
د. عباس شومان : أعداؤنا احتلوا العقول قبل الأرض ونشروا التبعية والفرقة واللهو
كتب – محمود الهندي
قال فضيلة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، اليوم الاثنين، إن الكثير من المعالجات المطروحة اليوم لقضايا المرأة والأسرة لا تعالج المشكلات معالجة حقيقية مدروسة، بل قد تزيدها تعقيدًا وتضر المرأة أكثر مما تنفعها .
وأضاف فضيلته خلال كلمته في اليوم الثاني لملتقى «الشباب وتحديات العصر»، الذي يعقده مجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع مجلس الشباب المصري للتنمية، في جلسة بعنوان «الانحرافات المعاصرة المرتبطة بقضايا المرأة والأسرة وخطرها على المجتمع»، أن البعض يطرح حلولًا وهو متحيز لهواه وميوله، فيسعى إلى جلب أكبر قدر ممكن من المكتسبات لفريقه، ولو أضرت هذه المكاسب بالمرأة في النهاية .
وأكد أن بعض الأطروحات التي تنادي بحقوق المرأة تخرجها من دائرة المنفعة إلى دائرة الضرر، مثل إثارة الجدل حول الميراث أو الدعوة إلى زواج المسلمة من غير المسلم، موضحًا أن هذه القضايا، وإن رُوّج لها بزعم إنصاف المرأة، فإنها تخالف الشريعة وتظلمها في محصلتها النهائية. وقال: «من يتأمل هذه الأطروحات يجد أن دعاوى المساواة المطلقة في الميراث مثلا قد زادت المرأة عن حقها الشرعي في حالتين فقط، لكنها أضرتها في أكثر من ثلاثين مسألة، والسبب هو محاولة البعد عما أنزله الله رحمة للعالمين .
وأشار الدكتور شومان إلى أن المشكلة أن كثيرًا من الجهات المعنية بقضايا المرأة لا تتريث في دراسة الواقع وأبعاده الشرعية والاجتماعية، فبدلًا من المعالجة الصحيحة تزيد المشكلة تعقيدًا. وانتقل إلى الحديث عن الانحرافات السلوكية المعاصرة التي تهدد قيم الأسرة والمجتمع، محذرًا من مظاهر التقليد الأعمى في ملابس الشباب، التي صارت ممزقة بأغلى الأثمان بعدما كانت قديمًا ملابس الفقراء، متسائلًا: «هل نبحث عن الفقر ونعود إليه طواعية؟» .
وأضاف أن الجري وراء الأزياء الفاضحة والأفكار الوافدة يضيع هوية الأمة ويهدد الأسرة، قائلًا: «صرنا نرى شبابًا وفتيات يرتدون ما لا يليق، ويستخدمون ألفاظًا تلوث آذان الناس وتشيع التلوث السمعي والبصري في المجتمع، حتى وصل هذا الانحراف إلى عمق الريف المعروف بالأصالة والعادات والتقاليد. هذا الجنوح في السلوكيات ليس حرية شخصية، بل خطر حقيقي على الأسرة والمجتمع، إذ كيف ننتظر من هؤلاء أن يكونوا آباء صالحين وأمهات قادرات على تربية الأجيال؟» .
وتابع محذرًا من الانشغال المدمر بالألعاب الإلكترونية التي تستنزف أموال الشباب وتضيع وقتهم، قائلًا: «للأسف نرى بعضهم يصل إلى حد الإدمان، ويقترض أو يسرق ليسدد ديونه في هذه الألعاب، بل يوقع أسرته في الحرج والدين. وبعض الآباء يشاركون دون قصد في هذا التدمير حين يسددون عن أبنائهم بدلا من تركهم يتحملون المسؤولية ويتعلمون من أخطائهم» .
ودعا الدكتور شومان الشباب إلى الجد والاجتهاد والقبول بالعمل الشريف مهما كان بسيطًا، موضحًا: «لا عيب في العمل الشريف؛ بل العيب أن يرفض الشاب العمل وينام حتى الظهر منتظرًا أمه التي تنظف البيوت لتطعمه، هذه ليست عزة بل ذل. أما من يعمل بيده في أي مهنة فهو كريم النفس عفيف اليد. البعض يرفض أي عمل بسيط ويظن أنه سيصبح مديرًا أو وزيرًا فجأة دون جهد أو تأهيل، وهذا وهم قاتل» .
وفي هذا السياق استشهد الدكتور شومان بقصة الأصمعي إمام اللغة، حين مر بشاب يعمل في تنظيف الحمام فوجده ينشد بيتًا فصيحًا «أضاعوني وأي فتى أضاعوا»، فسأله الأصمعي: «ما الذي أضاعوك عنه؟» فرد الشاب: «عن يوم كريهة وسداد ثغر». فسأله الأصمعي: «إن كانت نفسك عزيزة عليك، أما وجدت لها أفضل من هذا المكان؟» فأجابه الشاب: «نعم، وجدت ما هو أدنى منه وهو الحاجة إليك وإلى أمثالك». وأوضح الدكتور شومان أن عبرة هذه القصة أن العمل الشريف، ولو كان متواضعًا، يعف الإنسان عن سؤال الناس ويحفظ كرامته. أما الذي يرفض العمل ويعيش عالة على أهله فهو فاقد للعزة والكرامة .
وأشار إلى ضرورة استعادة الأخلاقيات والقيم الدينية في تربية الشباب، محذرًا من الانفصال عن الدين والاكتفاء بالعبادة الشكلية في المساجد دون أن تنعكس على السلوك في الحياة العامة. وقال: «الدين ليس في المسجد فقط، بل في الأمانة والقناعة والرضا وتحري الحلال في العمل والشارع والمنزل». كما حذر من مخاطر المخدرات التي وصفها بأنها «شر خالص لا نفع فيه على الإطلاق»، مشيرًا إلى أنها «تدمر الصحة والمال وتكون عبئًا على الدولة وأهلها» .
وأكد الدكتور شومان أن أعداء الأمة أدركوا أن احتلال العقول أخطر من احتلال الأرض، فسعوا إلى نشر التبعية والتفرقة بين أبناء الأمة وإشغالهم بالترف واللهو وتفكيك وحدتهم، حتى صرنا نقتل بعضنا بأموالنا ونمول حروبنا بأيدينا. داعيا إلى الحذر من تلك المخططات التي تسعى إلى تفريغ الأمة من شبابها وثرواتها وتغييب وعي شعوبها وإبعادنا عن العمل والسعي والتقدم .
وختم الدكتور شومان كلمته قائلًا: «أنتم أيها الشباب من يستطيع إعادة المجتمع إلى الطريق الصحيح، لكن ذلك يحتاج إلى وعي صادق وجهد وتعب والتزام بالقيم. لا شيء يتحقق بالأماني وحدها، بل بالجد والاجتهاد وتحمل المسؤولية». ودعا الله تعالى في ختام كلمته أن يحفظ مصر وسائر بلاد المسلمين، وأن يوجه الشباب إلى العمل الصالح، وأن يجعلهم إضافة نافعة لوطنهم وأمتهم، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين ومكر الماكرين .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
لا يريدون استقرار لبنان
ذهب نصر الله مع قادة حزبه، وسقط الحزب سقطة مخزية أزالت آثار الدعاية المخادعة، ووُضع في الواجهة شخص كان «منزوع الصلاحية»، وكان لسنوات طويلة على قائمة الاحتياط المنسية، فلم يبق غيره، كل من كانوا في المقدمة تمت تصفيتهم، وقَبِل بتمثيل دور سلفه وهو في مكان بعيد وغير مستهدف في الوقت الحاضر، وكتبت له الخطابات النارية، والبركة في التقنيات الحديثة التي تسجل وتنقح وترسل من المخبأ السري عند طوائف موالية للموجه العام! نعيم قاسم وضع يده في الماء البارد، وترك لبنان على «صفيح ساخن»، مثل الحلفاء الذين يعرقلون التسويات لإطالة معاناة سكان غزة، وهم متنعمون في ضيافة المنتجعات، هو أيضاً يضع شروطاً تلو الشروط، ويصر على أنه «الفئة المميزة» من بين كل اللبنانيين، وأكثر من ذلك، هو ينظر إلى أزمة لبنان من منظوره المحصور في منافع حزبه، ولا تهمه معاناة وطنه وشعبه، فذاك «جلباب» نزعه حسن نصر الله منذ 2006، وارتدى جلباباً تعثر به فكان الضحية مع بلاده! لبنان يبحث عن السلام والاستقرار وإعادة الإعمار والعودة إلى الدولة الوطنية، الدولة الجامعة والحافظة لكل مكوناتها وأطيافها، وقد اقترب من كل ذلك، ولكن الحزب التابع للخارج له رأي آخر، هو يريد دولة تسودها الفوضى، ويحكمها الإرهاب الحزبي والطائفي، حدودها ومنافذها مفتوحة للعابثين، تجار المخدرات والسلاح، وفارضي «الإتاوات» مثيري الأزمات، من اعتادوا على الابتزاز والمساومة على وطنهم مقابل مصالحهم، وها نحن نشهد جنوباً محتلاً تتجول في أرجائه آليات الغزاة، وضاحية بيروت وغيرها من المناطق مستباحة للطائرات، تضرب من تشاء وفي أي وقت تحدده، وحزب العمالة يصر على الاحتفاظ بالسلاح، ليس للمقاومة كما يدعون في إعلامهم، بل لإرهاب أبناء شعبهم! قبل أيام صدر تلميح عن المبعوث الأمريكي، لو قرأه لبناني حر في حزب محور الدمار لرفع يده في وجه نعيم قاسم ومن يختبئ خلف غطاء الطائفية، وأعادهم إلى رشدهم، فهذا الوطن الذي عاش بطوائفه آمناً متعايشاً في مودة ومحبة معرض للزوال إذا لم يخرج من متاهة «الدولة الفاشلة»!


البوابة
منذ 4 ساعات
- البوابة
مرحلة البناء لدولة جديدة
فى حياة الشعوب مراحل للبناء، تنتقل فيها حياة الناس من مرحلة قديمة اعتادوا عليها، إلى مرحلة جديدة تختلف كثيراً عما ألفه الناس. فى كل مرحلة لبناء كبير فى كل المجالات قد تقع اختلافات فى وجهات النظر وقد يشتد الجدل بين مزايا القديم وجدوى الجديد. والمرحلة التى تشهدها مصر حاليا أشبه ما تكون بالمراحل البنائية الكبرى التى شهدتها مصر فى تاريخها الحديث مع مجىء محمد على باشا الكبير سنة ١٨٠٥، وفى تاريخها المعاصر منذ ثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢. مرحلة محمد على باشا كانت مرحلة بناء مصر الحديثة بعد قرون من التخلف كانت مصر فيها قابعة تحت حكم الدولة العثمانية. جاء محمد على وأحدث نهضة كبيرة فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية المصرية، وقام ببناء جيش قوي، نافس جيوش كبرى فى المنطقة وتفوق عليها، وأنشأ مشروعات زراعية وصناعية عظيمة، وأقام مدارس للتعليم العام، ومدارس عليا (كليات) للهندسة (المهندس خانة) والطب وأرسل البعثات إلى الخارج، فكانت مرحلة بناء كبرى نقلت مصر من دولة بائسة الى دولة حديثة. مرحلة البناء الكبرى الثانية فى العصر المعاصر قادها الزعيم جمال عبد الناصر، بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية سنة ١٩٥٦. عبد الناصر شرع فى بناء دولة عصرية حديثة، ونجح فى إحداث أكبر تغيير فى الحياة الاجتماعية المصرية، وجعل التعليم متاحاً للجميع، وأنشأ الجامعات والسد العالي، وأحدث نهضة كبرى فى الزراعة والصناعة. ولما كانت نهضة مصر وتأثيرها فى منطقة الشرق الأوسط، تتعارض مع مصالح القوى الخارجية، فقد واجه كل من محمد على وجمال عبد الناصر مؤمرات لا تنتهى بغرض إضعاف مصر وحصرها فى حدودها الأقليمية. الحقبة الحالية (٢٠١٥-٢٠٢٥) هى مرحلة البناء الثالثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتشهد نفس التحديات التى واجهها كل من محمد على وجمال عبد الناصر. الدولة التى ورثتها الإدارة الحالية كانت تعانى من إهمال كبير فى التعليم والصحة والطرق والخدمات العامة. كلنا نتذكر حال المدارس والمستشفيات الحكومية والجامعات والطرق، خاصةً فى الصعيد ومحافظات الدلتا. فبناء دولة عصرية حديثة احتاج إلى أموال طائلة عجزت موازنة الدولة عن الوفاء بها، وتطلب ذلك الاقتراض من الخارج، (وهذا تحد آخر كبير يتطلب المزيد من العمل للتغلب عليه بعد أن أصبحت خدمة الدين تبتلع الجزء الأكبر من موازنة الدولة). ما قامت به الإدارة الحالية من نهضة عظيمة فى إنشاء المدن الجديدة والجامعات الجديدة والطرق الحديثة أحدثت نقلة نوعية فى حياة المصريين، ولكن، علينا ألا ننسى أن هناك الكثير من القديم المتهالك الذى ما زال يحتاج إلى التحديث. الطرق القديمة بين المحافظات ما زالت بحالة سيئة وتحتاج إلى التحديث، والأبنية القديمة والعشوائيات ما زالت تفتقر إلى معايير الأمن والسلامة وتحتاج إلى تحديث، والمدارس والجامعات القديمة ما زالت بحالة سيئة وتحتاج إلى التحديث، وكل ذلك يحتاج إلى أموال كثيرة ومجهودات كبيرة ورغبة أكيدة فى التطوير والتحديث. مرحلة البناء الكبيرة فى كل المجالات تنقلنا من القديم إلى الجديد وعلينا أن نتقبل تداعيات المرحلة الانتقالية وما قد ينتج عنها من حوادث مروعة تدمى القلوب مثل حادث الطريق الإقليمى الدائرى وحريق سنترال رمسيس وانهيار المبانى القديمة على رؤوس ساكنيها. علينا أن ندرك أننا ما زلنا نمر بمرحلة انتقالية عظيمة، وأن هناك الكثير من القديم المتهالك، ويجب أن نكثف الجهود لكى نجعله آمناً. وعلينا أن نسرع من وتيرة تحديث المنشآت الحيوية لكى نتجنب المزيد من الخسائر. حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء. *رئيس جامعة حورس


صدى مصر
منذ 5 ساعات
- صدى مصر
أبرز مظاهر غياب الضمير
أبرز مظاهر غياب الضمير بقلم / محمـــد الدكـــروري الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة القوي الجبار، شديد العقاب وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، رب الأرباب ومسبب الأسباب وقاهر الصلاب وخالق خلقه من تراب قاصم الجبابرة وقاهر الفراعنة والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد، ليبين لهم الحلال والحرام وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أما بعد لقد ظهرت عوامل كثيرة تدعوا إلي التطرف في هذا العصر، وينبغي علينا جميعا أيها المسلمون أن نواجهها ونتصدي لها وأن نحاربها، وإن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو الإغراق التام لكل منصات التواصل الإجتماعي بالوعي والعلم الصحيح، وإعادة تشغيل مصانع الحضارة في عقل الإنسان المسلم بحيث يحول آيات القرآن الكريم إلى مراصد فلكية. ومدارس تعليم لرعاية الإنسان، ومنهج ابن عباس رضي الله عنهما في مناظرة ومواجهه الخوارج يعلمنا كيف يستعمل هؤلاء نصوص الوحيين في غير موضوعهما خاصة مع الشباب والسذج من العوام حيث إستدل الخوارج على ترك السماع منه رضي الله عنهما، لأنه قريشي، والله تعالي يقول كما جاء في سورة الزخرف ' بل هم قوم خصمون' رواه البيهقي، فالآية نازلة في مشركي قريش، الذين خاصموا النبي صلى الله عليه وسلم بالباطل، وابن عباس إنما جاء ليردهم إلى حظيرة الإسلام، وآلية الرد عنده الكتاب والسنة، فكيف يسقطون هذه الآية عليه؟ وهذا الفكر لم ينته، ولن يكف، فهم مستمرون حتى خروج الدجال، لذا يجب تجفيف منابع الفكر المتطرف، ومحاربة الفقر والجهل في المجتمعات، وتقوية النزعة الإنسانية لدى الشباب، وتزويدهم بمهارة التفكير النقدي. وتقوية القيم الأخلاقية، وكما أن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو غرس الوسطية والإعتدال في نفوس الأطفال، ويجب علينا أن نعزز قيم الوسطية والإعتدال، ويبدأ ذلك أولا من الأسرة ثم المدرسة، ولوسائل الإعلام دور كبير في تحقيق ذلك، وكذا مؤسسات المجتمع المدني، وهكذا لا بد من إصطفاف الجميع في سبيل مقاومة هذا الفكر الضال المضل مصداقا لقوله تعالى ' فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم ' فالطفل عندما ينشأ ويربى على الوسطية والإعتدال، وغرس ثقافة البناء والتعمير، والبعد عن الكراهية والتدمير لا شك أن كل دعوى تواجهه بعد ذلك، في سبيل زعزعة هذه القيم المجتمعية سيكون قادرا على ردها ودحرها بأيسر برهان. وكما أن من الخطوات التي ينبغي أن نسلكها خاصة مع الشباب لمواجهة ظاهرة التطرف هو بناء الضمير في الإسلام، حيث إن من أبرز مظاهر غياب الضمير هو إتباع الهوى، والبُعد عن منهج الله، ونسيان الآخرة، والحرص على الحياة، والتكالب عليها، والإهمال في العمل خاصة فيما يتعلق بمصالح العامة وعندما يموت الضمير الإنساني، يموت الإحساس، ثم ينتشر الفساد، وتكثر الجرائم بكافة صورها وأشكالها؛ وبالتالي يصير باطن الأرض أفضل من ظاهرها، لذا يجب على الإنسان أن يستشعر قرب الله عز وجل منه، ومراقبته لأقواله وأفعاله، وإن إستشعار أن الله معي، والله ناظر إليّ، والله شاهدي' يوقظ الضمير، ويحي النفس، ويبعث فيها بوادر الخير والبر، فما أحوجنا إلى إحياء الضمير، وإيقاظه من ثباته العميق ليعود الإنسان عاملا فاعلا، متواصلا، مثمرا مجتهدا، نافعا لنفسه. ومجتمعه، وأمته، فالأمم لن تتقدم ولن ترتقي بكثرة القوانين، إنما تزدهر وترقى برقي الضمائر الإنسانية إنه الضمير، الذي حمل نبي الله يوسف عليه السلام أن يواجه امرأة العزيز بكل قوة، ولا يطواعها فيما أقدمت عليه قال تعالى، ولقد ضرب السلف الصالح رضي الله عنهم أروع الأمثلة في مراعاة الضمير، فاللهم اجعلنا ممن يحب الخير للآخرين، ويكره الشر لهم، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين، ادعوا الله يستجب لكم.