
فرع للموساد.. في طهران!!
استعان الجيش الإسرائيلي بالذكاء الاصطناعي، إذ قال ضابط استخبارات شارك في تحديد الأهداف، إن إسرائيل اعتمدت على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المعلومات، واعتراض الاتصالات، وتتبع تحركات القادة الإيرانيين منذ أكتوبر الماضي، بعد أن أصدر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أوامر بوضع خطة للهجوم.. وكُلّف الموساد ضابط بإعداد قائمة للجنرالات والقادة العسكريين الإيرانيين، تتضمن أماكن عملهم وتحركاتهم وأوقات فراغهم.. واعتمد الموساد أيضًا على الجواسيس لتتبع العلماء النوويين الإيرانيين وكبار المسئولين في الحرس الثوري، لتسهيل استهدافهم.. وقد سبق وأن بدأ الموساد عملياته ضد البرنامج النووي الإيراني منذ مطلع عام ألفين، حيث ضُربت أجهزة الطرد المركزي الإيرانية بواسطة فيروس (ستاكسنت)، الذي يُعتقد أنه من صنع مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة.. وفي سنة 2018، سرقت إسرائيل أرشيفًا نوويًا، يحتوي على معلومات حساسة حول البرنامج النووي الإيراني.
في نفس الوقت، كشفت صحيفة Kayhan الإيرانية، عن اختراق إسرائيلي كبير للبرمجيات الحكومية في إيران، استهدف السجل المدني وبيانات جوازات السفر وأنظمة المطارات والمعدات العسكرية.. وفي تقرير نشرته تحت عنوان (كيف دخل برنامج الاختراق إلى البلاد؟)، أشارت إلى إنه (على مدى العقدين الماضيين، هيمن الهنود على صناعة البرمجيات بشكل كبير، ونتيجة لذلك ازداد انجذاب دول الخليج وإيران إلى البرمجيات والمبرمجين الهنود)، قد استخدمت العديد من البرامج التي نشأت في الهند، واستخدمت في المكاتب الحكومية الإيرانية، في نقل معلومات حساسة إلى إسرائيل.. وهو ما كشف عنه تحقيق أمني، في أعقب عملية اختراق متطورة للموساد لخوادم معلومات في إيران، إذ أفاد التقرير، أن التحقيق بالتعاون مع مستشارين من الصين وروسيا، كشف عن نتائج مثيرة للقلق، بشأن انتشار واسع النطاق لبرامج أجنبية مصدرها الهند.. وأن التواصل بين المُطورين الهنود والأطراف المشتبه بها، جرى عبر شبكة (ستارلينك) الفضائية، لخدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، التي أنشأها إيلون ماسك.
وأوضحت الصحيفة، أن العديد من البرامج الهندية المستخدمة في إيران، هي في الواقع إسرائيلية المنشأ، وتحتوي على برمجيات تعمل في الخلفية، ترسل البيانات مباشرة إلى إسرائيل، ومنها معلومات حساسة مثل السجل المدني، وبيانات جوازات السفر، وأنظمة المطارات، وما شابه.. إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أن هذا البرنامج يُعطّل أحيانا المعدات العسكرية ويتيح عمليات التحكم عن بعد.. وفجرت الصحيفة مفاجأة مدوية، بتأكيدها، أن برامج مشابهة لتلك المستخدمة في إيران، تستخدم في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت.. ووفقًا للصحيفة، فإن هذا يعني أن حركة الأشخاص وأنشطة التسجيل وحتى البنية التحتية المدنية والعسكرية في هذه الدول، معرضة للمراقبة الإسرائيلية.. وأدى كشف إيران هذه القضية، لإثارة أزمة كبيرة في هذه الدول، خصوصًا وأن هذه البرامج لم تقتصر هذه على جمع معلومات مدنية حساسة فحسب، بل عطّلت في بعض الحالات أنظمة عسكرية حساسة، وعرّضت قدرات إيران الدفاعية للخطر.. وحتى وقت نشر هذا التقرير، لم ترد الحكومة الهندية على هذه المعلومات، ولم يعلق المسئولون الإسرائيليون على التقرير بعد.
●●●
لكن إسرائيل لم تستنكف، بعد ساعات من بدء عمليتها العسكرية ضد إيران، أن تكشف عن دور كبير، يقوم به جهاز استخباراتها (الموساد)، منذ سنوات داخل الأراضي الإيرانية، خصوصًا العاصمة طهران؛ حيث أنشأ فرعًا سريًا له.. وبمقتضى هذا الكشف، فإن قوات خاصة تابعة للموساد، قادت سلسلة عمليات سرية في عمق إيران، سبقت الضربات الإسرائيلية الأخيرة على طهران.. تضمنت هذه العمليات، نشر أسلحة دقيقة التوجيه في مناطق مفتوحة، قرب مواقع أنظمة صواريخ سطح ـ جو إيرانية، واستخدام تقنيات متطورة ضد أنظمة الدفاع الجوي، وإنشاء قاعدة لطائرات هجومية مُسيَّرة قرب طهران.. ووفقًا لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، فإن عملية ضرب إيران العملية إلى سنوات من التخطيط الدقيق، وجمع المعلومات الاستخباراتية، والنشر المبكر للقدرات السرية في العمق الإيراني، وأنه قبل فترة طويلة من الهجوم، أُنشئت قاعدة للطائرات المُسيّرة المتفجرة، من خلال عملاء الموساد، بالقرب من طهران، وجرى تفعيل المُسيّرات خلال الليل، وإطلاقها تجاه منصات إطلاق صواريخ أرض ـ أرض، في قاعدة (إسباغ آباد)؛ أحد المواقع المركزية التي تُهدد إسرائيل بشكل مباشر، وفقًا للتقرير.
لقد أظهرت هذه الضربة، أن حرب تل أبيب على طهران، مشروع طويل المدى بُني على ذراعين أساسيتين: الجيش بقواته المختلفة، والمخابرات.. وفي حين تُصر إيران على الرواية القائلة، إن الضربات الأساسية جرت من الخارج بواسطة سلاح الجو، لأن توجيه الضربات من الداخل يدل على ضعف أمني واختراق كبير، تُصر إسرائيل، في المقابل، على أن ذراع الاستخبارات (الموساد) أدت دورًا جوهريًا أساسيًا داخل إيران، ونفّذت سلسلة اغتيالات، طالت قادة في الحرس الثوري والجيش الإيراني، وأعدَّ بنك أهداف ثمينًا، بعد أن أقام (فرعًا) له في طهران، فجمع معلومات عن قادة الحرس الثوري والجيش وعلماء الذرة، وزرع أجهزة عدة في عشرات المواقع، ونفَّذ عملية تفجير في قواعد إطلاق الصواريخ وبالقرب من المنشآت النووية.
ومع أن هذا النشر يندرج في إطار الدعاية والحرب النفسية، وينبع، في كثير من الأحيان، من التبجح والغطرسة والغرور؛ وهي صفات تقليدية لدى قادة إسرائيل، لكن نتائج الضربات الأولية تدل على أنها تعتمد أيضًا على معلومات ووقائع.. فقد تمكنت إسرائيل، على مدى السنوات الأخيرة، من تنفيذ عمليات كبيرة وخطيرة على الأراضي الإيرانية، ولا يمكن أن تكون قد نفّذت من الخارج فحسب.. ومما نُشر في وسائل الإعلام العبرية، أن نشاط الموساد على الأراضي الإيرانية قديم، لكنه اكتسب زخمًا خاصًا قبل سنتين، عندما بدأ التحضير لهذه الحرب، كاشفة أن الموساد أقام عمليًا قاعدة له، (فرع الموساد في طهران)، وأنه ينتشر على مساحة شاسعة من الأرض في إيران، ويمتلك أجهزة عدة متطورة وأسطول وسائل نقل.
فقد بدأ الموساد عمليات اغتيال داخل إيران، شملت أربعة من العلماء النوويين، هم مسعود محمدي، ومجيد شهرياري، وداريوش رضائي نجاد، ومصطفى أحمدي روشن، في قلب طهران خلال عامي 2010 و2012، إذ اغتال ثلاثة منهم باستخدام قنابل مغناطيسية، في حين قتل الرابع بإطلاق الرصاص عليه أمام منزله.. وفي نوفمبر 2020، قامت خلية للموساد باغتيال العالِم محسن فخري زادة، الذي يُعدّ رئيس المشروع النووي، عندما كان متجهًا إلى عطلة مع زوجته.. لكن الضربة الكبرى التي وجّهها الموساد إلى إيران، كانت سنة 2018، عندما سُرِق الأرشيف النووي من قلب طهران، وتضمَّن خمسين ألف وثيقة، وأكثر من مائة وستين قرصًا مدمجًا، جرى نقلها بشاحنات.. وفي سنة 2021، كشف يوسي كوهين، الذي أمر بتنفيذ العملية عندما كان رئيسًا للموساد، معلومات صادمة، فأوضح أن فريقًا للموساد من عشرين عنصرًا، ليس بينهم أي مواطن إسرائيلي، عمل على الأراضي الإيرانية طيلة سنتين، حتى تمكّن من معرفة مكان الأرشيف وما يحتويه، واستطاع سرقته من المخازن السرية في طهران، في عملية استغرقت سبع ساعات، دون أن يكتشفهم أحد.. وقال إن العملية، التي أُديرت من تل أبيب، نُفّذت بعد أن قام الفريق بتعطيل أجهزة الإنذار وإزالة أبواب المستودع، وفتح إثنين وثلاثين خزانة تحتوي على الوثائق.. ولكيلا يلفت تحرك الشاحنة النظر، استأجر الفريق عشر شاحنات في جميع أنحاء منطقة طهران.
الحكومة الإيرانية وكل الناطقين بلسان الحرس الثوري، أعلنوا أن هناك مبالغات في تقييم الغنائم، لكنهم، فيما بعد، تحدثوا عن (إلقاء القبض على جميع الإرهابيين الذين ساعدوا الموساد)، واتهموا المعارضة الإيرانية؛ من منظمة مجاهدي خلق بذلك.. لكن الإسرائيليين يؤكدون أنهم لم يعتمدوا على منظمات المعارضة السياسية، بل على أناس كانوا قد تعرضوا لقمع دموي من السلطة وأرادوا الانتقام، وكذلك على جهات مرتزقة تعمل من أجل المال، وعلى مساعدة استخبارات أجنبية، وغربية بالأساس، ممن لديها مصلحة في إجهاض المشروع النووي الإيراني.
يقول لواء خدم في لثلاثين سنة وسُرِّح من الخدمة قبل سنتين، إن (إيران دولة إقليمية عظمى، تتمتع بقوى كبيرة وتكنولوجيا ناجعة، لكن النظام الإيراني، الذي يعمل تحت سيطرة رجال دين متشددين، لا يملكون أدوات العمل السياسي والعسكري والاستخباري، يديرون الدولة بقبضة حديدية وينشئون بأيديهم أعداء كثيرين من شعبهم نفسه، فضلًا عن الأعداء في المنطقة والعالم، هذا جعل مهمات الموساد) تنج، واحدة تلو الأخرى).. وأضاف، في حديث، لموقع منظمة (الأمنيون) اليمينية، التي ينشط في صفوفها، أن فِرق الموساد عملت جنبًا إلى جنب مع الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، ومع فريق من الصناعات العسكرية، الذي رافق عمل الموساد، طيلة الوقت، لكي يدرس ميدانيًا احتياجات المعركة ضد إيران.
●●●
إذًا، نحن إزاء تاريخ معقد بين الاستخبارات الاسرائيلية وايران، نجح فيه عملاء الموساد في إيران مؤخرًا، من إعداد خرائط دقيقة لأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، وأدخلوا أجزاء الطائرات بدون طيار والذخائر عبر حقائب السفر وسيارات الشحن.. وإذا أردنا سرد المنظمات والتشكيلات المرعبة التي يكنّ لها الإيرانيون الكراهية والخوف، فإن الموساد سيتصدر هذه القائمة.. هذه المنظمة، ترتبط في أذهان الإيرانيين بالاغتيالات والعنف والقسوة والجرائم.. فالموساد، أو جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة الإسرائيلية، مكلف بإحباط الأنشطة الموجهة ضد إسرائيل على مستوى العالم.، وقد تأسس عام 1951، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي، ديفيد بن جوريون.
أهم أقسام الموساد، هو قسم العمليات الخاصة، المسئول عن تنفيذ مزيج من الأنشطة العسكرية والاستخباراتية.. وهو يتولى اغتيال الأشخاص الذين يعتبرهم الموساد أعداءً لإسرائيل.. أما الوحدة التقنية، فهي القسم المهم الآخر، وتتولى تطوير واستخدام التقنيات المتقدمة، لدعم العمليات الواسعة النطاق، التي ينفذها الموساد ضد أهداف محددة، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالجيش الإسرائيلي.. على سبيل المثال، في اغتيال العالم النووي الإيراني، الدكتور محسن فخري زاده، أشار علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني آنذاك، إلى أن العملية نُفذت دون وجود عناصر بشرية في مكان الحادث، باستخدام إطلاق نار عن بُعد بواسطة مدفع رشاش.
وقد كان اسم الموساد حاضرًا دائمًا في المجتمع والحكومة الإيرانية، لكنه اكتسب اهتمامًا غير مسبوق بعد هجوم إسرائيل على إيران في الثالث من يونيو الماضي، مما أثار تساؤلات جدية وواسعة، حول كيفية تمكن الموساد من التغلغل بهذا العمق في إيران، وتنفيذ عمليات دقيقة بالتعاون مع سلاح الجو الإسرائيلي، لاغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين.. وللإجابة على هذا السؤال، يجب العودة إلى سنوات بعيدة، إلى عهد الشاه، وتحديدًا إلى خمسينيات القرن العشرين، أي منذ حوالي سبعين عامًا.
كان الموساد، إلى جانب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA والمخابرات السوفييتية KGB والاستخبارات البريطانية MI6، من أنشط الشبكات الاستخباراتية في إيران.. وقد صدر مؤخرًا كتاب ليعقوب نيمروزي، مؤسس الموساد في إيران، يكشف كيف جند الموساد أفرادًا منذ سنوات طويلة، لجمع المعلومات وتنفيذ العمليات.. لم يقتصر دور الموساد على تبادل المعلومات حول الدول العربية والمنطقة مع إيران، بل شمل أيضًا تزويد جهاز المخابرات والأمن الإيراني (السافاك) بمعلومات عن معارضي نظام الشاه، وساهم بشكل كبير في تدريب قوات السافاك وتعزيز معرفتها الأمنية.. ومع تعزيز العلاقات بين الموساد والسافاك، ازدادت قوة الحزام الأمني الأمريكي ضد الاتحاد السوفييتي في منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية، لتصبح إسرائيل، بعد الولايات المتحدة، ثاني دولة تربطها علاقات استراتيجية بإيران.
زيارة نيكيتا خروتشوف، الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي، إلى القاهرة عام 1964، والتي عززت العلاقات بين الاتحاد السوفييتي ومصر، جعلت الشاه أكثر تصميمًا على توسيع علاقاته مع إسرائيل.. وعلى مدى حوالي عشرين عامًا من التعاون، خصص الموساد والسافاك جزءًا كبيرًا من أنشطتهما المشتركة لاستهداف العراق، الذي كان ينافس نظام الشاه بشدة، حيث تصاعدت التوترات السياسية والتهديدات العسكرية والأمنية بين الطرفين.. بعد الثورة الإيرانية بقيادة الخوميني وفراغ السلطة، هاجم صدام حسين إيران بدعم من الولايات المتحدة، مما أدى إلى إضعاف البلدين، بعد حرب استمرت ثماني سنوات، وهو الهدف الذي سعت إليه الولايات المتحدة وإسرائيل.
بعد الثورة الإيرانية، تحول التعاون الأمني بين إيران وإسرائيل فجأة إلى صراع مصالح، وأصبح البلدان عدوين.. عندها، قرر الموساد ضرورة التغلغل في إيران كعدو محتمل.. وقال يوسي كوهين، الرئيس السابق للموساد، في حفل وداعه، (لا أريد ولا أستطيع) الكشف عن تفاصيل العمليات التي نفذناها ضد إيران، لكننا (عملنا بلا هوادة لجمع المعلومات عن إيران، وكشف أسرارها، وكسر ثقتها بنفسها وكبريائها).. وأشار كوهين إلى عملية سرقة الوثائق النووية من جنوب طهران عام 2018، واغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، بناءً على هذه الوثائق.. وقد أشار الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، إلى هذه العمليات، منتقدًا بعض المؤسسات الأمنية، وكشف عن اختراق إسرائيل لوزارة المخابرات الإيرانية، موضحًا، أن أعلى مسئول مكلف بمكافحة جواسيس إسرائيل في الوزارة، كان نفسه جاسوسًا لإسرائيل، ومن المستحيل أن يكون هذا الرجل قد عمل بمفرده، وأن هناك شبكة يجب كشفها.. لكن التحذير الأبرز بشأن اختراق الموساد في إيران، جاء من علي يونسي، وزير المخابرات الإيراني السابق، الذي قال، إن اختراق الموساد لمختلف القطاعات في إيران ازداد خلال العقد الأخير، وأن على مسئولي الجمهورية الإسلامية أن يقلقوا على حياتهم.. وبينما كان بعض المسئولين الإيرانيين يعبرون عن قلقهم من اختراق الموساد، عُرض قبل عامين مسلسل من ثماني حلقات بعنوان (طهران) على التلفزيون الإسرائيلي، يروي عمليات الموساد في إيران، ويُظهر كيف ينفذ عملاء الجهاز بالتعاون مع عناصر داخلية، عمليات اغتيال وتخريب.. وقد روّج الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية على تويتر لهذا المسلسل مرات عديدة، وعُرض في إيران بشكل غير رسمي.
وخلال الحرب الأخيرة، التي استمرت إثنتا عشر يومًا بين تل أبيب وطهران، لعب الموساد دورًا فعالًا في الهجمات على إيران.. على الرغم من أن العمليات نفذتها غالبًا مجموعات من ستة إلى عشرة طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.. فقد حدد الموساد منذ سنوات، الأفراد والمواقع المستهدفة ووفر المعلومات للجيش الإسرائيلي.. ويزعم الاسرائيليون أنهم استهدفوا خلال هذه الأيام حوالي مائتين وخمسين هدفًا عسكريًا ونوويًا في إيران، لكن العديد من المناطق السكنية تعرضت للقصف أيضًا، مما يشير إلى أن عدد القتلى يتجاوز بكثير الرقم الرسمي المعلن وهو حوالي ستمائة إيراني.. ووفقًا لصحيفة (وول ستريت جورنال)، تم الاتفاق على الهجوم الأخير على إيران في نوفمبر 2024، بين كبار المسؤئلين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين، وتم الانتهاء من التخطيط في التاسع من يونيو الماضي.
●●●
بناءً عليه، يمكن القول إن الموساد اخترق إيران منذ سنوات، وخصوصًا منذ عام 2002، عبر ثلاث طرق رئيسية: الأولى، من خلال التقنيات الحديثة والمعقدة والبرمجيات الخبيثة مثل فيروس (ستاكسنت) عام 2010، الذي تسبب في أضرار للبرنامج النووي الإيراني وأخر تقدمه.. مثال آخر، هو برمجية التجسس (بيجاسوس)، التي تحول الهواتف المحمولة إلى أدوات تجسس لصالح الموساد دون علم أصحابها.. ويُقال إن الأجهزة الإليكترونية، وخصوصًاالهواتف، لعبت دورًا كبيرًا في التنصت وتحديد الأهداف.. وعلى سبيل المثال، اخترق الموساد كوادر حزب الله في لبنان صيف 2024 عبر الهواتف المحمولة، مما دفع الحزب إلى استبدال الهواتف بأجهزة (بيجر)، لكن الموساد تمكن من اختراق هذه الأجهزة أيضًا، مما أدى إلى انفجارها وقتل سبعة وثلاثين شخصًا وإصابة ثلاثة آلاف آخرين.. كما تم اختراق هواتف صحفيي قناة الجزيرة عام 2020، وهاتف صحفي من صحيفة (نيويورك تايمز) في بيروت عام 2018. وفي إيران، عُرض مؤخرًا مقطع فيديو لأمير علي حاجي زاده، الذي قُتل في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، يحذر فيه بوضوح من أن جميع القوات المسلحة تحت مراقبة العدو ويجب أن تكون حذرة.
الطريقة الثانية هي تجنيد عناصر بشرية في مواقع العمليات.. في الحرب الأخيرة التي استمرت إثنتا عشر يومًا، تبين أن الموساد تمكن خلال السنوات الأخيرة، من تجنيد عدد كبير من العناصر البشرية، معظمهم من الأفغان غير الشرعيين، لجمع المعلومات الميدانية واستخدامهم لتشغيل طائرات بدون طيار متفجرة، خلال الهجمات الجوية الإسرائيلية.. ولا تتوفر إحصاءات دقيقة عن عدد الطائرات بدون طيار المستخدمة في هذه الحرب، لكن السلطات الإيرانية أكدت إسقاط عدد منها، بما في ذلك طائرات من طراز (هيرمس) و(هيرون)، وهبوط عدد آخر سليمًا.. وتم اعتقال حوالي سبعمائة شخص من عملاء الموساد، الذين شاركوا في صيانة وتشغيل الطائرات بدون طيار خلال هذه الفترة.. ويزعم الإسرائيليون، أن عملاء الموساد في إيران، أعدوا خرائط دقيقة لأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، وأدخلوا أجزاء الطائرات بدون طيار والذخائر عبر حقائب السفر وسيارات الشحن.. وتم اعتقال معظم عملاء الموساد بعد الهجوم الأول في الثالث عشر من يونيو، بناءً على بلاغات شعبية وعبر نقاط التفتيش.. كما تم تكثيف عمليات ترحيل الأفغان غير الشرعيين، حيث يُقال إن حوالي تسعة ملايين أفغاني يقيمون في إيران بشكل غير قانوني.
أما الطريقة الثالثة، فهي اختراق الموساد للطبقات العليا من صناع القرار والإدارة في إيران، وأحيانًا عبر تقرُّب عملاء سريين من المسئولين.. أبرز مثال على ذلك، هو وجود كاترين بيريز شاكدام، في إيران بين عامي 2014 و2019، تحت غطاء ناشطة إعلامية، قبل أن يتبين لاحقًا ارتباطها بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.. كما يستخدم الموساد الحرب النفسية والعمليات الإعلامية لدفع المسئولين وصناع القرار إلى اتخاذ مواقف وقرارات تخدم مصالح النظام الصهيوني.. على سبيل المثال، يستخدم الصهاينة في المحافل الدولية شعارات بعض المسئولين الإيرانيين الداعية إلى (تدمير إسرائيل)، لتبرير جرائمهم واغتيالاتهم.. وفي أي حال، مع توقف الحرب بين إسرائيل وإيران، لا يبدو أن هذا الصارع انتهى فعليًا.. وكما أعلن المسئولون الإسرائيليون، فإن احتمال اندلاع حرب جديدة سيظل قائمًا، طالما استمر التهديد من الجمهورية الإسلامية.. وسيواصل الموساد لعب دور فعاَّل في هذا الصراع باستخدام الطرق الثلاث المذكورة.. ومن الطبيعي أن تتخذ إيران إجراءات للحد من اختراق الموساد، وفي هذه الحالة، حتى لا تشتعل نار الحرب العسكرية مجددًا، سنشهد حربًا استخباراتية كبيرة ومستمرة بين إيران وإسرائيل.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ ساعة واحدة
- فيتو
فوكس نيوز: ترامب يرفع العقوبات عن سوريا ويمنحها "فرصة الازدهار"
نقلت شبكة فوكس نيوز عن متحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبّر عن دعمه لنجاح سوريا في المرحلة القادمة من خلال رفع العقوبات المفروضة عليها، معتبرًا أن القرار يأتي تنفيذًا لوعده بإعطاء سوريا فرصة حقيقية لإعادة الإعمار والازدهار. رفع العقوبات عن سوريا خطوة في اتجاه إعادة البناء وقال المتحدث: "الرئيس ترامب يدعم نجاح سوريا، ورفع العقوبات جزء من وعوده السابقة لإتاحة الفرصة أمام الشعب السوري لإعادة إعمار بلاده وتحقيق الازدهار". إعادة تقييم السياسة تجاه دمشق يُعد هذا القرارتحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية، وقد يُعيد رسم العلاقات الإقليمية والدولية مع دمشق، خاصة في ظل ما تواجهه سوريا من أزمة اقتصادية وإنسانية حادة. ردود فعل دولية متوقعة يرجح أن تواجه هذه الخطوة ردود فعل متباينة من الحلفاء الأوروبيين والدول الإقليمية، وسط تساؤلات حول التوقيت والأهداف الاستراتيجية. وأعلن البيت الأبيض، مساء الإثنين الماضي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع أمرًا تنفيذيًّا لإنهاء العقوبات على سوريا. وأضاف البيت الأبيض: الأمر التنفيذي بشأن سوريا دخل حيز التنفيذ الثلاثاء الماضي. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


المشهد العربي
منذ ساعة واحدة
- المشهد العربي
بوتين يجري مباحثات هاتفية مع ترامب الخميس
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيجري مباحثات هاتفية اليوم الخميس مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، ستكون الأولى بينهما منذ اتصال أجرياه في 14 يونيو. وسبق أن أجرى الرئيسان مباحثات عبر الهاتف خمس مرات منذ عودة ترامب الى البيت الأبيض في يناير، فيما يسعى الرئيس الأميركي إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا في أسرع وقت. وخلال محادثاتهما الأخيرة في 14 يونيو، أكد بوتين لنظيره استعداده لإجراء جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وكييف. لكن أي موعد لهذه الجولة لم يتم إعلانه مع كييف مذاك.


البشاير
منذ 2 ساعات
- البشاير
اتصال مرتقب بين ترامب وزيلينسكي بسبب المساعدات العسكرية الأمريكية
أ ش أ – أفاد مسؤولون أوروبيون وأوكرانيون بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيجريان اتصالا هاتفيا قريبا، في محاولة لتوضيح ملابسات التعليق المفاجئ في تسليم الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا. ونقلت صحيفة /كييف بوست/ الأوكرانية اليوم الخميس عن تقارير إعلامية أن كييف لم تتلق أي إخطار مسبق بشأن تعليق شحنات الأسلحة الأميركية الذي بدأ أمس الأول الثلاثاء مما أثار قلقا في الأوساط الأوكرانية والأوروبية على حد سواء. ويشمل التعليق صواريخ الدفاع الجوي والقنابل الموجهة وقذائف المدفعية، بما في ذلك صواريخ باتريوت. وكانت صحيفة /فايننشال تايمز/ البريطانية، سبق أن نقلت عن مصادر مطلعة، أن الاتصال بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني قد يتم غدا الجمعة.