
عندما قارع سيدني بولاك الاستخبارات الأميركية
ووترغيت وأخواتها
ففي تلك السنوات التي شهدت ظهور ما سيسمى "هوليوود الجديدة"، وثورة أصحاب اللحى (كوبولا وسكورسيزي وسبيلبيرغ ودي بالما وميليوس ولوكاس، ورفاقهم)، وتحت وقع تطورات سياسية منها حرب فيتنام ووقوف المبدعين والشباب الأميركيين ضدها، ثم اندلاع فضيحة ووترغيت، والتأثر بمايو (أيار) 1968 الأوروبي واحتفالات الموسيقى الثورية الصاخبة، وصراعات الأجيال وما ينتج من ذلك، كان لا بد للسينما أن تتأثر وتفلت من عقالها غير موفرة أي شخص أو أي جهاز من تنديدها وضروب فضحها، ولا سيما خلال عهد الرئيس ريتشارد نيكسون الذي أدى به سوء الحكم إلى مبارحة البيت البيض مهاناً، وفي طريقه فتح الأبواب مشرعة لفقدان الحكم الأميركي هيبته ومكانته لمرة نادرة حتى ذلك الحين، في تاريخه.
وهكذا راحت، في الجانب الذي يعنينا هنا تظهر أفلام ما كان من شأنها أن تظهر لولا ذلك. ونكتفي هنا بذكر عدد قليل منها، مثل "المحادثة" لكوبولا و"بارالاكس فيو" لباكولا و"رجال الرئيس" لباكولا أيضاً، و"رجل الماراتون" لشليسنجر.
وفي السياق لا بد من أن نشير إلى أن "أيام الكوندور الثلاثة" يبقى من أكثر هذه الأفلام حضوراً في الذاكرة إلى جانب "المحادثة"، من دون أن يعني ذلك أن مخرجه سيدني بولاك كان أكثر جرأة، لكنه كان أكثر حرفية وهوليوودية، بالتالي لفت الأنظار بفيلمه، من موقع الاستغراب لا أكثر، بحيث يمكن القول إن أيقونية هذا الفيلم أتت من كونه لم يكن متوقعاً من ناحية أن مخرجه كان هوليوودياً كلاسيكياً، أي بعيداً من أية رغبة في المشاكسة حتى وإن كان سيحقق في مساره أفلاماً عدة ستجعل له مكانة بين المشاكسين، من دون أن يكون مشاكساً حقاً. فهو في نهاية الأمر لم يكن استفزازياً ككوبولا ولا شديد الغضب كسكورسيزي، وربما يعود ذلك إلى أنه لم يكن إيطالي الأصل مثلهما ومثل معظم أبناء تيارهما الملتحي. وربما يتفرد "أيام الكوندور الثلاثة" بمكانة تجعله دائماً "بين بين". حتى وإن كانت الأجهزة الاستخباراتية الأميركية لن تغفر له أبداً...
تهديدات داخل المؤسسة
يدور الفيلم من حول فرد عادي يدعى جوزيف تورنر يعمل ملتحقاً بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كمترجم وقارئ من مهامه أن يفك الشيفرة معتمداً على موهبة أدبية لم تحقق له في السابق أي نجاح، وعليه الآن، كي يتمكن من العيش "بكرامة"، أن يرضى بما قسم له في مؤسسة ضمته من ناحيتها، وربما بسبب عاديته البينة، إلى فريق عمل غامض إلى حد كبير. غير أنه يحدث ذات يوم، في الفيلم طبعاً، أن مجموعة من قتلة مجهولين تتمكن لأسباب غامضة من الإجهاز على رفاقه في الفريق، وراحت تطارده هو بدوره من دون أن يدرك شيئاً عما يأخذونه عليه أو ما هي دوافعهم لملاحقته، بل حتى دون أن يدرك حقاً أو يفهم ما إذا كانوا أصلاً من أهل "المؤسسة" أو أعداءً لها. والحقيقة أن الأحداث التي يتابعها المتفرج لا تنتهي على توضيح ما يحدث، بل هي تكتفي بمتابعة المطاردة التي تحاصر جوزيف تورنر من كل الجهات، حتى وإن كان سيتبين، ولكن دائماً بالصورة نفسها البالغة الغموض، أن المطاردين لا يمكن أن يكونوا بعيدين حقاً عن نفس الجهاز الاستخباراتي الذي ينتمي إليه بطلنا، لكننا لا نحن ولا هو نفهم لماذا، إذا كان الأمر كذلك، تحتاج "المؤسسة" إلى التخلص منه هو الذي سيقنعنا تماماً بأنه لا يعرف ما يعتقد مطاردوه أنه يعرفه. والحقيقة أن هذا الجانب العبثي من الحكاية برمتها، كان هو ما اجتذب المنتج الإيطالي دينو دي لورنتس عند بدايات اهتمامه بالإنتاج في هوليوود، لا الجانب السياسي، ما اجتذبه إلى تلك الرواية التي كانت قد صدرت قبل فترة للكاتب جيمس غريدي بعنوان أدبي هو "أيام الكوندور الستة" لتخفيف الأيام إلى ثلاثة لدى الاقتباس السينمائي من دون إحداث كثير من التبديلات الأخرى.
ولعل ما يجب الإشارة إليه هنا هو أنه لا المنتج ولا المخرج كانا وباعترافهما، يتوخيان تحقيق فيلم سياسي، أو حتى ذي أهداف سياسية ولو غامضة. كانت الرغبة المشتركة أن يحققا فيلم مغامرات وتشويق على طريقة هيتشكوك، فإذا بالفيلم يفلت من بين أيديهما ليتخذ بعده السياسي ويتحول إلى تلك الأيقونية التي ارتبطت به.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لمسات سيد التشويق
والحقيقة أن الفيلم، إذا كان النقد الأوروبي أول من ضمه إلى السينما السياسية الاحتجاجية، على غير إرادة منتجه ومخرجه، فإن النقد الأميركي سيتأخر في إلحاقه بتلك السينما مفضلاً قبل ذلك أن يسبغ عليه سمعة هيتشكوكية كان من شأنها أن ترضي ذاك الذي يعتبر دائماً سيد التشويق في السينما الأميركية والعالمية، أي الفريد هيتشكوك نفسه الذي كان اعتاد خلال تلك السنوات الأخيرة من عمره، الشكوى من أنه سيرحل عن السينما والعالم من دون أن يترك وريثاً، نقل عنه البعض أنه، تحديداً من خلال فيلم سيدني بولاك هذا، قد عثر... أخيراً على الوريث المنشود، حيث "عرف هذا السينمائي الشاب كيف يجمع في هذا الفيلم الذي استمتعت به كثيراً، التشويق إلى الجاسوسية والجريمة إلى المغامرات والمطاردة". والحقيقة أن نقل هذه التصريحات عن هيتشكوك أفرح سيدني بولاك كثيراً، لكن النقاد ونخبة المتفرجين لم يوافقوا على ذلك، بل أمعنوا في تسييس "أيام الكوندور الثلاثة" إلى أقصى الحدود.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 6 ساعات
- الرجل
"لا أرغب أن أموت في موقع التصوير".. مايكل دوجلاس يطوي صفحة التمثيل
في لحظة مصارحة نادرة، أعلن النجم الأمريكي مايكل دوجلاس خلال مشاركته في مهرجان كارلوفي فاري أنه لا يعتزم العودة إلى التمثيل، بعد ستة عقود من العمل، مؤكدًا أن وقته الآن مكرّس للحياة الشخصية والصحة. لم يكن المشهد مجرّد وقفة تكريمية لأحد أبرز أفلام السينما العالمية، بل لحظة مفصلية في مسيرة مايكل دوغلاس Michael Douglas)، الذي اختار منصة مهرجان Karlovy Vary السينمائي ليضع حدًا لمسيرة امتدت قرابة ستين عامًا. وخلال حديثه إلى الصحافة بمناسبة عرض نسخة مرممة من فيلمه الشهير One Flew Over the Cuckoo's Nest، فاجأ دوجلاس الجمهور بإعلان توقفه عن التمثيل، قائلاً: "لم أعمل منذ عام 2022 عمدًا، لأنني أدركت أنني بحاجة إلى التوقف. لقد عملت بجد طوال عمري، ولا أريد أن أكون من أولئك الذين يسقطون موتى على موقع التصوير". وأضاف بنبرة حاسمة: "لا أقول إنني متقاعد رسميًا، فلو عُرض عليّ عمل استثنائي قد أعود، لكن بخلاف ذلك، لا نية لديّ للعودة". نظرة إلى الوراء.. وقلق من الحاضر دوجلاس الذي يبلغ اليوم ثمانين عامًا، لم يكتفِ بالحديث عن الماضي، بل أبدى قلقًا عميقًا بشأن الحاضر، سواء من الناحية السياسية أو الصحية، فتحدث عن تجربته مع سرطان الحلق في مرحلته الرابعة، واصفًا إياها بأنها "ليست نزهة"، مضيفًا: "لم يكن أمامي الكثير من الخيارات، فخضعت للعلاج الكيميائي والإشعاعي، وكان البديل هو جراحة كانت ستؤثر على النطق وتؤدي إلى إزالة جزء من الفك، وهو أمر مدمّر لممثل". وفي الشأن العام، لم يُخفِ دوجلاس قلقه حيال ما آلت إليه السياسة في الولايات المتحدة، معتبرًا أن "المثالية التي كانت تميز أميركا قد اندثرت"، وقال: "الديمقراطية ثمينة وهشة، وما نراه اليوم هو أن السياسة باتت وسيلة للربح لا للخدمة". عودة دوجلاس إلى كارلوفي فاري جاءت بمناسبة مرور خمسين عامًا على عرض فيلم One Flew Over the Cuckoo's Nest في المهرجان، وهو الفيلم الذي أنتجه بالتعاون مع المخرج التشيكي ميلوش فورمان. وقد انضم إليه في الحدث منتج الفيلم بول زانتز وأفراد من عائلة فورمان، في لحظة وفاء نادرة لصانع الصورة. واسترجع دوجلاس ذكرياته قائلاً: "كان المهرجان لا يزال في بداياته، وكان فورمان يراه حدثًا مهمًا لبلده. أتذكر أننا قضينا وقتًا رائعًا هنا. من النادر أن نحتفي بفيلم بعد خمسين عامًا من عرضه، لكنه كان فيلمًا استثنائيًا بحق". واختتم دوجلاس ظهوره بتصريح شخصي لافت، قال فيه: "لدي مشروع صغير لفيلم مستقل أبحث له عن سيناريو جيد، لكن في الوقت الحالي، ومن باب الحفاظ على زواج سعيد، أنا سعيد بلعب دور الزوج إلى جانب كاثرين".


مجلة سيدتي
منذ 8 ساعات
- مجلة سيدتي
براد بيت يكشف سبب عدم إنتاج فيلم Ford v Ferrari الذي كان سيجمعه بـ توم كروز
تحدث النجم العالمي براد بيت عن السبب الذي منع تعاونه مع النجم توم كروز في فيلم سينمائي تم تقديمه فيما بعد بالدراما الرياضية عام 2019، وجاء من بطولة مات ديمون، كريستيان بيل، خلال مُقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال"، تم نشرها خلال الأيام الماضية، حيث أوضح أنه كان من المقرر أن يشارك في بطولة فيلم "Ford v Ferrari" أمام توم كروز، إلا أن المشروع فشل لأسباب تتعلق بالميزانية. براد بيت يتحدث عن تعاونه مع توم كروز في السينما وقد أوضح النجم العالمي براد بيت أنه كان من المُقرر أن يُجسد بطولة فيلم Ford v Ferrari بمُشاركة النجم العالمي توم كروز منذ عشر سنوات، ولكن تم تقديمه بعد ذلك بفريق عمل آخر، وجعلوه فيلماً رائعاً. وكشف النجم براد بيت بعض تفاصيل الفيلم، والذي كان من المُقرر إنتاجه بأنه كان سيُجسد خلال أحداث الفيلم شخصية "كين مايلز"، فيما كان سيجسد النجم توم كروز شخصية "شيلبي"، كما تحدث عن أحدث أفلامه "F1"، قائلاً إنه غير متأكد من تقديم جزء ثانٍ منه، ولكنه سيحاول في ذلك. Brad Pitt Reveals Why His Version of Ford v Ferrari Starring Alongside Tom Cruise Never Got Made — People (@people) July 4, 2025 براد بيت وتوم كروز يجتمعان خلال عرض فيلم F1 يُذكر أن نجميْ هوليوود توم كروز وبراد بيت خطفا الأضواء، في خطوة مفاجئة أسعدت عشاق السينما وعالم سباقات الفورمولا 1 على حدٍ سواء، عندما انضم توم كروز إلى النجم براد بيت خلال العرض الخاص لفيلم F1. وقد شارك الحساب الرسمي لفورمولا 1 وحساب الفيلم "F1" على "إنستغرام" العديد من الصور التي التقطها المصورون للنجميْن براد بيت وتوم كروز، ظهرا فيها وهما يحتضنان بعضهما البعض بحرارة. كما شوهدا يضحكان ويتبادلان أطراف الحديث في مقاطع فيديو من قلب الحدث، جاء أحدهم مع تعليق: "لحظة فاجأنا فيها توم كروز على السجادة الحمراء لفيلم F1TheMovie!". View this post on Instagram A post shared by FORMULA 1® (@f1) يُمكنكم قراءة حوار خاص: لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي». وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».


الرجل
منذ 11 ساعات
- الرجل
أسرار جسد سوبرمان الجديد.. هل خدعنا ديفيد كورينسويت؟
في زمن تسود فيه الشكوك حول كل ما هو "مثالي"، قرر النجم الأمريكي ديفيد كورينسويت أن يُقدّم نسخته من شخصية سوبرمان بأسلوب مختلف تمامًا؛ بعيدًا عن الهرمونات أو المنشطات التي ارتبطت بأجساد الأبطال الخارقين في هوليوود. ففي تصريحات حديثة، أكد كورينسويت أن تحوله الجسدي لشخصية سوبرمان كان طبيعيًا بالكامل. وقال: "كنت مصممًا على أن أتحول دون منشطات، ودون أن أدمّر نفسي"، مشيرًا إلى أنه اعتمد على نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية، لا سيما من خلال المشروبات العالية البروتين والدهون الصحية، لتلبية احتياجاته اليومية من العناصر الغذائية. تمرين شاق ونوم عميق ولتحقيق هذا الهدف الطموح، استعان كورينسويت بالمدرب باولو ماسكيتي Paolo Mascitti الذي وصفه بـ"الملتزم لأقصى درجة"، مؤكدًا أن النجم الشاب "بذل جهدًا خارقًا" في التمارين. وكان روتينه اليومي يشمل جلسات تمرين تستمر ساعتين ونصف، يليها نوم قهري لمدة ساعتين، فضلًا عن نوم ليلي لا يقل عن تسع ساعات. اقرأ أيضًا: سفير أوميجا إيدي ريدماين يلفت الأنظار بأناقته الكلاسيكية في ويمبلدون من بين التمارين التي اعتمدها كورينسويت لبناء كتلة عضلية متوازنة: تمارين السحب بالكابل، السكوات الخلفي، الرفرفة الجانبية بالأوزان، وتمارين عضلات الأرجل الخلفية. كما خضع لتدريبات خاصة بالطيران عبر الأسلاك لمحاكاة مشاهد التحليق، واصفًا تلك التجربة بأنها "فن قائم بذاته، لكنه غير بديهي على الإطلاق". ورغم إشادة المتابعين بالتغيّر الكبير في بنيته الجسدية، أصرّ كورينسويت على توضيح أمر بالغ الأهمية: "لم أزد 40 رطلًا من العضلات كما يشاع. هذه مبالغة واضحة"، مشيرًا إلى أن وزنه تراوح خلال فترة التصوير ما بين 11 إلى 13 كيلو غرامًا زيادة عن وزنه الأصلي، ومع ذلك فقد بعض هذه الكتلة أثناء تصوير مشاهد القتال. ومن المنتظر أن تُعرض نسخة كورينسويت من فيلم "سوبرمان" في دور العرض العالمية بتاريخ 11 يوليو المقبل، حيث يترقب الجمهور رؤية ما وصفه البعض بـ"أكثر تحول واقعي وطبيعي في تاريخ الشخصية".