منذ 18 ساعات
"سمسم"... فيلم أردني يتمرد على الواقع وأشياء أخرى
ماذا يعني لسيدة عربية، تعيش في مجتمع تقليدي محافظ، التمرد على واقعها ومواجهته؟ هل القوانين التي معظمها ذكورية منصفة بحقها؟ وإذا ابتعدنا قليلاً عن القوانين، هل هي قادرة على الخروج من الأنماط التي تربت وعاشت عليها، وهل المجتمع لن يلعنها مثلاً؟
هذه هي حال كثير من العربيات، يقتنعن بما أمرن بهن من أولياء أمورهن. يتزوجن برجال لا يعرفهن، فقط طاعة لأولياء أمورهن، ويعشن حياة رتيبة متواضعة بلا أحلام ولا طموحات.
القصة
سمسم واحدة من تلك النسوة، أجبرت على زواج طاعة لوالدها، وبعد وفاته قررت التمرد. غادرت منزلها وطلبت الطلاق من زوجها بائع الدجاج، قررت أن تبدأ حياة جديدة بأحلام جديدة وطموحات أكبر.
رفض الزوج الطلاق، فلجأت إلى المحكمة التي قررت بعد سنة أن تطلقها من بائع الدجاج، لكن الزوج استأنف الحكم، وعادت سمسم إلى دوامة جديدة.
هي تريد التحرر والسفر، تعمل في استوديو للتصوير الفوتوغرافي، تغازل فيه أي شاب وسيم ترى أنه قادر على انتشالها من وضعها، تستعمل أيضاً تطبيقاً للتعارف، تريد "اصطياد" فرصة خارجية للسفر بعيداً من واقعها.
تتصادم سمسم دوماً مع أمها بسبب العادات والتقاليد، التي لا تتقبلها على رغم أنها فتاة محافظة، لكن بأحلام كبيرة.
بعد مرحلة يأس، تجد أن أفضل فرصة للحصول على الطلاق هي إيجاد عروس لزوجها، تعجبه الفكرة ويوافق عليها، وتبدأ رحلة البحث عن عروس.
"سمسم" هو الفيلم الروائي الأول للمخرجة الأردنية سندس ذيب حسن السميرات، الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان عمان السينمائي الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في أولى تجاربها تقرر سندس التطرق إلى قضية اجتماعية تعانيها كثيرات، وتطرح أسئلة كثيرة، "هل حقاً نحن أحرار، أم أننا نسير على ما رسمه لنا آباؤنا، ولماذا المجتمع دوماً غير منصف تجاه المرأة وحقوقها في الاختيار؟".
تبحث سمسم عن زوج يرافق أحلامها، يفهم ما تقوله، يعرف كيف يتصرف معها وكيف يعاملها بحنان، زوج له رائحة شهية، ولا تفوح منه دوماً رائحة دجاج، ولا أقصى طموحاته أن يوسع المحل ويضم إلى الدجاج بعض طيور الفري.
ما تقوله المخرجة هنا أن ثمة جيلاً لا يعرف أن يقول لا، ويبحث عمن يشبه أهله، وثمة فتيات يبحثن عن رجل يشبه والدهن، كدينا الفتاة التي تعمل في الاستوديو والتي أعجبت بزوج سمسم، ووافقت على الزواج منه في نهاية الفيلم، لأنه نسخة من والدها.
إذاً، لدينا نموذجان في العمل، سمسم الرافضة فكرة الارتباط بمن لا يشبهها ويحقق أحلامها، ويعاملها بصورة جيدة، ودينا الفتاة التي قبلت ورضيت بالقليل واقتنعت أن بائع الدجاج هو كل ما تتمناه.
نموذجان نقيضان لكنهما موجودان، لكن النموذج الذي يقرر رفض العادات والتقاليد سيصطدم بمجتمع لديه قوالب جاهزة عن المرأة المتحررة.
تطرح المخرجة الأردنية الشابة كل تلك الأفكار بصورة رمزية، لا تغوص في الفكرة بل تلمح إليها، وتعمد إلى إطالة بعض المشاهد التي لا تخدم الفكرة. واضح أن العمل هو التجربة الأولى لها، ولذلك نجد تفاوتاً كبيراً في معظم فتراته وثمة مشاهد لا داعي لها أصلاً.
إذاً لا يسير العمل بخط مستقيم، بل كتخطيط القلب، ثمة صعود وهبوط. ويلاحظ أن الحبكة الدرامية ضعيفة، ولا تخدم الفكرة الكبيرة التي يدور حولها الفيلم.
في المقابل، ثمة بعض المشاهد الجميلة في الفيلم، كالمشهد الذي تتفقد فيه سمسم خزان المياه، تشعر بالغرق كلما فتحت الخزان، وتشعر بقلق وتوتر كلما سألتها أمها عن الخزان. الغرق هنا هو اليأس الذي تشعر به سمسم، ثمة ما يشدها نحو القاع وهي تحاول المقاومة. فعل المقاومة لدى سمسم هو التمرد الذي تريده، التحرر الذي تطمح إليه. لا تريد أن تكون شبيهة لأحد، ولا تريد أن تقتنع بكلام أمها، أنها ليست أحسن من غيرها وأنها ليست الليدي ديانا.
سمسم الرافضة واقعها وزواجها ترفض الغرق وتخرج من الخزان، ولكن هل نجحت أم استسلمت في النهاية؟
تقطع سمسم واسمها الحقيقي ابتسام علاقتها بشاب كانت تعرفت إليه عبر تطبيق بعدما تأزمت قضية طلاقها، وتقرر أنها لا تريد أن تكون مع أحد، ولا تريد السفر أيضاً، ستبقى في بلدها لتربية ابنتها وتفتح مشروعها الخاص، استوديو للتصوير الفوتوغرافي خاصاً بها.
قد لا يكون الخلاص فقط من المجتمع، بل قد يكون أحياناً من أفكارنا التي قد تقتلنا وتبعدنا عن الواقع.
ويعود التفاوت بين مشهد وآخر في العمل، بسبب ضعف السيناريو، وهذه مشكلة تعانيها كثير من الأعمال الروائية العربية. وتظهر بوضوح في الدراما تحديداً، إذ يعمد بعض المخرجين إلى مشاهد طويلة تدور حول فكرة واحدة، فقط لإطالة مدة العرض، وهذا ما يحدث تحديداً خلال الموسم الرمضاني.
سيرة
سندس السميرات من مواليد مدينة إربد، تخرجت في جامعة اليرموك بمرتبة الشرف في تخصص الدراما وصناعة الفيلم عام 2022. تتلمذت على يد نخبة من أعضاء هيئة التدريس المحترفين المنتمين إلى نقابة الفنانين الأردنيين، وهي عضو في النقابة أيضاً. بدأت مسيرتها الفنية بإخراج وإنتاج الأفلام القصيرة، وقد حصدت معظم أعمالها جوائز في مهرجانات محلية ودولية، كذلك شاركت في كثير من الورش التدريبية التي نظمتها الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.