منذ 4 أيام
الروبوتات تحل محل المبيدات والعمال في مزارع أمريكا
في تحول لافت نحو الزراعة الذكية والمستدامة، بدأت مزارع أمريكية في الاعتماد على روبوتات تعمل بالطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي لاقتلاع الأعشاب الضارة بدقة، بدلاً من استخدام المبيدات الكيميائية أو العمال اليدويين، في خطوة تمثل نقلة نوعية نحو أتمتة صديقة للبيئة.
في ولاية كاليفورنيا، وتحت أشعة الشمس الحارقة، يجوب روبوت يُدعى 'إليمنت' الحقول الزراعية كأنّه طاولة متحركة مزودة بألواح شمسية وذراعين معدنيين يحملان شفرات دقيقة، تزيل الأعشاب بدقة متناهية دون أن تمس المحاصيل.
هذا الروبوت هو من تطوير شركة ناشئة تُدعى 'آيجن'، ويعتمد على الذكاء الاصطناعي بالكامل ويُعد بديلاً واعداً للمبيدات والعمالة الزراعية التي تعاني من نقص حاد في الولايات المتحدة.
قال ريتشارد ووردن، الشريك المؤسس ومدير التكنولوجيا في 'آيجن'، إن التقنية الجديدة تمثل ثورة في تحسين صحة الإنسان، موضحاً: 'الجميع يأكل طعاماً مرشوشاً بالمواد الكيميائية، ونحن نقدّم بديلاً عملياً وآمناً.' ووردن، مهندس سابق في 'تسلا'، بدأ تطوير هذا الروبوت بعد ملاحظاته الشخصية حول ارتفاع تكلفة إزالة الأعشاب يدويًا في مسقط رأسه بولاية مينيسوتا.
وفي ظل تزايد مقاومة الأعشاب للمبيدات وصعوبة تأمين عمال زراعيين، باتت الحاجة لحلول ذكية أمراً حتمياً.
يقول كيني لي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة: 'لا مزارع قال لنا يوماً إنه يحب استخدام المبيدات، لكنهم مضطرون لذلك. ونحن الآن نقدّم بديلاً حقيقياً لهم.'
يتميز روبوت 'إليمنت' بتصميمه الذكي، إذ يشبه طاولة مزودة بعجلات، يعلوها لوح شمسي يمده بالطاقة. يتوقف عن العمل عند غروب الشمس، ويعود للعمل تلقائياً في الصباح.
يستخدم كاميرات عالية الدقة ونظام ذكاء اصطناعي متطور للتعرف على الأعشاب بدقة وإزالتها دون أن يلمس النباتات.
'إذا كنت تظن أن هذا العمل يمكن أن يقوم به البشر بسهولة، فجرّب ساعتين من إزالة الأعشاب يدوياً في الحقل'، يقول ووردن، في إشارة إلى صعوبة العمل اليدوي مقارنة بالكفاءة التي يقدمها الروبوت.
تسعى الشركة إلى تحويل دور العمال الزراعيين من العمل الميداني الشاق إلى مهام إشرافية أكثر راحة، عبر مراقبة وتشغيل الروبوتات عن بُعد، وإدارة الأعطال عبر مراكز تحكم صغيرة مزودة بتقنيات لاسلكية.
حالياً، تعمل الروبوتات في حقول القطن والطماطم وبنجر السكر، وتُظهر قدرة فائقة على إزالة الأعشاب دون الإضرار بالمزروعات، ما يعزز ثقة المزارعين في هذا الحل الذكي.
بسعر يقارب 50 ألف دولار للروبوت الواحد، يمكن لخمس وحدات من 'إليمنت' تنظيف نحو 160 فداناً من الأعشاب الضارة.
ويعد هذا الخيار أكثر استدامة من الآلات الثقيلة التي تعتمد على وقود الديزل، ما يمنح التقنية بعداً بيئياً واقتصادياً جذاباً.
وتحاول الشركة تجنّب الخطاب السياسي المرتبط بقضايا المناخ، والتركيز بدلاً من ذلك على توفير حل عملي يحفظ التربة ويوفر التكاليف، ما يجعل التقنية مقبولة حتى لدى المزارعين المحافظين.
لم تمر إنجازات 'آيجن' مرور الكرام، إذ اختارتها خدمات أمازون السحابية ضمن برنامج 'كومبيوت فور كلايمت' المخصص لدعم الشركات الناشئة البيئية.
وعلّقت ليزبيث كوفمان، مديرة الابتكار المناخي في أمازون، بقولها: 'كما كانت سيارات فورد والمصباح الكهربائي بداية لثورات صناعية، فإن كيني وريتشي يقودان ثورة الزراعة الذكية القادمة.'
بهذا الابتكار، تُمهّد 'آيجن' الطريق نحو زراعة لا تعتمد على المبيدات ولا العمالة التقليدية، بل على الشمس والذكاء الاصطناعي. روبوت 'إليمنت' ليس مجرد آلة، بل هو رمز لتحول جذري في طريقة إنتاج الغذاء، يعِد بجعل الزراعة أكثر أماناً، وفعالية، واستدامة.