منذ 4 أيام
تغير المناخ وجودة المحاصيل
في خضم القلق العالمي من تأثير تغير المناخ في كوكبنا، تكشف دراسة حديثة عن وجه آخر للأزمة، أكثر خطورة يتمثل في تدهور القيمة الغذائية للمحاصيل الزراعية، حتى تلك التي تبدو وفيرة في الشكل والحجم.
وأظهرت نتائج بحث تقوده جامعة ليفربول جون مورز في المملكة المتحدة، أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون ودرجات الحرارة لا يؤثر فقط في كمية ما نزرعه، بل أيضاً على جودة ما نأكله. وتقول جياتا أوغوا إيكيلي، الباحثة المسؤولة عن الدراسة:«عملنا لا يركز على حجم المحصول فقط، بل على ما يحتويه من عناصر غذائية ضرورية لصحتنا».
وتُظهر البيانات أن المحاصيل مثل السبانخ، الكرنب، والجرجير، المزروعة في بيئة تحاكي مناخ المستقبل، تنمو بالفعل بشكل أسرع وأكبر. لكن عند تحليل تركيبتها، وُجد أن هذه النباتات تفقد تدريجياً محتواها من المعادن الأساسية مثل الكالسيوم، والبروتينات، ومضادات الأكسدة، التي تلعب دوراً حيوياً في الوقاية من الأمراض ودعم جهاز المناعة.
وفي المختبرات المزودة بغرف نمو خاضعة للرقابة، حاكى الباحثون ظروفاً مناخية مستقبلية، مع مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون ودرجات حرارة أعلى. وبعد الحصاد، تم استخدام تقنيات متقدمة لتحليل مكونات المحاصيل الغذائية، بما في ذلك السكريات والفيتامينات والمعادن، والنتائج كانت مثيرة للقلق، إذ تم رصد زيادة في السكريات وانخفاض في البروتين والمعادن وتراجع في مركبات مضادة للأكسدة
وهذا التحول يُسهم في ظهور نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية، لكن فقير من حيث القيمة الغذائية، ما يرفع من خطر الإصابة بالسمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض مزمنة أخرى، خاصة في المجتمعات الأكثر هشاشة غذائًيا.
ويُبرز البحث أن هذه الآثار ليست حكراً على أوروبا أو الدول الصناعية. بل إن المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث يعتمد الملايين بشكل مباشر على الزراعة، ستكون الأكثر تضرراً، فهناك، يُضاف فقدان القيمة الغذائية إلى تحديات أخرى كالجفاف، والآفات، وتدهور التربة.
الغذاء ليس مجرد مصدر للطاقة، بل هو أساس الصحة والتنمية ولا يكفي أن ننتج ما يكفي من الطعام، بل علينا أن نضمن أنه يُغذي أجسامنا ويحمي مستقبلنا، وهنا يجب على الحكومات التعاون لأن البحث ما زال في مراحله المبكرة، لكنه يفتح باباً واسعاً للتعاون بين المتخصصين في الزراعة، التغذية، والمناخ. ويدعو الباحثون إلى تطوير سياسات غذائية أكثر شمولاً، تأخذ في الاعتبار التغير المناخي وأثره في الإنسان، وليس فقط على الأرض.