أحدث الأخبار مع #الطيران_الجبلي

سائح

مطار كورشوفيل الفرنسي: مهبط الطائرات بين الجبال والثلوج

في قلب جبال الألب الفرنسية، وتحديدًا في منطقة سافوا، يقع واحد من أكثر المطارات إثارة للدهشة والرهبة في العالم: مطار كورشوفيل. ليس مجرد مرفق للنقل الجوي، بل هو تحدٍ حقيقي للطيران وللمهارات البشرية، ومَعْلم لا يقل أهمية عن منتجعات التزلج المحيطة به. يخدم المطار المنتجع الشهير كورشوفيل 1850، أحد أفخم وأغلى وجهات التزلج في أوروبا والعالم، ويستقبل زواره من نخبة المسافرين من كل أنحاء العالم. ما يميز هذا المطار لا يقتصر فقط على موقعه المرتفع وسط الجبال، بل يمتد إلى تفاصيله التقنية والهندسية، ومساره القصير والمنحدر، الذي يجعل الهبوط والإقلاع منه مغامرة بحد ذاتها. مطار كورشوفيل ليس للجميع، بل يتطلب طيارين مدربين تدريبًا خاصًا، وتجهيزات دقيقة، ومهارة فائقة في التعامل مع الأحوال الجوية الجبلية التي تتغير بسرعة. مدرج فريد من نوعه: الانحدار الذي يختبر الطيارين يُعد مدرج مطار كورشوفيل من بين الأقصر والأكثر تحديًا في العالم، إذ يبلغ طوله حوالي 525 مترًا فقط، مقارنة بالمدارج التقليدية التي يتجاوز طولها عادة 2000 متر. لكن التحدي لا يقف عند الطول القصير، بل في انحداره الحاد بنسبة 18.5%، وهو ما يجعل عملية الهبوط أكثر تعقيدًا وخطورة. المدرج ليس مستويًا بل مائلًا، مما يعني أن الطائرة تهبط من الأعلى وتنزلق إلى الأسفل، أو تقلع من الأسفل متجهة صعودًا، وهي زاوية لا تسمح بأي مجال للخطأ أو لتعديل المسار. كما أن المطار محاط بجبال عالية تمنع الهبوط الآلي، ما يجبر الطيارين على استخدام مهاراتهم في الطيران البصري (Visual Flight Rules). بسبب هذه التحديات، يُطلب من الطيارين الراغبين في الهبوط أو الإقلاع من كورشوفيل الحصول على تدريب خاص ورخصة إضافية تؤهلهم للطيران إلى هذا الموقع الفريد. وجهة للنخبة... وخدمة استثنائية على الرغم من طبيعته الخطرة، يظل مطار كورشوفيل وجهة محببة لنخبة الزوار. فهو يخدم مباشرة منتجع كورشوفيل 1850 الفاخر، الذي يُعرف بكونه أحد أغلى وأرقى منتجعات التزلج في العالم، حيث تقيم فيه شخصيات من العائلات المالكة، والمشاهير، ورجال الأعمال، ممن يفضلون الوصول بسرعة وراحة إلى وجهتهم دون المرور بالمطارات الكبرى. المطار مجهز لاستقبال الطائرات الصغيرة والطائرات الخاصة والمروحيات، وتتوفر فيه خدمات فاخرة للضيوف، بما في ذلك النقل المباشر إلى الفنادق والمنتجعات، أو حتى عبر عربات الثلج. هذه الخدمة المتكاملة تعزز من مكانة كورشوفيل كوجهة شتوية حصرية لا مثيل لها. جمال الطبيعة والتحدي في كل رحلة ما يميز مطار كورشوفيل أيضًا هو المشهد الطبيعي المذهل الذي يحيط به. أثناء الهبوط أو الإقلاع، يمر المسافر فوق قمم الجبال المغطاة بالثلوج، والغابات الصنوبرية، والوديان العميقة، في مشهد بانورامي لا يُنسى. هذه التجربة البصرية المذهلة تضيف إلى الرحلة شعورًا بالمغامرة والجمال النقي. ورغم التحديات التي يفرضها المطار، فإنه يُدار بمعايير عالية من السلامة والتنظيم، ويخضع لمراقبة دقيقة من الجهات المختصة، بما يضمن توفير تجربة طيران فريدة ولكن مدروسة ومحسوبة. مطار كورشوفيل الفرنسي ليس مجرد نقطة وصول، بل هو جزء من تجربة السفر بحد ذاته. هو عنوان للترف، والتميز، والتحدي، ومسرح لمغامرة تبدأ حتى قبل أن تصل إلى منتجع التزلج. سواء أتيت إليه سائحًا شغوفًا بالمغامرات الشتوية، أو راكبًا يبحث عن الخصوصية والفخامة، فإن مجرد الهبوط على مدرجه سيترك في ذاكرتك انطباعًا لا يُمحى.