وزير الاتصال يشيد بالإعلام الوطني
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثمّن دوره في الحفاظ على أمانة الشهداءوزير الاتصال يشيد بالإعلام الوطنينوه وزير الاتصال السيد محمد مزيان مساء الخميس بالجزائر العاصمة بالدور الذي لعبه الإعلام الوطني من أجل الحفاظ على أمانة الشهداء على غرار يومية المجاهد التي تحيي الذكرى الستين لتأسيسها.وفي احتفالية احتضنها قصر الثقافة مفدي زكريا إحياء للذكرى ال60 لتأسيس يومية المجاهد قال وزير الاتصال لا يخفى على أحد الدور الذي لعبه الاعلام الوطني والتضحيات الجسام التي قدمها في سبيل الحفاظ على أمانة الشهداء مشيرا إلى أن جريدة المجاهد كانت ولا تزال رافدا من روافد الاعلام الوطني الذي يلعب الدور الرائد في تنوير الرأي العام من خلال تقديم محتوى إعلامي هادف ومسؤول .واعتبر هذه الذكرى فرصة لاستحضار إحدى المحطات الرئيسية والمؤسسة في المنظومة الإعلامية الوطنية والتي اعتبرت حينها لبنة من لبنات بناء صرح إعلامي يتماشى والطموحات التنموية التي كانت تصبو اليها المجموعة الوطنية ثلاث سنوات فقط بعد نيل الاستقلال .كما لفت إلى أنها تعد أيضا فرصة تعيد إلى الأذهان المناخ المفعم بالأمل والطموح الذي ولد فيه هذا المشروع الافتتاحي والذي لازال إلى يومنا هذا يذكر الأجيال أن إعلامنا ولد من رحم المقاومة من أجل الدفاع عن قيم الحرية والسيادة .وأضاف السيد مزيان بأنّ يومية المجاهد واصلت مسيرتها الإعلامية من خلال عملها الدؤوب في مرافقة الدبلوماسية الجزائرية عبر العالم ومساندة حركات التحرر في إفريقيا مشكلة بذلك أرشيفا ثريا ومتنوعا لتلك الحقبة التاريخية الهامة ولا يزال ينير درب الصحفيين الشباب في المرحلة الراهنة .من جهته أوضح الرئيس المدير العام ليومية المجاهد السيد ابراهيم تاخروبت أن إحياء هذه الذكرى يتم بروح تصبو إلى إحياء شعلة التضامن والالتزام مضيفا بأنّه في زمن التحول الرقمي أطلقت الجريدة منصتها المتعددة الوسائط وهي تسعى لفرض وجودها على الساحة الإعلامية .للإشارة جرت هذه الاحتفالية بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة إلى جانب الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية السيد سمير عقون مدراء مؤسسات إعلامية وطنية وممثلي عدة منظمات وهيئات وطنية.
وبالمناسبة تم عرض فيلم وثائقي يسرد مسار يومية المجاهد على مدار ستين سنة تبع بتكريم الرواد الأوائل ممن صنعوا مجدها وكذا المدراء الذين تعاقبوا على تسييرها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 27 دقائق
- إيطاليا تلغراف
كيف سيكون شكل الشرق الأوسط الجديد؟
د. فيصل القاسم نشر في 27 يونيو 2025 الساعة 23 و 39 دقيقة إيطاليا تلغراف د. فيصل القاسم كاتب واعلامي سوري من السخف أحياناً أن تتحدث عن مؤامرات تستهدف العالم العربي، فغالباً ما تُحاك المؤامرات بعيداً عن الأضواء، ولا أحد يعلم بتفاصيلها، ناهيك عن أن المتآمرين لا يعلنون أصلاً عن مؤامراتهم، وبالتالي فإن الحديث عن مؤامرات ضد من يسمون بالعرب ليست أكثر من كلام فارغ. بعبارة أخرى، فإن الإسرائيليين ومن ورائهم الأمريكيين لا يتآمرون علينا، لأن التآمر كما أسلفنا لا يكون معلناً، بينما يعلن لنا الأمريكي والإسرائيلي عن مشاريعهما المُعدة للمنطقة على الملأ (عمال على بطال) بكل صراحة وشفافية وصفاقة دون خجل أو وجل منذ عقود وعقود وبالتفاصيل المملة. وكلنا يتذكر وعيد وزيرة الخارجية الأمريكية غوندوليزا رايس قبل سنوات وسنوات باستخدام «الفوضى الخلاقة» لخلق شرق أوسط جديد، وقد شاهدنا معالم تلك الفوضى في بلدان كثيرة تحت يافطات وشعارات مختلفة. نعم لقد أرادت الشعوب في بعض بلدان المنطقة أن تتحرر من الظلم والطغيان، فثارت على بعض الأنظمة، لكن كما اكتشفنا لاحقاً فإن أكبر المستفيدين من تلك الثورات لم تكن الشعوب نفسها، بل القوى التي تريد تغيير شكل المنطقة من أجل مشاريعها ومصالحها الخاصة. وهذا يبدو واضحاً الآن بعد أن ذاب الثلج وبان المرج. واليوم لا يمل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وهو يذكرنا بأنه يريد تغيير وجه الشرق الأوسط منذ اليوم الأول لحربه على غزة، وحتى قبل ذلك. ثم يأتي الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب ليؤكد على أنه يشارك نتنياهو في مشروعه، فقد قالها ترامب بعظمة لسانه قبل أيام إن هدف المواجهة مع إيران ليس فقط تدمير المشروع النووي الإيراني، بل المطلوب تغيرات استراتيجية. صحيح أنه عاد ليتحدث عن التفاوض مع إيران بعد وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، لكن الأمر لن ينتهي هنا بالتأكيد، فالجمر مازال تحت الرماد، ويمكن أن تشتعل النار بين الطرفين في أي لحظة لأن المشروع المطلوب إسرائيلياً وأمريكياً لم يتحقق بعد. وبكل الأحوال، أياً كانت النتيجة فهي تصب في مجرى مشروع الشرق الأوسط الجديد، سواء أخضعوا إيران للمخطط عبر الحرب أو القلاقل الداخلية، أو تقاسموا معها النفوذ، فبالنهاية سيكون لدينا شرق أوسط مختلف الأوصاف والأهداف. لاحظوا الآن معالم التغيير في أماكن أخرى في المنطقة. سوريا لم تعد سوريا القديمة، لا بل إن الجيش الأمريكي ربما سيساهم في تدريب الجيش السوري الجديد بعد أن كان النظام السابق يحمل شعار القومية العربية ومناهضة الصهيونية والإمبريالية وتحرير فلسطين. ومن الواضح أن سوريا ستنتقل من معسكر إلى آخر بمباركة رسمية وشعبية تخدم المصلحة السورية بعد عقود من العنتريات والشعارات القومجية الجوفاء. لبنان لم يعد لبنان الذي عرفناه على مدى عقود بعد القضاء على حزب الله ذراع إيران. والعراق طبعاً تغير كلياً بعد الغزو الأمريكي عام ألفين وثلاثة، وربما سيأخذ شكلاً جديداً آخر قريباً. وحدث ولا حرج عن الأردن الذي يخشى أن يكون أولى ضحايا الحرب في غزة، فيتحول ربما موطناً للمهجرين الفلسطينيين. ولا ننسى ما يحدث لغزة نفسها التي صارت أثراً بعد عين، ولا يعرف سكانها إذا كانوا سيبقون فيها أو سيرحلون إلى الأردن أو مصر، وكذلك الأمر بالنسبة للضفة الغربية، أي أن القضية الفلسطينية نفسها، أم القضايا في المنطقة، أصبحت في مهب الريح. هل سمعتم كلمة واحدة من إيران التي تشدقت بالدفاع عن فلسطين لعقود وعقود في حربها الأخيرة مع إسرائيل. لم تذكر القيادة الإيرانية غزة أو القدس مطلقاً. وحتى مصر ربما لن تسلم من لعبة تغيير شكل الشرق الأوسط وتركيبته بخسارة سيناء كوطن جديد لبعض الفلسطينيين. ولا ننسى أن هناك لعبة التقسيم التي تهدد بعض الدول المحيطة بإسرائيل وتفتيتها إلى دويلات. حتى الأتراك حلفاء حلف الناتو يخشون من القادم، والإسرائيليون لا يخفون مخططاتهم ولو مزحاً، فقد ألمح الإعلامي الإسرائيلي بيركوفيتش قبل أيام منتشياً بالضربات واسعة النطاق التي شنتها إسرائيل ضد إيران إلى «أننا كنا متعادلين مع حركة حماس ثم فزنا عليها بركلات الترجيح، وصعدنا إلى نصف النهائي وهزمنا إيران، وقد نواجه تركيا في المباراة النهائية». وكان الزعيم التركي أربكان معلم أردوغان نفسه قد أشار إلى النوايا الإسرائيلية الخطيرة تجاه تركيا قبل عقود. من يدري، فليس هناك حلفاء في المنطقة سوى الأمريكيين والإسرائيليين، والباقي كلهم مجرد أدوات بالنسبة للطرفين. لهذا على الجميع ألا يتفاجأ عندما تدور عليه الدائرة الأمريكية الإسرائيلية لاحقاً بما فيها باكستان وغيرها، فالهدف الكبير ليس فقط هيمنة إسرائيل وتسيّدها على المنطقة، بل أيضاً وضع الشرق الأوسط في السلة الأمريكية لمواجهة النفوذ الصيني الذي بات يشكل خطراً مستداماً على العم سام ونفوذه الامبراطوري في العالم. من المبكر جداً طبعاً تصور الشكل النهائي للشرق الأوسط الجديد، فالوضع بشكل عام مازال سائلاً، وقد نشهد الكثير من الأحداث القادمة التي لم تكن تخطر على بال حتى تكتمل صورة المشهد المنشود. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف السابق مع دراكانوف و سليف كايطا التالي روسيا تنشر منظومات 'يارس' النووية في مناورات قتالية


إيطاليا تلغراف
منذ 27 دقائق
- إيطاليا تلغراف
أميركا وإسرائيل وحماقة الحرب مع إيران
إيطاليا تلغراف د. ياسين أقطاي بينما كانت الحرب بين إيران وإسرائيل تدخل يومها الثاني عشر، بدا أن المواجهة قد توقفت مؤقتًا بعدما أعلنت إسرائيل قبولها بوقف إطلاق النار. في الساعات الأولى، زعمت إسرائيل أن إيران قد انتهكت الهدنة بسبب إطلاق صاروخ، وأعلنت أنها ستردّ، لكن من الواضح أن الأمور ما كان لها لتتصاعد أكثر. فالمزاج العام، والظروف الموضوعية، ومسار الحرب كلها أظهرت ضرورة وقف القتال من وجهة نظر جميع الأطراف. وهذا الوقف لإطلاق النار يُشبه إلى حدٍّ بعيد الهدنة التي حصلت بين إسرائيل وحماس في ديسمبر/ كانون الأول؛ إذ يعكس في جوهره انكسارًا لإسرائيل. فمنذ البداية، دخلت إسرائيل هذه الحرب مدفوعة بغرور مفرط، متكئة على أسلحتها الأميركية والدعم الكامل من واشنطن، ومفرطة في ثقتها باستخباراتها وتصوّراتها المسبقة عن إيران. وبعد اثني عشر يومًا، وجدت نفسها في مواجهة واقع صادم، حيث لم تتطابق الحسابات المسبقة مع الوقائع الميدانية. لقد ساعدتها استخباراتها عن إيران في البداية، لكنها سرعان ما تُركت وحيدة في مواجهة الحقائق على الأرض. والحقيقة أن إيران، خلال خمسين عامًا من الحرب الباردة، طوّرت قدرات دفاعية تتجاوز التوقعات. وكان لإسرائيل أن تُفاجأ في كل مرحلة بسلاح جديد لم تكن تتوقعه، حتى تحوّل الأمر إلى كابوس خلال أيام قليلة. لقد انكشفت 'القبّة الحديدية' التي كانت إسرائيل تتباهى بها، وبدأت الصواريخ تتساقط على شوارع تل أبيب، وميناء حيفا، والمنشآت النفطية، والقواعد الجوية، فتحوّلت الحرب إلى كارثة حقيقية. لم تكن إسرائيل تتوقع مقاومة بهذا المستوى من غزة التي تحاصرها منذ 17 عامًا كأنها معسكر اعتقال، ولم تتصور أن حماس تملك هذه القوة القتالية المذهلة. كما لم يخطر ببالها أن تضرّها التكنولوجيا العسكرية الإيرانية بهذا الشكل. حتى الاغتيالات التي نفذتها في الأيام الأولى والتي استهدفت أسماء بارزة، دفعتها إلى نشوة نصرٍ مبكر، تحوّلت سريعًا إلى سقف مرتفع يصعب عليها بلوغه. رغم أن إيران فقدت شخصيات بارزة، فإنها ردّت في الأيام التالية وكأن شيئًا لم يكن، باستخدام صواريخ فرط صوتية جديدة في أول اختبار لها، وأمطرت بها إسرائيل رعبًا. قد يبدو أن الخسائر غير متكافئة بين الطرفين، لكن عند النظر إلى تأثير هذه الخسائر، يتضح أن الخسارة الكبرى كانت من نصيب إسرائيل، وهذا ما دفعها عمليًا إلى القبول بالهدنة. ومثلما هو الحال في حربها مع غزة، لم تقترب إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة. ويُقال إنها ضربت منشآت نووية إيرانية، لكن من الواضح أن تلك الضربات كانت شكلية. وهذا الوضع كان ضروريًا حتى للولايات المتحدة نفسها، إذ لم يكن من مصلحتها التصعيد أكثر من ذلك. هل كان يمكن التصعيد أكثر؟ هل كانت يد إيران خالية من الخيارات؟ بالطبع لا. فقد أعلنت طهران أنها علمت مسبقًا بنية استهداف منشآتها النووية، ونقلت اليورانيوم المخصّب من المواقع المهددة. كما أظهرت من خلال ردّها ضد إسرائيل وضد أهداف أميركية، أنها ليست عاجزة عن الرد في حال تصعيد أكبر. وبالتالي، بدا أن الوصول إلى نوع من التوازن عبر استعراض القوة هو الطريق الأكثر عقلانية للطرفين. والواقع أن إيران، إذا ما فقدت قدرتها على التهديد النووي، فلن تعود ذات جدوى في حسابات أميركا بالمنطقة. ولهذا السبب، لا يمكن للولايات المتحدة، حتى إن أرادت، أن تُجهز تمامًا على قدرات إيران؛ لأن ذلك سيُخلّ بالتوازن الإقليمي الذي تخطط له واشنطن. لكن، حتى في حدود هذا التصعيد المحدود، تضررت إستراتيجية أميركا في الشرق الأوسط بشدة. فمن الآن فصاعدًا، لم تعد ورقة 'التهديد الإيراني' فعّالة كما كانت، وبيان اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أظهر أن الخطر الذي كان يُرى في إيران بدأ يُستبدل بخطر 'الصهيونية' في الوعي الجمعي للشعوب المسلمة. من ثم، فإن المنظومة التي كانت تُبنى على تخويف دول الخليج من إيران، بدأت تتآكل. أما دونالد ترامب، فقد أظهر حرصًا مفاجئًا على وقف الحرب التي وصفها بـ'حرب الاثني عشر يومًا'. وهذه الرغبة تُظهر حجم التأثير الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأميركية. لقد جُرّ ترامب إلى حرب لم يرغب فيها بسبب بنيامين نتنياهو. وأصبح دور نتنياهو في التأثير على القرار الأميركي محل تساؤل خطير، لا سيما بالنسبة للمواطن الأميركي نفسه. وإذا كان ترامب قد اشتهر بتقلّب مواقفه، فإن ارتباكه الفاضح في هذه الحرب سيزيد الشكوك بشأن استقرار السياسة الأميركية. ففي مقالة نشرتها صحيفة 'وول ستريت جورنال' قبل يومين، كُتب أن الأمن القومي الأميركي تلقى ضربة مدمّرة بسبب عجزه عن قول 'لا' لإسرائيل. وتحدثت المقالة عن نفاد صواريخ إسرائيل، وعجز أميركا عن تزويدها بكميات كافية. وأشارت إلى أن نظام الدفاع الإسرائيلي يتكوّن من أربعة أنظمة، أهمها منظومة 'آرو 3″، المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى. ورغم زعم إسرائيل أنها أسقطت 90٪ من الصواريخ الإيرانية الـ370، فإن الحقيقة المرّة أن إيران تملك مخزونًا أكبر بكثير مما يمكن لإسرائيل تحمّله. وتابعت المقالة: أميركا تساعد، لكنها لا تملك الكثير. فهي لا تملك سوى ما يكفي من الصواريخ الذكية لخوض حرب شاملة تمتد لثلاثة أو أربعة أسابيع، ثم تحتاج بعد ذلك إلى 4-6 سنوات لتُعيد المخزون إلى ما كان عليه. وفي هذا الوقت، لن تجد أميركا ما تقدّمه لإسرائيل أو أوكرانيا أو حتى أوروبا. واستنتجت المقالة أن إسرائيل، التي طالما وثقت بأميركا، وجدت أنها غير قادرة على خوض حرب طويلة ضد إيران. بل إن استمرار النزيف يعني استنزاف الأسلحة التي خُطط لاستخدامها ضد الصين، ما يُعرّض الأمن القومي الأميركي للخطر. وهكذا، ورغم أن هدف إسرائيل المعلن كان تدمير البرنامج النووي الإيراني والقدرات العسكرية لطهران، فإنها لم تتحمل أكثر من 12 يومًا من الردّ الإيراني. واليوم، أصبح البرنامج النووي الإيراني أقرب إلى التفعيل مما كان قبل الحرب. بل إن العدوان الإسرائيلي منح إيران دفعة قوية في الداخل، وشرعية دولية مفاجئة. في نهاية المطاف، إذا كان هناك تهديد نووي حقيقي، فإن إسرائيل – باعتبارها قوة نووية عنصرية ومرتكبة للجرائم ضد الإنسانية – هي من يُشكّل الخطر الأكبر على البشرية. وإذا كان من واجب اتخاذ تدابير ضد التهديد النووي، فإن إسرائيل آخر من يملك الحق في ذلك؛ بل إنها، بعد هذا العدوان، أصبحت تجسيدًا للخطر الذي يبرّر اتخاذ كل التدابير، حتى النووية، في مواجهتها. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف


إيطاليا تلغراف
منذ 27 دقائق
- إيطاليا تلغراف
ردّاً على معن البياري: ليست "حماس" من "انقلبت" 2007
إيطاليا تلغراف أسامة أبو ارشيد كاتب وباحث فلسطيني مقيم في واشنطن في التحليل السياسي ثمَّةَ أوَّليات ينبغي أن تُراعى وتكون حاضرة. من ذلك، ضرورة أن تكون هناك مسافة فاصلة بين المعطيات الموضوعية والمعلومات المُحَقَّقَةِ والمُوَثَّقَةِ، وبين التحيّز والقناعات المسبقة والموقف السياسي. أيضاً، لا بد لمن يُكَلِّفُ نفسه عناء خوض غمار مسألة ما في التحليل السياسي أن يكون مستوعباً لها، عارفاً بخلفياتها، وتفاصيلها، وسياقاتها، وعناصرها، وديناميكيّاتها. واستطراداً، يتجنّب 'المحلل السياسي الموضوعي' القطعيات في اللغة والبديهيات في الافتراضات وترتيب النتائج، من دون سند معلوماتيٍّ متماسك، اللهم إلا إذا كان يعبر عن تحيزٍ وموقفٍ مسبق، وهذا حقٌّ لصاحبه (كلنا يمارس ذلك من حين إلى آخر)، ولكن مقالته حينئذ تُدْرَجُ في سياق الموقف المنحاز، لا في سياق التحليل الموضوعيِّ المتماسك. ما جرى يوم 14 يونيو 2007، كان محاولة انقلاب من السلطة الفلسطينية وحركة فتح على حكم 'حماس' القانونيّ والشرعيّ، داعي المقدِّمَةِ السابقة مقال لرئيس تحرير صحيفة 'العربي الجديد'، الصديق معن البياري، نشر في الصحيفة (20 يونيو / حزيران 2025)، بعنوان 'في ذكرى انقلاب حماس'، أحسب أنه لم يستوفِّ شروط الموضوعية، وربما لم يتحرّر من سطوة الموقف المسبق، وهو ما غَيَّبَ، في ظنَّ صاحب هذه السطور، المعطيات والحقائق. يستهل البياري مقاله 'سمّت حركة حماس اكتمال سيطرتها على المقارّ الأمنية والمدنيّة للسلطة الفلسطينية في قطاع غزّة يوم 14 يونيو/ حزيران 2007 'حسماً عسكرياً'، بعد اشتباكاتٍ مسلحةٍ، متقطّعةٍ أولاً، ثم في معارك عنيفةٍ قتاليةٍ مع عمليات خطفٍ واغتيالاتٍ، فيما يتبنّى العنوان أعلاه تسميتَه انقلاباً (بلا قوسين)'. ويتابع البياري 'ولا يُتذكّر هنا ذلك الحدث بمناسبة اكتمال 18 عاماً عليه الأسبوع الجاري فقط، وهذه غواية الصحافة التي نُزاولها، وإنما أيضاً لإطلالةٍ عليه في لحظة الكارثة التي يُغالبها أهل غزّة بفعل حرب الإبادة الجارية… غير أن أي التفاتةٍ إلى هناك لا يجوز، في أي حال، أن تتورّط في المغالطة الذائعة، أن الذي جرى، ثم الانقسام المخزي والمديد، كانا بسبب رؤيتيْن تصادمتا، واحدةٍ استسلاميةٍ مفرّطةٍ عنوانُها الارتهانُ لمتطلّبات اتفاق أوسلو وتوابعه، وتعبّر عنه السلطة ممثلةً برئاسة محمود عبّاس والقيادة النافذة في حركة فتح ومنظمّة التحرير، فيما الأخرى تُرابط على المقاومة ضد الاحتلال بكل الوسائل، وتنهج هذا وترفض أي خيار آخر'. ثمَّ يقرر البياري 'هذا غير صحيح، ليس فقط لأن بيان رئيس الحكومة التي نتجت عن انتخابات المجلس التشريعي، إسماعيل هنيّة، ونال عليه ثقة هذا المجلس (مارس/ آذار 2006)، أكّد أن هذه الحكومة ستتعامل مع الاتفاقيات التي وقعتها منظّمة التحرير والسلطة 'بمسؤوليةٍ وطنيةٍ عليا، وبما يخدم مصالح شعبنا وحقوقه الثابتة'. وإنما أيضاً لأن بواعث النزاع المسلّح ذاك لم تكن أبداً انبطاحَ طرفٍ في السلام والاستسلام وتمنطُق الطرف الآخر البواريد لمناطحة إسرائيل، بل هو الخلاف الذي احتدّ وامتدّ بشأن أيٍّ من الجانبين له سلطة الولاية على الأجهزة الأمنية، بعد سجالٍ غير منسيٍّ على مشروعيّة تشكيل وزير الداخلية في الحكومة، سعيد صيام (حماس) ما سمّاها 'قوة تنفيذية' من عناصر كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام. هذا هو الأصل والفصل في القصة كلها. إنه النزوعُ إلى هيمنة القوّة المسلّحة لدى 'حماس' على القرار الأمني، بكل تفاصيله، في القطاع، فيما استشعر الفتحاويون هناك خطراً داهماً عليهم من هذا الحال، وكانوا أقلّ مقدرةً على 'الحسم'، فأحرزه أولئك في 'انقلابٍ' لا اسم له غير هذا الاسم'. لا يسعى هذا المقال إلى مناقشة كل قضية وجزئية في خلاف حركتيْ حماس وفتح، ولا إلى الدخول في معركة من هو 'المقاوم' ومن 'هو المنبطح' بينهما، ولا ما إذا كانت 'حماس' مارست حكماً رشيداً أم لا، ولا حتى ما إذا كانت مسؤولة أم لا عن حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة واستدامتها إلى قرابة العامين. إنما سيحصر هذا المقال النقاش في مسألة من انقلب على من. وعلى عكس البياري، فإنني أقرّر مسبقاً أن 'فتح' هي من حاولت الانقلاب على 'حماس' في جسم السلطة الفلسطينية وهياكلها منذ عام 2006، عندما فازت 'حماس' بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. ولا ألقي الكلام هنا على عواهنه، وإنَّما بناء على معلومات ومعطيات مُحَقَّقَةٍ وموثَّقةٍ. صمود 'حماس' في الحكم دفع بإدارة بوش لمحاولة هندسة انقلاب على حكومتها نعود إلى مسألة 'انقلاب' حركة حماس المزعوم، وأضع كلمة 'الانقلاب' هنا بين قوسين مخالفاً ما ذهب إليه البياري في مقاله. بعد تشكيل 'حماس' حكومتها الأولى، عام 2006، قطعت الولايات المتحدة علاقاتها معها، ثمَّ حصرت تعاطيها بمؤسسة الرئاسة الفلسطينية، بزعامة، الرئيس محمود عباس. كما فرضت إدارة جورج بوش الابن عقوباتٍ على مؤسّسات السلطة التي يشتبه أنها تحت تأثير 'حماس'، فضلاً عن وضع ثلاثة شروط عليها عبر 'الرباعية الدولية' المشرفة على المفاوضات، وهي الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، إن هي أرادت الاعتراف بها وفك العزلة عن حكومتها. وتمثلت تلك الشروط في: الاعتراف بإسرائيل، الاعتراف بالاتفاقات السابقة بين منظّمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والتخلي عن العنف. وهي الشروط التي رفضتها 'حماس'، وبالتالي شدّدت الولايات المتحدة العقوبات على حكومتها وعلى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزّة. في يونيو/ حزيران 2002، أي بعد هجمات 11 سبتمبر (2001) في كل من نيويورك وواشنطن، وإعلان واشنطن 'الحرب على الإرهاب'، أعلن بوش أن على الفلسطينيين اختيار قادة جدد لم 'يتلطخوا بالإرهاب'، كما شدّد على ضرورة أن يتنازل الرئيس الفلسطيني، حينئذ، الراحل ياسر عرفات، عن صلاحياته لـ'برلمان فلسطيني يتمتع بالسلطة الكاملة لمجلس تشريعي'. واستمر بوش في ضغوطه على عرفات لتعيين رئيس وزراء يتمتع بسلطة الإشراف على الأمن والمال، وهو ما كان بتعيين محمود عبّاس رئيساً للوزراء في مارس / آذار 2003. حينها مرّر المجلس التشريعي الفلسطيني (كان تحت سيطرة حركة 'فتح') تعديلات على القانون الأساسي (الدستور) للسلطة الفلسطينية نصّت على استحداث منصب رئيس للوزراء بصلاحيات واسعة، تشمل الإشراف على الملفين الأمني والمالي. إلا أن عبّاس لم يلبث أن قدّم استقالته في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، بسبب اصطدامه بعرفات الذي رفض أن يتنازل عن صلاحياته الواسعة. بعد وفاة عرفات عام 2004، ورغم صعود عبّاس (المرضيِّ عنه أميركياً وإسرائيلياً حينها) إلى سدّة الرئاسة مطلع عام 2005، بقيَ بوش يضغط عليه لإجراء انتخابات تشريعية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزّة (ضمن 'أجندة الحرية' و'مبادرة الشرق الأوسط الكبير' التي تبنّتها إدارته حينئذ)، وهو الأمر الذي كانت تعارضه كل من رام الله وتل أبيب معاً، خشية أن تأتي الانتخابات بحركة حماس. كانت إدارة بوش مقتنعة بأن حركة فتح ستفوز في الانتخابات، وكان رهانها أن دخول 'حماس' بنسبة جيدة في المجلس التشريعي سيساهم في عقلنة خطابها السياسي ويبعدها تدريجياً عن خط المقاومة المسلحة. إلا أن الصدمة كانت بعد ظهور النتائج الرسمية للانتخابات الفلسطينية (يناير/ كانون الثاني 2006)، والتي فازت فيها 'حماس' بأكثر من 56% من مقاعد المجلس التشريعي، وهو ما عنى أن رئيس الوزراء القادم سيكون منها، وبأن الأجهزة الأمنية والشؤون المالية ستخضع لإشرافه، وذلك إذا ما جرى تطبيق القانون الأساسي الذي ضغط بوش، نفسه، من قبل لتعديله على هذا الشكل، وأصرَّ عبّاس على إنفاذه في خلافه مع عرفات. لم تقبل إدارة بوش وإسرائيل بنتائج الانتخابات الفلسطينية، كما أنها لم تعترف بشرعيّتها، واستقر رأيهما على إفشال 'حماس' وإخراجها من الحكم ولو بالقوة. وفعلاً، ضغطت واشنطن وتل أبيب لقطع المساعدات عن أي حكومة فلسطينية تشكلها 'حماس' أو تكون طرفاً فيها، ما لم تقبل 'حماس' بشروط اللجنة الرباعية الثلاثة. ومع رفض الحركة هذه الشروط ورفض 'فتح'، بضغوط أميركية، المشاركة في حكومة وحدة وطنية مع 'حماس'، شكّلت الأخيرة حكومة بمفردها في مارس/ آذار 2006. ومباشرة ردّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية. لم يكن هذا كلَّ شيء، إذ رفض عباس وحركة فتح تسليم مسؤوليات الإشراف على الأجهزة الأمنية والمالية لـ'حماس'، بل إنهما أعلنا استعادة هذه الصلاحيات لمؤسسة الرئاسة، وذلك على عكس ما يقرّره القانون الأساسي المعدّل، والذي صمّم من قبل على مقاس عبّاس تحديداً عندما استلم رئاسة الوزراء زمن عرفات. وقد تسبّبت خطوات عباس و'فتح' هذه بإشعال فتيل التوتر مع 'حماس'، وهو ما هيأ الأرضية لصدامات دموية بينهما، خصوصاً في قطاع غزّة. لم تقبل إدارة بوش وإسرائيل بنتائج الانتخابات الفلسطينية، كما أنها لم تعترف بشرعيّتها، واستقرّ رأيهما على إفشال 'حماس' وإخراجها من الحكم ولو بالقوة على أيِّ حال، وحتى لا نغرق في تفاصيل كثيرة هنا، فإن صمود 'حماس' في الحكم دفع بإدارة بوش لمحاولة هندسة انقلاب على حكومتها. تؤكد بعض الوثائق السرية لإدارة بوش والتي تمّ الكشف عنها في ربيع عام 2008، أي بعد أقلّ من عام على الانقسام الفلسطيني، أن إدارة بوش سعت منذ انتخابات عام 2006 إلى إطلاق شرارة 'حرب أهلية' فلسطينية بين الحركتين، وذلك عبر تسليح قوات محسوبة على 'فتح' وتدريبها لهزيمة 'حماس' بالقوة في القطاع، وإسقاط حكومتها، وحلِّ المجلس التشريعي، وإجراء انتخابات جديدة تستبعد منها 'حماس'. وحسب تلك الوثائق، أنيطت مسؤولية الإشراف على تلك الخطّة بوزيرة الخارجية الأميركية، حينئذ، كونداليزا رايس، ومساعد مستشار الأمن القومي، حينها، إليوت إبرامز، وهو الأمر الذي يؤكّده الأخير في كتاب له صادر عام 2013 بعنوان 'اختبار أمام صهيون: إدارة بوش والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني'. إلا أن نتائج تلك الخطّة كانت كارثية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، فضلاً عن السلطة الفلسطينية، ممثلة بمؤسّسة الرئاسة وحركة فتح، واللتين تواطأتا في المؤامرة، حسبما تؤكد تلك الوثائق. تتظافر الوثائق التي كُشف عنها، فضلاً عن شهادات من داخل إدارة بوش نفسها والأمم المتحدة، في تأكيد مسؤولية إدارة بوش المباشرة (وتساوق السلطة الفلسطينية برئاسة عبّاس، وحركة فتح معها) عمّا جرى في قطاع غزّة منذ الانتخابات التشريعية عام 2006. واستناداً إلى هذه الوثائق التي نشرها ديفيد روز، في مجلة فانيتي فير (3/3/2008)، تحت عنوان 'قنبلة غزّة'، فإن واشنطن هي من حرّضت عبّاس و'فتح' على عدم تسليم مسؤولية الإشراف على الأجهزة الأمنية والقطاع المالي لحماس، والتي مثلت شرارة الصدام الأول بين الطرفين. وجاء في تلك الوثائق أن رايس سافرت إلى رام الله والتقت عبّاس في مقر المقاطعة في 4 أكتوبر / تشرين الأول 2006، حاملة إليه رسالة أميركية واضحة بضرورة حلِّ حكومة إسماعيل هنية في أقرب وقت ممكن، وإعلان حالة الطوارئ، وإجراء انتخابات جديدة. الأهم من ذلك أن إحدى الوثائق تفيد بأنه في حال وقوع صدامات مسلحة مع 'حماس'، فإن الولايات المتحدة ستدعم عبّاس 'مادياً وسياسياً'. كما شجّع الأميركيون عبّاس على الاستعانة بـ'شخصيات ذات مصداقية وذات مكانة قوية في المجتمع الدولي'، كمحمد دحلان. وفعلاً، تمَّ تعيين الأخير، حينها، مستشاراً للأمن القومي لعبّاس، ووضعت كل الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت إشرافه. لم يكن ما قامت به حركة 'حماس' حينها 'انقلاباً' منها، ولا حتى 'حسماً عسكرياً'، بل تقتضي الموضوعية القول إنه كان دفاعاً عن الشرعية هنا يدخل الجنرال الأميركي كيث دايتون على خط تطور الأحداث فلسطينياً في تلك السنوات، فحسب الوثائق نفسها، التقى دايتون دحلان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006، في خضم خوض 'حماس' و'فتح' جولاتٍ من القتال المتقطّع في القطاع، وأخبره أن الولايات المتحدة تريد مساعدته على بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمواجهة 'حماس'، وهو ما وافق عليه دحلان، ولكنه طلب موارد كبيرة، ذلك أنه 'ليس لدينا القدرة' على ذلك ضمن المعطيات الحالية. وفعلاً، اتفق الرجلان على إعداد خطة أمنية فلسطينية، تقضي بوضع الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت إشراف دحلان، وتدريبها وتسليحها أميركياً. وحسب ما أوردته تقارير استقصائية أميركية (مثلاً، شيرا إفرون وإيلان غولدنبرغ، 'السياسة الأميركية تجاه قطاع غزّة'، مؤسسة راند، 13/2/2018)، فإن الكونغرس الأميركي وافق على تقديم 59 مليون دولار مساعداتٍ عسكرية غير فتاكة لأجهزة الأمن الفلسطينية المنضوية تحت سيطرة 'فتح'، ومعدات لحفظ النظام الداخلي. أيضاً، نجحت إدارة بوش في توفير شحنات أسلحة فتاكة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، بقيمة 30 مليون دولار (كما جاء في تقرير فانيتي فير المشار إليه أعلاه)، من مصر والإمارات، في حين ساهم الأردن في تدريب تلك القوات. وفي 6 فبراير/ شباط 2007 دعا ملك السعودية الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، كلاً من قيادتي حركتي حماس وفتح، إلى مكة المكرمة لرعاية مصالحة فلسطينية- فلسطينية. ترأس عباس وفد 'فتح'، في حين ترأس وفد 'حماس'، رئيس مكتبها السياسي حينئذ، خالد مشعل. وبعد مفاوضاتٍ اتفق الطرفان على تشكيل حكومة وحدة وطنية، بموجبها يستمر هنية رئيساً للوزراء، مع إعطاء حقائب وزارية هامة لحركة فتح. واتُّفق على أن تشرف 'حماس' على الملفات الداخلية، في حين يتولى الحقائب السيادية الهامة، كالخارجية والمالية، تكنوقراط وأكاديميون مستقلون بتوافق من الطرفين. وبموجب الاتفاق أيضاً، وافقت 'حماس' على 'احترام' الاتفاقات السابقة الموقعة بين منظّمة التحرير وإسرائيل، كما أتاحت المجال، ضمنياً، لعباس الاستمرار في مفاوضاته مع الإسرائيليين على أرضية حل الدولتين. مقابل ذلك، التزمت السعودية بدفع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية الذين كانوا يعانون منذ قطع التمويل الأميركي- الأوروبي عن مؤسّسات السلطة بعد تشكيل 'حماس' حكومتها عام 2006. لكن الاتفاق لم يعجب إدارة بوش، وعبّر بوش عن 'خيبة أمله' منه. وحسب الوثائق التي كُشف عنها لاحقاً، فقد وضعت وزارة الخارجية الأميركية خطة جديدة لإفشال حكومة الوحدة الوطنية، عرفت باسم 'الخطة ب'، وقامت على 'تمكين (عباس) ومؤيديه من الوصول إلى نهاية محدّدة في نهاية عام 2007، ينتج عنها، بعد 'فرض حكومة طوارئ.. حكومة فلسطينية (جديدة) من خلال الوسائل الديمقراطية تقبل بمبادئ الرباعية الدولية' (فانيتي فير). إدارة بوش سعت منذ انتخابات 2006 إلى إطلاق شرارة 'حرب أهلية' فلسطينية، عبر تسليح قوات محسوبة على 'فتح' وتدريبها لهزيمة 'حماس' بالقوة قناعة أم تجاوباً مع الضغوط الأميركية، تماهى عبّاس، حسب تلك الوثائق، مع مخطّطات إدارة بوش، عبر إعداد 'خطة عمل للرئاسة الفلسطينية' لتعزيز قوات الأمن الفلسطينية وقدراتها من أجل 'ردع حماس'. ولم تتأخّر الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب، بالتعاون مع إسرائيل، في بدء تدريب القوات الجديدة وفي إرسال الأسلحة. وكما يؤكّد المنسّق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، حينها، ألفارو دي سوتو، فإن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، حينئذ، ديفيد ولش، قال له تعليقاً على الصدمات الدموية في قطاع غزّة بين 'حماس' و'فتح': 'أنا أحب هذا العنف. وهذا يعني أن فلسطينيين آخرين يقاومون حماس' (كاثلين كريستيسون، 'أغنية الإغواء لإليوت إبرامز'، مجلة كاونتر بانش، 26 يوليو 2007). كانت 'حماس' تتابع تطورات الخطة الأميركية وما يُسرّب عنها، وتماهي مؤسسة الرئاسة الفلسطينية والأجهزة الأمنية، وقطاعات واسعة من حركة فتح معها، فضلاً عن دخول شحنات الأسلحة إلى القطاع، واستمرار الصدامات الدموية بين الطرفين والتي كانت تستنزفها كثيراً. وفي 14 يونيو/ حزيران عام 2007، وبعد صدامات دموية بين الطرفين، تمكّن مقاتلو 'حماس' من هزيمة القوات الموالية لحركة فتح والسيطرة تماماً على قطاع غزّة. وحسب ديفيد وورمسير، الذي كان مستشاراً لنائب الرئيس الأميركي حينها، ديك تشيني، فإن ما جرى لم 'يكن انقلاباً من حركة حماس وإنما إجهاضاً لمحاولة انقلابية قامت بها فتح'(فانيتي فير). باختصار، وبعيداً عن أيّ موقف من فكر حركة حماس، أو مسارها السياسي، أو منطق دخولها انتخابات عام 2006 تحت مظلة أوسلو، أو أسلوب مقاومتها، أو ما جرى في 7 أكتوبر (2023)، أو كيفية إدارتها ملف المفاوضات في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة، فإن ما جرى يوم 14 يونيو 2007، كان محاولة انقلاب من السلطة الفلسطينية وحركة فتح على حكم 'حماس' القانونيّ والشرعيّ، لا العكس. وعملياً، لم يكن ما قامت به حركة 'حماس' حينها 'انقلاباً منها، ولا حتى 'حسماً عسكرياً'، بل تقتضي الموضوعية القول إنه كان دفاعاً عن الشرعية. هذا حكم موضوعيٌّ، بعيدٌ عن الحبِّ أو الكراهية. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف