اتفاق جدة بين لبنان وسوريا: تعاون أمني فعّال بانتظار الترسيم السيادي
ما تحقق حتى الآن يتركز بشكل واضح في الشق الأمني من الاتفاق. فقد أُعلن عن تشكيل غرف عمليات مشتركة على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، بمشاركة مباشرة من ضباط في الجيشين، من أجل التصدي لموجات التهريب المنظم، وضبط خطوط العبور غير الشرعية، وتبادل المعلومات حول المجموعات المسلحة والخلايا الإجرامية التي تنشط في المناطق الحدودية الوعرة.
مصادر أمنية وصفت هذا التعاون بأنه "واقعي وفعّال"، مؤكدة أن الحدود الشمالية والبقاعية شهدت منذ نيسان انخفاضاً ملحوظاً في عمليات التهريب، وتراجعاً في حوادث الاشتباك بين عناصر الأمن والمجموعات المسلحة.
وتكشف المصادر عن "تنسيق يومي مباشر" يتم عبر خطوط اتصال عسكرية، وهو ما كان مفقوداً سابقًا منذ ما بعد عام 2011.
وبحسب المصادر يبدو أنها الخطوة الوحيدة التي تحققت من الاتفاق حتى الآن. فعلى صعيد ترسيم الحدود – وهو البند الأكثر حساسية في اتفاق جدة – لم يتحقق أي تقدم ملموس حتى اليوم. فبالرغم من تشكيل لجنة تقنية مشتركة، لم تنطلق حتى الآن ورشة العمل الميدانية لرسم الحدود البرية بين البلدين.
تعزو مصادر مطّلعة هذا التأخير إلى "تعقيدات داخلية لدى الجانب السوري، وغياب الإرادة السياسية الحاسمة في دمشق"، إضافة إلى "الارتباط العميق لبعض المناطق الحدودية بمصالح قوى غير رسمية"، فهناك العصابات السورية وجماعة التهريب من الناحية السورية بالإضافة الى "حزب الله" من الجانب اللبناني، مشيرة إلى أي تقدم في هذا الملف يتطلب "قراراً سيادياً واضحاً من دمشق"، قد لا يكون متوفراً في المدى المنظور، خاصة في ظل التجاذبات الإقليمية المستمرة، وارتباط الملف برهانات دولية تتجاوز طبيعته الثنائية.
الوقائع حتى الآن تشير إلى أن اتفاق جدة هو ترتيب أمني ناجح، لكنه لا يرقى إلى مستوى اتفاق شامل يعيد تعريف العلاقة بين الدولتين على أسس دبلوماسية وسيادية. لا تزال الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى من بينها مسألة النازحين السوريين، والمفقودين اللبنانيين والتبادل التجاري، والتمثيل الدبلوماسي الكامل – خارج إطار التنفيذ العملي، ولا يبدو أن هناك نية حقيقية للقيام به في المدى المنظور.
حتى اللحظة، لا يبدو أن هناك مساراً متكاملاً يجمع بين التقدم الأمني والتفاهم السياسي. بل يمكن القول إن ما تحقق حتى الآن يمثل أرضية ميدانية قابلة للبناء عليها، لكن دون أوهام كبيرة حول حصول "انفراج شامل" في المدى القريب.
في المحصلة يمكن اعتبار اتفاق جدة محطة مفصلية في إعادة ترتيب العلاقة اللبنانية – السورية، لكنه لا يزال في طور الاختبار. فبينما ينجح الجيشان اللبناني والسوري في ضبط الحدود ومنع التدهور الأمني، تبقى الملفات السيادية والسياسية الكبرى مؤجلة، تنتظر إرادة فعلية، وغطاءً إقليمياً متماسكاً، وتفاهماً داخلياً لم يتبلور بعد في كلا البلدين.
اسكندر خشاشو - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ ساعة واحدة
- IM Lebanon
نتنياهو: 'الحزب' انتهى ونحقق السلام بقيادة ترامب
كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن أنّه رشّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، مقدّمًا له خلال اجتماع في البيت الأبيض نسخة عن رسالة الترشيح التي أرسلها إلى لجنة الجائزة. وأضاف نتنياهو: 'ترامب يحقق السلام في المنطقة'. وتابع: 'سكان غزة يمكنهم البقاء أو المغادرة'، مشيرًا إلى أنه 'يعمل مع ترامب على إيجاد دول تمنح الفلسطينيين مستقبلًا أفضل'. كما قال: 'يمكننا تحقيق السلام في الشرق الأوسط تحت قيادة ترامب'. وشدد نتنياهو على أن 'وجود دولة فلسطينية يعني منصة لتدميرنا'. وأردف: 'حزب الله اللبناني لم يعد موجودًا'. وقال: 'واشنطن قدمت لنا أفضل قدراتها العسكرية في المواجهة الأخيرة مع إيران'. وعن تغيير الحكومة الإيرانية، أجاب نتنياهو: 'الأمر متروك للشعب الإيراني'.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
العلاقات الإعلاميّة دانت اعتقال مُدير مكتب "الميادين" في فلسطين حزب الله عن العدوان على اليمن: ندعو الشعوب العربيّة والإسلاميّة الى مُساندة هذا الشعب المُجاهد والشجاع
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اعرب حزب الله عن إدانته الشديدة للعدوان الصهيوني "الآثم الذي استهدف فجر امس الموانئ والمنشآت الحيوية في اليمن، إذ يتوهم العدو أنه بمثل هذا العدوان يمكنه أن يردع اليمن أو يثنيه عن موقفه المشرّف في مساندة غزة، أو أن يوقف الضربات الموجعة والمؤلمة التي يتلقاها من أبطال اليمن الشجعان في عمق كيانه اللقيط". وتابع: "إن العدو "الإسرائيلي" لا يزال عاجزًا عن فهم طبيعة هذا الشعب اليمني الصابر والمجاهد، ومواقفه النابعة من عقيدة راسخة بأن الحق أحق أن يُتّبع، ومن إيمان صادق بالدفاع عن المظلومين والمستضعفين. فإن موقف اليمن، قيادةً وشعبًا، هو امتداد لنهج الإمام الحسين الذي لا يساوم على الحق في مواجهة الطغيان، ولا يرضى الذل والهوان، وكل عدوان لن يزيد اليمن إلا صلابة وثباتًا وعزيمة على المضي في طريق المواجهة، حتى يتوقف العدوان على غزة ويُرفع الحصار عنها". اضاف: "إذ نؤكد في حزب الله أن هذا العدوان الجبان لن يحقق أهدافه، كما فشل من قبل العدوان الأميركي على اليمن، نعلن مجددًا وقوفنا الكامل والثابت إلى جانب الشعب اليمني الأبي، وندعو جميع الدول والشعوب الحرة في العالم، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، إلى رفع الصوت عاليًا ومساندة هذا الشعب المجاهد والشجاع، الذي يدافع عن كرامة الأمة كلها". من جهة ثانية، دانت العلاقات الإعلامية في حزب الله اعتقال قوات الاحتلال الصهيوني، مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة الزميل ناصر اللحام، و"الذي يأتي في سياق النهج "الإسرائيلي" المستمر لطمس كل حقيقة، وإسكات كل صوت حرّ، وحجب كل صورة تفضح وجهه الإجرامي وتوثق جرائمه ومجازره بحق المدنيين في غزة وكل المنطقة". وتابعت في بيان: "إن العلاقات الإعلامية تعبّر عن تضامنها الكامل مع الزميل اللحام، ومع قناة الميادين، ومع كل الصحافيين والإعلاميين الشجعان الذين يعملون في قلب المخاطر من أجل نقل الحقيقة، وفي مواجهة عدو لا يتوانى عن استهدافهم وقتلهم خارقًا بذلك كل المواثيق والقوانين الدولية. وتدعو كافة الهيئات الإعلامية والمنظمات الدولية والحقوقية إلى إدانة هذه الجريمة، والضغط بكل الوسائل المتاحة على العدو للإفراج الفوري وغير المشروط عن الزميل اللحام".


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
جعجع: الردّ الذي أعطاه الرؤساء الثلاثة لبراك ردّ غير دستوري وغير قانوني أو حتّى رسمي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أن "الردّ الذي أعطاه الرؤساء الثلاثة للموفد الأميركي توم برّاك هو ردّ غير دستوري وغير قانوني أو حتّى رسمي". وقال في بيان: "نصّت المادة 65 من الدستور على الاتي: "تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء الذي يضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ودون استثناء. وبالتالي، فإن ردّ الرؤساء الثلاثة للموفد الأميركي هو ردّ غير دستوري وغير قانوني أو حتّى رسمي. فالمطلوب من رئيس الحكومة أن يدعو مجلس الوزراء إلى الاجتماع من دون إبطاء، بعد أن يكون قد أطلع الوزراء على ورقة برّاك، وأن تتم مناقشة الورقة في اجتماع، أو اجتماعات متتالية لمجلس الوزراء مكتملًا لاتّخاذ الموقف الدستوري الرسمي منها". وتابع: "إن مصير ومستقبل اللبنانيّين يتحدّد في هذه الأوقات بالذات، وأقلّ خطأ أو تقصير من قبل أي من المسؤولين الرئيسيين يمكن أن يؤدي بالبلاد إلى الهاوية، وبأحسن الحالات إلى جمود وشلل وعودة تدريجيّة إلى الوراء. إنّ حزب الله بعنترياته قد كبّد البلاد والعباد ما رأيناه في السنوات الثلاثين الأخيرة وفي السنتين الأخيرتين تحديدًا، ويظهر أنّه مصرّ على تكبيد البلاد مزيدًا من الخسائر والشلل والفرص الضائعة. إذا كان موقف حزب الله على ما هو عليه من منطلقات أيديولوجيّة جامدة، ومن ارتباطات خارجيّة معروفة، فليس معروفًا لا سبب ولا خلفيّة موقف السلطة اللبنانيّة الحالي". وختم جعجع: "إنّ مجلس الوزراء مدعوّ، واستطرادًا المجلس النيابي أيضًا، إلى تحمُّل مسؤوليّاتهم في هذا الظرف الدقيق وعدم إضاعة فرصة إضافيّة، وإبقاء البلاد في وضع اللااستقرار والمصير المجهول حتى إشعار آخر".