
سباق هندي نحو قيادة قطاع أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية حول العالم
من جهته، ذكر المحلل الجيوسياسي ورئيس الغرفة التجارية الهندية في إيطاليا، فاس شينوي، أن الهند انطلقت "في سباقٍ غير مسبوق لترسيخ مكانتها قوة معتبرة في قطاع أشباه الموصلات. ومن خلال خطةٍ صناعيةٍ تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، أُقرّت في ديسمبر/كانون الأول 2021، تعتزم نيودلهي تقليل اعتمادها على الواردات وأن تصبح لاعبًا استراتيجيًا في سلسلة تصنيع الرقائق العالمية". وشدّد شينوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن "المخاطر، في هذا السياق، كبيرة: الأمر لا يقتصر على مسألة اقتصادية فحسب، بل يتعلق أيضًا بالأمن القومي والاستقلالية الاستراتيجية والتمركز الجيوسياسي".
وأوضح أن "سوق
أشباه الموصلات
الهندي، الذي بلغت قيمته 38 مليار دولار في عام 2023، من الممكن أن يتضاعف ثلاث مرات ليصل إلى 109 مليارات دولار بحلول عام 2030. وتُعدّ الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية والبنى التحتية الرقمية والأجهزة الطبية والتطبيقات العسكرية مجرد أمثلة على القطاعات الدافعة"، مستدركًا أن "ثمة فجوة ملحوظة في البنى التحتية تكمن وراء هذا النمو؛ فقد استوردت الهند حتى الآن أكثر من 90% من الرقائق التي تستهلكها. ومن هنا تأتي الحاجة المُلِحّة إلى تطوير سلسلة توريد محلية قوية ومرنة".
وأشار إلى أن "حكومة ناريندرا مودي بادرت من جانبها بتحركات غير مسبوقة في هذا الصدد، فأُنشئت هيئة أشباه الموصلات الهندية (ISM)، وهي كيان مُخصص لإدارة وتنفيذ المشاريع في هذا القطاع. كما صودق رسميًا على إنشاء ستة مصانع، بما في ذلك مصنع HCL-Foxconn الواقع في منطقة نويدا بالقرب من مطار جوار الدولي.
وسيركز هذا المصنع، الذي تبلغ تكلفته 433 مليون دولار، على إنتاج شرائح شاشات مخصصة للهواتف وأجهزة الكمبيوتر والمركبات"، مضيفًا أن "المباراة الأكثر طموحًا تجري على أرض ولاية غوجارات، فقد بدأت شركة تاتا إلكترونيكس، بالتعاون مع شركة PSMC التايوانية، في بناء مصنع ضخم في دوليرا، باستثمارات من المنتظر أن تتجاوز 11 مليار دولار. ومن المفترض أن ينطلق الإنتاج في عام 2026، بطاقة شهرية تبلغ 50 ألف رقاقة".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الهند: الاتفاق التجاري مع بريطانيا كان خطوة مهمة
وتابع الخبير الهندي أن "مدينة ساناند، بولاية غوجارات أيضًا، تشهد تناميًا مطردًا في المشروعات: ستبني شركة مايكرون تكنولوجي منشأة للمنتجات الطبية العلاجية المتقدمة (ATMP) على مساحة 93 فدانًا، بينما ستفتتح شركة رينيساس، بالتعاون مع مجموعة موروغابا، مركزًا لتصنيع رقائق السيليكون. كما يجري تجهيز منشآت جديدة في آسام ونويدا وأوديشا لتلبية الطلب المحلي وترسيخ مكانتها كشركاء تصدير موثوقين".
وأوضح أن "الهند قدّمت، في سبيل جذب
رؤوس الأموال
، واحدة من أكثر حزم الحوافز سخاءً في العالم: تغطي الحكومة المركزية حتى 50% من تكاليف المشاريع، في حين يمكن للولايات الفيدرالية إضافة خصومات إضافية تتراوح بين 10% و25%"، مضيفًا أنه "من المنتظر أيضًا تقديم مكافآت خاصة لتصميم الرقائق من خلال برنامج الحوافز المرتبطة بالتصميم (DLI)، الذي يدعم شركات ناشئة وجامعات في تطوير الملكية الفكرية المحلية. وحتى الآن، حصلت 12 شركة على تمويل، وهناك 21 شركة أخرى قيد التقييم".
واستدرك شينوي أن "نيودلهي تتطلع إلى أبعد من ذلك. فهي تستثمر في أبحاث المواد ثنائية الأبعاد، مثل الغرافين وثنائيات الكالكوجينيد المعدنية الانتقالية، المصممة للتغلب على القيود الحالية لتكنولوجيا السيليكون. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الإلكترونيات عن قرب إطلاق دعوة موجهة للجامعات والشركات لإنشاء مراكز بحثية وخطوط إنتاج تجريبية. والهدف هو الدخول فورًا في السباق العالمي لهذه المواد، حيث لم تحقق أي دولة حتى الآن إنتاجًا على المستوى الصناعي".
ولفت إلى أن "الهند وقّعت، على الصعيد الدبلوماسي، اتفاقيات مع الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجالات البحث والتصميم والتدريب وتبادل التكنولوجيا. وتنص مذكرة التفاهم مع بروكسل على إنشاء سلسلة توريد مشتركة ومرنة، بالإضافة إلى وضع معايير مشتركة. كما تعمل الهند مع اليابان على تدريب فنيين متخصصين وتبادل الخبرات في مجال معدات الطباعة الحجرية. ومن جانبها، بدأت الولايات المتحدة تحليلاً مشتركًا للبنية التحتية الهندية لتوجيه
الاستثمارات
الجديدة من خلال قانون CHIPS".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
أكبر 10 اقتصادات العالم 2025... الهند تزيح اليابان عن المركز الرابع
ورأى أن "وراء هذه الاستراتيجية الصناعية تكمن ضرورة ملحّة: الحد من اختناقات سلاسل التوريد العالمية. وقد أبرزت جائحة كورونا والتوترات بين واشنطن وبكين خطورة الاعتماد على عدد محدود من الموردين"، مشيرًا إلى أن "تايوان وكوريا الجنوبية، الرائدتين عالميًا في هذا القطاع، تمثلان حاليًا ركائز أساسية قد يصيبها الشلل في حال حدوث أزمة عسكرية محتملة. أما الهند، فبفضل استقرارها السياسي وتوافر العمالة المؤهلة وقدراتها الصناعية المتنامية، فإنها تطرح نفسها بديلا موثوقا". وعرّج على إيطاليا، التي رأى أنها "من الممكن أن تلعب، في هذا السيناريو دورًا مهمًا. ويمكن للشركات الإيطالية العاملة في مجالات الميكاترونيك والروبوتات والإلكترونيات الدقيقة وتصنيع المعدات الدقيقة أن تجد في الهند سوقًا يشهد توسعًا قويًا وقاعدة صناعية متوافقة".
وأضاف أنه "علاوة على ذلك، يمكن للجامعات ومراكز الأبحاث الإيطالية، وخاصة في شمال البلاد، إقامة تعاون مع المراكز الهندية لتطوير الملكية الفكرية المشتركة وتبادل الخبرات. كما توفر الهند بيئة مواتية للشركات الصغيرة والمتوسطة الإيطالية التي تسعى إلى التوسع عالميًا في بيئة ديناميكية مدعومة بسياسات عامة محفّزة للغاية".
وختم شينوي بقوله: "صحيح أن الهند لن تصبح تايوان جديدة في غضون بضع سنوات، إلا أنها سلكت مسارًا لا رجعة فيه. وإذا طُبقت هذه الخطة بشكل متسق، فقد تبرز شبه القارة الهندية كقطب عالمي جديد للإلكترونيات الدقيقة. أما بالنسبة لإيطاليا، فقد حان الوقت لعقد تحالفات جديدة وأن تكون موجودة في أحد أكثر التحديات الصناعية حسماً في هذا العقد".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
"قطر للطاقة" توقّع أول عقد لها في سوق المحروقات الجزائري
رسمت شركة "قطر للطاقة" دخولها إلى سوق المحروقات في الجزائر لأول مرة، بعد أن وقّعت عقد شراكة مع شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية، لاستكشاف حقل "أهارة" في ولاية إليزي جنوب شرقي البلاد، وتطويره واستغلاله في مرحلة لاحقة، باستثمار أولي يُقدّر بـ114 مليون دولار. وقد فاز التحالف القطري - الفرنسي بهذه الصفقة في شهر يونيو/حزيران الماضي، في ختام جولة عطاءات دولية هي الأولى من نوعها في البلاد منذ عام 2014. وجرت مراسم التوقيع على العقد في مقر شركة النفط الوطنية الجزائرية في العاصمة، بحضور وزير الطاقة محمد عرقاب، والرئيس التنفيذي لسوناطراك رشيد حشيشي، وممثلي الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "ألنفط"، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن إدارة المجال المنجمي في البلاد، إلى جانب ممثلين عن الشركات الدولية الفائزة بعقود ضمن مناقصة المحروقات الدولية. وقد مثّل شركة "قطر للطاقة" في المراسم علي عبد الله المانع، مدير إدارة الإنتاج والاستكشاف الدولي، بينما حضر فمدي شيخ ممثلًا عن الشركة الفرنسية "توتال إنرجيز". وبحسب وثيقة وزّعتها وكالة "ألنفط" على الصحافيين، فإن حقل "أهارة" الواقع في حوض بركين الغني بالنفط والغاز، والمجاور للحدود الليبية، تبلغ مساحته الإجمالية نحو 15 ألف كيلومتر مربع، ويحتوي على احتياطات مؤكدة من الغاز تُقدّر بـ58 مليار متر مكعب، مع توقعات بوجود مخزونات إضافية تصل إلى 38 مليار متر مكعب. وتُقدّر فترة الاستكشاف بأربع سنوات، مع إلزامية حفر ثلاث آبار استكشافية خلال هذه المدة، بالإضافة إلى إعادة معالجة وتوصيف بيانات المسح الزلزالي ثنائي الأبعاد على مساحة 16 ألف كيلومتر مربع، وثلاثي الأبعاد على مساحة 12 ألف كيلومتر مربع. أما المرحلة الثانية من الاستكشاف، فتمتد لثلاث سنوات إضافية، تتضمن حفر بئر استكشافية واحدة. ومن المتوقّع أن تبلغ التكلفة الاستثمارية الأدنى لشركتي "قطر للطاقة" و"توتال إنرجيز" في هذا الحقل الغازي نحو 114 مليون دولار، بحسب وكالة "ألنفط". 600 مليون دولار لتأكيد احتياطات بـ400 مليار متر مكعب إلى جانب تحالف "قطر للطاقة" و"توتال إنرجيز" الفرنسية، جرى توقيع أربعة عقود أخرى، ضمن إطار مناقصة الجزائر الدولية لعام 2024، وكلها تتعلق بمشاريع غازية. فقد جرى توقيع عقد استكشاف مع شركة "سينوبك" (SINOPEC) الصينية في حقل "قرن القصعة" جنوب غربي البلاد، الذي يمتد على مساحة 36,374 كيلومترًا مربعًا. ويحتوي الحقل على احتياطات مؤكدة تُقدّر بـ26 مليار متر مكعب، مع توقعات باحتياطات إضافية تصل إلى 141 مليار متر مكعب، وتُقدّر الاستثمارات الأدنى بهذا المكمن بنحو 123.5 مليون دولار. طاقة التحديثات الحية قطر للطاقة تفوز بصفقة غاز وتدخل السوق الجزائرية لأول مرة كما وقّعت شركة صينية ثانية، "زيباك" (ZPEC)، عقدًا لاستكشاف حقل "زرافة 2" في وسط الصحراء الجزائرية، والذي تُقدّر احتياطاته المؤكدة بـ83 مليار متر مكعب، مع توقعات بمخزونات إضافية تبلغ 51 مليار متر مكعب، واستثمار أدنى بقيمة 188 مليون دولار. وكان لعملاق الطاقة الإيطالي "إيني"، الذي يُعد الشريك الأكبر للجزائر في قطاع الطاقة، حضور في هذه الجولة عبر توقيع عقد لحقل "رقان 2"، ضمن تحالف مع الشركة التايلاندية "PTTEP". وتُقدّر الاحتياطات المؤكدة لهذا المكمن بنحو 65.5 مليار متر مكعب، مع إمكانية تحقيق مخزونات إضافية تقارب 143 مليار متر مكعب، واستثمار أدنى بقيمة 32 مليون دولار. أما العقد الخامس، فقد جرى توقيعه مع تحالف يضم شركتين من النمسا وسويسرا، هما "زانغاس" و"فيلادا" (ZANGAS–FILADA)، لاستكشاف حقل "طوال 2" في جنوب شرقي البلاد، والذي يحتوي على مخزونات مؤكدة من الغاز تُقدّر بـ175 مليار متر مكعب، مع إمكانية تحقيق احتياطات إضافية تصل إلى 15 مليار متر مكعب، باستثمار أدنى يبلغ 149 مليون دولار. وفي كلمة له قبيل مراسم التوقيع، أكّد رشيد حشيشي، الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك، أن العقود الخمسة الممنوحة للشركات الدولية ضمن مناقصة الجزائر الدولية لعام 2024، تتضمن حفر 32 بئرًا استكشافية، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمارات الأدنى للعقود الخمسة يصل إلى 600 مليون دولار. وأوضح حشيشي أن المشاريع الخمسة تهدف إلى استكشاف جميع موارد النفط والغاز الحالية، وتأكيد الإمكانيات المكتشفة في هذه المناطق، التي تُقدّر باحتياطات محتملة تبلغ 400 مليار متر مكعب من الغاز، مضيفًا: "بمجرد تأكيد هذه الإمكانيات، سيجري تخصيص استثمارات أكبر لتطوير واستغلال هذه الكميات من الغاز". واعتبر حشيشي أن قيمة الاستثمارات المقدرة بـ600 مليون دولار المخصصة للاستكشاف، تعكس مستوى الثقة في مناخ الاستثمار في الجزائر، والقدرات الجيولوجية الغنية التي لا تزال تزخر بها الأحواض الرسوبية في البلاد، خاصة مع دخول شركاء دوليين لأول مرة مثل "قطر للطاقة" وشركتين من النمسا وسويسرا. تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تُنتج حاليًّا نحو 140 مليار متر مكعب من الغاز، صدّرت منها أكثر من 50 مليار متر مكعب للأسواق الخارجية، بينما استُهلكت الكمية نفسها تقريبًا في السوق المحلية، في حين جرى ضخّ الكميات المتبقية في الآبار لتحسين الاسترجاع وزيادة الإنتاج.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
التمويل الإسلامي يحقق أسرع وتيرة نمو في العالم.. ما الذي يحركه؟
وسط اضطرابات الأسواق العالمية والتقلبات الحادة في معدلات الفائدة وأسعار الأصول، يواصل التمويل الإسلامي تسجيل معدلات نمو استثنائية جعلته يتصدر مشهد الخدمات المالية الأسرع نموا حول العالم. فخلال عام 2024 وحده، قفزت أصول القطاع بنسبة 12% لتتجاوز حاجز 5.5 تريليونات دولار للمرة الأولى في تاريخه، محققا أداء يتفوق على الأنظمة المصرفية التقليدية والأسواق الناشئة مجتمعة، وفقا لتحليل صادر عن مجموعة بورصة لندن (LSEG)، ونشر ضمن تقرير يوليو/تموز 2025 لبنك "ستاندرد تشارترد". وأظهرت بيانات التقرير الصادر عن بنك ستاندرد تشارترد، بعنوان "التمويل الإسلامي للمؤسسات المالية.. فتح النمو وسط التحولات العالمية"، أن النمو التراكمي للأصول الإسلامية بلغ 43%، على مدى خمس سنوات (2020–2024)، وهو ما يضع القطاع في صدارة قائمة قطاعات التمويل المنظمة الأسرع نموا على مستوى العالم. ولا يقتصر هذا الصعود على حجم الأصول ، بل يشمل اتساعا جغرافيا لافتا وابتكارات تنظيمية ورقمية تعيد تشكيل مستقبل الصناعة المالية الإسلامية. وكشفت بيانات التقرير أن التمويل الإسلامي لم يتأثر بالضغوط التضخمية العالمية، ولا بتغيرات أسعار الفائدة الحادة التي شهدتها البنوك المركزية في الدول الغربية. وأكد التقرير أن صناعة التمويل الإسلامي حافظت على استقرارها بفضل بنيتها القائمة على الأصول، ونموذج المشاركة في المخاطر ، والابتعاد عن أدوات الدين التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن الأصول الإسلامية ستتجاوز 7.5 تريليونات دولار بحلول 2028، ما لم تحدث انعطافات كبرى في الأنظمة الرقابية أو التشريعية المعتمدة في الأسواق الرئيسة. فما الذي يدفع بهذا النمو المتسارع؟ ومن يقوده؟ وأين تتركز فرصه الأكبر؟ هذا ما يجيب عنه التقرير التالي: اقتصاد عربي التحديثات الحية نمو أصول التمويل الإسلامي في قطر 4.1% إلى 683 مليار ريال سر النمو المتسارع للتمويل الإسلامي أظهر تقرير "ستاندرد تشارترد" أن تسارع نمو التمويل الإسلامي خلال عام 2024 يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي: الطلب المحلي المرتفع، والدعم التنظيمي، والتوسع الرقمي. وبحسب نتائج استطلاع "نبض المصارف الإسلامية 2025" المضمن في التقرير، قال 43% من المشاركين من القيادات المصرفية إن الطلب المحلي هو المحرك الأساسي للنمو، مشيرين إلى ازدياد توجه الأفراد والمؤسسات نحو المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة، خاصة في دول مثل السعودية وباكستان وإندونيسيا. إلى جانب ذلك، أشار 20% من المشاركين إلى أن وجود بيئة تنظيمية داعمة يمثل عاملا حاسما في نمو القطاع، إذ شهد عام 2024 تحولات تنظيمية بارزة، أبرزها في باكستان التي أقرت تعديلا دستوريا لإلغاء التعاملات الربوية بحلول نهاية 2027، ما أطلق عملية تحول مصرفي شامل نحو النظام الإسلامي. كما فرضت إندونيسيا على البنوك التقليدية التي تتجاوز نسبة أصولها الإسلامية 50% أن تفصل وحداتها الإسلامية إلى كيانات مستقلة خلال عامين. ووفقا للتقرير، فإن التوسع الرقمي شكل المحرك الثالث للنمو، حيث أشار التقرير إلى أن 50% من البنوك الإسلامية بدأت فعليا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أو تخطط لاعتمادها قريبا، مع التركيز على أتمتة الخدمات، وتحليل البيانات، وتخصيص المنتجات بما يتناسب مع احتياجات العملاء الجدد. وبين التقرير أن هذا التوجه الرقمي ساهم في توسيع قاعدة العملاء، خصوصا في فئة الشباب، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والفئات غير المخدومة مصرفيا. من يقود النمو في التمويل الإسلامي عالمياً؟ كشف تقرير "ستاندرد تشارترد" أن قيادة النمو المتسارع في قطاع التمويل الإسلامي تعود بشكل أساسي إلى تحالف من الأسواق النشطة والبنوك الكبرى والهيئات التنظيمية، مع تصدر السعودية وماليزيا المشهد العالمي. وبحسب التقرير، جاءت السعودية في مقدمة الأسواق الدافعة للنمو، بعدما تجاوزت هدفها المعلن بتحقيق 22.5% من إجمالي أصول التمويل الإسلامي العالمي بحلول 2025، لتصل فعليا إلى 23% في عام 2024. ويعزو التقرير هذا التقدم إلى السياسات الوطنية ضمن "رؤية السعودية 2030"، التي وضعت التمويل الإسلامي أحدَ ركائز تطوير القطاع المالي، إلى جانب الدور النشط الذي تلعبه البنوك السعودية، مثل "الراجحي" و"البلاد"، في قيادة الابتكار والتوسع داخل المملكة وخارجها. أما ماليزيا، فقد حافظت، بحسب التقرير، على موقعها أكثرَ الأسواق نضجا من حيث البنية التحتية التنظيمية، بفضل اعتمادها نهج التمويل القائم على القيم الذي تبناه البنك المركزي، ويهدف إلى مواءمة المنتجات المصرفية الإسلامية مع أهداف التنمية المستدامة. كما تحتفظ ماليزيا بريادة إصدار الصكوك، وتمتلك قاعدة متنوعة من البنوك الإسلامية والمؤسسات الاستثمارية. من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الهيئات التنظيمية الدولية، مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، تلعب دورا متناميا في توحيد المعايير الفنية والرقابية بين الأسواق، ما يعزز ثقة المستثمرين ويدفع بتوسع التمويل الإسلامي في بيئات قانونية مختلفة. كما ساهمت المؤسسات المالية الإسلامية الكبرى، مثل بيت التمويل الكويتي والبنك الإسلامي للتنمية، بحسب التقرير، في تمويل مشروعات عابرة للحدود، وتوفير أدوات مبتكرة مثل الصكوك الخضراء وصناديق الزكاة الوقفية، وهو ما يدعم استدامة النمو في الأسواق الناشئة. وأوضح التقرير أن هذا النمو لا يدار فقط من العواصم الإسلامية التقليدية، بل أصبح يتسارع أيضا بفعل اهتمام عالمي متزايد من دول غير إسلامية، على غرار المملكة المتحدة ولوكسمبورغ وجنوب أفريقيا، التي تسعى لاقتناص فرص التمويل الإسلامي ضمن استراتيجياتها لتنويع القطاع المالي. اقتصاد دولي التحديثات الحية روسيا تمدد تجربة التمويل الإسلامي حتى 2028 إلى أين تتجه فرص التمويل الإسلامي القادمة؟ أفاد تقرير "ستاندرد تشارترد" بأن الفرص المستقبلية الكبرى في قطاع التمويل الإسلامي ستتركز بشكل واضح في الأسواق الحدودية والناشئة، لا سيما في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، مدفوعة بتزايد الطلب، وتوسع القنوات الرقمية، والدعم التنظيمي المتصاعد. وبحسب نتائج استطلاع "نبض المصارف الإسلامية" المرفق بالتقرير، صنف 24% من قادة البنوك الإسلامية الممرات الاقتصادية الناشئة بين الخليج وأفريقيا وجنوب شرق آسيا أهمَّ مناطق التوسع الاستراتيجي خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتشمل هذه الممرات أسواقا مثل كينيا ونيجيريا ومصر وبنغلادش وكازاخستان، حيث يتزايد الاهتمام بالحصول على حلول تمويلية متوافقة مع الشريعة، خاصة في القطاعات التي تعاني من فجوات تمويلية مثل الزراعة والإسكان والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويشير التقرير إلى أن العديد من هذه الدول يمتلك كتلا سكانية كبيرة من المسلمين غير المخدومين مصرفيا، إضافة إلى حاجة واضحة إلى منتجات مالية مرنة وعادلة يمكن أن توفرها نماذج التمويل الإسلامي. فعلى سبيل المثال، تزداد فرص التمويل الإسلامي في الفيليبين بالتزامن مع التعديلات التشريعية الأخيرة التي أقرها البنك المركزي لإنشاء أول بنوك إسلامية مرخصة في البلاد. ومن جانب آخر، يؤكد التقرير أن التمويل الأخضر والمستدام يمثل حاليا أحد أسرع مجالات النمو ضمن القطاع الإسلامي. ويعكس ذلك تنامي إصدار الصكوك الخضراء، وتوجه عدد من المؤسسات الإسلامية الكبرى نحو تأسيس صناديق استثمار تركز على البنية التحتية منخفضة الانبعاثات والطاقة النظيفة والتعليم والصحة. ويرى التقرير أن اعتماد التكنولوجيا المالية الإسلامية سيلعب دورا أساسيا في تسريع هذا التوسع، خصوصا في المناطق التي يصعب فيها الوصول إلى البنية المصرفية التقليدية. ويتوقع التقرير أن تشهد السنوات القادمة توسعا في البنوك الإسلامية الرقمية ومنصات التمويل الجماعي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما يسمح بتقديم خدمات مالية متوافقة مع الشريعة للمجتمعات الريفية والناشئة.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
ارتفاع صادرات النفط السعودي في مايو
أظهرت بيانات مبادرة البيانات المشتركة (جودي)، اليوم الاثنين، أن صادرات السعودية من النفط الخام سجلت أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر في مايو/ أيار الماضي. وارتفعت صادرات النفط الخام من أكبر مصدر للنفط في العالم إلى 6.191 ملايين برميل يوميا، مقارنة مع 6.166 ملايين برميل يوميا في إبريل /نيسان. وبلغ إنتاج السعودية من النفط الخام في مايو/ أيار 9.184 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من 9.005 ملايين برميل يوميا في إبريل/ نيسان. وأظهرت البيانات أن استهلاك مصافي السعودية من الخام بلغ 2.721 مليون برميل يوميا، بزيادة 0.017 مليون برميل يوميا من 2.704 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان، بينما زاد الحرق المباشر للنفط الخام بمقدار 112 ألف برميل يوميا ليصل إلى 489 ألف برميل يوميا. وتقدم السعودية وأعضاء آخرون في منظمة البلدان المصدرة للبترول ( أوبك ) أرقام الصادرات الشهرية إلى مبادرة جودي التي تنشرها على موقعها الإلكتروني. واتفق تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاء مثل روسيا، هذا الشهر على زيادة الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يوميا في أغسطس/ آب، مما أدى إلى تسريع زيادات الإنتاج في أول اجتماع للمجموعة منذ ارتفاع أسعار النفط ثم تراجعها نتيجة الهجمات الإسرائيلية والأميركية على إيران. ورجحت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات لوكالة رويترز، أن توافق مجموعة أوبك+ على زيادة أخرى لشهر سبتمبر/ أيلول عند اجتماعها في الثالث من أغسطس/ آب. وبدأت أوبك+ في تقليص تخفيضات الإنتاج البالغة 2.17 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان بإطلاق زيادة في الإنتاج قدرها 138 ألف برميل يوميا وزيادات أخرى في مايو /أيار ويونيو /حزيران ويوليو/ تموز رغم انخفاض أسعار النفط. وأعلنت وزارة الطاقة السعودية أن المملكة التزمت تماما بهدفها الطوعي للإنتاج في إطار اتفاق أوبك+، مضيفة أن إمدادات النفط الخام التي سوقتها الرياض في يونيو/ حزيران بلغت 9.352 ملايين برميل يوميا، وهو ما يتماشى مع الحصة المتفق عليها. طاقة التحديثات الحية السعودية توقع اتفاقات مع شركات أوروبية لتصدير الطاقة المتجددة وتوقع محللون ومصادر تجارية في مايو الماضي، أن تقوم السعودية بحرق المزيد من النفط الخام لتوليد الكهرباء هذا الصيف مقارنة بالصيف الماضي، مع زيادة إنتاجها بعد أن خفف تحالف أوبك+ القيود المفروضة على الإمدادات، وارتفاع تكلفة زيت الوقود. وتوقع شركة وود ماكنزي في تقرير لها في مايو، أن تستهلك السعودية ما بين 465 ألفاً إلى 470 ألف برميل يومياً، من الخام لتوليد الطاقة هذا العام، بزيادة تتراوح بين عشرة آلاف إلى 15 ألف برميل يومياً عن 2024. وتولد السعودية الكهرباء بشكل أساسي من الغاز الطبيعي، يليه النفط، ثم مصادر الطاقة المتجددة. والسعودية منتج رئيس للنفط بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 11 مليون برميل في الظروف الطبيعية، وتعتبر أكبر مصدّر عالمي بمتوسط يومي 7.4 ملايين برميل في الظروف الطبيعية. وعملت السعودية منذ 2016 على خفض حصة النفط من 73% من إجمالي الإيرادات المالية المتحققة في ذلك، ويعدّ خفض الاعتماد على النفط الهدف الأبرز لرؤية المملكة 2030، مقابل تنويع مصادر الدخل الأخرى القادمة من عوائد الاستثمارات والإيرادات الضريبية، وتعزيز السياحة الوافدة إلى البلاد. وفي بيان ميزانيتها لعام 2025، تتوقع المملكة إنفاقاً إجمالياً قدره 342 مليار دولار (1.285 تريليون ريال سعودي)، مع استمرارها في الاستثمار في مشاريع لتنويع الاقتصاد بعيداً عن عائدات النفط، التي تُمثل حوالي 61% من إجمالي إيرادات الحكومة السعودية. وبالتالي، من المتوقع أن تكون الإيرادات أقل من النفقات، حيث تبلغ 316 مليار دولار (1.184 تريليون ريال). وتشير هذه التقديرات إلى عجز بالميزانية السعودية قدره 27 مليار دولار (101 مليار ريال)، وهو ما يمثل حوالي 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. (رويترز، العربي الجديد)