
«الملك ترامب» والديمقراطية الأمريكية؟
«الديمقراطية الأمريكية ليست استثنائية كما نعتقد في بعض الأحيان ولا يوجد في دستورنا أو ثقافتنا ما يحصّننا من انهيار الديمقراطية».
ربما لم يدر بخلد كل من دانييل زيبلات وستيفن روبرت ليفيتسكي الأستاذين في جامعة هارفارد العريقة في كتابهما الصادر عام 2018 «كيف تموت الديمقراطيات» أن «السيناريو الكابوس» الذي توقّعناه للولايات المتحدة قد حصل فعلا واستمر إلى اليوم الذي تشهد فيه مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة مظاهرات ضد سياسات الرئيس ترامب في «يوم التحدي الوطني ضد الملوك».
حين وضع الكاتبان ثلاثة سيناريوهات لمستقبل البلاد في الثلاثة عقود المقبلة وضعا الأول باعتباره «الأكثر تفاؤلا وهو انتعاش ديمقراطي سريع» بعد ذهاب ترامب، وقد كان في عهدته الرئاسية الأولى وقتها، والثاني «الأكثر قتامة وهو أن يواصل الرئيس ترامب والجمهوريون الفوز بمناشدة من الوطنيين البيض»، أما الثالث فكان برأيهما هو الأرجح حيث يكون «مستقبل ما بعد ترامب هو مستقبل يتميّز بالاستقطاب، والمزيد من الانحرافات للأعراف السياسية غير المكتوبة وزيادة الحرب المؤسساتية، بعبارة أخرى، الديمقراطية بدون سكك حماية قوية».
ما حصل في النهاية كان مزيجا من السيناريو الثاني الذي وصفاه بـ«الكابوس» والسيناريو الثالث. ربما ما كان الكاتبان يتصوّران أن ترامب قد يعود مرة أخرى إلى البيت الأبيض بعد فترة حكم واحدة للديمقراطيين من بعده، مما جعلنا نرى الكثير من ملامح الكابوس الذي تصوّراه في ما يجري حاليا من اضطرابات تتسع باستمرار.
توقّع الكاتبان مثلا قيودا كبيرة على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وموجات ترحيل واسعة للمهاجرين، مع إمكانية أن يصاحب كل ذلك القضاء على مماطلة القانون وغيرها من القواعد التي تحمي الأقليّات في مجلس الشيوخ. هذه «التدابير المتطرفة»، كما وصفاها، من شأنها في النهاية، وفق ما ورد في الكتاب، أن «تثير مقاومة قوى واسعة النطاق، بمن في ذلك التقدميون ومجموعات الأقلية والكثير من القطاع الخاص»، بل وقد «تؤدي هذه المقاومة إلى تصاعد مواجهة وحتى صراع عنيف يمكن أن يؤدي بدوره إلى تصاعد قمع الشرطة».
أليس في ما يجري حاليا في عديد الولايات الأمريكية الكثير من هذا؟ وربما أسوأ، حين تمّت دعوة الحرس الوطني للسيطرة على الأوضاع وتجاوز السلطة المحلية وشرطتها وحين بدا الرئيس ترامب يتصرّف حاكما بأمره في بلد لم يكن يوما على هذه الشاكلة من الحكم الفردي الذي كانت تعيّر به الآخرين.
كتاب «كيف تموت الديمقراطية» أعدّه صاحباه لتقييم سنتين فقط من الفترة الأولى من حكم ترامب (2016-2020) في ضوء التاريخ الأمريكي نفسه مع تجارب ديمقراطية أخرى في العالم انتكست أو ديكتاتوريات فظيعة وصلت عبر الانتخابات، أبرزها ألمانيا مع هتلر وإيطاليا مع موسيليني. وقد وضع الكاتبان أربعة مؤشرات أساسية للسلوك الاستبدادي هي: رفض أو التزام ضعيف بقواعد اللعبة الديمقراطية، إنكار شرعية المعارضين السياسيين، التسامح مع العنف أو تشجيعه، الاستعداد للحد من الحريات المدنية للمعارضين بما في ذلك وسائل الإعلام. مؤشرات نراها تتقدم حثيثا في الولايات المتحدة منذ ترامب الأول، مما دعا الكاتبين إلى التساؤل مبكّرا «هل أننا نعيش انحدارا وسقوطا لواحدة من أقدم وأنجح الديمقراطيات في العالم؟».
ما أخاف الكاتبين أكثر، وألحّا عليه منذ مقدمة الكتاب، الذي ترجمه إلى العربية رعد زامل وصدر عن دار سطور العراقية في 275 صفحة من الحجم المتوسط، أنه «ليس على أيدي الجنرالات يمكن أن تموت الديمقراطيات ولكنها تموت كذلك على أيدي قادة ورؤساء ورؤساء وزراء منتخبين». وقد أشار الكاتبان وقتها إلى أن «أمريكا فشلت في أول اختبار لها في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 عندما انتخبنا رئيسا مشكوكا بولائه للمعايير الديمقراطية» معتبرين أن «حماية ديمقراطيتنا تتطلّب أكثر من مجرد الخوف أو الغضب إذ يجب أن نكون متواضعين وجسورين وأن نتعلّم من دول أخرى لرؤية علامات التحذير».
أنحى الكاتبان باللائمة في صعود ترامب على «حراس البوّابة الحزبيين» أي على الاصطفاف الغريب للحزب الجمهوري وراء رجل مريب مثل ترامب، ذلك أن «الجمهوريين غير مستعدّين لدفع الثمن السياسي للانفصال عن رئيسهم»، وهو أمر ازداد وضوحا وفداحة في انتخابات 2024 لمجرّد قبوله مرشّحا لهذا الحزب، ثم فوزه لاحقا، حتى غدا اليوم ليس فقط تهديدا للسلم العالمي بتنطّعه في ملفات دولية عديدة، وإنما أيضا للسلم الاجتماعي والاستقرار السياسي في أمريكا نفسها.
إعادة قراءة هذا الكتاب الصادر قبل ثماني سنوات، ومن كاتبين أمريكيين مختصّين في العلوم السياسية وأساليب الحكم، من شأنه أن يجعل فهمنا لما يجري هذه الأيام في الولايات المتحدة أكثر عمقا عبر تنزيله في سياقه التاريخي الأشمل لأن «ترامب، وهو كاسر سلسلة معايير على نطاق واسع، انتٌقد بسبب الاعتداء على الأعراف الديمقراطية الأمريكية، لكن المشكلة لم تبدأ مع ترامب (ذلك أن) عملية تآكل المعايير بدأت قبل عقود»، كما يقول الكاتبان.
قد لا يكون زيبلات وليفيتسكي توقّعا أن تصل تداعيات إكمال ترامب مدّته الرئاسية الأولى، ناهيك عن عودته ثانية إلى البيت الأبيض، إلى هذا الحد من الضرر الداخلي والعالمي، ولهذا فقد يكونان مدعوين الآن إلى طبعة جديدة من الكتاب، مزيدة ومنقّحة، لأن هناك الكثير الكثير ممّا سيضيفانه بالتأكيد.
نقلا عن القدس العربي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Babnet
منذ 33 دقائق
- Babnet
استدعاء مسؤولين سابقين في إدارة بايدن للتحقيق في مزاعم التستر على حالته الصحية
طالبت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي 4 من كبار المسؤولين السابقين في إدارة الرئيس جو بايدن بالإدلاء بشهاداتهم حول مزاعم التستر على تدهور حالته العقلية خلال فترة رئاسته. ووجه رئيس اللجنة جيمس كومر (جمهوري عن ولاية كنتاكي) رسائل إلى المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، ورئيس الموظفين السابق جيف زينتس، ونائب المتحدث الرسمي أندرو بيتس، والمساعد الخاص إيان سامز، يطلب فيها حضورهم لإجراء مقابلات مسجلة أمام اللجنة في أواخر أوت وأوائل سبتمبر. وأعطت اللجنة للمسؤولين الأربعة مهلة حتى الرابع من جويلية للرد على طلب الحضور طواعية، وإلا فسيتم إجبارهم على المثول عبر استدعاء قضائي. ويأتي هذا الإجراء ضمن تحقيقات اللجنة المستمرة حول مزاعم قيام مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض باتخاذ قرارات تنفيذية نيابة عن بايدن دون تفويض منه، بما في ذلك منح عفو رئاسي واسع، وسط تقارير عن تدهور حالته العقلية. وفي رسائله، أكد كومر أن هؤلاء المسؤولين يمتلكون معلومات حاسمة حول من كان يتخذ القرارات داخل الإدارة السابقة، مشيرا إلى أن بعض هذه القرارات قد تكون اتُخذت دون علم الرئيس أو موافقته. ولفت بشكل خاص إلى تصريحات جان بيير السابقة التي نسبت انتقادات تدهور حالة بايدن إلى "معلومات مضللة"، معتبرا أن هذه الادعاءات تحتاج إلى تدقيق. كما حذر من أن الكونغرس قد يضطر إلى اتخاذ إجراء تشريعي إذا ثبت أن موظفي البيت الأبيض أخفوا عمدا حالة الرئيس الصحية أو تصرفوا نيابة عنه لفترة طويلة. يذكر أن اللجنة كانت قد أصدرت سابقا استدعاءات قضائية لطبيب بايدن الشخصي الدكتور كيفن أوكونور، وأنتوني برنال المستشار السابق للسيدة الأولى، بعد امتناعهما عن الحضور الطوعي. وصرح كومر لـ "فوكس نيوز ديجيتال" بأن التحقيق يهدف إلى كشف الحقائق حول "التستر المزعوم على التدهور العقلي للرئيس بايدن"، متهما دائرة الرئيس المقربة بنشر روايات كاذبة عن لياقته للعمل عبر وسائل الإعلام وحلفاء الإدارة. من جهتها، لم تعلق جان بيير أو المسؤولون الثلاثة الآخرون على طلب التعليق من الشبكة الإخبارية عند نشر الخبر.


الصحفيين بصفاقس
منذ ساعة واحدة
- الصحفيين بصفاقس
رغم إعلان ترامب: نفي أميركي وإيراني لموعد المحادثات النووية
رغم إعلان ترامب: نفي أميركي وإيراني لموعد المحادثات النووية 28 جوان، 09:00 لا تزال الولايات المتحدة وإيران على اتصال بشأن برنامج طهران النووي، لكن لا توجد مفاوضات رسمية مجدولة حاليا، حسبما قال مسؤولون من الجانبين، الخميس. ففي قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لاهاي، الأربعاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن محادثات جديدة مع طهران 'الأسبوع المقبل'. لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، قالت، الخميس، إن واشنطن لا تزال 'على تواصل وثيق' مع إيران ووسطائها، رغم عدم وجود محادثات مجدولة. كما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الحكومي، إن الدبلوماسية مستمرة والاتصالات تتم عبر قنوات مختلفة. وتابع عراقجي: 'لكن فيما يتعلق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة، نحن نقوم حاليا بتقييم ما هو الأفضل لمصالحنا الوطنية'. لكنه أضاف أنه لم يتم تقديم أي التزامات بشأن استئناف المحادثات. وألغيت جولة سادسة مقررة من المحادثات الأميركية الإيرانية في سلطنة عمان يوم 15 يونيو الجاري، بعد أن شنت إسرائيل ضربات على أهداف إيرانية قبل ذلك بيومين. ووسط تبادل الهجمات بين إيران وإسرائيل، قصفت القوات الأميركية مواقع نووية إيرانية رئيسية نهاية الأسبوع الماضي. وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي الإيراني، أكد عراقجي لأول مرة أن الهجمات تسببت في أضرار 'كبيرة' للبنية التحتية النووية الإيرانية. ويدور نقاش حاد في واشنطن حول الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية تحت الأرض في منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، من جراء القنابل الأميركية. وقال ترامب إن الضربات تسببت في 'تدمير كامل'، وهاجم تقييما استخباراتيا مبكرا للبنتاغون وجد أن الهجمات قد تكون قد أخرت برنامج إيران النووي بضعة أشهر فقط. كما نفى وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث التقييم بشدة، قائلا للصحفيين، الخميس، إن الضربات 'دمرت القدرات النووية الإيرانية'.


ديوان
منذ 9 ساعات
- ديوان
ترامب : وقف إطلاق النار في غزة بات وشيكا
وأضاف خلال استقبال وزيري خارجية رواندا والكونغو في البيت الأبيض لمناسبة توقيعهما اتفاق سلام بين البلدين، «سنصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في غضون الأسبوع المقبل». ( الشرق الأوسط)