
من خامنئي إلى غزة .. ترامب يخلط أوراق الشرق الأوسط برسائل نارية ومساعدات مشروطة
يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للربط بين ملفي غزة وإيران، مستخدمًا التصعيد في القطاع كورقة ضغط لتحريك مسار التفاوض مع طهران، في خطوة تعكس استراتيجيته المألوفة بخلط الأوراق لتحقيق مكاسب تفاوضية، وسط تشكيك دولي في نواياه وتخوف من تداعيات خطوته على الاستقرار الإقليمي.
هاجم الرئيس الأمريكي، في تصريحات مثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ما ألقى بظلال كثيفة من الشك على أي تقدم دبلوماسي محتمل بين واشنطن وطهران.
وكشف ترامب أنه كان يدرس خلال الأيام الماضية إمكانية رفع العقوبات المفروضة على إيران، بهدف إتاحة فرصة حقيقية لتعافي الاقتصاد الإيراني بشكل سريع وشامل، إلا أن تصريحات خامنئي، التي أعلن فيها "الانتصار على إسرائيل" ورفضه التفاوض أو الاستسلام أمام الولايات المتحدة، دفعته إلى التراجع الفوري عن تلك الخطط.
اغتيال خامنئي واحتمال رفع العقوبات
وقال ترامب في منشوره: "خلال الأيام القليلة الماضية، كنت أعمل على احتمال رفع العقوبات وأمور أخرى، كانت ستمنح إيران فرصة أفضل بكثير للتعافي الكامل والسريع... العقوبات تنهش جسدهم! لكن بدلًا من ذلك، جاءني بيان مملوء بالغضب والكراهية والاشمئزاز، فتوقفت فورًا عن كل ما يتعلق بتخفيف العقوبات وما سواها".
وفي تصريح صادم، زعم ترامب أنه تدخل شخصيًا لمنع كل من إسرائيل والجيش الأمريكي من اغتيال خامنئي، مشيرًا إلى أنه كان على علم تام بمكان وجوده.
وأضاف: "كنت أعلم تمامًا أين كان مختبئًا، ولم أسمح لإسرائيل أو القوات المسلحة الأمريكية، الأقوى والأعظم في العالم، بإنهاء حياته، لقد أنقذته من موت بشع ومُهين".
وعلى جانب أخر، أعرب الرئيس الأمريكي، عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة "خلال الأسبوع المقبل"، مشيرًا إلى اتصالات أجراها مؤخرًا مع عدد من الأطراف المعنية بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت أفادت فيه تقارير بأن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أحد أبرز مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من المقرر أن يزور واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات بشأن غزة وإيران.
الحرب مستمرة مع حماس
ويُعتقد أن ترامب يدفع نحو إنهاء الحرب المستمرة مع حركة حماس، في أعقاب المواجهة الأخيرة مع إيران، ويسعى كذلك لتوسيع اتفاقات أبراهام.
وعلى صعيد آخر، سلط ترامب الضوء على قرار بلاده تقديم تبرع بقيمة 30 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة مثيرة للجدل تنشط في توزيع المساعدات الغذائية من مناطق عسكرية داخل القطاع، منذ نحو شهر.
وقال: "الوضع في غزة مأساوي للغاية... ونحن نوفر الكثير من الأموال والغذاء لتلك المنطقة لأن علينا أن نفعل ذلك".
وأضاف: "نظريًا، لسنا طرفًا مباشرًا في الصراع، لكننا متورطون لأن الناس يموتون. أنظر إلى تلك الحشود التي لا تملك طعامًا ولا أي شيء".
وتابع ترامب مشيرًا إلى أن بعض المساعدات يتم الاستيلاء عليها من قبل "جهات سيئة"، لكنه عبّر عن رضاه النسبي عن نظام التوزيع الجديد التابع للمؤسسة، واصفًا إياه بأنه "جيد إلى حد ما".
مؤسسة غزة الإنسانية
رغم ذلك، فإن "مؤسسة غزة الإنسانية" تواجه انتقادات حادة بسبب حوادث مميتة متكررة، وقعت عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع المساعدات.
وأشار ترامب إلى أن على دول أخرى أن تشارك في معالجة الأزمة الإنسانية في غزة، مع العلم أن معظم الدول أحجمت عن التعاون مع المؤسسة بسبب آلياتها المثيرة للجدل، والتي تجبر المدنيين على السير لمسافات طويلة وعبور خطوط عسكرية للحصول على الطعام.
الإغاثة في غزة
في المقابل، تواجه آليات التوزيع المدعومة من الأمم المتحدة اتهامات بتعرضها للنهب، فيما تؤكد منظمات الإغاثة أن الحل يكمن في زيادة كميات المساعدات التي تدخل غزة، ما يقلل من حدة الطلب.
بينما تتهم إسرائيل حركة حماس بسرقة المساعدات لاستخدامها في تمويل عملياتها أو توزيعها على مقاتليها، وهي اتهامات تنفيها الحركة.
ويُذكر أن معدل دخول الشاحنات إلى غزة خلال الشهر الماضي لم يتجاوز 56 شاحنة يوميًا، وهو رقم يقل كثيرًا عن المئات المطلوبة يوميًا بحسب تقديرات منظمات الإغاثة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الكارثية.
واندلعت الحرب في غزة بعد الهجوم الدموي الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وأسر 251 آخرين.
ولا تزال الجماعات المسلحة في غزة تحتجز 50 رهينة، من بينهم 49 من المختطفين في ذلك الهجوم، وتضم القائمة جثث ما لا يقل عن 28 شخصًا تأكدت وفاتهم، بالإضافة إلى 20 يُعتقد أنهم أحياء، وقلق شديد حيال مصير اثنين آخرين. كما تحتفظ حماس بجثمان جندي إسرائيلي قُتل في غزة عام 2014.
وفيما أعلنت وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حماس، أن عدد القتلى في القطاع تجاوز 56 ألفًا بين قتيل ومفقود يُفترض وفاته، تقول إسرائيل إنها قتلت نحو 20 ألف مقاتل منذ بداية الحرب، إلى جانب 1,600 عنصر مسلح تم تصفيتهم داخل إسرائيل خلال هجوم 7 أكتوبر.
وتؤكد إسرائيل أنها تبذل جهودًا لتقليل الخسائر المدنية، في ظل اتهامها لحماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، والاحتماء بالمنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد أثناء القتال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ ساعة واحدة
- IM Lebanon
هل تفتح 'ستارلينك' نافذة خلاص لـ'الاتصالات'؟
كتب مروان الشدياق في 'نداء الوطن': في بلد لا تكاد شاشاته تُضيء من دون مولّد، ولا شبكة هاتف تُكمل نهارها من دون انقطاع، جاء اتصال إيلون ماسك برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كإشارة لافتة، فتحت الباب على مصراعيه أمام احتمالات كبرى في قطاع الاتصالات والانترنت. رجل الفضاء والتكنولوجيا، والرئيس التنفيذي لشركات 'تيسلا'، 'سبايس إكس' و'إكس'، أبدى رغبته في دخول السوق اللبناني، ما قوبل بترحيب رئاسي سريع، وتكليف مباشر لوزير الاتصالات شارل الحاج بمتابعة الملف. مصادر وزارة الاتصالات أوضحت لـ'نداء الوطن' أن الرئيس عون طلب من الوزير شارل الحاج تحضير الأرضية القانونية والتقنية اللازمة لهذا التعاون، على أن تبدأ الاتصالات الرسمية مع الجانب الأميركي خلال الأسبوع المقبل، وسط تعهّد بإعلام الرأي العام بأي تطوّر ملموس. بين السيادة والسوق لكن دخول 'ستارلينك' إلى لبنان، وهو المشروع التابع لماسك لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، ليس مسألة تجارية فحسب، بل يُلامس بنية السوق، السيادة الرقمية، وشبكة النفوذ المحلي. فرغم الإيجابية الظاهرة، تشير المصادر إلى أن الدولة لا تنوي أن يتسبب الاشتراك بخدمة ستارلينك في ضرب مداخيل الشركات المحلية، لذلك يتمّ درس وضع حدّ أدنى لسعر الاشتراك لا يقلّ عن 100 دولار أميركي شهريًا، لحماية السوق الداخلي. قطاع مترنّح… واحتكار مزمن في موازاة الطرح الرسمي، تحدث أحد خبراء التكنولوجيا وهندسة الاتصالات لـ'نداء الوطن'، مشخّصًا حال القطاع المحلي بدقّة. فالأزمات المتراكمة من ضعف الكهرباء، إلى انهيار البنية التحتية، وصولًا إلى غياب الصيانة وتوقّف مشاريع الفايبر أوبتيكس، جعلت من الاتصالات في لبنان خدمة مكلفة، محدودة، وضعيفة التغطية، ولا سيما في المناطق الجبلية والريفية. والأسوأ من ذلك، يقول الخبير، هو غياب المنافسة بين الشركات، واحتكار السوق من قِبل لاعبين معدودين لا يتنافسون فعليًا على السعر أو الجودة. ستارلينك: الحل الفضائي لأزمة أرضية في ظل هذه المعطيات، يُقدَّم مشروع 'ستارلينك' كخيار سريع وفعّال. فالتقنية لا تحتاج إلى بنى تحتية متطورة، بل تكتفي بجهاز استقبال منزلي (router) يعمل على طاقة الكهرباء المنزلية، ويتصل مباشرة بالقمر الاصطناعي. بهذه البساطة، يستطيع المستخدم تجاوز كل مشاكل الكهرباء، الصيانة، وتعثّر المحطات. 'ستارلينك'، بحسب الخبير، تتيح تغطية كاملة لكافة الأراضي اللبنانية، بما فيها المناطق النائية، وتتميّز بسرعة أعلى من الإنترنت الأرضي، وأمان محلي أكبر، خصوصًا أن الاتصال لا يمر بشبكات الدولة، ما يحدّ من إمكانات التجسس الداخلي. لكن هذا الأمر، في المقابل، يثير مخاوف حكومية في عدد من الدول عند تعاطيه مع معلومات حساسة أو مراسلات رسمية، بسبب السيطرة الخارجية على الشبكة الفضائية. بين التحرير والتهديد أبعد من التكنولوجيا، ترى أوساط تكنولوجية أن دخول ستارلينك إلى السوق اللبناني يمكن أن يُحدِث زلزالًا في بنية قطاع الاتصالات، إذ يُهدّد هيمنة 'أوجيرو'، شركتَي الخلوي alfa وtouch، ومزودي الإنترنت الخاصين، بما في ذلك شبكات الإنترنت غير الشرعي المنتشرة بكثافة. بما أنّ 'ستارلينك' تتعامل مباشرة مع المستخدم، من دون وسطاء أو أطراف ثالثة، ما يجعلها منافسًا شرسًا ومحررًا محتملاً لسوق محتكر منذ عقود. أبعد من الإنترنت… إلى الكهرباء والذكاء ولا يتوقف طموح ماسك على الإنترنت وحده. فشركاته توفّر حلولًا متقدمة في تخزين الطاقة الشمسية، ما قد يشكّل فرصة حقيقية لمعالجة أزمة الكهرباء على محطات الاتصالات، إذا أُحسن التخطيط والتطبيق. أما في مجال الذكاء الاصطناعي، فيُتوقّع أن تساهم التقنيات التي تطورها شركات ماسك في تحليل أعطال الشبكات، وتحسين جودة الخدمات، بما يتخطى القدرات التقليدية الحالية. الواقع يسبق الحلم؟ لكن، ورغم هذا المشهد المتفائل، يبقى السؤال الجوهري: هل يستطيع لبنان فعلاً استيعاب تقنيات من هذا النوع، أم أننا أمام حلم اصطدم مسبقًا بعقبات السيادة، البيروقراطية، والمصالح؟ بين ما يُحكى عن تحرير السوق، وتحقيق السيادة الرقمية، وتحديث البنية التحتية… لا تزال الأمور في بدايتها. ويبقى أن ننتظر ما ستُسفر عنه اتصالات الوزير الحاج، وما إذا كان لبنان مستعدًا فعلاً لالتقاط 'إشارة من الفضاء'، بعدما عجزت إشارات الأرض عن الوصول.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
بركة ترامب لولاية الفقيه لبناء هيكل أورشليم من الأرز
نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإجراء مناورة حقّق بموجبها عدة أهدافٍ، حيث استطاع أن ينصّب نفسه راعٍ للأمن الدولي مكان مجلس الأمن، وإماماً محكّماً ملهماً لصناعة السلام. تخطّى الرئيس ترامب الماغا (MAGA) في خطابه جرّاء مباركته وقف إطلاق النار ما بين إسرائيل وإيران ليرتقي إلى المييغا (MIIGA: Make Israel and Iran Great Again). حوّل ترامب الإمام الخامنئي شاهاً جديداً بعد حماية نظامه من السقوط، وجعله بمنأى عن كافة الأعداء في الداخل والخارج الذين كانوا يتآمرون من أجل إسقاطه. تحرّر آية الله الخامنئي من إبرام اتفاقات مستقبليّة بشأن التخصيب، وأدّى نجاح عمليات مقاتلات B2 إلى خروج إيران رسمياً من معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي نجاح أميركا بتقويض مفاعيل هذه الاتفاقية، أسوةً بنجاح ترامب بضرب معاهدة روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدوليّة. تحرير التسلّح النووي من القانون الدولي أدّى خروج معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية من الخدمة والتي كانت قد صادقت عليها إيران في العام 1970، إلى شرعنة الحالة الإسرائيلية النووية، حيث لم تنضمّ إسرائيل إلى هذه الاتفاقية بالرغم من نشاطها النووي بهدف التسلّح. إنّ تعميم احتضار القانون الدولي عبر المييغا، سبقته محطّات عدّة، أبرزها، غضّ نظر إيران عن جرائم إسرائيل في غزّة، ولم يبقى من القانون الدولي بالنسبة لإيران إلّا تذرعها بمبدأ حقّ الدفاع المشروع لا غير! إنّ الجامع المشترك ما بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وإيران هو إفشال دور مجلس الأمن ومواجهته وتعطيل تنفيذ قراراته. أدّت المييغا إلى تعطيل الدور الأوروبي في مجلس الأمن وتحييد الدول الأوروبيّة عن شؤون الشرق الأوسط. شنّت أميركا هجمات على النووي الإيراني من دون موافقة مجلس الأمن ومن دون إنشاء تحالف من بعض الدول الأوروبية على غرار السلوكيات الأميركية خلال حربي العراق وسوريا. شرّعت أميركا ترامب تدخّلها الأحادي تحت غطاء مبدأ المسؤولية عن الحماية R2P: حماية الأمن الدولي من النووي. هذه السلوكيات الجديدة قد تنبئ بمغامرات أميركية أحاديّة قد تشكّل ذريعة للصين وروسيا للإفلات من قواعد القانون الدولي. إيران ذراع أميركي جديد؟ الثابت، أنّ النظام الإيراني – كظاهرة ميثولوجية حديثة – يشكّل حاجة استراتيجية للولايات المتحدة، لابتزاز الحلفاء ولفرض الولايات المتحدة نفسها حاجة ماسّة ودائمة لدول الشرق الأوسط وتحديداً لدول الخليج التي قبل وصول ترامب بدأت الاتجاه نحو الشرق الأقصى بالتنسيق مع القيصر الروسي في خضمّ العدوان ضدّ أوكرانيا. لن تترك الولايات المتحدة الأميركية المتعة للعرب بشعور السيطرة الأحادية على المضائق البحريّة وعلى تصدير البترول. نجح ترامب بضرب فائض القوّة التي تتمتّع بها دول الشرق الأوسط، حيث ستفرض توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية عبر ستاتيكو جديد "المييغا" برعاية الماغا. سلوكيات إيران الدفاعية المشفّرة إنّ ممارسة إيران لحقّ الدفاع المشروع لم يكن مطلقاً، بل احترم مجموعة قواعد اشتباك مع العدوّ الإسرائيلي، لا يمكن أن يفسرها إلّا تشفير الأسرار المدفونة تحت هيكل أورشليم. بالرغم من قصف إسرائيل ومن ثمّ أميركا للمنشآت النووية الإيرانية، لم تردّ إيران بالمثل، ولم تقصف منشآت ديمونا التي تعمل أيضاً لتصنيع البلوتونيوم. كما ولم تستعمل إيران سلاح طيرانها الحربي، ولم يشاهد أحد فضائل "كوثر" فوق القدس الشريف أم فوق سماء غزّة. إنّها ليست المرّة الأولى التي يتساءل فيها العالم عن السكوت الإيراني أو عن الالتزام بعدم الردّ بالرغم من كسر جبروته واغتيال رموزه الأمنيّة. التجربة العظمى الأولى كانت تحييد إيران نفسها عن الردّ أولاً على مجازر قطاع غزّة، ثانياً على عملية البايجر، ثالثاً على اغتيال السيد حسن نصرالله. تفرّجت إيران على حرب الإسناد التي يبدو قد أحرجتها. غُرّر بحزب الله حتّى دخل حرب إسنادٍ لغزّة، أدّت إلى شبه زواله عسكرياً وتفكيكه مخابراتياً بسبب ارتفاع نسبة العمالة "التكنولوجيّة". إنّ التمايز عن حزب الله هو من شروط المييغا، القائم على مبدأ التخلّي عن الأذرع المسلّحة بطريقة غير علنيّة. فبخصوص حزب الله، والذي اكتسب حجماً إقليمياً، لم يستطع أحد أجنحة نظام الثورة تحمّل حجمه، وسط منافسة خفيّة كانت ساحتها سوريا، أضف نجاح الحزب بخلق استقلالية ماليّة لا تعتمد على تبرعات ودعم الدول الحليفة أو الراعية بل على نشاط استثماري ناشط في كلّ القارات. فبعد سقوط نظام الأسد والاندحار الإيراني بمباركة روسيّة ضمنيّة، أصبحت مصلحة النظام بالانسحاب التكتيكي بهدف أن يقي نفسه عن حرب للدفاع عن حزب الله، أكان على الحدود السورية أم على الحدود مع فلسطين المحتلّة. لبنان في معادلة المييغا بالمقابل، إنّ الجناح الآخر من المييغا، "إسرائيل"، ليس بمقدورها الردّ على إيران بعد مباركة ترامب لشبه الهزيمة المتمثّلة بدمار تل أبيب، إلّا من نافذة مهاجمة الأذرع التي تحت متناول اليد. فهل سيكون الردّ بالانقضاض على حزب الله عبر استغلال ضعف النظام اللبناني وعدم مقدرته على إيجاد حلّ لضبط سلاحه؟ إن قواعد الاشتباك ما بين إسرائيل وإيران بحضور الحكم الحكيم الأميركي، يجعل من السلطة في لبنان بحالة خوفٍ وإرباك شديدين، بدءًا من الشعور بالعجز، مرورًا بالشعور بالذنب وصولًا إلى الشعور بالنكران. فالحوار مع الثنائي الشيعي، لم يتجاوز عتبة مسألة إعادة الإعمار. فالسلاح خارج جنوب الليطاني ليس على أجندة الحزب، الذي يعتبره خارج نطاق تطبيق القرار ١٧٠١. والسلاح الفلسطيني داخل المخيمات هو خط أحمر لم يتغيّر منذ مخيّم نهر البارد. وقبل البحث بأيّ أمر خارج جنوب الليطاني، إن الانسحاب الإسرائيلي هو شرط أساسي لانتشار الجيش اللبناني، الذي تخضع قيادته لسلطة مجلس الوزراء مجتمعاً، والتي لا تستطيع التصرّف باستقلاليّة أو خلافاً لسياسة الحكومة احتراماً لمبدأ المشروعية الدستوريّة. أيّ اعتداء إسرائيلي ضدّ لبنان لن يؤدي إلى جرّ إيران بتاتاً نحو الردّ على استهداف أذرعها. فبعد تحييد إيران نفسها عن الدفاع عن حلفائها المشاركين في حرب الإسناد، فلم يعد يهمّها إلا كسب لبنان الرسمي عبر المشاركة في استثمارات إعادة البناء كمحاولة لاحتضان جمهور المقاومة والتواجد من باب العلاقات الثقافية والتجارية للتعويض عن خسارة الحضور في سوريا. إنّ حزب الله أصبح يشكل عبئاً على إيران، بالرغم من أنّ وفاء الحزب وجمهوره لولاية الفقيه فرض نفسه دَينًا على نظام الحرس الثوري. وهذا الأمر ينسحب على الذراع الآخر الفلسطيني المُتلبنِن المتمثّل بحركة حماس – والتي تتحوّل لتصبح أحد أذرع حزب الله. ويبقى السؤال لماذا لم تتدخل إيران عسكرياً لرفع الحصار عن غزة؟ وأقلّه لماذا لم تُطرح مسألة غزّة كبندٍ من بنود وقف إطلاق النار ما بين إسرائيل وايران؟ سقطت نظرية الاستقواء بإيران، أما الاستقواء بإسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة عبر نتائج اعتداءاتها السافرة، لن تنتج سلطة سياسية لبنانيّة جديدة، فالسلطة الجديدة لا يمكن أن تكون نتيجة انتصار العدوّ. فدروس الحرب اللبنانية تؤكد فشل معادلة الغالب والمغلوب في الحكم، خصوصاً أنّ الأفرقاء اللبنانيين لا يجيدون الحوكمة الرشيدة بل يتقنون فنّ ممارسة السلطة بكافة الوسائل المتاحة المحرّمة والتي تصبح غير محرّمة. على أمل ألّا يُعاد مجدّداً بناء هيكل سليمان من خشب الأرز اللبناني، خصوصاً أنّ شجرات أرز الربّ في لبنان أصبحت قليلة كونها ترمز إلى الشهامة والنبل وارتفاع النفس.


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
يورانيوم إيران المخصب تحت الأنقاض
أكد البيت الأبيض، يوم الأربعاء، أن إيران لم تقم بنقل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب قبل تنفيذ الضربات العسكرية الأميركية الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذا المخزون أصبح الآن 'مدفونًا تحت الأنقاض'. ويأتي هذا الموقف بعد جدل أُثير في أعقاب الهجوم الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستهدف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في فوردو، نطنز، وأصفهان، دعمًا لإسرائيل خلال المواجهة العسكرية الأخيرة مع طهران. ترامب، وفي تصريحات جديدة، هاجم وسائل إعلام أميركية بارزة اتهمها بتسريب تقرير استخباراتي سري يشكك في جدوى الضربات، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كانت إيران قد أفرغت المواقع المستهدفة من اليورانيوم المخصب قبل الهجوم. وكان خبراء قد أثاروا بالفعل احتمال أن تكون إيران قد نقلت ما يقارب 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى مواقع بديلة، لتفادي خسارته في حال تعرضت المنشآت للقصف. وسبق أن أشارت تقارير صحفية، من بينها تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز'، إلى عمليات نقل سرية لليورانيوم من منشأة 'فوردو'، الأمر الذي عزز الشكوك بشأن فعالية الضربة. مع ذلك، يواصل ترامب الدفاع عن العملية، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أنها نجحت في تدمير المنشآت الثلاث بالكامل، وأن الرسالة الأميركية وصلت بوضوح إلى طهران. والأربعاء قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، لشبكة 'فوكس نيوز' الإخبارية: 'أؤكد لكم أن الولايات المتحدة لم تتلق أي دليل على أن اليورانيوم عالي التخصيب نقل قبل الضربات'. وأكدت ليفيت أن 'المعلومات التي تفيد بخلاف ذلك تقارير خاطئة'. وأضافت: 'أما بشأن ما هو موجود في المواقع الآن، فهو مدفون تحت أنقاض هائلة نتيجة نجاح ضربات ليلة السبت'. وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي قال لقناة 'فرانس 2' التلفزيوية الفرنسية، إن 'الوكالة لم تعد قادرة على مراقبة هذه المادة من لحظة بدء الأعمال القتالية'. وتابع: 'لا أريد إعطاء الانطباع أن اليورانيوم المخصب ضاع أو أُخفي'. وبحسب وثيقة سرية نشرتها شبكة 'سي إن إن'، الثلاثاء، فإن الضربات الأميركية لم تؤد سوى إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر فقط، من دون تدميره بالكامل، وذلك خلافا لما دأب ترامب على قوله. (سكاي نيوز)