منذ 6 أيام
Tunisie Telegraph نصائح لتجنّب لسعة الحريقة هذا الصيف!
قال المهندس التونسي حمدي حشاد أن 'الحريقة' أو قناديل البحر لم تعد مجرد مشهد عابر في مياهنا الصيفية، بل تحوّلت إلى ظاهرة بيئية مقلقة تهدد سلامة المصطافين، وتُربك القطاع السياحي، وتُقلق الصيادين من نابل إلى المنستير، ومن جربة إلى بنزرت.
مياه صافية تبدو للوهلة الأولى جذابة، لكن تخفي تحت سطحها قناديل بحر في حجم كلب صغير، تلسع بقوة وتترك آثارًا واضحة على الجلد وعلى ذاكرة من جرّب لسعتها. صورة التُقطت مؤخرًا في سواحل المهدية تظهر مئات القناديل الكبيرة الحجم تسبح بمحاذاة الشاطئ، مشهد لم يعد نادرًا، بل صار متكررًا ومزعجًا.
ما الذي يحدث في سواحلنا؟
الجواب معقد، لكن العوامل المؤدية واضحة:(مع الإشارة إلى أن الاعتقاد الشائع بأن السلحفاة هي المفترس الرئيسي للحريقة فيه مبالغة، فهناك أنواع بحرية أخرى أكثر شراهة في استهلاك القناديل.)
1. تغير المناخ
ارتفعت حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط بأكثر من 1.5 درجة مئوية خلال الأربعين سنة الأخيرة، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC). هذا الارتفاع ساهم في تسريع دورة حياة قناديل البحر وخلق ظروفًا مثالية لتكاثرها على مدار العام، لا في الصيف فقط.
2. الصيد الجائر
انخفاض أعداد المفترسين الطبيعيين لقناديل البحر، مثل السلاحف البحرية والتن و'اللمبوكة'، أفسح المجال أمام الحريقة للتكاثر دون رقيب. دراسة منشورة في مجلة Marine Ecology Progress Series أظهرت توازيًا بين انخفاض أعداد هذه الكائنات وازدياد كثافة القناديل في المتوسط بين 2005 و2020.
3. التلوث والصرف الصحي
مياه الصرف التي تُلقى في البحر تخلق بيئة غنية بالعوالق، وهي الغذاء المفضّل لقناديل البحر، ما يجعل من الشواطئ مناطق جذب مثالية لها.
مفهوم 'Jellyfication' أو اجتياح الهُلاميات
بدأ العلماء يستخدمون مصطلح 'Jellyfication of the Oceans' لوصف هذه الظاهرة العالمية، حيث يتراجع التنوع البيولوجي في البحار أمام الزحف الهُلامي لقناديل البحر. هذه الكائنات الهشة تتكاثر بسرعة، لا تحتاج عظامًا، ولا تتأثر كثيرًا بالتغيّرات الكيميائية في المياه.
أحد أبرز الأنواع التي تغزو سواحل المتوسط حاليًا هو Pelagia noctiluca، بلونه البنفسجي ولسعته المؤلمة. وقد أفادت منظمة CIESM بأن انتشار هذا النوع زاد بنسبة تفوق 300% في بعض السواحل بين عامي 2000 و2020.
إذا لسعتك الحريقة… ماذا تفعل؟
لا تستخدم الماء العذب لغسل مكان اللسعة، لأنه يُفعّل الخلايا السامة. استعمل ماء البحر فقط. أزل الخيوط اللاصقة (تشبه الشعر الشفاف) باستخدام بطاقة بلاستيكية أو ملقط وليس يديك. ضع خلًا أبيض أو بيكربونات الصوديوم على اللسعة، حسب نوع القنديل (بعضها يتفاعل مع الحمض، وبعضها مع القاعدي). استخدم كمادات باردة لتخفيف الألم، وتوجه للطبيب في حال ظهور أعراض خطيرة مثل انتفاخ أو صعوبة في التنفس. لا تستخدم الطماطم، فهي تصلح فقط للسلطة، ودونتفريز (معجون الأسنان) غير مجدٍ في هذه الحالة!
نداء عاجل للسلطات والمجتمع العلمي
في غياب منظومة إنذار مبكر، تبقى الوقاية خير من العلاج. المطلوب:
التوعية المجتمعية
مراقبة دائمة للشواطئ
تعزيز البحث العلمي لفهم دورة حياة القناديل وديناميكية انتشارها.
لقد أصبحت قناديل البحر اليوم مؤشرًا على اختلال النظام البيئي البحري. ما كانت مجرد مشكلة موسمية أو ظرفية في تونس، تحوّلت الآن إلى واقع بيئي مقلق يُنذر بتغيرات أعمق في بيئتنا البحرية. وعلينا أن ننتبه… قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.