
"المدن المتوسطية" أمام أسئلة البقاء.. ماذا ينتظرها بعد عاصفة الإسكندرية؟
غير أن هذا الحدث، كما يؤكد المختصون، لا يمكن فصله عن السياق المناخي الأوسع الذي يشهده حوض البحر الأبيض المتوسط، بل يمثل حلقة في سلسلة من الظواهر المتطرفة التي باتت تتكرر بوتيرة مقلقة. فماذا حدث علمياً؟ وما الذي ينتظر حوض البحر المتوسط مستقبلاً لا سيما في ظل التحذيرات من تسونامي نتيجة الزلازل المتكررة؟
View this post on Instagram
A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar)
تحذيرات رسمية
الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي للهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر، أكدت لـ"النهار" أن الهيئة أصدرت تحذيرات مبكرة بخصوص هذه الحالة الجوية قبل وقوعها بنحو 72 ساعة، وأعادت التأكيد عليها لاحقاً من خلال بيان جوي خاص تم تعميمه على وسائل الإعلام، وغرف إدارة الأزمات على مستوى الدولة، بما في ذلك غرفة الطوارئ في محافظة الإسكندرية وشركة مياه الشرب والصرف الصحي. وأوضحت أن هذا التحذير تضمن تنبيهات واضحة حول الأمطار الرعدية المتوقعة، ونشاط الرياح المثيرة للأتربة.
وتقول إن "سرعة الاستجابة من قبل الجهات المعنية ساعدت في الحد من الخسائر المحتملة. وتعتمد الهيئة على نماذج عدة متطورة للتنبؤ بالطقس، إلا أن محدودية التمويل تمثل تحدياً أمام تطوير منظومة الإنذار المبكر وتوسيع قدرتها التقنية والبشرية".
وبيّنت أن" الهيئة تسعى إلى تعزيز التعاون مع جهات دولية لتحسين أدواتها التكنولوجية، إلى جانب رفع وعي المواطنين وتأهيل الكوادر المعنية بالتعامل مع الكوارث الجوية".
واعتبرت غانم أن "ما شهدته محافظة الإسكندرية أخيراً هو حالة جوية متطرفة وغير معتادة على الإطلاق في هذا الوقت من العام بسبب التغير المناخي، ومصر بدأت تشهد بالفعل مثل هذه الظواهر خلال السنوات العشر الأخيرة، من حيث التوقيت أو شدة الحالة الجوية".
البَرد يغطي الشوارع و الارصفة بالإسكندرية pic.twitter.com/6YLtTufNPi
— اسكندرية - Alexandria (@Alexandria_egy1) May 31, 2025
تفسير وتحذير
من جانبه، قال المهندس البيئي والمختص في الشأن المناخي، حمدي حشاد إن "ما حدث في الإسكندرية هو نتيجة تصادم بين كتلة هوائية دافئة قادمة من الجنوب وأخرى باردة قادمة من الشمال".
وأوضح الخبير التونسي لـ"النهار" أن "هذا التصادم ينتج طاقة كبيرة تترجم إلى ظواهر جوية عنيفة مثل العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة والثلوج، كما حدث بالفعل في الإسكندرية. هذه الظواهر، التي كانت نادرة الحدوث في الماضي، وتفصل بينها سنوات، باتت اليوم تظهر في أكثر من منطقة متوسطية خلال فترات متقاربة، ما يؤكد أننا أمام تحول مناخي لا يمكن تجاهله".
التحول الأكبر، بحسب حشاد، يتمثل في تغير طبيعة البحر الأبيض المتوسط نفسه، الذي كان يعرف بمناخه المعتدل، وأصبح اليوم يشهد ملامح مناخية استوائية. والسبب، كما يوضح، أن درجات الحرارة في شمال إفريقيا وجنوب المتوسط ترتفع بمعدل أعلى مرتين ونصف من المتوسط العالمي، ما يؤدي إلى تخزين حرارة أكبر في مياه البحر، والتي تعتبر وقوداً طبيعياً لتشكل العواصف والأعاصير المعروفة علمياً بـ"الميديكان".
يصف الخبير مشاهد تغطية الثلوج لشوارع الإسكندرية بأنها تنتمي إلى ما يُعرف علمياً بـ"غروبل" "Graupel"، أي البرد الثلجي، وهو مختلف عن الثلوج المعتادة في المناطق الباردة من حيث الكثافة والحجم.
ووثقت مشاهد لعناصر الحماية المدنية المصرية وهم يسيرون وسط ثلوج بلغت الركبة في بعض الشوارع، في مشهد غير مسبوق في تاريخ المدينة الحديث.
أما التحدي الأخطر، فهو التقدم المستمر لمياه البحر نحو اليابسة، نتيجة ما يعرف بـ"التمدد الحراري". ففي بعض الحالات، وصلت المياه لأكثر من كيلومتر داخل المدينة، ما يعكس مخاطر فقدان تدريجي للأراضي الساحلية، وينذر بخطر داهم على أمن المدن الكبرى في المتوسط، ومنها الإسكندرية.
خطر تسونامي؟
مع كل زلزال يرصد في البحر الأبيض المتوسط، تعود إلى الواجهة تساؤلات حول إمكانية حدوث تسونامي. ويؤكد حشاد أن البحر الأبيض المتوسط شهد بالفعل موجات تسونامي تاريخية، أبرزها تلك التي غمرت مدينة "نيابوليس" الرومانية على سواحل تونس قديماً، والتي لا تزال ترقد تحت الماء، إضافة إلى الزلزال الذي تسبب في انهيار منارة الإسكندرية.
لكن، كما يوضح، فإن المتوسط يختلف عن المحيطات من حيث الحجم والعمق، كما تحيط به جزر طبيعية تعوق انتشار موجات تسونامي على غرار ما شهدناه في فوكوشيما في اليابان أو باندا آتشيه في إندونيسيا.
لذلك يرى أن وقوع تسونامي مدمر في المتوسط احتمال ضعيف لكنه غير مستبعد، وقد يكون تأثيره محصوراً في موجة بحرية محدودة المدى. ومع ذلك، تعتمد المنطقة على منظومة رصد وإنذار مبكر تشمل أقماراً صناعية وحساسات بحرية ومراكز علمية متصلة ببعضها، تتيح وقتاً مناسباً للتحرك والإخلاء في حال الضرورة.
من أعمال رفع المياه في أنفاق الإسكندرية التي أغرقتها العاصفة
واجب الحكومات
أمام هذا الواقع، لا بد من إعادة تصميم البنية التحتية في المدن الساحلية لتكون قادرة على الصمود في وجه الظواهر المتطرفة. على ما يقول حشاد، إذ إن معظم المنشآت، من الكافيهات والمنازل إلى المستشفيات والمدارس، شيدت في فترات سابقة، ولم تأخذ بالاعتبار سيناريوات التغير المناخي، مثل هطول 200 ملم من المطر خلال ساعات، أو ارتفاع منسوب البحر بسبب ذوبان الجليد.
يدعو الخبير الحكومات في المنطقة إلى الانتقال من رد الفعل إلى التخطيط الاستباقي. وفي رأيه يتطلب ذلك وضع سيناريوات مناخية متوقعة في صلب عمليات التشييد والتوسعة العمرانية، وتحديث أنظمة تصريف المياه، وتحصين السواحل، والأهم من ذلك رفع الوعي المجتمعي تجاه الكوارث الطبيعية باعتبارها ظواهر علمية يمكن التنبؤ بها والتأقلم معها، وليس "قضاء وقدراً" أو "عقاباً إلهياً".
ويختم حشاد بالتأكيد أن ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لحقبة جديدة من الاختبارات المناخية، التي لن تؤثر فقط على البنية التحتية، بل على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدول.
ويعتقد أنه مع استمرار الظواهر المناخية في الضغط على المدن والموارد، تصبح الحكومات مطالبة بوضع المناخ في صميم السياسات العامة، قبل أن تجد نفسها في مواجهة كوارث أكبر من دون استعداد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 20 ساعات
- صدى البلد
تغيرات البحر المتوسط تثير الجدل .. خبير مناخ يوضح الحقيقة
طمأن الدكتور تحسين شعلة، خبير المناخ والبيئة، المواطنين بأن التغيرات التي يُلاحظها البعض في البحر الأبيض المتوسط، كـانحسار المياه أو أصوات غريبة، لا تستدعي الذعر، مؤكدًا أنها ظواهر موسمية أو مرتبطة بالتغيرات المناخية العالمية. منار غانم: ارتفاع حرارة البحر المتوسط مؤشر على تطرف مناخي قادم.. وعلينا الاستعداد لحالات جوية غير معتادة نائب محافظ بورسعيد يترأس حملة مكبرة لإعادة الانضباط بحي المناخ توك شو| تغيرات مناخية مفاجئة وتحركات في أسعار السلع.. وأحداث دامية في غزة تواصل تصدر المشهد انحسار البحر ليس مؤشرًا على تسونامي أكد شعلة خلال برنامج صباح البلد أن انحسار مياه البحر الأبيض المتوسط في هذا التوقيت من العام أمر متكرر، وينتج عن ظاهرة المد والجزر، ولا علاقة له بأي نشاط زلزالي كبير قد يؤدي إلى تسونامي، حيث لم تسجل المنطقة زلازل تفوق 8 درجات منذ عقود. نشاط زلزالي يومي طبيعي أوضح خبير البيئة أن موقع البحر المتوسط عند التقاء ثلاث صفائح تكتونية يجعله عرضة لهزات يومية، تتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات ريختر، وهو ما يُعد ضمن المعدلات الجيولوجية الطبيعية، نادرًا ما تصل الهزات إلى 6 درجات.


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
موجة حرّ خانقة تضرب دولة عربية… ودرجات الحرارة تُلامس الـ43
حذّرت منار غانم، عضو المركز الإعلامي في هيئة الأرصاد الجوية المصرية، من تعرّض البلاد لموجة حر شديدة بدأت مساء الخميس، متوقعة استمرارها حتى منتصف الأسبوع المقبل، مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة ونسب الرطوبة. وفي مداخلة هاتفية عبر قناة 'صدى البلد'، أوضحت غانم أن درجات الحرارة خلال النهار ستتجاوز المعدلات الطبيعية في معظم محافظات الجمهورية، لافتة إلى أن ارتفاع نسب الرطوبة يزيد من الشعور بحدة الطقس، حيث قد يشعر المواطنون بدرجات حرارة أعلى من المُسجّلة فعليًا. وذكرت غانم أن نسب الرطوبة قد تتخطى 85% في مناطق مثل القاهرة الكبرى والدلتا، ما يؤدي إلى تكوّن الشبورة المائية في ساعات الصباح، والتي قد تكون كثيفة، خاصة على الطرق الزراعية والسريعة القريبة من المسطحات المائية. وأضافت أن ابتداءً من يوم السبت، تتأثر البلاد بمرتفع جوي في طبقات الجو العليا، ما يؤدي إلى زيادة فترات سطوع الشمس، تراجع فرص ظهور السحب، وبالتالي مزيد من الارتفاع في درجات الحرارة خلال النهار، مع احتباس الرطوبة بالقرب من سطح الأرض، الأمر الذي يزيد الشعور بالحرارة. وبالنسبة للأماكن الأنسب للهروب من الأجواء الحارة خلال عطلة نهاية الأسبوع، نصحت غانم بالتوجّه إلى المناطق الساحلية مثل مطروح، العلمين، والإسكندرية، حيث تشهد هذه المناطق هدوءًا في حالة البحر المتوسط، مع ارتفاع أمواج يتراوح بين متر ومترين، مما يجعلها ملائمة لممارسة الأنشطة البحرية. وشدّدت على ضرورة تجنّب التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة 12 ظهرًا والرابعة عصرًا، وهي الفترة التي تصل فيها مستويات الأشعة فوق البنفسجية إلى ذروتها، داعية المواطنين إلى ارتداء غطاء للرأس، استخدام واقٍ من الشمس، والتواجد في أماكن جيدة التهوية لتخفيف الشعور بالحرارة. وختمت غانم بالإشارة إلى أن موجة الحر ستستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل على الأقل، مع درجات حرارة تتراوح بين 36 و37 درجة مئوية في القاهرة الكبرى، قبل أن تبدأ في الانخفاض التدريجي بعد منتصف الأسبوع. (روسيا اليوم)


صدى البلد
منذ 2 أيام
- صدى البلد
أمطار في عز الصيف.. الأرصاد تعلن مفاجأة للمواطنين.. فيديو
كشفت الدكتورة منار غانم عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، تفاصيل طقس اليوم الجمعة، ودرجات الحرارة المتوقعة خلال الأيام المقبلة، وهل ستنكسر موجة الطقس الحار أم لا. وأضافت غانم خلال مداخلة هاتفية ببرنامج صباح الخير يا مصر، المذاع على القناة الأولى، أن التغيرات المناخية، أصبحت أمر واقع نعيش فيه، وأن الجميع يلاحظ الأمطار في فصل الصيف. ولفتت إلى أن الجمع يجب أن يتكيف مع التغيرات الجديدة، وأن يوم الثلاثاء الماضي كانت هناك أمطار شديدة، وكان الجو شديد الحرارة، وأن الجميع يجب أن يستخدم الطاقة النظيفة، وأن يحافظ على الجو من التلوث، وطالبت من المواطنين بمتابعة النشرات الجوية بشكل مستمر، وأن الأزمة الحالية بسبب الدول الصناعية الكبر. وأوضحت أن البلاد تشهد ارتفاعات في درجات الحرارة، بسبب موسم الهند الموسمي، وأن درجة الحرارة اليوم تسجل 36 درجة، هناك ارتفاع في نسب الرطوبة، والتي تصل في بعض المحافظات إلى 95 %، وأن الرطوبة تتخطى 85% في بعض المناطق مثل القاهرة الكبرى والدلتا، مما يساهم في تكون الشبورة المائية صباحًا، والتي قد تكون كثيفة على الطرق الزراعية والسريعة القريبة من المسطحات المائية وأكدت الدكتورة منار غانم، أن البلاد تتعرض حاليًا لموجة شديدة الحرارة، بدأت فعليًا من مساء الخميس، ومن المتوقع استمرارها حتى منتصف الأسبوع المقبل، مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة ونسب الرطوبة، سوف تصل درجة الحرارة لـ43 درجة في المناطق الجنوبية. وأوضحت أن درجات الحرارة خلال النهار تتجاوز المعدلات الطبيعية في أغلب محافظات الجمهورية، مشيرة إلى أن ارتفاع نسب الرطوبة يزيد من الإحساس بحرارة الطقس، وقد يشعر المواطن بدرجات حرارة أعلى من المسجلة فعليًا. وأشارت عضو هيئة الأرصاد الجوية إلى وجود مرتفع جوي في طبقات الجو العليا ابتداءًا من غد السبت، مما سيؤدي إلى زيادة فترات سطوع الشمس وتقليل فرص ظهور السحب، وبالتالي ارتفاع إضافي في درجات الحرارة نهارًا، خاصة مع احتباس الرطوبة بالقرب من سطح الأرض. وعن الأماكن المناسبة للهروب من حرارة الصيف خلال عطلة نهاية الأسبوع، أكدت غانم أن المناطق الساحلية مثل مطروح والعلمين والإسكندرية تعتبر مناسبة، خاصة بعد انخفاض سرعة الرياح وهدوء حالة البحر المتوسط، حيث يتراوح ارتفاع الأمواج بين متر إلى مترين، مما يجعله مؤهلاً لممارسة الأنشطة البحرية. وحذرت من خطورة التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة 12 ظهرًا وحتى الرابعة عصرًا، وهي الفترة التي تكون فيها الأشعة فوق البنفسجية في أعلى مستوياتها، داعية المواطنين لارتداء غطاء للرأس واستخدام واقٍ من الشمس، والتواجد في أماكن جيدة التهوية لتقليل الشعور بالحرارة. واختتمت غانم حديثها بأن موجة الحر مستمرة على الأقل حتى يوم الثلاثاء، مشيرة إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار درجات الحرارة ما بين 36 و37 درجة مئوية في القاهرة الكبرى، بينما قد تنخفض تدريجيًا بعد منتصف الأسبوع المقبل