
مدير «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يشارك في ندوة المركز الإسلامي الدولية بالعاصمة البريطانية
كتب – محمود الهندي
ألقى فضيلة الدكتور أسامة هاشم الحديدي، المدير العام لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، كلمة افتتاحية للندوة الدولية المنعقدة في العاصمة البريطانية لندن التي ينظمها مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بالتعاون مع هيئة الإفتاء والشئون الشرعية بالمركز الثقافي الإسلامي بلندن، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، تحت عنوان: (النوازل الفقهية في الزواج والطلاق)، وبحضور نخبة من العلماء والمفتين، وسفراء الدول الإسلامية، وقيادات دينية وشبابية من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية، وصحفيين، ومتابعين للشأن الديني والفقهي في الغرب .
وفي كلمته، أعرب الدكتور الحديدي عن بالغ سعادته بالتعاون والمشاركة في هذا المحفل الدولي المهم، داعيًا الله أن تكون هذه الندوة صوت هداية ورشاد للمسلمين في كل مكان، سيما في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه الأسرة المسلمة في المجتمعات الغربية .
وأكد الحديدي أن المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم المعاصر أفرزت نوازل فقهية عديدة في مختلف مجالات الحياة، وفي مقدمتها الأسرة، وهو ما يستلزم اجتهادًا شرعيًّا رصينًا وقادرًا على التعامل مع هذه النوازل بوعي وفقه وتكامل بين العلوم الشرعية والإنسانية .
وشدد مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أن الشريعة الإسلامية -بوصفها خاتمة وعالمية وصالحة لكل زمان ومكان- تمتلك من مقومات المرونة والانضباط ما يجعلها قادرة على استيعاب المتغيرات، وضبط المستجدات، بما يوافق أصولها ويحقق مصالح الناس في الحال والمآل؛ مشيرًا إلى أن فقهاء كل عصر بذلوا جهودًا كبيرة في تكييف مستجدات عصرهم تكييفًا علميًّا سليمًا، واستنباط أحكام وفتاوى تناسبها .
وخلال كلمته أشار أيضًا إلى أن الأسرة المسلمة في المجتمعات الغربية لم تكن بمنأى عن التحولات العالمية والثقافية، بل تأثرت بها تأثرًا مباشرًا في بنيانها القيمي والاجتماعي، نتيجة تعرضها لأيديولوجيات دخيلة، وعوامل معاصرة خطيرة، أبرزها: الغلو، والعولمة الثقافية، والصراعات الإلكترونية، وحملات التشويه التي تستهدف تشكيل وعي الأفراد، وتسطيح الهوية الحضارية للمسلمين .
وأكد الحديدي أن مثل هذه التحديات تفرض على المؤسسات الفقهية والاجتماعية أن تعمل بتكامل، وأن تتحمل مسؤوليتها في دراسة النوازل المتعلقة بالزواج والطلاق بدقة، وتضع حلولًا فقهية تحفظ كيان الأسرة واستقرارها، وتحقق مقاصد الشريعة في بناء أسر متماسكة .
وبيّن فضيلته أن الفتوى المؤسسية -الصادرة عن جهات دينية معتمدة ووسطية- تمثل الركن الأصيل في ضبط القضايا المستحدثة، بخلاف الفتاوى الفردية أو الصادرة عن غير المتخصصين أو الجماعات المتشددة، والتي تسهم في تشويه صورة الإسلام وتعميق مشكلات المسلمين في الغرب، بل وتغذي ظواهر مثل 'الإسلاموفوبيا' .
وأوضح الحديدي أن الاختيار الفقهي في قضايا النوازل لا بد وأن يبنى على قواعد الترجيح المعتمدة، ومراعاة المقاصد الشرعية الأصيلة والتكميلية، ومعرفة الأعراف والعادات، والنظر في مآلات الأفعال ونتائجها الواقعية .
كما أبرز الحديدي أهمية الإحاطة التامة بحيثيات النوازل ومسائلها؛ لافتًا إلى أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، وهو ما يقتضي فهمًا دقيقًا للبيئة الأوروبية، وللأحوال النفسية والاجتماعية لأطراف الحياة الزوجية وتحديات استقرارها، حتى لا تكون الفتوى بعيدة عن واقع الناس، أو سببًا في مشكلات إضافية .
وأشار الحديدي إلى ضرورة التكامل بين العلوم الشرعية والإنسانية، مبينًا أن القضايا المعاصرة في مسائل الزواج والطلاق تتقاطع وجوانب اجتماعية ونفسية وقانونية كثيرة، وهو ما يجعل الاعتماد على الرأي الشرعي الفردي غير كافٍ، ويفرض على الفقهاء الاستفادة من الخبرات المتخصصة في العلوم المختلفة لتقديم حلول متكاملة .
وتابع الحديدي: إن الاجتهاد الجماعي -المستند إلى الشورى وتبادل الآراء بين العلماء المتخصصين- هو السبيل الأمثل لصياغة أحكام دقيقة للنوازل المعاصرة، وهو أقرب للصواب من الاجتهاد الفردي؛ خاصة في المسائل الدقيقة والشائكة التي تمس الأسرة المسلمة في المجتمعات الغربية .
ودعا الحديدي إلى أهمية الاستناد للعمل الفقهي الجماعي، والاستفادة من الدراسات البينية والتكميلية، للانتقال بالفقه من الإطار التقليدي إلى آفاق التجديد والتطوير، بما ينسجم مع التحديات الواقعية، دون إخلال بأصول الدين ومقاصده .
وفي ختام كلمته، أكد الدكتور أسامة الحديدي أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وبتوجيه مباشر من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يعمل على تقديم الدعم الشرعي والعلمي للمسلمين في أوروبا، عبر أقسامه المتخصصة باللغات الأجنبية، ونخبة من العلماء المؤهلين، الذين يتعاملون مع الفتاوى المتنوعة وفق ضوابط منهجية دقيقة .
كما أعلن الحديدي عن جاهزية المركز الكاملة للتعاون مع المراكز الإسلامية في أوروبا، وتقديم كل ما يلزم من مشورة علمية وفقهية في قضايا الزواج والطلاق، وكافة الإشكالات الفكرية والشرعية التي تواجه أبناء الجاليات المسلمة في الغرب .
وختم كلمته بالدعاء بالتوفيق والرشاد للقائمين على الندوة والمشاركين فيها، معتبرًا أن مثل هذه اللقاءات الفقهية تمثل خطوة ضرورية لتعزيز الاستقرار الأسري والفكري للمسلمين في الغرب، وترسيخ منهج الإسلام الوسطي المعتدل .
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 3 ساعات
- الاتحاد
«دبي القضائي» يؤكد تحقيقه إنجازات نوعية في التدريب
دبي (الاتحاد) أصدر معهد دبي القضائي تقريره السنوي لعام 2024، وذلك في إطار التزامه الراسخ بالمساهمة في تمكين كوادر الجهاز القضائي وتعزيز قدراتهم. ويستعرض التقرير مجموعة من الإنجازات النوعية التي تعكس الدور المحوري للمعهد في الارتقاء بالكفاءات القضائية والقانونية، تماشياً مع رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ومتابعة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، رئيس المجلس القضائي في دبي، الهادفة إلى تعزيز كفاءة الجهاز القضائي وتطوير مهارات كوادره، ومواكبة أفضل الممارسات العالمية لتحقيق العدالة الناجزة بدقة وسرعة ويسر. ووفق التقرير، فقد شهد عام 2024 نقلة نوعية في مسيرة معهد دبي القضائي، حيث تكلّلت جهوده المتواصلة بتحقيق إنجازات بارزة تؤكد التزامه بأعلى معايير الجودة والتميّز، ويُعد حصول المعهد على الاعتماد المؤسسي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أحد أبرز هذه الإنجازات المضيئة. وفي ختام التقرير، جدد معهد دبي القضائي تأكيده على المضي قدماً في تنفيذ رؤيته الطموحة، الهادفة إلى دعم منظومة العدالة، وتمكين الكفاءات القضائية المؤهلة، من خلال ترسيخ الابتكار كركيزة أساسية في منظومته التدريبية، والاستفادة من التجارب الناجحة والممارسات التدريبية الرائدة، بما يعزز من تنافسية إمارة دبي كمركز عالمي للتميز التشريعي والقضائي. ويواصل معهد دبي القضائي ترسيخ حضوره كمركز معرفي وتدريبي رائد في العالم العربي، من خلال تطوير برامجه، وتوسيع شبكة شراكاته الاستراتيجية، واستشراف مستقبل العدالة والتميز التدريبي، بما يسهم في ترسيخ مكانة إمارة دبي ويدعم جهود دولة الإمارات في بناء منظومة عدلية متقدمة.


البوابة
منذ 5 ساعات
- البوابة
السيسي يصل القاهرة عقب المشاركة في اجتماع القمة التنسيقي للاتحاد الأفريقي بغينيا
عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسلامة الله إلى أرض الوطن عقب مشاركة الرئيس في الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الأفريقي، والتي عقدت بمدينة مالابو عاصمة غينيا الاستوائية. وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد في الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الأفريقي في غينيا الاستوائية الذي تقتصر المشاركة فيه عادة على بعض القادة الأفارقة، وذلك في ضوء تولي مصر رئاسة قدرة إقليم شمال أفريقيا، ورئاستها للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي - النيباد، حيث سيستعرض الرئيس خلال القمة الجهود التي تقوم بها مصر لتطوير عمل الآليتين، بما يعزز من السلم والأمن وروابطهما مع أهداف التنمية والاستقرار في القارة الأفريقية.


صدى مصر
منذ 5 ساعات
- صدى مصر
وكيل الأزهر يشيد بتنظيم دار الإفتاء برنامجا لتدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية
وكيل الأزهر يشيد بتنظيم دار الإفتاء برنامجا لتدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية كتب – محمود الهندي أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، أهمية برنامج تدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية بقيادة فضيلة أ.د نظير عياد، مفتي الجمهورية، وأنه لقاء من الأهمية بمكان؛ واثقين بأنه سينتج عنه من فهم صحيح لدور الإعلام في تناول قضايانا وحماية مجتمعنا، كما يؤكد هذا البرنامج أن مؤسسات هذا الوطن ما زالت مؤسسات حية، فكما يوصف بني الإنسان بالحياة توصف بعض المؤسسات بالحياة كذلك، حين تكون على وعي برسالتها، وحين تؤدي أمانتها، وحين تشتبك مع الواقع توجيها وإرشادا وصيانة من المخاطر، وعلى رأس هذه المؤسسات الوطنية مؤسساتنا الدينية. وأوضح وكيل الأزهر خلال كلمته في فعاليات اللقاء التدريبي بدار الإفتاء المصرية، أن الحديث عن دور الإعلام في تشكيل الوعي المجتمعي لم يعد محل نقاش أو جدل، بل أصبح من البدهيات التي لا يختلف عليها اثنان، خاصة في ظل ما شهدته الأمة العربية والإسلامية من أحداث جسام، وما يعصف بالعالم من حراك واسع في شتى مجالات الحياة، مما لم يترك لأحد رفاهية التهرب من آثار تلك التغيرات أو التغافل عن أضرارها المتلاحقة . وأشار فضيلته إلى أن الإعلام – في واقعه العملي – ليس لونًا واحدًا، بل منه ما يمكن وصفه بالإعلام «الأسود»، الذي يتكشّف خطره بوضوح في أدواته المسخّرة لتقويض الأمن وزعزعة الاستقرار، وتهديد المجتمعات والأوطان، إذ لا يرى من الواقع إلا جوانبه السلبية، ولا يلتقط من المؤسسات سوى مواطن القصور، ولا يفسر الجميل إلا بالقبح، حتى لكأنّ عينه عن كل خير عمياء . وتابع فضيلته قائلًا: إن الأخطر من ذلك هو «الإعلام الرمادي» الذي يتظاهر بالحياد، بينما يحمل في داخله رسائل خبيثة وأجندات مشبوهة، إذ يسوّق الآراء الشاذة التي أجمع العلماء على ضعفها، ويعمد إلى تلميع النكرات وتقديمهم للجماهير وكأنهم أعلام، ويمنح منابر للمجاهيل كي يُحدثوا بلبلة وتشويشًا في وعي الناس، الأمر الذي يؤدي إلى شتات الجمهور، وزرع الفرقة، وبثّ الكراهية بين أبناء الوطن الواحد . وشدد وكيل الأزهر على أن ثنائية تدريب الإعلاميين من جانب والقضايا الدينية من جانب، ثنائية لا تنفصل، ولا ينبغي لها أن تنفصل، بل الواجب أن يكون بينها من التكامل ما يُعين الإعلاميين على القيام بواجبهم في خدمة الأمة. فالكلمة كانت وما زالت أقوى سلاح عرفته البشرية على مدى تاريخها، فبكلمة يتحقق الوعي، وبكلمة تكون الغفلة، وبكلمة تقوم الحروب، وبكلمة تنتهي، وأظن أن الكلمة اليوم قد زاد سلطانها وتأثيرها؛ بما توفر لها من عوامل تقنية سمعية وبصرية معينة، تجعلها تنتقل من مكان إلى آخر بسرعة عجيبة، وتُتيح لها أن تستقر في القلوب والعقول، وأن تغير الآراء والقناعات . وأضاف فضيلته أن الواقع يشهد اضطرابات تمس الهويات، وتهدد المجتمعات، وتخترق الخصوصيات؛ والإعلام أحد الأدوات الرئيسة المسئولة بدرجة كبيرة عن بناء الوعي، وصيانة المجتمع من أي اختراق أو تهديد. ولا يخفى على حضراتكم أيضًا أن الأزهر الشريف كمرجعية كبرى للإسلام والمسلمين يقع عليه عبء كبير خاصةً في مجال المحافظة على الهوية الإسلامية والشخصية الوطنية، وحمايتها من أي محاولة للعبث بمكوناتها، ومن هنا فإنَّ الأزهر الشريف لا يقف مكتوف الأيدي أمام المحاولات البائسة التي تَتَّخِذُ الإعلام وسيلة لتشكيك الناس في عقائدهم وهوياتهم وأفكارهم؛ فما لهذا الدور وجدت وسائل الإعلام! وما كان للأزهر أن يصمت عن قول الحق . واستطرد وكيل الأزهر موضحًا أنّه إذا كان العلماء المتخصصون يؤكّدون أنّ الإعلام قادر على التأثير في عقول الناس وقلوبهم، ومن ثمّ في سلوكياتهم واتجاهاتهم؛ فإنّ الاعتماد على الإعلام البصير الصادق – بوسائله المتنوعة وآلياته المتعدّدة – أصبح ضرورة لا غنى عنها. مشدّدًا على أهمية اللقاءات من هذا النوع التي تسعى إلى إرساء معايير مهنية وأخلاقية واضحة تحكم مسار العمل الإعلامي في تعامله مع القضايا الدينية . وخاطب وكيل الأزهر المخلصين من أبناء الأمة أن يتنبهوا لما يحدث من استخدام مغلوط لوسائل الإعلام التي تروج لأفكار وقناعات غريبة تعمل على بث الفتن، وتدمير العقول، وتستهدف شباب الأمة التسلبه هويته، وتذهب به بعيدا عن قضايا أمته. كما خاطب بذلك الإعلامين الذين يُدركون أنَّ الكلمة أمانة قبل أن تكون وظيفة، وأن الإعلام رسالة قبل أن يكون مصدر دخل، وإنَّ الإعلام يقدر على أن يكون حلقة وصل بين ماضي الأمة وحاضرها، وبين تاريخها ومستقبلها، ويقدر على إيجاد حلقة وصل بين التخصصات العلمية: الدينية والفكرية والاجتماعية بما لدى الإعلاميين من شغف مهني . وقال وكيل الأزهر أنّ مواثيق الشرف الإعلامي المتعددة توجب بنودها على الإعلاميين أن يعملوا على تأكيد القيم الدينية والأخلاقية، والمثل العليا المتراكمة في التراث البشري، وأن ينشدوا الحقيقة المجرّدة في خدمة الحق والخير، وأن يسعوا إلى تعميق أواصر التفاهم والتفاعل بين المجتمعات. وتساءل: أليس أولى بنا أن يكون إعلامنا سبيلًا لحماية المجتمع من أي فرقة أو انقسام؟ أليس أولى بنا أن نوجد خطابًا إعلاميًّا متجددًا يعمل على نشر القيم الإسلامية، وتأكيد الهوية المصرية والعربية والإسلامية، ونقل الناس من السفاسف إلى الجدّ والعمل . ودعا فضيلته الحضور إلى مراجعة ما يُثار من شائعات يعمل بعض الناس على النفخ فيها، متسائلًا: أليست هذه الشائعات هي المادة الدسمة للحوار على المواقع والبرامج؟ كما تساءل عن السفاسف التي يُشغل بها الشباب، أليس ذلك صرفًا لهم عن معالي الأمور؟ ثم أشار إلى الفتاوى التي تُلتقط من هنا وهناك أو تُصنع صُنعًا وتُطرح دون فهم سياقاتها، معتبرًا ذلك تدليسًا، وكذلك عن النماذج التي تُقدَّم على أنها قدوات، مؤكدًا أنّ في ذلك تلبيسًا وطمسًا للذائقة. مؤكدًا أن هذه التساؤلات ليست اتهاما وإنما هي من باب التفكير مع أهل المهنة والتخصص بصوت مرتفع . وأكد وكيل الأزهر أنّ الإعلام لم يعد مجرد جريدة ورقية يطالعها الناس لكبار الكُتّاب كي يضمنوا بها الاطلاع على الحياة من حولهم، بل بات أمره أعقد وأعمق من تلك الصورة التقليدية، مشيرًا إلى أنّ الدول الكبرى تُدرك قدرة الإعلام على الاستحواذ على عقول الناس من خلال أدواته المختلفة والجاذبة والمتنوعة، فجعلته أداة فاعلة في تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف التنموية، موضحًا أن الإعلام المنتج شريك في التنمية، في حين يُعد الإعلام الرديء معطلًا لمسيرتها . وفي ختام كلمته، ذكّر وكيل الأزهر الإعلاميين بما يدور حولهم من حراك يمس العقيدة، والثقافة، والاجتماع، والاقتصاد، والسياسة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾، معربًا عن ثقته في الإعلاميين المؤتمنين وقدرتهم بإعلامهم الأبيض على صناعة وعي رشيد يحفظ على الأوطان عقيدتها وهويتها وأمنها، مختتمًا بالشكر لدار الإفتاء المصرية على دعوتها الكريمة، والدعاء بالتوفيق للقائمين عليها فيما فيه خير البلاد والعباد .