
دلالات زيارة البرهان وإدريس للخرطوم وتدشين عودة الحكومة
وكانت الحكومة قد انتقلت إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في شرق البلاد منذ أغسطس/آب 2023 ولا تزال تباشر مهامها من هناك، لكنها ترتب للعودة إلى الخرطوم خلال 6 أشهر لترسيخ مشروعيتها السياسية والدستورية رغم استمرار القتال في غرب البلاد.
وكان البرهان قد هبط في مطار الخرطوم في مارس/آذار الماضي على متن مروحية عسكرية عقب بسط الجيش سيطرته على الخرطوم، بعدما خرج من مقر قيادة الجيش السوداني الذي بقي محاصرًا فيه أكثر من 3 أشهر، وظل خلال الفترة السابقة يزور أم درمان ثاني مدن العاصمة الثلاث التي توجد بها أكبر قواعد الجيش، حتى اكتمل تحرير الولاية من قوات الدعم السريع في مايو/أيار الماضي.
جولة الرئيس
وحسب بيان مكتب الناطق باسم الجيش، تفقد البرهان فور وصوله مقرّ القيادة العامة للجيش، المجاور لمطار الخرطوم الدولي، حيث استقبله رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين، وعدد من كبار قادة الجيش.
واطّلع البرهان خلال الزيارة على إيجاز أمني حول تطورات الأوضاع في البلاد، وجهود القوات المسلحة ضمن ما وصفه بـ"حرب الكرامة الوطنية".
ونشرت منصات مقربة من مجلس السيادة أن البرهان تابع عبر غرفة القيادة العسكرية، العمليات الجارية في محور إقليم كردفان وأن الجيش يقترب من حسم معارك في محلية بارا شمال الإقليم.
وتأتي زيارة القيادة السودانية، بعد يومين من إصدار البرهان قرارا يقضي بتفريغ العاصمة من جميع التشكيلات العسكرية والكيانات المسلحة خلال أسبوعين.
كما تم تسمية لجنة للإشراف على تنفيذ القرار وتهيئة البيئة المناسبة لعودة سكان ولاية الخرطوم، برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر.
أولويات الحكومة
وفي اتجاه موازٍ، أنهى رئيس الوزراء كامل إدريس، اليوم الأحد، زيارة استمرت يومين إلى الخرطوم هي الأولى منذ تعيينه في منتصف مايو/أيار الماضي، وكان قد وصلها برًّا من بورتسودان في رحلة استغرقت أكثر من 8 ساعات.
وفي جولة ماراثونية، تفقَّد إدريس مصفاة الجيلي لتكرير النفط شمال العاصمة ووعد بإعادة إصلاحها، وزار مطار الخرطوم وتعهَّد بعودته للعمل قبل نهاية العام، إضافة لوقف جسري الحلفاية وشمبات المدمرين، موكدًا صيانتهما في فترة لا تتجاوز 5 أشهر، وأقرَّ مع حكومة ولاية الخرطوم تسريع إعادة خدمات المياه والكهرباء، وخاطب مواطنين في أم درمان احتفوا بزيارته.
كما زار منطقة الجيلي شمال الخرطوم بحري، واستمع إلى مطالب السكان، مؤكدًا التزام حكومته بإعادة إعمار المناطق المتضررة وتقديم الخدمات الأساسية بأسرع وقت ممكن.
ووقف إدريس أيضا على حجم الدمار والخراب الذي أحدثته قوات الدعم السريع بمقر مجلس الوزراء وسط الخرطوم، لافتا إلى أنه "سيعود بشكل أفضل خلال أشهر قليلة بالإرادة والعزيمة والخطط الفاعلة". وأعلن عن "وضع خطة لتهيئة البيئة بولاية الخرطوم وعودة الجهاز التنفيذي والمواطنين خلال 6 أشهر تقريبا".
ودعا المهندسين والعمال الموجودين داخل البلاد أو خارجها للقدوم والتكاتف مع "حكومة الأمل" للبناء والإعمار بعد الخراب الذي حدث، معتبرا أن ذلك سيظل في سجل تاريخهم، حسب تعبيره.
وقال إدريس في تصريحات صحفية لدى زيارته مقر المجلس برفقة وزير الداخلية ووالي الخرطوم، إن "أولى الأولويات هي توفير الماء والكهرباء والأمن ومعاش الناس ومطار الخرطوم"، وطالب المواطنين بالعودة إلى منازلهم، متعهدا بإعادة تأهيل مدينة الخرطوم، قائلا: إن الحكومة ستبدأ بالعمل تدريجيا خلال الأشهر المقبلة.
دلالات الزيارة
وعن دلالات زيارة رئيسي مجلسي السيادة والوزراء إلى الخرطوم، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الطاهر ساتي، الخطوة بداية لعودة الحكومة للعاصمة واقتراب مطار الخرطوم من العودة للخدمة بعدما هبطت فيه طائرة رئاسية مدنية لأول مرة منذ اندلاع الحرب.
وقال ساتي للجزيرة نت، إن زيارة أرفع مسؤولين في الدولة للعاصمة وتجولهما في مرافقها وبين سكانها تعني عودة الأمن والاستقرار للخرطوم خاصة مع وصول اللجنة السيادية المعنية بإخلائها من التشكيلات العسكرية والكيانات المسلحة خلال أسبوعين، وتهيئة البيئة المناسبة لعودة سكان الولاية.
من جهته، يقول المحلل السياسي فيصل عبد الكريم، للجزيرة نت، إن زيارة البرهان وإدريس تحمل دلالات سياسية باعتبار الخرطوم هي العاصمة السياسية للبلاد ومركز السلطة الاتحادية، مما يبعث رسائل عن الشرعية والسيطرة بعد انحسار قوات الدعم السريع من وسط البلاد وعاصمتها.
ويعتقد المحلل عبد الكريم، أن تدشين عودة الحكومة للخرطوم تتزامن مع تسارع خطوات الدعم السريع مع شركائها في تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها وعاصمتها نيالا جنوب دارفور ، حيث ذكر بعض قادة التحالف في وقت سابق أنهم سينازعون "حكومة بورتسودان" الشرعية باعتبارها حكومة منقوصة لوجودها خارج العاصمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
القسام تستهدف ناقلة جند إسرائيلية و"ميركافا" بدير البلح وإصابة 5 جنود إسرائيليين
أعلنت كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن مقاتليها استهدفوا ناقلة جند إسرائيلية ودبابة إسرائيلية من نوع " ميركافا" جنوب شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وقالت القسام إن مقاتليها استهدفوا ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة " الياسين 105" قرب مفترق أبو هولي جنوب شرق مدينة دير البلح. وفي إطار عملياتها المستمرة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، أعلنت القسام أيضا عن استهداف مقاتليها دبابة إسرائيلية من نوع "ميركافا" بقذيفة "الياسين 105" في منطقة شاليهات الجعفراوي جنوب شرق مدينة دير البلح. وبعد استهداف الدبابة الإسرائيلية سجل هبوط للطيران المروحي الإسرائيلي للإخلاء. ومن جهتها، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن جنديا أصيب بجروح خطيرة اليوم في استهداف دبابة "ميركافا" بصاروخ مضاد للدروع في دير البلح. يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت عملية عسكرية في دير البلح. وتواصل المقاومة الفلسطينية إيقاع خسائر في صفوف قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي آخر التطورات أعلن جيش الاحتلال مقتل أحد جنوده خلال معارك في جنوب قطاع غزة. وأصيب جنود إسرائيليون في جنوب ووسط قطاع غزة، في عمليات للمقاومة الفلسطينية، حيث أصيب 5 جنود جراء سقوط قذيفة على معسكر للجيش جنوب قطاع غزة، منهم اثنان بحالة خطيرة، بحسب ما كشفت مواقع إسرائيلية. وبدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جنديين وسط قطاع غزة في انفجار قنبلة كانت بحوزتهم. وكان قد أعلن عن إصابة جندي من لواء غولاني بجروح خطيرة في اشتباك وسط قطاع غزة. وأقر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير بأن إسرائيل تدفع ثمنا باهظا جراء الحرب في قطاع غزة، لكنه قال "مستمرون في العمل من أجل تحقيق أهداف الحرب، ومنها إعادة المخطوفين وتدمير حماس". وفي سياق الانتقادات الداخلية التي يتعرض لها جيش الاحتلال على خلفية الحرب، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر أن الجيش الإسرائيلي يستعد لفتح تحقيق في العملية العسكرية البرية في قطاع غزة. وقالت إن التحقيق سيبحث أداء الجيش خلال العملية البرية التي بدأت في نهاية أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
بريطانيا تهدد إسرائيل.. تحول حقيقي أم مجرد رسائل إعلامية؟
رغم أن الحرب على قطاع غزة مستمرة بنفس الوتيرة تقريبا منذ أكثر من 21 شهرا، غير أن بريطانيا شددت هذه المرة من لهجتها إزاء إسرائيل ، وهددت على لسان وزير خارجيتها ديفيد لامي بفرض عقوبات إضافية عليها إذا تقاعست عن التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة. فهل يمثل هذا التصعيد تحوّلا حقيقيا في السياسة البريطانية تجاه إسرائيل أم مجرد رسائل إعلامية لاحتواء الضغوط الحالية؟ وقال لامي إن بلاده ستفرض عقوبات إضافية على إسرائيل إذا لم تنته المعاناة التي يـشاهدونها بأعينهم على حد تعبيره، مضيفا أنه يشعر بـ"الفزع" و"الاشمئزاز" من أفعال إسرائيل في قطاع غزة. وتأتي تصريحات الوزير في وقت تشتد فيه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، بعد أن أطبقت الحصار المفروض عليهم وبدأ الجوع يفتك بحياة الكثير منهم، مهددا حياة أكثر من مليوني شخص، فيما تواصل طائراتها وجنودها قصف الغزيين جوا وبرا. ويطرح تصريح الوزير البريطاني -الذي لم يحدد طبيعة العقوبات التي يمكن أن تفرضها لندن على إسرائيل- تساؤلات حول مدى استعداد بلاده لترجمة موقفها إلى خطوات عملية، وما إذا كانت واشنطن ستسمح بتمرير أي إجراء ضد إسرائيل. ويرى الفلسطينيون أن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل تحدث بتواطؤ مع الولايات المتحدة الأميركية ومع الدول التي لا تزال تزود الاحتلال بالأسلحة وبالدعم السياسي والدبلوماسي، ولم تردعه ليوقف مجازره. ورغم المظاهرات الشعبية المتواصلة في لندن ضد الحرب في قطاع غزة، والخطابات القوية التي يصدرها بعض السياسيين بشأن رفضهم لهذه الحرب، فإن الموقف الرسمي لا يزال ضعيفا ولم يرقَ لمستوى منع إسرائيل من الاستمرار في الحرب، كما يرى مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني"، كريس دويل في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر". ولا تستخدم الحكومة البريطانية أوراق الضغط التي يمكنها أن تردع بها إسرائيل، ربما -كما يرجح دويل- لحسابات سياسية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وأخذا في الاعتبار العلاقات البريطانية الأميركية. ويمكن للحكومة البريطانية لو رغبت في اتخاذ إجراءات عملية ضد إسرائيل أن تعلق اتفاقية التجارة الحرة، وتفرض عليها عقوبات تجارية واقتصادية، وتقول: كفى للإبادة في غزة، وفق مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني". وكانت الحكومة البريطانية فرضت عقوبات على وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين، إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش ، كما أوقفت مؤقتا محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل. أوراق ضغط ويرى محللون ومراقبون أن أي إجراء تتخذه بريطانيا ضد إسرائيل لن يؤثر على السلوك الإسرائيلي، ما لم يقرَن بخطوات عملية ويمسّ قضية السلاح، وهو ما يشير إليه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، الذي يقول إن هناك تغيرا في اللهجة الأوروبية عموما إزاء إسرائيل، لكن المواقف لا تزال غير مؤثرة، لأن الدول الأوروبية وخاصة الفاعلة منها لا تستعمل الأدوات الرادعة مثل العقوبات التجارية والاقتصادية. وفي وقت سابق دعت بريطانيا و25 دولة أخرى في بيان مشترك إلى إنهاء الحرب في غزة فورًا، واستنكر البيان التوزيع البطيء للمساعدات والقتل غير الإنساني للمدنيين بمن فيهم الأطفال الذين يسعون لتلبية أبسط احتياجاتهم من الماء والغذاء. وتنظر إسرائيل بقلق لمواقف بعض الدول الأوروبية الرافضة لحرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، لكنها تعلم -كما يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين- أنه ما دامت واشنطن إلى جانبها ولم تصدر إجراءات عقابية ضدها في موضوع السلاح، فلا يوجد شيء يرغمها على إيقاف حربها على الغزيين. كما لا تأبه إسرائيل للانتقادات الموجهة ضدها، طالما الجارة الأهم والأكبر، وهي مصر "لا وزن ولا صوت لها" فيما يحدث بغزة، وفق جبارين. وفي ظل استمرار الحرب على غزة، تتزايد الدعوات في بريطانيا وأوروبا إلى تبني مقاربات أكثر صرامة تجاه التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، خصوصا من المؤسسات التي ترفع شعارات أخلاقية أو تعاونية.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
امتحانات الثانوية بسوريا 2025.. اختبار وطني في ظل انقسام المناهج
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، خاصة في قطاع التعليم بسبب الاعتماد على مناهج تعليمية متعددة. ويواجه أكثر من 344 ألف طالب وطالبة، خلال امتحانات الشهادة الثانوية لعام 2025، واقعًا تعليميًّا مشتتًا نتيجة الاعتماد على 4 مناهج دراسية مختلفة، وهو ما يعكس عمق الانقسامات السياسية والعسكرية التي عاشتها البلاد خلال سنوات الحرب. هذا التنوع في المناهج يسلّط الضوء على التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة الانتقالية في سعيها لتوحيد النظام التعليمي وضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب، بالتوازي مع جهود إعادة بناء البنية التحتية التعليمية ودمج ملايين الطلاب المنقطعين عن الدراسة. خلال سنوات الصراع، أدّت الانقسامات الجغرافية والسياسية في سوريا إلى نشوء 4 مناهج دراسية مختلفة، تعكس التوجهات المتباينة للسلطات المسيطرة على كل منطقة: منهاج دمشق: شهد تغييرات جوهرية بعد ديسمبر/كانون الأول 2024، أبرزها إلغاء مادة "التربية الوطنية" التي كانت تروج لأيديولوجيا حزب البعث، واستبدال مادة "التربية الدينية" بها، مع حذف أي محتوى يُمجد النظام السابق. منهاج إدلب: تم تطويره في المناطق المحررة، وركّز على حذف المواد المرتبطة بالنظام، مع تقديم محتوى محايد يراعي الوضع الانتقالي ويبتعد عن التوجهات السياسية. منهاج شمال شرق سوريا (قسد): يتميز بتعدد لغوي، حيث تُدرَّس بعض المواد بالكردية إلى جانب العربية، وقد سُمح باستمرار استخدامه بشكل مؤقت خلال عام 2025. منهاج مناطق سيطرة تركيا والجيش الوطني سابقًا: يستند إلى مناهج المجالس المحلية، مع تعديلات تركز على ترسيخ القيم الوطنية، وتجنّب المحتوى السياسي المثير للانقسام. هذا التعدد في المناهج يسلّط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه العملية التعليمية في سوريا خلال المرحلة الانتقالية، خاصة مع الحاجة إلى توحيد المحتوى التعليمي وتعزيز الهوية الوطنية المشتركة. التحديات الرئيسية تفاوت الاستعداد والتحضير: أدى تعدد المناهج الدراسية إلى تفاوت واضح في مستوى تحضير الطلاب، خصوصًا في المناطق التي تحررت مؤخرًا من سيطرة النظام، حيث تواجه المدارس هناك نقصًا حادًّا في الكتب وتأخّرًا في توزيع النسخ المحدثة. ضعف البنية التحتية: لا تزال حوالي 40% من المدارس مدمّرة أو غير صالحة للاستخدام، ما يجبر الطلاب على متابعة تعليمهم في مراكز مؤقتة تفتقر للكهرباء والخدمات الأساسية. صعوبات لوجستية: رغم افتتاح مراكز امتحانية جديدة في مدن مثل الحسكة، والقامشلي، والرقة، وصرين، ودير الزور، تبقى المسافات الطويلة عقبة رئيسية، خاصة للطلاب في المناطق النائية مثل عفرين، ما يزيد من أعبائهم المادية والجسدية. اضطراب إداري: لوحظت حالات من الفوضى وسوء التنسيق الإداري، لا سيما في محافظة حلب، بالتزامن مع تدفق طلاب من مناطق محررة حديثا، مما زاد من تعقيد تنظيم العملية التعليمية. واقع الطلاب في المناطق الأربع رصدت "الجزيرة نت" جانبًا من معاناة طلاب الثانوية العامة في مختلف المناطق السورية، حيث تتفاوت الظروف التعليمية بشكل واضح بحسب المنطقة. في دمشق، تحدث محمد (17 عاما)، طالب في الفرع العلمي، عن صعوبات واجهها بعد التعديلات التي طرأت على المنهج، لا سيما حذف مادة "التربية الوطنية"، مما أدى إلى تأخر توزيع الكتب الجديدة، وأربك المعلمين والطلاب على حد سواء. كما أشار إلى الاكتظاظ داخل المدارس نتيجة استقبالها طلابا نازحين، فضلا عن صعوبة التنقل بسبب الحواجز الأمنية، وهو ما أثار قلقه بشأن تأثير هذه العوامل على فرصه في القبول الجامعي. ومن إدلب قالت لينا (17 عاما)، طالبة في الفرع الأدبي، إن النقص الحاد في الكتب أجبرهم على الاعتماد على ملخصات غير كافية، خصوصًا في المواد النظرية مثل التاريخ. وأضافت أنه على الرغم من أن تنظيم الامتحانات كان مقبولًا، فإن بُعد المراكز الامتحانية والمخاطر الأمنية في الطرقات شكّلا عقبة كبيرة أمام الطلاب، مبدية قلقها من احتمال عدم معادلة شهاداتهم مع تلك الصادرة في دمشق، ما قد يؤثر على مستقبلهم التعليمي. أما في القامشلي، فأشارت روان (17 عاما)، طالبة في الفرع العلمي، إلى أن استخدام اللغة الكردية في بعض المواد شكّل عقبة حقيقية، كون لغتها الأم هي العربية، ما أجبرها على دراسة مكثفة خلال فترة قصيرة عقب إعلان توحيد الامتحانات. ورغم استفادتها من الأسئلة المترجمة، أكدت أن بُعد المركز وصعوبة المواصلات أثرا على التركيز، وتخشى من رفض الجامعات شهادتهم بسبب اختلاف المنهاج. وفي عفرين، أوضح عبد الله (18 عاما)، طالب ثانوية علمي، أن غياب الموارد أجبرهم على الاعتماد على كتب قديمة ونسخ مصورة، دون توفر مختبرات أو مكتبات، ما أثر سلبًا على تحضيره للمواد العلمية مثل الكيمياء. كما أشار إلى اضطراره للسفر يوميا لمسافة طويلة إلى المركز الامتحاني، مع مخاوف من عدم الاعتراف بنتائجهم الجامعية نتيجة اختلاف المنهاج عن باقي المناطق. رؤية وزارة التربية وموقف الحكومة في مقابلة خاصة مع "الجزيرة نت"، أكد عبد الله عبدو، مسؤول في أحد المجمعات التربوية، أن التفاوت الحاصل في المناهج هو التحدي الأكبر، مشيرًا إلى أن كل منطقة طورت منهاجها بشكل مستقل خلال سنوات الانقسام، ما أدى إلى اختلافات واضحة في المحتوى واللغة. وبيّن أن الوزارة شكلت لجانًا مشتركة مع مكاتب التعليم المحلية لضمان عدالة توزيع الأسئلة، مع مراعاة الظروف الخاصة بكل منطقة. وأوضح عبدو أن وزارة التربية، رغم كونها الجهة المخولة بإقرار الأسئلة، تعمل على التشاور مع الجهات المحلية في كل منطقة. ففي دمشق، تتم صياغة الأسئلة مركزيا، بينما تُشرف فرق ميدانية على التوافق في إدلب، وتُنسّق الجهود لترجمة الأسئلة في شمال شرق سوريا. أما في المناطق التي كانت تحت سيطرة تركيا، فتتم مراجعة مقترحات المجالس المحلية ضمن آلية موحدة. وأكد أن الوزارة وضعت خطة طارئة لحذف محتوى النظام السابق، وتعمل حاليًا على صياغة منهاج موحد يعكس التنوع السوري ويعتمد على معايير دولية، وذلك عبر ورش عمل يشارك فيها خبراء محليون ودوليون. مفاضلات القبول الجامعي أظهرت بيانات وزارة التعليم العالي أن معدلات النجاح في امتحانات الثانوية العامة لعام 2025 كانت منخفضة نسبيًا، حيث بلغت 57.9% للفرع العلمي و63.72% للفرع الأدبي، ما أثار مخاوف من تعقيد إجراءات مفاضلات القبول الجامعي. وفي تصريح لـ"الجزيرة نت"، أوضح عبدو أن المفاضلات الحالية تراعي الفروقات بين المناهج الدراسية المعتمدة في المناطق المختلفة، لكن هناك جهودا حثيثة لتوحيد معايير القبول بدءًا من العام الدراسي 2025-2026. ومن بين الخطوات المنتظرة، إطلاق منصة إلكترونية تتيح التقديم الجامعي بطريقة مبسطة، إلى جانب تعديل آلية احتساب الدرجات لضمان العدالة بين الطلاب. دعم وتعزيز في إطار تعزيز الدعم للمناطق التي عانت من تدهور البنية التعليمية خلال سنوات الصراع، افتتحت وزارة التربية 5 مراكز امتحانات جديدة في مدن الحسكة، والقامشلي، والرقة، وصرين، ودير الزور. كما قررت تأجيل بدء الامتحانات لمدة أسبوع لمنح فرصة تسجيل للمتأخرين. وتواصل الوزارة تنفيذ خطة تدريجية لإعادة تأهيل المدارس، بالتوازي مع جهود لإعادة دمج نحو 2.4 مليون طالب منقطعين عن الدراسة في النظام التعليمي.