد الأموال من كل صوب وحدب، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل التي لم يحسمها لقاء ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في اسكتلندا يوم الأحد الماضي.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
أوروبا تخصص 17 مليار يورو لتحديث الطرق للجيش... هل تستعد للحرب؟
في خطوة تعبّر عن تحوّل كبير في أولويات البنية التحتية في أوروبا، حذّر مفوض النقل في الاتحاد الأوروبي ، اليوناني أبوستولوس تزيتزيكوستاس، من أن الطرق والجسور والسكك الحديدية في أنحاء القارة غير مؤهلة لتحمّل متطلبات النقل العسكري الثقيل، مثل الدبابات والمركبات القتالية، في حال اندلاع حرب مع روسيا. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات الأمنية في القارة، واستجابة مباشرة لما يعتبره الاتحاد الأوروبي ضرورة استراتيجية لتعزيز "قابلية التنقل العسكري" عبر الدول الأعضاء، بما يشمل الدعم اللوجستي الفوري في حال نشوب نزاع مسلّح في شرق أوروبا أو البلطيق. وأعلن تزيتزيكوستاس في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، نشرت اليوم الثلاثاء، عن إطلاق خطة تحديث واسعة للبنية التحتية بقيمة 17 مليار يورو لرفع جاهزية الطرق والجسور لمتطلبات حركة القوات والمعدات العسكرية الثقيلة، وأضاف: "لدينا جسور قديمة بحاجة إلى تحديث، وأخرى ضيقة يجب توسيعها، وأماكن لا توجد بها جسور إطلاقاً، ما يتطلب بناءها من الصفر". هذا الاستثمار العسكري لن يصبح حكراً على الدفاع فحسب، بل سيمد شبكة النقل المدني ببنية تحتية محسنة تحمّل أوزاناً أكبر، ومن المتوقع أن يستفيد قطاع البناء، وصيانة السكك، والتقنيات الذكية للنقل من عقود طويلة الأجل. في الواقع، اقترحت ميزانية الاتحاد المقبلة أن يزيد التمويل للنقل بمعدل عشرة أضعاف مقارنة بالأطر المالية السابقة، مع حصة بطول عقد تصل إلى 17.65 مليار يورو لخيار "الانتقال العسكري" ضمن صندوق Connecting Europe Facility. اقتصاد دولي التحديثات الحية إعادة هيكلة كبرى في أوروبا.. موازنة مقترحة بقيمة 2.3 تريليون دولار تعاون وثيق مع الناتو حدّدت المفوضية الأوروبية نحو 500 مشروع بنية تحتية ذات أولوية عسكرية، موزعة على أربعة ممرات نقل رئيسية في القارة، بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لضمان القدرة على الانتقال السريع للقوات عبر الحدود دون عراقيل. وأكد المفوض أن أحد التحديات الحاسمة ليس فيزيائياً فحسب، بل هو إداريّ أيضاً؛ "فعلينا ضمان ألّا تتعطل حركة الدبابات في المعابر الحدودية بسبب الروتين أو البيروقراطية". ينضوي هذا الجهد في سياق خطة العمل على التنقل العسكري ، ضمن مبادرة الهيكل الدائم للتعاون الدفاعي (PESCO)، التي أُقرّت عام 2024. وتنص قانونياً على ضرورة تضمين متطلبات التنقل العسكري ضمن شبكة " TEN‑T (شبكة النقل الأوروبية)، بحيث تخدم البنية الطرقية والسككية أغراضاً مدنية وعسكرية معاً. يأتي هذا التحوّل في إطار استراتيجية أوروبية أوسع لإعادة التسلّح وتعزيز الردع، وسط ما يعتقدون أنه تهديدات متزايدة من روسيا وتوسيع عضوية الناتو، كما يتماشى مع الخطط الألمانية والهولندية والفرنسية لإعادة هيكلة جيوشها لتكون أكثر مرونة وانتشاراً. وبحسب تقارير اقتصادية، فإن الاستثمار في "البنية التحتية العسكرية مزدوجة الاستخدام" (المدني والعسكري) قد يخلق أيضاً فرصاً للشركات العاملة في قطاع البناء، وتكنولوجيا النقل، والذكاء الصناعي المرتبط باللوجستيات، ما يربط الأمن القومي بمكاسب اقتصادية محتملة. هذا الاتجاه نحو عسكرة البنية التحتية يطرح تساؤلات جوهرية حول التوازن بين الاستثمار في الحرب والتنمية الاقتصادية المستدامة. ففي حين ترى المفوضية أن الأمن شرط أساسي للاستثمار والنمو، يرى مراقبون أن أولويات مثل التحول الأخضر أو رقمنة الاقتصاد قد تتراجع لصالح المشاريع ذات الطابع العسكري. اقتصاد دولي التحديثات الحية الاتحاد الأوروبي: موازنة ضخمة قدرها 2.3 تريليون دولار لست سنوات تأثير مباشر على قطاع النقل الأوروبي من المتوقع أن يُحدث هذا الاستثمار العسكري تحوّلاً نوعياً في قطاع النقل الأوروبي، إذ سيدفع نحو تحديث شامل للشبكات البرية والسككية والجسور، بما يتجاوز الاستخدام العسكري إلى تعزيز الكفاءة اللوجستية المدنية أيضاً. فالشركات العاملة في مجالات الهندسة المدنية، وصيانة السكك الحديدية، وتكنولوجيا البنية التحتية الذكية، ستستفيد من العقود العامة طويلة الأجل التي تنفّذ ضمن هذه الخطة. وقد يؤدي تحسين قدرة الطرق والجسور على تحمّل أوزان ثقيلة إلى تطوير أنظمة النقل الصناعي والتجاري، بما فيها حركة الشحن بين الدول الأوروبية. كما يُتوقّع أن تنمو الاستثمارات في القطارات السريعة وأنظمة الملاحة المتقدمة، التي يمكن استخدامها لغايات عسكرية ومدنية على حد سواء. وهذا ما قد يُعزّز التكامل بين شبكات النقل الوطنية ويُسرّع في تنفيذ "السوق الأوروبية الموحدة للوجستيات". في المقابل، عبّر بعض الخبراء في مجال البنية التحتية عن قلقهم من أن الأولوية العسكرية قد تُزاحم مشاريع النقل العام المستدام، خاصة تلك الموجهة نحو تحقيق أهداف المناخ وخفض الانبعاثات بحلول 2030، ويؤكّد محللون أن نجاح الخطة يتوقف على تحقيق توازن ذكي بين الأغراض الدفاعية والتجارية، لضمان ألّا يؤدي "اقتصاد الحرب" إلى تهميش مصالح الركاب والمستهلكين العاديين.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
أطفال الشوارع في تونس: معاناة تتفاقم مع الأزمة الاجتماعية
تدقّ جمعيات مدنية تُعنى بحقوق الطفل في تونس ناقوس الخطر، بعد تسجيل ارتفاع مقلق في أعداد الأطفال المشردين في الشوارع، إذ يواجهون مخاطر الاستغلال من قبل عصابات الاتجار بالبشر التي توظفهم في أنشطة مرتبطة بالمخدرات والاستغلال الجنسي. وسجّلت تونس في السنوات الأخيرة تنامي ظاهرة الأطفال المُهملين والمُشردين في الشوارع، ممن يقعون فريسة لشبكات التسوّل والاتجار بالبشر، رغم جهود المجتمع المدني لتوسعة مؤسسات الإيواء والرعاية المخصّصة لهذه الفئة الهشّة. وكشفت بيانات رسمية صادرة عن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة التونسية عن تلقيها 1750 إشعاراً بوجود أطفال في وضعية تشرد خلال عام 2022، ما يعكس حجم الظاهرة وتحديات احتوائها. إزاء هذا الواقع، تنتقد منظمات مدنية مدافعة عن حقوق الطفل في تونس تراجع الاهتمام الرسمي من قبل مؤسسات الدولة بوضعية أطفال الشوارع، التي تزداد سوءاً تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتقلص موارد الحماية والرعاية. ورغم غياب إحصائيات رسمية محدثة ترصد العدد الفعلي لأطفال الشوارع في تونس، يُقدّر رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الأطفال، معز الشريف، أن عددهم يُقدّر بالآلاف، من بينهم مئات الأطفال يعيشون بشكل كامل في الشارع، في قطيعة تامة مع أسرهم ومحيطهم المدرسي، ما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع مختلف أشكال الاستغلال والعنف. ويقول الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ المنظمات المدنية تحذر من وضعية أطفال الشوارع بعد الوصول إلى مرحلة العجز في توفير حلول تنتشلهم من مخاطر الجريمة والاغتصاب والاستغلال في ظل شبه استقالة لمؤسسات الدولة. وفي عام 2023، أعلنت وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة التونسية إطلاق خطة جديدة للتعهّد بالأطفال في وضعية الشارع، وذلك بالتعاون مع منظمات مدنية، وتهدف هذه الخطة إلى إعادة إدماج هؤلاء الأطفال داخل مراكز رعاية متخصصة أو ضمن أسر كافلة، في محاولة للحد من تفاقم الظاهرة وتوفير بيئة آمنة لهم. وتهدف هذه الخطة إلى تخصيص فضاءات لتعهّد الأطفال نهاراً في وضعيّة الشارع، باعتمادات مالية تبلغ 1.5 مليون دينار تونسي (حوالى 490 ألف دولار أميركي)، وبطاقة استيعابية تقدَّر بنحو 150 طفلاً يومياً. لكن الشريف يؤكد أنّ هذا المشروع قد انهار فعلياً، بعد توقف خدمات التعهّد النهاري بأطفال الشوارع، وتراجع وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة عن الاتفاق المتعلق بوضع استراتيجية تشاركية لتحسين سبل التعهّد بهذه الفئة الهشّة. وتابع: "الأطفال مواطنون صامتون لا صوت لهم يصل إلى السلطة، ما يجعلهم في وضع هشاشة دائمة"، لافتاً إلى أن هناك ثلاثة أصناف من أطفال الشوارع يتعرّضون لمخاطر بنسب متفاوتة: الفئة الأولى، يحافظون على الصلة بين مؤسسات التعليم وأسرهم، ويجري استغلالهم قتصادياً. والثانية، أطفال في قطيعة مع المؤسسات التربوية يعيشون داخل أسر في ظروف اجتماعية صعبة. أما الفئة الثالثة، فهي التي تعيش في الشوارع إلى جانب الأطفال المهاجرين. وبحسب رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الأطفال، كان يُفترض أن يخفف مشروع الحكومة، الحد الأدنى من الرعاية الظرفية للأطفال في وضعية الشارع، بالإضافة إلى المتابعة الصحية والرعاية النفسية لهم، غير أن توقف المشروع دون تبريرات رسمية تسبب في تفاقم هشاشة وضعيتهم، وفق قوله. واعتبر المتحدث أنّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية فاقمت على امتداد السنوات العشر الماضية، ظاهرة تشرد الأطفال في الشوارع، مشيراً إلى أن مؤسسات الدولة مسؤولة عن حماية الأطفال، بالإضافة إلى واجب الأسر تجاه هذه الفئة المهددة. قضايا وناس التحديثات الحية تونس تخصص 3 مراكز للتعهد بأطفال الشوارع: رعاية صحية ونفسية واجتماعية وشدّد الشريف على ضرورة الإدماج الاجتماعي لأطفال الشوارع، من خلال دعم مساراتهم التعليمية أو تمكينهم من تكوين مهني يوفّر لهم مهارات تؤهلهم للولوج إلى سوق الشغل، بما يُساهم في حمايتهم من مخاطر التشرد والانحراف، وذلك ضمن استراتيجية وطنية تشاركية تجمع بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. ووفق قوله، فإن الأطفال المشردين في شوارع تونس هم، في الغالب، ضحايا التفكك الأسري والوضعيات الاجتماعية الهشة لأسرهم، مشدداً على أن هؤلاء الأطفال يجسّدون يومياً "قصص معاناة حقيقية تُعرض أمام أنظار المجتمع والدولة". وبحسب البيانات الرسمية حول تقرير "حماية الطفولة المهدّدة والطفولة في خلاف مع القانون"، فقد بلغ عدد الإشعارات المتعلقة بتعرّض الأطفال للإهمال والتشرّد حوالى 1600 إشعار خلال سنة 2021، توزعت بين 57.8% من الذكور و42.3% من الإناث. وتُظهر المعطيات أن أكثر الفئات العمرية تضرراً من ظاهرة التشرد هم الرضّع المُرفَقون بأحد الأبوين، بالإضافة إلى الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 12 سنة.