
✅ عطلة الصيف: لماذا يفضل المغاربة الجنوب الاسباني
غير ان هذا التفضيل المتكرر، الذي يبدو راسخا منذ عقود، لا يسلم من التساؤل في ضوء تحولات سوق الايواء السياحي، وارتفاع منسوب التنافسية في الوجهات المغربية نفسها، خاصة في شمال البلاد.
فمنذ سنوات، ظلت العلاقة السياحية بين المغاربة وبعض مدن الاندلس تقوم على عناصر ثابتة: القرب الجغرافي، التنوع الثقافي، جودة الخدمات، والاهم من ذلك – كما يروّج له – انخفاض الاسعار مقارنة بالداخل.
غير أن هذا التصور، الذي ترسخ في سياق اقتصادي عالمي مختلف، يعاد اليوم اختباره على ارضية جديدة، حيث لم تعد المعطيات تنسجم بالكامل مع الموروث الذهني.
في مدينة ماربيا، وهي واحدة من الوجهات التي تحظى باقبال واضح من المغاربة خلال فصل الصيف، تجاوز متوسط سعر الاقامة في فنادق من فئة اربع نجوم سقف 290 دولارا لليلة الواحدة، وفق بيانات موثقة على منصات الحجز.
اما خلال عطلات نهاية الاسبوع، فتصل الاسعار في بعض المؤسسات الفندقية الى مستويات تفوق 600 دولار، دون احتساب الرسوم الاضافية او خدمات الرفاهية. وتتجاوز كلفة الايجار اليومي لشقة صغيرة في مواقع مطلوبة احيانا 700 دولار، مما يجعل من هذه الوجهة واحدة من الاغلى في الساحل الجنوبي لاسبانيا.
ولا تشكل طريفة، الوجهة الاصغر والاقرب الى المغرب، استثناء في هذا السياق، اذ تظهر بيانات محدثة من مواقع Booking وSkyscanner ان الاقامة المتوسطة في فندق مصنف ثلاث نجوم تتراوح بين 130 و180 دولارا، بينما ترتفع الاسعار بشكل ملحوظ في عطلات نهاية الاسبوع او عند الطلب المرتفع.
ووفق تقرير لمنصة 'Idealista'، سجلت الايجارات الموسمية في الجنوب الاسباني هذا الصيف ارتفاعا ناهز 7 بالمئة مقارنة بصيف 2024، وبلغ متوسط الكلفة الاسبوعية لشقة من الحجم المتوسط 1270 يورو، اي ما يعادل اكثر من 13400 درهم مغربي.
وعلى الضفة الاخرى، وفي مدن مثل طنجة واصيلة والمضيق، لا تزال الاسعار تحتفظ بهامش تنافسي لافت. فنادق ثلاث نجوم في طنجة تعرض بمتوسط يراوح بين 70 و90 دولارا، فيما تتراوح كلفة فنادق الاربع نجوم بين 110 و130 دولارا، في ذروة الموسم.
اما الاقامات المفروشة، من شقق ودور ضيافة، فتبدأ في اصيلة والمضيق من 35 دولارا، ونادرا ما تتجاوز 100 دولار لليلة الواحدة، حتى في المواقع القريبة من الشاطئ.
ورغم ان فارق الاسعار يميل بوضوح لصالح المغرب، الا ان هذا العامل لا يبدو حاسما في توجيه اختيارات شرائح واسعة من المغاربة. اذ يُستحضر في الخطاب الشائع تبرير قائم على المفاضلة بين 'مستوى الخدمات والسعر'، حيث يعتبر كثيرون ان ما يُدفع في اسبانيا يقابله احترام للجودة، ووضوح في العرض، وانضباط في التوقيت، واحترافية في التعامل.
ويعزز هذا التصور، المتداول بقوة، الاعتقاد بان الفرق لا يكمن في المبلغ المدفوع بل في ما يُقدّم مقابله، حتى وان لم تثبت الارقام صحة هذه القناعة في جميع الحالات.
وفي المقابل، تواجه السياحة الداخلية المغربية تحديا على مستوى الادراك، اكثر منه على مستوى الواقع. فعلى الرغم من التحسن الملموس في بنية الاستقبال، وجودة العرض، وتنوع الخدمات، تظل نظرة الريبة او التوجس من التجربة المحلية حاضرة لدى بعض الفئات، خاصة عند مقارنتها بما يعتبر 'النموذج الاسباني' في التعامل مع الزبون.
ولا تغيب عن هذا السياق الصور النمطية المتكررة المرتبطة بالفوضى، وغياب الشفافية في التسعير، وندرة المعاملة المهنية خارج المؤسسات الكبرى.
وفي حين تشهد الوجهات الاسبانية نفسها ارتفاعا متسارعا في الاسعار، واحتجاجات محلية متزايدة ضد ما يعرف ب'السياحة المفرطة'، لا تزال قطاعات من المغاربة تواصل هذا النزوح الموسمي نحو الجنوب الاوروبي، ربما باعتباره خيارا معنويا اكثر منه حسابا عقلانيا.
ويبدو ان الجواب عن سؤال 'لماذا يختار المغاربة اسبانيا؟' لا يكمن في جداول الاسعار، بل في تركيبة اعمق من الانطباعات الموروثة والتفضيلات الفردية. ومع استمرار هذه المفارقة بين الكلفة والجاذبية، تطرح التجربة السياحية المغربية تحدي بناء الثقة، ليس فقط في الخدمة، بل في الصورة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ 6 ساعات
- كش 24
المغرب يخطط لرفع حصة السيارات الكهربائية إلى 60% من صادراته بحلول 2030
يسعى المغرب إلى تحقيق تحول استراتيجي في قطاعه الصناعي، واضعا نصب عينيه هدفا طموحا يتمثل في رفع حصة السيارات الكهربائية إلى 60% من مجموع صادرات قطاع السيارات بحلول عام 2030، وفقا لما كشفته وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية. ويأتي هذا الطموح في وقت سجلت فيه المملكة طفرة في قدرتها الإنتاجية خلال شهر يوليوز الجاري، بعدما ارتفعت الطاقة الإجمالية لصناعة السيارات إلى مليون وحدة سنويا، بفضل التوسعة الجديدة لمصنع "ستيلانتيس" الذي أصبحت طاقته تبلغ 535 ألف مركبة، إلى جانب منشآت مجموعة "رينو" الفرنسية التي تنتج ما يقارب 500 ألف وحدة سنويا. وباشرت المصانع التابعة للشركتين في إنتاج سيارات كهربائية صغيرة ومتوسطة الحجم، حيث بلغ مجموع ما تم تصنيعه من هذا النوع نحو 70 ألف وحدة بنهاية عام 2024، وسط توقعات بارتفاع الإنتاج إلى 107 آلاف وحدة متم 2025. ورغم هذا التطور، لا تزال السيارات الكهربائية تشكل نسبة ضئيلة من الإنتاج الإجمالي، الذي تجاوز 570 ألف مركبة في سنة 2024، أغلبها مخصص للتصدير نحو أوروبا. ويحتفظ قطاع السيارات بموقعه الريادي كأول قطاع مصدر في البلاد، متفوقا على الفوسفاط ومشتقاته، فقد بلغت قيمة صادراته خلال سنة 2024 ما يناهز 157 مليار درهم (17.4 مليار دولار)، مما يعكس وزنه المتزايد في النسيج الاقتصادي الوطني. غير أن القطاع شهد خلال النصف الأول من سنة 2025 أول تراجع في أدائه منذ سنوات، حيث انخفضت صادراته بنسبة 4% لتستقر في حدود 64.7 مليار درهم، وعزت وزارة الاقتصاد والمالية هذا التراجع إلى تراجع الطلب الأوروبي على السيارات الجديدة، الذي سجل انخفاضا نسبته 1.9%، خاصة في فرنسا، الشريك التجاري الأول للمغرب في هذا المجال. ورغم هذا التراجع، يسود جو من التفاؤل في أوساط الفاعلين الصناعيين، الذين يعتبرون التراجع ظرفيا، ويراهنون على استثمارات استراتيجية لمواصلة الصعود، وعلى رأسها مشاريع تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، حيث شرعت أولى الشركات الصينية في الإنتاج فعليا منذ بداية يوليوز، فيما تستعد شركات أخرى لإطلاق عمليات التصنيع مطلع السنة المقبلة. ويراهن المغرب من خلال هذا التوجه الصناعي الجديد على تعزيز موقعه في سلاسل القيمة العالمية للسيارات الكهربائية، والتحول إلى منصة خضراء للتصدير بمنطقة المتوسط، في انسجام مع توجهاته نحو الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة.


أخبارنا
منذ 6 ساعات
- أخبارنا
أزمة الكاكاو تغيّر طعم الشوكولاتة البيضاء... وبدائل "نباتية" تغزو الأسواق
في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار الكاكاو عالمياً، بدأت الشوكولاتة البيضاء التقليدية تختفي تدريجياً من أرفف المتاجر الكبرى، حيث اتجهت العديد من الشركات المصنعة إلى استخدام بدائل نباتية أقل تكلفة، مثل زيت النخيل وزيت الشيا، بدلاً من زبدة الكاكاو المكوّن الأساسي في الشوكولاتة البيضاء الأصيلة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة ديلي ميل، غيّرت بعض العلامات التجارية وصف المنتجات على العبوات من "شوكولاتة بيضاء" إلى مجرد "بيضاء"، في محاولة للالتزام بالقوانين البريطانية التي تشترط احتواء الشوكولاتة البيضاء على 20% على الأقل من زبدة الكاكاو. ومن بين الأمثلة، قامت شركة McVitie's بتعديل وصف منتج Digestives الأبيض، كما طبّقت شركة نستله التغيير نفسه على Kit Kat Chunky White، دون أن تخفض الأسعار. ويعود هذا التحول إلى أزمة الكاكاو العالمية، إذ سجّلت الأسعار قفزة ضخمة في أبريل 2024، متجاوزة 12 ألف دولار للطن، نتيجة الجفاف والأمراض التي أصابت مزارع الكاكاو في غرب إفريقيا، المنطقة التي توفر 70% من الإنتاج العالمي. وأدّى ذلك إلى ضغط كبير على الشركات المصنعة، التي اضطرت إلى تعديل الوصفات لمواجهة ارتفاع التكاليف. الأزمة لا تهدد الشوكولاتة البيضاء فقط، بل تطال أيضاً الشوكولاتة بالحليب والداكنة، حيث أعلنت شركات مثل نستله رفع أسعار منتجاتها بنسبة 2.1% خلال 2025، في حين لجأت أخرى مثل مونديليز إنترناشونال إلى الاستثمار في تقنيات بديلة، مثل الكاكاو المزروع في المختبر، عبر شركات ناشئة مثل Celleste Bio. وتقول ميشال بيريسي غولومب، الرئيسة التنفيذية للشركة، إن "الاعتماد المستمر على الزراعة التقليدية يُهدد مستقبل الشوكولاتة"، محذرة من أن العالم قد يواجه نقصاً دائماً في الكاكاو خلال عقدين إذا لم تُعتمد حلول جديدة. في ظل هذه التغيرات، يبدو أن ما نعرفه عن الشوكولاتة في طريقه للتبدّل جذرياً، وسط سباق بين التكاليف، والذوق، والتكنولوجيا، لإنقاذ واحدة من أكثر الحلويات شعبية في العالم.


المغرب اليوم
منذ 17 ساعات
- المغرب اليوم
أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى في 3 أسابيع
تراجعت أسعار النفط في جلسة الجمعة لتبلغ عند التسوية أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، بضغط من قلق بشأن أنباء اقتصادية سلبية من الولايات المتحدة والصين ومؤشرات على زيادة المعروض. لكن التفاؤل بشأن توصل الولايات المتحدة لاتفاقات تجارية قد تعزز النمو الاقتصادي والطلب على النفط في المستقبل حد من التراجع. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 74 سنتًا أو 1.1% لتصل إلى 68.44 دولار للبرميل عند التسوية. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 87 سنتًا أو 1.3% إلى 65.16 دولار للبرميل. وتشكل تلك الأسعار أدنى مستوى تسوية لخام برنت منذ الرابع من يوليو/ تموز، ولخام غرب تكساس الوسيط الأميركي منذ 30 يونيو/ حزيران. وسجل خام برنت بذلك انخفاضًا بنحو 1% في الأسبوع، وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 3%. وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إنها ستلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اسكتلندا يوم الأحد لمناقشة العلاقات التجارية. وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن دبلوماسيين يتوقعون التوصل لاتفاق تجاري إطاري مطلع الأسبوع. وأظهرت بيانات رسمية أن اقتصاد منطقة اليورو ظل متينًا في مواجهة الغموض الذي تسببه الحرب التجارية عالميًا. وفي الولايات المتحدة، انخفضت الطلبيات الجديدة على سلع التصنيع التي تدخل في إنفاق رأسمال الشركات على نحو غير متوقع في يونيو/ حزيران، في حين زادت شحنات هذه السلع قليلًا، مما يشير إلى تباطؤ إنفاق الشركات على المعدات بشكل ملحوظ في الربع الثاني. وقال ترامب أمس الجمعة أيضًا إنه عقد اجتماعًا جيدًا مع جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وإنه حصل على انطباع بأن باول قد يكون مستعدًا لخفض أسعار الفائدة. ويقلل خفض أسعار الفائدة من تكلفة الاقتراض ويدفع لتعزيز النمو الاقتصادي، وبالتالي الطلب على النفط. وفي الصين، قالت وزارة المالية إن الإيرادات المالية هبطت 0.3% في الأشهر الستة الأولى على أساس سنوي، مواصلة بذلك وتيرة هبوط بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار. كما أشارت مصادر يوم الخميس إلى أن الولايات المتحدة تجهز للسماح لشركاء للمؤسسة النفطية الحكومية في فنزويلا بالعمل بقيود في الدولة التي فرضت عليها عقوبات. ويقول محللون من "آي.إن.جي" إن ذلك قد يرفع صادرات النفط من فنزويلا بما يزيد قليلًا عن 200 ألف برميل يوميًا. وقالت إيران إنها ستواصل المحادثات مع القوى الأوروبية بعد مناقشات وصفتها بأنها "جادة وصريحة وتفصيلية" في أول اجتماع مباشر منذ قصف إسرائيل والولايات المتحدة لمنشآت نووية إيرانية الشهر الماضي. وفنزويلا وإيران من الدول الأعضاء في "أوبك"، وأي اتفاق لزيادة الإنتاج من أي من الدولتين الخاضعتين حاليًا لعقوبات سيزيد من المعروض من النفط في الأسواق العالمية. وقالت "أوبك" أمس إن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التابعة لها، المقرر أن تعقد اجتماعًا يوم الاثنين، لا تملك صلاحية اتخاذ القرارات المتعلقة بمستويات الإنتاج. واستبعدت أربعة مصادر في تحالف "أوبك+" أن تغير لجنة تابعة للتحالف خططه الحالية لزيادة إنتاج النفط عندما تجتمع يوم الاثنين، مشيرين إلى أن التحالف حريص على استعادة حصته السوقية في وقت يساعد فيه الطلب الصيفي على استيعاب الإنتاج الإضافي.