مادا يحصل في حال اشترى المغتربون اللبنانيون العقارات في لبنان ؟
لا شك أن حركة الوافدين من مغتربين وسياح، كانت لافتة لهذا الموسم الصيفي، ما يُبشّر بموسم اصطيافي ناشط هذا العام. لكنّ هذا الإقبال بإمكانه أن يكون كفخّ للمستثمرين القاطنين في البلاد، كيف؟
تُقَدّر التحويلات المالية السنوية من المغتربين إلى لبنان بـ حوالى 7 مليارات دولار في العقد الأخير، مما يجعل لبنان من بين الدول الأعلى باستقبال التحويلات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي( تقريبًا 24%). عام 2022 بلغت نسبة التحويلات إلى الناتج المحلي 37.8%، وهي الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبحسب دراسات أكاديمية لعام 2023، زادت نسبة التحويلات إلى 35.5% من الناتج المحلي عام 2023، وارتفع معامل جيني لعدم المساواة من 0.42 في 2012 إلى 0.64 في 2022/2023، ما يشير إلى تفاقم التفاوت رغم المدخول الكبير من الخارج .
ما قبل 2019، كان نحو 3.2% فقط من التحويلات يُستخدم لشراء منازل، و0.8% لشراء أراضٍ، إذ كانت التحويلات تُستخدم أساسًا للاحتياجات الحياتية مثل الغذاء والصحة والتعليم. أمّا بعد الأزمة الاقتصادية، تحوّلت معظم التحويلات إلى تغطية الاحتياجات الأساسية وليس الاستثمار العقاري.
ورغم ذلك، أدّت استراتيجات المضاربة العقارية بين المغتربين والمقيمين، إلى ارتفاع أسعار العقارات بنحو 5 أضعاف منذ 2005، في حين أنّ الناتج المحلي نمت بنسبة 52% فقط حتى 2010، مما يشير إلى فقاعة عقارية بدأت تتكشف .
وبحسب المعطيات، حتى عام 2017 امتلك غير اللبنانيين حوالي 39 مليون متر مربع من العقارات موزعة على نحو 79,000 مشتري أجنبي. وفي مسودّة قانون الميزانية اللبنانية لعام 2021، جاءت إشارة إلى منح الإقامة الدائمة للمتزوج والزوج والأولاد القصر عند شراء عقارات في لبنان مما يشكّل حافزًا كبيرًا للمغتربين لشراء العقارات .
ضخ سيولة بالدولار مباشرة في السوق العقاري قد يدعم قطاع البناء ويوظّف آلاف العمال. ودخول الدولار يعزز مخزون العملة الصعبة إذا تم توجيهه للاستثمار المنتج، وليس فقط للاستهلاك. ولكن هذا الامر يمكنه أن يحفّز ارتفاع في أسعار العقارات مما يجعلها بعيدة عن قدرة اللبنانيين المقيمين. وبالتالي زيادة التفاوت الاجتماعي، بحيث يستفيد أصحاب التحويلات من ارتفاع الأسعار من دون دفع ضريبي في أغلب الأحيان.
وبحسب تقارير UNDP وMercy Corps معظم التحويلات تُستخدم لتأمين الحياة اليومية وليس للادخار أو الاستثمار العقاري، خصوصًا بعد الأزمة الأخيرة. ما جعل مؤسسات مثل Legacy Central تتحرّك لجذب المغتربين لشراء وحدات عقارية غير مباعة بأسعار مغرية (مثل 500–600 ألف دولار) بهدف إنعاش السوق العقاري المتوقف .
من منظور اقتصادي
إنّ ضخ أموال المغتربين في سوق العقارات قد يحمل عدة فوائد مباشرة. أولها، تحريك قطاع الإنشاءات، الذي يوظّف آلاف العمال ويغذّي عشرات الصناعات المرتبطة به. ثانيًا، قد يساعد ارتفاع الطلب على العقارات في رفع قيمة الموجودات العقارية، ما يمنح السكان المقيمين شعورًا بزيادة الثروة. ثالثًا، يساهم الاستثمار العقاري في إدخال العملة الصعبة إلى لبنان، ما من شأنه أن يُعيد شيئًا من التوازن إلى السوق المالية.
في المقابل، يجب عدم إغفال المخاطر الكامنة. فشراء المغتربين للعقارات بكثافة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشقق والأراضي، ما يجعلها خارج تحمّل أو قدرة اللبنانيين المقيمين على استيعاب تلك الأسعار. إضافةً إلى ذلك، إذا تحوّلت العقارات إلى "ملاذ آمن" للمغتربين لحماية أموالهم، فإن السوق قد يشهد فقاعة عقارية شبيهة بما حصل في بلدان أخرى، إذ ترتفع الأسعار بشكل غير مبرّر ثم تنهار فجأة عند أول أزمة ثقة.
باختصار، إن أقبل المغتربون على شراء العقارات في لبنان، فذلك قد يشكّل رافعة اقتصادية مؤقتة، لكنه قد يتحوّل إلى عامل إقصاء اجتماعي وخلل اقتصادي إذا لم يواكَب بسياسات تنظيمية عادلة.
وبحسب إحصاءات "الدولية للمعلومات"، أظهرت أرقام البيوعات العقارية ارتفاعًا في عدد المعاملات المسجلة في الدوائر العقارية من 12 ألفًا و125 معاملة عام 2023 إلى 26 ألفًا و430 معاملة عام 2024، بنسبة ارتفاع بلغت 120%. كما ارتفعت قيمة هذه البيوعات، وفقًا للقيم المُصرَّح عنها، من 626 مليون دولار إلى مليار و850 مليون دولار، وهو رقم قابل للارتفاع مع مطلع هذا العام. لكن يبقى غياب القروض المصرفية عائقًا أساسيًا أمام الشباب اللبناني الطامح إلى السكن أو الاستثمار، والذي يعاني من انخفاض حاد في قدرته الشرائية نتيجة الأزمات المتتالية.
وفي حديثه لجريدة "الديار"، يلفت نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى، أنّه "حتى إذا ارتفعت أسعار العقارات، فهذا لا يعني أنّ هنالك عمليات عقارية ضخمة. السعر والعمليات العقارية هما منفصلان بشكل كلّي عن بعضهما بعضًا. فالعمليات العقارية هي محدودة للأشخاص المُتكلة على النقدي لشراء العقار. وهم إمّا ميسورو الحال وإمّا مغتربون وبالتالي يشكّلون نسبة ضئيلة من مجتمعاتنا. لذلك، القطاع المصرفي هو أساس لإعادة إحياء القطاع العقاري ولا وجود لقطاع عقاري سليم من دون وجود قطاع مصرفي سليم. لأننا بحاجة الى قروض سكنية ليتمكن المواطن من شراء مسكن وتمويل للمشروع".
وتابع:" وعندما يؤمن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، مع وجود خطط سكنية وإعادة هيكلة المصارف وإعادة تسديد العملة بشكل طبيعي، واقتصاد مُنتج، هذا الموضوع يؤدي إلى إعادة احياء الاقتصاد اللبناني، وإعادة الاستثمارات إلى السوق اللبناني ومنها السوق العقاري، وبالتالي إعادة تنشيط القطاع المصرفي.
فنعم، على الرّغم من الازمات الاقتصادية والأمنية وعلى الرّغم من الازمات الاقتصادية والأمنية المستمرة في البلاد، هنالك ملاحظة لارتفاع تدريجي في أسعار العقارات في بعض المناطق، سيّما أنّ بعض المستثمرين الأجانب، بخاصّة من دول الخليج، يرون في السوق اللبناني فرصة للاستثمار بسبب انخفاض الأسعار بشكل نسبي، ما ساهم في رفع الطلب ورفع الأسعار".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 2 دقائق
- سيدر نيوز
وزارة الخارجية الأميركية تدرس فرض كفالة بقيمة 15 ألف دولار على طالبي التأشيرة
وزارة الخارجية الأميركية تدرس فرض كفالة بقيمة 15 ألف دولار على طالبي التأشيرة في خطوة غير مسبوقة، كشفت مصادر مطلعة لوكالة أسوشيتد برس أن وزارة الخارجية الأميركية تدرس حاليًا فرض كفالة تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة بقيمة تصل إلى 15,000 دولار على بعض المتقدمين للحصول على تأشيرة مؤقتة. الهدف من هذا الاقتراح هو الحد من ظاهرة بقاء بعض الزوار في الولايات المتحدة بعد انتهاء صلاحية تأشيرتهم. في حال تطبيق القرار، سيتعيّن على المتقدمين دفع كفالة مالية قابلة للاسترداد في حال الالتزام بشروط التأشيرة ومغادرة البلاد في الوقت المحدد. هل القرار يشمل جميع أنواع التأشيرات؟ تشير التقديرات الأولية إلى أن القرار قد يُطبّق فقط على فئات معينة من التأشيرات، وخصوصًا تلك التي تصدر لمواطني دول تعاني من نسب مرتفعة في عدم الامتثال لشروط التأشيرة. بحسب تصريحات لمسؤولين في الخارجية الأميركية، لا يزال القرار في مرحلة الدراسة والتشاور، وقد يتم عرضه للتعليق العام قبل اتخاذ أي خطوات تنفيذية. ردود الفعل على كفالة تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة أثار الاقتراح موجة من الجدل، حيث عبّر العديد من الحقوقيين والخبراء في شؤون الهجرة عن قلقهم من أن يُثقل هذا الشرط المالي كاهل المتقدمين من الدول النامية ويؤثر على التبادل الثقافي والعلمي. من جهته، أكّد متحدث باسم وزارة الخارجية أن الكفالة، في حال اعتمادها، ستكون موجهة لحالات محددة ولن تشمل جميع طالبي التأشيرات.


IM Lebanon
منذ 22 دقائق
- IM Lebanon
زوكربيرغ يعلن الحرب على أبل
يسعى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة 'ميتا'، إلى إنهاء هيمنة شركة 'أبل' على المشهد التكنولوجي، عبر ابتكار 'ذكاء اصطناعي فائق'، ودفع مئات ملايين الدولارات لاستقطاب المواهب. وذكرت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية، الإثنين، أن مارك زوكربيرغ، أعلن الحرب على أبل، حيث يسعى، إلى جانب عمالقة وادي السيليكون، للحد من هيمنة أجهزة الشركة الأميركية على حياة المستخدمين. وفي خطابه الأخير، حول رؤيته لدمج الذكاء الاصطناعي الفائق في أجهزته، لم يذكر زوكربيرغ اسم شركة 'أبل' مباشرة، لكنه لمح إليها. وقالت 'وول ستريت جورنال' إن زوكربيرغ لطالما حلم بإزاحة أبل من موقعها كجهاز أساسي في حياة المستخدمين، سواء من خلال الهواتف، أو النظارات، والواقع الافتراضي، أو نظارات الواقع المعزز، لكنه لم ينجح حتى الآن. وتابعت: 'اليوم ينفق بسخاء، عارضا رواتب تصل إلى 100 مليون دولار، لاستقطاب أفضل المواهب في الذكاء الاصطناعي ضمن سباق تسلح لتطوير وتسويق هذه التقنية'. ويراهن زوكربيرغ على صعود الذكاء الاصطناعي المتقدم، أملا في الانتقال إلى عالم ما بعد الهواتف الذكية. وكتب في منشور، الأربعاء: 'الأجهزة الشخصية مثل النظارات التي تفهم سياقاتنا لأنها ترى ما نراه، وتسمع ما نسمعه، وتتفاعل معنا اليوم، ستصبح أجهزة الحوسبة الأساسية لدينا'. في الجهة الأخرى، ينظر إلى أبل على أنها متأخرة في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ أنها تأخرت في طرح الميزات الجديدة، وأبدى المستثمرون قلقهم من قلة استثمارات أبل في الذكاء الاصطناعي مقارنة بشركات مثل 'ميتا' و'أوبن أي آي'. وعرض زوكربيرغ خطة أسماها 'الذكاء الشخصي الفائق'، مشيرا إلى أنها هي السبيل لتحقيق حلمه بامتلاك تجربة متكاملة تجمع بين البرمجيات والأجهزة، كما تفعل أبل. وأشارت 'وول ستريت جورنال' إلى أن تحركات زوكربيرغ ستحول الحرب الباردة القائمة بين 'ميتا' و'أبل' إلى مواجهة ساخنة، خصوصا إذا تمكن زوكربيرغ من تطوير نظارات ميتا الذكية. وليس المدير التنفيذي لـ'ميتا' هو الوحيد الذي يرى أن الوقت قد حان لإعادة ترتيب المشهد التكنولوجي.


ليبانون 24
منذ 42 دقائق
- ليبانون 24
إدارة ترامب تشترط: على الولايات عدم مقاطعة إسرائيل للحصول على تمويل الكوارث
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ (FEMA) أن الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلاً للاستعداد للكوارث الطبيعية إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية ، وذلك نقلاً عن سياسة وضعتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبحسب شروط المنح، يجب على الولايات أن تتعهد بعدم "قطع علاقاتها التجارية مع الشركات الإسرائيلية تحديداً" من أجل الحصول على التمويل، الذي يغطي نفقات أساسية مثل معدات الإنقاذ، والأنظمة الاحتياطية للطاقة، ورواتب مديري الطوارئ. ويُقدر هذا التمويل بـ1.9 مليار دولار على الأقل، وفق 11 إشعاراً رسميًا اطّلعت عليها رويترز ، ويُعد جزءاً من جهود إدارة ترامب لربط الدعم الفدرالي بمواقف سياسية، على غرار اشتراطها سابقاً توجيه جزء من أموال مكافحة الإرهاب لدعم جهود القبض على المهاجرين. وتستهدف هذه الخطوة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) التي تدعو إلى سحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل للضغط عليها لوقف احتلال الأراضي الفلسطينية. وكانت الحركة قد حظيت بزخم إضافي عام 2023 عقب هجوم حماس ورد إسرائيل العسكري على غزة. وفي هذا السياق، قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إنها ستطبق جميع قوانين مكافحة التمييز، معتبرة أن حملة المقاطعة"مرتبطة صراحة بمعاداة السامية". يُذكر أن أكثر من 34 ولاية أميركية لديها بالفعل قوانين وسياسات ضد حركة المقاطعة. ووفق إشعار نُشر الجمعة، فإن المدن الكبرى، ومنها نيويورك التي من المتوقع أن تتلقى 92.2 مليون دولار، يجب أن توافق على هذه السياسة للحصول على حصة من 553.5 مليون دولار مخصصة لبرامج مكافحة الإرهاب.