
تحديات أمنية تواجه مشروع المغرب لربط الساحل الأفريقي بالأطلسي
أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس المشروع في خطاب عام 2023 جاء فيه: "نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي"، الذي يمتد على سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو.
تهدف الرباط بذلك إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية وفي نفس الوقت إعطاء دفعة أقوى للتنمية في الإقليم المتنازع عليه، الأقرب جغرافيا لبلدان الساحل.
يأتي طرح المشروع في ظل تحولات في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر المصنفة من دول الساحل الأفريقي، وهي بلدان غنية بالموارد الطبيعية تشكل تحالفا فيما بينها وتحكمها أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة إثر انقلابات بين عامي 2020 و2023 وتقاربت مع روسيا بعد تخليها عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.
ووسط هذه التحولات اتخذ الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) قرارات زادت من عزلة البلدان الثلاثة.
وقال وزير خارجية النيجر باكاري ياوو سانغاري عقب استقباله رفقة وزيري خارجية بوركينا فاسو ومالي من قبل الملك محمد السادس في الرباط نهاية أبريل/نيسان إن المغرب كان "من أول البلدان التي وجدنا لديها تفهما في وقت كان تجمع إكواس وبلدان أخرى على وشك شن حرب علينا".
وأعرب الوزراء الثلاثة يومها عن التزام بلدانهم "بتسريع" تنفيذ المشروع.
مثلث
شكلت هذه الدول الثلاث في سبتمبر/أيلول 2023 تحالف دول الساحل.
تعتمد البلدان الثلاثة حاليا على موانئ في عدة بلدان من إكواس (بنين وتوغو والسنغال وساحل العاج وغانا)، لكن توتر علاقاتها مع هذه المجموعة يمكن أن يهدد وصولها إلى مرافئها.
وتعيش كذلك توترا على حدودها الشمالية مع الجزائر.
إلى هذا السياق تضيف الباحثة في الجامعة الدولية للرباط بياتريس ميزا أيضا "فشل" العمليات الأوروبية خلال الأعوام الأخيرة في المنطقة على غرار عملية برخان.
وترى أن المغرب، الذي يشكل ما يشبه "مثلثا" مع أفريقيا والغرب، بصدد "الاستفادة من تلك الإخفاقات من خلال تقديم نفسه كشريك موثوق لأوروبا" وأفريقيا على حد سواء.
لكن وبعد اعلان هذا المشروع يبقى السؤال عن مدى الجدوى والتمويل.
"مراحل يجب قطعها"
من المحتمل أن تسهم الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية في تمويل المشروع، وفق تقرير لمجلة "أفريك أون موفمون" المغربية المتخصصة، وهي دول أعلنت رسميا تأييدها للفكرة.
وسيكون عبارة عن شبكة طرق تربط كلا من تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا بالمغرب، وسيكلف شقها نحو مليار دولار، بحسب رئيس المعهد المغربي للذكاء الإستراتيجي عبد المالك العلوي.
حتى الآن لا يزال المسار المفترض لهذه الطرق غير واضح إذ تبعد تشاد عن المغرب نحو 3 آلاف كيلومتر، وتبدو أيضا "أقل انخراطا نوعا ما في المشروع" مقارنة بالتحالف الثلاثي، وفق رئيس المركز الدولي للدراسات والتفكير حول الساحل، صديق أبا.
ويضيف الخبير النيجيري، صديق أبا "لا تزال ثمة مراحل يجب قطعها" على طريق تنفيذ المشروع، ما دام أن "شبكة الطرق أو السكك الحديدية غير موجودة حاليا"، مشيرا أيضا إلى قلة عدد السيارات في بلدان المنطقة.
ووفقا لرضا اليموري من "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، فإن "طريقا بريا جديدا" بين المغرب وموريتانيا أصبح "قريبا من الإنجاز"، وتعمل نواكشوط على أراضيها لضمان استمرارية الممر.
لكن مشروع الطرق يعتمد بشكل أساسي على الأمن في الساحل، بحسب العلوي، لأنه "إذا حدثت مناوشات، فبحكم الأمر الواقع، تتوقف أعمالك"، علما بأن المنطقة تعاني من هجمات جهادية مستمرة.
وأما في ما يتعلق بالتصدير والاستيراد، فسيكون ميناء "الداخلة الأطلسي" المستقبلي، وهو ميناء أعماق صُمم في إطار ديناميكية تطوير الصحراء الغربية، متاحًا لخدمة المبادرة المغربية.
وتم إطلاق هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 1.2 مليار يورو (1.4 مليار دولار) في نهاية عام 2021، ويقع في العركوب في قلب المنطقة، واكتمل بنسبة 38%، على أن يدخل حيّز التشغيل في عام 2028.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
قرار تاريخي للجمعية الدولية.. إدانة الجامعات الإسرائيلية لدعم الإبادة الجماعية
في سابقة على المستوى الأكاديمي الدولي، قررت "الجمعية الدولية لعلم الاجتماع International Sociology Association" (ISA)"، هذا الأسبوع، تعليق عضوية الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع. وجاء في نص قرار اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لعلم الاجتماع، الذي تم اعتماده في 29 يونيو/حزيران المنقضي: "تُجدد الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) تأكيدها على أنها، في إطار موقفها العلني ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة، لا تربطها أي علاقات بالمؤسسات العامة الإسرائيلية". وأضاف: "نأسف لعدم اتخاذ الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع موقفًا واضحًا يدين الوضع المأساوي في غزة. في قرار يعكس خطورة الوضع الراهن الفائقة للعادة، قررت اللجنة التنفيذية تعليق العضوية الجماعية للجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع (ISS)". وارتبط القرار بتنظيم المنتدى الخامس لعلم الاجتماع التابع للجمعية الدولية، الذي يتم بالتناوب مع مؤتمر الجمعية، والذي تقرّر عقده في العاصمة المغربية الرباط، في الفترة من 6 إلى 11 يوليو/تموز الجاري. كما يأتي القرار بعد "بيان التضامن مع الشعب الفلسطيني" الذي أصدرته الجمعية الدولية في 13 مايو الماضي، وأدانت فيه "الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في إسرائيل التي لعبت دورًا محوريًا في نظام إسرائيل الاستعماري الاستيطاني ونظام الفصل العنصري، بما في ذلك صلاتها بالمخابرات العسكرية، ومحاولات قتل المعرفة، ومحاولات قتل المدارس". ودعت الجمعية، في ذات البيان، إلى "إنهاء الإبادة الجماعية في غزة والعنف المتصاعد في الضفة الغربية، والإنهاء الكامل للاحتلال العسكري الإسرائيلي وجميع الممارسات الاستعمارية في هذه الأراضي، وكذلك في لبنان وسوريا"، و"إنهاء الظروف الشبيهة بالفصل العنصري التي يواجهها الفلسطينيون الحاملون للجنسية الإسرائيلية؛ وتهيئة الظروف التي تُمكّن من عودة اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك ضمان حياة كريمة وقابلة للحياة عند عودتهم؛ والتوصيل العاجل وغير المقيد للمساعدات الإنسانية – مثل الغذاء والرعاية الصحية والمياه – التي تُعيقها حكومة إسرائيل حاليًا". واختتم البيان بالدعوة إلى "حماية الحرية الأكاديمية وحرية التعبير للجميع، وخاصةً لأعضاء هيئة التدريس والطلاب الذين يُجرون أبحاثًا ويُدرّسون ويتحدثون ضد ممارسات حكومة إسرائيل العنيفة، سواء داخل إسرائيل أو عالميًا". وتعدّ الجمعية الدولية لعلم الاجتماع أهم جمعية في العلوم الاجتماعية على مستوى العالم، تأسست سنة 1949 تحت إشراف اليونسكو، وتضم في عضويتها أكثر من 167 دولة، وقد انضمت إليها الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع سنة 1967. ساري حنفي: يجب دعم حركة المقاطعة وفي حديث للجزيرة نت، أفاد الأكاديمي الفلسطيني والرئيس السابق للجمعية الدولية لعلم الاجتماع، الأستاذ الدكتور ساري حنفي، بأن الأشهر الماضية شهدت محاولات متواصلة ليس فقط للمطالبة باعتبار الحرب على غزة حرب إبادة جماعية، والاعتراف بطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي بوصفه استعمارًا إحلاليًا ونظام أبارتايد، بل كذلك لاعتماد موقف صريح بدعم حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS). "مع الأسف، قوبل هذا المسعى بالرفض، حيث لم يتم تبني البيان الذي قمت بصياغته باسم مجموعة "سوسيولوجيون من أجل فلسطين"، وهي مجموعة قمنا بتأسيسها خصيصًا لهذا الغرض. وبعد مرور شهر من الانتظار، حظي البيان بالموافقة على مجمل بنوده، باستثناء الفقرة المتعلقة بـ BDS"، يقول حنفي، مضيفا: "بناءً عليه، تواصلتُ مع عدد من رؤساء الجمعية السابقين، إلى جانب نوابها، وطلبتُ منهم التوقيع على البيان، في محاولة لممارسة ضغط مباشر على اللجنة التنفيذية للجمعية. غير أن هذا المسار لم يفضِ إلى النتيجة المرجوة". وأكد أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ببيروت، أن ما أحدث الفارق الحاسم في هذا السياق كان الضغط المنسّق الذي مارسته حركة BDS في كيبيك، إضافة إلى الطرف المغربي، وتحديدًا حركة "BDS المغرب". هذا الضغط ساهم في دفع إدارة الجمعية إلى عرض المسألة على اللجنة التنفيذية، التي أقرّتها لاحقًا بأغلبية ساحقة، عقب إدراكها لخطورة التهديد بمقاطعة المؤتمر العالمي المزمع عقده في مدينة الرباط المغربية. واعتبر حنفي هذا التطوّر إنجازًا مهمًا، وإن لم يكن كافيًا في ظل طبيعة التحديات المطروحة: "نطمح في المرحلة المقبلة إلى مواصلة العمل باتجاه وضع معايير واضحة لمشاركة الأفراد والمؤسسات في المؤتمرات الدولية، بحيث يُشترط رفض أي شكل من أشكال الاستعمار، والاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ونأمل أن يُعتمد هذا الإطار بعد اختتام المؤتمر". ورجّح حنفي أن يُتخذ قرار جماعي خلال المؤتمر بمقاطعة أي ورشة عمل تُشارك فيها جهات إسرائيلية، علمًا بأن المؤتمر يضم نحو 4500 مشارك، ويتضمن برنامجًا يمتد لستة أيام، يشمل ما يقارب 60 ورشة عمل تُعقد بالتوازي. "سنعمل على الامتناع عن حضور الورشات التي تشهد مشاركة إسرائيلية"، يؤكّد حنفي، الذي نوه بالدور المهم الذي اضطلعت به اللجنة التحضيرية في المغرب، والتي أعلنت بوضوح رفضها استقبال أي وفد إسرائيلي، "وهو موقف مبدئي يُعد ذا أهمية بالغة في سياق مقاومة مسار التطبيع المتسارع الذي نشهده في المغرب"، يخلص الأكاديمي الفلسطيني. بوطقوقة: قرار تاريخي ضد "التواطؤ" وازدواجية المعايير أما الدكتور مبروك بوطقوقة، عضو اللجنة التنفيذية بالجمعية الدولية لعلم الاجتماع (وهو العضو العربي الوحيد باللجنة حاليا) فقد وصف بـ"التاريخي" قرار تجميد عضوية الجمعية الإسرائيلية، وعزا ذلك إلى عدم إدانة هذه الأخيرة بوضوح للإبادة الجماعية الجارية في غزة نتيجة للاحتلال. وأفاد أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة باتنة 1 (شرق الجزائر) بأن هذا التحرك بُني على أساس الانزعاج من ازدواجية المعايير داخل الجمعية الدولية لعلم الاجتماع: "مثلا، بمجرد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، قامت الجمعية مباشرة بتجميد عضوية الجمعة الروسية لعلم الاجتماع، وتم إلغاء اجتماع للجنة التنفيذية كان مقررا أن تحتضنه سانت بترسبورغ الروسية، وبالمقابل، في حالة العدوان الإسرائيلي على غزة، اكتفت الجمعية ببيانات باهتة.. هذه الازدواجية والكيل بمكيالين كانت المنطلق للضغط من أجل الوصول إلى قرار التجميد، حتى تكون الجمعية الدولية منسجمة مع معاييرها الداخلية في الدفاع عن الحريات الأكاديمية في العالم أجمع". وعلى غرار حنفي، أكد بوطقوقة بأن هذا القرار لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة ضغوط متراكمة من داخل الجمعية وخارجها على مدى سنوات، لا سيما بعد السابع من أكتوبر 2023. وذكّر الأكاديمي الجزائري ببيانين أصدرتهما الجمعية، الأول كان في أكتوبر 2023، مباشرة بعد اندلاع الحرب على غزة، "إلا أنّه جاء متوازنًا بطريقة تكاد تساوي بين الضحية والجلاد". ونتيجة لتصاعد الضغوط، أصدرت الجمعية بيانًا ثانيًا في وقت لاحق (يوليو 2024)، أدان بشكل أكبر ما يجري، "لكنه لم يكن بالقوة والحزم الذين كنا نأملهما". من أجل ذلك بدأ التحرك لاتخاذ موقف صارم تجاه الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع، التي بقيت صامتة لسنتين إزاء الإبادة الجماعية في غزة، وكذلك تجاه ممارسات الاحتلال. "نعتبر هذا الصمت نوعًا من "التواطؤ"، وهناك أيضًا العديد من الكتابات التي أثبتت وجود تعاون بين الجمعية وفروعها المختلفة، من جهة، والدولة الصهيونية وأجهزتها العسكرية والحكومية، من جهة أخرى"، يقول بوطقوقة، مشيدا بدور حملة مقاطعة المنتدى السوسيولوجي في الدفع إلى تبني قرار التجميد. لكن بوطقوقة يرى أن هذا القرار ليس كافيا، بل كان من المهم اتخاذ إجراءات إضافية تمنع مشاركة أي إسرائيلي في أنشطة الجمعية: "وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو غير منصف، لأن الأفراد لا يتحملون بالضرورة مسؤولية سياسات الدول التي ينتمون إليها، إلا أننا رأينا من خلال تجربة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، أن مقاطعة جميع الأنشطة، بما في ذلك العلمية والرياضية، كان لها دور كبير في إسقاط ذلك النظام. أحيانًا، قد تكون بعض الإجراءات غير عادلة بالنسبة للبعض، لكنها فعّالة على أرض الواقع". وخلص الأكاديمي الجزائري إلى أن الهدف من كل هذه المبادرات هو الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف الإبادة، التي لا تقتصر على الشكل العسكري فقط، بل تشمل الإبادة المكانية والعلمية والإبستيمية (المعرفية) كذلك. وأضاف: "نأمل أن تتبنى مؤسسات أخرى حول العالم هذا التوجّه، وأن تنتشر حركة المقاطعة بشكل أوسع لتساهم بفعالية في الضغط على هذا الكيان". السعيداني: مناهضة التطبيع قضية مركزية ولم يحد الأستاذ الدكتور منير السعيداني، العضو السابق باللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لعلم الاجتماع، عن رأي سابقيْه في أن قرار تعليق العضوية هو نتيجة لمسار طويل. وأشار عالم الاجتماع التونسي إلى مسارين: أولهما من داخل الجمعية، حينما تجمع عدد من علماء الاجتماع العرب وغير العرب منذ 2024 تحت مسمى "سوسيولوجيون عالميون من أجل فلسطين" (Global Sociologists for Palestine)، للدفع نحو تغيير الموقف شبه اللامبالي للجنة التنفيذية للجمعية الدولية لعلم الاجتماع. "من الواضح أن هذا التحرّك جاء تأثرًا بالانتفاضة التحرّرية المسلحة التي بدأت في غزة منذ أكتوبر 2023، أي أن المواجهة بين الفلسطينيين والاحتلال هي التي دفعت عددًا من علماء الاجتماع الناشطين داخل الجمعية إلى العمل من أجل تحريك هذا الجمود"، يقول السعيداني لـ"الجزيرة نت". وأشار السعيداني إلى آلية عمل الجمعية المعقدة نسبيًا، والتي تتطلب وقتًا حتى تنضج المواقف وتلقى صدى فعليًا. كما توجد محاذير كثيرة تُراعى في مثل هذه الأوضاع، خاصة وأن لجنة حقوق الإنسان داخل الجمعية هي الجهة المسؤولة عن هذه المسائل. وتتعامل معها من منطلق أنها قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، والحرية الأكاديمية، وأخلاقيات البحث العلمي، إذ يجب ألا ننسى أن الجمعية هي بالأساس جمعية علمية. ويضيف أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس أن الزخم الداخلي مرتبط أيضًا بسياقات سابقة، إذ بدأ الحضور العربي في الجمعية يبرز بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، بتولي مناصب عليا داخل الجمعية، لاسيما في لجنتها التنفيذية وفي رئاستها. وتزامن هذا الزخم الداخلي مع زخم عالمي أثّر في الكثير من العاملين في العلوم الاجتماعية والإنسانية حول العالم، ودفعهم إلى رفض حرب الإبادة والتجويع التي يشنها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين. ولاحظ السعيداني أن بيانات اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لعلم الاجتماع تتقدم تدريجيًا نحو مواقف داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وكان أفضلها البيان الصادر شهر مايو الماضي. كما لاحظ، بخصوص تنظيم منتدى علم الاجتماع بالرباط، وجود توجّه واضح، منذ أشهر، لدى العلماء الاجتماعيين في المغرب نحو رفض المشاركة الإسرائيلية بشكل علني، وهو ما تجلى أكثر في الأسبوع الأخير، بعد أن أصدرت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) بيانًا دعت فيه إلى مقاطعة المنتدى، إذا لم تُحترم مجموعة من الشروط، من بينها إلزام المشاركين الإسرائيليين بالإعلان الصريح عن إقرارهم بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق العودة، وتصريحهم بأنهم لا يشاركون في السياسات الإسرائيلية الاستيطانية، والطرد القسري، والإبادة، وغيرها من الانتهاكات. ودعا السعيداني إلى استخلاص دروس منها "أن النضال يؤتي ثماره دائمًا، وأن قضية مناهضة التطبيع هي قضية مركزية، ويجب أن تبقى كذلك، لا فقط داخل الحقل الأكاديمي بل في مجال البحث العلمي عمومًا، لا سيما في العلوم الإنسانية والاجتماعية، الأقرب بطبيعتها إلى مثل هذه القضايا". وأضاف الأكاديمي التونسي: "هذا القرار يمثل انتصارًا حقيقيًا يجب أن نُقدّره حقّ قدره. وبحكم خبرتي الطويلة داخل الجمعية، أعلم تمامًا أن اتخاذ مثل هذا القرار ليس بالأمر السهل. فهناك تيار قوي يعارض هذه القرارات داخل الجمعية، وهي جمعية، للأسف، لم تتخلّ بعد عن مركزيتها الأوروبية وعن الرؤية السائدة فيها، التي تتّسم أحيانًا بنزعة استعلائية، قد تُوصَف بالاستعمارية بشكل واضح، خاصة في دفاعها المستميت عن إسرائيل وعن كل من يدافع عن إسرائيل.. لذا، يمكن القول إنه انتصار مهم جدًا، وأعتقد أنها أول جمعية علمية دولية تتخذ قرارًا من هذا النوع. يجب أن نثمّن هذا القرار عاليًا، بغض النظر عن كيفية التعامل معه لاحقًا". واعتبر السعيداني أن قرار التجميد "خطوة مهمة يمكن البناء عليها.. وربما الخطوة الأهم الآن هي الدفع في اتجاه أن تحذو جمعيات علمية عالمية أخرى حذو الجمعية الدولية، فإما أن تُعلّق عضوية الجمعيات الإسرائيلية أو أن تطردها تمامًا"، معلنا صراحة أنه "مع الطرد الكامل للجمعيات الإسرائيلية من هذه الهيئات العلمية"، لأن ذلك "من شأنه أن يجعل هذه الجمعيات أكثر انسجامًا مع مبادئها المُعلنة، ومع ما تتضمّنه بياناتها الرسمية ولوائحها الداخلية، ومع القيم المتعلقة بحقوق الإنسان، والحقوق الأكاديمية، التي تزعم أنها تقوم عليها". الجامعات الإسرائيلية تدعم الإبادة الجماعية في الأخير، نشير إلى أن "الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" (PACBI)، قد دعت إلى مقاطعة المنتدى المزمع تنظيمه بالرباط، وذلك رغم ترحيبها بقرار تعليق عضوية الجمعية الإسرائيلية. وقالت الحملة في بيانها الصادر في 30 يونيو/حزيران: "ترحب الحملة بقرار الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) تعليق عضوية الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع (ISS) لعدم إدانتها الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة بحق 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل. ونحيي الباحثين (بمن فيهم علماء الاجتماع العالميون من أجل فلسطين) في الجمعية، والنشطاء، ومنظمات المجتمع المدني الذين دفع ضغطهم ودعمهم الجماعي لمطالب "الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" اللجنة التنفيذية للجمعية إلى اتخاذ هذا الإجراء الضروري، وإن كان متأخرًا للغاية، للمساءلة، بعد أكثر من 20 شهرًا من الإبادة الجماعية الإسرائيلية". وأضافت الحملة في بيانها بأن الجامعات والمؤسسات الإسرائيلية تدعم اليوم هذه الإبادة الجماعية بنشاط، ولا تكتفي بالصمت أو عدم إدانتها.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
جيوبوليتيك من الجنوب: دعوة لتحرر الوعي وبناء مشروع حضاري جديد
في كتابه الجديد "جيوبوليتيك: رؤية من الجنوب"، الصادر في أبريل/نيسان الماضي بالمغرب عن دار "مكتبة سلمى الثقافية"، لا يقدم الدكتور حسين مجدوبي ترفا نظريا أو تمرينا أكاديميا لتحليل خريطة جيوسياسية باتت متحركة ومضطربة، بل هو إعلان في جوهره. إعلان عن ضرورة فكرية، واستنهاض لوعي حضاري، وصياغة لموقف يضع "أمم الجنوب" في قلب المعادلة الدولية، لا في هامشها. إنها دعوة صريحة إلى فك التبعية الذهنية والسياسية، والتحرر من التصنيفات الجاهزة التي صدرتها مراكز القوى في الشمال بنزعة هيمنة وتفوق واضحين. كما أنها دعوة للاستقلال بالوعي عن صندوق التفكير الذي صاغت مرابعه تصورات مركزية وكولونيالية، لطالما قزمت الجنوب في خانة "التخلف"، و"اللحاق المتأخر"، و"الدونية التاريخية". لا ينكر الكتاب حجم التحديات، ولا يتجاهل واقع الانقسامات بين شعوب الجنوب، لكنه يؤمن بأن هذا التنوع، إذا ما أدير برؤية براغماتية ناضجة وحس استقلالي واضح ومقاوم، يمكن أن يتحول من عامل تفتيت إلى عامل تكامل وبناء. فما يجمع شعوب الجنوب أكثر مما يفرقها: من ذاكرة استعمارية مشتركة، إلى واقع اقتصادي هش، وطموح نحو الاستقلال والسيادة على القرار والمصير. وما يميط الكتاب اللثام عنه هو أن ثمة آفة تعيق الاستقلال الحقيقي، وهي آفة الوعي التي تبدأ، خصوصا عند المفكرين، بتحرير المفاهيم والتصورات من التبعية السياسية والفكرية والتداولية، بل حتى الميتافيزيقية. الجنوب كفاعل لا كمفعول به يصدر هذا العمل عن مفهوم "الجيوبوليتيك" ليس بوصفه أداة تحليل فحسب، بل كأساس لصياغة مشروع نهضوي ينبثق من خصوصيات الجنوب، ويضع مصالحه في الصدارة. ويستند الكتاب إلى المنظور التاريخي، فيرى أن الجنوب يتكون من أمم ذات تاريخ عريق، ساهمت في تأسيس الحضارة الإنسانية وعمادها، وكانت الأطول زمنا، مثل حضارة بلاد الرافدين، وحضارة الفراعنة، وحضارة اليمن، والحضارة الإسلامية، وحضارات الأزتك والمايا في جنوب القارة الأميركية ووسطها. وقد انبثقت عن هذه الحضارات أمم يستمر وجودها بصيغة أو بأخرى في حقبتنا الراهنة، وتستوحي من تاريخها القديم الزاهر والمجيد الحافز المعنوي والبوصلة الجيوسياسية لبناء المستقبل. بهذا المعنى، لا يكتفي الكتاب بتشخيص العلاقة المختلة بين الشمال والجنوب، بل يقترح تصورا حيويا لبناء تكتل إستراتيجي يضم دول الجنوب، تكتل سياسي واقتصادي وثقافي وعلمي وعسكري، قادر على الصمود في وجه الاستغلال الجديد، وعلى التفاوض الندي مع القوى الكبرى. وإلى جانب الوعي العميق والمتجذر الذي بات يسود في أوساط شعوب أمم الجنوب، بما يجعلها جديرة بحمل مشاريع الوحدة الكبرى، فإن وجود تكتلات إقليمية في العالم العربي، ومنطقة الساحل الأفريقي، وأميركا اللاتينية، والشرق الأوسط، يشكل ركيزة صلبة وانطلاقة إستراتيجية لمسار التنسيق، في أفق بلورة تنسيق متكامل وفاعل لأمم الجنوب. مشروع إستراتيجي موحد ويبقى مصطلح "أمم الجنوب"، الذي يصوغه الكاتب بخبرة تحليلية ناضجة تراكمت مع تجربته الصحفية الطويلة، وبوعي منهجي تكرس لديه مع انشغاله الأكاديمي العميق والموازي، ليس مجرد تسمية جغرافية، بل هو مفهوم تحرري ونقدي، يعيد الاعتبار لتاريخ طويل من الإسهامات الحضارية، ويقاوم التصنيفات الغربية من قبيل "العالم الثالث" أو "الجنوب المعولم" أو "الدول المتخلفة". ويرى الكاتب أن هذه المصطلحات، وإن بدت محايدة ظاهريا، فإنها مشبعة بمنطق الهيمنة، وتستبطن نزعة استعلائية صاغها الغرب لتبرير سيطرته، وتحديد مواقع القوة والضعف في العالم على هواه. وإمعانا في بث الوعي بأهمية هذه العملية الفكرية والسياسية وإستراتيجيتها داخل أي تصور تحرري، يناقش الكتاب جذور هذه التصنيفات، ويبين كيف أن بعضها -مثل "الجنوب المعولم" أو "الدول المتخلفة"- ليس إلا امتدادا لفكر ما بعد كولونيالي غير مكتمل التحرر، حيث ما زال الجنوب ينظر إليه بوصفه مساحة للتدخل، لا فاعلا مستقلا. ويبدو أن الكتاب ينبه القارئ إلى أن ثمة حاجة ملحة إلى فعل معرفي وعملي يسد الفراغ المفهومي الذي نشأ في حيز تشكل في الفراغ الممتد ما بعد الكولونيالية. وكأنه يلمح إلى تلك الحاجة إلى تصور وممارستين، فكرية وسياسية معا، تتموقع "ما بعد ما بعد الكولونيالية"، لتبدأ من هناك عملية تحرر تسودها مصطلحات تحررية متأصلة في تربة الجنوب، فبنظره، هذه مفاهيم ستقود إلى انعطافة متأصلة بخصوص مرحلة ما بعد الاستعمار، ويتعين أن تكون بمفاهيم مولدة من رحم المجال التداولي للجنوب. وعي جديد في مواجهة الهيمنة ولعل ما يلفت الانتباه كثيرا أيضا أن نرى الكتاب يقف عند مفارقة مثيرة، يقلب النظر فيها ويفحصها، ليُنتج في أعقابها وعيا بأن إدماج بعض القوى الكبرى، كروسيا والصين، ضمن "الجنوب" في بعض الأطروحات، يظل فعلا يطوي حقائق لا ترى للكثيرين. وهنا، يعيد الكاتب تموضع المفاهيم وترتيبها وفق ذلك الوعي الخفي، ليؤكد أن "الجنوب" ليس مجرد موقع على خريطة، بل هو موقع ضمن ميزان القوى العالمي. فالصين وروسيا، رغم قربهما النسبي من قضايا الجنوب، تبقيان قوتين فاعلتين ومستقلتين عنه، تتحركان بمنطق مصالحهما، لا بمنطق تكتل جنوبي تحرري. إن من أهم دعوات الكتاب تلك التي توجه إلى الجامعات والمؤسسات الفكرية في دول الجنوب للنهوض بدورها في إنتاج المعرفة الجيوسياسية. فما دام بقي الجنوب يستهلك ما ينتجه المركز الغربي من نظريات وتصورات، فلن يستطيع أن يبني تصوره الخاص عن ذاته وعن العالم. وهو بذلك يلقي حبل المسؤولية على الجامعات في مشروع التحرر، وينبه إلى دورها العظيم في عملية التحرر هذه، ويستنهض هممها لتحرير نفسها من العطالة الإنتاجية التي تغرق فيها. إذ لا يمكن تحقيق قفزة حضارية من دون امتلاك رؤية جيوسياسية مستقلة ترسخها مثل هذه المؤسسات، وتأخذ بعين الاعتبار التاريخ والهوية، كما الحاضر والمستقبل. ولا يدعو الكتاب إلى قطيعة ثقافية، بل يحث على الاستفادة من الثقافة الغربية وثقافات الصين، ولكن دون التحول إلى رهينة للتصورات التي لا تناسب الجنوب، والتي تكون أحيانا ذات حمولة سلبية لأمم الجنوب عند تبنيها وتطبيقها في شتى المجالات. ومن هنا، يقول الكتاب، تبرز أهمية عناصر مثل الإعلام، والذاكرة التاريخية، والسيادة الصناعية، والطاقات النووية السلمية، والذكاء الاصطناعي، فجميعها أدوات أساسية ضمن مشروع الاستقلال الجيوسياسي الذي يدعو إليه. ويستحضر تجارب دول متعددة، مثل الصناعة الحربية في تركيا، والإنتاج الإعلامي لقطر ممثلا في الجزيرة، والمشروع النووي لباكستان وإيران، والتوجه الأفريقي للمغرب بدل الرهان الدائم على علاقاته الغربية، وبالأساس أوروبا، وبلورة الجزائر لمفهوم الذاكرة التاريخية لمحاسبة فرنسا عن حقبة الاستعمار. وارتباطا بالنقطة الأخيرة، يعمد الكاتب إلى ربط الماضي بالحاضر، ويعتبر في الفصل المعنون بـ"حرب الذاكرة التاريخية" أنه مقابل افتخار الغرب بحمل رسالة حضارية للشعوب عبر عملية الاستعمار، وهو تزيين للاستعمار، على الجنوب بلورة خطاب موحد يطالب بالتعويض المادي عن العقود الطويلة من نهب ثروات أمم الجنوب وقتل شعوبها. ويربط هذا بضرورة أن يكون استخلاص هذا التعويض عبر وقف سداد جزء كبير من الديون التي يعاني منها الجنوب، والتي تحولت إلى استعمار جديد غير مباشر. الفيتو الغربي: خطوط حمراء في وجه نهضة الجنوب ومن ضمن الفصول الثاقبة في الكتاب، يبرز فصلا " الطاقة النووية" و"صناعة السلاح". ويوضح في الأول كيف أن للغرب عقيدة جيوسياسية تتمثل في منع أمم الجنوب من امتلاك مشاريع نووية، حتى لو كانت سلمية أو موجهة نحو تحلية المياه. ويرى المؤلف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمثل أداة في يد الغرب شبيهة بـ"سيف ديموقليس"، لا تهدف إلى تنظيم الاستخدام السلمي للطاقة النووية بقدر ما تسخر لمنع دول الجنوب، خصوصا تلك المنتمية إلى ثقافات مغايرة كالدول العربية والإسلامية، من امتلاك هذه التكنولوجيا. ويبرز وجود قلق غربي واضح إزاء تطور صناعات حربية متقدمة في بعض دول الجنوب مثل تركيا وإيران وباكستان. وفي هذا السياق، يشير إلى أن الحرب الروسية-الأوكرانية أصبحت حقل اختبار لهذا النوع من الأسلحة، إذ تستخدم روسيا مسيرات إيرانية، بينما تعتمد أوكرانيا على الطائرات المسيرة والقنابل التركية. ويؤكد أن الغرب يسعى إلى فرض نوع من "الفيتو" على أي محاولة من الجنوب لتطوير صناعات عسكرية أو امتلاك الطاقة النووية، معتبرا هذه الممارسات تعبيرا صارخا عن صراع حضاري يريد من خلاله الغرب الحفاظ على تفوقه الدائم، لا سيما تجاه العالم الإسلامي. ويمضي الكتاب موضحا كيف أن الغرب مستعد لشن الحروب ضد الجنوب إذا تطلبت الضرورة ذلك، حيث يعتبر ذلك خطا أحمر لا يتعين تجاوزه. ويقرر الكتاب في خضم معالجاته أن الغرب لن يسمح بتكرار حالة باكستان وقنبلتها النووية التي شكلت الاستثناء في زمن "الغفلة الجيوسياسية". وما طرحه الدكتور حسين مجدوبي من معاقبة الغرب لكل دولة من الجنوب تريد امتلاك المشروع النووي، نعيش فصله الآن من خلال الحرب التي أعلنها الغرب وإسرائيل ضد المشروع النووي الإيراني، ويمتد إلى محاولة التحكم في صناعة الصواريخ حتى لا تكون هناك دولة قادرة على المشاركة في صنع الخريطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط. بعد كتابه "المغرب في الفكر الإسباني"، الصادر منذ سنتين، الذي حلل فيه العلاقة بين بلدين ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين وكيف يشكلان ويبلوران التصورات المتبادلة إلى مستوى الصدام التاريخي، يصير كتاب المؤلف الجديد "جيوبوليتيك: رؤية من الجنوب" ليس مجرد تحليل، بل هو خارطة تفكير جديدة، ومحاولة جادة لرسم معالم مشروع حضاري يعيد الاعتبار إلى الجنوب كقوة كامنة، لا كفضاء مهمل. هو صوت من داخل الجنوب، يخاطب أهله أولا، ويقول: لا نطلب الاعتراف، بل نبني أنفسنا. لا ننتظر التزكية، بل نقرر مصيرنا.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
الجيش المالي يعلن مقتل 80 مسلّحا بعد تعرّض مواقعه لهجمات منسّقة
أعلنت القوات المسلحة في دولة مالي أنها قتلت 80 متشدّدا، بعدما تعرّضت لهجمات متعدّدة في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء، استهدفت مواقع عسكرية تابعة لها في 7 بلدات من وسط وغرب البلاد، من ضمنها نيونو ومولودو وكايس ونيور. كما استهدفت الهجمات قواعد عسكرية على الحدود المشتركة مع موريتانيا والسنغال، الأمر الذي أثار مخاوف سكان القرى والأرياف الواقعة في المنطقة. ولم توضّح قيادة الجيش، في بيانها الموجز، تفاصيل عن هذه الهجمات أو الجهات التي تقف وراءها، كما لم تعلن أي جهة رسمية حتى الآن مسؤوليتها عما حدث، لكن طبيعة العمليات تتطابق مع أسلوب جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التي نفّذت هجمات عديدة ضد قوات الجيش والمتعاونين الروس في الأسابيع الأخيرة. وجاءت هذه الهجمات بعد يوم واحد من بيان مشترك لتحالف دول الساحل أعلن فيه تنفيذ عمليات نوعية في السنتين الأخيرتين، قتل من خلالها أكثر من 4 آلاف "إرهابي". وأشاد البيان بما سماها فاعلية الجيوش في المنطقة، وقدرتها على مواجهة المسلّحين. ومنذ 2021، دخل المجلس العسكري الحاكم في مالي في حرب مفتوحة مع الحركات المسلّحة وكذا الانفصالية، معلنا عزمه على استعادة جميع الأراضي، وخاصة في المناطق الشمالية. وخلال الأسابيع الأخيرة، أعلن الجيش المالي أنه تعرض لهجمات متعددة، من جماعة نصرة الإسلام والمسلين المرتبطة بتنظيم القاعدة. وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قالت تنسيقية حركة أزواد إنها نفّذت عمليات استهدفت الجيش المالي، وقوات فيلق أفريقيا، وأصدرت تحذيرا شديدا لروسيا من البقاء في المنطقة.