
سانت بطرسبرغ
في روسيا - الدولة التي يحتمل أن تكون الأكبر من حيث المساحة الزراعية – تشح محاصيل البطاطس والبصل. حتى الرئيس فلاديمير بوتين لاحظ هذا العجز، وقال قبل بضعة أسابيع: "اتضح أن لدينا نقصا في البطاطس". كما أقر بوجود نقص في بنجر السكر وبعض الخضراوات.
وقبل ذلك، شهدت أسعار البطاطس في المتاجر الروسية ارتفاعا حادا. ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفعت أسعارها ثلاث مرات تقريبا خلال العام الماضي، بينما زاد
سعر البصل بمقدار الضعف. وارتفع سعر الكرنب بأكثر من 50% عن العام الماضي، وفقا لمكتب الإحصاء الروسي (روستات).
واضطر الروس إلى إنفاق ما يزيد قليلا عن يورو واحد لشراء كيلوغرام من البطاطس في يونيو/حزيران 2025. ومع متوسط دخل يقل قليلا عن 1000 يورو قبل احتساب الضرائب ومعاشات تقاعدية تزيد قليلا عن 200 يورو - وفقا لبيانات (روستات) - فإن هذا المبلغ ليس بقليل. ويُعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية أحد العوامل الرئيسية المُسببة للتضخم في روسيا. ووفقا لوزارة الاقتصاد، يبلغ معدل التضخم حاليا 9.6%.
ويحاول البنك المركزي الروسي السيطرة على التضخم من خلال سعر فائدة رئيسي مرتفع - يبلغ حاليا 20%. والهدف من ذلك: إذا تسببت أسعار الفائدة المرتفعة في زيادة صعوبة الاقتراض، فإن المعروض النقدي المتداول سينخفض. وقلة النقود تعني انخفاض الطلب وانخفاض التضخم.
الاتجاه نحو الركود
لكن هذا قد جلب لروسيا الآن المزيد من التعقيدات. في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أصدر وزير الاقتصاد الروسي مكسيم ريشيتنيكوف تحذيرا واضحا وغير معتاد من مشكلات الاقتصاد المحلي، قائلا: "وفقا للأرقام، نشهد تباطؤا؛ ووفقا للشعور الحالي لرجال الأعمال، نحن بالفعل على وشك الدخول في حالة ركود".
وأضاف ريشيتنيكوف أن مستوى سعر الفائدة الحالي يُثني رواد الأعمال عن الاستثمار. ووفقا لتقديرات الوزير، قد تكون الاستثمارات في الربعين الثالث والرابع لهذا العام أقل من مستوى العام السابق.
ودافعت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، عن نفسها ضد اتهامات بانتهاج سياسة نقدية غير سليمة، لكنها توقعت أيضا أن يواجه الاقتصاد الروسي صعوبات. وذكرت نابيولينا أنه على الرغم من العقوبات حقق الاقتصاد الروسي نموا على مدار عامين بفضل برامج إحلال الواردات وأموال صندوق الازدهار واحتياطيات رأس المال الموجودة في النظام المصرفي، وقالت: "يجب أن ندرك أن العديد من هذه الموارد استُنفِدَت بالفعل، وعلينا التفكير في نموذج جديد للنمو".
في الواقع، صمد الاقتصاد الروسي بشكل مدهش بعد الهجوم على أوكرانيا الذي أمر به بوتين، رغم العقوبات الغربية. ويعود ذلك في المقام الأول إلى التحول الجذري في الاقتصاد نحو الإنتاج الحربي. وقد تفاخر سيرجي تشيميزوف، المقرب من بوتين والرائد في قطاع الصناعات الدفاعية، مؤخرا بزيادة في الذخيرة والأسلحة "بعشرات الأضعاف مقارنة بعام 2021".
ويشكو النقاد من أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا لا يعكس قدرة الاقتصاد على إنتاج سلع جديدة للمواطنين، أو ارتفاع في مستوى معيشتهم، بل إنه يشير فقط إلى أن قطاع الصناعات الدفاعية - الممول من الميزانية - ينتج المزيد والمزيد من الطائرات المسيرة والصواريخ والدبابات.
ارتفاع التكاليف
في المقابل، تعاني القطاعات المدنية منذ فترة طويلة من ارتفاع التكاليف، وتقلص العمالة، والتخلف التكنولوجي الذي يزداد وضوحا بسبب العقوبات. فعلى سبيل المثال، يعاني قطاع البناء والعقارات من أزمة حادة، كما شهدت صناعة السيارات ركودا منذ أن أدار المنتجون ومصنعو قطع الغيار الغربيون ظهورهم لروسيا. ورغم تزايد مبيعات الصين من السيارات في روسيا،فإنها لا تنتجها هناك.
وعجزت شركة "أفتوفاز" - الشركة المصنعة لسيارات لادا والتابعة لإمبراطورية تشيميزوف الاقتصادية - عن سد الفجوة التي تركها مصنعو السيارات الغربيون. وفي منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادي، قدمت الشركة أحدث طرازاتها "لادا أزيموت" والمقرر أن تدخل مرحلة الإنتاج التسلسلي العام المقبل. ومع ذلك، لا تزال الطرازات السابقة تتراكم في المستودعات بسبب نقص الطلب.
وشهدت مبيعات السيارات الجديدة في روسيا تراجعا جديدا بعد ذروة مؤقتة في عام 2024. ففي الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام لم تُبع سوى حوالي 450 ألف سيارة، بانخفاض قدره 26% على أساس سنوي. كما تتوقع شركة "أفتوفاز" انهيارا في المبيعات بنسبة 25% للعام بأكمله.
وتشهد شركة "روستسيلماش" لتصنيع الآلات الزراعية أزمة أيضا، حيث فرضت الشركة المُصنِّعة للحصَّادات والجرارات على أكثر من 15 ألف موظف إجازة إجبارية. وبالنسبة للقوى العاملة لا يعني هذا راحة، بل مصيرا مجهولا. وقد طُبِّق نظام العمل بدوام جزئي في مصنع الشركة بالفعل في مارس/آذار الماضي، وسُرّح ألفي عامل في أبريل/نيسان الماضي.
ومن المفارقات أن "روستسيلماش" غير قادرة أيضا على الاستفادة من الانسحاب واسع النطاق لمنافسيها الغربيين. فمبيعات الحصَّادات متعثرة، حيث أعقب تراجع المبيعات بنسبة 20% العام الماضي انخفاض جديد بنسبة تتراوح بين 10% و15% حتى الآن هذا العام. ويتراكم 40% من الإنتاج السنوي في مستودعات "روستسيلماش". ويفتقر المزارعون إلى المال اللازم لشراء معدات جديدة. كما يعاني المزارعون من ارتفاع أسعار الفائدة على القروض وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وكان لهذا تأثيرا على الحصاد. ففي العام الأول من الحرب، 2022، أعلن بوتين بفخر عن حصاد قياسي للحبوب بلغ 157 مليون طن، إلا أن المحاصيل تراجعت في كل من العامين التاليين.
اتجاه معاكس
وقد أمر بوتين بالفعل بزيادة حصاد الحبوب إلى 170 مليون طن والصادرات إلى 80 مليون طن بحلول عام 2030، إلا أن نائب رئيس الوزراء دميتري باتروشيف، المسؤول عن القطاع الزراعي، قال مؤخرا: "بناء على الاتجاهات الأخيرة، فإننا نسير في الاتجاه المعاكس"، مؤكدا ضرورة تصحيح هذا الوضع بسرعة.
ولا تزال الحكومة تأمل في حصاد أفضل من العام الماضي. ومن المنتظر حصاد البطاطس خلال الأيام المقبلة. وبسبب زيادة العرض، قد تنخفض الأسعار مؤقتا مرة أخرى.
وبخلاف ذلك سيضطر بوتين إلى اللجوء إلى وصفة حليفه الوثيق حاكم بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو - "ديكتاتور البطاطس". فقبل أيام قليلة، أوصى لوكاشينكو رعاياه بتناول البطاطس مرة واحدة أو مرتين أسبوعيا على الأكثر، وإلا فسيزداد وزنهم، حسبما قال لوكاشينكو، الذي لا يعتبر من أصحاب الوزن الخفيف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
هجرة الأثرياء.. دولتان عربيتان في الصدارة وبريطانيا الخاسر الأكبر
من المتوقع أن يهاجر حوالي 142,000 من أصحاب الملايين في العالم إلى بلدان جديدة في عام 2025، بحسب تقرير حديث لشركة " هينلي وشركاه". وتتصدر السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وسويسرا قائمة الوجهات. في المقابل، تصدرت المملكة المتحدة قائمة دول المغادرة، تليها الصين والهند من جانب أصحاب الثروات. بعض المليونيرات البريطانيين أرجعوا سبب مغادرتهم البلاد إلى انتهاء العمل بقاعدة الوضع الضريبي غير المحلي. وتشير شبكة العدالة الضريبية إلى أنه حتى مع هذه الزيادة، لا تزال نسبة المغادرين منخفضةً جداً مقارنةً بإجمالي المليونيرات. بعد تراجع هجرة الأثرياء خلال سنوات الجائحة، غادر 120 ألف مليونير أوطانهم في عام 2023. وبعد أن بلغ عددهم 142 ألفاً في عام 2025، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 165 ألفاً في عام 2026. لماذا يتم مراقبة هجرة الأثرياء؟ يُعد أصحاب الملايين المهاجرون مصدراً حيوياً لإيرادات النقد الأجنبي، إذ يميلون إلى جلب الثروة معهم عند انتقالهم إلى بلد جديد. على سبيل المثال، يُعادل المهاجر الذي يحمل 10 ملايين دولار أميركي إيرادات تصدير تبلغ 10 ملايين دولار أميركي، حيث تُدرّ كلتا العمليتين 10 ملايين دولار أميركي من إيرادات النقد الأجنبي للبلد. كما يُعدّ العديد من أصحاب الثروات الكبيرة (حوالي 15%) رواد أعمال ومؤسسي شركات، وغالباً ما يؤسسون أعمالاً تجارية في بلدهم الجديد، مما يُسهم في خلق فرص عمل محلية. وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60% بين أصحاب الملايين والمليارات. ويضاف إلى ذلك، أن انتقال الثروة يُعزز سوق الأسهم المحلية من خلال استثماراتهم في الأسهم. كما قد يُدرج بعض أصحاب الأعمال ذوي الثروات العالية شركاتهم في البورصة المحلية. التأثير المضاعف يُمكن أن يكون لهجرة الثروات إلى الداخل تأثير مضاعف على نمو الثروة نظراً لتأثيرها غير المباشر على أسعار الأصول. على سبيل المثال، يُمكن أن يؤدي انتقال 100 فرد من أصحاب الثروات العالية إلى بلد ما إلى زيادة عدد سكانه ذوي الثروات العالية بأكثر من 200 فرد، حيث يدفع ذلك أسعار الأصول المحلية إلى الارتفاع، وبالتالي يزيد من ثروة السكان المحليين المقيمين في ذلك البلد، بحسب شركة استشارات الهجرة والسفر "هينلي". كما تساهم تلك الشريحة في تغيير ديموغرافي رئيسي، عبر إعادة تشكيل طبقات المجتمع وتعزيز الطبقة المتوسطة. خاصةً مع تُوفر عدداً كبيراً من الوظائف ذات الأجور المجزية للسكان في بلدهم الأصلي. ولعل أفضل مثال على ذلك هو شركة مايكروسوفت، التي وفرت آلاف الوظائف في الولايات المتحدة الأميركية، وساهمت أيضاً في هيمنة أميركا على قطاع التكنولوجيا العالمي لأكثر من 30 عاماً. الأسباب الشائعة لهجرة أصحاب الملايين تختار العائلات ذات الثروات الكبيرة الانتقال لأسباب متعددة، منها: السلامة والأمان، المخاوف المالية، والضرائب، والتقاعد، وفرص العمل والأعمال التجارية، ونمط الحياة، بما في ذلك المناخ والطبيعة والمناظر الطبيعية، بالإضافة إلى فرص التعليم والدراسة، والرعاية الصحية. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى هجرة جماعية للروس - والتي برزت بشكل خاص في عامي 2022 و2023 - وشهدت وافدين جدداً بشكل رئيسي إلى المدن الأوروبية. ويمثل هذا التغيير انخفاضاً بنسبة 33% في عدد المليونيرات الروس المقيمين في بلادهم بين عامي 2021 و2022. تصدرت الإمارات قائمة الدول المستقبلة في عام 2025، حيث جذبت ما يقرب من 10 آلاف مليونير مهاجر. وتبعتها الولايات المتحدة وإيطاليا والسعودية. الهجرات الكبرى لأصحاب الثروات


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
خبير للعربية: السوق السعودية تؤكد مسارها الصاعد بدعم القطاعات القيادية
قال الخبير الاقتصادي محمد العنقري إن سوق الأسهم السعودية دخلت مرحلة جديدة بعد تخلصها من ضغوط رئيسية أثرت على أدائها خلال الأشهر الماضية، أبرزها الرسوم الجمركية والحرب الإيرانية–الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن السوق عادت حاليًا للتركيز على الأساسيات والنتائج المالية. وأضاف العنقري في مقابلة مع "العربية Business" أن السوق حاليا تمضي في مسار صاعد مدفوعًا بالتعافي الاقتصادي الداخلي، موضحًا أن المؤشر ما زال بحاجة لتعويض نحو 600 نقطة لاستعادة ما فُقد جراء الأزمات الأخيرة. وأكد العنقري أن القطاعات القيادية، وعلى رأسها البنوك، ما زالت تسحب السيولة وتُشكّل مؤشرًا إرشاديًا لأداء السوق، في حين يُتوقع أن تسجل نتائج إيجابية خلال الربع الثاني. أما قطاع البتروكيماويات، فرغم بدء تعافي الأسعار، لا يزال المستثمرون يتعاملون معه بحذر. وفيما يخص سهم أرامكو، أشار إلى أنه مستقر نتيجة بقاء أسعار النفط ضمن نطاق محدود، بينما تلعب قطاعات الاتصالات والصحة والغذاء دورًا داعمًا في استقرار السوق بفضل طبيعة الطلب غير المرنة.


صحيفة سبق
منذ 3 ساعات
- صحيفة سبق
الأمير فيصل بن فرحان يتلقى رسالة خطية من وزير الخارجية الروسي
تلقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، رسالة خطية، من وزير خارجية روسيا الاتحادية السيد سيرجي لافروف، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين، وسُبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات. تسلّم الرسالة نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي، خلال استقباله في مقر الوزارة بالرياض اليوم، سفير روسيا الاتحادية لدى المملكة سيرجي كوزلوف. وجرى خلال الاستقبال، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسُبل تعزيزها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.