
الذاكرة لم تنس.. والعدالة آتية!
بيروت لم تنسَ، وأهلها لم ينسوا. فالحجر قد رُمّم، لكن القلوب لا تزال مدمّرة، والمباني أعيد إعمارها، غير أن العدالة لم تبصر النور بعد. خمس سنوات مرّت على تفجير العصر، ولا تزال العدالة مكبّلة.
بعد خمس سنوات على الذكرى الأليمة، قامت 'نداء الوطن' بجولة ميدانية في الأحياء القريبة من المرفأ كالجميزة، مار مخايل والكرنتينا. استمعنا إلى المواطنين الذين عايشوا الكارثة لحظة بلحظة، فكان الألم لا يزال ظاهرًا على ملامحهم وكلماتهم. الذكرى حاضرة، والجرح لم يندمل، والوجع لا يزال نابضًا.
يقول أحد المتضررين: 'الله لا يسامح من ارتكب هذه الجريمة. ما زلنا صامدين، رممنا بيوتنا بجهدنا وتعبنا. ولكن لم ولن ننسى… نحن لا نملك سياسيين، بل لدينا لصوص ومجرمون. وأدعو الله أن يحمي القاضي البيطار'.
ويضيف آخر: 'هذه الجريمة لا تُغتفر، والشعب لا يزال ينتظر الحقيقة. نريد عدالة تضع الجميع تحت سقف القانون، لا أن تضع القانون تحت أقدامهم'.
وفي حديث مع أحد سكان العكاوي، قال: 'سقط شهداء في المبنى الذي أقطنه، ولم نعرف كيف ننقل المصابين إلى المستشفيات وسط الازدحام والرعب والفوضى. ما حصل يشبه ما حدث في هيروشيما. إنها فاجعة بكل ما للكلمة من معنى. نترحّم على الشهداء، ونصلّي من أجل شفاء الجرحى، ونطالب بتحقيق نهائي وشفاف، لأن التغاضي عن هذه الجريمة هو جريمة بحد ذاته. أما الذين يعرقلون التحقيق، فهم ليسوا سياسيين بل مجرمون'.
مالك أحد صالونات الحلاقة في مار مخايل لا يزال يحتفظ بآثار الدم على باب محله، يقول: 'رفضت إعادة طلاء الباب بعد الانفجار، لأتذكر دائمًا ما حصل، وأتذكر من دمّر حياتنا ومنع كشف الحقيقة'.
رجل آخر يختصر المعاناة قائلًا: 'سقط جدار على ابني الأكبر، وأصبت أنا بنزيف داخلي، زوجتي أُصيبت في صدرها، وابني الصغير فقد ذاكرته. ثلاث سيارات لدينا دُمّرت بالكامل. الدولة جاءت وصوّرت الأضرار ثم اختفت. لم يعوّض علينا أحد. واليوم لم أعد قادرًا حتى على شراء سيارة'.
بين الصوت والصدى، بين الحجر والدم، بين الذاكرة والوجع، تكمن الحقيقة.
ما حدث في الرابع من آب 2020 لم يكن حادثًا عرضيًا، ولا قضاءً وقدرًا، بل جريمة مكتملة الأركان. جريمة وقعت في قلب العاصمة، أمام أعين الدولة، وبتواطؤ من كان يعلم وسكت. جريمة تحاول المنظومة السياسية طمسها، مانعةً التحقيق من أن يأخذ مجراه، ومحاولة خنق العدالة.
لكنّ الحقيقة لا تموت، والعدالة، وإن تأخّرت، لا تُهزم.
في بيروت، كما في وجدان كل لبناني، لا يزال صدى الانفجار حيًّا. والصرخة واحدة: اكشفوا الحقيقة، حرّروا القاضي طارق البيطار، ودعوا العدالة تُنطق باسم الشهداء.
الرابع من آب ليس مجرد ذكرى، بل قضية وطن مذبوح وشعب لا يزال ينزف… والعدالة آتية، ولو بعد حين!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 18 دقائق
- النهار
"القوات" أحيت ذكرى تفجير المرفأ بقداس في الجميزة... حاصباني: ننتظر القرار الظني
أضاف: "كلنا نعلم الحقيقة، 4 آب لم يكن حادثاً، بل كان اغتيال وطن، بصمت الدولة، بسلاح الفساد، وبغطاء الميليشات. إننا سوياً مع أهالي الضحايا والشهداء والمتضررين ومع كل لبناني حر، واجهنا كل محاولات طمس الحقيقة وكل الترهيب والتهديد والضغط، ولم نساوم ولم نخف أو نتراجع". وتابع: "اليوم، موقفنا لم يتغير: العدالة لن تدفن والمجرم سيكشف ويحاكم ويحاسب، أمام الله والشعب والتاريخ، وإذا كان للظلم جولة فاللعدالة ألف جولة وجولة. لأهالي الضحايا وعد منا والتزام، إذا نسي البعض نحن لا ننسى، إذا ساوم البعض نحن لا نساوم، إذا تراجعوا نحن سنكمل ثابتين حتى النهاية". وقال: "4 آب ليس ذكرى، 4 آب نار تحرق عقولنا وقلوبنا، كل لحظة ضعف بمسار الجلجلة التي قررنا أن نخوضها ونحمل صليبها بعزم وإيمان لتحقيق العدالة. 4 آب وجع مقدس ما بيركع وما بينطفي". أضاف: "التقينا اليوم كي نصلي عن ارواح احبائنا ونؤكد لهم أن المواجهة مستمرة، ومن فجر بيروت الحقيقة والعدالة سنكمل التحقيق حتى الوصول الى المحاكمة والمحاسبة والمعاقبة. ومع كل الأحرار في هذا اللبنان سنكمل خط الدفاع الأول عن وجع شعبه، وعن كل نقطة دم سالت ويجب ألا تذهب هدرا، وللناس الذين تعبوا وفقدوا الأمل. ان الأمل ليس خيارا بل واجب علينا وقرار، ونحن قررنا الثبات والصمود وسويا سنصل الى الحقيقة ونقولها ونعلنها ونسمي المجرمين بأسمائهم كي نتمكن من دفن موتانا وإطلاق أرواحهم بسلام". حاصباني أما حاصباني فقال: "أيها اللبنانيون، يا أبناء بيروت، يا أهل الوجع المقيم منذ خمس سنوات، في مثل هذا الوقت في الرابع من آب 2020، توقّف الزمن في بيروت. دوّى الانفجار، وارتجت المدينة، وتكسر زجاجها وأجسادها وقلوب أهلها. خمس سنوات مضت، ولا تزال المدينة تئن، ولا تزال الحقيقة غائبة، والعدالة منفية، والمتهمون أحرارا. خمس سنوات من الأسئلة المعلقة، من الوجوه المغيبة، من الأسماء التي صارت شواهد، من الأمهات اللواتي لم يجف دمعهن، من البيوت التي بقيت أطلالا، من الوعود التي لم تتحقق، من المحاكمات التي لم تبدأ، ومن الدولة التي لم تتحمل مسؤوليتها". أضاف: "في الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ، لا نملك إلا أن ننحني أمام أرواح الضحايا، شهداء الإهمال والتواطؤ والتقصير. ننحني أمام كل من استشهد، وأمام كل من أصيب، وأمام كل من خسر بيته، رزقه، ذاكرته، أو جزءا من جسده وقلبه، لكن الانحناء لا يكفي، الصمت لا يكفي. الذكرى لا تكتمل من دون حقيقة، ولا راحة لأرواح الضحايا من دون عدالة. العدالة ليست فعل رحمة، بل واجب. هي ليست ترفا نطلبه، بل حقّ ننتزعه. خمس سنوات مرت، ولا مسؤول خلف القضبان، لا محاسبة، لا مساءلة، لا إجابة واحدة تشفي قلب أمّ أو أب أو أخ أو زوج أو ابنة تنتظر". وتابع: "أيها اللبنانيون، نحن لا ننسى. لا ننسى من دمر عاصمتنا، من قتل أبناءنا، من استهان بحياتنا ومستقبلنا. لا ننسى من خبأ الموت في قلب المدينة، ومن عرف وسكت، ومن أمر وغطى، ومن تقاعس ولم يتحرّك. العدالة ليست رفاها سياسيا، بل هي أساس قيام دولة تُحترم وتُهاب. وإذا لم تتحقق، فإن بيروت ستبقى مدينة تنزف". وقال: "أيها الحاضرون في وجعهم، أنتم الشهود الأحياء على الجريمة. أنتم الأمل الذي يُقاوم الإنكار والتقاعس. صمودكم، نضالكم، أصواتكم التي لا تهدأ، هي التي تبقينا على يقين بأن هذه القضية لن تطوى، ولو حاولوا دفنها في أدراج القضاء المعطل أو في ركام الدولة المهترئة. وسنبقى نناضل مع أهالي الشهداء والمتضررين في المحافل الدولية وفي أماكن صناعة القرار المحلية لتحرير التحقيق والقضاء للوصول الى الحقيقة والمحاسبة". اضاف: "نقف اليوم مع المتضررين، مع الذين خسروا أحباءهم، ومع الذين لا تزال بيوتهم تنتظر الترميم، والذين لم يُعوض عليهم، لا ماديا ولا معنويا. نعرف أن لا تعويض يعيد الحياة لمن رحل، لكن أقل الإيمان أن تُعترف خساراتكم، أن يعالج جرحكم، وأن يُحاسب من كان سببا فيه". وتابع: "في هذا اليوم، نوجه نداءنا إلى من تبقى من ضمائر حية في هذا الوطن: نحن ننتظر القرار الظني من قاضي التحقيق، ننتظره ليس كشكل إجرائي، بل كخطوة مفصلية في استكمال مسار العدالة. ننتظره ليبدأ زمن المحاسبة، ولترفع الستارة عن الحقيقة التي طال تغييبها، وتُسمى الأمور بأسمائها، ويُقال للقاتل: قاتل. وفي وجه كل ظلم قائم، نستند إلى وعد الله، كما في المزمور: 'لأن الرب يحب العدل، ولا يترك أتقياءه. إلى الأبد يُحفظون، أما نسل الأشرار فينقطع.' (مزمور 37: 28). إننا نؤمن أن مشيئة الله أعلى من طغيان البشر، وأن يد العدالة، وإن تأخرت، لا تتوقف". واردف: "بيروت ليست ضحية انفجار فحسب، بل ضحية نظام متراكم من الاستهتار والفساد والإفلات من العقاب. من هنا، فإن معركتنا ليست فقط من أجل ضحايا الرابع من آب، بل من أجل وطن يبنى على المحاسبة، لا على التسويات، على القانون، لا على المحسوبيات". وختم: "في ذكرى هذا اليوم الحزين، نعدكم أن نبقى على العهد، أن نستمر في المطالبة بالحقيقة والعدالة، ألا نترك دماءكم تذهب سدى، ولا دموعكم تمحى بالنسيان. سلامٌ على بيروت، وسلام على شهدائها، سلام على من لا يزالون ينادون بالحق في وجه النسيان، وسلام على كل من يؤمن بأن الوطن لا يُبنى على القهر، بل على الحقيقة. الرحمة لشهداء بيروت، والعدالة لهم، لنا، ولكل لبنان".


LBCI
منذ 18 دقائق
- LBCI
معلومات الـLBCI: حتى الساعة لا صحة لما يُتداول عن قرار مجلس الوزراء تأجيل البت في بند حصر السلاح وهو لا يزال يناقشه
علي فياض باسم وفد من "حزب الله" بعد لقاء الرئيس السابق ميشال عون: الخطوة الأولى يجب أن تكون التزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف الأعمال العدائية واطلاق الأسرى وهذه هي الخطوات التي لا يمكن قبلها الانتقال الى البحث في أي شيء آخر السابق


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
الشيخ قاسم : لسنا معنيين بسحب السلاح..والمقاومة جزء من اتفاق الطائف ومسألة ميثاقية
اعتبر الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ نعيم قاسم انه 'يجب إدراج على جدول أعمال مجلس الوزراء بند واضح بعنوان: كيف نواجه العدوان الإسرائيلي ونحمي السيادة؟ ما هي الإجراءات العملية المطلوبة؟ ما هو الجدول الزمني لتنفيذها؟ ما هي المقومات التي يمكن الاستفادة منها؟ كيف يمكن إشراك الأحزاب والقوى والطوائف والشعب وسائر المعنيين في عملية الدفاع عن لبنان؟ كيف نقف معًا من أجل إخراج الاحتلال الإسرائيلي؟ كيف نزيد الضغط على العدو الإسرائيلي من خلال الرعاة المتواطئين أو بطرق أخرى؟'. وأضاف سماحته خلال كلمة في الذكرى الأربعين لاستشهاد القائد الكبير، شهيد فلسطين، اللواء محمد سعيد إيزدي، 'الحاج رمضان' (رضوان الله تعالى عليه)،: 'هذه هي الأولوية، وليست الأولوية هي سحب السلاح إرضاءً للعدو الإسرائيلي. لسنا معنيين بسحب السلاح لأن الولايات المتحدة أو إحدى الدول العربية تسعى وتضغط بكل ما أوتيت من جهد لفرض هذا الخيار'. وتساءل الشيخ قاسم: ' إذا كنتم فعلاً تدعمون لبنان، فعليكم أن تكونوا مع وقف العدوان، وإخراج الاحتلال الإسرائيلي، والبدء بإعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى. بعد ذلك تعالوا وتحدثوا معنا في أي شأن تشاؤون، ونحن جاهزون'. وأكد أن 'المقاومة جزء من اتفاق الطائف، وهي منصوص عليها في الإجراءات المطلوبة لحماية لبنان بكافة الوسائل، ولا يمكن أن يُناقش أمر دستوري بالتصويت، بل يتطلب توافقاً ومشاركة مختلف مكونات المجتمع حول القضايا المشتركة'. وتابع الشيخ قاسم : 'كما أن إلغاء الطائفية السياسية يتطلب توافقاً عاماً، وكما أن توزيع المناصب وفقاً للاطمئنان الطائفي يُعدّ ميثاقياً، فإن المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي أيضاً مسألة ميثاقية لا تُناقش إلا بالتوافق'. ودعا الشيخ قاسم إلى نقاش وطني حول استراتيجية الأمن الوطني والدفاعية، قائلاً: 'الأمن الوطني يتجاوز مسألة السلاح، ويأخذ في الاعتبار تراكم القوة، ووحدتها، والدفاع عن لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي. الاستراتيجية ليست لنزع السلاح وفق جدول زمني كما يتوهّم البعض'. وأردف سماحته: 'كنا ننتظر أن نجتمع مع المعنيين كمقاومة لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني، لكنهم بدلاً من ذلك اختزلوا كل شيء بمطلب نزع السلاح، ولم يقدموا أي تصور حقيقي عن أمن وطني جامع. نحن لا نقبل بذلك، ونعتبر أنفسنا مكوّناً أساسياً من مكونات لبنان، وبالتالي نحن بحاجة إلى إعادة نظر في مقاربة هذا الملف'. كما أكد حرص حزب الله على 'استمرار التعاون والتفاهم والنقاش مع الرؤساء الثلاثة'، مشدداً على أنه 'لا يجوز أن يُشعر أحد بالضغط فيلجأ إلى ممارسة الضغوط الداخلية، لأن مصلحة لبنان تقتضي أن يعرف الجميع أن هذا البلد له خصوصيته'. وتابع سماحته قائلاً: 'لا يصح أن يُمارَس الضغط على الداخل اللبناني بهدف انتزاع التنازلات عن الحقوق والسيادة. هذه نقطة خاطئة. يجب أن نواجه الغرب والولايات المتحدة وكل الجهات الضاغطة بالقول: في لبنان لدينا مقومات. وعلينا أن نتفاهم بيننا. كما ينبغي أن ننتبه لدعاة الفتنة الداخلية، ومن تلطّخت أيديهم بالدماء، ومن يعملون كخدام للمشروع الإسرائيلي في الداخل والخارج'. ودعا الشيخ قاسم إلى عدم الانجرار خلف الإملاءات الخارجية، مضيفاً: 'لا أحد مرتاح في هذا البلد، فالضغوط تتوالى علينا تباعاً. لكننا نقول بوضوح: هذه قضايا داخلية لا تُناقش إلا بين اللبنانيين. لا يحق لأحد أن يفرض علينا اتفاقات من الخارج. نحن نريد اتفاقاً فيما بيننا من أجل السيادة والاستقلال'. وأكد سماحته أن 'حل أي أزمة في لبنان لا يتم إلا بالتوافق، وهذا موضوع استراتيجي وأساسي يجب أن ننجزه من خلال المؤسسات، والجيش، والمقاومة التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من هذا النسيج الوطني'. وأضاف الشيخ قاسم : 'اليوم، يمكن للدولة اللبنانية أن تعلن أمام المجتمع الدولي مسؤوليتها عن الحدود الجنوبية والشرقية. ولتُحاسب الدولة اللبنانية إذا وقع أي حادث هناك، لأنها تقوم بواجبها كاملاً على المستوى الداخلي، وقد أثبتت قدرتها على ضبط الإيقاع ومنع المجازر والتعقيدات في القرى'. وأردف: 'يجب أن يُقال للعالم إن الدولة اللبنانية تضمن حماية حدودها وسيادتها، وهي تتحمّل مسؤولية ما يجري داخلها. ولكن لا يجوز أن يُستخدم المجتمع الدولي للمطالبة بتحقيق أهداف العدو الإسرائيلي التي عجز عن تحقيقها بالحرب'. وتابع سماحته: 'لا يحق لأحد أن يحرم لبنان من عناصر قوته التي تحمي سيادته، ولا يحق لأحد أن يمنع لبنان من أن يكون عزيزاً. هذا أمر أساسي، ويجب أن يُرسّخ في الأذهان. لقد قدمنا الكثير، وقدّم اللبنانيون والجيش والشعب تضحيات عظيمة. لا يحق لأحد أن يستخف بذلك'. وقال الشيخ قاسم: 'من قدّم التضحيات وحرّر الأرض أكثر وطنية ممن عبث بالوطن وقتل المواطنين. لا أحد يُزايد علينا. لنا تاريخ مشرف، وتاريخنا يختصره سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه، الذي رحل شهيداً مقداماً، شجاعاً، وقدّم للإنسانية، ولفلسطين، ولبنان ما لم يقدّمه الكثيرون'. وتابع: 'لدينا السيد الهاشمي والقادة الشهداء، ولدينا خمسة آلاف شهيد في معركة طوفان الأقصى ومعركة أولي البأس، ولدينا 13 ألف جريح، ولدينا دمار ونزوح، وكل هذا تم تقديمه من أجل إيقاف العدوان. وقد نجحنا في ذلك'. وأوضح أن' العدوان الإسرائيلي كان سيصل إلى بيروت، وكان يستهدف تغيير كل شيء في لبنان، لكن المقاومة والجيش والشعب وقفوا في وجهه ومنعوه من تحقيق أهدافه'. وأضاف: 'المقاومة بخير، قوية، تمتلك الإيمان والإرادة، وهي مصممة على حماية سيادة لبنان واستقلاله. جمهور المقاومة صابر ومتماسك، والمجاهدون على أتمّ الجهوزية للتضحية. وهذه حقيقة يعرفها الجميع'. شهيد فلسطين الإيراني واستهل الشيخ قاسم كلمته بالإشارة إلى أن الشهيد إيزدي، شهيد فلسطين الإيراني، جاء من أقاصي الأرض ليكون في خدمة فلسطين، شعباً وأرضاً، وقضية، ومقاومة، مؤكداً أن بوصلته كانت دائماً متجهة نحو القدس. واضاف سماحته :'ولد الحاج رمضان عام 1964 في محافظة كرمنشاه، والتحق بالحرس الثوري الإسلامي منذ تأسيسه، وشارك في الحرب المفروضة على إيران منذ بداياتها. وعندما بلغ سن التاسعة عشرة، عُيّن نائباً لقائد لواء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ما يعكس نبوغه ووعيه وإمكاناته القيادية منذ ريعان شبابه'. وتابع سماحته :'في العام 1984، قَدِم إلى لبنان مسؤولاً عن مقر الحرس في منطقة الهرمل، ثم انتقل للعمل في مكتب فلسطين، الذي يعنى بالتنسيق مع فصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان. وفي السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 1992، حين أبعد العدو الإسرائيلي 415 مقاومًا فلسطينيًا إلى مرج الزهور جنوب لبنان، أمضى الحاج رمضان ثلاثة عشر شهراً معهم، يقاسمهم المأكل والمشرب والمسكن، ويؤمّن لهم حاجاتهم، ويشرف على تدريبهم ورعايتهم، وكان من بينهم القادة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الحاج إسماعيل هنية، عماد العلمي، والدكتور محمود الزهار، وقد استشهد معظمهم لاحقاً'. واردف بالقول :'بقي الحاج رمضان في لبنان حتى عام 1995، ثم عاد إلى إيران. وبعد تحرير جنوب لبنان عام 2000، ومع بدايات إرهاصات انتفاضة الأقصى، عاد مجدداً إلى لبنان بطلب من الشهيد القائد عماد مغنية (رضوان الله عليه) وبموافقة من الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني (رضوان الله عليه)، قائد قوة القدس آنذاك، وبرضى سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه). تولّى عندها مسؤولية ملف فلسطين في قوة القدس في الحرس الثوري الإسلامي'. الرسالة والنهج وقال الشيخ قاسم إن الآية القرآنية: {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون}، تنطبق تمامًا على الشهيد الحاج رمضان وإخوانه. فقد واكب تطورات الانتفاضة الفلسطينية، ودعم المقاومة في فلسطين، ونقل الخبرة والتجربة والسلاح والتدريب إلى مختلف فصائل المقاومة. وأضاف:' أن الحاج رمضان، إلى جانب الشهيد عماد مغنية، أشرف بعد تحرير غزة عام 2005 على إعداد الخطة الدفاعية للقطاع، وكان له اهتمام خاص بتطوير العمل المقاوم في فلسطين، ومتابعة مختلف شؤونها السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والاجتماعية'. وأشار سماحته إلى أن' الشهيد آمن بوحدة الصف الفلسطيني، وكان يلتقي دائماً بقيادات الفصائل الفلسطينية. وعند جمعه لهذه القيادات في لبنان، كثيراً ما كان يتواصل مع الشيخ نعيم قاسم شخصياً، ليطلب حضوره ممثلاً لحزب الله، تأكيداً على العلاقة المباشرة مع الإخوة الفلسطينيين. كما كان الشهيد رمضان يشرف على اللقاءات المشتركة بين حزب الله والفصائل الفلسطينية في طهران'. فلسطين فوق الجغرافيا وتطرق الشيخ قاسم إلى الوضع الفلسطيني الحالي، مشيراً إلى حجم المأساة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، قائلاً: 'ما من شعب في العالم يمكنه تحمّل ما يتحمّله الفلسطينيون. أكثر من 61 ألف شهيد، و150 ألف جريح، وأكثر من مليونين ومئتي ألف نازح يتنقلون من مكان إلى آخر، معرضين للقتل والتجويع، بل يُقتلون وهم يبحثون عن الطعام والمساعدات'. وأضاف أن' هذا الإجرام الممنهج هو نتاج تواطؤ منظّم بين الولايات المتحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي لإبادة الشعب الفلسطيني، في محاولة للاستيلاء الكامل على الأرض لصالح الكيان الغاصب. إلا أن الشعب الفلسطيني، صامد منذ 77 عاماً، حاملاً راية المقاومة والحق، وماضٍ في طريقه بثبات حتى النصر'. وتابع: 'قال الحاج رمضان عن طوفان الأقصى إنه معجزة لم تحققها أي مقاومة في العالم، وأكد أن القدس ترفع وتعز من يخدمها'، مشيراً إلى أن هذه النظرة تنبع من منهج الإمام الخميني (قدّس سره) الذي وصف الكيان الإسرائيلي بالغدة السرطانية الخبيثة، التي لا علاج لها سوى الاستئصال. نهج الثورة الإسلامية وأوضح الشيخ قاسم أن' الإمام الخميني (قدّس سره) منذ اليوم الأول لانتصار الثورة الإسلامية عمل على دعم فلسطين عملياً، من خلال تشكيل قوة القدس، وإنشاء جيش العشرين مليون، وتحويل سفارة الكيان إلى سفارة لفلسطين، وإعلان يوم القدس العالمي، انطلاقاً من رؤية واضحة تعتبر فلسطين أولوية تتقدم على ما سواها'. وأشار إلى أن' الإمام الخامنئي (دام ظله) سار على هذا النهج، مؤكداً أن 'الدفاع الصريح عن الشعوب المظلومة، لا سيما الشعب الفلسطيني، كان في صلب أولويات نهج الإمام الخميني'، لافتاً إلى أن فلسطين ليست مجرد قطعة أرض، بل قضية إنسانية وأخلاقية ودينية وتربوية وعالمية'. العلاقة بحزب الله وأشاد الشيخ قاسم بالعلاقة الوثيقة التي ربطت الحاج رمضان بقيادة حزب الله، وعلى رأسها سماحة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، وقال إنه كان يعرف كل قادة الحزب، وشارك في حرب تموز 2006 في معركة 'أولي البأس'، وعاد إلى لبنان بعد يومين فقط من استشهاد السيد نصر الله، واضعاً نفسه بتصرّف الحزب. وأكد أنه كان عاشقاً لحزب الله، وللمقاومة، وللسيد نصر الله، ولكل من يعمل في سبيل الله تعالى، مشيراً إلى أن الحاج رمضان كان يتمتع بصفات شخصية رفيعة: مؤمن، عرفاني، عاشق للإمام الخميني (قدّس سره)، وللإمام الخامنئي (دام ظله)، متواضع وحازم في آن، ذو هيبة وكرم نفس، وكان لأبناء الشهداء مكانة خاصة جدا في قلبه واهتماماته'. الاغتيال واضاف سماحته:'استشهد اللواء محمد سعيد إيزدي في 21 حزيران/يونيو 2025، في مدينة قم المقدسة في إيران، خلال العدوان الإسرائيلي الغادر. وعلّق وزير حرب العدو الإسرائيلي على عملية الاغتيال بالقول: 'إن اغتيال محمد سعيد إيزدي أبرز إنجازات الحرب على إيران'، وهو ما يُعدّ دليلاً على حجم تأثيره ودوره في إيلام العدو'. دعوة لإنهاء ملف المرفأ ورفضٌ لإملاءات براك الجديدة وتوقّف الشيخ قاسم، عند الذكرى السنوية الخامسة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، واصفاً إياه بـ'الكارثة الكبيرة' التي أدت إلى وقوع ضحايا وجرحى وخلّفت دمارًا وألمًا، وأثّرت في أوضاع العديد من المواطنين، فضلاً عن إحداثها 'جرحًا بليغًا في لبنان، لمواطنيه ولكل المحبّين'. ودعا الشيخ قاسم إلى 'الإسراع في إنجاز المحاكمات والتحقيقات بعيدًا عن التسييس الذي أخّر النتيجة إلى هذا الوقت'، متمنيًا أن تكون المرحلة المقبلة 'مرحلة إنجاز سريع، بعيدًا عن التسييس والتطييف، وبعيدًا عن الاتهامات الجاهزة والأوامر الخارجية'، حتى يعرف الناس الحقيقة وتصل القضية إلى نتيجة صحيحة، 'فيُعاقب المرتكب ويُبرّأ البريء'. وختم هذا المحور بالدعاء للضحايا بالرحمة، وللجرحى بالشفاء، ولعائلاتهم بالصبر والسلوان. مصلحة لبنان هي استعادة السيادة والاستقلال والتحرير وانتقل الشيخ قاسم إلى الوضع السياسي، معلنًا أنه سيتناول خمس نقاط، بدأت بـ'خارطة الطريق لبناء لبنان وتثبيت الاستقرار فيه'، مؤكدًا أن هناك ثلاث قواعد أساسية لتحقيق ذلك: المشاركة والتعاون في إطار وحدة وطنية ليكون الشعب اللبناني 'قلبًا واحدًا' في سبيل النهضة. تحديد الأولويات التي تؤسّس للواقع اللبناني وعدم الانشغال بالقشور أو الطلبات الخارجية. عدم الخضوع للوصاية الأجنبية، سواء كانت أمريكية أو غيرها، لأن الخضوع 'يُبطل قدرتنا وإنجازاتنا ويدفعنا باتجاه آخر'. وأشار سماحته إلى أن' الاتفاق الذي جرى في 27 تشرين الثاني 2024 كان 'اتفاقًا غير مباشر بين الدولة اللبنانية والعدو الإسرائيلي' لوقف العدوان، وقد أظهر 'تعاونًا وثيقًا ومميزًا بين المقاومة والدولة'. ولفت إلى أن 'المقاومة، لا سيما حزب الله، سهّلت للدولة جميع الإجراءات دون مناكفة أو تأخير'، مشيدًا بالالتزام الكامل من قبل حزب الله مع الحكومة والجيش ورئاسة الجمهورية. وأكد عدم تسجيل أي خرق من المقاومة لا في مواجهة العدو الإسرائيلي ولا في التنسيق مع الجيش اللبناني والدولة. وقال الشيخ قاسم إن' هذا التعاون يُشكّل 'نموذجًا لكيفية تفاعل المقاومة مع الدولة عند وجود توافق وإيمان مشترك'، بينما في المقابل، 'لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق، ونفّذت آلاف الخروقات'، معتبرًا أن ما جرى في سوريا أثّر على موقف الاحتلال الذي 'ندم على صياغة الاتفاق، لأنه أعطى لبنان وحزب الله قدرة على الاستمرار'. وتابع: 'لذلك، قررت إسرائيل أن تستمر كما فعلت في سوريا، وتحاول تكرار الأمر في لبنان، وتسعى إلى تغيير الاتفاق الذي لم تلتزم به أصلًا'. وأضاف سماحته: 'مصلحة لبنان هي استعادة السيادة والاستقلال والتحرير، أما مصلحة الكيان الإسرائيلي فهي إضعاف لبنان للتحكّم بمساره'، مؤكدًا: 'نحن كمسؤولين ومقاومة وشعب وجيش، علينا أن نفتّش عن مصلحة لبنان، لا عن مصلحة الاحتلال الإسرائيلي'. وحول الوساطة الأمريكية الجديدة، قال: 'أمريكا لم تأتِ لتطرح اتفاقًا جديدًا، بل جاءت بإملاءات، تسعى لنزع قدرة حزب الله ولبنان بالكامل، وتجريد المقاومة والشعب من قوته، لجعل لبنان مكشوفًا أمام الكيان الإسرائيلي'. وأشار إلى أن 'ما أتى به الموفد الأمريكي عاموس براك يصبّ بالكامل في مصلحة الاحتلال'. ولفت إلى أن 'المذكرة الثالثة التي حملها براك إلى الحكومة اللبنانية، أسوأ من سابقتيها'، مضيفًا: 'فيها بندٌ يقول إن المرحلة الثانية تمتد بين 15 و60 يومًا، وتشمل نزع السلاح، مع ذكر أمثلة للأسلحة التي يجب تسليمها، مثل الهاون، القنابل اليدوية، المتفجرات، الصواريخ جو–أرض، والطائرات المسيّرة'. وأوضح: 'بحسب المذكرة، يجب تفكيك هذه الأسلحة خلال 30 يومًا، أي أن كل الإمكانات العسكرية يجب أن تُسلّم خلال 45 يومًا للدولة اللبنانية'. وتابع قائلاً: 'هم لا يتحدثون عن سلاح ثقيل أو متوسط فقط، بل عن القنابل اليدوية وقذائف الهاون التي تُعد أسلحة بسيطة، وتنتشر لدى العديد من العشائر والجهات، ويطلبون أن تُسلَّم جميعها'. واستنكر ذلك بالقول: 'حتى القنابل يريدونها، ويطلبون نزعها'. وأشار سماحته إلى' بند آخر في المذكرة ينص على 'تفكيك 50% من البنية التحتية بحلول اليوم الثلاثين'، وعلّق على ذلك : 'أحد القادة العسكريين سألهم: كيف نعرف ما هو 50%، إن لم نكن نعرف ما هو 100%؟'، معتبراً أن هذا 'لغم' يُمكن للعدو استخدامه لاحقًا للادعاء بعدم الالتزام الكامل'. وأضاف: 'إذا تم تنفيذ كل ما ورد، نكون قد وصلنا إلى اليوم 45، فتبدأ إسرائيل حينها بالانسحاب من النقاط الخمسة، لكن يشترط للانتقال إلى المرحلة الثالثة أن تنسحب من ثلاث نقاط على الأقل، بين اليوم 60 واليوم 90، عندها يبدأ الحديث عن إطلاق الأسرى'. واشار الشيخ قاسم الى ان ' المطلوب اليوم هو تجريد لبنان من قدرته العسكرية، عبر تجريد المقاومة، ومنع الجيش اللبناني من امتلاك السلاح إلا بما يؤدي وظيفة داخلية، ولا يؤثر على الكيان الإسرائيلي لا من قريب ولا من بعيد'، مؤكداً أن هذا ما يُراد فرضه على لبنان حتى وإن تم تمرير المذكرة. وتساءل: 'لكن ماذا لو أن الاحتلال الإسرائيلي لم ينفذ حتى هذه البنود عديمة القيمة؟'. وأضاف الشيخ قاسم أن' المذكرة تنص على عواقب في حال حدوث خرق من قبل أي طرف، متسائلاً: 'ما هي عواقب الخرق الإسرائيلي؟ قالوا إنها الإدانة من مجلس الأمن الدولي وإعادة النظر في عدم الاشتباك العسكري! وكأنهم يقولون: 'أقسم أيها الكاذب'!'. وتابع: 'هل أصبحنا اليوم نعوّل على صدق الأميركيين والإسرائيليين؟ هل مجرد توقيعهم وضماناتهم تكفي؟ الأميركي نفسه يقول الآن إنه لا ضمانات'. وتابع :'في حال تجاوز الكيان الإسرائيلي حدوده، تساءل الشيخ قاسم: 'ما الذي يمكننا فعله؟ أن نشتكي إلى مجلس الأمن؟ أهلاً وسهلاً! أنتم إذاً تقولون إن يد الكيان الإسرائيلي مفتوحة حتى مع تقديم كل هذه التنازلات من الجانب اللبناني'. وتابع: 'أما إذا التزم لبنان، فالعقوبة ستكون تجميد المساعدات العسكرية المشروطة وفرض العقوبات الاقتصادية، رغم أن لبنان خاضع للعقوبات أصلاً منذ عام 2019، والمساعدات متوقفة'. ورأى سماحته أن' الولايات المتحدة تتنصل من أي التزام تجاه لبنان، مشيراً إلى أن ما يُطلب من المذكرة هو 'تجريد لبنان من قوته مقابل انسحاب جزئي غير مضمون، في ظل اختلال واضح في ميزان القوى'. وأشار الشيخ قاسم إلى أن' المسار الذي سبق أن جرى الاتفاق عليه قد ألغي'، قائلاً: 'معناه أننا دخلنا في نفق جديد اسمه اتفاق جديد، ونحن لا نوافق على أي اتفاق غير القائم بين الدولة اللبنانية والكيان الإسرائيلي. فليُنفذ الاتفاق أولاً، ثم يمكن النقاش في أي شيء آخر'. وأكد سماحته أن 'أي جدول زمني يُعرض للتنفيذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي مرفوض'، موضحًا أن 'الجدول الزمني يعني التزامًا من طرف واحد في ظل استمرار العدوان'. وتابع: 'هل المطلوب الذهاب إلى نقاش أم تسليم السلاح دون أي بحث في الأمن الوطني أو الاستراتيجية الدفاعية؟ هذا أمر مرفوض'. وشدد الشيخ قاسم على أن 'لا يمكن للبنان أن يلتزم بالتخلي التدريجي عن قوته، فيما تبقى كل أوراق القوة بيد العدو الإسرائيلي'، لافتًا إلى أن بعضهم يبرر هذا التوجه بذريعة 'إزالة الحجج' من أمام الخارج، تحت ضغط التهديد بوقف التمويل وفرض العقوبات. وتساءل: 'ما نفع التمويل إن سُلِب قرارنا، وانتهكت سيادتنا، وبقي جزء من أرضنا محتلًّا، وصار البلد بلا خيار؟ سنصبح عبيدًا! ونحن لا نقبل أن نكون عبيدًا لأحد، لا لأميركا، ولا لبعض الدول العربية، ولا لأي جهة في العالم'. وأشار الشيخ قاسم إلى أن الضغط الذي يُمارَس اليوم هدفه التخويف بالحرب وتوسيع العدوان، سائلاً: 'لماذا يعتمد الكيان الإسرائيلي اليوم الاعتداءات المحدودة والضغط السياسي الأميركي، ولا يذهب مباشرة إلى عدوان واسع؟ لأن مصلحته أن لا يخوض حربًا شاملة، إذ إن المقاومة، والجيش، والشعب سيدافعون، وسقوط الصواريخ في داخل الكيان الإسرائيلي سيُسقط كل الأمن الذي بنوه منذ ثمانية أشهر في ساعة واحدة'. وأضاف: 'العدو يدرك أن الرد سيكون مكلفًا، لذا يتجنب الحرب المفتوحة، وعلينا ألّا نسمح لأحد بتهويل الأمور علينا'، متسائلاً: 'هل إذا قدمنا كل شيء سيتوقف العدوان؟ لا! بل العكس، إذا لم يتبقَّ لدينا شيء، تصبح فرصة الاعتداء أكبر'. وأكد الشيخ قاسم أن' لا أحد يحمي لبنان وشعبه في حال التنازل، مستشهداً بتصريح وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش الذي قال إن 'الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من النقاط الخمس جنوب لبنان، وإن القرى التي دمّرت لن يُعاد إعمارها'، متسائلًا: 'ألا يعني هذا أن الاحتلال يُصرّ على إبقاء يده فوق لبنان؟'. ورأى سماحته أن 'الرهان على الخارج لا يُجدي، فإن كان الخارج يريد استقرار لبنان، سيرضخ لإرادته حين يصمد، أما إن لم يكن يعنيه، فلن تجدي كل التنازلات'. وأشار الشيخ قاسم إلى أن' الدعم المقدّم للجيش اللبناني اليوم هو في حدود ضيقة ولغايات داخلية فقط، وليس لمواجهة الكيان الإسرائيلي. وتابع: 'منذ عام 2019 يُقال للبنانيين: 'قوموا بواجبكم لنساعدكم'، لكن أميركا وبعض العرب أنهكوا لبنان تحت هذا العنوان'. وأكد أن 'لبنان يمتلك اليوم رئيسًا وحكومة ومؤسسات مستقرة إلى حدٍّ ما، وأن الأزمة الأساسية هي العدوان الإسرائيلي'. وتساءل: 'أين الحكومة من البيان الوزاري الذي ينص على تحصين السيادة؟ هل التخلي عن السلاح واستسلام لبنان للكيان الإسرائيلي هو تحصين للسيادة؟'. وذكّر بالفقرة الرابعة من البيان الوزاري التي تقول إن الدولة مسؤولة عن الدفاع عن حدودها وردع المعتدي، متسائلًا: 'أين الردع؟ أين حماية المواطنين؟ أين الدفاع عن الحدود؟ إن كنتم عاجزين، لا تزيدوا على أنفسكم. وإن كنتم غير قادرين، فلنبنِ خطة تمنح الجيش القدرة العسكرية والبشرية لمواجهة أي عدوان'. المقاومة ميثاقية وطالب سماحته بخطة دفاعية واضحة تتيح للجيش ردع الاعتداءات، مذكرًا بأن 'ثمانية أشهر مرّت من دون ردع حقيقي'، مضيفًا أن الفقرة الخامسة من البيان الوزاري، المأخوذة من وثيقة الوفاق الوطني (الطائف)، تنصّ على 'اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي'، متسائلًا: 'أين هذه الإجراءات؟ وأين الأعمال التي تثبت أن لدى الدولة القدرة على مواجهة العدو الإسرائيلي؟'. وشدد سماحته على ضرورة أن تضع الدولة خططاً واضحة لمواجهة التهديدات والضغوط، وتأمين الحماية بدلاً من تجريد المواطنين والمقاومة من عناصر قوتهم، معتبراً أن هذه القوة هي التي تمكّن لبنان من المطالبة بحقوقه، والمقايضة، والثبات، والمواجهة، وتحرير الأرض، وتحقيق السيادة الحقيقية. الجرحى اهل ايمان وبصيرة ونموذج لا يهزم وتوقف الشيخ قاسم عند ما وصفه بـ'النماذج العظيمة من الجرحى الذين يُعدّون شهداء أحياء'، مشيراً إلى أن بعضهم رغم فقدانه البصر، يسعى للتخصص في الذكاء الاصطناعي وحقق نجاحاً متقدماً في امتحانات الشهادة الرسمية، كما أن آخرين اختاروا دراسة علم النفس لخدمة الناس، مؤكداً أن 'هؤلاء الجرحى هم مصدر فخر، وهم من يُكملون المسيرة'. وأضاف: 'كل واحد من هؤلاء لديه راية مختلفة، لكن يجمعهم العزم والإيمان والصلابة. الجرحى ليسوا خارج المعركة، بل هم في قلبها، ويواصلون العطاء'. وتابع :'ايها الشهداء الاحياء ، ايها الجرحى لديكم ايمان وبصيرة وانتم نموذج لا يمكن ان يهزم'. واضاف:'جرحى 'البايجر' وكل الجرحى هم أصحاب بصيرة وأصحاب عزم وبقمة العطاءات والعزيمة وحققوا نجاحات في الامتحانات الرسمية'. وأكد الشيخ قاسم أن 'المقاومة لا تقتصر على حزب الله وحركة أمل، بل تشمل أحزاباً وقوى وشخصيات من مختلف الطوائف والأفكار، علمانيين، مؤمنين، شيوعيين وغيرهم، وهؤلاء جميعاً يشكلون رصيد المقاومة الكبير'. وأضاف 'عدونا لم يحقق أهدافه بعد، وهو ليس مطلق اليد. لا تسمحوا له أن يحقق ما فشل فيه عبر الهزيمة النفسية. نحن لسنا مهزومين. قولوا لكل من يضغط عليكم: راجعوا المقاومة. نحن باقون، صامدون، وسننتصر بإذن الله، وستبقى المقاومة، مع الجيش والشعب، في الميدان، ونحن جماعة هيهات منا الذلة'. وأوضع الشيخ قاسم ان'لبنان لا يستقر إلا بجميع أبنائه، وليس بإعطاء فئة على حساب فئة أخرى، ولا فئات على حساب فئات أخرى'، مشدّدًا على أن 'لبنان المستقر، الواحد والموحد، يجب أن تتجسّد فيه الدولة بكل مكوناتها، ومن ضمنها المقاومة، كجسم واحد، فلا يوجد فريق باسم الدولة وآخر باسم المقاومة، بل إن المقاومة جزء من تركيبة الدولة'. وأضاف الشيخ قاسم: 'اعلموا أننا متفاهمون ومتعاونون، ولا صحة لما يُشاع عن وجود خلاف بين حزب الله وحركة أمل. على العكس، نحن كالسمن والعسل، متفاهمون، وعلى قلبكم مجتمعون'، '، في إشارة إلى ثبات العلاقة بين الطرفين رغم ما يُثار من محاولات التشكيك.'. وأكد أن 'أحدًا لا يملك أن يُمارس التهويل علينا'، مضيفًا: 'من يمتلك الشرف والمقاومة لا يمكن إلا أن يكون صاحب عزّة وأنفة، يحافظ على قوته وعلى شعبه'. وحذّر الشيخ قاسم من أن المعركة الدائرة اليوم تمسّ الكيان الوطني بأسره، قائلًا: 'اعلموا أن هذه المعركة، إما أن يفوز فيها لبنان، كل لبنان، أو أن يخسر فيها لبنان، كل لبنان. لا يمكن لفريق أن يربح ولفريق آخر أن يخسر، بل كلنا نربح معًا أو نخسر معًا. ونحن على قناعة تامة بأننا قادرون على أن نربح معًا'. وأضاف: 'عندما يبدأ دعاة الفتنة وبعض الانهزاميين بالتحرك، محاولين خلق مشاكل وتعقيدات، وتسخير لبنان لمصلحة الأجنبي، فذلك يعني أنهم يتسببون بخسارة لبنان'. وأردف: 'من يُغلّب مصلحته الخاصة المتقاطعة مع المصلحة الإسرائيلية، هو المسؤول عن أي ضرر يلحق بلبنان'. ورأى سماحته أن 'العدوان هو المشكلة، وليس السلاح'، داعيًا إلى 'حل مشكلة العدوان أولًا، ثم مناقشة موضوع السلاح لاحقًا'، مؤكّدًا أن 'الحل يكون بامتلاك أسباب القوة، لا بالتخلي عنها'. وشدّد على أن 'الاعتماد يجب أن يكون على الله وعلى الشرفاء، لا على الذئب الطاغي الأميركي وزبانيته'، مضيفًا: 'يجب أن نكون كالأسود لعبور هذه المرحلة، لا أن نعجز أنفسنا فنكون كالحملان، فنُؤكَل ولا يبقى لنا أثر'. وختم الشيخ قاسم كلمته بتلاوة الآية الكريمة: 'يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا، واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين'. وأكد في الختام أن 'الوطن يواجه اليوم وصاية أجنبية، وتغوّلًا أميركيًا عربيًا، وتنمرًا داخليًا'، معتبرًا أن 'هذه المرحلة هي من أخطر مراحل استقلال لبنان، لكننا أقوى بالاستقلال، وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وبالوحدة الوطنية، وهذا هو ما سنواصل العمل عليه'. المصدر: موقع المنار