
'المهنة:نادلة!!'.. نساء وفتيات يكتبن فصول تحول مجتمعي متواصل من داخل المقاهي الشعبية
في مقهى صغير باطراف حي 'ظهر القنفوذ' بمقاطعة بني مكادة، تتوسط مريم مشهدًا صاخبًا عنوانه ضوضاء تعم أرجاء المكان؛ دخان السجائر يصنع ما يشبه سحابة مسائية لا أثر لقطرات المطر فيها، تجلس للحظات خلف طاولة خشبية بعد ساعات طويلة من التحرك المتواصل بين الطاولات بخفة وبأكواب القهوة وكؤوس الشاي المتراصة التي تعانق -حسب رغبات الزبائن- براريد رمادية اللون على صينية معدنية تعكس ضوء المصابيح الخافتة.
في كل خطوة لها، تحمل النادلة الشابة شهادة صامتة على التحولات التي تعيشها مدينة طنجة وطغت على فضاءات كثيرة فيها؛ حيث التجمعات واللقاءات اليومية لفئة من اعتادوا المقاهي ملاذا ممكنا، حيث بدأت النساء يقتحمن مساحات عمل أو بالأحرى مهنا وحرفا كانت لفترة طويلة حكرًا على الرجال ولم يكن المرء يوما يتوقع أن المرأة ستطرق باب المساحات المذكورة بحثا عن لقمة عيش.
قبل سنوات قليلة، لم يكن مشهد امرأة تقدم الطلبات في مقهى عصري مألوفا فما بالك بمقهى شعبي. يبدو الأمر في الذي مضى من الزمان غير ممكن أو نادر، فقد كان هذا المجال مقتصرًا على مقاهٍ راقية تخدم السياح أو زوار الطبقة الوسطى.
اليوم، ومنذ بضع سنوات، تغيرت الصورة، فأصبحت مريم وغيرها من النساء جزءًا لا يتجزأ من المشهد اليومي داخل الأزقة المكتظة بأحياء في حاضرة البوغاز مثل 'العوامة' و'مسنانة'.
وتقول مريم بابتسامة خجولة يغشاها الهدوء، وهي تمسح جبينها بمنديل صغير: 'في البداية، شعرت وكأنني غريبة عن المكان؛ التعود على هذا الوضع لم يكن بالأمر اليسير. لكن الحاجة كانت أقوى من ترددي. ومع الوقت، اعتدتُ على العمل، واعتاد الزبائن على وجودي؛ واعتدت أنا على نمط العيش وسط هاته الأجواء التي يغلب عليها طابع حضور الرجال.'
لكن خلف هذه الابتسامة تختبئ حكايات صعبة، فالمقهى ليس دائمًا مكانًا مريحًا. تضيف مريم بصوت خافت: 'بعض الزبائن يتصرفون بطريقة مزعجة. هناك من يطلق تعليقات غير لائقة، ومن يحاول أن يكون أكثر جرأة بطلب أشياء شخصية أو حتى دعوات للخروج ومآرب أخرى. أحاول أن أتعامل مع الأمر بهدوء، لكن ذلك ليس سهلًا دائمًا'
في حي 'حومة الشوك'، لا يختلف المشهد كثيرًا. بين طاولات مزدحمة بالزبائن، تقف فاطمة بنظرات حادة وكلمات مقتضبة، تحاول السيطرة على صخب المكان الذي يعج بأصوات المباريات وطلبات الزبائن المتزايدة.
تحكي عن بداياتها قائلة: 'كنت أشعر بالخوف. كنت الوحيدة وسط الرجال، وشعرت كأنني أحارب لتحجز قدمي مكانًا في هذا العالم. الآن، الوضع أفضل، لكن الضغوط لا تختفي.'
وتصف فاطمة كيف تتحول بعض المواقف اليومية إلى تحديات نفسية. 'في بعض الأيام، أعود للبيت منهكة، ليس فقط بسبب العمل، ولكن بسبب التعليقات التي أسمعها أو النظرات غير المريحة. هناك من يظن أن وجودنا هنا دعوة مفتوحة لتجاوز الحدود؛ وهناك من هو مستعد لإصدار أحكام جاهزة في حق امرأة لمجرد أن ظروف الحياة قادتها للاشتغال نادلة في المقهى'
ورغم كل شيء، يبدو أن الكثير من النساء يعتبرن هذه المهنة طوق نجاة. هند، التي تعمل في مقهى شعبي آخر، تنظر إلى الأمر بواقعية: 'العمل صعب، لكنه يمنحني استقلالًا ماديًا؛ أعيل أسرة مكونة من أم أرملة وإخوة وأخوات؛ لدي اليوم دخل لم أكن أحلم به. هنا، أجد مساحة لأثبت نفسي، رغم الظروف الصعبة والإكراهات التي أعيشها.. واقع الحياة المر؛ طباع الزبائن؛ مزاجية صاحب المقهى وأشياء أخرى.'
لكن التحديات لا تقتصر فقط على السلوكيات غير اللائقة. في أيام المباريات الكبرى، تتحول المقاهي إلى ساحات مشتعلة.
وتصف سارة، التي تعمل في مقهى شبه عصري، هذه اللحظات قائلة: 'الأمر أشبه بماراثون. الطلبات لا تنتهي، والجميع يريد الخدمة فورًا أو قد يطلق العنان للسانه الغاضب المتذمر من ضعف الخدمة. أحيانًا أنسى أن أتناول وجبتي بسبب الضغط، لكنني أتمسك بالصبر لأنني أعلم أن هذا هو الطريق لتحقيق الاستقرار.'
ورغم التحفظات التي ما زالت قائمة في بعض الأوساط، يواصل حضور النساء في المقاهي الشعبية التوسع، محدثًا تغييرًا ملحوظًا في طبيعة العمل الاجتماعي في طنجة. بين قبول وتردد، وبين التحديات والمكاسب، يرسمن ملامح جديدة لواقع يتغير ببطء، لكن بثبات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بديل
منذ ساعة واحدة
- بديل
المغرب يُطلق مناقصة دولية لتدقيق الأمن السيبراني في قطاع العقار
أطلقت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية (ANCFCC) مناقصة دولية لتدقيق شامل في أنظمتها المعلوماتية الحيوية، بميزانية تقديرية تبلغ *2.5 مليون درهم*. يشمل المشروع فحص الأنظمة المركزية، ثلاث مكاتب إقليمية، وأكثر من 40 تطبيقًا رقميًا، وذلك خلال مدة تنفيذ تمتد لـ13 شهرًا (يوليو 2025 – غشت 2026). الوكالة تشترط على المتنافسين الحصول على *اعتماد 'باسي الفئة أ' (PASSI Class A)* من المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، وتوفر طواقم تقنية بشهادات مهنية دولية مثل *CISSP وCEH وISO 27001*، مع التزام بأن تشكل الكفاءات المغربية 20% من الفريق. - إشهار - العروض المغربية تستفيد من أفضلية مالية بـ15%، فيما تُفرض غرامات على التأخير بواقع 1‰ يوميًا. آخر أجل لتقديم العروض: 15 يوليوز 2025 عبر منصة الصفقات العمومية : يندرج المشروع ضمن *الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني*، ويُعد خطوة بارزة في تعزيز السيادة الرقمية وحماية البيانات العقارية والجغرافية بالمغرب.


كواليس اليوم
منذ ساعة واحدة
- كواليس اليوم
قيوح: المغرب بقيادة جلالة الملك جعل من التعاون الإفريقي محورا رئيسيا في سياسته الخارجية
وكالات أكد وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، اليوم السبت بإسطنبول، أن المغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعل من التعاون الإفريقي محورا رئيسيا في سياسته الخارجية ونموذجه التنموي. وأوضح قيوح، في مداخلة له خلال جلسة رفيعة المستوى نُظمت تحت عنوان 'إطلاق إمكانات إفريقيا في مجال الربط'، في إطار منتدى الربط العالمي للنقل، أن المملكة تؤمن بأن إفريقيا مطالبة بأن تكون سيدة مصيرها، وقادرة على بناء تكامل قاري فعلي قائم على بنية تحتية قوية، وإرادة سياسية مشتركة، ورؤية استراتيجية موحدة. وأضاف المسؤول أن تعزيز الربط القاري يشكل رافعة استراتيجية لتحقيق هذا الطموح الإفريقي المشترك، مسجلا أن المغرب يضع في صلب أولوياته مشاريع مهيكلة تروم تسريع الاندماج الإفريقي وفك العزلة عن المناطق غير الساحلية. وفي هذا السياق، أبرز الوزير أن ميناء الداخلة الأطلسي يجسد هذا التوجه الطموح، باعتباره جزءا من المبادرة الملكية الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك من أجل تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مشيرا إلى أن هذه البنية التحتية الاستراتيجية ستشكل أداة فعالة لربط إفريقيا جنوب الصحراء بالمجال الأطلسي، وتعزيز انفتاح دول الساحل على العالم. كما استحضر قيوح الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة إلى المشاركين في قمة 'إفريقيا من أجل المحيط'، المنعقدة مؤخرا في نيس في إطار مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، والتي تلتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، ممثلة لجلالة الملك، والتي رسمت معالم رؤية بحرية جديدة لإفريقيا، تقوم على تعزيز النمو الأزرق كقاطرة للتنمية المستدامة، وتوسيع التعاون جنوب-جنوب، وتكامل إقليمي متمحور حول الفضاءات البحرية. وأضاف أن هذه الرؤية الملكية المتكاملة تنعكس أيضا في التزام المغرب بتطوير أسطول بحري تجاري وطني، ليس فقط لتوسيع قدراته في مجال النقل، بل لبناء منظومة بحرية متكاملة قائمة على الاستثمارات المشتركة والربط المنتظم بين الموانئ الإفريقية. وفي معرض حديثه عن التحديات التي تواجه القارة، أشار الوزير إلى أن ضعف البنيات التحتية، وتعدد الإكراهات التنظيمية، وضعف التنسيق، وقلة التمويل، لا تزال تحد من قدرة إفريقيا على تحقيق اندماج حقيقي، مشددا على ضرورة تفعيل منطقة التبادل الحر القارية، وإقامة ممرات نقل متعددة الوسائط، وتوحيد المعايير، وتعزيز القدرات التمويلية لدعم المشاريع اللوجستية العابرة للحدود. وفي هذا الإطار، أكد قيوح أن المغرب يعمل على تطوير منصة لوجستية إقليمية فعالة، من خلال مشاريع استراتيجية كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، والناظور غرب المتوسط، والداخلة الأطلسي، وميناء طانطان المستقبلي، بما يجعل من المملكة حلقة وصل محورية بين إفريقيا وباقي مناطق العالم. وأشار إلى أن هذه الدينامية تتقاطع أيضا مع الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي، إذ يسعى المغرب إلى التموقع كمركز إقليمي لإنتاج وتوزيع الهيدروجين الأخضر، معتمدا على بنياته المينائية المتطورة لتوفير الوقود النظيف للسفن، والمساهمة في إزالة الكربون من النقل البحري، وتعزيز جاذبية الموانئ المغربية كمراكز لوجستية خضراء على الصعيدين الإقليمي والقاري. كما شدد الوزير على أن هذه البنيات التحتية لن تؤدي دورها الكامل إلا في إطار رؤية قارية مندمجة، داعيا إلى الاستثمار في الرأسمال البشري الإفريقي، وتعزيز سلاسل القيمة الإقليمية، وتشجيع الابتكار في مجال اللوجستيك. واختتم قيوح مداخلته بالتأكيد على التزام المملكة الراسخ بمواكبة كل المبادرات الإفريقية الرامية إلى تعزيز الربط القاري، لاسيما في الفضاء الأطلسي، معتبرا أن الربط يعد من أبرز الأدوات الكفيلة بتحقيق السيادة الإفريقية، وتعزيز التضامن، وفتح آفاق جديدة للنمو المشترك. وتميزت هذه الجلسة رفيعة المستوى بمشاركة وزيري النقل واللوجستيك في كل من موريتانيا والكونغو، إلى جانب رئيس موانئ جيبوتي. ويشارك المغرب في منتدى الربط العالمي للنقل، الذي تنظمه وزارة النقل والبنية التحتية التركية بدعم من البنك الدولي على مدى ثلاثة أيام (27 – 29 يونيو)، بوفد هام يترأسه قيوح، ويضم سفير صاحب الجلالة لدى الجمهورية التركية، محمد علي الأزرق، وعددا من مديري ومسؤولي قطاع النقل والسلامة الطرقية.


WinWin
منذ ساعة واحدة
- WinWin
لتسجيل صفقاته الجديدة.. كيف يفلت برشلونة من قبضة الليغا؟
يواصل نادي برشلونة سباقه مع الزمن من أجل تسجيل صفقاته الجديدة خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية، وسط قيود مالية صارمة تفرضها رابطة الدوري الإسباني "الليغا"، وسقف رواتب لا يزال يلقي بظلاله على تحركات النادي الكتالوني في سوق الانتقالات. وتعود جذور هذه الأزمة إلى فترة الرئيس السابق جوزيب ماريا بارتوميو، حين أبرمت تعاقدات ضخمة برواتب عالية واستثمارات محدودة الجدوى، ما راكم الأعباء المالية على النادي. ورغم محاولات لابورتا لتصحيح المسار، لا تزال آثار تلك المرحلة تحد من حرية النادي في سوق الانتقالات. ووفقًا لتقارير إعلامية إسبانية، فإن الحارس خوان غارسيا، المنتقل من إسبانيول، يأتي في مقدمة الأسماء التي يسعى النادي لتسجيلها، إلى جانب نيكو ويليامز، نجم أتلتيك بيلباو، الذي تقترب عملية دفع شرطه الجزائي البالغ 62 مليون يورو مطلع يوليو المقبل. برشلونة مجبر على العودة إلى "قاعدة 1:1" صحيفة "آس" الإسبانية أوضحت أن تسجيل الصفقات الجديدة مرهون بعودة برشلونة إلى "قاعدة 1:1"، والتي تتيح للنادي إنفاق يورو واحد مقابل كل يورو يدخل خزينته. ورغم أن النادي اقترب من تحقيق هذا التوازن في نهاية 2024، إلا أن اعتراض رابطة الليغا على صفقة بيع حقوق 475 مقعدًا VIP في "سبوتيفاي كامب نو" أوقف العملية مؤقتًا. ومع اقتراب استكمال تجهيزات هذه المقاعد قبل نهاية يونيو، تشير التقديرات إلى أن برشلونة يحتاج حاليًّا إلى تأمين نحو 30 مليون يورو فقط، لتسجيل كل من غارسيا وويليامز، بعد أن كان المبلغ الإجمالي المطلوب قرابة 47 مليونًا. مبيعات اللاعبين والتخلص من الرواتب المرتفعة وخفض النادي العجز المالي تدريجيًّا بفضل بيع عقود لاعبين مثل جان كلير توديبو، أليكس فايي، إيلايش موريبا، ريكي بويغ، وجوتغلا، بينما تواصل الإدارة العمل على إتمام صفقات خروج أخرى تشمل ترينكاو، أوسكار مينغيزا، ورامون مارمول. في المقابل، تبرز أولوية التخلص من اللاعبين ذوي الرواتب المرتفعة، حيث اقترب أنسو فاتي من الانتقال إلى موناكو الفرنسي، في خطوة من شأنها توفير مساحة مهمة في سقف الرواتب. ويتوقع أيضًا تسريع رحيل أسماء مثل أوريول روميو، بابلو توري، باو فيكتور، إيناكي بينيا، وأندرياس كريستنسن. ويعد المدافع الأوروغوياني رونالد أراوخو الورقة الأهم في هذا المسار، إذ ترى الإدارة في بيعه حلًّا سريعًا لسد أي فجوة مالية متبقية، بفضل قيمته السوقية المرتفعة. لا تعديلات استثنائية حتى الآن يسعى الفريق لإنهاء هذا الملف من دون اللجوء إلى التعديل المؤقت الذي تسمح به الليغا، والذي يتيح تسجيل لاعب واحد فقط في حال تجاوز سقف الرواتب. ورغم صعوبة المهمة، تأمل إدارة النادي في تجاوز كل العقبات قبل انطلاق الموسم الجديد، والعودة إلى التوازن المالي الكامل من دون الحاجة إلى مسكنات مؤقتة. في ظل الضغوط المتصاعدة من الرابطة والمراجعين الماليين، يقف برشلونة أمام اختبار حاسم: إما الالتزام الكامل بقواعد اللعب المالي النظيف، أو المخاطرة بموسم جديد من التوتر المالي والتأجيلات الإدارية.