منذ 2 أيام
الابتكار يعزز حلول تحديات تواجه إدارات شركات المحاماة الدولية
أندرو هيل
يميل المحامون إلى اعتبار أنفسهم مختلفين عن باقي المهنيين، ولكن إلى أي مدى هم مختلفون حقاً عندما يتعلق الأمر بإدارة زملائهم؟ وهل حان الوقت للاستعانة بمزيد من القادة من خارج المهنة ؟
يواجه قادة شركات المحاماة الضغوط العديدة نفسها التي يواجهها قادة الأعمال في مختلف القطاعات، من تصاعد المنافسة على المستويين المحلي والعالمي، والتغيرات الديموغرافية، وضغوط العملاء لتحقيق قدر أكبر من الكفاءة والشفافية في التسعير، وتهديدات الاستحواذ والاندماج، والحروب الثقافية المتصاعدة. يضاف إلى كل هذه التحديات، بل يضخمها ويسرعها، الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
رغم ذلك، تواصل مكاتب المحاماة اعتبار نفسها، وبدرجات متفاوتة، حالة منفصلة عن مجالات الأعمال الأخرى ومتفردة عنها. أو كما وصفتها شركة «تومسون رويترز» الإعلامية والتكنولوجية في تقرير حديث عن السوق الأمريكية، بأن مكاتب المحاماة تتمسك «بأنماط إدارة مألوفة مستمدة من أوقات كانت أكثر بساطة».
وقال بروس ماك إيوان، رئيس شركة «أدم سميث إسكواير» لاستشارات مكاتب المحاماة: «لم أر في حياتي المهنية مثل هذه الدرجة من حدة وسرعة التغيير في إدارة وهيكلة شركات المحاماة بالولايات المتحدة على النحو الذي أراه اليوم».
أما لورا إمبسون، الأستاذة في كلية بايز لإدارة الأعمال والخبيرة في كيفية قيادة المهنيين، فتبدو أكثر تحفظاً تجاه ما وصفته بأنه «خطاب يتحدّث عن التغيير». وقالت: «اتجاه الحركة واضح، ما تتم مناقشته هو الوتيرة».
ويتفق المحللون على أن شركات المحاماة، حسب تعبير ماك إيوان، تولي اهتماماً متزايداً «بالقدرة المتقدمة على الإدارة، وليس مجرد حجم الأعمال التي يجلبها المحامي كشرط لتولي القيادة».
والقادة الذين يتم اختيارهم، هم من بين كبار ممارسي المهنة، والذين يجلبون معهم معرفة واسعة بثقافة الشركة، وتمنحهم مهارتهم القانونية المثبتة دعم زملائهم.
وذكرت إمبسون أنه «بحلول الوقت الذي يصل فيه الشخص إلى القمة يكون قد أدار بالفعل نشاطاً تجارياً كبيراً ومعقداً، ثم يدرك في المنصب الأرفع ما لم يكن على دراية به»، فيكون مستعداً بسرعة لسد الفجوات في قدراته القيادية.
رغم ذلك، طرأت تغيرات على بعض الأسس الراسخة للشركات القانونية، ويجب على القادة أن يتكيفوا مع هذا الأمر. ويقول أحد كبار المحامين في شركة عالمية مقرها نيويورك: «كنت في السابق تنضم إلى شركة طوال حياتك، لكن بدأ يتغير الآن».
وأصبح من الشائع أن تسعى المكاتب إلى «التعيين من الخارج». فقد ضم مكتب «لاثام آند واتكينز» نجم صفقات الدمج والاستحواذ، زاك بودولسكي، من مكتب «واتشيل ليبتون» المنافس على سبيل المثال.
ويعد واحداً من التحديات الواضحة التي تواجه قادة شركات المحاماة الدولية، هو ضمان تعاون الزملاء حول العالم، بدلاً من تمسك كل منهم بمصالحة المحلية الضيقة. ويقول المحامي الكبير من نيويورك: إن المديرين «يحتاجون إلى ترسيخ ثقافة عالمية داخل الشركة وبناء هياكل مناسبة ومحفزات، حتى يرغب الموظفين في العمل سوياً. يحتاج المحامون إلى إدراك أن هذا مفيد للشركة، ولأنفسهم، وللعميل أيضاً».
ومن الأفكار الأساسية التي تتعرض لضغوط أيضاً، فكرة أن ملكية شركات المحاماة يجب أن تظل حكراً على المحامين. وبدأ تحرير ملكية شركات المحاماة ينتشر من المملكة المتحدة ودول أخرى إلى الولايات المتحدة، عن طريق أريزونا، التي فتحت الباب أمام «الهياكل البديلة للأعمال» ما جذب شركة مثل «كيه بي إم جي» وشركات الخدمات المهنية الأخرى إلى سوق القانون.
ففي المملكة المتحدة، يدير قادة شركات المحاماة بالفعل مجموعة واسعة من الخدمات الاستشارية المتخصصة سواء بصورة مباشرة، أو من خلال شراكات مع مزودين آخرين لهذه الخدمات، مدعومين جزئياً بالتكنولوجيا.
بالتالي، سيكون من الطبيعي لمكاتب المحاماة أن تبدأ البحث بصورة أوسع نطاقاً عن قادة تتوفر لديهم خبرات متشعبة.
وقد تم تعيين جيسا بيكر مؤخراً رئيسة تنفيذية لشركة ليفينفيلد بيرلستين للمحاماة في شيكاجو، خلفاً لرئيس تنفيذي ترقى عبر قسم الشؤون المالية. وتعمل بيكر، وكانت مستشارة سابقة لمكاتب المحاماة، بجانب شريك إداري، ولديها حق تصويت في اللجنة التنفيذية للمكتب. وأقرت بـه: «من الصعب أحياناً على المحامين الشعور بالراحة تجاه فكرة أن شخصاً غير قانوني يدير الشركة»، لكنها أكدت أن المديرين المحترفين يكملون نقاط القوة التقليدية للمحامين.
ويمكن لقادة الأعمال التركيز على تطوير الشركة على المدى الطويل، والاستجابة للتهديدات التي يمثلها الذكاء الاصطناعي لتسعير الخدمات القانونية وتدريب المحامين الشباب، والاستجابة للضغوط المتزايدة المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والثقافية.
كما يمكن للمديرين من غير القانونيين أيضاً تعويض أحد أوجه القصور الكلاسيكية في الشركات الراسخة، وهو استلهام تجاربها من بعضها البعض، في تطوير ونمو الأعمال. ويعد هذا الميل تجاه التقليد واحداً من الأسباب وراء اتسام غالبية الابتكار في هذا القطاع بأنه محدود إلى حد كبير.
وترى إمبسون أن مكاتب المحاماة «أصبحت أكثر تقدماً مقارنة بما كانت عليه سابقاً» فيما يتعلق بالقيادة، لكنها تعاني «التشابه المؤسسي».
وقالت «التحدي الأكبر في إدارة شركات المحاماة هو صعوبة النظر خارج القطاع بحثاً عن أمثلة تحتذى، فجميعهم يقلدون بعضهم البعض، وهم ليسوا بارعين في التعلم من القطاعات الأخرى».