منذ 4 أيام
جمهورية الصومال.. أرض اللبان والبخور التي أنهكتها الحروب
تقع جمهورية الصومال في منطقة القرن الأفريقي بأقصى شرق القارة الأفريقية ، وتحتل موقعا جغرافيا متميزا على مفترق الطرق بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، مما بوأها على مر التاريخ أهمية تجارية وإستراتيجية استثنائية.
ورغم ما واجهه الصومال من أزمات ممتدة وصراعات داخلية معقدة، فإنه يظل أحد البلدان الأفريقية التي تزخر بتنوع طبيعي وبشري، وتتميز بإرث تاريخي غني ضارب في القدم.
مر الصومال بتجارب سياسية متنوعة، بين حكم مدني وعسكري، وحرب أهلية طاحنة أوصلته إلى حافة الدولة "الهشة" في تسعينيات القرن العشرين، كما عاش محطات تاريخية تداخلت في رسم معالمها عوامل قبلية محلية وتأثيرات خارجية أسهمت في تحديد ملامح الصومال المعاصر.
الاسم: جمهورية الصومال الفدرالية.
الاسم المختصر: الصومال.
العاصمة: مقديشو.
العلم: يتكون العلم الصومالي من خلفية زرقاء ناصعة ترمز إلى سماء البلاد والمحيط الهندي الذي يحيط بها، وتتوسطه نجمة خماسية بيضاء تشير إلى الوحدة بين الصوماليين في المناطق الصومالية الخمس التي تمثل مجموع أراضي البلاد (جوبا الوسطى، وجوبا السفلى، وجدو، وباي، وبكول). وتم اعتماد العلم عام 1954 أثناء فترة الاستعمار، قبل أن يصبح علما رسميا بعد الاستقلال عام 1960.
الأقاليم/التقسيمات الإدارية
تتكون جمهورية الصومال الفدرالية من 18 منطقة إدارية رئيسية (ولايات) تُعرف باسم "جوبول"، وتنقسم بدورها إلى 90 مقاطعة تسمى "دجمويين".
يختلف تطبيق النظام الإداري بين المناطق، إذ تتبع بعضها الحكومة الفدرالية بشكل مباشر، بينما تتمتع أخرى بدرجات متفاوتة من اللامركزية الإدارية.
المساحة
تبلغ مساحة جمهورية الصومال حوالي 637657 كيلومتر مربع. وتحتل المرتبة 20 أفريقيا من حيث المساحة.
تمثل اللغة في الصومال انعكاسا حقيقيا لتاريخ البلاد وموقعها الإستراتيجي، إذ يتشكل المشهد اللغوي من طبقات متنوعة تتداخل بين ما هو رسمي وتاريخي واجتماعي.
تتصدر اللغة الصومالية هذا المشهد باعتبارها لغة وطنية يتواصل بها معظم السكان في حياتهم اليومية، وتنقسم إلى ثلاث لهجات رئيسية تتنوع حسب المناطق. أما اللغة العربية فلها حضور قوي في المجال الديني والتعليمي والثقافي، ولذلك نص عليها الدستور لغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة الصومالية، وإن كان استخدامها اليومي محدودا مقارنة مع هذه الأخيرة.
وتستخدم اللغة الإنجليزية في القطاعات الرسمية، مما يجعلها لغة أكاديمية ودبلوماسية، في حين تظل اللغة الإيطالية حبيسة الأرشيفات والتراث القانوني الصومالي.
كما تستخدم لغات الأقليات مثل البانتو والسواحلية في جيوب لغوية محدودة، إذ لا يتعدى تأثيرها المستوى المحلي.
تاريخ الاستقلال
في الأول من يوليو/تموز 1960، شهد القرن الأفريقي ميلاد جمهورية الصومال الموحدة، بعد أن اتحد شطراها البريطاني والإيطالي في كيان واحد.
جاء هذا الحدث تتويجا لمسيرة نضال طويل ضد الاستعمار، إذ نال الجزء الصومالي الذي كان تحت الاستعمار البريطاني استقلاله في 26 يونيو/حزيران 1960، وتلته الأراضي الصومالية التي كانت خاضعة للاحتلال الإيطالي بعد خمسة أيام فقط، ليتحد الطرفان رسميا تحت علم واحد في الأول من يوليو/تموز 1960، وخلد هذا التاريخ عيدا وطنيا يحتفل به الشعب الصومالي كل سنة.
النظام السياسي
يعتمد النظام السياسي في جمهورية الصومال الفدرالية على دستور مؤقت تم إقراره عام 2012، ويشكل إطارا تنظيميا لمرحلة انتقالية تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة بعد عقود من الاضطرابات.
والصومال دولة فدرالية تتكون من 18 ولاية، تتمتع كل منها بقدر متفاوت من الحكم الذاتي، ضمن هيكل حكومي يسعى إلى التوازن بين السلطة المركزية في مقديشو والإدارات المحلية في الولايات المختلفة.
تتكون السلطة التنفيذية في جمهورية الصومال من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ومجلس الوزراء، وتناط بها مهام إدارة شؤون الدولة وتطبيق القوانين والسياسات العامة.
رئيس الجمهورية هو رأس الدولة، وينتخبه أعضاء مجلسي البرلمان لفترة ولائية تمتد أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
من صلاحيات الرئيس تعيين رئيس الوزراء وتمثيل الدولة في المحافل الدولية والتصديق على القوانين، علاوة على اعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.
أما رئيس الوزراء فهو رئيس الحكومة والمسؤول الأول عن تشكيل مجلس الوزراء وإدارة الشؤون التنفيذية، يعينه رئيس الجمهورية ويعرض على البرلمان للمصادقة على تعيينه، بينما يتكون مجلس الوزراء من وزراء يعملون على تنفيذ السياسات الحكومية.
السلطة التشريعية
تتألف السلطة التشريعية في جمهورية الصومال من برلمان اتحادي مكون من غرفتين: مجلس الشعب -الذي يضم 275 عضوا- ومجلس الشيوخ -الذي يتكون من 54 عضوا- وينتخب أعضاء مجلس الشعب من مختلف الولايات الفدرالية وفق نظام تمثيلي خاص، في حين يشكل مجلس الشيوخ من ممثلي الولايات، ليعكس الطابع الفدرالي للدولة ويضمن مشاركة الأقاليم في عملية التشريع.
يتمتع البرلمان بسلطات تشمل مناقشة مشاريع القوانين والمصادقة عليها، والموافقة على تشكيل الحكومة وبرامجها، وسحب الثقة منها عند الضرورة، إضافة إلى دور رقابي على أعمال السلطة التنفيذية.
ويعد انتخاب رئيس الجمهورية من أبرز صلاحيات البرلمان المشترك بغرفتيه، ما يمنح السلطة التشريعية ثقلا سياسيا محوريا في النظام السياسي الصومالي.
تعتبر السلطة القضائية ركيزة أساسية في هيكل الحكم الاتحادي (الفدرالي)، وتتولى مسؤولية الفصل في المنازعات وتطبيق العدالة وفقا لما ينص عليه الدستور وقوانين البلاد.
إعلان
يتكون النظام القضائي في الصومال من محكمة اتحادية عليا تمثل أعلى سلطة قضائية في البلاد، ومحاكم استئناف اتحادية، ثم محاكم ابتدائية فرعية تنتشر في مختلف الولايات.
يشرف مجلس القضاء الأعلى على شؤون القضاء ومن مهامه ضمان نزاهته واستقلاليته، وتعين أعضاءه السلطتان التنفيذية والتشريعية وفق إجراءات محددة.
تواجه السلطة القضائية في الصومال تحديات كبيرة، تتمثل أساسا في ضعف البنية التحتية، ونقص الكوادر المؤهلة، علاوة على التداخل القائم بين النظام القضائي الرسمي للدولة والنظم العرفية التي لا يزال لها دور محوري في حل النزاعات، لا سيما في المناطق الريفية.
شهد النظام السياسي في الصومال تعديلات دستورية في مارس/آذار 2024، شملت أربعة فصول من دستور 2012، بهدف الانتقال من نظام الانتخابات غير المباشرة القائم على المحاصصة العشائرية، إلى الاقتراع المباشر بحلول عام 2026، مع إلغاء منصب رئيس الوزراء واستحداث منصب نائب الرئيس ضمن هيكل حكومي رئاسي.
العملة
عملة جمهورية الصومال الرسمية هي "الشيلينغ الصومالي". ورغم أنها هي العملة الرسمية، فإن البلاد تشهد استخداما واسعا للعملات الأجنبية، لا سيما الدولار الأميركي، في المعاملات التجارية، بسبب ضعف العملة المحلية وتفاوت قيمتها من منطقة لأخرى، خصوصا في ظل غياب طباعة موحدة للأوراق النقدية بالعملة الرسمية للبلاد.
الموقع
تقع جمهورية الصومال في القرن الأفريقي، وتمتد على مساحة تقدّر بحوالي 637657 كيلومترا مربعا. تتميز بموقع إستراتيجي على مفترق طرق بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو ما جعلها تاريخيا نقطة اتصال تجاري وثقافي بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
يحدها خليج عدن من الجهة الشمالية، وكينيا من الجنوب الغربي، بينما تحدها من الجنوب الغربي والغرب إثيوبيا ، ومن الشمال الغربي جيبوتي. أما شرقا فيحدها المحيط الهندي بساحل طويل يزيد عن 3 آلاف كيلومترا، مما يجعلها من الدول التي لها أطول السواحل البحرية في القارة.
الجغرافيا
تغطي جمهورية الصومال مساحة جغرافية واسعة، وتتميز بتنوع طبيعي يعكس تباينات كبيرة بين مناطقها المختلفة، وتتكون الأراضي الصومالية في معظمها من سهول ساحلية منخفضة، وهضاب متدرجة تمتد على طول المناطق الداخلية.
وفيها أيضا سلاسل جبلية في الشمال الغربي، أبرزها جبال "غوليس"، حيث يقع جبل "شيمبيريس" الذي يعد أعلى قمة في البلاد بارتفاع يصل إلى نحو 2400 متر فوق سطح البحر.
تغلب السهول شبه الجافة على التضاريس في المناطق الوسطى والجنوبية، وتقطعها أودية موسمية جافة تُعرف محليا باسم "توغ"، ويعتبر نهرا "شبيلي" و"جوبا" أبرزها، نظرا لكونهما النهرين الوحيدين الدائمين في البلاد، وينبعان من إثيوبيا ويمران عبر الجنوب الصومالي، مما يجعلهما مصدرا حيويا للري والنشاط الزراعي.
رغم اتساع رقعة السهول على أراضي الصومال، إلا أن جزءا كبيرا منها يظل غير صالح للزراعة بسبب استمرار موجات الجفاف والتصحر، الأمر الذي دفع الصوماليين إلى الاعتماد على الرعي البدوي بديلا اقتصاديا عن الزراعة.
المناخ
تتميز جمهورية الصومال بمناخ صحراوي شبه جاف، يتسم بارتفاع درجات الحرارة طيلة العام وقلة التساقطات المطرية، ما يجعل الظروف المناخية قاسية في أغلب مناطق البلاد.
ويتفاوت المناخ بين المناطق الساحلية والداخلية، إذ تكون المناطق الساحلية أكثر رطوبة نسبيا، بينما تعاني الهضاب والسهول الداخلية من الجفاف الحاد.
وتقسم السنة المناخية في الصومال إلى أربعة فصول رئيسية، تنعكس بشكل مباشر على حياة السكان ونمط الإنتاج الزراعي والرعوي:
موسم "غو": وهو موسم الأمطار الرئيسي، ويمتد من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران، ويُعد الأكثر أهمية لارتباطه بالنشاط الزراعي.
موسم "جيلال": وهو موسم جاف شديد الحرارة، يمتد من ديسمبر/كانون الأول إلى مارس/آذار، ويعد الأصعب مناخيا على السكان والمواشي.
موسم "داير": وهو موسم أمطار ثانوي، يستمر من أكتوبر/تشرين الأول إلى نوفمبر/تشرين الثاني، ويوفر دعما إضافيا للإنتاج الزراعي والرعوي.
موسم "هاغاي": وهو فصل جاف معتدل، يمتد من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول.
وتشكل ظاهرتا الجفاف المتكرر والفيضانات المفاجئة تحديا بيئيا حقيقيا في الصومال، إذ تؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي ونفوق الماشية ونزوح السكان، مما يفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية في البلاد.
السكان
قُدر عدد سكان جمهورية الصومال مع بداية عام 2025 بأكثر 19 مليون نسمة، ويعرف المجتمع الصومالي بتجانسه النسبي من حيث العرق واللغة والدين، إذ تنتمي الغالبية العظمى إلى العرق الصومالي، ويتحدث السكان لغتين رسميتين هما الصومالية والعربية.
أما التجانس الديني فيتمثل في اعتناق أكثر من 99 % من الصوماليين دين الإسلام وفق المذهب السني الشافعي. ويشكل هذا التجانس عامل استقرار اجتماعي مهم، إلا أن الولاء القوي للانتماءات العشائرية يظل من أبرز العوامل المؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية، وله دور محوري في تفاقم النزاعات الداخلية والصراع حول إدارة الحكم.
ينقسم الصوماليون من حيث نمط العيش إلى ثلاث فئات سكانية:
الرعاة الرحل: الذين يعتمدون على تربية الإبل والماشية ويتنقلون باستمرار بحثا عن الماء والكلأ.
المزارعون المستقرون: وتجدهم يستوطنون المناطق الجنوبية الخصبة مثل ولايات شبيلي السفلى وجوبا.
السكان الحضريون: الذين يقيمون في المدن الكبرى مثل مقديشو وهرجيسا وبوصاصو وجروي، حيث تتركز الأنشطة الاقتصادية الحديثة والخدمات الحكومية.
ورغم الثروات الطبيعية والإمكانات البشرية، يعاني السكان من تحديات كبيرة، تشمل ارتفاع معدلات الفقر والأمية والبطالة والنزوح الداخلي، فضلا عن تداعيات الحروب الأهلية والكوارث المناخية.
محطات تاريخية
يمتد تاريخ الصومال عبر قرون طويلة، وبدأ مع نشأة حضارات الممالك الساحلية، مرورا بفترات النفوذ الإسلامي والتنافس الأوروبي، قبل أن يصل إلى مرحلة تأسيس الدولة الحديثة وما تبعها من أزمات وتحولات سياسية.
العصور القديمة والوسطى
شهدت السواحل الصومالية منذ الألفية الأولى قبل الميلاد نشاطا تجاريا كبيرا مع الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية، إذ سميت المنطقة آنذاك بـ"أرض اللبان والبخور".
وإبان القرون الوسطى ازدهرت ممالك ومدن ساحلية إسلامية مثل مقديشو وزيلع وبربرة، ومركا، وكلها مناطق كانت مراكز تجارية وثقافية مزدهرة على طول الساحل المطل على المحيط الهندي، وارتبطت تجاريا ودينيا بالعالمين العربي والهندي.
مع اشتداد التنافس الأوروبي في القرن التاسع عشر، خضعت أجزاء من الصومال للسيطرة الاستعمارية، فقسمت القوى الكبرى البلاد إلى ثلاث مناطق رئيسية، إذ تمركز الاحتلال البريطاني في مناطق الشمال، في حين سيطر الإيطاليون على الجنوب، والفرنسيون على الجهة الغربية، التي أصبحت لاحقا دولة جيبوتي.
واجه الصوماليون الهيمنة الأوروبية على أراضيهم بمقاومة شرسة، تجلت أساسا في حركة الدراويش، التي قادها الشيخ محمد عبد الله حسن ضد الاحتلالين البريطاني والإيطالي مطلع القرن العشرين.
في 1 يوليو/تموز 1960 توحد الإقليمان الإيطالي والبريطاني لتشكيل جمهورية الصومال المستقلة، واختير عدن عبد الله عثمان أول رئيس للجمهورية، بينما أصبحت مقديشو العاصمة السياسية للبلاد.
وشهد الصومال أثناء العقد الأول بعد استقلاله تجربة ديمقراطية برلمانية محدودة، سرعان ما تعثرت بفعل الانقسامات السياسية والعشائرية.
الحكم العسكري والحرب الأهلية
في عام 1969 استولى الجنرال محمد سياد بري على الحكم بانقلاب عسكري وأسس نظاما اشتراكيا متحالفا مع الاتحاد السوفياتي آنذاك، وعلى الرغم من بعض محاولات التحديث، أدى الحكم السلطوي والقمع السياسي، إلى جانب هزيمة الجيش الصومالي في حرب أوغادين ضد إثيوبيا (1977-1978)، إلى تآكل شرعية النظام، فعاش الصومال على وقع أزمات متتالية، إلى أن سقط نظام سياد بري عام 1991.
دخلت البلاد بعد ذلك في نفق مظلم بعد اندلاع حرب أهلية طاحنة، أسفرت عن انهيار مؤسسات الدولة، وظهور كيانات إدارية وجماعات مسلحة تتنافس على الحكم بالسلاح.
مرحلة ما بعد الانهيار وبناء الدولة الفدرالية
في أواخر تسعينيات القرن العشرين، شهدت الصومال محاولات متعددة لإعادة بناء الدولة، تمثلت في مبادرات قادتها قوى إقليمية ودولية، دون أن تحقق نجاحا يستقر بموجبه الوضع فترة طويلة.
استمر الوضع المضطرب إلى 2004، حين أُعلن عن تشكيل الحكومة الانتقالية الفدرالية، التي تم الاعتراف بها دوليا حكومة مؤقتة لجمهورية الصومال في أبريل/نيسان 2004، واستمرت في قيادة البلاد حتى عام 2012، عندما تم إقرار دستور مؤقت، أعاد تأسيس جمهورية الصومال دولة فدرالية تتكوّن من ولايات إقليمية تتمتع بقدر من الحكم الذاتي.
أبرز المعالم
رغم ما شهدته جمهورية الصومال من صراعات ممتدة وتحديات تنموية، لا تزال البلاد تحتفظ برصيد غني من المعالم التاريخية والثقافية والطبيعية التي تعكس عراقة حضارتها وثرائها الجغرافي.
إعلان
وتتنوع هذه المعالم ما بين آثار مدن ساحلية قديمة ومواقع دينية وتاريخية، إضافة إلى مناظر طبيعية خلابة ومناطق جذب سياحي واعدة.
من أقدم الأحياء في العاصمة مقديشو، تضم بقايا الأبنية المعمارية الإسلامية التي تعود إلى القرنين الـ13 والـ15 الميلادي، عندما كانت المدينة مركزا تجاريا رئيسيا على سواحل المحيط الهندي.
تشمل المعالم البارزة فيها منارات ومساجد قديمة، أبرزها مسجد الفتح، وأزقة حجرية ضيقة تعكس عراقة الطابع المعماري للساحل السواحلي.
مغارات لاس جيل
تقع هذه المغارات قرب مدينة هرجيسا شمال البلاد، وتضم رسوما صخرية قديمة يقدر عمرها بأكثر من 5 آلاف سنة، وتعتبر بذلك من بين الأقدم في أفريقيا.
تظهر الرسوم في هذه المغارات مشاهد لأبقار مزينة وطقوس دينية مختلفة، يمكن اعتبارها شاهدا مهما على حياة ما قبل التاريخ في منطقة القرن الأفريقي.
زيلع
مدينة تاريخية تقع في شمال غرب البلاد قرب الحدود مع دولة جيبوتي، كانت مركزا اقتصاديا مزدهرا أثناء العصور الإسلامية الوسطى، وميناء مهما يستقطب النشاط التجاري بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والهند.
تضم المدينة آثارا لمساجد وأبراج وأسوار قديمة، وهي مرتبطة بتاريخ "سلطنة عدل" ومقاومتها للنفوذ الإثيوبي والمسيحي في القرن الـ16 بقيادة الإمام أحمد الغري.
للصومال ساحل ممتد زاخر بالمناظر الطبيعية الخلابة، وتعد شواطئ ليدو في مقديشو إحدى الوجهات المفضلة للعائلات والسياح المحليين.
كما تمتاز مدن مثل بوصاصو وبربرة بسواحل نقية ومياه فيروزية جميلة، ما يجعل منها وجهات سياحية متميزة، توفر فرصا استثمارية واعدة في المجال السياحي.
جبال غوليس وجبل شيمبيريس
تضفي المرتفعات الشمالية تنوعا بيئيا وجماليا على المشهد الطبيعي في الصومال، خاصة جبال غوليس التي تعد من أغنى المناطق من حيث التنوع البيولوجي، وتوفر مناخا معتدلا نسبيا.
ويقع في هذه السلسلة جبل شيمبيريس، أعلى قمة في البلاد، وهو منطقة مثالية للتنزه وتسلق الجبال.
الاقتصاد
يعتمد الاقتصاد الصومالي على مزيج من الموارد التقليدية والأنشطة الاقتصادية الحديثة التي تعكس واقع البلاد الجغرافي والاجتماعي. وتشكل الزراعة وتربية المواشي العمود الفقري للاقتصاد في الصومال، إذ تمثل الثروة الحيوانية المصدر الرئيسي للصادرات.
يكتسي القطاع الزراعي، بما في ذلك الرعي وصيد الأسماك، أهمية بالغة في بنية الاقتصاد الصومالي، إذ يساهم بنحو 65% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل أكثر من 50% من القوى العاملة.
ورغم أهميته، يعاني هذا القطاع من التحديات المناخية المتمثلة أساسا في استمرار موجات الجفاف والفيضانات، مما يؤثر سلبا على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
وللتحويلات المالية من المغتربين الصوماليين دور محوري في دعم الاقتصاد المحلي، إذ تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي.
استنادا إلى بيانات رسمية صادرة عن البنك الدولي ، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصومال في عام 2023 نحو 10.97 مليار دولار أميركي، مع نمو سنوي قدره 4.2%، وهو معدل يظهر تحسنا نسبيا مقارنة بالسنوات السابقة، بفضل زيادة التحويلات المالية من الخارج والمساعدات الدولية للبلاد.
كما سجل معدل التضخم عام 2024 حوالي 5.5%، وهو انخفاض طفيف مقارنة بالعام 2023، مما يعد مؤشرا على تحسن نسبي في استقرار الأسعار.
أما معدل البطالة ، فقد بلغ 18.9% من إجمالي القوى العاملة في عام 2024، مع تفاوت كبير بين المناطق الحضرية والريفية، وبين الرجال والنساء، إذ تواجه النساء معدلات بطالة أعلى من الرجال.
يعاني الميزان التجاري الصومالي من عجز مزمن، إذ اتسع العجز إلى 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ60.8% في عام 2023، نتيجة الاعتماد الكبير على الواردات، خاصة في مجالات الغذاء والدواء.
تشكل التحويلات المالية من الخارج مصدرا حيويا للاقتصاد، إذ بلغت 15.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مما يساعد في دعم الاستهلاك المحلي وتخفيف حدة الفقر.
وشهد الصومال تقدما كبيرا في ملف تخفيف أعباء الدين الخارجي، فقد تم إلغاء 99% من ديونها لدى نادي باريس في مارس/آذار عام 2024، حين أعفيت الصومال من ديون تقدر بـ1.2 مليار دولار، وذلك في إطار مبادرة من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي ، مما خفض نسبة الدين من 64% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 إلى أقل من 6% بنهاية عام 2023.
وفي التاسع من أبريل/نيسان 2025، أعلن صندوق النقد العربي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية الصومال الفدرالية، تهدف إلى إعادة هيكلة المديونية المستحقة للصندوق على الصومال والمقدرة بـ306.5 ملايين دولار، وذلك بما يسهم في تخفيف الأعباء المالية وتعزيز قدرة الصومال على الاستمرار في مسار الإصلاح الاقتصادي والتنمية المستدامة.