logo
حين يتحوّل السكن إلى أزمة .. مغالاة الإيجارات في إب وغياب آليات الضبط الرسمية

حين يتحوّل السكن إلى أزمة .. مغالاة الإيجارات في إب وغياب آليات الضبط الرسمية

يمنات الأخباريمنذ 14 ساعات
يمنات
في إب، المدينة الخضراء التي طالما تغنّى بها اليمنيون، تعيش آلاف الأسر تحت وطأة أزمة سكنية خانقة، لم تعد تخفى على أحد. الإيجارات في تصاعد مستمر، والأعباء تثقل كاهل المواطنين في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وغياب أنظمة رقابية فاعلة تضبط الأسعار وتضع معايير عادلة للتأجير.
شقق متواضعة في أطراف المدينة تُعرض بإيجارات تصل إلى 100 أو 140 ألف ريال شهريًا، دون احتساب الماء أو الكهرباء، وكلاهما من القطاع الخاص وبأسعار باهظة. ما جعل السكن – أحد الحقوق الأساسية للمواطن – خارج متناول شرائح واسعة من المجتمع.
ولا يقتصر الأمر على ارتفاع الأرقام، بل يمتد إلى ما يصفه البعض بـ'شروط قاسية': دفع عدة أشهر مقدمًا، ودون عقد قانوني منصف، في ظل محدودية التدخل المؤسسي لحماية حقوق المؤجر والمستأجر معًا.
فراغ تشريعي أم قصور في التنظيم؟
الواقع يُظهر أن ما يجري في سوق الإيجارات ليس بالضرورة نتيجة قرار سياسي، بل قد يكون انعكاسًا لفراغ تشريعي، وغياب آليات ضابطة للسوق العقاري، في مرحلة طارئة تمر بها البلاد، أضعفت فيها الحرب القدرة الإدارية للدولة وأثّرت على فاعلية أجهزتها الخدمية.
لقد أتاح هذا الفراغ – عن قصد أو عن غير قصد – الفرصة لعدد من الملاك والدلالين لفرض رسوم عالية، تصل أحيانًا إلى نصف مليون ريال كمبلغ أولي لاستئجار شقة صغيرة، تشمل الإيجار، التأمين، و'دلالة' السمسار.
وما يزيد من صعوبة الوضع، اشتراط ضمانات تجارية لا تتوفر إلا لفئة محددة، ما يفتح الباب لممارسات تمييزية غير مقصودة ضد محدودي الدخل، ويجعل من أزمة السكن أزمة مركبة تمس الكرامة المعيشية والاجتماعية للمواطن.
الأجهزة الرقابية مدعوّة للتدخل الإيجابي
في ظل هذا الواقع، تُطرح تساؤلات مشروعة عن دور الأجهزة الرقابية والتنظيمية، وسبل تفعيل مبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات في سوق السكن.
إذ يُفترض – بحسب قواعد الإدارة العامة – أن يكون للدولة دور تنظيمي لا يتعارض مع اقتصاد السوق، لكنها تُسهم في حماية المستأجر من الاستغلال، كما تحمي المؤجر من التعثر، عبر تشريعات واضحة وآليات تطبيق فعالة.
السكن مسؤولية اجتماعية قبل أن يكون سلعة
ما ينبغي التذكير به أن السكن ليس مجرد معاملة تجارية، بل هو أحد أساسيات الحياة الكريمة، ومؤشر على مدى التماسك الاجتماعي. وارتفاع الإيجارات بشكل غير منضبط قد يقود إلى آثار اجتماعية واقتصادية سلبية، لا تتوقف عند اضطراب معيشة الفرد، بل تمتد إلى تهديد الاستقرار الأسري والمجتمعي.
ويأمل المواطنون أن تبادر الجهات المختصة لوضع معايير عادلة تحد من الانفلات السعري، بما يراعي الظرف الاقتصادي الاستثنائي للبلد، ولا يُثقل كاهل المواطن البسيط، ولا في الوقت نفسه يجحف بحقوق المالك.
نحو مراجعة شاملة
اطّلعت قناة بوابة القانون والقضاء اليمني على نماذج من عقود إيجار وُصفت بأنها تفتقر إلى التوازن القانوني، حيث يُفرض على المستأجر شروط تجديد سنوية تُمكّن المؤجر من رفع الإيجار أو إنهاء العلاقة التعاقدية بسهولة، دون ضمانات كافية للطرف الأضعف.
ويُضاف إلى ذلك ما يُتداول عن امتناع بعض الملاك عن تأجير مساكنهم لموظفي الدولة، ومنهم القضاة، خشية تعثرهم في السداد في ظل توقف المرتبات. هذا ما يستدعي – من باب المسؤولية الوطنية – تدخلًا من الجهات المعنية لإعادة الثقة بين جميع أطراف المعادلة.
خسارة لا تُقاس بالمال
لطالما كانت محافظة إب مهوى أفئدة الزائرين، تُستقبل بالترحاب كما تُستقبل الغيوم، ويُحتفى بالضيف فيها كما يُحتفى بالقَطر بعد القحط. كانت تُعرف بكرمها لا بأسواقها، وبأهلها لا بعقاراتها، وكانت تُضرب بها الأمثال في الضيافة لا في المضاربة.
أما اليوم، ومع تفشي المغالاة في الإيجارات، وغياب التراحم بين السكان، تفقد إب تدريجيًا هذه السمعة التي كانت تاجًا على جبينها. لم تعد المحافظة كما كانت؛ الوجه الباسم لليمن، بل تحوّلت عند البعض إلى سوق مغلقة على الربح المجرد، لا تسأل من الذي يدفع، ولا كيف.
وهذه خسارة لا تُقاس بالريال، بل تُقاس بما يتسرّب من القيم، وبما يتفتت من المروءات في زحمة اللهاث وراء العائد السريع. فالمكان الذي يفقد صفاته الأخلاقية، يفقد معه تاريخه، وهويته، ومكانته في وجدان الناس.
أخلاق الاستثمار
ليس السكن مجرد استثمار عقاري، وليس العائد الإيجاري مكسبًا صرفًا في ظرف كهذا. في بيئة يعيش فيها غالبية المواطنين تحت خط الحاجة، يتحوّل التسعير المجحف إلى فعل خارج عن نطاق التوازن المدني، ويقترب – وإن لم يُقصد – من حدود الاستغلال البشري.
في مدينة إب، وغيرها من المدن، أصبحت القيمة الإيجارية المفروضة على الشقق السكنية تُقتطع لا من فائض الدخل، بل من أساسيات الحياة: من ثمن الرغيف، ودواء الطفل، ونفقة المرأة، ومصاريف الدراسة. فالأجرة الشهرية التي تُقرّ بعين المالك من الخارج، تُجمع هنا من قوت الداخل، على هيئة دين، أو إذلال، أو حرمان.
من هنا، فإن المسؤولية لم تعد قانونية فقط، بل أخلاقية قبل كل شيء. فمن يملك العقار، يملك – بحكم الواقع – جزءًا من مصير من يسكنه، وعليه أن يدرك أن كل تسعيرة مبالغ فيها قد تعني ليلة جوع، أو انسحاب طفل من المدرسة، أو أمًا مضطرة لتختار بين دوائها وإيجار سقف يؤويها.
وليس من المقبول – في بلد تخلّت فيه الدولة مرحليًا عن ضبط السوق – أن يتحول غياب القانون إلى مبرر لتغوّل الأسعار. فحيث يغيب التنظيم الرسمي، يجب أن يُستدعى الضمير. وحيث تتعطل الرقابة، ينبغي أن يحكم المالك ضميره لا شهوته في الربح.
وهنا تبرز الإشارة – بلا تعميم – إلى بعض المغتربين من ملاك العقارات، ممن يتلقون تحويلاتهم شهريًا دون أن يسألوا أنفسهم: كيف دُفعت؟ وما الذي اقتُطع من حياة الناس ليُرسل إليهم هذا العائد؟ في بلد كاليمن، الاستثمار العقاري لا يخلو من وجه اجتماعي، ومن يرفض رؤيته، ينتهي به الأمر – من حيث لا يدري – إلى المتاجرة بأوجاع الناس.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أخبار قطر : بورصة مسقط تسجل ارتفاعاً بنسبة 53.5% في قيمة التداول خلال يونيو الماضي
أخبار قطر : بورصة مسقط تسجل ارتفاعاً بنسبة 53.5% في قيمة التداول خلال يونيو الماضي

نافذة على العالم

timeمنذ 32 دقائق

  • نافذة على العالم

أخبار قطر : بورصة مسقط تسجل ارتفاعاً بنسبة 53.5% في قيمة التداول خلال يونيو الماضي

اقتصاد 26 05 يوليو 2025 , 02:18م بورصة مسقط مسقط - قنا ارتفعت قيمة التداول ببورصة مسقط في شهر يونيو الماضي إلى 229.4 مليون ريال عُماني، مسجلة زيادة بنسبة 53.5 بالمئة عن مستواها في مايو، والبالغ 149.4 مليون ريال عُماني. وسجّلت بورصة مسقط في يونيو الماضي ثاني أعلى قيمة للتداول خلال العام الجاري، فيما تصدر شهر فبراير القائمة بـ 234.5 مليون ريال عُماني، كما سجلت البورصة في شهر يونيو الماضي أعلى مستوى للصفقات المنفّذة خلال العام الجاري عند 34 ألفًا و489 صفقة، مرتفعة بنسبة 5.3 بالمئة عن مستواها في مايو والبالغ 32 ألفا و736 صفقة. وارتفعت القيمة السوقية للأوراق المالية المدرجة بالبورصة بنهاية الشهر الماضي إلى 28 مليارا و270.4 مليون ريال عماني، مسجلة مكاسب عند 343 مليون ريال عماني. وتأثر المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط الشهر الماضي بالأوضاع السياسية التي شهدتها المنطقة، ليسجل تراجعًا بمقدار 60 نقطة، مختتما تداولات يونيو على 4500 نقطة. واتجهت المؤشرات القطاعية إلى التراجع أيضًا؛ فقد تراجع مؤشر قطاع الصناعة 96 نقطة، وتراجع مؤشر القطاع المالي 92 نقطة، وفقد مؤشر قطاع الخدمات 25 نقطة، وسجل المؤشر الشرعي تراجعا بـ 9 نقاط.

نافذة - قطاع النقل في المدينة المنورة يدعم مشاريع التنمية ويجذب الاستثمار بالمنطقة
نافذة - قطاع النقل في المدينة المنورة يدعم مشاريع التنمية ويجذب الاستثمار بالمنطقة

نافذة على العالم

timeمنذ 33 دقائق

  • نافذة على العالم

نافذة - قطاع النقل في المدينة المنورة يدعم مشاريع التنمية ويجذب الاستثمار بالمنطقة

السبت 5 يوليو 2025 02:50 مساءً يشهد قطاع النقل والخدمات اللوجستية في منطقة المدينة المنورة وتيرةً تصاعديةً وتوسّعًا مستمرًا في الأنشطة المرتبطة به، بناءً على ما أكدته الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة، في ظل تنامي الطلب على خدمات النقل والتخزين، واتساع النشاط التجاري والسياحي في المنطقة. وأشارت الغرفة -وفقًا لتقريرها الاقتصادي- إلى أن القطاع يشهد تناميًا متزايدًا وإقبالًا من المستثمرين وروّاد الأعمال، بما يُسهم في تقديم حلول لوجستية مرنة تدعم التجارة والخدمات والضيافة، ومنها خدمات النقل السياحي، لا سيما في ظل تسجيل إشغال فنادق بنسبة (76.9%) في المدينة المنورة حتى نهاية يونيو 2025, ويُعد القطاع عاملًا مشتركًا بين العديد من الأنشطة الحيوية، ومحرّكًا مباشرًا للنمو المحلي في المدينة ومحافظاتها. وسجّلت منطقة المدينة المنورة مبيعات نقاط بيع بلغت نحو (404) ملايين ريال خلال الأسبوع الماضي، وتسهم المنطقة بنحو (6.6%) في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، مما يعكس استمرار الطلب المحلي على السلع والخدمات المرتبط بالحركة التجارية، التي يُعد قطاع النقل والخدمات اللوجستية من أعمدتها الأساسية. وأوضحت الغرفة أن قطاع النقل يمثل ركيزة أساسية تدفع عجلة التنمية الاقتصادية في المنطقة، من خلال دعم الأنشطة الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة سلاسل الإمداد.

«البلديات والإسكان» توافق على القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات
«البلديات والإسكان» توافق على القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات

مجلة رواد الأعمال

timeمنذ ساعة واحدة

  • مجلة رواد الأعمال

«البلديات والإسكان» توافق على القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات

أعلنت وزارة البلديات والإسكان موافقتها على القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات البلدية، وأوضحت الوزارة أن هذه القواعد ستحل محل القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات البلدية الصادرة في 12 ربيع الأول 1443 هـ. وسيتم العمل بها اعتبارًا من تاريخ نشرها. بحسب البيان الرسمي للوزارة. كما أشارت وزارة البلديات والإسكان إلى أن اللائحة تنص على أن يعاقب كل من ارتكب مخالفة بواحد أو أكثر. بإغلاق المحل أو المنشأة لمدة لا تزيد أسبوعين وتجوز مضاعفة الجزاء في حال تكرار المخالفة. بالإضافة إلى غرامة لا تتجاوز 500 ألف ريال. ولا تتجاوز مليون ريال إذا كانت المخالفة جسيمة ويجوز مضاعفة الجزاء في حالة تكرار المخالفة. كما تتعدد الغرامة بتعدد من وقعت منهم المخالفة. أيضا يجوز بأمر من رئيس مجلس الوزراء رفع الحد الأعلى للغرامة المنصوص عليها في هذه الفقرة بعد الاتفاق بين الوزير ووزير المالية. أيضًا أكدت الوزارة إلغاء الترخيص البلدي للمحل أو المنشأة ومنعهما من مزاولة النشاط لمدة لا تزيد عن سنتين إذا كانت المخالفة جسيمة. على أن يقتصر إيقاع الجزاءين الواردين أعلاه من هذه المادة على المكان الذي وقعت فيه المخالفة. كما تحدد القرارات التنفيذية الصادرة بموجب اللائحة الإجراءات المترتبة على إيقاع أي من الجزاءين السابقين من هذه المادة. جزاءات وزارة البلديات والإسكان في حالة المخالفات علاوة على ذلك، تحدد الوزارة القيمة الأساسية لكل مخالفة في الجدول وفقا لتصنيف الأمانات والبلديات على ألا يتجاوز الحد الأعلى لغرامة المخالفة البلدية غير الجسيمة مليون ريال ومليوني ريال إذا كانت المخالفة جسيمة. وذلك في حال تعدد تكرارها واحتساب المضاعفات لها. كما تستثني الوزارة من ذلك المخالفات المنصوص عليها في الجدول بإيقاع جزاء الإغلاق في حقل العقوبة التبعية فتطبق في المرة الأولى للمدة المحددة في الجدول وتضاعف عند التكرار مرة أخرى. من ناحية أخرى، يتم إلغاء الترخيص البلدي لمدة لا تزيد على سنتين للمحل أو المنشأة في المخالفات البلدية الجسيمة التي ترتكب للمرة الرابعة. بالإضافة إلى ذلك،0 يصدر وزير البلديات والإسكان جدولًا تفصيليًا يحدد المخالفات والجزاءات المقابلة لها. مع مراعاة تدرج الجزاء حسب نوع المخالفة وتكرارها وتأثيرها. كما تنص القواعد على منح مهلة تصحيحية للمخالفات؛ حيث يكتفى في المخالفات غير الجسيمة بالتنبيه ومنح مهلة قبل توقيع الجزاء. بينما تكون المهلة التصحيحية للمخالفات الجسيمة بعد توقيع الجزاء. كما تتراوح المهل التصحيحية من يوم واحد للمخالفات العاجلة إلى ثلاثين يومًا للمخالفات التي تتطلب الهدم. أيضًا سيحدد مقدار الجزاءات بناءً على تصنيف الأمانات والبلديات وتصنيف المنشآت التجارية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store