logo
زيارة إلى المغرب.. بين غلاء العبور وذل العبور

زيارة إلى المغرب.. بين غلاء العبور وذل العبور

هبة بريسمنذ 2 أيام
الكاتب: يحيى أعبود
مع حلول فصل الصيف، قررنا ـ أنا وزوجتي ـ زيارة المغرب، كما جرت العادة كل عام. كانت رغبتها واضحة: زيارة والدتها وشقيقتيها، وقضاء بعض الوقت العائلي، وربما التخييم في أحد شواطئ الشمال، كما تعودنا سابقًا. لكن هذه المرة، كانت الأجواء مختلفة. والدتي وإخوتي، المقيمون في إسبانيا، رفضوا العودة بشكل قاطع، مبررين قرارهم بما وصفوه بـ'الجشع وغياب الخدمات'، وهو ما دفع بعضهم إلى قضاء العطلة داخل إسبانيا، بينما اختار الآخرون وجهات أوروبية أخرى.
أول ما اصطدمنا به هو تكلفة عبور الباخرة. فبعد بحث عبر مواقع الحجز، وجدنا أن ثمن الرحلة لشخصين مع سيارة، ذهابًا وإيابًا بين ميناء الجزيرة الخضراء وطنجة المتوسط، يقارب 4000 درهم. هذا الرقم يبدو مبالغًا فيه، خصوصًا إذا ما قارناه بباقي المعابر البحرية في العالم. المؤسف أن معظم البواخر المستخدمة قديمة ومهترئة، تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وكان الأولى أن تُحال على التقاعد منذ سنوات. هنا يبرز السؤال الحقيقي: من يحدد هذه الأسعار؟ ومن يحمي الجالية المغربية من هذا الاستغلال الممنهج؟
الوصول إلى ميناء طنجة المتوسط لم يكن أفضل حالًا. فبدلًا من أن تكون نقطة استقبال تليق بالوطن، كانت بداية لسلسلة من المعاناة. أبرز ما صادفناه هو طريقة تعامل بعض عناصر الجمارك، الذين لا يترددون في استفزاز المسافرين وتفتيش أغراضهم بشكل مهين، رغم توفر الميناء على أجهزة السكانير المتطورة. وكأن الهدف هو إذلال المواطن بدل تسهيل عودته.
أما مدينة طنجة، فقد تغيرت كثيرًا. المدينة التي كنت أفتخر بالانتماء إليها، أصبحت اليوم تعاني من اختناق عمراني وازدحام خانق في كل شوارعها. النمو الصناعي الذي شهدته لم يكن مصحوبًا بتخطيط عمراني أو برامج إسكان تستوعب الوافدين الجدد، وهو ما أفرز مشهدًا فوضويًا في جميع مناحي الحياة. ومن الظواهر المستفزة، ما بات يُعرف بـ'أصحاب السترات الصفراء'، الذين يحتلون الأرصفة ويفرضون مبالغ مالية على السائقين مقابل ركن سياراتهم، مهددين بإلحاق الضرر بها في حال الرفض. المقاهي والمطاعم بدورها تحدد الأسعار بشكل عشوائي، في غياب تام لأي رقابة.
هربًا من هذه الفوضى، قررنا التوجه إلى قرية أمتار بحثًا عن بعض الهدوء. لكن المفاجأة كانت هناك أيضًا. السماسرة منتشرون في كل مكان، وأسعار الكراء صادمة مقارنة بجودة المساكن. استأجرنا منزلًا بسيطًا بإطلالة على البحر مقابل 650 درهمًا لليلة. اكتشفنا لاحقًا أن المنزل يفتقر لأبسط شروط الراحة: لا ماء ساخن، لا خزائن، ثلاجة معطلة. الأسوأ أن المشروع غير مرخص، ويديره شاب صغير، حفيد مالك العقار الذي تُروج حوله شائعات بكونه يستغل العقار في أنشطة مشبوهة لا علاقة لها بالسياحة. وعندما طالبنا بتحسين ظروف الإقامة، قوبلنا بالشتائم والاتهامات، وتم اعتبارنا معتدين على 'ملكيتهم'.
نحن لا نزال حاليًا في قرية أمتار، نحاول قدر الإمكان الاستمتاع بما تبقى من هذه العطلة، رغم ما رافقها من خيبات وتجارب غير مرضية. ما يُثير الاستغراب هو أن الدولة لا تستفيد إطلاقًا من هذه الأنشطة غير المقننة، فكل شيء يتم خارج أي إطار قانوني. معظم المساكن تُؤجر دون ترخيص، ولا يُؤدى عنها أي ضرائب، ولا وجود لأي رقابة على الجودة أو الأسعار. الأمر كله يُدار بطريقة فوضوية، يتحكم فيها سماسرة لا علاقة لهم بالمجال السياحي، وهمّهم الوحيد هو الربح السريع، دون أي اعتبار للحد الأدنى من شروط الكرامة أو احترام الزائر.
كل هذا يجعلنا نتساءل بمرارة: كيف يمكن للسياحة الداخلية أن تتطور، في ظل غياب تقنين حقيقي يحمي المواطن، ويُعزز ثقة الجالية في بلدها الأم؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حوادث السير تودي بحياة 38 شخصا في اسبوع
حوادث السير تودي بحياة 38 شخصا في اسبوع

مراكش الإخبارية

timeمنذ 44 دقائق

  • مراكش الإخبارية

حوادث السير تودي بحياة 38 شخصا في اسبوع

لقي 38 شخصا مصرعهم، وأصيب 2848 آخرون بجروح، إصابات 115 منهم بليغة، في 2136 حادثة سير سجلت داخل المناطق ‏الحضرية خلال الأسبوع الممتد من 28 يوليوز المنصرم إلى 3 غشت الجاري. وعزا بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع ‏هذه الحوادث، حسب ترتيبها، إلى عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وعدم التحكم، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة « قف »، والسير في الاتجاه الممنوع، والسير في يسار الطريق، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والتجاوز المعيب. وبخصوص عمليات المراقبة والزجر في ميدان السير والجولان، سجل المصدر ذاته أن ‏مصالح الأمن تمكنت من تسجيل 43 ألفا و372 مخالفة، وإنجاز 6 آلاف و146 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 37 ألفا و 226 غرامة صلحية، فيما بلغ المبلغ المتحصل عليه 7 ملايين و 862 ألفا و150 درهم. وأشار البلاغ إلى أن عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي بلغ 4 آلاف و828 عربة، وعدد الوثائق المسحوبة 6 آلاف و146 وثيقة، فيما بلغ عدد المركبات التي خضعت للتوقيف 373 مركبة.

38 قتيلاً و2848 مصاباً في 2136 حادثة سير داخل المدن خلال أسبوع
38 قتيلاً و2848 مصاباً في 2136 حادثة سير داخل المدن خلال أسبوع

هبة بريس

timeمنذ ساعة واحدة

  • هبة بريس

38 قتيلاً و2848 مصاباً في 2136 حادثة سير داخل المدن خلال أسبوع

هبة بريس لقي 38 شخصا مصرعهم، وأصيب 2848 آخرون بجروح، إصابات 115 منهم بليغة، في 2136 حادثة سير سجلت داخل المناطق ‏الحضرية خلال الأسبوع الممتد من 28 يوليوز المنصرم إلى 3 غشت الجاري. وعزا بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع ‏هذه الحوادث، حسب ترتيبها، إلى عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وعدم التحكم، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة 'قف'، والسير في الاتجاه الممنوع، والسير في يسار الطريق، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والتجاوز المعيب. وبخصوص عمليات المراقبة والزجر في ميدان السير والجولان، سجل المصدر ذاته أن ‏مصالح الأمن تمكنت من تسجيل 43 ألفا و372 مخالفة، وإنجاز 6 آلاف و146 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 37 ألفا و 226 غرامة صلحية، فيما بلغ المبلغ المتحصل عليه 7 ملايين و 862 ألفا و150 درهم. وأشار البلاغ إلى أن عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي بلغ 4 آلاف و828 عربة، وعدد الوثائق المسحوبة 6 آلاف و146 وثيقة، فيما بلغ عدد المركبات التي خضعت للتوقيف 373 مركبة.

خلال الأسبوع الماضي.. 38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن
خلال الأسبوع الماضي.. 38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن

مراكش الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • مراكش الآن

خلال الأسبوع الماضي.. 38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمدن

لقي 38 شخصا مصرعهم، وأصيب 2848 آخرون بجروح، إصابات 115 منهم بليغة، في 2136 حادثة سير سجلت داخل المناطق الحضرية خلال الأسبوع الممتد من 28 يوليوز المنصرم إلى 3 غشت الجاري. وعزا بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث، حسب ترتيبها، إلى عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وعدم التحكم، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة 'قف'، والسير في الاتجاه الممنوع، والسير في يسار الطريق، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والتجاوز المعيب. وبخصوص عمليات المراقبة والزجر في ميدان السير والجولان، سجل المصدر ذاته أن مصالح الأمن تمكنت من تسجيل 43 ألفا و372 مخالفة، وإنجاز 6 آلاف و146 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 37 ألفا و 226 غرامة صلحية، فيما بلغ المبلغ المتحصل عليه 7 ملايين و 862 ألفا و150 درهم. وأشار البلاغ إلى أن عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي بلغ 4 آلاف و828 عربة، وعدد الوثائق المسحوبة 6 آلاف و146 وثيقة، فيما بلغ عدد المركبات التي خضعت للتوقيف 373 مركبة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store