logo
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي

عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي

زهرة الخليج٢١-٠٧-٢٠٢٥
#منوعات
بابتسامة يملؤها الرضا، وملامح حفر فيها الزمن ملامح الحكمة، جلست الإماراتية عائشة حسن على ضفاف البحر تمارس هوايتها الأثيرة: الحداق. لم يكن الخيط الذي تمسك به وسيلة لصيد الأسماك فحسب، بل كان خيطاً يربطها بجذور الماضي، وبذكريات والدها الذي علمها أول دروس الصبر والاتزان وفنون التعامل مع الموج والريح وهي لا تزال في الثامنة من عمرها. عبر سنوات من الشغف المتجدد، عادت عائشة إلى البحر بعد انشغالها بتربية الأبناء، لتصبح اليوم صوتاً يحمل رسالة توعوية وثقافية بأهمية الحفاظ على التراث البحري. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، تنقل إلينا «أم أحمد» قصة عشقها الأصيل مع البحر، والخيط و«الميدار»، وتنقل رسالة توعوية وثقافية عن أهمية الحفاظ على التراث البحري.
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي
حدثينا عن علاقتك بوالدك، وكيف بدأت رحلتك مع الصيد؟
كانت علاقتي بوالدي مميزة جداً. كان هادئ الطباع، لكن يحمل من العلم والحكمة ما يفوق عمره، وكان يحب أن يشاركنا هذا الحب للبحر. لم يعاملني كطفلة، بل كصيادة متدربة، علّمني كيف أربط الخيط، أختار الطُعم المناسب، وأقرأ حركة السمكة من اهتزاز الخيط فقط. لكن الأهم، أنه علّمني أن الصيد ليس مجرد رزق، بل هو فن وتأمل وصبر، وهذه القيم ما زالت ترافقني في كل رحلة بحرية أقوم بها. الصبر الجميل هو الدرس الأثمن الذي تركه لي والدي، وأحمله معي في البحر والحياة.
تربية.. وعطاء
لماذا توقفت عن ممارسة الحداق بعد الزواج؟
الزواج والأمومة مسؤولية كبيرة. عندما رزقني الله بأطفالي، وجدت نفسي في رحلة أخرى تماماً، وهي رحلة التربية والعطاء غير المحدود. كان علي أن أكون موجودة دائماً في كل تفاصيل حياتهم. بعد أن كبر أولادي، أصبح لدي متسع من الوقت، وعدت لهوايتي بقلب مليء. والأجمل أنني لم أعد وحدي، فقد عادت معي ابنتي الكبيرة مريم، وصارت تشاركني هذا الشغف. وبعد أن علمت أولادي الصيد، أصبحوا يطلبون مني تعليم أحفادي أيضاً، وهذا يزيد من سعادتي.
ما أسرار اختيار الطُعم الجيد؟
الطُعم هو مفتاح الصيد، لكن الأهم أن تفهم سلوك السمك. أفضل طُعم هو الربيان والأخطبوط، لأن معظم أنواع السمك تفضلهما. ومع ذلك، يجب أن تعرف متى تصعد السمكة للسطح ومتى تنزل إلى الأعماق. الصيد ليس مسألة أدوات فقط، بل هو فن وخبرة مكتسبة.
حدثينا عن أدواتك الخاصة، هل تفضلين استخدام أدوات تقليدية أم تقنيات حديثة؟
أنا أعشق الأدوات التقليدية، لأنها تحمل روح الصياد الأصيل. «الخيط، والبلد، والميدار»، هذه أدوات تربطني بها ذكريات لا تُنسى مع والدي. لكنني كذلك تعلمت بعض التقنيات الحديثة، التي تساعدك على الصيد بكفاءة، خاصة في عرض البحر.
هل مررتِ بمواقف صعبة أو مفاجآت في عرض البحر؟
نعم، كثيرة. أذكر مرة كنا في رحلة مع ابنتي وصديقاتي، وكان كل شيء مرتب، وتوقعات الطقس كانت مطمئنة واستخدمنا برنامج «Windy» من قبل للتأكد من الطقس. ولكن فجأة، تغير الجو، وواجهنا أمواجاً مرتفعة. شعرت في تلك اللحظة بمسؤولية كبيرة، وبدأت أطبق كل ما تعلمته عن السلامة والهدوء. ونشكر خفر السواحل الذين أنقذونا في الوقت المناسب. وهذا ما يجعلني دائماً أحرص على توعية من حولي بأهمية معرفة أدوات السلامة، والإسعافات الأولية، وأهمية الاستعداد دائماً.
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي
مسؤولية.. وتحدي
ماذا مثّل لكِ فوزك بالمركز الأول في بطولة أبوظبي لصيد الأسماك للسيدات عام 2019، وكيف استعديتِ لهذه البطولة؟
الفوز كان جميلاً، وحافزاً كبيراً لكي أشارك في مسابقات قادمة وأساعد في الحفاظ على هويتنا الإماراتية البحرية. وعن الاستعداد، فلم يكن يختلف كثيراً عن أي رحلة صيد أخطط لها، لكن الفارق كان في الشعور بالمسؤولية والتحدي. جهزت خيوط الصيد الخاصة بي بعناية تامة، واستخدمت خيطاً أقوى بسمك 70 و«بلداً» أثقل و«ميداراً» أعرض يناسب صيد البحر المفتوح. تدربت مع ابنتي وصديقاتي كفريق، وتأكدنا من أننا نفهم جيداً قواعد المسابقة، وأننا نستخدم الأساليب التقليدية المدعومة بتقنيات حديثة.
ففي رأيك، كيف انعكست علاقة الأجداد بالبحر على نمط حياتهم ومصادر رزقهم في الماضي؟
كان البحر مصدر الحياة. قبل أن يكتشف النفط، كانت أرزاق الناس تعتمد على الغوص، وصيد السمك، والتجارة البحرية. الأجداد كانوا يعرفون البحر كما يعرف المزارع أرضه. يعرفون الموج، والمد، والأنواع المناسبة لكل موسم. ولهذا نحن مدينون لهم بأن نحافظ على هذا الإرث، وننقله كما وصل إلينا، بفخر واعتزاز.
كيف تسعين إلى إشراك الأجيال الجديدة في هذه الهواية؟
مشاركة الجيل الجديد أمر ضروري، وأسعى دائماً إلى نقل خبراتي إلى المجتمع النسائي من حولي. «الحداق» ليس فقط صيد سمك، بل هو تواصل مع تراثنا. كما أحرص على إحياء تراثنا البحري في قلوب أحفادي، أحكي لهم عن أجدادنا. وأعلمهم ليس فقط الصيد، بل الكلمات والمفردات التراثية، مثل: «السجي» وهو المد، و«الثبر» وهو الجزر. «التدمينة» وهي طريقة صيد معينة. هذه لغة يجب أن نحافظ عليها، لأنها تربطنا بتاريخنا. أريد المساهمة في استدامة تراثنا البحري وإبقائه حياً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برعاية حمدان بن زايد.. «أدنيك» تواصل تحضيراتها لـ«أبوظبي للصيد والفروسية» 30 أغسطس
برعاية حمدان بن زايد.. «أدنيك» تواصل تحضيراتها لـ«أبوظبي للصيد والفروسية» 30 أغسطس

الاتحاد

timeمنذ 44 دقائق

  • الاتحاد

برعاية حمدان بن زايد.. «أدنيك» تواصل تحضيراتها لـ«أبوظبي للصيد والفروسية» 30 أغسطس

أبوظبي (الاتحاد) أعلنت مجموعة أدنيك مواصلة تحضيراتها لتنظيم النسخة الثانية والعشرين من فعاليات معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، والتي تُعد الأضخم والأكبر في تاريخ المعرض، وتقام تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس نادي صقاري الإمارات، من 30 أغسطس إلى 7 سبتمبر 2025 في مركز أدنيك بأبوظبي. ويُعد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، الذي تنظمه مجموعة أدنيك بالتعاون مع نادي صقاري الإمارات، منصة رائدة مخصّصة للاحتفاء بالتراث العريق لدولة الإمارات وعاداتها الراسخة في الصيد والفروسية، إذ يُعدُّ الحدث الأضخم على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويجسد تاريخاً يمتد لأكثر من عقدين من التراث الثقافي والتقاليد الأصيلة، وبعد النجاح الكبير لنسخة 2024 التي سجلت حضور ما يزيد على 350 ألف زائر، ومشاركة أكثر من 1700 شركة وعلامة تجارية، من المنتظر أن تشهد نسخة المعرض المقبلة نمواً قياسياً في جميع مؤشرات الأداء. تقاليدنا العريقة قال معالي ماجد علي المنصوري، الأمين العام لنادي صقاري الإمارات: «إن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية أصبح المنصّة الأبرز في دولة الإمارات للاحتفاء بالتراث الثقافي الإماراتي والعربي والحفاظ عليه. وبفضل الدعم المستمر من قيادتنا الرشيدة، يُعزّز هذا الحدث المُهم من شأن تقاليدنا العريقة، ويضمن غرسها في نفوس الأجيال القادمة، وستؤكد نسخة عام 2025 على صدارة أبوظبي ومكانتها المميزة في ميادين الصيد والفروسية والصقارة، لتكون نقطة التقاء بين إرث الماضي وتطلّعات المستقبل». وعبّر معاليه عن بالغ امتنانه وتقديره لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ولسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، ورئيس نادي صقاري الإمارات، راعي معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، لما يُقدّمانه من دعم كبير لمشاريع وجهود صون الصقارة والتراث الإماراتي، وتعزيز التعاون الثقافي بين الشعوب كافة. وأكد أنّ هذا النهج يُجسّد الإرث الذي غرسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيّب الله ثراه- في نفوس أبناء الإمارات، من حُبّ لهذا التراث العريق والاعتزاز به. نسخة استثنائية من جانبه، قال حميد الظاهري، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة أدنيك: «تواصل مجموعة أدنيك استعداداتها وتحضيراتها لإطلاق نسخة استثنائية من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، وذلك بالتعاون مع نادي صقاري الإمارات، وكافة الشركاء الاستراتيجيين في القطاعين الحكومي والخاص، وذلك لإنجاح هذه الفعالية وإخراجها بالشكل الذي يليق بسمعة ومكانة الدولية على الصعيدين الإقليمي والدولي في هذه القطاعات الحيوية». الفعاليات الجديدة أضاف الظاهري أن الدورة المقبلة للمعرض ستضم العديد من الفعاليات الجديدة التي ستقام للمرة الأولى، ومن أبرزها مزادات الصقور التي ستقام على مراحل عدة قبل وأثناء المعرض، حيث سيتم عقد المزاد الأول للصقور في الفترة من 16 إلى 17 أغسطس في مركز أدنيك أبوظبي، وبيّن أن فرق العمل في المجموعة، قد قامت بعمل جولات ترويجية للمعرض خلال الأشهر الماضية عبر المشاركة في عدد كبيرة من الفعاليات الإقليمية والدولية المتخصّصة في القطاع، وذلك لاستقطاب كبريات الشركات المتخصصة في القطاع، ولتأكيد المكانة المتميزة التي وصل إليها المعرض عالمياً. الصناعات الوطنية أكد الظاهري الدور الكبير الذي يلعبه المعرض في دعم الصناعات الوطنية بهذه القطاعات الحيوية، بالإضافة لمساهماته في دعم قطاع الحرف اليدوية الوطنية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وفتح أسواق جديدة لها على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما يعد المعرض منصة حيوية لعقد الشراكات وبحث فرص التعاون بين الشركات الوطنية والعالمية. معايير الاستدامة تستعد نسخة 2025 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2025 لتكون مميزة في مؤشرات الأداء كافة، إذ تجمع نخبة من العلامات التجارية المحلية والدولية، وذلك عبر الشراكة مع نادي صقاري الإمارات. وتشهد نسخة 2025 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية سلسلة من مزادات الصقور الاستثنائية. منصة للتبادل الحضاري والثقافي ستواصل مجموعة أدنيك العمل من أجل تعزيز مكانة المعرض، الذي لا يقتصر على كونه منصة تجارية دولية فحسب، بل يشكل أيضاً ملتقى ثقافياً وإنسانياً يجمع عشاق التراث، وممارسي الصيد والفروسية، وصُنّاع المعدات والمنتجات التراثية من مختلف أنحاء العالم، مع التأكيد والحرص على أن يكون المعرض منصة عالمية للتبادل الحضاري والثقافي. معرض العين للصيد والفروسية يُذكر أن مجموعة أدنيك قد أعلنت تنظيم النسخة الأولى من المعرض الدولي للصيد والفروسية العين 2025، التي ستقام في الفترة ما بين 26 ولغاية 30 نوفمبر 2025 في مركز أدنيك العين، والذي يُعدُّ امتداداً لمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، الذي تنظمه مجموعة أدنيك، وستقام النسخة الأولى على 12 ألف متر مربع.

رحيل الفنان أحمد رشوان عن 76 عامًا.. والنقابة تنعاه بكلمات مؤثرة
رحيل الفنان أحمد رشوان عن 76 عامًا.. والنقابة تنعاه بكلمات مؤثرة

العين الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العين الإخبارية

رحيل الفنان أحمد رشوان عن 76 عامًا.. والنقابة تنعاه بكلمات مؤثرة

أعلنت نقابة المهن التمثيلية في مصر، الإثنين، وفاة الفنان أحمد رشوان عن 76 عامًا. وفي بيان رسمي، نعت النقابة الراحل بكلمات جاء فيها: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.. تنعي نقابة المهن التمثيلية ببالغ الحزن والأسى وفاة الفنان أحمد رشوان، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد مسيرة فنية امتدت لعدة عقود، قدّم خلالها العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية التي رسخت اسمه في ذاكرة الجمهور». وتقدّم الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، بخالص العزاء إلى أسرة الفنان الراحل، داعيًا الله أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يمنّ على أهله ومحبيه بالصبر. وكان الفنان أحمد رشوان يقيم في دار رعاية كبار الفنانين بمدينة السادس من أكتوبر، حيث قضى سنواته الأخيرة هناك محاطًا بالعناية اللازمة إلى أن وافته المنية. CR

مهرجانات الرطب وحفاوتنا بالنخيل
مهرجانات الرطب وحفاوتنا بالنخيل

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

مهرجانات الرطب وحفاوتنا بالنخيل

مهرجانات الرطب وحفاوتنا بالنخيل مع إكمال مهرجان ليوا للرطب دورتَه الـ21 وتنظيم 3 مهرجانات أخرى في دبي والذيد وعجمان، خلال الصيف الجاري، لم أستغرب هذه الحفاوة الإماراتية بالشجرة المباركة وثمارها الطيبة، فلقد شكلت النخلة رمزاً للخير في وجداننا وركناً من أركان الهوية، وركيزةً للأمن الغذائي. ومثل هذه المهرجانات تجسّد نهجَ الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بترسيخ الهوية الوطنية وغرس القيم التراثية الأصيلة في نفوس أبناء المجتمع، كما تعكس المكانة التاريخية للنخيل وتؤكد ضرورة المحافظة عليه، وتعزز رؤية الإمارات في دعم الموروث كمصدر إلهام مجتمعي. لا شك في أن النخلة لها شأن عظيم، فقد ذُكرت في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية وتناولها الشعراء في أشعارهم، وارتبطت بالحضارات الأولى قبل نحو 5000 سنة، والتمر يشكل أهم مصدر غذائي في المناطق الصحراوية. والنخلة يؤكل ثمرها رطباً ويابساً، ويستخدم جذعها وأوراقها كمواد للبناء، وتستعمل أوراقها في صناعة السلال والحصير، وألياف النخلة تستخدم في صنع الحبال، ونواتها تستخدم كطعام للبهائم ويمكن أن تستخدم كوقود. فهي إذن مصدر للغذاء والكساء ومواد البناء، عاش عليها آباؤنا وأجدادنا وما زلنا نعيش نحن على رطبها في الصيف وتمرها في الشتاء. ومنذ عصور قديمة اعتبر العربي النخلةَ صديقتَه التي وقفت إلى جانبه على مر العصور، في مواجهة صعوبات الحياة وقسوة المناخ، فكانت مصدر الخير له، ووسيلته للحصول على الطعام والمواد التي كان يستخدمها في حياته. ويقول المؤرخ و. بارفيلد: «لو لم يوجد نخيل البلح، لكان تمدد الجنس البشري وتوسعه نحو المناطق القاحلة والحارة من العالم أكثر صعوبة، فالبلح لم يؤمّن الغذاء والطاقة بشكل يسهل تخزينه وحمله ونقله خلال رحلات طويلة في الصحراء فحسب، بل خلق موطناً للناس للعيش، عبر تأمين الظل والحماية من رياح الصحراء. كل أجزاء النخلة لها فائدة معينة». والإمارات من أكثر دول العالم اهتماماً بزراعة النخيل، حيث دخلت موسوعة «غينيس» في عام 2009 بأكثر من 40 مليون نخلة، كما حلّت في المرتبة الثالثة عالمياً في تصدير التمور عام 2021، بإجمالي صادرات بلغ 261.42 ألف طن، بقيمة تقارب المليار درهم. والأرقام في تصاعد، فالرطب والتمور الإماراتية تشهد إقبالاً متزايداً في الأسواق العالمية، وقد أصبحت من المنتجات الزراعية الوطنية التي يتم تصديرها إلى العديد من الدول حول العالم. ووفق مصادر الأمم المتحدة، يوفر امتلاك 10 أشجار من نخيل التمر دخلاً حده الأدنى 500 دولار أميركي للزيادة المطّردة في استهلاك التمور حول العالم، ومن ثمّ أصبح التمر محصولاً مدرّاً للمال الوفير في مناطق إنتاجه. ما سبق يؤكد أن زراعة النخيل لم تعد مجرد موروث ثقافي أو تراثي انتقل إلينا من الأجيال السابقة، بل أصبحت اليوم من الأعمدة الاقتصادية الحيوية التي تسهم بشكل مباشر في دعم صادرات الدولة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويمثل الرطب عنصراً مهماً وفق رؤية الدولة وخططها المستقبلية، إذ يُصنف التمر من بين 18 صنفاً غذائياً أساسياً حددتها الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، بناءً على معايير تشمل القدرة على الإنتاج والتغذية والحاجة المحلية. واللافت أن المهرجانات لا تحتفي بالرطب فقط، بل تدعم المزارعين اقتصادياً، وتوفر منصات مهمة لتصريف الإنتاج وإبرام الصفقات، إلى جانب الجوائز المجزية والمسابقات التي تحفّز التنافس والإبداع الزراعي، كما تُعد ملتقيات علمية تسهم في تطوير المعرفة والخبرة في مجال زراعة النخيل من خلال ورش العمل والبرامج التثقيفية. لا شك في أن الحدثَ يشكل رسالةً اجتماعيةً ووطنيةً، تهدف إلى ترسيخ ارتباط الإنسان بأرضه، وبالموروث الذي هو جزء كبير من هويته، ويسهم في إرساء قيم التعاون والانتماء من خلال أنشطته التي تهدف لصون التراث ونقله للأجيال الجديدة. ولأن النخلة تُعد رمزاً للهوية، وضعت الإمارات صورتها على إحدى عملاتها النقدية واختارتها بعض الدول العربية كشعار لها، مثل السعودية وموريتانيا، كما تسعى العديد من دول المنطقة إلى ضم النخيل إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. النخلة إذن ليست مجرد شجرة، بل رمز للكرم والجذور والارتباط بين الأجيال، وهي حاضرة دائماً في منازلنا، وخلف كل نخلة شامخة، وكل ثمرة رطب طيبة، حكايةٌ تُروى عن وطن آمن بأن الزراعة حضارة، وأن الحفاظ على التراث هو استثمار في الهوية. إن مهرجانات الرطب لم تعد مجرد فعاليات موسمية، بل أصبحت أعياداً وطنية لتمجيد النخلة، وتكريم مَن يغرسها، والاحتفاء بمن يرعاها، وتمكين مَن يبني بها مستقبل الغذاء والاقتصاد في بلادنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store