منذ 7 أيام
قصص عربية صنعت المعجزات من الصفر!
في زمنٍ تتكاثر فيه الأزمات، ويكاد الأمل يغيب من نفوس كثيرين، تبرز الحاجة إلى إعادة إحياء النماذج التي تثبت أن النهوض ممكن، وأن البداية من الصفر ليست نهاية الطريق بل بدايته.
ليست هذه القصص مجرد ومضات فردية، بل هي شواهد حيّة على قدرة الإنسان العربي على تجاوز المستحيل، مهما كانت الظروف قاسية.
في عالم يشكو من الفقر والعنف والنزوح والتهميش، هناك أفراد اختاروا ألا يكونوا ضحايا الواقع، بل صانعيه. من تحت الأنقاض، من مخيمات النزوح، من الأحياء المنسية، خرجوا بفكرٍ وعزيمة، وصنعوا الفرق.
أسس عبدالمهيمن الآغا "حسوب"، الشركة التقنية العربية التي أطلقت منصات "خمسات" و"مستقل" لتصبح مرجعًا للمستقلين العرب، وتوفر فرص عمل رقمية لعشرات الآلاف
من غزة المحاصرة إلى وادي السيليكون
في قطاع غزة، حيث الحصار والكهرباء المقطوعة وانعدام الأفق، نشأت دانا النجار. لم تكن تملك أكثر من جهاز حاسوب قديم وباقة إنترنت متقطع، لكن شغفها بتقنيات الذكاء الاصطناعي قادها إلى بناء تطبيقات تعليمية للأطفال، ثم إلى تمثيل فلسطين في منتديات دولية، وفي عالم بدا وكأنه لا يعترف بوجودها، فرضت وجودها بموهبتها.
اليوم تُدرّس دانا البرمجة عن بُعد، وتلهم مئات الفتيات للسير في الطريق نفسه.. دانا ليست معجزة، بل هي مثال لما يمكن أن يصنعه الإصرار العربي حين يجد ولو بصيصًا من فرصة.
عبدالمهيمن الآغا: شركة من فكرة
في بداياته، كان الشاب السوري عبدالمهيمن الآغا يتعلم البرمجة في مقاهي الإنترنت، هاربًا من ضجيج الحرب ومن قيود المكان، لم يكن لديه رأس مال ولا علاقات مؤثرة، لكنه كان يملك شيئًا واحدًا: رؤية.
أسس لاحقًا "حسوب"، الشركة التقنية العربية التي أطلقت منصات "خمسات" و"مستقل" لتصبح مرجعًا للمستقلين العرب، وتوفر فرص عمل رقمية لعشرات الآلاف.
لم يكن العالم مهيأ له، لكنه هيأ نفسه للعالم! قصة الآغا ليست فقط عن ريادة الأعمال، بل عن تحويل المعاناة إلى منتج معرفي.
من الجبال المغربية إلى منصات التتويج
في قرية نائية من جبال الأطلس، لم يكن لدى الفتى آدم بلقاسم سوى كتاب قديم وبعض مقاطع الفيديو على هاتف متهالك، لكن ذلك لم يمنعه من التفوق في أولمبياد الرياضيات الأوروبي. لم يكن أحد ينتظره في مطار، ولم تبتهج الصحف المحلية بفوزه، لكن آدم كان يعرف أن معركته أكبر من التصفيق، هي معركة إثبات الوجود.
قصته تُعلّم أن المجد ليس حكرًا على أبناء العواصم، بل هو ميراث كل من يحلم ويتعب.
لا نفتقر إلى الأبطال بل إلى من يروي قصصهم
تُغطّي وسائل الإعلام يوميًّا أخبار الحروب والانقسامات والكوارث، لكنها نادرًا ما تلتفت إلى هؤلاء الذين يصنعون الفارق بصمت.. لم نعد نفتقر إلى الأبطال، بل إلى العدسة التي ترى بطولاتهم. في زمن تُهمل فيه الطاقات وتُكافأ فيه التبعية، تصبح رواية هذه القصص شكلًا من أشكال المقاومة.
إننا بحاجة إلى تحويل هذه النماذج من قصص ملهمة إلى منظومات دعم.. بحاجة إلى استثمار حقيقي في التعليم، في ريادة الأعمال، في المواهب التي لا تجد من يحتويها.
"من اللاشيء إلى كل شيء" ليست معادلة مثالية، بل هي وصف دقيق لما يحدث حين يُمنح الإنسان العربي فرصة واحدة -فقط واحدة- ليُثبت أنه قادر على صنع الفرق
هل يمكن أن نصنع سياسة النجاح بدلًا من استيراد نجاحات الآخرين؟
هذه القصص تطرح سؤالًا أعمق: ماذا لو قررت الحكومات العربية، بدلًا من تشجيع الاستهلاك والاستيراد، أن تبني ثقافة دعم المشاريع الصاعدة والمبادرات المحلية؟ ماذا لو خُصّصت منصات إعلامية لرواية نجاحات من لا يملكون سوى أنفسهم؟
ليس المطلوب معجزات، بل رؤية تضع الإنسان في قلب المشروع الحضاري.
لا شيء اسمه "لا شيء"
فحين نسمع أن فلانًا بدأ من "اللاشيء"، فلنتذكر أن هذا اللاشيء هو في ذاته ثروة: إرادة، فكرة، حلم.. لقد آن الأوان لأن نعيد تعريف النجاح في العالم العربي، لا باعتباره حكرًا على المحظوظين، بل نتيجة متاحة لكل من يمتلك الإرادة.
"من اللاشيء إلى كل شيء" ليست معادلة مثالية، بل هي وصف دقيق لما يحدث حين يُمنح الإنسان العربي فرصة واحدة -فقط واحدة- ليُثبت أنه قادر على صنع الفرق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.