
انهيارات متكررة لعقارات بمصر... على من تقع المسؤولية؟
أثارت حوادث متكررة لانهيار عقارات في مصر خلَّفت قتلى ومصابين في الآونة الأخيرة تساؤلات حول من الذي تقع عليه مسؤولية هذه الانهيارات، التي أرجعها خبراء إلى «التوسع في البناء دون ترخيص» في فترات سابقة، مما نتج عنه مبانٍ غير مستوفية لشروط البناء.
وفي غضون أسبوع واحد، شهدت مصر 4 حوادث سقوط بنايات أدت إلى مقتل 18 شخصاً. ففي 18 يونيو (حزيران) الحالي، انهار عقار في منطقة السيدة زينب بوسط القاهرة، مما أسفر عن مقتل ثمانية. ومساء اليوم نفسه، انهار مبنى في مدينة الإسكندرية، لكنه كان قديماً لا يسكنه أحد، فلم يتسبب في سقوط ضحايا.
وبعد يومين فقط، انهار منزل في منطقة حدائق القبة بشرق القاهرة، وأدى ذلك إلى انهيار مبنيين آخرين وأودى بحياة 10 أشخاص، وخروج ناجٍ واحد من تحت العقار المنهار بعدما فقد زوجته وطفليه تحت ركامه. وفي غضون 3 أيام أخرى، انهار مبنى في شبرا مصر بشمال العاصمة، في حادث أصيب فيه ثلاثة.
ويُرجع أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري ماجد عبد العظيم تكرار مثل هذه الحوادث إلى «البناء غير المطابق».
ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن البناء غير المطابق ينقسم إلى نوعين: «إما بناء المبنى بالكامل دون الحصول على تراخيص؛ أو الحصول على ترخيص بعدد محدد من الأدوار، فيقوم صاحب العقار بزيادتها بشكل لا تتحمله أساسيات المبنى، فيصبح أكثر قابلية للانهيار مع حدوث هزات أرضية أو تصدعات في المبنى».
ويوجد في مصر نحو 3 ملايين مبنى مخالف، وفق تصريح لرئيس «لجنة التنمية المحلية» في مجلس النواب المصري، محمد السجيني، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
انهيار مبانٍ في مصر مُخلفة ضحايا (محافظة القاهرة)
وسعت الحكومة المصرية على مدار الأعوام الماضية إلى إنهاء أزمة مخالفات البناء، وشرَّعت عام 2019 قانوناً أجاز «التصالح» في بعض المخالفات وتقنين أوضاعها، مقابل دفع غرامات مالية. ومع العقبات التي واجهت عملية التنفيذ، أقر مجلس النواب المصري تعديلات على القانون في عام 2020، أعقبتها تعديلات أخرى صدرت في عام 2023 لتقديم تسهيلات جديدة للمخالفين من أجل التصالح.
وتنظر الحكومة المصرية إلى ملف تقنين أوضاع البنايات المخالفة على أنه «أحد الملفات المهمة لمنع البناء المخالف والعشوائي»، وفق مراقبين.
يقول عبد العظيم إنه من المفترض أن يحد قانون «التصالح في مخالفات البناء» من ظاهرة الانهيارات، إذ إنه لإجراء التصالح يتعين خروج لجنة من المتخصصين لمعاينة المبنى، وبحث ما إذا كانت المخالفات فيه لا تؤثر على أمانه، فتجيز التصالح فيه، وتحدد القيمة لذلك. أما إذا كانت المخالفات تهدد المبنى فمن المفترض أن يُرفض الطلب، ويَصدر قرار بهدم الأدوار المخالفة، أو هدم المبنى إذا كان يهدد قاطنيه.
لكنه حذر من «عدم التزام بعض العاملين في المحليات بالإجراءات»، مشيراً إلى «منح تراخيص لمشاريع تجارية مثل المطاعم أسفل المباني السكنية دون مراعاة لمعايير السلامة»، مذكراً بواقعة حدثت في مايو (أيار) الماضي حين انفجرت أسطوانة غاز داخل مطعم بضاحية مصر الجديدة بشرق القاهرة، ما أدى إلى انهيار 3 أدوار في المبنى.
محافظ القاهرة خلال تفقده انهيار مبنى وتأثيره على مبان أخرى في حدائق القبة في 20 يونيو 2025 (محافظة القاهرة)
ويقول العميد السابق لكلية هندسة المطرية جامعة حلوان محمد ربيع: «قبل إجراء مصالحات على أي مبنى، تُعاين لجنةٌ المبنى وتُجري كافة الاختبارات اللازمة له، وهي من تتحمل المسؤولية القانونية إذا انتهى تقريرها إلى سلامة المبنى، وكان الأمر غير ذلك، أو انهار فيما بعد».
إلى جانب أزمة «البناء المخالف»، توجد أسباب أخرى، في مقدمتها «قِدم وتهالك المبنى»، حسب ربيع الذي أضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المبنى الخرساني له عمر افتراضي 100 عام، وبعد مرور هذه المدة، لا بد أن يخضع للرقابة المستمرة من قِبل الإدارات المحلية، للتأكد من أمانه، وإلا عرَّض القاطنين فيه للخطر».
وكان محافظ القاهرة أرجع سبب انهيار 3 مبان في حدائق القبة إلى «قِدمها»، قائلاً في تصريحات صحافية آنذاك إنها كانت «مبنية على حوائط حاملة وقديمة».
وقدَّم عضو مجلس النواب المصري سيد شمس الدين، في أبريل (نيسان) الماضي، طلب إحاطة حول ملف «انهيار العقارات»، مطالباً الحكومة «بتنفيذ جميع القرارات الصادرة بشأن العقارات والمنازل القديمة، سواء الخاصة بإزالتها أو ترميمها للحفاظ على أرواح المواطنين».
ويرى ربيع أن البنية التحتية، مثل الصرف الصحي، الذي قد يتسرب إلى داخل المباني من ضمن أسباب انهيارها، وكذلك سوء الاستخدام من قبل السكان، ممن يقومون بعمل توسيعات.
وحمَّل خبير التنمية المحلية في مصر، حمدي عرفة، أجهزة المحليات، مسؤولية انهيار العقارات، مشيراً إلى «سوء إدارة ملف العقارات المخالفة في بعض المحافظات خلال وقت سابق، حيث أثَّرت إدارة ملف تراخيص البناء وقتها على زيادة المباني المخالفة، وانهيار العقارات وارتفاع الأدوار المخالفة»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«السيطرة على نزيف انهيار المباني في مصر».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
"فتيات العنب" يودّعن الحياة.. "نقل ثقيل" يخطف حياة 18 فتاة في حادث أليم هزّ مصر
في طريقهن إلى مزرعة العنب لجني ثماره وكسب قوت يومهن، كانت فتيات قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية شمال مصر، يواجهن التحديات والصعوبات بابتسامة عريضة، ويستقبلن يومهن بأمل في غدٍ أفضل، يستطعن فيه تحقيق أحلامهن. لكن تلك الأحلام تحولت إلى كابوس بعد أن ظفر الموت بأرواحهن، وترك أهل البلدة الصغيرة في غمٍّ وحزن لا يوصف. حادثة أليمة عمّ معها الحزن مصر كلها؛ فقد توجهن الفتيات إلى عملهن ككل صباح، لكنهن عدن في صناديق خشبية ليُوارين الثرى، ويُكتب الفصل الأخير من حياتهن. الفتيات اللائي كُنّ يعملن بيومية بسيطة لا تتعدى 130 جنيهًا مصريًا (نحو 10 ريالات)، لقين حتفهن بعد أن اصطدمت صباح الجمعة سيارة نقل ثقيل بالحافلة التي كانت تقلهن إلى العمل، على الطريق الإقليمي أمام مركز أشمون بمحافظة المنوفية؛ ما أدى إلى وفاة 18 فتاة وسائق الحافلة، فيما تصارع ثلاث فتيات الموت على أسرّة المستشفيات. ووفقًا لتقارير محلية، فتتراوح أعمار الضحايا بين 14 و22 عامًا، بعضهن المعيلات الوحيدات لأسرهن، وبعضهن لم يُكملن تعليمهن من أجل مساعدة أسرهن. وتوافد الآلاف من سكان قرية كفر السنابسة لتشييع جثامين الفتيات الشابات، والتفّ الأهالي حول النعوش وهم في حالة من الذهول، فيما تعالت أصوات النحيب والبكاء. وأدى المشيعون صلاة الجنازة، قبل أن يتوجهوا في موكب مهيب طويل إلى المقابر؛ ليواروا جثامين الفتيات الثرى، وسط حالة من الانهيار والصدمة بين أسر الضحايا.


الرياض
منذ 5 ساعات
- الرياض
القبض على مصري في الشرقية لترويجه مادة الحشيش المخدر
قبضت دوريات الإدارة العامة للمجاهدين بالمنطقة الشرقية على مقيم من الجنسية المصرية لترويجه مادة الحشيش المخدر، وأوقف واتُخذت الإجراءات النظامية بحقه، وأُحيل إلى جهة الاختصاص. وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية و(999) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات (995)، وعبر البريد الإلكتروني Email: 995@ وستعالج جميع البلاغات بسرية تامة، ودون أدنى مسؤولية على المبلّغ.


الشرق الأوسط
منذ 6 ساعات
- الشرق الأوسط
تصاعد «جرائم العنف العائلية» في مصر
تصاعدت «جرائم العنف العائلية» في مصر خلال الفترة الأخيرة، وكانت أحدث وقائع تلك الجرائم إطلاق أب الرصاص على زوجته وطفليه من سلاح ناري خلال وجودهما على الطريق الدائري بالقاهرة، الجمعة، وعلى أثر ذلك توفيت ابنته ذات الأعوام الثلاثة، فيما نجت زوجته ونجله الرضيع، وباشرت النيابة التحقيق مع الأب فور توقيفه مع سيطرة المارة عليه قبل إطلاق الرصاص مرة أخرى. الحادث جاء بعد أيام قليلة من قيام أب بمحافظة قنا في صعيد مصر بطعن نجليه وشقيقه بسكين بعد تصاعد الخلافات بينهم، فيما قتلت سيدة أبنائها الثلاثة خنقاً في القاهرة، قبل أيام، وسلمت نفسها للشرطة بعدها، وهي الجريمة التي وقعت في ضاحية الشروق بالقاهرة الجديدة وهزت الشارع المصري، بعدما اعترفت الأم بارتكاب الجريمة على خلفية خوفها على مستقبل أبنائها والضائقة المالية التي تمر بها بعد انفصالها عن زوجها وعدم قدرتها على سداد مصروفات أبنائها الدراسية. وأرجعت أستاذة علم الاجتماع، هالة منصور، تصاعد جرائم العنف العائلية لأسباب عدة «من بينها زيادة حدة المشكلات الاقتصادية والضغوط التي يعاني منها البعض، مع ضعف العلاقات الاجتماعية مع العائلة والأهل والجيران، على عكس ما كان يحدث في الماضي، بسبب الانشغالات الكثيرة وتغير نمط الحياة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «العنف الأسري يسبقه عادة تاريخ مرضي للشخص يعاني فيه من خلل بالشخصية وقد يكون مفاجئاً». مصريون في إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة (الشرق الأوسط) وأضافت أن «تقلص العلاقات الاجتماعية وتحولها إلى علاقات سطحية أو علاقات عمل فحسب جعلت الكثير من الأفراد ليس لديهم متنفس للتعبير عن مشكلاتهم، ومع تراكمها قد تدفع للانفجار في ظل ضعف الوازع الديني الحقيقي وشيوع مفهوم التدين الشكلي المرتكز على المظاهر الدينية دون العمل بجوهره». رأي يدعمه أستاذ علم النفس، الدكتور جمال فرويز، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الظروف الاقتصادية التي شهدتها مصر بعد حرب 1967 كانت أسوأ مقارنة بالوضع الحالي، ومع ذلك لم يكن هناك شيوع للعنف الأسري بهذه الطريقة»، الأمر الذي يرجعه إلى وجود حالة من «التراجع الثقافي» واستسهال «زهق الأرواح» بعدّه الخلاص من الأزمات، وفق تعبيره. وأضاف أن «مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وبروز مشاهد الدم واعتيادها وزيادة حدة العصبية والانفعال أمور كلها تدفع نحو ارتكاب الجرائم، خصوصاً مع عدم وجود مرجعية ثقافية راسخة في المجتمع وتراجع دور المؤسسات الدينية والمجتمع في مثل هذه الأمور». ووثّق تقرير حقوقي من مؤسسة «إدراك للتنمية والمساواة» وقوع 1195 جريمة عنف ضد الفتيات والنساء خلال العام الماضي، بحسب التقرير السنوي الذي أصدره في فبراير (شباط) الماضي. وجاءت جرائم القتل أعلى معدلات العنف بواقع 363 واقعة، منها 261 جريمة قتل نتيجة لعنف أسري، فيما حل الطعن بعدّه الطريقة الأكثر شيوعاً بنسبة 23.1 في المائة من الجرائم التي وثقها التقرير. وهنا يشير جمال فرويز إلى «ضرورة قيام الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية بتسليط الضوء على المشكلات الأسرية والعمل على إعادة بناء الروابط الاجتماعية المختلفة بين الأفراد عبر خطط إعلامية ممنهجة لمنع هذه الجرائم». وتتفق معه في الرأي هالة منصور، التي تؤكد على «وجود قصور في الوعي بشأن بنية الأسرة السليمة، وتفهّم ضغوط الحياة والعمل على مواجهتها يتطلبان جهوداً مشتركة من جميع الأطراف بالمجتمع».