
المخرج يبحث عن إخراج
أنجز الأمريكي ما وعد، ولم يحقق الصهيوني ما ادّعى أنه 'نصر مطلق'، وبات التقتيل والتجويع والتشريد سمة حرب قذرة يعلنها المحتل الغاشم بدعم أمريكي لا سابق له، وبات التعطش لدم الفلسطيني وللإبادة عطشا لا يروى، مقابل عطش الغزاويين لقطرة ماء وربع رغيف وحلم بلحظة واحدة تغيب عنها القاذفات والقنابل.
اليوم، وبعد توقّف العدوان على إيران، مرغم العدو لا، بطل، بدا للكيان وداعمه الأعلى، أن الحرب في غزة باتت تشكل العبء الأكبر في تاريخ كيانهم المصطنع، بعد أن باتت الخسائر التي يتكبَّدها الاحتلال يوميا على يد مقاومة شرسة لم تستكن ولم تلن، تتسع كل يوم، ويتزايد عنفوانها وحصادها باضطراد، بعد أن صار جنود الاحتلال على مرمى حجر من عبواتهم وغولهم وراجماتهم اليدوية. بات وجودهم في غزة عبءا عليهم، وقد بدأ التآكل الداخلي يدبُّ ويمتدُّ ويعود إلى الواجهة بعد عشرة أيام من التكتل في جبهة موحَّدة ضد إيران.
حرب غزة، عادت للكيان كابوسا يقضي على حلم عودة أسراهم لدى المقاومة، وبات الأمر لزاما على الكيان والإدارة الأمريكية أن تفكر في بقاء الكيان واقفا على قدم واحدة، أحسن من أن يترنح ويسقط إذا ما استمرت المقاومة، خاصة مع الضربة التي استيقظ عليها الكيان خلال عشرة أيام من الخراب، الذي طال البنية العسكرية والحيوية داخل الكيان بفعل الصواريخ والمسيّرات الإيرانية.
الذهاب نحو صفقة بشأن غزة، هو اليوم الخيار الأفضل لكل من الإدارة الأمريكية والكيان: فقد يتخذ الكيان من صورة 'الانتصار' الوهمي الذي يبيعه لداخله المأزوم والمتشرذم بشأن إيران وسورية ولبنان وغزة، عنوانا جامعا لتبرير أي صفقة أمام اليمين الصهيوني في حكومة التطرف الديني وأمام المعارضة بشكل عامّ. تبرير يجعل الكيان وعلى رأسهم رئيس وزرائه، ينزل من على الشجرة عبر سلّم وهمي ليدعي في نهايتها أن أهداف الحرب تحققت وأنه أدخل الشرق الأوسط برمته تحت طاعة سلطة دولة من النهر إلى البحر.
الولايات المتحدة تعمل على تجيير ذلك، وتدفعه نحو تسهيل مهمتها نحو تطبيع أوسع وأشمل، ضمن أطر اقتصادية وتجارية تهيمن فيها هي على طرق التجارة العالمية الجديدة بعيدا عن طريق الحرير والهيمنة الصينية المرتقبة على الاقتصاد والتجارة العالمية بدءا من الشرق الآسيوي ووصولا إلى أوروبا فأمريكا.
الهوس الأمريكي، والخوف من تنامي قدرات الشرق الآسيوي، هو ما يدفعها إلى استعجال نصر، ولو صوري استعراضي في الشرق الأوسط إرضاء للربيب المشاكس، من أجل التفرغ لمجابهة التنين الصيني والدب الروسي. هذا ما يجعل الصفقة أقرب اليوم أكثر من أي وقت مضى في غزة، من دون أن يعني ذلك أن الكيان سيتماهى مع الحل الأمريكي، كونه يعرف أن غزة والمقاومة عصية عن الهزيمة وان إيران وحزب الله واليمن وباقي الجبهات لم تُهزم لا واقعيا ولا حتى في الإعلام الصهيوني، والكل بات يعرف أن سلاح المقاومة باق ويتجدّد، والمقاومة باقية وتتمدّد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 3 ساعات
- إيطاليا تلغراف
#مغرب_التنمية.. ثروة معدنية تضع المغرب على خط السيادة الصناعية
إيطاليا تلغراف نشر في 8 يوليو 2025 الساعة 21 و 00 دقيقة السابق مظاهرة أمام البيت الأبيض رافضة زيارة نتنياهو


الخبر
منذ 4 ساعات
- الخبر
ترامب يتوعد روسيا
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه "غير مسرور" من نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، متهما إياه بقتل أعداد كبيرة من الأشخاص خلال الحرب المستمرة في أوكرانيا. وقال ترامب، في تصريحات للصحافيين من البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، أن بوتين لم يقدم أي شيء لوقف الحرب في أوكرانيا حتى الآن. وأضاف ترامب متوعدا: "واشنطن قد تفرض عقوبات قاسية على روسيا". وردا على سؤال بشأن مشروع قانون اقترحه مجلس الشيوخ لفرض عقوبات إضافية على روسيا، قال ترامب "أنا أنظر في الأمر بقوة". وأكد ترامب أن الولايات المتحدة قامت بـ "تزويد أوكرانيا بأفضل المعدات العسكرية المتاحة"، في إطار دعمها العسكري لمواجهة الهجمات الروسية المستمرة.


إيطاليا تلغراف
منذ 11 ساعات
- إيطاليا تلغراف
حرب الاختبارات
ليلى الشايب نشر في 7 يوليو 2025 الساعة 20 و 17 دقيقة إيطاليا لتغراف ليلى الشايب إعلامية تونسية في زمن السرعة وردّات الفعل المحمومة، تصبح الحرب أشبه بمبارزة أو مباراة في رياضة شعبية، يسأل متابعوها، والشغوفون بها، أولاً وأخيراً، عن النتيجة: من ربح ومن خسر؟ ويكتفون بذلك، فيحتفل الرابحون ويحزن الخاسرون، أمّا كيف جرت أطوار المواجهة، وما هي النقاط المسجّلة أو الضائعة، التي لا تدخل ضمن النتيجة النهائية الرسمية والدروس المستفادة منها، فمجالها خارج دائرة الانتشاء أو الحسرة، اللذين سرعان ما يتبدّدان في ثنايا إيقاع الحياة، والانفعالات المتلاحقة التي تنتجها العوالم الافتراضية في كلّ لحظة. في هذا الإطار، تدرّجت حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران، وهي في الحقيقة حرب اثنين مقابل واحد، إذ حاربت أميركا إلى جانب إسرائيل منذ اللحظة الأولى، وإنْ بصورة حاولت أن تكون مستترةً، إلى أن خرجت إلى العلن، وسدّدت الضربات الأكبر والأكثر إيلاماً أو هكذا صُوِّرت، ومن ثمّ أُعلنت نهاية الحرب. ليس من باب الدعابة أو العبثية القول إن حروب هذا العصر لم يعد فيها فائز ومهزوم، ليس لأن كلا الطرفين يبدأ مبكّراً، حتى وهو يتلقّى الضربات، في التعبئة النفسية بخطابات النصر والقوة، مقابل إفراغ خطاب العدو من أيّ صدقية أو مضمون، وإنما أيضاً بسبب ما يشبه عقيدةً سياسيةً وحربيةً عالميةً جديدةً (غير مكتوبة) تسعى إلى عدم إعلان فوز أو هزيمة في أيّ حرب، ربّما لعدم منح شهادة قوة ونفوذ لأيّ طرف، حتى يبقى الجميع متشابهين متساوين، وأيضاً لعدم إيجاد أسباب إضافية قد تؤدّي إلى إشعال فتيل حرب جديدة، وكأن شبح الحربَين العالميَّتَين، الأولى والثانية، لا يزال ماثلاً بكلّ زخم الحقبتَين. محاولة تجاهل كلمات نتنياهو المتواترة، التي تكاد تبلغ مرحلة الهستيريا، مهمّة صعبة، وهو يلوّح براية إسرائيل 'سيّدة الشرق الأوسط الجديد' بعد اختراقها آخر جدار فولاذي (تقريباً) في محور الشر المجاور، ممثّلاً بإيران، بكلّ رمزيتها، مقابل استعداد أقلّ صعوبة للاستماع إلى الخطاب الإيراني الذي تلاشت فيه الخطوط الفاصلة بين الرسمي والمعارض وما بينهما، وهو أمر مثير للفضول حقاً. خطاب 'نصر' أكثر ما يحيّر فيه حفاظه على الشعارات نفسها التي تتّخذها إسرائيل منذ عقود حجّةً لمعاداة من صاغه، وتبنّاه، ثمّ تشنّ حرباً غادرةً عليه. وبالمسافة الشاسعة نفسها، التي تفصل جغرافياً إسرائيل عن إيران، توجد (ولحسن الحظ) مسافة بين خطابات النصر وحقيقة 'النصر والهزيمة'، من جهة، ومجال الاختبارات المتبادلة التي أتاحتها هذه الحرب وكشفتها. مع صواريخ إيران الباليستية ومسيّراتها سقطت فكرة 'الكيان الذي لا يُقهر' بدت إسرائيل منتشيةً بما أنجزته في غزّة، في سياق رؤيتها إلى مستقبل القطاع، وفي لبنان وفي سورية جزئياً، إذ يكفي تحييدها دمشق عسكرياً، وقدرتها المتزايدة على فسخ الخطوط الحمر معها، وتكبيلها مصر بإحداث مزيد من المخاطر الأمنية حولها، لجعلها تحسب لكلّ حركة حساباتٍ معقّدةً لا تنتهي، وتوّجت 'إنجازاتها' في انتظار المزيد بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ورفعه شعار 'السلام'، منذ حملته الانتخابية، بما يعني (في ما يعنيه) استئنافه مسار ما سمّاه 'السلام الإبراهيمي' في المنطقة، باعتباره الهدف الأكثر أهمية في رؤيته، ورغم اصطدامه منذ أيّامه الأولى بمواقف مناوئيه الداخليين الصلبة، واحتراقه بنار الملفّات الحسّاسة التي افتتح بها ولايته: الهجرة غير الشرعية والتعرفات الجمركية مع الخصوم والأصدقاء، واستعانته بوجوه مثيرة للجدل، وانقلابها عليه مثل إيلون ماسك، ولم يتردّد نتنياهو في محاولة الزجّ به في متاهات أكثر خطورة، وأعلى تكلفةً ليضرب الحديد وهو ساخن، قناعةً منه بأن لا أحد آخر غير ترامب يمكنه أن يذهب معه إلى حدود الهاوية؛ ايران، والعودة سالماً غانماً، وكاد الاختبار الذي ترافق مع ضغوطات شديدة على الرئيس الأميركي بلغت حدود الابتزاز، أن يفشل لولا أن الكفّة رجّحت توصيات مكثّفة، مكرّرةً ومهدّدةً، عن وحدة المصلحة الإسرائيلية الأميركية في المنطقة، بل وحدة المصير وعنوان القوة والهيمنة، فكان له ما أراد، ولكن ليس كلّ ما أراد، لأن الأطراف غير ناضجة بعد لحسم نهائي، وكذلك الوضع في الشرق الأوسط الذي هو أقرب إلى وصف 'المائع'، منه إلى أيّ وصف آخر، عدا عن مواقف القوى الحليفة في العالم، التي تراقب ما يحدث وتفعل، من دون أن يكون فعلها ظاهراً بالضرورة، وتختبر هي أيضاً حدود الصراع بالأسلحة التي استعرضها كلٌّ من إسرائيل وإيران أو كشفتا عنها للمرّة الأولى. وكذلك حدود التأثير وصلابة التحالفات (أو ضعفها) وأمزجة الشعوب والجماهير، وطبيعة اصطفافاتها. وغبار الحرب لم يهدأ تماماً، بعد نبرة التهديد بالعودة إليها تتخلّل عشرات الخطابات اليومية، ويمكن تمييز ملامحَ واضحةٍ في المشهد غير المكتمل. وبما أن السماء كانت الفضاء الأكثر أهميةً في هذه الحرب، فقد جاءت نتيجة اختبار القبّة الحديدية الإسرئيلية سلبيةً بشكل فاقع، ولم تفلح المزايدة عليها بـ'القبّة الذهبية' الأميركية في ترقيع الخرق الجوي الذي سمح للعالم برؤية دمار غير مسبوق في مساحات كبيرة من إسرائيل 'الصغيرة'، وكان أشبه بحلم لضحايا التوحّش الإسرائيلي، وكابوساً لها ولحلفائها، ومن يعطفون عليها، وسقطت مع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وآلاف المسيّرات، فكرة 'الكيان الذي لا يُقهر'، وتحجّمت مقولة امتلاك إسرائيل معلومات عن مقدرات الدول الأخرى في تفاصيل تفاصيلها، وفي رأسها طبعاً ألدّ أعدائها، وعندما اعترف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، مكرهاً، أن حكومته أساءت تقدير إمكانات إيران، وهو في مشادّة مع مستوطنين، يوبّخونه على زجّهم في حرب مع إيران من دون موافقتهم، لم يكن يرغب في الإفلات منهم بسرعة، بل قال الحقيقة مرغماً، كما سمحت حرب الاثني عشر يوماً بعرض أسماء وهُويَّات مواقع مؤسّسات الأمن الإسرائيلية، التي نسجت حولها الأساطير بشكل مدروس، حتى تبقى طيَّ غموض يصيب خصومها بالخوف وعدم اليقين: المؤسّسات الأمنية والعسكرية وغيرها، طاولتها الصواريخ الإيرانية ودمار ذكّر بدمار غزّة، وإن رمزياً، وفي استنفارها أدوات قوتها وأجهزتها، وهو ما لم تضطر إليه من قبل، أنزلت إسرائيل جهاز الموساد (الأسطورة) من عليائه، لينخرط في الحرب بإصدار البيانات والتحذير والتهديد، ومحاولة إعادة النفخ في صورته، التي اهتزّت، كما اهتزّ أثر الأسماء 'المهيبة' التي تطلقها إسرائيل على عملياتها، حتى ضدّ العزّل، من 'عربات جدعون' إلى 'الأسد الناهض'، وما هي إلا أسماء. آلم إسرائيل حجم التعاطف التلقائي مع إيران خلال الحرب ضدّها في العالمين العربي والإسلامي، وخارجهما اختُبرت إسرائيل أيضاً في معنى الانتماء ومفهوم الهوية والارتباط بأرض وجغرافية ووطن، وإن كان الهروب من الخطر أمراً بشرياً غريزياً، فإنه اتخذ في هذه الحرب تحديداً أبعاداً مختلفةً عن المعهود والمقبول، ولن تخبرنا التقارير قريباً بالعدد الحقيقي لمن غادروا، وعددهم كبير قياساً بالتعداد العام لسكّانها، وعملها الذي لا يهدأ لاستقطاب المزيد إلى 'أرض الميعاد'، و'درّة تاج الشرق الأوسط الجديد'، ولا يُعرف إن كانوا سيعودون قريباً. وفي الجهة المقابلة، آلم إسرائيل بوضوح حجم التعاطف التلقائي مع إيران في العالمين العربي والإسلامي، وفي بقاع أخرى خارجهما، رغم عقود بذلتها في دقّ الأسافين والنفخ في طائفية تجد (للأسف!) بعض استجابة، وهو ردّة فعل تستعصي على الشرح المبسّط أو الظرفي. واختبرت إسرائيل، خصوصاً في معرفة حدود قدرتها على توجيه القرار الأميركي، حيثما تريد، وفي وقت تراه هي مناسباً، ورسم الرئيس ترامب هذه الحدود عندما صرخ 'كفى، أنتم لا تعرفون إلى أين تقودوننا'، موجّهاً كلامه إلى نتنياهو وزمرته في حكومة التطرّف، مباشرةً بعد إعلانه ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وإصابتها 'في مقتل'، وكان نتنياهو يريد المزيد. أمّا إيران فاختُبرت في مستويات ثلاثة رئيسة، يتمثّل أولها في مدى تماسك 'الأمّة الإيرانية'، وهي التسمية المتداولة بشكل متزايد عوضاً عن 'الشعب الإيراني'، وتنبئ برؤية إيران إلى نفسها ومكانتها في عالم جديد يسعى أكثر من طرف إلى تشكيله، وفقاً لطموحاته وقدرته على التأثير فيه، وسرعان ما فهمت إسرائيل أن جدار هذه الأمّة لا يزال عصياً على الاختراق في أوقات الأزمات الكبرى وأجندات الفوضى، رغم 'نجاحاتٍ' حقّقتها إسرائيل في مجالات أخرى تبرع فيها عادة، وهي الاغتيالات التي استهدفت العلماء المشاركين في تطوير برنامج إيران النووي، والسياسيين والعسكريين من الصفوف الأولى، حسب تصنيفها، وبقدر انكشاف الموساد وانزياح قناع 'الهيبة' عنه، بقدر ما تكشّف حجم اختراقه لشرائح داخل 'الأمّة الإيرانية'، وهو يصرّح بكثير من التبجّح والتحدّي، حتى بعدما وضعت الحرب أوزارها، أن عملاءه سيبقون داخل إيران وسيواصلون مهماتهم. استوقفت هذه المسألة بالذات أجهزة الأمن في دول عديدة أخرى، راقبت بقلق بالغ النشاط الكبير للموساد في بلدٍ يفترض أنه يحكم بقبضة حديدية. لذلك لن نفاجأ في المستقبل القريب بحملاتٍ أمنيةٍ واسعة، وتشديد المراقبة والتتبع في هذه الدول وغيرها. وعسكرياً، قدّمت إيران درساً، قد لا يكون مقصوداً، في أهمية اكتساب التقنيات والعلم والتكنولوجيا، والتعويل على الذات لتحقيق الاكتفاء قدر الإمكان، وحرصت، في الأثناء، على التأكيد أنها لم تطلب دعماً في حربها من طرف خارجي، وإن كان حليفاً، في ردّ على المقارنات بين نجدة الولايات المتحدة لإسرائيل وخوض إيران الحرب بمفردها، وذلك مقصود. المؤكّد أن غزّة والوضع الفلسطيني هما القلب في أيّ معادلة يراد فرضها، ومفتاح الأمن لمن أضاعه ويبحث عنه وإذ تحتسب جماهير المباريات الرياضية الكبرى اللاعب رقم 12، نظراً إلى الأهمية القصوى التي يكتسيها حضورها وأشكال المناصرة والتشجيع التي تقدّمها طوال المباراة، فالأمر نفسه ينطبق على الملايين الذين رافقوا حرب إسرائيل ضدّ إيران بأنفاس مشدودة إلى آخر لحظاتها، وكان معظمهم مفاجأً بسرعة نهايتها، وفي ذلك اختبار آخر، فهذه أحدث حربٍ في زمن الصورة والمعلومة سريعة الانتشار، وزمن الذكاء الاصطناعي، والتفاعلات التي تسمح بالفعل لملايين الأشخاص العاديين أن يصنعوا رأياً عامّاً وموقفاً ومزاجاً محدّداً، ويجبروا صانعي الحرب والقرار، وقادتها، على تقديم إيضاحات وأجوبة وتبريرات، وقد ذهبت هذه الجماهير مذاهبَ شتى، من دون إضاعة البوصلة تماماً، في تفسير دوافع كلّ طرفٍ في خوض هذه الحرب، ولكنّها اتفقت تقريباً حول فكرة 'الكارما'، أو الجزاء والعقاب السريع للأفعال الشريرة، وهم يروْن مشاهد الدمار في إسرائيل، ولا يكادون يصدّقون. ولعلّ أخطر ما أفرزته هذه الحرب تلاشي الخيط الرفيع الأخير، الذي كان لا يزال يفصل بين الواقع من جهة، والفانتازيا والفبركات من جهة أخرى. وليس السؤال المكرّر الموجّه إلى الذكاء الاصطناعي في صفحات التواصل الاجتماعي 'هل هذه الصور/ الفيديوهات حقيقية'، أو 'هل صدر هذا الموقف فعلاً من هذا المسؤول أو ذاك'، سوى عنوان واضح وصريح لحقبة ما بعد الحقيقة، التي نحن حالياً في قلبها. وحتى تكتمل الدراما، يصحو كثيرون على خبر نهاية الحرب وهم في حالة من الخيبة والإحباط، إذ لم يكتفوا باثني عشر يوماً لم تشف غليلهم من عدو يخشون أن يتفرّغ للضحية المقبلة. صفّر ترامب بوهن وغضب لإنهاء الحرب، ولم تنته تماماً، بل تستمرّ في أروقة أخرى. وفيما يجرد كلُّ طرف فيها مكاسبه، ويتوعّد 'إذا عدتم عدنا'، تسارع إسرائيل مجسّدة اليوم بشكل غريب في شخص نتنياهو، إلى محاولة استثمار نقاط تعتقد أنها حققتها، ومتوهمةً أنها استطاعت أن تضع غزّة بين قوسين، وتعيد فوراً تشغيل آلتها الدعائية بنشر ملصقات عريضة في شوارعها وبعضها مدمّر، تبشّر بأن 'السلام الإبراهيمي' الشامل على بعد حجر، في استباق للزمن، وفي قفزة على الحاضر، الذي لا يزال يغلي كالمرجل، وفي حركة إغراء مكشوفة لترامب، اللاهث وراء جائزة سلام، إلا أن المقاومة عالجتها بعمليات نوعية من بين معالم الدمار، أعقبتها صور توابيت الجنود الذين أطاحتهم، لتسحب من نتنياهو في سويعات قليلة نقاطاً ثمينةً أراد صرفها في سوق مفاوضات استسلام، تأتي بإيران صاغرةً، وهو لم يحدث (ولن يحدث) في المستقبل المنظور، في اختبار آخر يؤكّد أن غزّة والوضع الفلسطيني سيبقيان القلب في أيّ معادلة يراد فرضها، ومفتاح الأمن لمن أضاعه ويبحث عنه. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدةإيطاليا تلغراف السابق في جدوى المقاطعة الأكاديمية التالي عندما يرفض جمهوريون مواصلة الرقص على الإيقاع الإسرائيلي