
تحوّلات جذرية في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني
عندما أعلن ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل (14/5/1948)، استند آنذاك إلى مشروع التقسيم الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتضمن إقامة دولة يهودية في 56% من فلسطين التاريخية، غير أنه لم يعترف مطلقاً بأن حدود هذه الدولة الوليدة هي النهائية للمشروع الصهيوني، فقد كان بن غوريون يدرك جيّداً أن الحدود النهائية لهذا المشروع لن ترسمها قرارات أممية، وإنما آثار الأقدام فوق كلّ أرض يستطيع الجنود الإسرائيليون أن يصلوا إليها. وقد تجلّت هذه الحقيقة في أوضح ما تكون في أعقاب كلّ حرب خاضتها إسرائيل منذ نشأتها. ففي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (1984 - 1949)، احتلّت إسرائيل مساحةً جديدةً تعادل تقريباً نصف المساحة المخصّصة لها في مشروع التقسيم، ومن ثمّ أصبحت تسيطر على 78% من مساحة فلسطين التاريخية اعتباراً من 1949، وطردت نحو 700 ألف فلسطيني، تحوّل معظمهم لاجئين في الدول العربية المجاورة. وفي حرب السويس (1965)، احتلّت سيناء، وحاولت ضمّها، لكنّها تراجعت بسبب ضغوط أميركية مورست عليها لأسباب تتعلّق بموازين القوى في النظام الدولي ثنائي القطبية وبصعود التيّار القومي العربي آنذاك، ما أجبرها على العودة (مرغمةً) إلى حدود 1948، لكنّها استخلصت العبر ممّا حدث، عازمةً على ألا يتكرّر مرّة أخرى أبداً. ومن ثمّ سعت إلى تقوية اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة إلى أقصى درجة ممكنة. لذا، حين تمكّنت في حرب 1967 من احتلال ما بقي من فلسطين التاريخية وهضبة الجولان السورية، وسيناء المصرية، قرّرت ألا تعود أبداً إلى حدود 1949، بعد أن أحكمت سيطرتها على آليات اتخاذ القرار في الولايات المتحدة.
لم تكن إسرائيل راغبةً في التوصّل إلى تسوية نهائية مع الفلسطينيين أو مع الدول العربية المجاورة في أيّ مرحلة، فقادتها لم يروا في إقامتها مجرّد حلّ للمسألة اليهودية، أي مكاناً يجنّب اليهود تكرار مآسي الاضطهاد الذي تعرّضوا له في أنحاء متفرّقة من العالم، بصرف النظر عما ينطوي عليه هذا الحلّ من ظلم للفلسطينيين الذين لا ذنب لهم في هذه المآسي، وإنما أرادوها منذ البداية دولةً توسّعيةً قادرةً على التحكّم بمقادير المنطقة. فلو كانت راغبة حقّاً في التوصّل إلى مثل هذه التسوية، لتحقّق لها ذلك عقب الحرب العربية الإسرائيلية مباشرةً، أي منذ 1949. إذ تثبت وثائق تاريخية عديدة أن الدول العربية كانت جاهزةً آنذاك لتسوية نهائية على أساس قرار التقسيم، مع إدخال تعديلات طفيفة في الحدود على نحو يتيح التواصل الجغرافي المباشر بين مشرق العالم العربي ومغربه. بل وتثبت أيضاً أن عبد الناصر نفسه كان مستعدّاً للمضي في هذا الطريق، وهو ما بدا واضحاً إبان جهود الوساطة الأميركية في الفترة 1953- 1955. غير أن إسرائيل رفضت بشكل قاطع تسويةً دائمةً تستند إلى خطوط التقسم، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا لشيء، إلا لأنها كانت تتطلّع لالتهام مزيد من الأراضي العربية، وهو ما أتيح لها في حرب 1967. وقد استغلّت إسرائيل الشعارات الديماغوجية التي رفعتها الأنظمة العربية خلال الخمسينيّات والستينيّات، للتظاهر بأنها دولة صغيرة مسالمة محاطة بدول عربية معادية لا همّ لها سوى تدميرها.
قد لا يتوقّف الصراع نهائياً إلا حين تفرض إسرائيل شروطها للتسوية أو تصفّي القضية الفلسطينية
حين قرّر أنور السادات، رئيس أكبر دولة عربية (مصر)، تغيير وجهة السياسة المتعلّقة بإدارة الصراع مع إسرائيل في أعقاب حرب 1973، وصل في محاولاته المستميتة إلى إثبات حسن نيّته إلى حدّ الإقدام على زيارة القدس المحتلة عام 1977، ولاحت فرصة أكبر للتوصّل إلى تسوية نهائية هذه المرّة، خصوصاً أن السادات لم يشترط في ذلك الوقت أن يكون قرار تقسيم فلسطين هو أساس التسوية، وإنما العودة إلى حدود 1967، ما يعني القبول بقيام دولة فلسطينية على 22% فقط من فلسطين التاريخية، بدلاً من 44%، وفق ما يقضي قرار التقسيم. غير أن إسرائيل رفضت هذا الطرح أيضاً، بل واعتبرته دليل ضعف يعكس خللاً في موازين القوة لصالحها، وليس دليلاً على صدق التوجّه نحو السلام، وبالتالي نجحت في استدراج السادات نحو تسوية منفردة تتيح لمصر استعادة سيناء مؤقتاً، ومنزوعة السلاح أيضاً، إلى أن تتمكّن من فرض تسوية بشروطها على بقية العالم العربي. وتدل مؤشّرات عديدة على أن إسرائيل كانت (ولا تزال) تخطّط لإعادة احتلال سيناء للضغط على مصر وإجبارها على القبول بتهجير فلسطينيي غزّة إليها، وهو الهدف الذي لم تعد تخفيه الآن وتتحدّث عنه علانيةً. وللتدليل على صيرورة النيات التوسّعية الإسرائيلية، يكفي أن نذكّر هنا بالخريطة التي عرضها نتنياهو أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة يوم 22 سبتمبر/ أيلول 2023، لنكتشف أن حدود إسرائيل اتّسعت لتشمل كلّ الضفة الغربية والقدس وقطاع غزّة، وأن هذا السلوك المستفزّ، والمتحدّي، أمام العالم أجمع، حدث قبل أسبوعين فقط من انطلاق عملية "طوفان الأقصى".
في سياق ما تقدّم، ليس من المبالغة القول إن عملية طوفان الأقصى بدت حتميةً، وجاءت ردّاً على الاستفزازات الإسرائيلية، التي بدا أنها تغلق أبواب الأمل كلّها أمام الفلسطينيين، وتصرّ على تصفية قضيتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم المشروعة، وفي مقدّمتها الحقّ في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلّة، ولم يدر بخلد أحد في ذلك الوقت أن هذه العملية ستكون بدايةً لجولة صراع مسلّحة جديدة، هي الأطول في تاريخ الصراع، والأكثر تأثيراً في مساره.
مقاومة شعبية أسطورية يمارسها شعب أعزل، ومقاومة مسلّحة تصل إلى حدّ الإعجاز، تمارسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما
تختلف جولة الصراع المسلّح الراهنة عن كلّ الجولات السابقة، ليس لأنها الأطول في تاريخ الصراع فحسب (بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023)، ولكن أيضاً (وخصوصاً) لأن جميع الدول العربية أحجمت عن الانخراط فيها، وأطلقت سلسلة من الديناميكيات التفاعلية التي أفضت في النهاية إلى إقدام إسرائيل على إعلان حرب شاملة على إيران. فالشرارة الأولى لهذه الجولة انطلقت من قطاع غزّة، حين قرّرت حركة حماس، ومعها بقية الفصائل الفلسطينية المسلّحة، شنّ هجوم مباغت على إسرائيل عبر الحدود مع قطاع غزّة، لإلحاق أكبر قدر من الخسائر بها، والإمساك بأكبر عدد ممكن من الرهائن، لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وبعد أيام قليلة، دخل حزب الله خطّ المواجهة المسلّحة لمساندة الشعب الفلسطيني الذي بدأ يتعرّض لحرب إبادة جماعية، ثمّ دخلت تباعاً فصائل عراقية، تلتها جماعة الحوثي اليمنية. وحين فرغت إسرائيل من تدمير قطاع غزّة، ومن إسكات حزب الله والفصائل العراقية، وساهمت عملياتها العسكرية المتكرّرة في سورية في إسقاط نظام بشّار الأسد، اعتقدت أن الطريق بات ممهّداً لتوجيه ضربة قاصمة لإيران، التي رأت فيها "رأس الأفعى" التي حان قطعها، والقائد الفعلي لمحور المقاومة الذي حان وقت القضاء عليه بعد النجاح في تفكيكه. ومع ذلك، يلاحظ أنها لم تجرؤ على شنّ الحرب عليها إلا بعد أن ضمنت مشاركة ترامب، الذي يبدو أنه وعد بإنجاز ما لا تستطيع إسرائيل إنجازه.
بعد الحرب على إيران، سيتحوّل الصراع من صراع عربي - صهيوني إلى عربي إسلامي - صهيوني أميركي
صحيح أن الحرب على إيران توقّفت بعد 12 يوماً فقط، لكن حرب التجويع والإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة مستمرّة في ظلّ مقاومة شعبية أسطورية يمارسها شعب أعزل، ومقاومة مسلّحة تصل إلى حدّ الإعجاز، تمارسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من فصائل فلسطينية، ولا تزال جماعة الحوثي قادرةً على إطلاق الصواريخ، ومصمّمة على الاستمرار إلى أن تتوقّف الحرب على القطاع. وصحيح أيضاً أننا قد نشهد هدنة مدّتها 60 يوماً (لم تُعلن حتى لحظة كتابة هذه السطور)، بل ليس من المستبعد تحوّلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، ما يعني أن عملية إطلاق الصواريخ والمسيّرات من اليمن سوف تتوقّف أيضاً في هذه الحالة. غير أن الصراع سيتواصل، وقد لا يتوقّف نهائياً إلا بتحقّق واحد من احتمالين: الأول أن تتمكّن إسرائيل من فرض شروطها الكاملة والمطلقة للتسوية، وهو ما لن يتم، خصوصاً إذا استمرّت حكومتها الحالية، إلا بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة، وبضمّ الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها، ما يعني تصفيةً تامّةً للقضية الفلسطينية، وهو احتمال غير مرجّح، لأنه يتجاوز قدرات إسرائيل الحالية. رغم كلّ ما حقّقته من منجزات عسكرية تكتيكية. الثاني أن رضوخ إسرائيل لمطلب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة في حدود 4 يونيو (1967)، وهو احتمال غير مرجّح أيضاً، لأنه ليس بمقدور القوى الإقليمية والدولية، بما فيها الولايات المتحدة، فرضه.
يعتقد ترامب (يبدو أن حلم حصوله على جائزة نوبل للسلام ما زال يراوده) أنه يستطيع إنجاز تسوية تتضمّن؛ وضع غزّة تحت وصاية عربية ودولية لبعض الوقت، بعد نزع سلاح "حماس" وترحيل قياداتها؛ السماح لإسرائيل بضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربية، تشمل جميع المستوطنات اليهودية القائمة حالياً، بالإضافة إلى غور الأردن على الأقلّ؛ ووعوداً غامضةً حول إقامة دولة فلسطينية خلال خمس أو عشر سنوات، في كلّ من قطاع غزّة وما تبقّى من الضفة، ولكن بعد إخلائهما من جزء كبير من السكّان. ولأن حلولاً من هذا النوع يصعب تسويقها عربياً، ويستحيل تسويقها فلسطينياً، فمن الطبيعي أن تؤدّي محاولات فرضها عنوةً، سواء عبر القوة العسكرية أو الضغوط الاقتصادية، إلى إثارة مشكلات قد تفضي إلى عدم استقرار المنطقة. لذا فالأرجح ألا تكون جولة القتال الحالية هي آخر الجولات. فالحرب التي شنّتها كلٌّ من إسرائيل والولايات المتحدة على إيران ستحوّل الصراع في المنطقة، إن آجلاً أو عاجلاً، من صراع عربي - صهيوني إلى صراع عربي إسلامي - صهيوني أميركي شامل، وهو (إن حدث) سيكون التحوّل الأكثر أهميةً تاريخياً في مسار الصراع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 15 ساعات
- العربي الجديد
"إكس" تجرد فرانشيسكا ألبانيز من علامة التوثيق الزرقاء
أزالت منصة إكس (تويتر سابقاً) شارة التوثيق الزرقاء من حساب المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز المعروفة بانتقادها العلني لجرائم إسرائيل في قطاع غزة، بعد التماس قدمته منظمة UN Watch المناصرة للاحتلال التي تتخذ من جنيف مقراً لها. وجاء في الرسالة التي وجّهتها هذه المنظمة إلى مالك "إكس" إيلون ماسك وفريقه القانوني، في 31 يوليو/تموز الماضي، أن استمرار توثيق حساب ألبانيز يتعارض مع العقوبات الأميركية المفروضة عليها . ورضخت المنصة التي أزالت شارة التوثيق في 4 أغسطس/آب الحالي. وهلّل مدير UN Watch التنفيذي، هليل نوير، لهذه الخطوة التي وصفها بـ"الإنجاز الكبير"، وقال إن "إزالة علامة التوثيق توصل رسالة واضحة: من يدعم الإرهابيين ويستهدف مسؤولين أميركيين سيدفع الثمن". ومنذ اندلاع الحرب على غزة، برزت فرانشيسكا ألبانيز صوتاً أممياً مؤثراً في مواجهة الإبادة الجماعية التي مارستها ولا تزال إسرائيل في القطاع المحاصر والمنكوب. وكثيراً ما انتقدت، بلا تحفظ، الجرائم والمجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة. تقارير دولية التحديثات الحية فرانشيسكا ألبانيز معاقبة أميركياً... قمع أي صوت منتقد لإسرائيل من جهتها، نددت واشنطن بما وصفته بـ"حملة حرب سياسية واقتصادية" ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وفرضت، الشهر الماضي، عقوبات على ألبانيز، وذلك بعد حملة ضغط أميركية فاشلة لإجبار الهيئة الدولية على عزلها من منصبها. شملت العقوبات الأميركية تجميد أصول ألبانيز في الولايات المتحدة، ومنعها من دخول البلاد، وحظر التعامل المالي معها. UN Watch التي قادت الحملة ضدها، أكدت أنها ستواصل الضغط على المؤسسات الأميركية لضمان تنفيذ العقوبات بشكل كامل. وقال نوير في تصريحات نقلها الموقع الرسمي للمنظمة: "نُخطر كبرى الشركات الأميركية من هارفارد إلى بيبال، ومن إنستغرام إلى Airbnb، بضرورة قطع العلاقات معها. لا منصات، ولا دفعات مالية، ولا محاضرات. وسنواصل الضغط الإعلامي والقانوني".


العربي الجديد
منذ 16 ساعات
- العربي الجديد
خبير أممي: كان واضحاً منذ بداية الحرب أن إسرائيل تسعى لتجويع غزة
بالرغم من حملة التنديد العالمية بحرب التجويع التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وإبداء التعاطف مع الغزيين واستهجان الجرائم الإسرائيلية ، يتهم خبير أممي المجتمع الدولي بتجاهل المقدمات التي كانت تنذر بالوصول لهذا الوضع المأساوي في غزة وبالتالي لا يحق بحسبه للدول والحكومات وحتى المؤسسات ادعاء تفاجئها بما يحدث الآن ومدى إمعان الاحتلال في تكريس المجاعة في غزة، "فالجميع كان يعلم بأننا سنصل إلى هنا". وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري ، الذي حذّر لأول مرة من أن إسرائيل تُدبّر حملة تجويع جماعي متعمدة في غزة قبل أكثر من 500 يوم، لصحيفة ذا غارديان البريطانية: "لقد بنت إسرائيل آلة تجويع هي الأكثر كفاءة على الإطلاق. ورغم أنه من المؤلم رؤية الناس يتضورون جوعاً، إلا أنه لا ينبغي لأحد أن يُفاجأ، جميع المعلومات كانت مُعلنة منذ أوائل عام 2024". وأضاف أن "إسرائيل تُجوّع غزة. إنها إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، وهي جريمة حرب. لطالما كررتُ ذلك مراراً وتكراراً، أشعر بأنني كاساندرا (شخصية الأسطورية اليونانية التي كان الناس يتجاهلون توقعاتها وتحذيراتها)". ما يحدث في غزة "جريمة حرب واضحة" في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد يومين من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، "حصاراً شاملاً" على غزة وقال إنه سيوقف إمدادات الكهرباء والغذاء والماء والوقود. وبعد نحو شهرين، أي في ديسمبر/كانون الأول 2023، كان سكان غزة (نحو مليونين ومائة ألف إنسان) يُشكلون 80% من سكان العالم الذين يعانون من جوع كارثي، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية. ويُسهم انتشار المجاعة وسوء التغذية والأمراض بالارتفاع الحاد في الوفيات المرتبطة بالجوع في جميع أنحاء غزة، حيث نُقل أكثر من 20 ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد بين إبريل/نيسان ومنتصف يوليو/تموز الماضيين، وفقاً لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهي مبادرة عالمية تُقدم بيانات آنية عن الجوع والمجاعة للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، وحذر (IPC) في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن "أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف حالياً" في جميع أنحاء قطاع غزة، بحسب الصحيفة. وكان فخري من أوائل من حذّروا من المجاعة الوشيكة، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع إسرائيل من تجويع مليوني شخص في غزة. وقال في مقابلة مع ذا غارديان، نُشرت في 28 فبراير/شباط 2024: "لم نشهد قط سكاناً مدنيين يُجبرون على الجوع بهذه السرعة وبهذه الطريقة المتكاملة. إن حرمان الناس عمداً من الطعام يُعد جريمة حرب واضحة. لقد أعلنت إسرائيل عن نيتها تدمير الشعب الفلسطيني، كلياً أو جزئياً، لمجرد كونه فلسطينياً... هذه الآن حالة إبادة جماعية". ورغم الصور الصارخة للفلسطينيين الهزيلين القادمة من غزة وتقارير المنظمات الانسانية المختصة، استمرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، وبعض حلفائها، في الإنكار والادعاء بأن الجوع ناتج عن مشاكل لوجستية وليس سياسة دولة. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: "لا توجد سياسة تجويع في غزة. لا توجد مجاعة في غزة". وتُعتبر اليونيسف من بين العديد من وكالات الإغاثة التي أكدت أن سوء التغذية والمجاعة قد تصاعدا منذ أوائل مارس/آذار الماضي حين انتهكت إسرائيل من جانب واحد وقفاً لإطلاق النار واستأنفت الحرب على غزة، وأعادت إسرائيل فرض حصار شامل بعد السماح بدخول بعض شاحنات المساعدات خلال وقف إطلاق النار، والتي قالت وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية العاملة على الأرض إن هذه الكميات لم تكن كافية لتلبية احتياجات السكان الجائعين والمرضى والضعفاء بالكامل. قضايا وناس التحديثات الحية ارتفاع شهداء التجويع في قطاع غزة إلى 180 وسط تحذير من كارثة صحية تقاعس دولي رغم تغيّر الخطاب وعمد الاحتلال بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى استحداث مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، وهي مؤسسة غامضة مدعومة من إسرائيل وإدارة ترامب، وبدأت عملياتها بغزة في مايو/أيار الماضي تحت حماية مسلحة يوفرها متعاقدون من القطاع الخاص والجيش الإسرائيلي. وسُمح لها باستبدال 400 مركز توزيع تابع للأمم المتحدة بأربعة مراكز فقط في جميع أنحاء غزة، تحت مزاعم إسرائيلية بأن حماس كانت تستولي على مساعدات الأمم المتحدة. وقال فخري: "هذا استخدام عسكري للمساعدات، وهو ليس للأغراض إنسانية بل للسيطرة على السكان، ونقلهم وإذلالهم وإضعافهم، كجزء من تكتيكات الحرب الإسرائيلية. إن مؤسسة غزة الإنسانية مخيفة للغاية لأنها قد تكون الصورة المرعبة الجديدة المُعسكرة للمساعدات في المستقبل". ويضيف فخري: "أرى لهجة سياسية أقوى، وإدانة أكبر، وخططاً مقترحة أكثر، ولكن على الرغم من التغيّر في الخطاب، ما زلنا في مرحلة التقاعس. ليس لدى السياسيين والشركات أي عذر، إنهم مخجلون حقاً. إن خروج ملايين الناس في مظاهرات رفضاً لما يحصل يُظهر أن العالم يُدرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع". وعن دور الأمم المتحدة العاجزة أمام الفيتو الأميركي يرى فخري أنه "في ضوء استمرار الولايات المتحدة في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، فإنه من واجب الجمعية العامة للأمم المتحدة دعوة قوات حفظ السلام لمرافقة القوافل الإنسانية إلى غزة"، ويؤكد فخري أن أغلبية الأصوات الدولية "والأهم من ذلك، أن ملايين الناس يُطالبون بذلك" تؤيد مثل هذا التوجه "يحاول الناس العاديون كسر الحصار غير القانوني لإيصال المساعدات الإنسانية، وتطبيق القانون الدولي الذي تفشل حكوماتهم في تنفيذه. وإلا فلماذا نُرسل قوات حفظ سلام إن لم يكن لإنهاء الإبادة الجماعية ومنع المجاعة". أخبار التحديثات الحية أسطول الصمود العالمي يستعد للإبحار إلى غزة بمشاركة نحو 50 سفينة تورك: صور غزة لا تحتمل وفي السياق، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن صور الجوعى في غزة "تمزق القلب ولا تُحتمل"، وأشار في بيان، اليوم الاثنين، إلى أن الوصول إلى هذا الوضع يُعد "إهانةً للإنسانية جمعاء"، مؤكداً أن الوضع في غزة يستوجب وضع حدٍّ نهائي للعنف. وقال: "إنقاذ الأرواح يجب أن تكون أولوية الجميع. المساعدات المسموح بدخولها أقل بكثير مما هو مطلوب، ويجب على إسرائيل أن تسمح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى المدنيين المحتاجين بسرعة ودون عوائق". وأوضح تورك أنّ إدخال المزيد من المساعدات سيمنع المعاناة والخسائر في الأرواح، مؤكداً أن "حرمان المدنيين من الوصول إلى الغذاء يُعتبر جريمة حرب، وربما تشكل جريمة ضد الإنسانية"، وجدد مطالبته بالإفراج الفوري عن المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة. كما دعا المفوض الأممي الأطراف الدولية لممارسة "كل الضغوط لمنع هذه الانتهاكات ووضع حد لها".


القدس العربي
منذ 19 ساعات
- القدس العربي
كندا تعلن تسليم مساعدات إنسانية إضافية لغزة
أوتاوا: أعلنت الحكومة الكندية، اليوم الإثنين، تسليم مساعدات إنسانية إضافية إلى قطاع غزة. وقالت الحكومة الكندية في بيان 'سيرت (القوات المسلحة الكندية) طائرة من طراز سي.سي-130جيه هركليز لإسقاط مساعدات إنسانية بالغة الأهمية جوا على… قطاع غزة. وبلغ وزن المساعدات التي أسقطت جوا 21600 رطل'. Early this morning, the Canadian Armed Forces airdropped life-saving aid into Gaza. The humanitarian disaster in Gaza is rapidly deteriorating. Canada is intensifying our efforts with international partners to develop a credible peace plan and will ensure aid moves forward at… — Mark Carney (@MarkJCarney) August 4, 2025 وأعلنت كندا الأسبوع الماضي عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول، مما زاد الضغط على إسرائيل مع انتشار المجاعة في غزة. (رويترز)