
رئيسة الحكومة: ''ندعو إلى إعادة التفكير في آليات التعاون الدولي''
وفي مستهل كلمتها أكّدت رئيسة الحكومةالسيدة سارة الزعفراني الزنزري أن هذا المؤتمر ينعقد في سياق عالمي دقيق يستدعي منّ الجميع التداول بعمق في المسائل المتصلة بالتنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية.
مشّددة أنّه لا يمكن الحديث عن قيم العدالة ومبادئ الأمن الجماعي دون معالجة القضية الفلسطينية التي ظلت جرحا ينزف في الضمير العالمي حيث أن تحقيق التنمية المستدامة يبقى هدفا بعيد المنال ما دامت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف لم تجسد إلى الآن وفقا لقرارات الشرعية الدولية، فالأمن والتنمية عنصران متلازمان ولا يمكن أن يتحقق الاستقرار العالمي المنشود في ظل اختلال ميزان العدل والإنصاف وبقاء شعب بأكمله محروما من أبسط مقومات الحياة الكريمة من ذلك حقه في الوجود.
وأكدت رئيسة الحكومة أنّ السنوات الأخيرة أثبتت أن نظام التمويل العالمي - كما هو الحال عليه اليوم - أصبح عاجزاً عن مجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتفاقمة، كما أنَّ حجم النزاعات والجوائح والتحديات المناخية والفوارق التنموية والرقمية والتكنولوجية بين مختلف الدول كشفت هشاشة هذا النظام وعدم قدرته على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة،مضيفة أنه قبل عقد من الزمن وتحديدا في شهر جويلية من سنة 2015، في المؤتمر المنعقد بأديس أبابا،تم وضع رؤية واعدة وطموحة لتمويل التنمية المستدامة،إلاّ أنّ الأزمات المتلاحقة على غرار جائحة كوفيد 19 والتوترات الأمنية المتلاحقة والحروب والتداعيات الجيوسياسية بالإضافة إلى التحديات المناخية أدت إلى عدم القدرة على الاستجابة المتكافئة لاحتياجات الدول وخاصة النامية منها مما عمق الفجوات بين الشعوب وحال دون تجسيم رؤية المؤتمر هذا المؤتمر.
وأكدت رئيسة الحكومة أنّ تونس، المعتزة بانتمائها الإفريقي والعربي والمتوسطي، تؤمن بدورها الفعال لضمان التواصل بين البلدان الإفريقية والأوروبية وسائر بلدان العالم، كما تدرك جيّدا أن تحقيق التنمية على المستوى الوطني يبقى مرتبطا بتضامن دولي أعمق يستجيب لمتطلبات التقدم العادل والمتوازن. و ترتكز إستراتجية الدولة التونسية على مقاربة متكاملة قوامها محوران أساسيان: بناء اقتصاد منيع وترسيخ دولة العدالة الاجتماعية، فعلى الصعيد الاقتصادي، تمضي تونس قُدماً في بناء اقتصاد متنوع وأكثر قدرة على الصمود، من أجل تحقيق تنمية شاملة تستعيد فيها التوازنات المالية عافيتها وتفضي الى تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، أما على المستوى الاجتماعي، فتعمل تونس على تعزيز دورها الاجتماعي عبر التوزيع العادل للثروات وتوفير فرص العمل اللائق لجميع فئات المجتمع وتعميم الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الأكثر هشاشة..
وثمنت رئيسة الحكومة من خلال كلمتها، دور شركاء تونس على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف، داعية في الآن نفسه إلى إعادة التفكير في آليات التعاون الدولي، على أساس مبادئ السيادة الوطنية والتمايز الذي يراعي خصوصيات كل بلد والشفافية والعدل بما يضمن فاعلية هذه الآليات ونجاعتها، ومؤكدة عزم تونس على تحديد استراتيجياتها الوطنية بالاعتماد على مقدراتها ووفق رؤيتها، مع الانفتاح على آراء واقتراحات شركائها في إطار تعاون متكافئ.
ودعت رئيسة الحكومة في هذا السياق إلى إعادة النظر في شروط التمويل الدولي لتصبح أكثر توافقا مع خصوصيات واحتياجات الدول النامية وتبسيط نفاذ هذه الدول إلى الموارد المالية الدولية لتحقيق الأهداف التالية:
- إيجاد تمويلات مستقرة وطويلة الأمد تدعم القطاعات الحيوية
كالفلاحة الصامدة والأمن المائي والصحة والتحول الرقمي والطاقي،
- تكريس مبدأ الملائمة مع الأولويات الوطنية: فلا سبيل للتداول في تمويل التنمية التي تصبو إليها الدول دون احترام سيادتها وخياراتها التنموية الوطنية.
- مراجعة دور المؤسسات المالية الدولية لتتحول من جهات تفرض إتباع سياسات معيّنة إلى هياكل تعتمد الشراكة الحقيقية مع هذه الدول في تمويل برامج التنمية.
وشدّدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على أنّ الدولة التونسية، التي تعتبر التمويل العادل حقا مشروعا لدول الجنوب، قد اعتمدت استراتيجية وطنية طموحة للنفاذ إلى مصادر التمويل، مقترحة ضرورة توخي سياسة جديدة ترتكز على العناصر التالية:
- إضفاء مرونة أكبر في منح التمويل من الصناديق الدولية،
- تحديد معايير موضوعية للحصول على التمويل المناسب الذي يتماشى مع واقع البلدان النامية،
- تخفيف شروط التمتع بالديون،
- إنشاء نافذة موحدة تحت رعاية الأمم المتحدة لمركزية الدعم الفني والمالي في كل المجالات،
- الاتفاق على "ميثاق مالي جديد خاص بإفريقيا"، التي تعاني بشكل ملحوظ من آثار التحديات المناخية، التي تسببت فيها الدول المصنعة والأكثر نموا، وتداعياتها السلبية على التوازنات الاقتصادية والمالية والاجتماعية للقارة، بما يسمح لدول إفريقيا الحصول على التمويلات المباشرة والمناسبة لبرامجها التنموية.
وذكّرت رئيسة الحكومة بدعوة رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد خلال مشاركته في أشغال قمة باريس 2023 التي وضعت تحت شعار "من أجل عقد مالي جديد"، الى إرساء شراكة حقيقية في بناء عالم جديد تستفيد منه الانسانية جمعاء في كنف العدل والانصاف، مؤكدا أنه لا يمكن إرساء هذا النظام بالاعتماد على توازنات واتفاقات تجاوزها الزمن، وتسببت في تعميق الفجوة التنموية والرقمية بين الشمال والجنوب.
وفي هذا الإطار تنزلت دعوة تونس بمناسبة قمة المستقبل التي انعقدت بنيويورك، في شهر سبتمبر من سنة 2024، على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى اعتماد مقاربة جديدة للتعاون الدولي تقوم على السيادة الوطنية وإعادة هيكلة نظام التمويل العالمي، حتى يصبح أكثر شفافية وعدلا واستجابة لحاجيات الدول النامية. وقد جدّدت رئيسة الحكومة هذه الدعوة وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية:
- تخفيف عبء الديون عن البلدان النامية،
- إرساء تمويل عالمي عادل يكافح التهرب الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة
- دعم التحول الأخضر والرقمي في بلدان الجنوب،
مؤكدة أن تونس ماضية قدما في طريق الإصلاح والتطوير، ملتزمة بالعمل مع شركائها الدوليين والإقليميين من أجل تحقيق تنمية شاملة تراعي التوازن بين المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ختام كلمتها، أكدت رئيسة الحكومة على أن الوضع الدولي الراهن يستدعي تغيير منهجية العمل الجماعي متعدد الأطراف من مجرّد الإعلان عن توصيات إلى الشروع في تنفيذ القرارات التي تستوجب إصلاحات جريئة لنظام التمويل العالمي لتركيز دعائم الاستقرار والسلام والعدل والنمو في مختلف أنحاء العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Babnet
منذ ساعة واحدة
- Babnet
رئيس الجمهورية يسدي تعليماته بإعادة هيكلة عديد المؤسّسات التي تستنزف أموال المجموعة الوطنية
أسدى رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى اجتماعه، الأربعاء، بقصر قرطاج، برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، تعليماته بإعادة هيكلة عديد المؤسّسات التي تستنزف أموال المجموعة الوطنية واستنباط حلول جذرية وطنية لكلّ القطاعات وعدم التردّد في إبعاد من لم يكن في مستوى المسؤوليّة. وأكّد رئيس الدولة في ذات الاجتماع الذي استعرض فيه نتائج مشاركة رئيسة الحكومة في المؤتمر الدّولي الرابع لتمويل التنمية المنعقد بمدينة إشبيلية الإسبانية، أن من طالت بطالتهم أولى بالحلول مكان من سيتم إبعادهم و"سيحلّون حتّى وإن كانت تعوزهم الخبرة فهم يتّقدون حماسا للمشاركة في عملية البناء والتشييد ومقاومة الفساد"، حسب ما جاء في بلاغ نشر على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على شبكة التواصل الاجتماعي " ميتا/ فايسبوك"، ليل الأربعاء إلى الخميس وبيّن سعيد أنّ العمل جارٍ في كلّ وقت أناء الليل وأطراف النهار من أجل تحقيق انتظارات الشعب، مشدّدا على أن " الوطني الحرّ الذي لا تُثنيه الصّعاب المُفتعلة وغير المُفتعلة على المضيّ قدما في معركة التحرير التي يخوضها الشّعب التونسي"، هو الأفضل. وعبّر رئيس الدّولة من ناحية أخرى، عن ارتياحه لمشاركة رئيسة الحكومة في المؤتمر الدّولي الرابع لتمويل التنمية المنعقد بمدينة إشبيلية الإسبانية، " لأنّ صوت تونس صار مسموعا فضلا عن أنّها آثرت أن تُعوّل على قدراتها الذاتية في المقام الأوّل ولا تقبل إلاّ بالتعاون الندّ للندّ مع الجميع مع تنويع شراكاتها بما يخدم مصالحها ويحفظ الاستقلال الكامل لقراراتها".


تونس تليغراف
منذ 9 ساعات
- تونس تليغراف
Tunisie Telegraph شبهة فساد تهدد مصير رئيسة المفوضية الأوروبية ... القرار الأسبوع القادم
من المنتظر أن تواجه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تصويتاً على مذكرة حجب الثقة داخل البرلمان الأوروبي يوم الخميس 10 جويلية 2025. وقد بادر بهذه المبادرة النائب الروماني جورجي بيبيريا، العضو في تحالف وحدة رومانيا (AUR)، المنتمي إلى مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (CRE). وقد تم تقديم هذه المذكرة رسمياً الأسبوع الماضي، ووقّعها في البداية 74 نائباً. ورغم أن عدداً من النواب الأوروبيين سحبوا توقيعاتهم لاحقاً، إلا أن جورجي بيبيريا أعلن يوم الأربعاء 2 جويلية أن المذكرة نجحت في جمع 79 توقيعاً، أي أكثر بقليل من العدد الأدنى المطلوب لتفعيل التصويت في البرلمان الأوروبي. ويُدين بيبيريا ما وصفه بـالغموض والتعتيم من طرف فون دير لاين في ما بات يُعرف بـ'فضيحة الرسائل النصية'، التي تبادلتها مع الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، خلال مفاوضات شراء لقاحات كوفيد-19. وقد أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً وأسفرت عن عدة شكاوى، من بينها شكوى نيويورك تايمز التي حاولت الحصول على الرسائل دون جدوى، بالإضافة إلى شكاوى أخرى من جماعات ضغط بلجيكية. كما اتهم بيبيريا المفوضية الأوروبية بـالتدخل في الانتخابات الرئاسية في رومانيا، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية (AFP). وكان المرشح القومي للرئاسة جورج سيميون قد خسر الانتخابات في ماي الماضي لصالح نيكوشور دان، المدعوم من التيار المؤيد لأوروبا. وبعد خسارته، قدّم سيميون طعناً أمام المحكمة الدستورية الرومانية، مدعياً وجود 'تدخلات خارجية' من فرنسا ومولدوفا، لكن الطعن رُفض. وأكد مصدر برلماني لموقع Euractiv أن رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، قد أخبرت مؤتمر رؤساء الكتل – الهيئة المكلّفة بضبط جدول أعمال المؤسسة – أن المذكرة تستوفي كل الشروط المنصوص عليها في المادة 131 من النظام الداخلي للبرلمان. وسيُناقش نص المذكرة يوم الاثنين 7 جويلية، قبل أن يُعرض للتصويت في جلسة عامة تُعقد يوم الخميس 10 جويلية في ستراسبورغ. فرص النجاح ضعيفة رغم استيفاء المذكرة للشروط الشكلية، إلا أن فرص نجاحها تبدو ضئيلة. حتى مجموعة CRE السياسية التي ينتمي إليها بيبيريا تنصّلت من المبادرة، وأكّد ناطق باسمها لـEuractiv أن الأمر لا يتعلق بموقف رسمي للمجموعة. ولكي يتم تمرير مذكرة حجب الثقة، يجب أن تحصل على: ثلثي الأصوات المُعبر عنها ، ، والأغلبية المطلقة من أعضاء البرلمان الأوروبي، أي 361 صوتاً على الأقل. ويُذكر أن مثل هذا السيناريو لم يتحقق قط في تاريخ الاتحاد الأوروبي. ويعود أبرز مثال على حجب الثقة إلى سنة 1999، حين اختارت المفوضية الأوروبية برئاسة اللوكسمبورغي جاك سانتر الاستقالة طواعية قبل التصويت، عقب صدور تقرير يكشف عن مسؤوليتها في عدة قضايا فساد مالي.


ويبدو
منذ 18 ساعات
- ويبدو
الخطوط التونسية: عندما تتحول 'الفخر الوطني' إلى كابوس جماعي
بينما يشتد الصيف وتغمر المطارات التونسية بتدفق المسافرين الموسمي، تغرق الخطوط التونسية في دوامة من الفوضى التنظيمية، محطمة أرقامًا قياسية في التأخيرات والإلغاءات والغضب العام. وضع يبدو أنه بلغ هذا العام ذروة من الاستياء نادرًا ما تماثلها – رغم الوعود الرئاسية والالتزامات الحكومية. 'لا الظروف على متن الطائرات ولا دقة مواعيد الرحلات مقبولة'، هكذا صرح الرئيس قيس سعيد في مارس 2025، مندداً بالحالة المزرية لخدمات الشركة الوطنية. وبعد شهرين، أكد مجددًا تمسكه بالمؤسسة العامة: 'يجب أن تعود الخطوط التونسية رمزًا للفخر الوطني'، مع وعده بأن 'المؤسسات والشركات العامة التونسية لن تُباع أبدًا'. لكن على أرض الواقع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، تتناقض الحقائق بشكل كبير مع الخطابات. فمنذ بداية جوان، تتوالى الحوادث، كاشفة عن العيوب العميقة لشركة لا يبدو أن الحقن المالي أو الشعارات الوطنية قادرة على إعادتها إلى مسارها. ### غضب فيروسي واستياء عام على فيسبوك وX وإنستغرام، الغضب فيروسي. 'الخطوط التونسية تعتبر وتتعامل مع ركابها كأنهم ماشية!'، هكذا احتج أحد المستخدمين. ووصف آخر مشهدًا عبثيًا: 'في أورلي، تم تحويل آخر الرحلات إلى رواسي دون إشعار، تتجول عائلات بأكملها في الليل'. كان مثال الرحلة TU 999، نيس-تونس، في 30 جوان الماضي، بمثابة الشرارة الرمزية: 150 راكبًا، بينهم أطفال وكبار السن، يعلمون بعد الساعة 11 مساءً أن رحلتهم ألغيت – دون حل بديل، دون إقامة، دون توجيه. ومع ذلك، كانت الخطوط التونسية تطمئن: 'عدد الطائرات القابلة للطيران تضاعف منذ العام الماضي'، كما أوضحوا داخليًا. لكن هذا 'التحسن' يبدو ضئيلًا أمام حجم الفوضى التشغيلية. ### آلة مختلة وحوكمة متجاوزة حاولت الشركة التهدئة: في بيان صدر مؤخرًا، تحدثت الخطوط التونسية عن 'اضطرابات عامة في حركة الطيران أدت إلى تعديلات في مواعيد عدة رحلات'. وأكدت أنها تتخذ 'جميع الإجراءات اللازمة للحد من التأثير على ركابها'. كلمات تكافح لإخفاء الفجوة الواضحة بين التواصل الرسمي والواقع الذي يعيشه المستخدمون. في قلب المشكلة: فوضى مزمنة، أسطول دائمًا ما يكون صغيرًا جدًا، صيانة غير كافية، موظفون تحت ضغط، وحوكمة غير قادرة على استعادة الثقة. بعيدًا عن التعافي، تلوح في الأفق شركة تائهة.