٠٣-٠٧-٢٠٢٥
عمل التنقيب في مواقع روما التاريخية يبدأ فجرا لتفادي آثار الحر
في موقع أثري شديد الحرارة بالمنتدى الروماني، كان عامل البناء جوليو فاريتشيو يتفقد بين الحين والآخر هاتفه ويراقب مستويات المخاطر الصحية على العمال.
ففي حال أظهر موقع «ووركلايميت» Worklimate الذي وفرته الحكومة خطرا «عاليا» في العاصمة الإيطالية، يستطيع هو وزملاؤه مغادرة ورشة التنقيب عند الساعة 12:30 ظهرا، على ما يوضح العامل (54 عاما)، وفقا لوكالة «فرانس برس».
ويعود ذلك إلى أن موجة الحرّ التي تجتاح جنوب أوروبا راهنا، دفعت 15 من 20 منطقة في إيطاليا، من بينها لاتسيو التي تضم العاصمة الإيطالية، إلى فرض تعليق العمل في الهواء الطلق بين الساعتين 12:30 ظهرا والرابعة عصرا، إذا تجاوزت المخاطر على الصحة العتبة المقبولة، لا سيما في مواقع البناء والمشاريع الزراعية.
وقدّرت جريدة «لا ستامبا» عدد الأُجَراء المعنيين بهذا القرار بنحو ثلاثة ملايين.
وأدرج الموقع الإلكتروني روما الأربعاء ضمن قائمة المدن التي ينبغي وقف العمل بمواقع البناء فيها عند بلوغ الشمس ذروتها.
والموقع الذي يعمل فيه فاريتشيو مخصص للتنقيب عن آثار جزء من «منتدى السلام» الذي بُني في عهد الإمبراطور فيسباسيانوس ويقع على عمق نحو ستة أمتار بالنسبة إلى الطريق المحاذية.
-
-
-
ورأى فاريتشيو أن «المشكلة الكبرى هي الرطوبة وصعوبة التنفس». ولاحظ أن «العمل في الحفريات الأثرية، تحت مستوى سطح الأرض، أصعب بكثير».
منذ دخول القرار المتعلق بأوقات العمل حيز التنفيذ، أصبحت الدوامات تبدأ باكرا، اعتبارا من الخامسة والنصف صباحا، في موقع التنقيب هذا الذي تندر فيه بقع الظل المستحدثة والمبتكَرَة، ويتوقف العمل عند الساعة 12:30 ظهرا، تبعا لمستوى الخطر.
الجسم كله يعاني
لا يُوفر بدء العمل عند الفجر سوى وقاية نسبية من موجة الحر التي شهدتها الأيام الأخيرة، إذ تتجاوز الحرارة 30 درجة مئوية منذ الصباح.
ووضعت السلطات مدنا كبرى عدة في حالة تأهب قصوى، مما يعني أن الحرارة تُشكّل خطرا حتى على من لا يعانون أية مشاكل صحية.
وأكدت عالمة الآثار في هذا الموقع القريب من سوق تراجان إيلينا تشيفيتيلي أنها لم تعانِ يوما «بهذا القدر في ساعات الصباح الأولى» خلال سنوات عملها العشرين.
وقالت لوكالة فرانس برس «منذ السادسة صباحا، تنقطع كليا أية نسمة منعشة». وأضافت «أعمال يدوية كثيرة ينفذها العمال، بالمعاول والعربات اليدوية والمجارف، لذا من حسن حظنا أننا ننتهي الساعة 12:30 ظهرا، لأن العمل بعد الظهر لن يكون ممكنا».
في محيط الموقع الأثري، يبحث السياح عن الملاذات المظللة، فيتكدسون تحت الأشجار للتفيؤ بها، ويحاذون الجدران احتماءًَ من أشعة الشمس الحارقة، ويتلقفهم ندّل المطاعم القريبة الصامدون في مواقعهم على الأرصفة رغم الحر بهدف جذب الزبائن.
وقال إيمانويليه (38 عاما) الذي يستيقظ بين الثانية والثالثة صباحا لتوصيل الفاكهة والخضر إلى مطاعم العاصمة: «إنه (الحرّ) يقتل هذا الصباح، كنت أتعرق بشدة في الثامنة صباحا». وأضاف «يشعر المرء بأن جسمه كله يعاني».
ومقولة إن الحرّ يقتل ليست استعارة مجازية، بل هي واقع فعلي، بالمعنى الحرفي، وتشكّل سببا لحوادث العمل. وتوفي الاثنين مدير شركة بناء قرابة الظهر في موقع بناء بعد تعرّضه لوعكة.
وتتفاقم آثار موجة الحر بسبب عدم كفاية التدابير المتخذة لمعالجة السلامة في مكان العمل في إيطاليا، حيث لقي 797 شخصا حتفهم نتيجة حوادث متعلقة بالعمل العام 2024، وفقا لإحصاء رسمي.
ولاحظ عامل طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لوكالة فرانس برس الأربعاء أن قرار أوقات العمل لا يُطبق دائما في ورش العمل في روما. وأضاف «ما عليك سوى التجول في المدينة، وسترى أنهم لا يزالون يعملون».