
خبراء أمميون ينددون بالتضييق على المحامين في تونس
ونقل موقع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن الخبراء القول إن استهداف المهنيين القانونيين بسبب أدائهم ودورهم في منظومة العدالة أو ممارستهم لحقهم في حرية التعبير "قد يقوّض الحق في محاكمة عادلة".
وأشاروا إلى أن المحامي أحمد الصواب اعتُقل في 21 أبريل/نيسان الماضي، عقب تصريحات علنية "ناقدة أدلى بها بشأن المحاكمة الأخيرة لعدد من المعارضين السياسيين".
وكان الصواب يدافع عن بعض المتهمين الذين صدرت بحقهم أحكام سجن قاسية بعدما وجهت إليهم تهمة التآمر على أمن الدولة.
وأضافوا أن المحامية سونيا الدهماني قد تم توقيفها بعنف داخل مقر هيئة المحامين التونسية في مايو/أيار 2024 ، وتواجه 5 قضايا جنائية تم فتحها استنادا إلى المرسوم المتعلق بـ"الجرائم السيبرانية" أمام المحكمة الابتدائية بتونس، وذلك بسبب إبداء رأيها علنا.
وصدر بحق الدهماني حكم بالحبس لمدة 18 شهرا في يناير/كانون الثاني 2025 بسبب تصريحات أدلت بها في برنامج تلفزيوني، ثم حُكم عليها في يونيو/حزيران بالسجن لمدة سنتين إضافيتين.
حالات أخرى
وعبّر الخبراء الأمميون عن استنكارهم لحالات أخرى لمحامين في تونس تم اتهامهم جنائيا أو الحكم عليهم بالسجن فقط بسبب دفاعهم عن موكليهم أو التعبير عن آرائهم، ومن أبرزهم دليلة مصدق وإسلام حمزة وعيّاشي حمامي.
واعتبروا أن الإجراءات المتخذة تمثل "تدخلا مباشرا في استقلالية مهنة المحاماة وتُضعف قدرة المحامين على تمثيل موكّليهم بفعالية"، مشددين على أن هذه التدابير تروم "إسكات منتقدي السلطة التنفيذية".
وشدد الخبراء على أن ممارسة المحاماة بحرية تساهم في ضمان الحق في الوصول إلى العدالة والرقابة على سلطات الدولة وحماية الحق في الإجراءات القانونية السليمة والمحاكمة العادلة.
ودعا الخبراء الحكومة التونسية إلى الالتزام بالمعايير الدولية التي تنص على أنه يجب أن يتمكن المحامون من أداء مهامهم المهنية من دون تدخل، أو التعرض للملاحقة القضائية، أو للعقوبات الإدارية، أو الاقتصادية أو غيرها بسبب أي إجراء قاموا به وفقا لواجباتهم ومعاييرهم المهنية المعترف بها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
اجتماع أوروبي يبحث إجراءات ضد إسرائيل بسبب انتهاكاتها في غزة
من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، اليوم الثلاثاء، في بروكسل لبحث إجراءات مقترحة ضد إسرائيل لمعاقبتها على انتهاك حقوق الإنسان في قطاع غزة، لكن دبلوماسيين رجحوا ألا يتم تبني أي منها. وفي تصريحات أدلت بها على هامش الاجتماع، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إسرائيل إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الوضع الإنساني في غزة. وقالت كالاس إن التركيز الآن يجب أن يكون على تنفيذ الالتزامات، وليس مجرد التوافق على الورق، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيتابع ذلك عن كثب. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي مستعد لاستخدام خيارات سياسية إذا لم تلتزم إسرائيل بتعهداتها. ويعقد اجتماع بروكسل في وقت تشهد غزة تصعيدا كبيرا للقصف الإسرائيلي وأوضاعا كارثية للسكان المحاصرين. ويشهد الاتحاد الأوروبي انقساما بشأن الموقف الذي يتعين اتخاذه من إسرائيل في ما يتعلق بانتهاكاتها في غزة، إذ تدعم دول أعضاء، منها ألمانيا، ما تصفه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في حين تدين دول أخرى، مثل إسبانيا، ما تصفها ب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في القطاع. تنفيذ الاتفاق ومع ذلك، يتوقع أن يتوصل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل إلى توافق على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاق بشأن زيادة المساعدات لغزة، وفقا لدبلوماسيين أوروبيين. وكانت كالاس أعلنت الخميس الماضي أن الأوروبيين توصلوا إلى اتفاق مع إسرائيل يقضي بتحسين وصول المساعدات إلى غزة. وقبيل انطلاق اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عبر حسابه في منصة "إكس" إن تل أبيب حققت ما سماه إنجازا دبلوماسيا مهما عندما نجحت في صد جميع ما وصفها بالمحاولات المهووسة لعدد من الدول لاتخاذ عقوبات ضد إسرائيل في الاتحاد الأوروبي. وأكد تقرير أعدته المفوضية الأوروبية ورفع إلى الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أواخر يونيو/حزيران الماضي أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية الشراكة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان. وبناء على ما ورد في التقرير، أعدّت كالاس قائمة بالخيارات الممكنة مثل تعليق الاتفاقية بشكل كامل وحظر الصادرات من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومراجعة سياسة التأشيرات، أو حتى تعليق الجزء التجاري من اتفاقية الشراكة.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
السلام عبر القوة
هل يحقّ لك أنت أيها المواطن المنسي على قارعات الهموم العربية أن تعبّر عن رأيك في قضايا الواقع العربي الراهن؟ ربما نعم، ولا سيما في هذا الجو الإقليمي المبشر ببارقة أمل لحرية التعبير، وتقبل آراء الآخرين، فلطالما كان اختلاف الرأي غير مفسد للود قضيةً، فكيف إذا كانت القضية بحجم جغرافيا الأمة! أستهلّ مقالي بإطلالة على صفحة من صفحات تاريخنا المضيء، الذي نعتز به؛ فحين دخل "طارق بن زياد" الأندلس، وأشعل النيران في سفنه، لم يفعل ذلك من أجل الشجاعة المجردة، بل ليغلق باب التراجع في وجوه جنوده، ويشعل فيهم وهج العزيمة! لأنه يعرف بحسه القيادي أن لا مجال للتفكير بخيار ثالث، أو التفاوض على فتات الأرض مع من اغتصبها؛ كان يعلم أن القوة إذا دخلت ساحة الصراع وفي قلبها نية المصافحة أو المصالحة، فلن تخرج منها إلا مكسورة الجناح، مغموسةً بالخديعة. فها هو صلاح الدين الأيوبي حين جاءه مبعوث من أعدائه، يقترح عليه هدنةً تبقي القدس في يدهم ريثما تهدأ النفوس، نظر إليه وقال بحكمة العارف بالتاريخ: "النفوس لا تهدأ إلا إذا عادت الأمانات إلى أهلها!". لم يقل "لا" بصوت عالٍ، لكنه قالها بالفعل.. رفض التفاوض على ما لا يملك؛ لأن الأرض هي الكرامة، وهي ليست بندًا في دهاليز الصفقات، ولا تقايَض بالمصافحات، أو المصالح قصيرة الأمد. نعم، في خضم السيل الجارف من القوة اللامتناهية، وانعدام الأخلاق، نجد من يرى في الانحناء دهاءً، وفي الاستجداء سياسةً، وفي التنكر للثوابت تجديدًا، ويقال للمواطن المنفي في وطنه تحت ركام الخيبات: "اصمت، فالكبار يتفاوضون"، وكأن الوطن كعكة يتقاسمها الأقوياء، ويأكل الفقراء منها الفتات في نشرات الأخبار وموائد الأمل التي لا فائدة منها. وقد يظن البعض أن طريق الكرامة يُختصر عبر الممرات الدبلوماسية المشروطة، ومسارات السلام الوهمية، وأن القضايا الكبرى يمكن طيها أو نسيانها تحت الطاولات المستديرة، كأنهم يُفرغون التاريخ من روحه. لعل أولئك الذين يتوقعون أن الصراع وقضية الأمة تُختزل في توقيع عاجل، واهمون، فربما يُرفع العلم هنا أو هناك، لكن الكرامة ستبقى في الأسر! إعلان ولنا شاهد في الذين ظنوا أن اتفاقًا ما يمكن أن يجلب السلام والطمأنينة، ويجنب بلدانهم ويلات الحصار الاقتصادي والسياسي، وربما الحرب العسكرية.. لقد ثبت لهم أن النهر لا يمكنه أن يتصالح مع من لوثه، وأن للسلام طعمًا حتى لو كان مالحًا، لكن الأرض لن تفرح، والشعب لن يبتسم، فالأرض ليست حفنة تراب؛ بل هي ذاكرة الأجداد، ووصية الشهداء ومواطن الأبناء، وهي عصية على النسيان. ولو عدنا لمعظم الاتفاقيات التي وُقّعت مع المحتل عبر الزمن، ولم تتضمن خروجه من الأرض، لوجدناها تفاهمات أعطت المستعمر كثيرًا؛ فقد قُسّمت الأرض، وتجزأت السيادة، وتحولت البنادق إلى أدوات تنسيق، والحرية إلى بطاقات عبور، والشهداء إلى أرقام تنتظر في طابور الزمن! فمن يفاوض ثعلبًا لا يحصد إلا المكر، ومن يثق بمن قصف بيوت أطفاله لن يجد مكانًا في جنازته! فالعدو ليس حمامة سلام كما يصوَّر في بيانات الصحف العالمية، وكما يلمَّع في المنصات الإعلامية؛ فهو يحتل الأرض، ويسرق التاريخ، ويحرف الوعي، ويقنعك بأن ما سرقه منك لم يكن لك يومًا! ختامًا: يا بن هذه الأرض المنهكة، المثقلة بالجراح، يا صاحب الحق المغتصب، يا من وُلدت على حواف الوجع: لا تغرنك الأضواء ولا الشعارات، فالتاريخ علمنا أن من لا يعرف عدوه بوعي وبصيرة، قد يصافحه وهو ينزف ويبتسم، وربما وهو يُذبح باسم الأمن وضرورات السلام المفروض تحت حراب القوة.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
كيف نجح أردوغان في إنهاء أزمة تركيا مع العمال الكردستاني؟
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دخول تركيا عهدًا جديدًا قائمًا على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية، مؤكدًا بدء مرحلة جديدة في مشروع "تركيا بلا إرهاب" الذي شمل حل حزب العمال الكردستاني، ووقف العمليات الإرهابية، وإلقاء السلاح بشكل نهائي. عوامل النجاح جاءت تصريحات أردوغان في الاجتماع التشاوري الـ 32 لحزبه العدالة والتنمية يوم السبت 12 يوليو/ تموز 2025 في أنقرة، وبعد يوم واحد من بدء تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته وحرقها في مشهد رمزي شمال العراق. تشكّل تصريحات الرئيس التركي تبنيًا رسميًا للمسار السياسي الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت مع دعوة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، حيث بقيت التصريحات الرسمية التركية حذرة ومتحفظة وتركز على فكرة متابعة الخطوات العملية على الأرض. سبب هذا التحفظ هو الفشل الذي جلل كافة التجارب المشابهة السابقة، وخصوصًا المسار الأخير في عهد العدالة والتنمية والذي توِّج بدعوات مشابهة من أوجلان لإلقاء السلاح، الأمر الذي بدأ فعلًا قبل أن يتوقف ويستأنف الكردستاني عملياته تأثرًا بالتطورات في سوريا بدءًا من 2014. ما جعل المسار الحالي أقرب للنجاح والفاعلين أكثر تفاؤلًا به ثلاثة متغيرات رئيسة: الأول؛ قدرات الدولة التركية المتقدمة في مكافحة الإرهاب وما حققته من خطوات في مجال الصناعات الدفاعية ولا سيما سلاح المسيّرات الذي حقق فارقًا مهمًا على هذا الصعيد، لتنتقل تركيا خلال سنوات معدودة من خوض حرب مدن وشوارع على أراضيها ضد الإدارات الذاتية التي أعلنها العمال الكردستاني في 2015 إلى حرب استباقية قوضت معظم قدرات الكردستاني والمنظمات المرتبطة به في كل من تركيا والعراق، ونسبيًا في سوريا. الثاني؛ المراجعات الفكرية والسياسية للمنظّر الأول لحزب العمال وزعيمه التاريخي عبدالله أوجلان كنتيجة نهائية لسلسلة من المراجعات والمحطات المهمة، تجلى آخرها في الرسالة التي نقلت عنه من سجنه في جزيرة إيمرالي، حيث أكد فيها تغير الظروف الإقليمية والعالمية اليوم عنها في سنوات تأسيس الحزب (سبعينيات القرن الماضي)، ومقرًّا بأن أيديولوجيا الحزب وبرنامجه وأهدافه لم تعد تحظى بتأييد شعبي، وأن المشاريع الانفصالية ليست الحل الأمثل ولا الممكن اليوم. والثالث؛ هو التغيرات الإقليمية والدولية التي عملت هذه المرة لصالح تركيا وليس ضد مصلحتها، كما حصل في العقد الماضي. فقد تطور التعاون بين تركيا والعراق ليصنّف الأخيرُ العمال الكردستاني منظمة محظورة، ووضعَ تغيُّرُ النظام السوري قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في موقع دفاعي بعد رجحان كفة أنقرة، أحد أكبر الداعمين للنظام الجديد في دمشق. ثم أتت إدارة ترامب الجديدة لتكمل المشهد بسحب جزء من القوات الأميركية في سوريا، وتصريحات مبعوثها إلى سوريا توم باراك قبل أيام بضرورة اندماج عناصر قسد في الجيش السوري ورفض بلاده دعم أي مشاريع انفصالية من أي نوع أو مستوى. المرحلة المقبلة ببدء الخطوات العملية لإلقاء السلاح، تكون أنقرة على مشارف حل الملف الأصعب والأكثر حساسية لها داخليًا وخارجيًا، داخليًا بتأثيراته السلبية أمنيًا واجتماعيًا وسياسيًا، وخارجيًا كورقة ضغط عليها. حرص أردوغان في خطابه، الذي وصف بالتاريخي، على التأكيد أن المسار الحالي ليس نتيجة لمساومات ومحاصصة مع العمال الكردستاني، لكن هذا لا ينفي أن المسار السياسي يحقق مصالح كافة الأطراف كما كان المسار العسكري ضارًا بها جميعًا. فالمسار السياسي يحقق للدولة التركية وقف العمليات الإرهابية، وبالتالي الأمن والاستقرار وتخفيف الضغوط الخارجية بكل ما لذلك من مكاسب اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية وإستراتيجية. ويحقق للطيف الكردي من الشعب التركي مكاسب إضافية تتعلق بالحقوق والحريات والسلم المجتمعي، ستبني على الإصلاحات السابقة. وسيسعى التيار السياسي الكردي لمكاسب أخرى تتعلق بالمشهد السياسي الداخلي بدءًا من المواد الدستورية ووصولًا للإدارات المحلية. ولذلك فإن السؤال الذي يتكرر حول "على ماذا سيحصل العمال الكردستاني مقابل حل نفسه؟" يجد إجابته أولًا بانسداد الأفق أمام فكرة الدولة الكردية وحتى الإدارات الذاتية كما سبق شرحه، وثانيًا في المسارات الدستورية والقانونية المرتقبة. ولذلك فإن المسار الأبرز الذي يختصر عددًا من استحقاقات المرحلة القادمة هو الدستور، بغض النظر أكان صياغة دستور جديد أم القيام بتعديلات دستورية واسعة. المواد المرتقبة في أي مسار دستوري قادم يفترض أن تشمل ما يتعلق بتعريف المواطنة والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، وما يرتبط بحقوق "الأقليات" في المقام الأول. الأصعب من ذلك هو التشريعات التي ستتعامل مع قيادات وعناصر العمال الكردستاني من حاملي الجنسية التركية بعد حل الحزب، حيث ننتظر مواد قانونية تصنفهم على مجموعات وتتعامل مع كل منها بمسار قانوني مختلف، بين العفو والإدماج في المجتمع والبقاء خارج تركيا وتسويات أوضاع آخرين وفقًا لمناصبهم وأعمالهم خلال سنوات انتسابهم للمنظمة. كما أن المسار القانوني قد يلحظ زيادة صلاحيات الإدارات الذاتية (البلديات تحديدًا)، وهو مطلب ظهر كبديل للإدارات الذاتية وغيرها من المسارات الانفصالية. يتطلب إقرار دستور جديد أو أي تعديل دستوري موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أي 400 من أصل 600 نائب، أو تصويت 60% من أعضاء البرلمان بالحد الأدنى لعرضه على استفتاء شعبي، أي 360 نائبًا، وهو ما لا يملكه تحالف الجمهور، حيث يملك العدالة والتنمية 272 والحركة القومية 47 نائبًا في البرلمان. في خطابه الأخير، تحدث أردوغان عن "تحالف جديد" ينضم إليهما فيه حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب "الكردي" الذي عمل كوسيط لنقل رسائل أوجلان والذي يملك 56 نائبًا، ما يجعل مجموع نواب الأحزاب الثلاثة 375 نائبًا. من البديهي أن هذا ليس تحالفًا انتخابيًا ولا تحالفًا سياسيًا بالمعنى الشامل، لكنه تحالف سياقي يرتبط بشكل أساسي بإقرار الاستحقاقات القانونية والدستورية للمراحل القادمة في مشروع "تركيا بلا إرهاب". ومن الواضح أن الأحزاب الثلاثة تملك الإرادة السياسية للاستمرار في هذا المسار والكفاية العددية في البرلمان لإنجاحه، كما أنها تدعو الأحزاب الأخرى لتقديم دعمها للمسار- كما جاء على لسان أردوغان نفسه- لكنها ليست رهينة بالضرورة لتأييدها. ما زال يمثُل أمام المسار الحالي عدد من التحديات المفترضة أو المحتملة، من بينها احتمال رفض بعض الأطراف والتيارات في العمال الكردستاني الالتزام بوقف إطلاق النار وحل الحزب وإلقاء السلاح، أو تدخل أطراف خارجية (في مقدمتها "إسرائيل" مثلًا) للتشويش والتخريب بدعم تيارات أو شخصيات غير راضية عن المسار، أو حصول تطورات إقليمية/ دولية غير متوقعة تصب في غير صالح تركيا، أو عدم إقرار الاستفتاء الشعبي (في حال أجري) للتعديلات الدستورية المتوقعة. لكن قدرة أي من هذه السيناريوهات على التأثير السلبي تبدو اليوم محدودة جدًا بعد الخطوات السياسية والعملية الكثيرة التي جرت، والزخم الذي حصل في المسار وصولًا للمرحلة الحالية. أخيرًا، فإن لنجاح مشروع "تركيا بلا إرهاب" تداعيات عديدة على المشهد السياسي الداخلي، ستبدو أكثر وضوحًا مع تقدم المرحلة المقبلة وخصوصًا في البعد الدستوري والقانوني. لكن يفترض أن يساهم نجاحه في المقام الأول بزيادة مستوى السلم المجتمعي وتحرير السياسة الداخلية من بعض الضغوط والاستقطاب، ويؤمل أن يساعد على رفع مستوى الحريات في البلاد. لكن يبقى سؤال لم يجد إجابته بعد، وهو: ما ارتباط المسار الحالي بإعادة ترشح الرئيس أردوغان للانتخابات الرئاسية القادمة، بغض النظر أجريت في موعدها أم بكّرت؟، حيث يقول أردوغان إنه لا يهدف لذلك، بينما يؤكد الناطق باسم حزبه عمر تشيليك وحليفه دولت بهتشلي بأن أكبر أهداف الحزبين يتمثل في إعادة انتخاب أردوغان رئيسًا "بعدما أثبت تفرد قيادته ونجاحها في الداخل والخارج". والعامل الرئيس الذي يدفع للاعتقاد بأنه سيترشح مجددًا (مع فرص كبير بالفوز طبعًا) هو – مرة أخرى – الغالبية العددية التي يملكها "التحالف الجديد" في البرلمان بما يمكن أن يحقق انتخابات مبكرة عبر البرلمان (وحينها يحق لأردوغان الترشح تلقائيًا)، أو النص على ذلك في تعديل دستوري جديد.