
الصين والولايات المتحدة: هل تحوّل التلميذ إلى أستاذ؟
في عرض لافت من الصحف الغربية، تساءلت النيويورك تايمز إن كانت الولايات المتحدة قد بدأت تتعلم من الصين، بعد أن باتت الأخيرة منافساً اقتصادياً وتقنياً يحافظ على هويته السياسية. وفي الواشنطن بوست، انتقادات لسياسات التطوير العقاري الأمريكية التي حولت المدن إلى "صحارى مكتظة"، بينما حذّرت التايمز من أزمة نفسية محتملة تهدد المجتمعات بسبب فقدان الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث بات العمل جزءاً جوهرياً من معنى الذات لدى الأفراد.
ونتوقف بداية عند ما طرحه الكاتب سامي هاركام، في صحيفة النيويورك تايمز، من شواهد تاريخية تبيّن تقليد الصين للنموذج الغربي خلال فترة نهضتها الاقتصادية والعلمية، مع الحفاظ على هويتها ونظامها السياسي، لكنه يعقد مقارنة يلمح من خلالها إلى أن الولايات المتحدة في عهد ترامب وتيار "ماغا"، المؤيد لترامب والداعي إلى سياسات تُعلي من القيم الوطنية، أصبحت بطريقة ما تقلد النموذج الصيني!
يقول هاركام إن الصين أمضت عقوداً في محاكاة عناصر أساسية من النموذج الأمريكي في ريادة الأعمال والاستهلاك والتكامل مع الأسواق العالمية، وإن ذلك أسهم في جعل الصين قوة صناعية، ورائدة في العلوم والتكنولوجيا، وجعل الطبقة المتوسطة في الصين تتوسع أكثر. كل ذلك في الوقت الذي "تمسّكت الصين فيه بهويتها كأمّة"، إذ تبنّت جوانب من النهج الأمريكي مع التمسّك بنظامها القائم على هيمنة الحزب الشيوعي وتدخّل الدولة في كل شيء، وأفضى ذلك إلى تحقيقها "نجاحاً باهراً"، برأي الكاتب.
ويوضح الكاتب أن علاقة المحاكاة هذه بين الصين والولايات المتحدة تسير باتجاهين، فالولايات المتحدة في عهد ترامب تحاول محاكاة بعض الجوانب من التجربة الصينية، ويطرح في هذا السياق بعض الأمثلة.
يرى هاركام أن تيار
كما أن الصين "تستخدم اقتصادها كسلاح لمعاقبة شركائها التجاريين"، وهو الأمر ذاته الذي تفعله إدارة ترامب، برأي الكاتب، عبر الضغط على حلفاء الولايات المتحدة عن طريق "الرسوم الجمركية التعسفية أو إجراءات انتقامية أخرى".
لا يُخفي الكاتب إعجابه بما حققته الصين خلال العقود الأخيرة، وذلك عبر سياسات صناعية واسعة الأفق، والتبني السريع للتكنولوجيات الجديد، والتحول نحو الطاقة المتجددة، والمدن عالية التقنية، وشبكة الطرق المتطورة، والإنفاق الحكومي على التعليم والتكنولوجيا.
ويشدد الكاتب على أن نجاح الصين لم يكن مرتبطاً فقط بغياب الديمقراطية التي يراها البعض "عائقاً أمام تنفيذ الخطط"، بل ارتبط كذلك ببُعد نظر استراتيجي، واستثمار في المستقبل، وشعور وطني قائم على الوحدة لا الانقسام. وهو نموذج ينبغي على الولايات المتحدة تبني بعض جوانبه، مثل التحول للطاقة المتجددة، ودعم التعليم والبحث العلمي، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز الشعور الجماعي بالوطنية.
إلا أن إدارة ترامب، برأي الكاتب، تعمل على "تقويض أو تخفيض التمويل المخصص لأمور حيوية"، مثل السلامة العامة والبنية التحتية والتعليم والطاقة النظيفة، إضافة إلى "تأجيج الانقسامات السياسية".
يختم الكاتب بالقول إن الولايات المتحدة من الممكن أن تتعلم من الصين، لكن عليها أن تجد طريقة لإنجاح ذلك مع الحفاظ على مبادئها الدستورية.
أين اختفت الأشجار؟
EPA-EFE/REX/Shutterstock
على وقع موجات الحر التي ضربت أوروبا وبعض أجزاء الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، تستذكر الكاتبة كاثلين باركر، التي تعيش في ولاية ساوث كارولاينا، حين ذهبت في رحلة إلى كاليفورنيا رفقة ابنها قبل أربع سنوات، وقطعت خلالها صحراء موهافي بالسيارة، وتذكرت كيف شعرت بالخشية على حياتها وحياة ابنها بسبب الحر الشديد الذي شعرت به وخلو المكان من أي مظاهر حياة. وتشير، في مقالها الذي نُشر على الواشنطن بوست، إلى أن الحر الذي شعرت فيه في ساوث كارولاينا في الأيام الأخيرة يُقارن بالحر الذي شهدته في صحراء موهافي بولاية كاليفورنيا الأشد حرّاً في العادة.
تقول باركر إن غياب الإجراءات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سيعني زيادة موجات الحر من حيث العدد والحدة، وزيادة تواتر الأعاصير وشدتها، وارتفاعاً عاماً في درجات الحرارة، وهذا برأيها، ما يقوله الجميع وما يثبته العلم.
تنتقد الكاتبة مشاريع التطوير العقاري رخيصة الثمن وسريعة التنفيذ التي انتشرت في العديد من الولايات دون الأخذ بعين الاعتبار العامل البيئي، وهي مشاريع مدفوعة بنقص المساكن، وتؤدي إلى تحويل المدن والبلدات إلى "صحاري صغيرة مكتظة بالسكان دون وجود الأشجار".
تشير باركر في هذا السياق إلى مسألة قطع الغابات لإفساح المجال لمشاريع الإسكان، وتصف الأمر بـ "غير المنطقي"، إذ تحسّن الأشجار جودة الهواء، وتخفف من آثار التغير المناخي. كما أن المنازل لم تعد محاطة بالأشجار رغم تفضيل الناس لذلك، وهو ما تلقي اللوم فيه على المطورين العقاريين الذين يقولون إن التوفير في تكاليف البناء سينعكس إيجاباً على المشترين. وتردّ على ذلك بتساؤل: كيف يمكن لأي شخص أن ينشأ بشكل سليم وصحي دون وجود شجرة يتسلقها حول بيته؟
تختم باركر بالقول إن علينا التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن هذا التكيّف لا يعني الاعتياد عليها فقط، بل كذلك بـ "تغيير أسلوب بناء المنازل والحفاظ على الموارد الطبيعية".
مجتمع "منهار عصبياً"
PA
نشأت أجيال كاملة خلال العقود الأخيرة على فكرة تبجيل العمل والإنتاجية، وأصبحت ساعات العمل أطول مما كانت عليه في منتصف القرن العشرين، وتحوّلت أماكن العمل إلى بيئة تمثّل البيت بالنسبة للكثيرين، كما أن القيم الثقافية والحضارية منحت مكانة عالية للعمل الجاد بحيث أصبح مقياساً على نجاح الفرد والمجتمع، فماذا لو حلّ الذكاء الصناعي مكان البشر في العديد من الأعمال المكتبية؟ ماذا لو وجدنا أنفسنا فجأة نعمل لساعات أقل بكثير بسبب ذلك؟ أي فراغ روحي سيخلقه الأمر لدى أجيال اعتادت على تقديم العمل على أي شيء آخر؟
هذا ما يناقشه الكاتب جيمس ماريوت، في مقاله بصحيفة التايمز، الذي يقتبس من تقرير للصحيفة نفسها يقول إن الوظائف المتاحة للخريجين في سوق العمل في بريطانيا انخفضت بمقدار الثلث منذ إطلاق تطبيق "شات جي بي تي"، وإذا صحّ أن الذكاء الاصطناعي مسؤول عن هذا التراجع في الوظائف، فقد نكون على أعتاب "عصر بلا عمل"، وبالنظر إلى أنه ليس من المبالغة القول إن "العمل هو الإيمان الحقيقي للغرب"، على حدّ تعبير الكاتب، فإن فقدان العمل سيطلق تحديات روحية أمام المجتمع.
يقتبس الكاتب من مقولة لعالم الاقتصاد الإنجليزي جون مينارد كينز في ثلاثينيات القرن الماضي، تنبأ فيها بأن ساعات العمل للأجيال المقبلة ستنخفض بفضل الأتمتة إلى 15 ساعة أسبوعياً، لكن ذلك سيعني تخلي الناس عن "العادات والغرائز" التي غرستها ثقافة كرّست قيمة العمل الجاد، وسيعني الاستسلام لفكرة عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، وبالتالي ستعمّ حالة من "الانهيار العصبي العامّ".
يقول الكاتب إن الفجوة التي قد تنشأ عن فقدان الوظيفة، بالنسبة للعاملين الذي نشأوا على فكرة أن الإنتاجية هي هدف الوجود، ستعني "فقدان حياة كاملة تقريباً". إذ إن العالم الحديث رغم ازدهاره، "أكثر عزلة وبلا أطفال". وسيجد الكثير مّمن حلّت الآلات محلهم أنهم لا يملكون الكثير من الخيارات الأخرى لتعوّضهم عن هذا النقص في "معنى حياتهم".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لإنهاء العقوبات على سوريا، والشيباني يقول إن ذلك سيفتح "أبواب إعادة الإعمار"
Reuters وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين، أمراً تنفيذياً ينهي برنامج العقوبات الأمريكية على سوريا للسماح بإنهاء عزلة دمشق عن النظام المالي العالمي، وذلك تماشياً مع تعهد واشنطن بمساعدة سوريا على إعادة الإعمار بعد الأزمة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في إفادة صحفية إن "الإجراء سيسمح للولايات المتحدة بالإبقاء على العقوبات المفروضة على الرئيس السوري السابق بشار الأسد وشركائه، ومنتهكي حقوق الإنسان وتجار المخدرات والأشخاص المرتبطين بأنشطة الأسلحة الكيماوية وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات التابعة له، إلى جانب الجماعات المتحالفة مع إيران". وتتخذ سوريا منذ سقوط حكم الأسد خطوات عدة لاستئناف العلاقات الدولية. وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن قرار ترامب بإنهاء برنامج العقوبات المفروضة على سوريا سيفتح "أبواب إعادة الإعمار والتنمية التي طال انتظارها". وأضاف في منشور على منصة إكس أن هذه الخطوة ترفع "العائق الكبير أمام التعافي الاقتصادي" وتسهم في "الانفتاح على المجتمع الدولي". والتقى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض في مايو/ أيار الماضي حيث أصدر ترامب إعلاناً مفاجئاً عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، مما دفع واشنطن إلى تخفيف إجراءاتها بشكل كبير. ويضغط البعض في الكونغرس من أجل إلغاء هذه الإجراءات بالكامل، في حين أعلنت أوروبا إنهاء نظام عقوباتها الاقتصادية. وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك للصحفيين في مؤتمر صحفي: "يجب منح سوريا فرصة، وهذا ما حدث". ووصف خطوة، الاثنين، بأنها "تتويج لعملية شاقة ومعقدة ومؤلمة للغاية، وهي كيفية رفع هذه العقوبات". وقال البيت الأبيض في بيان إن "الأمر التنفيذي يُوجه وزير الخارجية الأمريكي بمراجعة تصنيف هيئة تحرير الشام، التي قادها الشرع ولها جذور في تنظيم القاعدة، كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب". وأكد البيت الأبيض أن الإدارة ستواصل مراقبة تقدم سوريا في الأولويات الرئيسية، بما في ذلك "اتخاذ خطوات ملموسة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتصدي للإرهابيين الأجانب، وترحيل الإرهابيين الفلسطينيين، وحظر الجماعات الإرهابية الفلسطينية". Reuters بدأت العقوبات الأمريكية على سوريا عام 1979، عندما أُدرجت دمشق على أول قائمة استحدثتها الولايات المتحدة لما وصفته بـ "الدول الراعية للإرهاب". وقد ترتب على هذا التصنيف فرض قيود على المساعدات الأمريكية لسوريا، وحظر بيع أسلحة لها، وإخضاع معاملات البنوك الأمريكية مع الحكومة السورية السابقة والكيانات المملوكة لها لضوابط مشددة، فضلاً عن فرض عقوبات على عدد من المسؤولين والكيانات الحكومية السورية السابقة. شهد عقد التسعينيات فتح صفحة جديدة من العلاقات الغربية مع سوريا، نظراً للتحولات الجيوسياسية التي عرفتها المنطقة آنذاك والموقف السوري منها. وفي عام 2005، مرر الكونغرس الأمريكي "قانون محاسبة سوريا"، بعد اتهامها بالسماح باستخدام أراضيها من قبل من وصفوا بـ "الإرهابيين لتقويض استقرار العراق ولاحقاً لبنان". تضمّن القانون فرض قيود على تصدير السلع الأمريكية إلى سوريا، باستثناء الغذاء والدواء، ومنع شركات الطيران السورية من السفر إلى الولايات المتحدة، وتوسيع العقوبات بحق عدد من المسؤولين السوريين. لكن استيراد السلع من سوريا، بما فيها المواد النفطية، والمعاملات المصرفية معها، بقيتا خارج نطاق العقوبات التي أقرّها القانون، وكذلك الحال بالنسبة للاستثمارات الأمريكية في سوريا التي لم يطلها المنع. وجاء التحول الحقيقي في العقوبات بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، والقمع الحكومي لها. إذ جرى فرض عقوبات أكثر شمولاً وتشدداً استهدفت قطاعات حيوية، مثل النفط والغاز والطيران، والقطاع المصرفي بما فيه المصرف المركزي، فضلاً عن فرض قيود على تصدير سلع أساسية وتكنولوجية إلى سوريا. إلّا أن التغيّر الأكبر جاء مع نهاية عام 2019، عند إقرار الكونغرس الأمريكي قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي عُرف بـ Reuters وعلى صعيد متصل، فإن رفع العقوبات التي سُنّت كقوانين عبر الكونغرس الأمريكي قد يستغرق وقتاً أطول، لأنه بحاجة لتصويت في الكونغرس. يندرج قانون "قيصر"، الذي يتضمن عقوبات ثانوية على المتعاملين مع سوريا، ضمن العقوبات الأمريكية المفروضة من قبل الكونغرس. وفي ذات السياق، أكدت وزارة الخزانة الأمريكية، أن الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس ترامب بشأن إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، "يُسهم في منحها فرصة لإعادة بناء علاقاتها مع التجارة العالمية وبناء الثقة الدولية". وقالت الوزارة في منشور على منصة إكس: "إنه تماشياً مع وعد الرئيس ترامب بتخفيف العقوبات عن سوريا، ستُسهم إجراءات اليوم في منح البلاد فرصة لإعادة بناء علاقاتها مع التجارة العالمية وبناء الثقة الدولية". ويعوّل السوريون كثيراً على الأثر الذي سيُحدثه رفع العقوبات على اقتصاد بلادهم ومعيشتهم. فبينما سيستغرق التعافي التام للاقتصاد السوري المنهك سنوات طويلة، يمثل رفع العقوبات خطوة أولى في هذا الطريق.


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
حرائق الغابات تشعل الجدل على منصات التواصل الاجتماعي في سوريا وتركيا
Getty Images مشهد من ولاية إزمير التركية. تشهد الدول المطلّة على البحر الأبيض المتوسط منذ أيام موجة حرّ شديد، أكثر حِدّة من المعتاد في هذا الوقت من العام. وفي يوم الأحد الماضي، سجّل البحر الأبيض المتوسط درجة حرارة قياسية، نسبة إلى هذا التوقيت السنوي، عند 26,01 درجة مئوية، بحسب بيانات خدمة كوبرنيكوس الأوروبية. وشهد الساحل السوري حرائق كبيرة وكثيرة، تضرّرت معها مناطق عديدة. وأشار وزير الطوارئ وإدارة الكوارث في سوريا رائد الصالح، إلى 23 حريقاً في محافظات اللاذقية، وطرطوس، وحماه، وإدلب، وغيرها. ولفت الصالح إلى أن أكثر من 50 فريقاً يتعامل مع تلك الحرائق، محذراً من أن الصيف قد يشهد المزيد من هذه الحرائق. وأتتْ الحرائق على مساحات واسعة من غابات جبال مصياف بما تشتمل عليه من نباتات طبية وعطرية نادرة، فضلاً عن تهديدها للمناطق السكنية والأثرية المجاورة. وتُعتبر غابات مصياف، الواقعة في محافظة حماة، من أجمل الغابات السورية، وهي تحتضن نظاماً بيئياً متكاملاً. وعبر منصات التواصل الاجتماعي، أشاد ناشطون بجهود عناصر الدفاع المدني السورية في التصدي لتلك الحرائق، لا سيما وأنها تعمل في ظل نقص التجهيزات اللوجستية، فضلاً عما تواجهه تلك العناصر من ألغام من مخلّفات الحرب . لكن البعض ذهب إلى القول إن هذه الحرائق مفتعلة، متسائلاً عن الهدف من وراء افتعالها: ورأى ناشطون أن "تصاعد الحرائق المفتعلة في الساحل السوري هو بهدف تهجير المكون العَلويّ وإجباره على بيع أراضيه"، مندّدين بغياب "أي إجراءات حقيقية لوقف الحرائق ومحاسَبة المتسببين بها، ما يعزز الشكوك حول وجود مخطط منظم لاستكمال سياسة التهجير القسري وإعادة رسم الخريطة السكانية في المنطقة"، على حد تعبيرهم. لكن رئيس منظمة الدفاع المدني السوري منير مصطفى، قال إن "السبب وراء اندلاع عشرات الحرائق يومياٍ، ومعظمها في المناطق الحراجية والغابات، يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة واشتداد سرعة الرياح، ما يزيد من سرعة انتشار النيران وصعوبة السيطرة عليها". كما "تضيف التضاريس الوعرة في بعض المناطق الجبيلة إلى صعوبة وصول آليات الإطفاء والفرق الميدانية". لكن أصحاب نظرية المخطَّط لا يقتنعون بتلك الأسباب الطبيعية، قائلين إن "تلك الحرائق تشتعل حتى في أشهر الشتاء الباردة". وعلى الحدود بين سوريا وتركيا، تداول ناشطون صوراً لاحتراق غابات جبلية بين البلدين، مشيرين إلى أن عمرها مئات السنين. وفي تركيا، اندلعت سلسلة من حرائق الغابات، معظمها في ولايتَي إزمير ومانيسا، غربي البلاد، وكذلك في منطقتَي هاتاي وأنطاكيا إلى الجنوب، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقوة الرياح وسرعتها، التي تتراوح في أثناء الليل بين 40 إلى 50 كيلو متر في الساعة. وأجْلت فرق الإنقاذ أكثر من 50 ألف شخص، كما علّقت السلطات الرحلات الجوية بمطار إزمير. وبحسب هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية، فقد تضرّر 196 منزلاً على الأقل في أرجاء البلاد. وقال وزير الزراعة والغابات التركي إبراهيم يوماقلي، في مؤتمر صحفي، إن 342 حريقاً اندلع في الغابات منذ الجمعة الماضي. وتداول ناشطون مقاطع فيديو أظهرت سُحباً كثيفة من الدخان تغطي سماء إزمير التركية مع امتداد رقعة الحرائق إلى مناطق سكنية مجاورة. وتشير التوقعات إلى أن درجات الحرارة في إزمير مرشحة للصعود إلى 38 درجة مئوية هذا الأسبوع. وتعدّ شواطئ إزمير مقصداً لقطاع غفير من السائحين. "لا توجد دولة محصّنة" وشهدت المناطق الساحلية التركية حرائق خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح الصيف أشد حرارة وأكثر جفافاً، وهو ما ينسبه العلماء إلى تغيّر المناخ. وحذرت السلطات في تركيا، من رياح قوية تضرب أجزاء كبيرة من بحر مرمرة وبحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط اعتباراً من يوم غد الأربعاء. وتتلظى أوروبا بأولى موجات الحرّ الصيفية الشديدة لهذا العام، ما دفع عدداً من دول القارة العجوز إلى اتخاذ تدابير وقائية، ومن ذلك إغلاق فرنسا مئات المدارس وكذلك الجزء العلوي من برج إيفل. وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن "الحرّ الشديد لم يعُد شيئاً عارضاً، وإنما أصبح هو المعتاد"، مشدداً على أن "كوكب الأرض أصبح أكثر سخونة وأشد خطورة- ولا توجد دولة محصّنة". وعلى حسابها عبر منصة إكس، رصدت خدمة كوبرنيكوس ارتفاعاً في تركيزات الأوزون في الغلاف الجوي بأجزاء من أوروبا، خلال الأيام القليلة الأولى من يوليو/ تموز. ويُعزى هذا إلى ارتفاع درجات الحرارة في الأسابيع الأخيرة. وتؤكد خدمة كوبرنيكوس، المعنيّة بتغير المناخ والتابعة للاتحاد الأوروبي، أن أوروبا هي أسرع قارات العالم ارتفاعاً في درجات الحرارة؛ إذ ترتفع درجة حرارتها بمثلَيْ المتوسط العالمي. وسجلت كل من البرتغال وإسبانيا أعلى درجة حرارة رُصدت على الإطلاق في تلك الدولتين خلال شهر يونيو/حزيران يوم الأحد الماضي عند 46.6 و46 درجة مئوية على التوالي. ولقي شخصان مصرعهما متأثرَين بالحرّ الشديد في إيطاليا. وأشارت دراسة، نشرتها دورية "ذا لانسِت" الطبية عام 2021، إلى أن الحرّ الشديد تسبب في وفاة نحو 489 ألف شخص سنوياً حول العالم، خلال الفترة ما بين عام 2000 وعام 2019، ولفتت الدراسة إلى أن حوالي رُبع هذا العدد كان في منطقة جنوب آسيا وحدها.


الوسط
منذ 13 ساعات
- الوسط
«الشيوخ الأميركي» يقر مشروع قانون ترامب للموازنة
أقر مجلس الشيوخ الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون، اليوم الثلاثاء، مشروع الموازنة الضخم الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، وسيؤدي إلى خفض برامج الرعاية الاجتماعية وتجديد التخفيضات الضريبية التي أقرها خلال ولايته الأولى. وبعد إقراره في مجلس الشيوخ، يحال المشروع على مجلس النواب حيث يواجه معارضة ديمقراطية موحدة وعددًا من الجمهوريين الذين يرفضون الموافقة على اقتطاعات كبيرة في الرعاية الصحية، بحسب «فرانس برس». وحذر الرئيس على صفحته على موقع «تروث سوشيال» خلال الليل من أن «عدم إقرار هذا القانون سيترجم بزيادة كبيرة في الضرائب بـ68%، ستكون الأكبر في تاريخ البلاد». «مشروع القانون الواحد الكبير والجميل» ويبالغ الرئيس في الإطراء على ما أسماه «مشروع القانون الواحد الكبير والجميل»، وقال في رسالة له إنه «يحقق أكبر خفض ضريبي على الإطلاق، ويعزز أمن الحدود بشكل غير مسبوق، ويؤمن ملايين الوظائف وزيادات في رواتب العسكريين والمحاربين القدامى، وأكثر من ذلك بكثير». ويعد هذا القانون أحد أهم أهداف ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، ومن المتوقع أن يشكل انتصارًا تشريعيًا كبيرًا للرئيس الجمهوري البالغ من العمر 79 عامًا. تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة وينص مشروع القانون على تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي جرى إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى، وإلغاء ضريبة الإكراميات، وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة. وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس، المسؤول عن تقييم تأثير مشاريع القوانين على المالية العامة بطريقة غير حزبية، إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين الوطني بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار بحلول العام 2034. وسيكلف توسيع ترامب «الإعفاءات الضريبية» 4.5 تريليون دولار. وللتعويض جزئيًا عن ذلك، يخطط الجمهوريون لخفض برنامج التأمين الصحي العام (ميدك إيد)، الذي يعتمد عليه ملايين الأميركيين من ذوي الدخل المحدود. كما ينص على تقليص كبير في برنامج «سناب» للمساعدات الغذائية الرئيسي في البلاد، وإلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة التي أُقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.