
ماذا بعد تحذير ترامب من سد النهضة؟
ففي أكتوبر/تشرين الأول سنة 2019، كشف نائب رئيس مشروع السد، بيلاتشو كاسا، لوكالة رويترز أن السد الذي أعلن عنه أول مرة رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي في إبريل 2011 تأخر بناؤه خمس سنوات، بسبب عمليات فساد وأخطاء في التنفيذ ارتكبتها شركة ميتيك التابعة للجيش الإثيوبي. وقبله، أعلن مدير
المشروع
، كيفلي هورو، أن السد سيكتمل بناؤه في سنة 2022، وهو ما تأخر ثلاث سنوات إضافية. خسائر تأخير التشغيل سد النهضة الذي تعثر ميلاده أكثر من عقد، وكاد يجهض بسبب تكرار العثرات والفشل والفساد، ولد مبتسراً ولم ينتج الكهرباء المأمولة منه بعد، وهو الذي كبد إثيوبيا مليارات الدولارات.
فقد كشف أبي أحمد، عقب إعلان إثيوبيا عن الانتهاء من الملء الأول للسد، في 8 يونيو/حزيران سنة 2020، عن خسارة إثيوبيا 6 مليارات دولار إضافية، بمعدل مليار دولار سنوياً، بسبب التأخير في بناء السد لمدة ست سنوات غير النفقات الأساسية المعلنة، وهي خسائر ضخمة تزيد عن 17% من الناتج القومي لدولة فقيرة مثل إثيوبيا.
في هذا التوقيت، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عنه أن السد كان سيولد كهرباء بقيمة 27 مليون دولار يومياً، أي 9.9 مليارات دولار في السنة، ويزيد إجمالي وصول الإثيوبيين إلى الكهرباء بنسبة 50%. وهي تقديرات مبالغ فيها، ولكنها خسائر على كل حال قلت أو كثرت.
أخبار
التحديثات الحية
السيسي يرحب بتصريحات ترامب حول سد النهضة الإثيوبي
وقد استمر البناء خمس سنوات أخرى بعد إعلان أحمد، ما يعني زيادة التكلفة خمسة مليارات أخرى. وفي الدول الرشيدة، توجب هذه الخسائر المساءلة والمحاكمة، وقد تفضي إلى عزل الحكومة. وفي يوليو سنة 2020، نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية على موقعها الرسمي تقريراً اقتصادياً يقدر تكلفة تأخير تشغيل السد لمدة خمس سنوات بمبلغ 41.7 مليار دولار.
سد النهضة وأزمة الكهرباء في إثيوبيا
وقالت الدراسة التي أجراها فريق من الإثيوبيين في الشتات والخبراء المحليين إنه على الرغم من ارتفاع الرقم فإنه جزئي فقط، ولم يتضمن تكلفة تأخير استخدام كهرباء السد في تشغيل مكينات الري ومشاريع الإنتاج الزراعي والصناعي، ولا الأضرار البيئية المرتبطة باستخدام الحطب للحصول على الطاقة، ولا تكاليف الفرصة البديلة لإيرادات السياحة ومصايد الأسماك المفقودة التي غالباً ما كانت ستولدها بحيرة السد الكبير.
ولم يشمل التقدير المكاسب التي كان من المتوقع أن يحققها السودان ومصر من سد النهضة، وفق الدراسة طبعاً التي ربما تكون سخرية من النظام المصري الذي وقع اتفاق مارس 2015 وقال إنه يتفهم حق إثيوبيا في التنمية، متناسياً الخطر الوجودي للسد على مصر. وحملت الدراسة العجيبة تخلف إثيوبيا عن ركب التنمية العالمي، وفشل تراكم رأس المال المادي والبشري، ونقص الطاقة، واختلال السياسات العامة إلى التأخير في بناء السد. وأكدت أن ذلك التأخير مسؤول عن انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إثيوبيا إلى نصف نصيب الفرد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و19% من متوسط نصيب الفرد في مصر، و13% من المتوسط العالمي.
ومن حيث الالتحاق بالمدارس الثانوية، تتخلف إثيوبيا بسبب الفشل في إنجاز السد أيضاً، عن دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 20%، وعن المتوسط العالمي بنسبة 54%، وعن مصر بنسبة 60%. وأوصت الدراسة الحكومة بمعالجة نقص الكهرباء بسرعة تشغيل سد النهضة، لتحفيز الفرص الاقتصادية الكامنة التي تُركت دون استغلال لأجيال، والتغلب على الفقر المزمن الذي لا يزال يُبتلى به سكانها الذين يزيد عددهم عن 110 ملايين نسمة.
وعوّلت الدراسة في التغلب على أزمة الكهرباء في إثيوبيا على سد النهضة الكبير، واعتبرته نواة الأمل لإثيوبيا للتحول الاقتصادي، والمحور الذي تدور حوله استراتيجيتها الصناعية وبرامجها المتعلقة بتأمين المياه والطعام، والذي يضاعف إنتاج الكهرباء في إثيوبيا، كما تدعي حكومات إثيوبيا المتعاقبة منذ سنة 2011.
تقارير عربية
التحديثات الحية
القاهرة لا تشارك بحفل سد النهضة... وتستأنف تحركاتها الدبلوماسية
وتشير الدراسة العبثية في تقدير قيمة السد الاقتصادية، إلى أن تقديرات المرحلة الأولى من المشروع، الذي كان يفترض أن يبدأ التشغيل الكامل بحلول عام 2024، ستكسب الاقتصاد الإثيوبي قيمة حقيقية مضافة في حدود 7.5 مليارات دولار سنوياً، وهي أقل من تقديرات أبي أحمد الذي قدرها بـ9.9 مليارات.
أخطاء التصميم وفساد التنفيذ
لا بد لتأخير بناء السد كل هذه المدة من سبب يبرر الخسائر التي ارتبطت بهذا التأخير، ولا يمكن أن يكون نابعاً من حرص إثيوبيا على حصة مصر المائية، فقد أعلنت في البداية عن إنجاز السد في غضون ثلاث سنوات، وهو ما كان سيؤدي إلى تبوير نصف مساحة مصر الزراعية. والمؤكد أن التأخير يرجع في معظمه إلى أخطاء في التصميم وفساد في التنفيذ، باعتراف المسؤولين الإثيوبيين أنفسهم، وهو ما يضر بأمان السد وسلامة الإنشاءات إلى حد الانهيار، وبالتالي يهدد الحياة في السودان ومصر بالموت غرقاً.
وقد اعترف أبي أحمد، في أول مؤتمر صحافي له بعد توليه السلطة في إبريل/نيسان سنة 2018 بقوله إن "هناك مشكلات تتعلق بالتصميم، لقد سلمنا مشروع سد معقد إلى أشخاص (شركة المعادن والهندسة التابعة للجيش الإثيوبي) لم يروا أي سد في حياتهم، وقامت الشركة بإدخال تعديلات في تصميمات السد وطاقة توليد الكهرباء، وفشلت في تركيب التوربينين الأولين اللذين كانا يخطط لهما بدء توليد الكهرباء في سنة 2018.
واتهم أبي أحمد إدارة الشركة، التابعة لجيش بلاده، بأنها "غير ناضجة، وتفتقر إلى الخبرة، وتتمسك بثقافة عمل غير لائقة". ولم يكشف أحمد عن ماهية الأخطاء التي ارتكبتها الشركة في تصميمات السد وطبيعتها، ومدى خطورتها على الإخلال بالمواصفات والمعايير الدولية للسدود، ولا سيما أن أخطاء من هذا النوع تعرض سلامة السد الذي يحتجز 74 مليار متر مكعب من المياه للخطر، ويخل بمعامل الأمان ويعرضه للانهيار، ما يخلف فيضانات وسيولاً تغرق مدينة الخرطوم بموجة تسونامي يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار، ويعرض السد العالي في أسوان للانهيار، ثم تغرق المدن المصرية على ضفاف النيل الواحدة بعد الأخرى.
ولكن مدير السد كشف عن أن شركة ميتيك انسحبت من المشروع في سنة 2018، وقال إنهم أزالوا بعض الهياكل الفولاذية في المنافذ السفلية، واستبدلوها بأخرى جديدة، وأعادوا إصلاح بعض الهياكل الفولاذية، وسلمت إثيوبيا عقوداً لتنفيذ أعمال شركة ميتيك إلى مجموعة من الشركات الأجنبية التي تشمل شركات ساليني إمبريجيلو الإيطالية، وجي إي هيدرو فرانس، وجيتشوبا جروب كورب الصينية، وفويث هيدرو شنغهاي، وسينوهايدرو كورب الصينية.
وهو اعتراف صريح بوجود أخطاء في بناء السد قد تضر بسلامة الهيكل وأمان السد. لم يستغل النظام في مصر اعتراف الإثيوبيين بوجود أخطاء في تصميم السد وفساد في التنفيذ، ولم ينسحب من اتفاق مبادئ مارس/آذار سنة 2015 الذي أهدى إثيوبيا موافقة على ورقة بيضاء لبناء السد دون اكتراث لحصة مصر المائية ولا لأمان السد وسلامته من الانهيار، ولم يطلب تدخلاً دولياً لوقف البناء في السد، أو انتداب لجنة خبراء دولية محايدة للوقوف على كفاءة التصميمات، والتفتيش على سلامة الإنشاءات، ومراجعة حجم السد المبالغ فيه، وحماية الدولة المصرية من العطش والجوع والتهجير، أو الغرق والدمار الذي قد ينتج عن انزلاق السد وانهياره، بسبب أخطاء التصميم وفساد في الإنشاءات.
وبعد تصريحات الرئيس دونالد ترامب المتكررة حول السد وآثاره المدمرة على مصر، هل يمكن للنظام في مصر أن يستغل دعم الرئيس الأميركي ويصحح أخطاءه، ويفتح الخيارات لحماية حق مصر في مياه النيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 30 دقائق
- العربي الجديد
سباق هندي نحو قيادة قطاع أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية حول العالم
فيما يشهد العالم تنافسًا محمومًا على الريادة التكنولوجية، تتجه الهند بخطى متسارعة لتصبح لاعبًا محوريًا في قطاع أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية، أحد أبرز المحركات الحيوية للاقتصاد الرقمي العالمي. وأطلقت نيودلهي خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المبادرات الاستراتيجية، مدعومة باستثمارات ضخمة وحوافز حكومية سخية، تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز عالمي لتصميم وتصنيع الرقائق، وتقليص الاعتماد على الواردات، لا سيما في ظل الاضطرابات التي شهدتها سلاسل التوريد العالمية عقب جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة. من جهته، ذكر المحلل الجيوسياسي ورئيس الغرفة التجارية الهندية في إيطاليا، فاس شينوي، أن الهند انطلقت "في سباقٍ غير مسبوق لترسيخ مكانتها قوة معتبرة في قطاع أشباه الموصلات. ومن خلال خطةٍ صناعيةٍ تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، أُقرّت في ديسمبر/كانون الأول 2021، تعتزم نيودلهي تقليل اعتمادها على الواردات وأن تصبح لاعبًا استراتيجيًا في سلسلة تصنيع الرقائق العالمية". وشدّد شينوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن "المخاطر، في هذا السياق، كبيرة: الأمر لا يقتصر على مسألة اقتصادية فحسب، بل يتعلق أيضًا بالأمن القومي والاستقلالية الاستراتيجية والتمركز الجيوسياسي". وأوضح أن "سوق أشباه الموصلات الهندي، الذي بلغت قيمته 38 مليار دولار في عام 2023، من الممكن أن يتضاعف ثلاث مرات ليصل إلى 109 مليارات دولار بحلول عام 2030. وتُعدّ الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية والبنى التحتية الرقمية والأجهزة الطبية والتطبيقات العسكرية مجرد أمثلة على القطاعات الدافعة"، مستدركًا أن "ثمة فجوة ملحوظة في البنى التحتية تكمن وراء هذا النمو؛ فقد استوردت الهند حتى الآن أكثر من 90% من الرقائق التي تستهلكها. ومن هنا تأتي الحاجة المُلِحّة إلى تطوير سلسلة توريد محلية قوية ومرنة". وأشار إلى أن "حكومة ناريندرا مودي بادرت من جانبها بتحركات غير مسبوقة في هذا الصدد، فأُنشئت هيئة أشباه الموصلات الهندية (ISM)، وهي كيان مُخصص لإدارة وتنفيذ المشاريع في هذا القطاع. كما صودق رسميًا على إنشاء ستة مصانع، بما في ذلك مصنع HCL-Foxconn الواقع في منطقة نويدا بالقرب من مطار جوار الدولي. وسيركز هذا المصنع، الذي تبلغ تكلفته 433 مليون دولار، على إنتاج شرائح شاشات مخصصة للهواتف وأجهزة الكمبيوتر والمركبات"، مضيفًا أن "المباراة الأكثر طموحًا تجري على أرض ولاية غوجارات، فقد بدأت شركة تاتا إلكترونيكس، بالتعاون مع شركة PSMC التايوانية، في بناء مصنع ضخم في دوليرا، باستثمارات من المنتظر أن تتجاوز 11 مليار دولار. ومن المفترض أن ينطلق الإنتاج في عام 2026، بطاقة شهرية تبلغ 50 ألف رقاقة". اقتصاد دولي التحديثات الحية الهند: الاتفاق التجاري مع بريطانيا كان خطوة مهمة وتابع الخبير الهندي أن "مدينة ساناند، بولاية غوجارات أيضًا، تشهد تناميًا مطردًا في المشروعات: ستبني شركة مايكرون تكنولوجي منشأة للمنتجات الطبية العلاجية المتقدمة (ATMP) على مساحة 93 فدانًا، بينما ستفتتح شركة رينيساس، بالتعاون مع مجموعة موروغابا، مركزًا لتصنيع رقائق السيليكون. كما يجري تجهيز منشآت جديدة في آسام ونويدا وأوديشا لتلبية الطلب المحلي وترسيخ مكانتها كشركاء تصدير موثوقين". وأوضح أن "الهند قدّمت، في سبيل جذب رؤوس الأموال ، واحدة من أكثر حزم الحوافز سخاءً في العالم: تغطي الحكومة المركزية حتى 50% من تكاليف المشاريع، في حين يمكن للولايات الفيدرالية إضافة خصومات إضافية تتراوح بين 10% و25%"، مضيفًا أنه "من المنتظر أيضًا تقديم مكافآت خاصة لتصميم الرقائق من خلال برنامج الحوافز المرتبطة بالتصميم (DLI)، الذي يدعم شركات ناشئة وجامعات في تطوير الملكية الفكرية المحلية. وحتى الآن، حصلت 12 شركة على تمويل، وهناك 21 شركة أخرى قيد التقييم". واستدرك شينوي أن "نيودلهي تتطلع إلى أبعد من ذلك. فهي تستثمر في أبحاث المواد ثنائية الأبعاد، مثل الغرافين وثنائيات الكالكوجينيد المعدنية الانتقالية، المصممة للتغلب على القيود الحالية لتكنولوجيا السيليكون. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الإلكترونيات عن قرب إطلاق دعوة موجهة للجامعات والشركات لإنشاء مراكز بحثية وخطوط إنتاج تجريبية. والهدف هو الدخول فورًا في السباق العالمي لهذه المواد، حيث لم تحقق أي دولة حتى الآن إنتاجًا على المستوى الصناعي". ولفت إلى أن "الهند وقّعت، على الصعيد الدبلوماسي، اتفاقيات مع الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجالات البحث والتصميم والتدريب وتبادل التكنولوجيا. وتنص مذكرة التفاهم مع بروكسل على إنشاء سلسلة توريد مشتركة ومرنة، بالإضافة إلى وضع معايير مشتركة. كما تعمل الهند مع اليابان على تدريب فنيين متخصصين وتبادل الخبرات في مجال معدات الطباعة الحجرية. ومن جانبها، بدأت الولايات المتحدة تحليلاً مشتركًا للبنية التحتية الهندية لتوجيه الاستثمارات الجديدة من خلال قانون CHIPS". اقتصاد دولي التحديثات الحية أكبر 10 اقتصادات العالم 2025... الهند تزيح اليابان عن المركز الرابع ورأى أن "وراء هذه الاستراتيجية الصناعية تكمن ضرورة ملحّة: الحد من اختناقات سلاسل التوريد العالمية. وقد أبرزت جائحة كورونا والتوترات بين واشنطن وبكين خطورة الاعتماد على عدد محدود من الموردين"، مشيرًا إلى أن "تايوان وكوريا الجنوبية، الرائدتين عالميًا في هذا القطاع، تمثلان حاليًا ركائز أساسية قد يصيبها الشلل في حال حدوث أزمة عسكرية محتملة. أما الهند، فبفضل استقرارها السياسي وتوافر العمالة المؤهلة وقدراتها الصناعية المتنامية، فإنها تطرح نفسها بديلا موثوقا". وعرّج على إيطاليا، التي رأى أنها "من الممكن أن تلعب، في هذا السيناريو دورًا مهمًا. ويمكن للشركات الإيطالية العاملة في مجالات الميكاترونيك والروبوتات والإلكترونيات الدقيقة وتصنيع المعدات الدقيقة أن تجد في الهند سوقًا يشهد توسعًا قويًا وقاعدة صناعية متوافقة". وأضاف أنه "علاوة على ذلك، يمكن للجامعات ومراكز الأبحاث الإيطالية، وخاصة في شمال البلاد، إقامة تعاون مع المراكز الهندية لتطوير الملكية الفكرية المشتركة وتبادل الخبرات. كما توفر الهند بيئة مواتية للشركات الصغيرة والمتوسطة الإيطالية التي تسعى إلى التوسع عالميًا في بيئة ديناميكية مدعومة بسياسات عامة محفّزة للغاية". وختم شينوي بقوله: "صحيح أن الهند لن تصبح تايوان جديدة في غضون بضع سنوات، إلا أنها سلكت مسارًا لا رجعة فيه. وإذا طُبقت هذه الخطة بشكل متسق، فقد تبرز شبه القارة الهندية كقطب عالمي جديد للإلكترونيات الدقيقة. أما بالنسبة لإيطاليا، فقد حان الوقت لعقد تحالفات جديدة وأن تكون موجودة في أحد أكثر التحديات الصناعية حسماً في هذا العقد".


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
ارتفاع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 4.7%
في تطور لافت يعكس التحديات التي يواجهها الاقتصاد البريطاني في مرحلة ما بعد الجائحة والتغيرات السياسية، ارتفع معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى 4.7%، اليوم الخميس، وهو الأعلى منذ أربع سنوات، وفقًا لأحدث بيانات "هيئة الإحصاءات الوطنية" (ONS). يسلط هذا الارتفاع الضوء على هشاشة سوق العمل في ظل مجموعة من العوامل الضاغطة، أبرزها تبعات أول ميزانية لحكومة حزب العمال الجديدة، التي رافقتها زيادات ضريبية كبيرة ورفع في الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم. وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة لبنك إنكلترا، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن خفض أسعار الفائدة لضبط التوازن بين دعم الاقتصاد وكبح التضخم. وارتفع معدل البطالة إلى 4.7% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو/أيار، مقارنة بـ4.6% في الفترة السابقة. وأظهرت بيانات ضريبية منفصلة أن عدد الموظفين المسجلين على جداول الرواتب انخفض بأكثر من 41 ألفًا في يونيو/حزيران، وهو تراجع أسوأ من الانخفاض المتوقع البالغ 35 ألفًا، بحسب الاقتصاديين، وفقًا لـ"بلومبيرغ". وبينما تُظهر الإحصاءات استمرار التأثير السلبي لرفع الحد الأدنى للأجور وزيادة ضريبة الرواتب بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (35 مليار دولار)، التي فرضتها حكومة حزب العمال في إبريل/نيسان، إلا أنها تشير أيضًا إلى أن التأثير على الوظائف قد لا يكون بالحدة التي كان يُعتقد سابقًا. فقد تم تعديل أرقام انخفاض الرواتب في مايو/أيار من 109 آلاف إلى 25 ألفًا فقط، وهو تغيير عزته الهيئة إلى "سمات خاصة" بدورة إعداد التقارير في ذلك الشهر. وتذبذب الجنيه الإسترليني بعد صدور البيانات، حيث انخفض في البداية قبل أن يعاود الارتفاع بعد إعلان التعديلات. وبقيت التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من بنك إنكلترا شبه ثابتة، إذ لا يزال المتداولون يتوقعون خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام، مقارنة بـ51 نقطة يوم الأربعاء. وأظهر تقرير الوظائف تباطؤًا واسع النطاق في سوق العمل، ما يعزز مبررات إجراء مزيد من خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وكان محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي قد أشار سابقًا إلى تدهور سوق العمل باعتباره عاملا رئيسيا في توجه البنك نحو تخفيف السياسة النقدية، فيما يراهن المتداولون على احتمال يفوق 80% لخفض ربع نقطة في الشهر المقبل، نقلاً عن "بلومبيرغ". سيارات التحديثات الحية بريطانيا تطلق حزمة حوافز ضخمة لتشجيع شراء السيارات الكهربائية وبحسب "بلومبيرغ"، قال بول دايلز، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة لدى Capital Economics، إن تأثير ميزانية حزب العمال الأولى على الوظائف "لم يكن بالقدر الذي كنا نتخوف منه". وأضاف: "مع ذلك، فإن تراجع التوظيف وتباطؤ نمو الأجور يعني أن بنك إنكلترا سيواصل خفض أسعار الفائدة، على الرغم من بيانات التضخم القوية التي صدرت أمس". ولا تزال جداول الرواتب أقل بـ185 ألف وظيفة مقارنة بما كانت عليه في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تعلن وزيرة المالية رايتشل ريفز تغييرات الميزانية التي زادت تكاليف التوظيف على الشركات. وهذا الرقم يُعد تحسنًا مقارنة بتقديرات الهيئة الشهر الماضي، التي أشارت إلى انخفاض بـ276 ألف وظيفة. وتراكمت الأدلة على التداعيات الاقتصادية لميزانية ريفز الأولى في البيانات الأخيرة. فقد أُشير إلى الضرائب المرتفعة باعتبارها أحد العوامل وراء الانكماش المتتالي في الناتج المحلي الإجمالي خلال إبريل/نيسان ومايو/أيار، كما حُمِّلت جزئيًا مسؤولية ارتفاع التضخم إلى 3.6% في بيانات يونيو/حزيران التي صدرت يوم الأربعاء. ورغم تحذيرات "مكتب الميزانية البريطاني" من أن المزيد من الضرائب قد يعيق النمو، فإن ريفيز قد تُضطر إلى فرض زيادات ضريبية إضافية في الخريف. وكانت قد صرحت العام الماضي بأن الميزانية التي تضمنت زيادات ضريبية "مرة واحدة فقط" كانت ضرورية لسد فجوة مالية خلّفتها حكومة المحافظين السابقة. بدوره، قال سانجاي راجا، الاقتصادي في "دويتشه بنك" – المملكة المتحد، لـ"بلومبيرغ": رغم الارتفاع المفاجئ في التضخم، فإن التراخي في سوق العمل يجب أن يمنح بنك إنكلترا سببًا لمواصلة تخفيف السياسة النقدية بشكل تدريجي". وأضاف: "النهج التدريجي والحذر يبدو مناسبًا في الوقت الحالي، ولا نعتقد أن الظروف تستدعي خفضًا أسرع للفائدة في الوقت الراهن. السوق يتراخى، ولكن ليس بالسرعة التي أشارت إليها البيانات غير المعدلة". وقد أثارت التعديلات الكبيرة في البيانات شكوكًا حول حجم التراجع الفعلي في التوظيف، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير السرد حول حالة سوق العمل في وقت حساس، حيث يحاول بنك إنكلترا تحديد مدى إمكانية خفض الفائدة أكثر. أبرز ما كشفه تقرير الوظائف: 1. انخفض نمو الأجور (باستثناء المكافآت) إلى 5% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو، مقارنة بـ5.3% سابقًا، وهو لا يزال أعلى قليلاً من التوقعات البالغة 4.9%. 2. تراجعت الوظائف الشاغرة في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو بمقدار 56 ألفًا لتصل إلى 727 ألفًا، ما يجعلها تنخفض أكثر عن مستويات ما قبل الجائحة. 3. سُجِّل انخفاض حاد في عدد الأشخاص غير النشطين اقتصاديًا (أي غير العاملين وغير الباحثين عن عمل)، حيث انتقل 139 ألف شخص إلى سوق العمل مقارنة بالربع السابق، ما خفّض عدد غير النشطين إلى 9.1 ملايين شخص. وكانت النسبة الأكبر من هذا الانخفاض نتيجة تراجع عدد الأشخاص الذين "يرعون شؤون المنزل". 4. بعد احتساب التضخم، ارتفع الأجر الحقيقي المنتظم بنسبة 1.8%، وهو الارتفاع الثاني والعشرون على التوالي، لكنه يُعد الأبطأ منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نتيجة لتسارع التضخم وتباطؤ نمو الأجور في الفترة الأخيرة. إن التباين في أرقام التوظيف والمراجعات الكبيرة التي طرأت على بيانات الرواتب يعكسان حالة من الغموض والتقلب في سوق العمل البريطاني، ما يصعّب على صناع القرار، وعلى رأسهم بنك إنكلترا، صياغة سياسة نقدية مستقرة. وبينما تشير بعض المؤشرات إلى أن تأثير ميزانية حكومة العمال لم يكن كارثيًا كما خشي البعض، فإن استمرار انخفاض عدد الوظائف وارتفاع معدل البطالة يُظهر أن الضغوط على الشركات، وخاصة الصغيرة منها، لا تزال قائمة. اقتصاد دولي التحديثات الحية بريطانيا: تراجع حاد لنشاط البناء بأسرع وتيرة منذ كورونا في المقابل، فإن التحسن الطفيف في الأجور الحقيقية، رغم تباطؤه، والزيادة في أعداد الداخلين إلى سوق العمل من فئات غير نشطة سابقًا، يدلان على مرونة نسبية في بنية سوق العمل البريطاني. غير أن هذه المرونة قد لا تكون كافية لتعويض الأثر طويل الأمد للسياسات المالية المتشددة، خاصة إذا ما تم اعتماد زيادات ضريبية إضافية في الخريف كما يُرجح. ومع دخول الاقتصاد البريطاني في مرحلة دقيقة من التباطؤ والبحث عن توازن ما بين ضبط الإنفاق العام وتحفيز النمو، يبقى مصير أسعار الفائدة رهن تفاعل عناصر عدة: اتجاهات التضخم، قدرة سوق العمل على امتصاص الصدمات، ومدى فعالية السياسة المالية في تحقيق الاستقرار دون خنق النشاط الاقتصادي. وما لم تتمكن الحكومة من التوفيق بين احتياجات السوق وتحقيق العدالة الضريبية، فقد تشهد البلاد مزيدًا من التوترات الاقتصادية والاجتماعية في الفترة المقبلة، مع تزايد المخاوف من تباطؤ أشمل وأعمق في الاقتصاد البريطاني.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
مجلس الشيوخ الأميركي يقرّ خفض الإنفاق وسط انقسام سياسي حاد
يعكس تصويت مجلس الشيوخ الأميركي الأخير على خفض مليارات الدولارات من الإنفاق العام منحى جديداً في توجهات السياسة المالية والإدارية في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل الصراعات الداخلية بين السلطات الدستورية والضغوط السياسية التي يفرضها البيت الأبيض على الكونغرس. إذ تحوّل الجدل حول تقليص المساعدات الخارجية والتمويل العام إلى اختبار حقيقي لحدود السلطة التنفيذية، ودور المؤسسات التشريعية، في وقت تتصاعد فيه محاولات فرض توجهات أيديولوجية واقتصادية صارمة بدعوى الإصلاح وتقليص العجز. وصوّت مجلس الشيوخ الأميركي في وقت مبكر، اليوم الخميس، لصالح حزمة من تخفيضات الإنفاق اقترحها الرئيس دونالد ترامب، تلغي أكثر من 9 مليارات دولار من التمويل المخصص لبرامج المساعدات الخارجية والبث العام. وأقرّ المجلس الأعلى في الكونغرس هذا الإجراء، في ما اعتُبر أول اختبار لمدى قدرة المشرعين على تمرير وفورات تسعى إليها وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) بقيادة إيلون ماسك، وذلك في أعقاب خروجه الحاد من الإدارة الأميركية، وفقاً لـ"فرانس برس". ورغم عدم شعبية التخفيضات في بعض أوساط الحزبين، أقرّ مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، الإجراء بأغلبية 51 صوتاً مقابل 48، في جلسة امتدت لأكثر من ساعتين بعد منتصف الليل. وكان مجلس النواب قد أقرّ نسخة سابقة من النص في يونيو/حزيران، تضمنت إلغاء 400 مليون دولار مخصصة لبرامج صحية، منها صندوق "بيبيفار" (PEPFAR) العالمي لمكافحة الإيدز، الذي أنشأه الرئيس الأسبق جورج بوش. إلا أن اقتراح إلغاء تمويل "بيبيفار" -الذي يُقدَّر بأنه أنقذ نحو 26 مليون حياة- قوبل برفض عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين المعتدلين، وجرى استبعاده من الحزمة النهائية. وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا، ليندسي غراهام، لوكالة "فرانس برس": "لطالما كنت من مؤيدي حسابات المساعدات الخارجية ... أنا رجل متشدد، لكننا بحاجة إلى المساعدات الخارجية، إلى القوة الناعمة". وأضاف: "لكن عندما تبدأ بإنفاق المال على برامج ليبرالية عديمة الصلة بأهداف الحزمة، يصبح الأمر صعباً على أمثالي". وتعود الحزمة الآن إلى مجلس النواب للموافقة النهائية، حيث يواجه المشرعون سباقاً مع الزمن. فبموجب القانون، يجب إقرار التخفيضات بحلول، يوم الجمعة، وإلا سيُجبر البيت الأبيض على إنفاق الأموال كما كانت مخصصة أصلاً. اقتصاد دولي التحديثات الحية مجلس الشيوخ يقر قانون ترامب للضرائب والإنفاق... إليك التفاصيل كاملة تنازل عن الصلاحيات يُعد تمرير تشريع يستعيد أموالاً سبق أن أقرّها الكونغرس -ويُعرف باسم "حزمة السحب" (Rescissions Package)- أمراً نادراً للغاية، ولم يُمرر أي منها منذ عقود. وكان حوالي 12 نائباً جمهورياً قد أعربوا عن قلقهم من منح البيت الأبيض سلطة فرض تخفيضات في الإنفاق، ما جعلهم في مرمى نيران ترامب، الذي هدد الأسبوع الماضي بسحب تأييده الانتخابي عن أي معارضين. وكان هذا التصويت هو الأول في سلسلة محتملة من الحزم التي يروّج لها الجمهوريون لتقنين التخفيضات التي نفذتها وزارة DOGE. وقد عيّن ترامب الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك لقيادة هذه الوزارة، بعد أن ساهم الأخير بمبلغ 290 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية. وكان ماسك، مؤسس شركتي "سبيس إكس" و"تسلا"، قد تباهى بإمكانية توفير تريليوني دولار من الإنفاق الفيدرالي، لكنه غادر البيت الأبيض في مايو/أيار بعد خلافات حادة مع ترامب حول العجز والإنفاق. وتقول DOGE حتى الآن إنها وفّرت 190 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب، إلا أن مدققي الحقائق يشككون في دقة هذه الأرقام، بالنظر إلى الأخطاء السابقة في حساباتها، وفقاً لـ"فرانس برس". وتتضمن الحزمة الحالية سحب نحو 8 مليارات دولار من المساعدات الخارجية، معظمها كانت مخصصة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، والتي كانت من أوائل أهداف DOGE، كما تشمل الحزمة استرجاع نحو مليار دولار من تمويل مؤسسة البث العام، التي تدعم الإذاعة الوطنية العامة (NPR) وشبكة البث العامة (PBS)، إلى جانب أكثر من 1500 محطة إذاعية وتلفزيونية محلية. وغالباً ما يتهم المحافظون شبكتي PBS وNPR بالتحيز، وكان ترامب قد وقّع أمراً تنفيذياً في مايو/أيار لوقف التمويل الفيدرالي لهما. ويقول الديمقراطيون إن قطع هذا التمويل لن يساهم فعلياً في تقليص العجز، لكنه سيؤدي إلى تقويض مصدر موثوق للمعلومات يعتمد عليه ملايين الأميركيين. وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، كوري بوكر، لوكالة "فرانس برس": "إنه مثال آخر على تآكل روح ومبادئ دستورنا بطريقة مروعة. نحن أمة تؤمن بأن للكونغرس دوراً حقيقياً". وأضاف: "وهذا مجرد استسلام من زملائي للرئيس، وتنازل عن صلاحياتنا، بدلاً من العمل المشترك بطريقة حزبية لمعالجة الميزانيات وتحسينها". إن تمرير هذه الحزمة من التخفيضات لا يقتصر على كونه خطوة مالية فحسب، بل يتعداه إلى كونه لحظة سياسية فارقة تكشف حجم التحولات الجارية في العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس، وبين الطموحات الشعبوية والمصالح المؤسسية. وبينما يُروَّج لها باعتبارها وسيلة لتوفير أموال دافعي الضرائب، فإنها تثير أسئلة جوهرية حول مدى توازن السلطة، وجدوى تقليص النفقات على حساب خدمات تعتبر حيوية لصورة أميركا في الداخل والخارج. هذه الخطوة، وإن نجحت سياسياً في المدى القصير، قد تفتح الباب أمام صدامات دستورية ومجتمعية في المستقبل، في ظل تضاؤل المساحات المشتركة للعمل الحزبي المشترك في مواجهة تحديات البلاد.