
ماكرون يعلن عن جهد فرنسي جديد وتاريخي لزيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التهديدات
وفي خطاب ألقاه يوم الأحد، قال ماكرون إنه سيضاعف الميزانية الدفاعية السنوية مقارنة بما كانت عليه عند توليه المنصب في عام 2017، لتصل إلى 64 مليار يورو (75 مليار دولار) بحلول عام 2027، بدلاً من 2029 كما كان مخططاً سابقاً. وسيستلزم ذلك إضافة 3.5 مليار يورو العام المقبل، و3.2 مليار يورو إضافية في العام الذي يليه.
عدد الرئيس الفرنسي مجموعة واسعة من التهديدات، بدءاً من الإرهاب ووصولاً إلى الحرب الإلكترونية وحرب الطائرات المسيرة، وأكد وجود تهديد دائم ومنظم من روسيا، قال إن على أوروبا أن تردعه لضمان السلام.
وقال ماكرون في خطاب أمام القوات المسلحة قبيل العرض العسكري السنوي الذي يقام في 14 يوليو في باريس: "لم تكن الحرية مهددة إلى هذا الحد منذ عام 1945، ولم يكن السلام في قارتنا معتمداً إلى هذا الحد على القرارات التي نتخذها اليوم". وأضاف: "لنعبر عن الأمر ببساطة: لكي تكون حراً في هذا العالم، يجب أن تُهاب، ولكي تُهاب، يجب أن تكون قوياً".
تغيرات جذرية في أولويات الأمن القومي الأوروبي
تعكس هذه الخطة، التي تبرز طموح ماكرون في تعزيز النفوذ الفرنسي، التغييرات التي طرأت على المشهد الأمني للدول الغربية نتيجة الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتي دفعت الكثير من هذه الدول إلى إعادة النظر في ترددها التقليدي في تخصيص الموارد للقوات المسلحة.
ارتفع الإنفاق الدفاعي العام الماضي بالفعل بأعلى وتيرة منذ نهاية الحرب الباردة على الأقل، وفقاً لتقرير صدر في وقت سابق من هذا العام عن "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام". وقال المعهد إن أوروبا، بما في ذلك روسيا، أنفقت 693 مليار دولار على الدفاع، بزيادة نسبتها 17% عن العام السابق.
لكن فرنسا تواجه قيوداً مالية أشد من معظم الدول الأخرى، في وقت انحرفت فيه جهود إصلاح المالية العامة عن مسارها بعد جائحة كورونا وأزمة الطاقة، ما ترك البلاد بأوسع عجز في منطقة اليورو. وتخطط حكومة ماكرون للإعلان يوم الثلاثاء عن تخفيضات واسعة تطال معظم الوزارات من أجل تحقيق أهدافها في المالية العامة.
في المقابل، أعلنت ألمانيا عن خطط لإنفاق مئات المليارات على الدفاع والبنية التحتية، متخلية عن القيود الصارمة المفروضة على الاقتراض الحكومي. كما دعت إلى إصلاح قواعد الاتحاد الأوروبي المالية للسماح للدول بزيادة نفقاتها الدفاعية.
وقال ماكرون إن الإنفاق الإضافي الذي أُعلن عنه الأحد لن يُموّل من خلال الاستدانة. وبدلاً من ذلك، دعا إلى إصلاحات اقتصادية لتعزيز الإنتاجية والنشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى مساهمة من الجميع، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
وقال ماكرون: "هذا الجهد الجديد والتاريخي هو جهد متناسب وموثوق وضروري". وأضاف: "إنه ليس ما نحتاجه فحسب، بل ما نحتاجه حقاً".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يا بلادي
منذ 20 دقائق
- يا بلادي
ORA Technologies تجمع 7.5 ملايين دولار في جولة تمويل لدعم ابتكاراتها في المغرب
أعلنت الشركة الناشئة المغربية ORA Technologies، يوم الإثنين، عن إغلاق جولة تمويل من السلسلة A بقيمة 7.5 ملايين دولار، وهي واحدة من أكبر الجولات التي تشهدها الساحة التكنولوجية المغربية. وقد تم تمويل العملية بالكامل من طرف مستثمرين محليين، بقيادة صندوق Azur Innovation، في خطوة تُعدّ محطة مفصلية في مسار تطور منظومة الابتكار الرقمي بالمملكة. وقال عمر العلمي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة الشركة "لا يقتصر هذا التمويل على الجانب المالي فقط، بل يُعدّ تعبيرا حقيقيا عن الثقة في قدرة التكنولوجيا الرقمية على إحداث تغيير ملموس في حياة المواطنين المغاربة". وأضاف أن هذه الخطوة تعكس نجاعة نموذج ORA Technologies، كما تبرز تطور بيئة الاستثمار المحلي في دعم الشركات الناشئة الواعدة. تأسست ORA Technologies بهدف بناء البنية التحتية الرقمية لـ"الكيلومتر الأخير"، وتمكنت من التميز بفضل خدمتين رئيسيتين: Kooul: تطبيق توصيل وجبات يشهد توسعًا سريعًا في عدد من المدن المغربية؛ وORA Cash: محفظة رقمية تسير بخطى ثابتة نحو أن تصبح رائدة في مجال الدفع الإلكتروني وجمع النقود. وتعتزم الشركة، بفضل هذا الدعم المالي، تعزيز قدراتها اللوجستية في قطاع توصيل الطعام، وتسريع وتيرة اعتماد حلولها للدفع الإلكتروني. كما تهدف إلى ترسيخ مكانتها كمزود رائد لخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول، من خلال تقديم حلول مبتكرة تتماشى مع خصوصيات السوق المحلي.


كش 24
منذ 35 دقائق
- كش 24
أخنوش: الحكومة تسلمت المسؤولية في ظرفية مالية واقتصادية صعبة
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يومه الثلاثاء 15 يوليوز الجاري، خلال جلسة الأسئلة الشهرية بمجلس المستشارين، التزام حكومته بمواصلة المسار التنموي الذي يقوده الملك محمد السادس، مشدداً على أن السنوات الماضية عرفت تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، قابلتها الحكومة بإجراءات وإصلاحات وصفها بـ"الهيكلية والجريئة". وأشار أخنوش إلى أن الحكومة باشرت مهامها في ظل ظرفية مالية واقتصادية صعبة، تميزت بتداعيات جائحة كوفيد-19، التي تسببت في انكماش اقتصادي بلغ 7.2% سنة 2020، وفقدان 432 ألف منصب شغل، إلى جانب عجز في الميزانية تجاوز 7% وارتفاع في نسبة المديونية إلى أزيد من 72%. وفي مواجهة هذه التحديات، أوضح رئيس الحكومة أن المغرب اضطر لتفعيل خط الوقاية والسيولة بقيمة 3 مليارات دولار، لمواجهة آثار الجائحة، في وقت زادت فيه الظرفية الدولية المتقلبة من الضغوط، بفعل التضخم وتدهور أوضاع التشغيل، خصوصاً في القطاع الفلاحي الذي فقد 417 ألف منصب شغل خلال سنتي 2022 و2023. وأكد أخنوش أن حكومته عملت على تعزيز دينامية النمو الاقتصادي، من خلال رفع الاستثمار العمومي إلى 340 مليار درهم في أفق 2025، مقابل 230 مليار درهم سنة 2021، مع إطلاق ميثاق جديد للاستثمار لجذب الاستثمارات الخاصة، وتحفيز قطاعات واعدة كصناعة السيارات والبطاريات والطاقات المتجددة. وعلى مستوى التشغيل، أوضح أخنوش أن خارطة الطريق الحكومية تهدف إلى تقليص معدل البطالة إلى 9% في أفق 2030، وخلق 1.45 مليون منصب شغل، مع رصد 14 مليار درهم ضمن قانون مالية 2025 لدعم برامج التشغيل، إلى جانب دعم القطاعات الإنتاجية المتضررة من الجفاف والظروف الاقتصادية، وعلى رأسها الفلاحة والنقل. وفي ما يخص البنيات الأساسية، أكد رئيس الحكومة أن الحكومة خصصت 18 مليار درهم لتنفيذ البرنامج الوطني لتوفير الماء الصالح للشرب ومياه السقي، بالإضافة إلى الدفع بمشاريع الطاقات المتجددة وخارطة طريق الهيدروجين الأخضر، ومواكبة الانتقال الرقمي وتعزيز القدرات الإنتاجية للمقاولات المغربية. وفي ختام عرضه، شدد أخنوش على أن الحكومة، رغم الإنفاق الاجتماعي الكبير، تواصل العمل على استعادة التوازنات المالية والاقتصادية، وضبط عجز الميزانية، بما يضمن أسس نمو مستدام وشامل.


الأيام
منذ 36 دقائق
- الأيام
دولة جديدة تلوح في الأفق.. ماذا نعرف عن استقلال كاليدونيا الجديدة وعن الوجود العربي فيها؟
Getty Images أعلنت فرنسا عن اتفاق "تاريخي" مع كاليدونيا الجديدة، يُبقي بموجبه هذا الإقليم فرنسيا على أن يُعلن دولة جديدة تتمتع بحكم ذاتي موسّع. وينص الاتفاق، المكون من 13 صفحة، على إدراج هذا الوضع الجديد ضمن الدستور الفرنسي، مع استحداث جنسية كاليدونية تمنح السكان صفة مزدوجة، فرنسية وكاليدونية، ما يتيح للدول الأخرى الاعتراف بها. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق، حيث كتب على منصة إكس: "دولة كاليدونيا الجديدة ضمن الجمهورية: رهان على الثقة". وفي استقباله للموقعين لاحقا، قال الرئيس إنه "بعد اتفاقيتين وثلاثة استفتاءات، تفتح كاليدونيا الجديدة، من خلال ما وقّعتموه، فصلا جديدا في مستقبلها في علاقة سلمية مع فرنسا". Getty Images ميناء نوميا، عاصمة كاليدونيا الجديدة. أين تقع كاليدونيا الجديدة؟ Google كاليدونيا الجديدة أرخبيل أو مجموعة جزر تقع فيما وراء البحار في جنوب غرب المحيط الهادئ، وتعد همزة وصل بين أمريكا الشمالية وأستراليا، وهي أقرب إلى الأخيرة. تبلغ مساحتها 18.576 كيلومترا مربعا، ويبلغ عدد سكانها نحو 293 ألف نسمة، وعاصمتها نوميا. وهي واحدة من عدة أقاليم ما وراء البحار التي لا تزال جزءا من فرنسا، وتبعد عنها حوالي 17 ألف كيلومتر من باريس، حيث تستغرق الرحلة إليها بالطيران نحو 24 ساعة. ويشمل الأرخبيل جزيرة كاليدونيا الجديدة أو غراند تير حيث تقع العاصمة نوميا، وجزر لويالتي، وباينز، وجزيرة الصنوبر، وجزراً أخرى غير مأهولة. يُمثل الإقليم في البرلمان الفرنسي بنائبين وعضوين في مجلس الشيوخ. ويعد لويس مابو أول رئيس لكاليدونيا الجديدة من المؤيدين للاستقلال منذ اتفاق نوميا؛ حيث انتُخب في يوليوز 2021. وتتمتع كاليدونيا الجديدة بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي، لكنها تعتمد بشكل كبير على فرنسا في أمور كالدفاع والتعليم. وكاليدونيا الجديدة غنية بالموارد، فهي رابع أكبر منتج للنيكل في العالم ولديها 33 منجماً، بحسب مجلة هارفارد الدولية، ولديها حوالي 10 في المئة من احتياطي النيكل العالمي، وفقاً للجنة التجارة والاستثمار الأسترالية، إلى جانب امتلاكها أحد أعلى متوسطات دخل الفرد في المنطقة. Getty Images منجم النيكل في كاليدونيا الجديدة. Getty Images مغنيو الكاناك، جزيرة ليفو بكاليدونيا الجديدة. وتشكل الجزيرة الرئيسية فيها حاجزا مرجانيا حقيقيا يحيط ببحيرة كبيرة. وهناك العديد من الممرات في الشعاب المرجانية، وعادةً ما تكون عند مصبات الأنهار. وقد أُدرجت بحيرات كاليدونيا الجديدة، بشعابها المرجانية المتنوعة والنُظم البيئية المرتبطة بها، ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2008. Getty Images جزيرة بيلوتاس المرجانية، كاليدونيا الجديدة تاريخ عريق واستغلال أوروبي Getty Images افتتاح المركز الثقافي تجيباو في نوميا عاصمة كاليدونيا الجديدة يعود تاريخ أرخبيل الهادئ إلى أكثر من 3500 عام، حيث كان شعب لابيتا أول سكانه المعروفين عام 1500 قبل الميلاد، ثم البولينيزيون، أما سكانها الأصليون اليوم فهم الكاناك الميلانيزيون، الذين يعيشون إلى جانب الأوروبيين ومعظمهم فرنسيون، وسكان من أصول أخرى، مثل تاهيتي وإندونيسيا وفيتنام. ويشير موقع "لايف ساينس" إلى أن كاليدونيا الجديدة كانت جزءاً من قارة زيلانديا، التي انفصلت عن قارة غندوانا العملاقة بين 79 مليون و83 مليون سنة مضت، في عصور ما قبل التاريخ، وتقع حاليا في أوقيانوسيا. أما اسم كاليدونيا الجديدة فيرجع إلى "كاليدونيا" وهو الاسم اللاتيني الذي أطلقه الرومان على شمال بريطانيا العظمى، التي باتت تُعرف اليوم باسم اسكتلندا. وجاءت التسمية عام 1774، عندما وصل بعض البحارة الإنجليز إلى شواطئ غراند تير، الجزيرة الرئيسية في الأرخبيل، فأطلق عليها المستكشف البريطاني جيمس كوك "كاليدونيا الجديدة". ومنذ أربعينيات القرن التاسع عشر، تزايد اختطاف سكان الجزيرة من قبل التجار الأوروبيين، واتخذوهم عبيداً أو للعمل القسري في مزارع قصب السكر في فيجي أو أستراليا. وقد بدأت الإمبراطورية الفرنسية الثانية استعمارها تدريجياً في إطار تعزيز الوجود الفرنسي في المحيط الهادئ، إلى أن ضمتها إليها عام 1853، واتخذتها منفى للمعارضين للسلطة الفرنسية. Getty Images نهر يتدفق بين نباتات وادي تيواكا، كاليدونيا الجديدة ومنذ عام 1881، فرض الفرنسيون نظاماً تحت مسمى "قانون السكان الأصليين" وهو أشبه بالفصل العنصري، الذي يقيد حريتهم في التنقل ويمنعهم من امتلاك الأراضي، فيما وصفه المؤرخ الفرنسي دانيال ريفيه بأنه "مجموعة من النصوص المرتجلة التي عكست الخوف من تمرد السكان الأصليين". وفي كتاب "المُبعدون إلى كاليدونيا الجديدة"، نقل الدكتور الصديق تاوتي عن القسيس موريس لينهاردت الذي ذهب ضمن حملة تبشيرية عام 1902 إلى كاليدونيا الجديدة قوله: "وُصِف لي شعبٌ يهرول للوقوع في أحضان المسيح، لكني لا أرى سوى شعب فخور، يفضل، لكونه مهزوماً، أن تنقرض سلالته على أن يرى البيض يستغلونها". وخلال الحرب العالمية الأولى التي نشبت عام 1914، كانت كاليدونيا الجديدة مصدرا لأفراد الجيش الفرنسي، وموقعا لصراع داخلي. وخدم رجال الكاناك كجنود متطوعين، قاتل بعضهم في فرنسا. Getty Images جنود الكاناك في زي الحرب، عام 1906 ووفقا لأرشيف جمعية قدامى محاربي كاليدونيا الجديدة، فقد ذهب 1134 من السكان الأصليين إلى فرنسا بين عامي 1914 و1918 (أي ما يعادل حوالي 18 في المئة من الرجال في سن القتال)، قُتل منهم 374 على الجبهة، وجُرح 167. وخلال الحرب العالمية الثانية، وتحديداً من عام 1942 حتى 1945، كانت كاليدونيا الجديدة قاعدة دعم أساسية وموقعا محوريا للقوات الأمريكية وقوات الحلفاء خلال حرب المحيط الهادئ، بحسب موقع "شومان دو ميموار" أو مسارات الذاكرة، وهو موقع تعليمي مُخصّص لتاريخ وذاكرة وتراث النزاعات المعاصرة. وأضاف الموقع أن كاليدونيا الجديدة ساهمت بشكل ملحوظ في الانتشار الاستراتيجي والدعم اللوجستي خلال استعادة القوات الأمريكية لسيطرتها على اليابان. ففي مارس 1942، هبطت قوة استطلاعية أمريكية في نوميا بقيادة الجنرال باخ، "واستفاد الحلفاء الأمريكيون والأستراليون والنيوزيلنديون من كاليدونيا الجديدة بشكل كامل كحاملة طائرات فعّالة ضد اليابانيين، لا سيما خلال معركة بحر المرجان في ماي". عرب كاليدونيا الجديدة Getty Images مقبرة لسجناء جزائريين في كاليدونيا الجديدة، في مستعمرة جزائية بجزيرة باينز منذ ستينيات القرن التاسع عشر وحتى عام 1897، أرسلت فرنسا حوالي 22 ألفا ممن صُنفوا بالمجرمين والسجناء السياسيين، إلى كاليدونيا الجديدة، التي استخدمتها باريس كمستعمرة جزائية. وكان من بين هؤلاء المنفيين نحو 2000 جزائري ممن شاركوا في انتفاضة 1871 ضد الاحتلال الفرنسي، غالبيتهم من القادة البارزين، الذين عوقبوا بالنفي على بُعد 22 ألف كيلومتر من وطنهم. واستولت السلطات الفرنسية على أكثر من 450 ألف هكتار من الأراضي ووزعتها على المستوطنين الفرنسيين، وأقامت محاكمات سريعة لمقاضاة كل من تمرد على الدولة الفرنسية. كما استمر نفي الجزائريين بعد ثورة الأوراس الغربية، وهي مقاومة شعبية واسعة النطاق اندلعت في منطقة الأوراس بالجزائر ضد الاحتلال الفرنسي عام 1916. وفي كتابه "المُبعدون إلى كاليدونيا الجديدة"، ذكر الدكتور الصديق تاوتي قادة المقاومة الجزائرية الذين حاكمتهم فرنسا ورحّلتهم على السفن إلى بوراي ونيساديو ونوميا. وذكر موقع إذاعة فرنسا الدولية كيف أُرسل المنفيون من الجزائر مقيدين بالسلاسل في رحلة بحرية امتدت لـ 5 أشهر. ونقلت الإذاعة عن الطيب عيفة، الذي كان والده ضمن آخر قافلة من المُدانين الذين جرى جلبهم إلى المستعمرة عام 1898 أنه "لا يزال عدد القتلى الذين أُلقيت جثثهم في البحر أثناء العبور مجهولاً". وقد حُكِم على والده بالسجن 25 عاماً لمحاربته الجيش الفرنسي في سطيف، شرق الجزائر. أما الناجون من هذه الرحلة الشاقة، فقد عُرفوا باسم "قُبّعات القَش"، في إشارة إلى قُبعات المُدانين التي كانوا يرتدونها أثناء عملهم تحت أشعة الشمس الحارقة. كما استعرض الدكتور تاوتي في كتابه، الحالة المزرية التي عاشها الجزائريون في كاليدونيا الجديدة تحت سياط التعذيب والقهر والتجهيل والفقر والإكراه على الأعمال الشاقة. وكالة الأنباء الجزائرية وثيقة تاريخية نادرة لأحد المنفيين الجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة وجهها إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وجاء في تقرير نشرته مجلة "نيو لاين" للصحفيتين الجزائرية شهرزاد دواح والفرنسية ميليسا غودين، أنه عندما وصل الجزائريون إلى شواطئ كاليدونيا الجديدة، لم يُسمح لهم بممارسة شعائرهم الإسلامية، واضطروا إلى تبني أسماء مسيحية، وأُجبروا على الزواج من نساء فرنسيات منفيات أو بنات منفيين فرنسيين. وتقول الصحفيتان إن السلطات الفرنسية كانت تأمل في أن تُنشئ هذه الزيجات أسراً مسيحية تتوافق مع تصورها للمستوطنين، لكن حدث العكس، حيث تبنّت النساء الفرنسيات التقاليد الجزائرية وحافظن على التراث العربي، وتعلمن كيفية طهي الطعام الجزائري وعلمنه للأجيال اللاحقة. وأضاف التقرير أن هذه العائلات النازحة قامت بزراعة أشجار النخيل كما فعلت في الجزائر، وأطلقت على الأطفال أسماء إسلامية، على الرغم من حظر الإدارة الاستعمارية لذلك. وفي عام 1936، عندما رُفع الحظر، تمكن الكثيرون أخيراً من استخدام أسمائهم العربية في العلن. Getty Images افتتاح النصب التذكاري في الجزائر العاصمة، للجزائريين الذين نفوا إلى كاليدونيا الجديدة ويشير التقرير الصادر عام 2022، إلى وجود 15 ألفاً من أحفاد الجزائريين الذين يعيشون في كاليدونيا الجديدة، يقيم معظمهم في نيساديو وبوريل. ونقل موقع إذاعة فرنسا، عن كريستوف ساند، عالم الآثار في مركز أبحاث IRD في نوميا أن الجزائريين في كاليدونيا الجديدة كانوا مواطنين من الدرجة الثانية، لأنهم غالباً لم يتحدثوا الفرنسية، بل العربية أو البربرية. وعانى أبناؤهم من وصمة العار، ولم يحتفظ سوى عدد قليل من العائلات بأصولهم. وقد حقق الفيلم الوثائقي "ذكريات الذاكرة" شعبيةً واسعةً عند عرضه لأول مرة عام 2004، داخل كاليدونيا الجديدة وخارجها بين الجزائريين، حيث أجرى مقابلات مع أحفاد الثوار المنفيين، الذين نُظر إليهم باعتبارهم القادة الذين وضعوا البلاد على الطريق الصحيح لتحقيق استقلال الجزائر عام 1962. وتعد أغنية "يا المنفي" التي غناها الشاب خالد ورشيد طه والشاب فُضيل، توثيقاً لمأساة عدد كبير ممن نفتهم فرنسا إلى كاليدونيا الجديدة، وهي أغنية يعود تاريخها إلى عام 1871 كتبها أحد الثوار المنفيين. معارك بين السكان الأصليين والأوروبيين Getty Images أعمال شغب في نوميا، بتاريخ 12 يناير 1985 لقد شهد هذا الأرخبيل انقسامات عميقة بين سكانه الكاناك الأصليين، وبين الأوروبيين الذين يعود أصول كثير منهم إلى فرنسا، من السجناء المنفيين الذين اعتُقلوا بعد قمع "كومونة باريس" أو الثورة الفرنسية الرابعة عام 1871. وفي عام 1878، اندلعت ثورة الكاناك ضد المستوطنين الفرنسيين بسبب خسارتهم أراضيهم، كما استُبعد شعب الكاناك الأصلي من الاقتصاد الفرنسي ومن أعمال التعدين بعد اكتشاف النيكل. وقد قُتل 200 فرنسي خلال تلك الثورة التي قادها الزعيم "أتاي" قبل أن يُقطع رأسه الذي صار رمزاً للنضال ضد الاستعمار في كاليدونيا الجديدة. وعلى مدى أكثر من 40 عاماً حتى عام 1921، انخفض عدد سكان الكاناك من نحو 60 ألفاً إلى 27 ألفاً، بسبب دخول أمراض واردة من أوروبا كالجدري والحصبة. وفي عام 1946، أصبحت كاليدونيا الجديدة إقليماً تحت الإدارة الفرنسية. ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، اندلعت العديد من أعمال العنف والاضطرابات بين حركة استقلال الكاناك والسلطات الفرنسية، وتشكّلت جبهة التحرير الوطني الكاناكية الاشتراكية عام 1984، وهو تحالف من الأحزاب السياسية المناصرة للاستقلال. وخلال عامي 1986 و 1987، بدأت حكومة يمين الوسط الفرنسية توزيع الأراضي، دون مراعاة مطالبات السكان الأصليين بأراضيهم؛ حيث مُنح أكثر من ثلثيها للأوروبيين وأقل من الثلث للكاناك، السكان الأصليين، ما أسفر عن تظاهرات واشتباكات ومعارك مسلحة. Getty Images متظاهرون من الكاناك في مسيرة سلمية دعت إليها جبهة الكاناك الاشتراكية للتحرير الوطني عام 1987 في نوميا وفي عام 1988، احتجز مسلحون مؤيدون للاستقلال 27 رهينة في كهف (أوفيا)، قبل أن تهاجمهم القوات الفرنسية وتحرر الرهائن، ما أسفر عن مقتل 22 من مختطفي الرهائن الكاناك وجنديين. Getty Images مجموعة من الكاناك الملثمين يقفون حراساً على مشارف قرية في كانالا، 27 أبريل 1988 وبعد نحو شهرين، عُقِد اتفاق "ماتينيون" الذي كان بمثابة مصالحة بين الكاناك والسكان الأوروبيين، باقتراح إنهاء الحكم المباشر من باريس وإجراء تصويت على الاستقلال بعد 10 سنوات، مع عدم إثارة قضية الاستقلال خلال تلك الفترة. وفي عام 1998، وضع اتفاق نوميا جدولاً زمنياً مدته 20 عاماً لنقل المسؤوليات تدريجياً من فرنسا إلى الإقليم، على أن يكون نائب رئيس كاليدونيا الجديدة من المؤيدين للاستقلال، إذا كان الرئيس من المناهضين له. وسمح هذا الاتفاق بإجراء ما يصل إلى ثلاثة استفتاءات حول الاستقلال. الانفصال عن فرنسا أو البقاء Getty Images مهرجان الحرية في كاليدونيا الجديدة عام 1999 في عام 2018، شهد الأرخبيل استفتاء أسفر عن رفض الاستقلال عن فرنسا، بنسبة 56 في المئة مقابل 43 في المئة. وبعدها بعامين، أُجري استفتاء ثانٍ زاد فيه عدد الراغبين في الاستقلال إلى 46 في المئة، بارتفاع بنسبة 3 في المئة، ليزداد التقارب العددي بين المعسكرين. وفي عام 2021، أُجري استفتاء ثالث، شهد مشاركة قوية للمؤيدين لتبعية الأرخبيل لفرنسا، فيما قاطعته القوى المؤيدة للاستقلال، التي رأت ضرورة تأجيله بسبب تفشي فيروس كورونا. وقد أسفر هذا الاستفتاء عن التصويت لصالح رفض الاستقلال بنسبة 96 في المئة، وهي نتيجة رفضتها الأحزاب المؤيدة للاستقلال باعتبار التصويت غير صحيح. وفي عام 2024، اندلعت أعمال شغب في أنحاء الإقليم، احتجاجاً على إجراءات انتخابية عارضها الكاناك الأصليون قائلين إنها ستسمح بالتصويت في الانتخابات المحلية لمزيد من السكان الفرنسيين غير المقيمين لفترة طويلة في الأرخبيل، بما يُضعف النفوذ السياسي للسكان الأصليين، ويقلل فرصهم في الحصول على الاستقلال. Getty Images السكان الأصليون يلوحون بأعلام كاناكي خلال مواكب إعادة الجثث إلى قبيلة سانت لويس في نوميا وفي عام 2025، دعا ماكرون إلى محادثات لكسر الجمود بين القوى الموالية لفرنسا والراغبين في الاستقلال في كاليدونيا الجديدة، الذين تجمع مسؤولوها المنتخبون بالإضافة إلى قادة سياسيين واقتصاديين وقادة المجتمع المدني، بالقرب من باريس لوضع إطار دستوري للإقليم. وبعد عشرة أيام من المحادثات، اتفقت الأطراف على إنشاء "دولة كاليدونيا الجديدة". ووصف مانويل فالس، وزير أقاليم ما وراء البحار، الاتفاق بأنه "حل وسط ذكي" يحافظ على الروابط بين فرنسا وكاليدونيا الجديدة، مع منح الجزر الواقعة في المحيط الهادئ مزيدا من السيادة. ومن المقرر أن يجتمع البرلمان الفرنسي في الربع الأخير من هذا العام للتصويت على الموافقة على الاتفاق، الذي سيُعرض على سكان كاليدونيا الجديدة في استفتاء عام 2026.