logo
"بيوت بلا مشاعر" تعصف بها "مشكلات صامتة"

"بيوت بلا مشاعر" تعصف بها "مشكلات صامتة"

الغدمنذ 19 ساعات
اضافة اعلان
عمان- إن أكثر ما يؤلم في العلاقات الأسرية ليس الشجار أو الخلاف المباشر، بل فترات الصمت الطويلة التي تعقب الخلافات حيث يتحوّل البيت خلالها إلى مكان بلا مشاعر أو أي تفاعل، ويشعر فيه كل فرد وكأنه يعيش بمفرده رغم وجود الآخرين.تلك ليست مشكلة (سمر أم لطفلين) وحدها بل مشكلة أسر كثيرة حين يعتقد أن الصمت حل كي لا تتأجج الخلافات. ففي داخل الأسرة مشكلات يصعب رصدها رغم ما تخلّفه من آثار نفسية عميقة، منها فالتراجع التدريجي في الحوار بين الزوجين، وتجنب النقاشات، والصمت المطوّل، لتصبح مؤشرا على أزمة تواصل تؤثر على الاستقرار العائلي، وتنعكس لاحقا على الصحة النفسية للأطفال، وعلى التماسك الاجتماعي بشكل عام.حينها، تقول سمر، إن الصمت وتجاهل المشاعر والابتعاد العاطفي لفترات طويلة، يدفع الأطفال للتساؤل ثم مراقبة الأبوين دون أن يفهموا "أسباب هذا البرود"، ما قد ينعكس على شعورهم بالأمان والثقة داخل الأسرة.أستاذة الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة سعاد غيث تقول، إن العلاقات الأسرية تمر غالبًا بمراحل من التوتر والصراع، تسبق عادة مرحلة الانسحاب وقطع التواصل، مشيرة إلى أن هذه المراحل تتدرج من اللوم والدفاعية، إلى التجاهل المؤقت، ثم التسويات السطحية، فالتكيف الزائد، وصولا إلى الانفصال العاطفي والصمت المطوّل.وأضافت، إن هذا النمط لا يظهر فجأة، بل يتشكل نتيجة تراكمات من خلافات لم تُحل، حيث يبدأ الشريكان بتبادل الاتهامات، ثم تتراجع حدة النقاشات تدريجيًا، ويحل محلها الصمت، الذي يُظن في البداية أنه يهدئ الأجواء، لكنه يترك المشكلات معلقة ويزيد الهوة العاطفية بين الطرفين.وأوضحت غيث أن بعض الأزواج يلجأون إلى تسويات ظاهرية لا تعالج جذور الخلاف، ما يُراكم الاستياء الداخلي، وقد يضطر أحدهما إلى تنازلات دائمة تبدو وكأنها قبول، لكنها تخفي شعورًا بالظلم والغضب، ما يعمّق التباعد ويفضي إلى انسحاب تام.وبينت أن الانكفاء على الذات وقطع التواصل نتيجة حتمية إذا ما تعلم الزوجان مهارات تواصل فعّالة، تبدأ بالتعبير الصريح عن المشاعر دون اتهام، والإنصات الفعّال لما يقوله الطرف الآخر، وتخصيص وقت منتظم للحوار بعيدًا عن الانفعالات، إلى جانب الاعتذار الصادق والمسامحة، وبما يُعيد بناء الروابط العاطفية، ويمنع الصمت من أن يتحول إلى قطيعة طويلة الأمد.وأوضحت أن بعض الأزواج يلجأون إلى هذا الانسحاب كوسيلة للحفاظ على العلاقة تحت سقف واحد، خاصة حين يتجنبون الطلاق من أجل الأبناء أو بدافع العادة، فيما يُعرف بحالات "الطلاق الرمادي" بعد سنوات طويلة من الزواج، معتبرة أن هذه الإستراتيجية، رغم نواياها في تجنب التصعيد، تُعدّ من أكثر الأساليب ضررًا على الاستقرار النفسي والعاطفي.وأكدت الدكتورة غيث أن الاستقرار الظاهري الناتج عن الصمت يخفي غيابًا عميقا للتواصل، ويؤدي إلى تراجع الرضا، وشعور متبادل بالوحدة وفقدان الأمان، لافتة إلى أن استمرار الانسحاب يترك آثارًا على الصحة النفسية والجسدية، كالتوتر، والأرق، الكبت، والإنهاك العام، مؤكدة أن هذا الانسحاب يؤثر على التركيز والإنتاجية، ويضعف قدرة الطرفين على أداء أدوارهما الأسرية، خاصة تربية الأطفال الذين يحتاجون إلى نموذج قائم على التعاون والتفاهم بين الوالدين.وحول أثر هذا النمط على الأطفال قالت، إن غياب الحوار بين الأبوين يُربك النمو النفسي والاجتماعي للصغار، ويشعرهم بعدم الأمان، بل وقد يحمل بعضهم مسؤولية إصلاح العلاقة، ما يرسّخ لديهم شعورًا بالعجز وتدني الكفاءة الذاتية، موضحة أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة يغيب فيها التواصل، غالبًا ما يتبنّون لاحقًا "أنماطا انسحابية" عند مواجهة النزاعات، ما يؤدي إلى تكرار التجربة الزوجية لوالديهم.ولتجاوز هذه المشكلة دعت الدكتورة غيث الوالدين الى إدراك تأثير صمتهما المتبادل على أبنائهما والمبادرة إلى فتح قنوات للتواصل المستمر، وتزويد الأطفال بالمهارات المعرفية والانفعالية لحل النزاعات عبر التفاهم والمشاركة، وبما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويمنحهم نموذجًا إيجابيًا للتعامل مع الاختلافات.وأكدت غيث أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بأثر الانسحاب العاطفي داخل الأسرة، مشددة على ضرورة التفاعل الإيجابي، وتبني حوار منتظم وصريح بين الزوجين، واللجوء إلى المساعدة المهنية من مرشد أسري أو معالج نفسي عند الحاجة، موضحة أنه للتغلب على هذه المشكلة، يجب أن يتعلّم الأزواج تقنيات إدارة الغضب للتعبير عن المشاعر بطريقة صحية، والانخراط بأنشطة مشتركة تساهم بإعادة بناء التواصل وتعزيز التقارب العاطفي داخل الأسرة.من جهتها تقول أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة، إن غياب التواصل الأسري له آثار سلبية لا تقتصر على الأسرة فحسب وإنما تمتد أيضا، موضحة أنه حين يغيب الحوار داخل الأسرة، التي تعتبر مؤسسة التنشئة الاجتماعية الأولى، يُحرم الأبناء من فرص التعلّم العاطفي والتفاعل البنّاء، ما يُنتج أفرادًا لا يملكون مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين وسيكونو أقل قدرة على الاندماج في المجتمع وأكثر ميلًا إلى الانسحاب والانطواء.وأضافت أن اثار غياب التواصل الأسري تزداد تعقيدًا في ظل ما يُعرف بـ"الاحتراق الزواجي"، وهي حالة من الإنهاك النفسي والعاطفي تصيب العلاقة الزوجية نتيجة التوتر المزمن، وغياب الدعم والتقدير المتبادل، موضحة أن البيئة الأسرية الصامتة أو المشحونة، تتحوّل إلى نمط من التعايش البارد ما ينعكس مباشرة على الأبناء الذين ينشأون في ظل انعدام الأمان العاطفي، وهذا يدفعهم للبحث عن بدائل عاطفية خارجية أو الانسحاب التام.ووفق اختصاصي الطب النفسي الدكتور عامر الرواجفة فإن العلاقة بين الأبوين تنعكس بشكل كبير على الأطفال حتى في المراحل العمرية، مشيراً إلى أن الاعتقاد بأن الطفل لا يتأثر بالخلافات الزوجية أو الانسحاب العاطفي في سن الطفولة المبكرة هو اعتقاد خاطئ.وأشار الرواجفة إلى أن استمرار الخلافات أو الصمت داخل الأسرة ينعكس ايضا على تواصل الأطفال مع محيطهم وتحصيلهم الدراسي لاحقاً، مؤكدا أن العديد من الاضطرابات النفسية في سن متقدمة تعود لمشكلات أسرية سابقة، وتنشأ في بيئات يغيب عنها التواصل الأسري السليم.-(هبة رمضان-بترا)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رغم فوائده في خفض الضغط.. الكركديه ليس آمنا للجميع
رغم فوائده في خفض الضغط.. الكركديه ليس آمنا للجميع

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

رغم فوائده في خفض الضغط.. الكركديه ليس آمنا للجميع

كشفت دراسات عديدة، أن الاستهلاك اليومي لشاي الكركديه يخفض ضغط الدم وله تأثير مشابه للأدوية، لكن الخبراء يحذرون من اعتماده كبديل للأدوية الموصوفة. وذكر تقرير لموقع 'فيريويل هيلث'، أن شرب هذا المشروب بانتظام يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم . وقد كشفت الدراسات أن شاي الكركديه مفيد للأشخاص الذين يعانون من مرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم أو من ارتفاع الضغط بالفعل. وأظهرت أن له تأثير مشابه لبعض الأدوية الموصوفة لخفض ضغط الدم. لكن فعاليته لا تزال غير محسومة، بسبب كثرة الدراسات واختلاف المنهجيات البحثية، وصغر حجم العينات، وتفاوت النتائج، وفقا لما أشار إليه الموقع نفسه. كيف يساعد الكركديه في خفض ضغط الدم؟ يساهم شاي الكركديه في خفض ضغط الدم، من خلال منع نشاط إنزيم مسؤول عن انقباض الأوعية الدموية التي ترفع ارتفاع الضغط. وتوضح الدراسات أن الكركديه يقلل من نشاط هذا الإنزيم، مما يسمح للأوعية بالاسترخاء، وهو تأثير مشابه لبعض أدوية الضغط. كما أنه يساعد في حماية بطانة الأوعية الدموية، ويقلل من الالتهابات والإجهاد التأكسدي. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الكركديه كمدرّ بول خفيف، يساعد الجسم على التخلص من الصوديوم والسوائل الزائدة، لخفض ضغط الدم. ما هي الكمية المناسبة من شاي الكركديه؟ لا توجد كمية محددة موصى بها، لكن معظم الدراسات استندت إلى استهلاك كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميا، وقد ارتبط هذا المقدار بانخفاض طفيف في ضغط الدم. هل يشكل الكركديه خطرا؟ يحتوي الكركديه على كميات صغيرة من معادن مثل المنغنيز والألمنيوم، لكن شرب كميات كبيرة منه يوميا ولمدة طويلة قد يشكل خطرا، خصوصا على النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى. وقد أظهرت بعض الدراسات ارتفاعا طفيفا في إنزيمات الكبد لدى الأشخاص الذين يستهلكون شاي الكركديه بانتظام. كما ينصح الأشخاص الذين يتناولون أدوية لخفض ضغط الدم بالحذر، لأن الكركديه قد يعزز من تأثير هذه الأدوية، ما قد يؤدي إلى انخفاض مفرط في ضغط الدم. هل هناك بديل للكركديه؟ ليس شاي الكركديه وحده هو القادر على خفض ضغط الدم، فقد أثبتت التجارب أن الشاي الأخضر والأسود يمتلكان تأثيرا مشابها، وإن كان أقل وضوحا. وقد أظهرت الدراسات انخفاضات طفيفة في ضغط الدم بعد استهلاكهما، إلا أن التأثير يختلف من شخص لآخر. وخلص التقرير إلى أن شاي الكركديه قد يكون عاملا مساعدا في خفض ضغط الدم، لكنه لا يجب أن يعتمد عليه كوسيلة رئيسية. ويعد شربه آمنا وممتعا، خاصة إذا تم دمجه مع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة والنشاط البدني المنتظم.

59 طفلا غزيا من أصل 77 يواصلون تلقي العلاج في الأردن
59 طفلا غزيا من أصل 77 يواصلون تلقي العلاج في الأردن

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

59 طفلا غزيا من أصل 77 يواصلون تلقي العلاج في الأردن

كشف رئيس جمعية المستشفيات الخاصة، فوزي الحموري، عن بقاء 59 طفلا ممن قدموا من غزة للعلاج على أسرّة المستشفيات الخاصة الأردنية، ضمن مبادرة الممر الطبي الأردني. وأضاف الحموري أن جميع الأطفال بحالة صحية جيدة ومستقرة، مشيرا إلى أن إصاباتهم معظمها شديدة. وقال الحموري، إن عدد الأطفال الذين تمكنت مبادرة الممر الطبي الأردني من إحضارهم وعلاجهم بلغ 77 طفلا رافقهم 169 من ذويهم، مبينا أن 17 منهم عادوا، وتبقى 59 يتلقون العلاج. وأوضح أن نوعية الإصابات للأطفال من العمر 6 أشهر إلى 18 عاما، توزعت بين تأثرهم بشظايا في الدماغ والصدر والتجويف البطني وحالات كسور معقدة وبتر للأطراف وتشوهات في القلب، ومصابين بالسرطان وأمراض مزمنة. وتابع: 'إعادة الأطفال ومرافقيهم إلى غزة هو جزء من الخطة الموضوعة لتنفيذ مبادرة الممر الطبي الأردني حتى لا يستغل هذا العمل الإنساني لتهجير الفلسطينيين من أرضهم'. وطمأن الحموري قائلا، إن جميع الأطفال المصابين بخير، موضحا أن معظمهم يعانون من إصابات حرب حرجة ومضاعفات متلاحقة؛ نتيجة تردي الأوضاع الصحية في القطاع، وعدم امتثالهم للإسعافات الأولية الضرورية. استكمل طفلان من قطاع غزة العلاج في المستشفيات الأردنية، وعادا رفقة 5 من ذويهم إلى غزة، عبر جسر الملك الحسين الثلاثاء. وتلقى الأطفال الرعاية الطبية اللازمة، بعد أن وصلوا إلى الأردن سابقا من خلال القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة. وتعد مبادرة الممر الطبي الأردني إحدى المبادرات التي ينفذها الأردن منذ بدء الحرب على غزة، بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية، وتشمل هذه المبادرات إرسال مستشفيات ميدانية وعيادات متخصصة، وقوافل مساعدات طبية وغذائية. وكان الأردن أعلن منذ إطلاق المبادرة أن المرضى ومرافقيهم سيعودون إلى غزة بعد استكمالهم العلاج؛ ليتسنى للأردن إجلاء دفعة جديدة من المرضى للعلاج في مستشفيات المملكة، ليجسد بذلك موقف الأردن الدائم في دعم الفلسطينيين وتثبيتهم على أرضهم، وألا يساهم بأي شكل في تهجير الفلسطينيين عن أرضهم.

'مكافحة الأوبئة': الفيروس المعوي المنتشر مؤخرا هو 'الروتا'.. ولا علاقة للبطيخ بأعراضه
'مكافحة الأوبئة': الفيروس المعوي المنتشر مؤخرا هو 'الروتا'.. ولا علاقة للبطيخ بأعراضه

رؤيا نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • رؤيا نيوز

'مكافحة الأوبئة': الفيروس المعوي المنتشر مؤخرا هو 'الروتا'.. ولا علاقة للبطيخ بأعراضه

كشف رئيس المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، عادل البلبيسي، عن طبيعة الفيروس المنتشر مؤخرا في الأردن والذي من أعراضه الإسهال والتقيؤ وارتفاع درجات الحرارة، مبينا أنه فيروس 'الروتا' (الفيروسة العجلية). وأوضح البلبيسي، الثلاثاء، أن 'الروتا'؛ من الفيروسات التي تنتشر في الفترة الممتدة من كانون أول إلى حزيران، مشيرا إلى أن فئة الأطفال وكبار السن أشد تأثرا بالإصابة، بسبب الجفاف. وتابع البلبيسي، قوله إن طريقة انتقال الفيروس تكون بالتلامس المباشر ولا ينتقل هوائيا. وأشار إلى أن الفئة العمرية المتوسطة تتأثر بأعراض الفيروس ويمتد تأثرها بالإصابة من 3 – 8 أيام، موضحا أنه لا علاج نوعيا مباشرا لأعراض الفيروس، وإنما يمكن العلاج من خلال الإكثار من السوائل والسوائل الملحية. وعن طرق الوقاية، أكد البلبيسي أن الأردن أدخل لقاحا ضد الفيروس منذ العام 2015، ويمكن الاستفادة منه للأطفال مجانا، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالنظافة وغسل اليدين جيدا والتعقيم باستمرار. ويكون المريض معديا، عندما تظهر عليه الأعراض حتى ثلاثة أيام من الإصابة، وفق البلبيسي، مجددا التأكيد على أن عدواه تكون تلامسية وليست هوائية. وردا على الأسئلة الشائعة بشأن تسبّب البطيخ والفواكه بأعراض مشابهة، نفى البلبيسي علاقة البطيخ وغيره من الفواكه بالتسبب بأعراض مرضية، موضحا أن ذلك ممكن في حال عدم غسلها جيدا. وعانى كثير من المواطنين من أعراض التقيؤ والإسهال وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، بسبب إصابتهم بالفيروس خلال الأيام والأسابيع الماضية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store