أحدث الأخبار مع #إس


جريدة الايام
منذ 9 ساعات
- سياسة
- جريدة الايام
إيران وإسرائيل.. من الذي انتصر؟!
من الذي انتصر ومن الذي انهزم في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت 12 يوماً متواصلة، ولم يوقفها إلا تدخل مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان قد أمر بقصف المنشآت النووية الإيرانية قبل هذا التدخل بساعات؟! السؤال السابق، يردده الجميع في إيران وإسرائيل والمنطقة والإقليم وأماكن أخرى في العالم، والمؤكد أنه سوف يستمر لفترة طويلة من دون إجابة شافية. ورغم أننا في عصر انفجار ثورة المعلومات، لكن المفارقة أن حجم الدعاية والتضليل والشائعات وأنصاف وأرباع وأخماس الحقائق هو سيّد الموقف، ويجعل عدداً كبيراً من الناس في حالة صعبة من التشوش والارتباك. شخصياً - ولأنني أحاول أن أكون موضوعياً قدر المستطاع - أقول بوضوح: إنه يصعب عليّ أن أحدد من الذي انتصر في هذه المعركة، حتى تتضح الحقائق والبيانات والمعلومات الصحيحة، أو حينما تتضح وتتجسد النتائج السياسية على الأرض. ورغم ذلك، فسوف نحاول سرد وقراءة بعض المؤشرات التي ربما تقربنا من الإجابة عن السؤال. المؤشر الأول: أن مثل هذا النوع من الحروب، بل وأغلب الحروب لا تقاس نتائجها بعدد القتلى والجرحى والمفقودين أو حتى بحجم الدمار فقط، ورغم أهمية هذه العوامل، إلا أن القياس الحقيقي لنتائج أي حرب هو ما ستتم ترجمته من نتائج سياسية على الأرض. وقد يسأل البعض: وكيف يمكن تطبيق وقياس هذا العامل على أرض الواقع؟ الإجابة ببساطة يمكن معرفتها من خلال تأمل أحوال وأوضاع كل طرف قبل بداية الحرب وبعدها، ليس فقط في معركة الـ12 يوماً الأخيرة، ولكن في المعارك والحروب في عموم المنطقة منذ عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» ضد المستوطنات الإسرائيلية صباح 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأدت إلى شن إسرائيل لعدوان كاسح على غزة وجنوب لبنان وسورية واليمن لا يزال بعضه مستمراً حتى الآن. على سبيل المثال، فإن إيران قبل 7 أكتوبر كانت تملك برنامجاً نووياً وصاروخياً طموحاً، فكيف صار وضع هذا البرنامج الآن؟ وكان لدى إيران نفوذ هائل في كل من لبنان وسورية والعراق واليمن وغزة، فهل يستمر هذا النفوذ أم يتراجع أم يختفي تماماً؟ المؤشر الثاني: هو حجم الاختراق الاستخباري لكل طرف من الأطراف، من الذي تمكن من تسجيل عمليات نوعية أكثر، وأظن أن إجابة هذا السؤال تصب للأسف في صالح إسرائيل تماماً. أحد المؤشرات المهمة في حساب النتائج هو النظر إلى تحقيق الأهداف التي رفعها كل طرف. أول هدف أعلنته إسرائيل هو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وقد وجهت بالفعل ضربات موجعة للمنشآت، ثم جاءت ضربة «مطرقة منتصف الليل» الأميركية ضد المنشآت قبل ساعات من وقف إطلاق النار. ترامب قال: إنه تم تدمير البرنامج، ونتنياهو قال: وجّهنا له ضربات موجعة، وإيران تقول: إن البرنامج لا يزال كما هو، وكل ما حدث هو تدمير للمباني والمقرات والهياكل، وليس للبرنامج نفسه. السؤال المحوري هنا هو: هل ستتمكن إيران من استئناف البرنامج، وبأي نسبة تخصيب، وهل ستتمكن من تصنيع قنبلة نووية من الـ400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، في حين أن نتنياهو هدد بتوجيه ضربات لهذا البرنامج لو استأنفت إيران العمل فيه؟! من الأهداف أيضاً أن إسرائيل أرادت القضاء على البرنامج الصاروخي الإيراني. ومن الواضح طبقاً للوقائع أن إيران ظلت تقصف إسرائيل بالصواريخ حتى آخر دقيقة قبل وقف إطلاق النار. لكن الحقيقة سوف تتضح أكثر حينما نعرف ما هو حجم ما تبقى من صواريخ لدى إيران، وكذلك القدرة على تصنيعها. لو أن إيران هي التي تصنع هذه الصواريخ بشكل كامل، فسوف يكون ذلك خبراً سيئاً لإسرائيل، لأن تجربة الـ12 يوماً أثبتت أن إيران قادرة على إيذاء إسرائيل بصورة كبيرة. في الأيام المقبلة سوف نرى جمهور كل طرف يحتفل بالانتصار، وهذا أمر طبيعي خصوصاً عند الجمهور الأكثر ولاء لإيران أو لإسرائيل. لكن مرة أخرى، فإن الإجابة الحقيقية عن سؤال من الذي انتصر لن تكون سهلة، والأهم أنها سوف تستغرق وقتاً حتى تتجسد في صورة نتائج سياسية على الأرض.


بيروت نيوز
منذ 2 أيام
- سياسة
- بيروت نيوز
هدنة طويلة أم تسوية شاملة؟
لا تبدو الحرب بين إيران وإســرائيل وكأنها انتهت فعليًا، بل توقفت عند حدود وقف إطلاق نار هشّ، لم يُبْنَ على أي اتفاق سياسي أو أمني، ما يجعل احتمال عودة الاشتعال قائمًا في أي لحظة. فالحرب لم تُنهَ بتسوية واضحة، بل بمجرد تهدئة ميدانية مؤقتة، ما يضع المنطقة بأكملها أمام مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد مجددًا. المعضلة الأساسية اليوم تكمن في المأزق الذي تواجهه إســرائيل بعد الضربة: فإما أن تعلن أن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمّرت بالكامل، وبالتالي لا حاجة لأي مراقبة أو تدخل دولي، ما يعني اعترافًا ضمنيًا بنجاح الضربة، ولكن مع بقاء التوتر قائماً. أو تقول إن الضربة لم تحقق أهدافها، فتدخل في مسار تصعيدي جديد وتصبح أمام خيار استئناف الحرب لتحقيق ما لم يتحقق في الجولة الأولى. هذا الالتباس في السردية الإسرائيلية يقابله سلوك إيراني واضح وسريع نحو ترميم القدرات الدفاعية والردعية. فطهران لا تتصرف على أساس أن المواجهة انتهت، بل على العكس، تتصرف كمن يتحضّر لجولة ثانية محتملة. ولعل زيارة وزير الدفاع الايراني عزيز نصير زاده إلى الصين تأتي في هذا السياق، حيث تسعى إيران لتأمين دعم سياسي وعسكري وتقني، يعزز من موقعها في أي مواجهة مستقبلية محتملة. كما أن مؤشرات داخلية في طهران توحي بأن النظام الإيراني يدرك أن المعركة قد تتجدد، خصوصًا مع تزايد الضغوط الغربية وإصرار بعض الأطراف على استمرار آلية الردع. وبالتالي، فإن حالة الهدوء الحالية ليست سوى استراحة قصيرة في حرب طويلة ومفتوحة. لا يمكن اعتبار وقف إطلاق النار نهاية للصراع، بل مجرّد فصل من فصوله، إذ إن غياب الاتفاق السياسي، واستمرار الخطاب التصعيدي، وسرعة الاستعدادات العسكرية، جميعها تؤكد أن الجبهة بين إيران وإسـرائيل قد تعود للاشتعال في أي لحظة.


ليبانون 24
منذ 2 أيام
- سياسة
- ليبانون 24
هدنة طويلة أم تسوية شاملة؟
لا تبدو الحرب بين إيران وإســرائيل وكأنها انتهت فعليًا، بل توقفت عند حدود وقف إطلاق نار هشّ، لم يُبْنَ على أي اتفاق سياسي أو أمني، ما يجعل احتمال عودة الاشتعال قائمًا في أي لحظة. فالحرب لم تُنهَ بتسوية واضحة، بل بمجرد تهدئة ميدانية مؤقتة، ما يضع المنطقة بأكملها أمام مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد مجددًا. المعضلة الأساسية اليوم تكمن في المأزق الذي تواجهه إســرائيل بعد الضربة: فإما أن تعلن أن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمّرت بالكامل، وبالتالي لا حاجة لأي مراقبة أو تدخل دولي، ما يعني اعترافًا ضمنيًا بنجاح الضربة، ولكن مع بقاء التوتر قائماً. أو تقول إن الضربة لم تحقق أهدافها، فتدخل في مسار تصعيدي جديد وتصبح أمام خيار استئناف الحرب لتحقيق ما لم يتحقق في الجولة الأولى. هذا الالتباس في السردية الإسرائيلية يقابله سلوك إيراني واضح وسريع نحو ترميم القدرات الدفاعية والردعية. فطهران لا تتصرف على أساس أن المواجهة انتهت، بل على العكس، تتصرف كمن يتحضّر لجولة ثانية محتملة. ولعل زيارة وزير الدفاع الايراني عزيز نصير زاده إلى الصين تأتي في هذا السياق، حيث تسعى إيران لتأمين دعم سياسي وعسكري وتقني، يعزز من موقعها في أي مواجهة مستقبلية محتملة. كما أن مؤشرات داخلية في طهران توحي بأن النظام الإيراني يدرك أن المعركة قد تتجدد، خصوصًا مع تزايد الضغوط الغربية وإصرار بعض الأطراف على استمرار آلية الردع. وبالتالي، فإن حالة الهدوء الحالية ليست سوى استراحة قصيرة في حرب طويلة ومفتوحة. لا يمكن اعتبار وقف إطلاق النار نهاية للصراع، بل مجرّد فصل من فصوله، إذ إن غياب الاتفاق السياسي، واستمرار الخطاب التصعيدي، وسرعة الاستعدادات العسكرية، جميعها تؤكد أن الجبهة بين إيران وإسـرائيل قد تعود للاشتعال في أي لحظة.


شبكة النبأ
منذ 2 أيام
- سياسة
- شبكة النبأ
مقامرات ترامب الكبرى والمفاجئات التي تترك العالم حائرا..!
بعدما تعرض لانتقادات، حتى من مناصريه، لنكثه بأحد وعوده الانتخابية بعدم التدخل عسكريا في الخارج، تمكن ترامب سريعا من إيجاد مخرج عبر الاعلان وقفا لإطلاق النار، وتقديم نفسه على أنه صانع للسلام، رغم الضربة لإيران. كان واضحا أن كل من الأطراف الثلاثة المعنيين بالحرب، يحتاج الى مخرج... خلال أقل من 48 ساعة، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا بقصف منشآت نووية إيرانية، وأعلن اتفاقا لوقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل، لكن نجاحه الدبلوماسي لا ينهي حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط. ورأى كل طرف، أي ترامب وإسرائيل وإيران، في إعلان وقف إطلاق النار 'انتصارا' لصالحه، بعد 12 يوما من حرب بدأتها الدولة العبرية على الجمهورية الإسلامية، وتخللها قصف أميركي على ثلاث منشآت نووية رئيسية. لكن ترامب وصف الأمر بأنه 'انتصار للجميع'. فقد أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعادته بالنهاية السريعة للحرب بين إيران وإسرائيل وقال إنه يتوقع علاقة مع طهران من شأنها أن تحول بينها وبين إعادة بناء برنامجها النووي رغم عدم اليقين بشأن الأضرار التي ألحقتها الهجمات الأمريكية بمنشآت نووية إيرانية. قال ترامب، متحدثا في لاهاي حيث يحضر قمة حلف شمال الأطلسي يوم الأربعاء، إن قراره الانضمام إلى هجمات إسرائيل باستهداف مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات أنهى الحرب واصفا الأمر بأنه 'انتصار للجميع'. وتجاهل تقييما مبدئيا لوكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية يفيد بأن مسار إيران نحو صنع سلاح نووي ربما يكون قد تأخر لأشهر فحسب وقال إن النتائج 'غير قاطعة' وإنه يعتقد أن المواقع النووية دُمرت. وأشار 'كانت (الأضرار) جسيمة جدا. كان تدميرا تاما'. وعبر عن ثقته في أن طهران لن تحاول إعادة بناء مواقعها النووية وستنتهج بدلا من ذلك مسارا دبلوماسيا نحو تسوية الأمر. وقال 'سأقول لكم، آخر ما يريدون فعله هو تخصيب أي شيء في الوقت الحالي. إنهم يريدون التعافي'. وأضاف أنه إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي 'فلن نسمح بحدوث ذلك. أولا، لن نفعل ذلك عسكريا'، مضيفا 'أعتقد أن الأمر سينتهي بإقامة علاقة ما مع إيران لضمان ذلك'. ترامب.. ترك العالم حائرا وبعدما تعرض لانتقادات، حتى من مناصريه، لنكثه بأحد وعوده الانتخابية بعدم التدخل عسكريا في الخارج، تمكن ترامب سريعا من إيجاد مخرج عبر الاعلان ليل الاثنين الثلاثاء وقفا لإطلاق النار، وتقديم نفسه على أنه صانع للسلام، رغم الضربة لإيران. وخلال أيام الحرب، شنّت إسرائيل غارات جوية على إيران استهدفت خصوصا مواقع عسكرية ونووية، وردّت طهران بإطلاق صواريخ ومسيّرات نحو الدولة العبرية. وقال تود ويلمان، الباحث في برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، 'لا أعتقد أن الحكومة الاسرائيلية كانت قادرة على تحمّل حرب طويلة الأمد، لكن أعتقد أن العنصر الأساسي كان ترامب. لم يرغب في رؤية حرب جديدة تندلع' في عهده. وتابع 'هذا ما بدّل الحسابات بالنسبة الى إسرائيل، وإيران كذلك'. وفاجأ ترامب الحلفاء وحتى مساعديه بإعلانه وقف إطلاق النار عبر منصات التواصل الاجتماعي ليل الاثنين الثلاثاء، بعيد ساعات من هجوم صاروخي إيراني على قاعدة العديد الأميركية في قطر، ردا على ضربات واشنطن على منشآتها النووية. وبدا أن الهجوم الإيراني كان مدروسا بعناية ومنسّقا بين المعنيين. وشكر ترامب طهران على توفيرها 'إشعارا مبكرا' قبل تنفيذها. كان واضحا أن كل من الأطراف الثلاثة المعنيين بالحرب، يحتاج الى مخرج. اعتبر ترامب الهجوم الإيراني 'ضعيفا للغاية'، واختار عدم الرد. وبعدما أعلنت إسرائيل أن إيران أطلقت صواريخ بعد سريان وقف النار وسترد عليها 'بقوة'، ضغط الرئيس الأميركي على الدولة العبرية لعدم القيام بذلك. بدورها، كانت إيران تخوض أقسى مواجهة عسكرية منذ الحرب مع العراق (1980-1988). فهي خسرت خلال أيام معدودة، قادة عسكريين كبارا وعلماء نوويين، وتلقت العديد من مواقعها النووية والعسكرية ودفاعاتها الجوية، إضافة الى منشآت مدنية وسكنية، ضربات جوية لم تتضح الى الآن تداعياتها والمدى الزمني الذي تحتاج لإعادة بنائها. وبدا أن ترامب أعطى طهران التي يفرض عليها عقوبات اقتصادية، جرعة حوافز من خلال التأكيد الثلاثاء أنه يمكن للصين مواصلة شراء النفط الايراني. أما إسرائيل، ورغم الضربات القاسية التي وجهتها الى خصومها في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، لكنها تواجه ضغوطا على جبهات عدة، وتلقت جبهتها الداخلية خلال الأيام الماضية، ضربات صاروخية لم تعهدها منذ عقود. وفي حين شكر نتانياهو ترامب على دعمه، رأى تودمان أن الضغط الأميركي الثلاثاء على إسرائيل لعدم شنّ ضربات جديدة على إيران، أظهر لرئيس الوزراء الاسرائيلي حدود الدعم الأميركي للحليف الأبرز للولايات المتحدة في المنطقة. رأى ترامب في الضربة الأميركية نجاحا كبيرا، رغم أن كثرا حذّروا مرارا من أن أي ضربة مماثلة قد تدفع طهران الى تسريع نشاطاتها النووية وصولا ربما الى محاولة تطوير سلاح ذري. وفي حين يكرر ترامب التأكيد أن الضربة أدت الى 'تدمير' البرنامج النووي، أثارت خلاصة تقرير استخباري أميركي أولي شكوكا بهذا الشأن، اذ أفاد بأن الضربات أعادت البرنامج أشهرا فقط إلى الوراء ولم تدمّره. ورأى الباحث في معهد الشرق الأوسط براين كاتوليس أنه ما زال من المبكر الحكم على ثبات وقف إطلاق النار أيضا. وأشار الى أن الدول العربية في الخليج، خصوصا قطر، بذلت جهودا دبلوماسية كبيرة بعيدا من الأضواء، سعيا لإعادة الهدوء الى المنطقة. وقال كاتوليس إن ترامب استخدم تصريحاته ونفوذه في العلن 'لمحاولة ضبط ما تقوم به إيران وإسرائيل، لكن أهمية ذلك هي أقل مقارنة بالدور الذي تقوم به هذه الدول (العربية في الخليج) بشكل متواصل'. ورأى كاتوليس الذي عمل سابقا على ملف الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون، أن إدارة ترامب الجمهورية اعتمدت مزيجا من العمليات العسكرية التكتيكية و'جرعة كبيرة من التواصل الاستراتيجي'، أثار حيرة الأميركيين والعالم على السواء 'بشأن ما نحاول أن نقوم به فعلا'. الأكيد أن استراتيجية ترامب عادت عليه بفوائد جلية في الداخل الأميركي، أقله على المدى القصير. ورأى الباحث في المجلس الأطلسي (أتلانتيك كاونسل) جوناثان بانيكوف إن حملة عسكرية أميركية طويلة 'كانت قادرة على أن تزعزع قاعدة الدعم لترامب'، لكن الآن سيبقى غالبية مناصريه 'موحدين نسبيا'. وفي حين أن المتشددين تقليديا في الحزب الجمهوري رحبوا بالضربات الأميركية على إيران، انتقدها خصومهم الديموقراطيون على نطاق واسع، لكن من دون إجماع على ذلك أيضا. ورأت أنيل شيلين التي تركت إدارة الرئيس السابق جو بايدن احتجاجا على سياساته، وهي حاليا باحثة في معهد كوينسي للحكم الرشيد، أن ثبات وقف إطلاق النار ضروري من وجهة نظر ترامب. ولفتت الى أن نتانياهو مقتنع بأنه يحظى 'بدعم أميركي غير مشروط'، وبناء عليه قامت إسرائيل باستهداف قطاع غزة ولبنان رغم اتفاقات معلنة لوقف إطلاق النار مع حماس وحزب الله. أضافت 'لكن ترامب أظهر أنه قادر على ضبط إسرائيل متى اختار القيام بذلك. الآن عليه القيام بالأمر ذاته والإصرار على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة'. تساؤلات كبيرة عندما أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قاذفات قنابل لقصف مواقع نووية إيرانية مطلع الأسبوع، كان يراهن على أنه يستطيع مساعدة إسرائيل حليفة بلاده في شل برنامج طهران النووي مع عدم الإخلال بتعهده منذ فترة طويلة بتجنب التورط في حرب طويلة الأمد. وبعد أيام قليلة فحسب، يوحي إعلان ترامب المفاجئ يوم الاثنين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد هاجم إيران من أجل إعادتها إلى طاولة المفاوضات. لكن لا تزال هناك قائمة طويلة من التساؤلات الكبيرة التي لم تجد لها إجابة، منها ما إذا كان أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسري بالفعل ويصمد بين خصمين لدودين تحول صراع "الظل" بينهما على مدى سنوات إلى حرب جوية تبادلا فيها الغارات على مدار 12 يوما. ولا يزال من غير المعروف أيضا الشروط التي اتفق عليها الطرفان وغير مذكورة في منشور ترامب الحماسي على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه "وقف إطلاق النار الكامل والشامل" الوشيك، وما إذا كانت الولايات المتحدة وإيران ستعيدان إحياء المحادثات النووية الفاشلة، ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الذي يعتقد عدد من الخبراء أنه ربما نجا من حملة القصف التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال جوناثان بانيكوف نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط سابقا "حقق الإسرائيليون الكثير من أهدافهم... وإيران تبحث عن مخرج... تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه بداية النهاية. يكمن التحدي في وجود استراتيجية لما سيأتي لاحقا". ولا تزال هناك تساؤلات أيضا بشأن ما تم الاتفاق عليه بالفعل، حتى في الوقت الذي عزز فيه إعلان ترامب الآمال في نهاية الصراع الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا. ومما يشير إلى صعوبة الأيام المقبلة، استغرق الأمر ساعات قبل أن تعلن إسرائيل وإيران قبولهما بوقف إطلاق النار الذي قال ترامب إنه توسط فيه. ومع تبادل الاتهامات بين الجانبين بشأن الهجمات الجديدة، كان ترامب حادا على وجه الخصوص في انتقاده النادر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء حين قال للصحفيين "يجب أن أجعل إسرائيل تهدأ الآن". ورغم هشاشة وقف إطلاق النار فإن ذلك لم يمنع ترامب وأنصاره من الاحتفاء بما يعتبرونه إنجازا كبيرا لنهج السياسة الخارجية الذي يسمونه "السلام من خلال القوة". وتحدث ترامب علنا أيضا في الأيام القليلة الماضية عن احتمالات "تغيير النظام" في إيران. وقال محللون إن استعداد طهران لإنهاء العمليات القتالية يظهر رغبة في الحفاظ على حكمها الديني. وذكر ثلاثة مسؤولين إسرائيليين يوم الاثنين أن الحكومة الإسرائيلية تتطلع إلى إنهاء حملتها على إيران قريبا، ونقلوا هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة، لكنهم قالوا إن الأمر يعتمد بشدة على طهران. وقالت لورا بلومنفيلد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن "أما وقد أعلن ترامب 'السلام العالمي' سيكون من الصعب على نتنياهو معارضته علنا". فوضى تغيير النظام في إيران أوضح ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة عندما طُلب منه توضيح منشوره على مواقع التواصل الاجتماعي خلال عطلة نهاية الأسبوع الذي طرح فيه إمكانية تغيير النظام: "لا، لا أريده. أود أن أرى كل شيء يهدأ في أسرع وقت ممكن". وأضاف الرئيس الأمريكي: "تغيير النظام يتبعه فوضى، ومن الناحية المثالية، لا نريد أن نرى كل هذه الفوضى، كما تعلمون، الإيرانيون تجار بارعون جدا، ورجال أعمال ممتازون، ولديهم الكثير من النفط. يجب أن يكونوا على ما يرام. يجب أن يكونوا قادرين على إعادة البناء والقيام بعمل جيد. لن يحصلوا أبدا على سلاح نووي ولكن بخلاف ذلك، ينبغي أن يقوموا بعمل رائع". وكان ترامب قد أثار احتمالية تغيير القيادة في إيران بعد أن ضربت الولايات المتحدة ثلاث منشآت نووية إيرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال على منصته "تروث سوشيال"، الأحد: "ليس من الصواب سياسيا استخدام مصطلح (تغيير النظام)، ولكن إذا كان النظام الإيراني الحالي عاجزا عن جعل إيران عظيمة مجددا، فلماذا لا يكون هناك تغيير للنظام؟". مقامرة ترامب الكبرى خلال الأشهر الأولى من عمر إدارته الحالية خاض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غمار عدة مغامرات مقبلا على المخاطرة، تماما كما كان يفعل عندما كان يملك كازينو للقمار في الماضي. إلا أن الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على إيران في الآونة الأخيرة ربما تمثل أكبر مقامراته حتى الآن. يمثل قرار ترامب غير المسبوق بقصف مواقع نووية إيرانية خطوة طالما تعهد بتجنبها، وهي التدخل عسكريا في حرب خارجية كبرى. ولم يراهن ترامب، في أكبر وربما أخطر تحرك في سياسته الخارجية منذ بدء ولايته الرئاسية، على قدرته على إخراج الموقع النووي الإيراني الرئيسي في فوردو من الخدمة فحسب، وإنما لا يستتبع سوى رد محسوب على الولايات المتحدة. وكانت هناك مخاوف من أن ترد طهران بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، ومهاجمة قواعد عسكرية أمريكية متعددة في الشرق الأوسط وتفعيل نشاط وكلاء لها ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في مناطق مختلفة من العالم. وإذا استطاع ترامب نزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد يتمكن من تهدئة عاصفة انتقادات الديمقراطيين في الكونجرس وتهدئة الجناح المناهض للتدخل في قاعدته الجمهورية التي ترفع شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" بشأن القصف الذي خالف تعهداته الانتخابية. كما سيسمح له ذلك بإعادة التركيز على أولويات السياسة مثل ترحيل المهاجرين غير المسجلين وشن حرب رسوم جمركية ضد الشركاء التجاريين. لكن ترامب ومساعديه لن يتمكنوا من تجاهل الشأن الإيراني والتساؤلات العالقة الخاصة به. وتساءل دنيس روس وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية "هل يصمد وقف إطلاق النار؟... نعم، يحتاجه الإيرانيون، وقد هاجم الإسرائيليون أغلب قائمة الأهداف" التي وضعها الجيش الإسرائيلي. لكن لا تزال العقبات قائمة، إذ يقول روس "ضعفت إيران بشدة، لكن ما هو مستقبل برامجها النووية والصاروخية الباليستية؟ ماذا سيحدث لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب؟ ستكون هناك حاجة للمفاوضات، ولن يكون حل هذه المسائل سهلا". تفتيت تحالف "أمريكا أولا يقول خبراء إن رغم أن المكاسب السياسية المحتملة كبيرة وتعتمد إلى حد كبير على قدرة ترامب على الحفاظ على السلام الهش الذي يسعى لتحقيقه بين إيران وإسرائيل، فإن هناك احتمالا سلبيا يتمثل في خروج الأمور عن سيطرته في ظل ترقب الرأي العام الأمريكي المتشكك. حتى الآن، يبدو أن ترامب كسب الرهان فقد جعل التدخل الأمريكي محدودا وأجبر الطرفين على وقف إطلاق النار. ويقول فراس مقصد المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا "لقد راهن، ومضت الأمور في صالحه". ويبقى أن نرى ما إذا كان وقف إطلاق النار سيصمد. وعبر ترامب يوم الثلاثاء عن إحباطه من شن إسرائيل هجوما على طهران بعد ساعات من إعلانه عن وقف الأعمال القتالية. وإذا لم يصمد الاتفاق، أو إذا ردت إيران في نهاية المطاف عسكريا أو اقتصاديا، فإن ترامب يخاطر بتفتيت تحالف "أمريكا أولا" الذي ساعده على العودة إلى البيت الأبيض. وقال كريس ستايروالت المحلل السياسي في (معهد المشروع الأمريكي) "إذا استمرت إيران تمثل مشكلة بعد ستة أشهر من الآن، فسوف يؤدي ذلك إلى تقويض حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". وقال ستايروالت إن ترامب، بطريقة أو بأخرى، أضعف بالفعل جوهر الحركة بعدما نفذ ما أقسم خلال حملته الانتخابية بأنه لن يفعله وهو إقحام الولايات المتحدة في صراع آخر في الشرق الأوسط. ولعل رسائل ترامب تظهر بالفعل التحديات التي قد تواجهه في الحصول على تأييد قاعدته الشعبية. إذ قال يوم الخميس إنه سيحتاج إلى أسبوعين لتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في الحرب إلى جانب إسرائيل مبررا ذلك بأن الوقت ضروري لتهدئة الأوضاع. وخلافا لتصريحاته، وافق بعد يومين على إرسال قاذفات لمهاجمة منشآت نووية إيرانية مما فاجأ الإيرانيين على الأرجح، بل والكثير من الأمريكيين. وقد يمثل قراره مهاجمة إيران إشكاليات لأي جمهوري يسعى للوصول للرئاسة في الانتخابات المقبلة. ويوضح ستايروالت "في عام 2028، ستكون مسألة التدخل الأجنبي خطا فاصلا. ستشكل اختبارا حاسما في ظل سعي الناس لتعريف ما هي حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". ترك البيت الأبيض إلى حد كبير لنائب الرئيس جيه.دي فانس، أحد أكثر أعضاء الإدارة الأمريكية تأييدا للسياسات الانعزالية، الدفاع عن الضربة الإيرانية في برنامج إخباري يوم الأحد. وينظر إلى فانس باعتباره أحد ورثة حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" بعد مغادرة ترامب لمنصبه. مجازفات كبيرة لم تكن إيران المقامرة الوحيدة الكبيرة التي خاضها ترامب وهو يعلم أن ثمارها بعيدة المنال. فقد أثار استخدامه المتكرر للرسوم الجمركية حالة من عدم اليقين في الأسواق وأذكى المخاوف بشأن التضخم. وفقدت جهوده لتقليص البيروقراطية الحكومية الزخم مع خروج إيلون ماسك من دائرة مستشاريه. وأثارت حملته المتشددة بشأن الهجرة احتجاجات في أنحاء البلاد. لكن إذا نجح ترامب في مسعاه لحمل إيران على التخلي عن طموحاتها النووية، فسوف يكون ذلك إنجازا يمثل إرثا في منطقة أزعجت رؤساء الولايات المتحدة لعقود وجرت البلاد إلى حروب في العراق وأفغانستان. وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء "الحروب الأبدية"، وهو ما قد يكون أحد أسباب قلق الرأي العام الأمريكي من هجومه على إيران. وأظهر استطلاع للرأي لرويترز/إبسوس نشرت نتائجه يوم الاثنين، وأجري قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، أن 36 بالمئة فقط من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون توجيه ضربات للبرنامج النووي الإيراني. وبشكل عام، انخفضت شعبية ترامب إلى 41 بالمئة، وهو أدنى مستوى في ولايته الثانية. كما أظهر الاستطلاع تراجع الدعم لسياسته الخارجية إلى مستويات أقل. قال ديف هوبكنز الخبير في السياسة الأمريكية في كلية بوسطن إن ترامب، عندما أقدم على تنفيذ هجومه المفاجئ على ما يبدو، لم يهتم بتقديم حجج مقنعة للشعب الأمريكي بأن الضربة في صالح الولايات المتحدة. وأضاف "لم نشهد أي نقاش حول اعتبار إيران عدوا رئيسيا للولايات المتحدة أو تمثل تهديدا لها". ودافع البيت الأبيض عن تحركات ترامب واصفا إياها بالضرورية والناجحة. وقالت آنا كيلي المتحدثة باسم البيت الأبيض "في غضون 48 ساعة فقط، حقق الرئيس ترامب ما حلم به أسلافه.. القضاء على القدرات النووية الإيرانية بعد التنفيذ المثالي لعملية 'مطرقة منتصف الليل'، وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء حرب الاثني عشر يوما، وأصبح العالم بأسره أكثر أمانا. يمكن للأمريكيين أن يناموا ملء جفونهم وهم يعلمون أن بلدهم آمن بفضل الرئيس ترامب". قال هوبكنز إن تباهي ترامب بفرضه وقفا لإطلاق النار كان جزءا من نمط متكرر. فعندما كان مرشحا، قال ترامب إن بإمكانه إنهاء الحرب في أوكرانيا وغزة لكنه اكتشف منذ ذلك الحين أنه لا يستطيع إخضاع روسيا وإسرائيل لإرادته. وفي الواقع، حذا ترامب حذو إسرائيل بضربه إيران وليس العكس. يتماشى هذا الهجوم مع نهج ترامب في ولايته الثانية في التصرف بجرأة من دون دعم شعبي واسع. ولأنه في فترة رئاسته الثانية والأخيرة فهو لا يقلق من مواجهة الناخبين مجددا، ويعمل مع كونجرس يسيطر عليه الجمهوريون. وعلى هذا المنوال، شهدت الأشهر الأولى من ولاية ترامب طرده آلاف الموظفين الحكوميين ومنحه الضوء الأخضر لمداهمات تتعلق بالهجرة وعمليات ترحيل مما تسبب في اندلاع احتجاجات وتآكل العمالة اليدوية وإقامة حواجز تجارية على تدفق البضائع والآن يقصف دولة في الشرق الأوسط. تقول أليسون ستانجر أستاذة العلوم السياسية في كلية ميدلبري إن الثمن السياسي قد لا يدفع فورا لكنه قد يأتي متمثلا في استمرار الاضطرابات المدنية في أمريكا أو مكاسب للحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس العام المقبل. وأضافت ستانجر "الخطر السياسي الذي يواجهه ترامب لا يكمن في تأزم الوضع في الحال... بل يتمثل في زيادة تدريجية في الشعور بالاستياء الذي أثاره على جبهات متعددة، خارجية وداخلية".


شبكة النبأ
منذ 2 أيام
- سياسة
- شبكة النبأ
الطاقة النووية في إيران: حقيقة نجاة "يورانيوم" منشأة فوردو من هجمات أميركا
تفتح هذه التطورات بابًا واسعًا أمام التساؤل حول مستقبل الطاقة النووية في إيران، لا سيما في ظل استمرار الضغوط الغربية، والتلويح بخيارات عسكرية متكررة، ومع نفي طهران تعرُّض منشآتها لأضرار مؤثّرة، وتأكيدها استمرار البرنامج النووي، يتّضح أن النزاع ما زال بعيدًا عن التسوية... أثارت الضربات الجوية الأميركية، تساؤلات واسعة بشأن مستقبل الطاقة النووية في إيران، بعدما استهدفت منشآت رئيسة، من بينها موقع فوردو شديد التحصين، وبينما تحدثت واشنطن عن نجاح "مدوٍّ" في تدمير المنشآت النووية، سارعت طهران لنفي تعرُّضها لأضرار كبيرة، مؤكدةً أنها اتخذت تدابير وقائية مسبقة، ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شاركت في الضربات قاذفات من طراز بي-2، إضافة إلى إطلاق 30 صاروخ توماهوك، في حين استُعملت 6 قنابل خارقة للتحصينات ضد منشأة فوردو تحت الأرض. وجاءت الهجمات الأميركية على منشآت الطاقة النووية في إيران، في الساعات الأولى من اليوم الأحد 22 يونيو/حزيران 2025، عقب تصعيد متواصل أعقب هجومًا إسرائيليًا على مواقع إيرانية حسّاسة. ورغم النبرة التصعيدية لخطابات المسؤولين الأميركيين، فإن الرواية الإيرانية حملت تأكيدات بنقل المواد الحسّاسة قبل الضربات، وتحديدًا احتياطيات اليورانيوم المخصب. في المقابل، لم تخلُ الرواية الأميركية من استعراض قوة، عبر تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وبيانات إعلامية من مسؤولين دفاعيين بارزين. أمّا على الأرض، فقد شهدت مناطق إيرانية تحركات جوية وانفجارات، وسط تضارب في التفاصيل بشأن نتائجها المباشرة. قال ترمب، إن الضربات الجوّية دمّرت 3 مواقع نووية أساسية في إيران: فوردو، ونطنز، وأصفهان، وأضاف أن إيران "إمّا أن تختار السلام أو تواجه المأساة"، مشيرًا إلى وجود أهداف إضافية جاهزة للاستهداف إذا لم تستجب طهران للمطالب الأميركية. وأوضح ترمب أن قنابل خارقة للتحصينات استهدفت منشأة فوردو تحديدًا، مؤكّدًا في تغريدة لاحقة على منصته "تروث سوشيال" أن "فوردو قد اختفت"، هذا التوصيف لم تؤكده جهات مستقلة، في وقت التزمت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحذر، وأكدت عدم رصد أيّ زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع. منشأة فوردو النووية جاءت الرواية الإيرانية مغايرة تمامًا لما أعلنته واشنطن، إذ أكّد النائب عن مدينة قم الإيرانية القريبة من المنشأة، محمد منان رئيسي، أن "فوردو" لم تتعرض لأضرار كبيرة، ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤولين قولهم، إن جزءًا من الموقع استُهدف بضربات، لكنها لم تكن فعّالة. كما أوضح نائب رئيس الشؤون السياسية في هيئة الإذاعة والتلفزيون، حسن عابديني، أن المواقع النووية الثلاثة قد أُخليت من المواد الحسّاسة قبل الهجوم، مضيفًا أن اليورانيوم المخصب نُقل مسبقًا إلى أماكن آمنة، وقد دعم هذا التصريح ما أفادت به الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن مستويات الإشعاع لم تتغيّر بعد الضربات، ما يعزّز فرضية سلامة المخزون النووي من التسرّب أو الضرر المباشر. الرد الإيراني على الهجمات قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن ما حدث يمثّل انتهاكًا خطيرًا" لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة حظر الانتشار النووي، مضيفًا أن "إيران تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن سيادتها ومصالحها". في المقابل، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران لن توقف تطوير "صناعتها النووية الوطنية"، بينما بثّ التلفزيون الإيراني تصريحات لمعلّقين وصفوا الجنود الأميركيين في المنطقة بأنهم "أهداف مشروعة" في حال استمرار التصعيد. الموقف الإسرائيلي كانت الأزمة الحالية قد تفجّرت عقب غارات إسرائيلية على مواقع نووية وعسكرية إيرانية في 13 يونيو/حزيران، ما دفع طهران إلى الردّ بصواريخ استهدفت مناطق في وسط إسرائيل وشمالها، وتوسّعت الهجمات المتبادلة لاحقًا لتطال منشآت نفطية. وأكدت وزارة الصحة الإسرائيلية، اليوم الأحد، إصابة 86 شخصًا، بينما أظهرت لقطات مصوّرة من تل أبيب وحيفا حجم الدمار الذي طال منازل ومركبات في عدّة شوارع، مع انتشار فرق الإنقاذ بين الأنقاض. مستقبل الطاقة النووية في إيران.. إلى أين؟ تفتح هذه التطورات بابًا واسعًا أمام التساؤل حول مستقبل الطاقة النووية في إيران، لا سيما في ظل استمرار الضغوط الغربية، والتلويح بخيارات عسكرية متكررة. ومع نفي طهران تعرُّض منشآتها لأضرار مؤثّرة، وتأكيدها استمرار البرنامج النووي، يتّضح أن النزاع ما زال بعيدًا عن التسوية. أمّا مصير اليورانيوم المخصب في فوردو، فما يزال غامضًا رغم الروايات الرسمية، ليبقى هذا الملف مصدرًا دائمًا للتوتر الجيوسياسي في المنطقة.