logo
قرية الناشط عودة الهذالين تنتظر جثمانه لدفنه وإدانة قاتله

قرية الناشط عودة الهذالين تنتظر جثمانه لدفنه وإدانة قاتله

BBC عربيةمنذ 5 أيام
في خربة أم الخير، إحدى القرى الصغيرة في جنوب الضفة الغربية، يسود صمت قاتل منذ أن سُمع صوت الرصاصة التي وضعت حداً لحياة الشاب الفلسطيني عودة الهذالين، 31 عاما، أحد أبرز النشطاء ضد الاستيطان.
مرّت أربعة أيام على مقتله، لكن جثمانه ما يزال محتجزاً لدى السلطات الإسرائيلية، بينما أفرجت الشرطة الإسرائيلية عن المشتبه بقتله وهو المستوطن يونن ليفي، بقرار من محكمة الصلح في مدينة القدس، وتم تحويله للحبس المنزلي.
"عودة لم يكن شخصا عاديا في محيطه، بل كان معلمًا للغة الإنجليزية، وأباً لثلاثة أطفال، وناشطًا ملتزما عن منطقة مسافر يطا،" هذا ما يقوله ابن عمه علاء الهذالين الذي يقول إنه كان شاهدا على واقعة مقتله.
في ذلك اليوم، كما يروي علاء، حاول أهالي القرية التصدي سلمياً لجرافة يقودها المستوطن ليفي، كانت تعمل على تجريف أراضيهم.
"كنا نعرفه، نعرف عنفه وتاريخه"، يقول علاء بصوت مثقل بالحزن متحدثا عن المستوطن الإسرائيلي، "لكنه لم يتردد، ترجل من الجرافة وسحب سلاحه. أطلق النار مرتين، واحدة لم تصب أحدًا، والثانية أصابت قلب عودة مباشرة".
ويضيف علاء في حديث لبي بي سي: "الرصاصة أصابت قلب عودة وهو في ساحة المركز المجتمعي التابع للخربة، كان في الطريق لمساندتنا".
وقع عودة أرضاً والدماء تغطي صدره، حاولنا إنقاذه لكن الرصاصة كانت قاتلة، حسب علاء.
وأضاف بعد وقت قصير، اقتحمت القوات الإسرائيلية الخربة، احتجزت جثمان عودة، واعتقلت خمسة شبّان، بينهم طبيب حاول إسعافه. وشوهد المستوطن ليفي يقف بجانب الجنود، ويعتقد أنه لم يعتقل فورا.
وفي اليوم التالي، حين حاولت العائلة إقامة بيت عزاء، داهم الجيش الإسرائيلي خربة أم الخير مجددًا، وأجبرهم على إزالة خيمة العزاء، وطرد النشطاء والمعزين والصحفيين.
تقول عائلة الهذالين إن الجيش الإسرائيلي فرض شروطاً "مهينة" لتسليم الجثمان: دفنه خارج قريته، وتحديد عدد المشيعين بـ 15 شخصاً فقط، ومنع إقامة خيمة عزاء قرب المنزل.
"حتى بعد الموت، يلاحقوننا"، يضيف علاء.
29 فلسطينياً قُتلوا خلال اعتداءات مستوطنين في الضفة الغربية منذ قرابة عامين، آخرهم الناشط عودة الهذالين
حملة اعتقالات في أم الخير
وعلى مدى الأيام الأربعة الماضية، داهمت القوات الإسرائيلية خربة أم الخير عدة مرات، ونفّذت حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 17 فلسطينيًا، من عائلة هذالين٬ بينهم شقيقا عودة، أحمد وعزيز، إضافة إلى خمسة نشطاء أجانب وإسرائيليين، أُفرج عنهم لاحقًا، وفقًا لنشطاء في مسافر يطا.
وبحسب المصادر ذاتها، أُفرج عن اثنين من المعتقلين الفلسطينيين، فيما عُرض تسعة آخرون على المحكمة، بعد أن اعتُقلوا مساء الثلاثاء. وأمرت المحكمة بالإفراج عن بعضهم، من بينهم أحمد الهذالين، شقيق عودة، بشروط مقيّدة تقضي بمنع الالتقاء لستين يومًا وعدم الاقتراب من مستوطة "كرمئيل" التي تقع بالقرب من ام الخير٬ ودفع غرامة مالية. تقدر بـ 150 دولارا (500 شيكل).
في المقابل، لا يزال الجيش الإسرائيلي يحتجز ستة فلسطينيين، يواجهون تهمًا تتعلق بـ"رشق مركبات لمستوطنين بالحجارة"، في اتهامات وصفها النشطاء بأنها محاولة لتجريم الاحتجاج السلمي على مقتل الهذالين، وطمس المطالبة بالعدالة له.
فيلم "لا أرض أخرى"
كان يؤمن بالكاميرا كما بالكلمة، وشارك في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي حصد جائزة الأوسكار العام الماضي، مؤمنًا بأن الصورة يمكن أن تنقل للعالم ما يعجز عنه الصوت المحاصر في هذه الأرض، حسبما يقول مخرج الفيلم باسل عدرة لبي بي سي.
عودة لم يُقتل فقط برصاص مستوطن. يقول لبي بي سي الصحفي الإسرائيلي وناشط حقوق الإنسان أندريه كراسنوفسكي الذي كان صديقًا مقربًا له: "عوده قُتل نتيجة مشروع كامل، مستمر منذ عقود، لتفريغ هذه الأرض من سكانها".
وأضاف: "ليفي لم يأتِ فقط ليقتل، بل جاء ليهدم الأشجار وأنابيب المياه، كانت الرصاصة مجرد فصل أخير في تدمير الخربة".
ويونن ليفي المشتبه به بقتل الهذالين مستوطن إسرائيلي يقيم في بؤرة استيطانية غير قانونية تُدعى "ميترِيم"، أسسها بنفسه عام 2021 في جنوب محافظة الخليل. يعيش في هذه البؤرة مع أسرته وقطيع من الماشية، ويُعرف باتخاذه تدابير أمنية مشددة تشمل كاميرات مراقبة وأنظمة حماية ذاتية.
الجيش الإسرائيلي يطلق سراح حمدان بلال مخرج فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار
في عام 2024، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات على ليفي بسبب تورطه في شن اعتداءات عنيفة على فلسطينيين في جنوب الخليل، شملت "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ليفي للتحقيق، لكنها أطلقت سراحه بعد يوم واحد، وفرضت عليه إقامة جبرية، ووجهت له تهمًا مخففة، منها "التسبب بالموت نتيجة الإهمال فيما قال محاميه للمحكمة إنه استخدام الرصاص للدفاع عن نفسه ضد إلقاء الحجارة من الفلسطينيين. ولم يُقدم أي استئناف ضد القرار.
وبحسب رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، فقد شن المستوطنون أكثر من 2150 اعتداء منذ بداية العام، بينها 448 اعتداء في مسافر يطا وحدها. كما قُتل 30 فلسطينيًا في اعتداءات المستوطنين منذ أكتوبر 2023، بينهم ثمانية منذ مطلع العام الحالي.
خربة أم الخير، التي يسكنها 210 أفراد موزعين على 32 عائلة، تواجه خطر الهدم الكامل. القرية محاطة بمستوطنة "كرمل" التي أُقيمت على أراضيها عام 1980، وقد تعرضت خلال العقدين الأخيرين لعمليات هدم متكررة طالت المنازل والبنية التحتية والمواشي.
وفي عام 2022، أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا يسمح بتهجير سكان مسافر يطا تحت ذريعة تحويلها إلى منطقة تدريب عسكري، ما يهدد بإخلاء نحو 1200 فلسطيني من قراهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟
هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟

BBC عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • BBC عربية

هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟

سيدة غزاوية، تجمعها الصدفة وجهاً لوجه مع ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، لتقص عليه معاناة نساء غزة في الحصول على مساعدات من مؤسسة غزة الإنسانية، فباتت محط اهتمام واسع وحديث منصات التواصل الاجتماعي. البعض يراها "سفيرة كل نساء غزة" للمبعوث الأمريكي، والبعض يتهمها بالخيانة، لكن كل هذا لا يهم سلوان الدويك، ما يهمها أن يفي ويتكوف بوعده الذي قطعه لها. فما هو هذا الوعد؟ وما هي كواليس المقابلة؟ بدأت السيدة الغزية حديثها لبرنامج يوميات الشرق الأوسط المذاع عبر راديو بي بي سي: "أنا سلوان مثل كل امرأة وأم في قطاع غزة، أركض يومياً مسافة قدرها 30 كيلومتراً من أجل الحصول على طعام، أصيب ابني في ذراعه وزوجي مريض غضروف لا يقوى على الركض والمزاحمة، فخرجت لأحضر طعاماً لهما، خرجت لنقطة توزيع المساعدات الأمريكية كي نبقى على قيد الحياة". أضافت: "أخرجُ لنقطة المساعدات الأمريكية وأنا لا أعلم إن كنت سأعود لأسرتي أم لا، في رحلة محفوفة بالمخاطر، فالعالم كله يعرف أن الناس تموت كل يوم وهي في طريقها للحصول على المساعدات، وأننا نتعرض للقصف وإطلاق النار، ولكنني أغامر وأتحمل المعاناة وأذهب، ومع ذلك لا أحصل على شيء، لا أجد أي شيء أحضره لنتناوله، يقولون لي نفد كل ما لدينا من مساعدات، فأرجع لأجر أذيال الخيبة ثم أكرر رحلة المخاطرة في الصباح الباكر من جديد". وفي يوم بدأ عادياً كباقي الأيام وقفت لأحصل على أي شيء نأكله، فوجدت سيارة تقتحم المكان بسرعة وضابط يطلب منا أن نفسح مجالاً بالتراجع إلى الخلف لأن ويتكوف سيحضر، فامتثلت كباقي النساء ووقفت أنظر بشغف للزائر المهم الذي يفسحون له الطريق، فأنا لم أكن أعلم من هو ويتكوف. ما هي إلا دقائق معدودة، حضر ضابط وطلب مني أن أصاحبه كي ألتقي ويتكوف، فهذا الأخير يريد أن يعرف المزيد عن معاناة النساء في غزة، وأخبرني أن حقيبتي ستخضع للتفتيش لأسباب أمنية فوافقت، لعل المسؤول الكبير ينجح في حل معضلتنا كنساء في الحصول على ما يكفينا وأسرنا من مساعدات إنسانية، شعرت أنني أمثّل كل أمهات غزة فلم أتردد إطلاقاً. "لأنني لا أتحدث الإنجليزية، كان هناك مترجم يشرح لي ما يقوله ويتكوف ويعود ليشرح له إجاباتي، سألني عن اسمي وعن أسرتي، ثم طلب مني أن أنقل له معاناة النساء في غزة من أجل الحصول على المساعدات، فشرحت له كل شيء، الجوع والركض وخطر الموت ثم العودة بلا شيء، وطلبت منه أن يخصص يومين لتوزيع المساعدات على النساء أسبوعياً"، تضيف سلوان حريك. وعن ردة فعل المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط على طلبها وما قصته عليه، قالت: "عندما جاء للزيارة كان كل شيء معداً ومرتباً مسبقاً، لم يشاهدنا ونحن ننحني أرضاً لنجمع ما سقط من الرجال من الطحين ونأخذه لأسرنا، لم يرَ الأمور كما تجري يومياً على أرض الواقع، كان يظن أن المساعدات تصلنا بطريقة آدمية، وأن كل امرأة تحصل على طرد مساعدات ثم تعود لأسرتها بأمان وسهولة، فأخبرته الحقيقة فبدا على وجهه الاستياء الشديد، ووعد بأن ينظر في الأمر ويخصص يومين أسبوعيا لتسليم المساعدات للنساء". واختتمت قائلة: "مر على هذه الزيارة ثلاثة أيام، ومع ذلك لم يتغير أي شيء في آلية حصولنا على المساعدات، ومنذ ذلك الحين لم أنجح في الحصول على أي مساعدات إنسانية، ولا أعلم هل ما زال هناك أمل في أن يفي ويتكوف بوعده لي؟!".

إسرائيل "ستسمح بدخول البضائع تدريجياً" إلى غزة
إسرائيل "ستسمح بدخول البضائع تدريجياً" إلى غزة

BBC عربية

timeمنذ 6 ساعات

  • BBC عربية

إسرائيل "ستسمح بدخول البضائع تدريجياً" إلى غزة

أعلنت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات)، الثلاثاء، أن إسرائيل ستسمح بدخول السلع والبضائع إلى غزة تدريجياً، وبشكل مُراقَب عبر تجار محليين. وقالت الوكالة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي والمسؤولة عن تنسيق المساعدات: "في إطار صياغة الآلية، وافقت المؤسسة الدفاعية على عدد محدود من التجار المحليين (للقيام بتوريد البضائع)، شرط الخضوع إلى عدة معايير ومراقبة أمنية صارمة". أضافت كوغات في بيان: "يهدف ذلك إلى زيادة حجم المساعدات التي تدخل قطاع غزة، مع تقليل الاعتماد على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جمع المساعدات". كانت حركة حماس قد أعلنت، يوم الأحد، استعدادها للتنسيق مع منظمة الصليب الأحمر لتوصيل المساعدات إلى الرهائن الذين تحتجزهم في غزة، إذا استوفت إسرائيل شروطاً معينة، وذلك بعد أن أثار مقطع فيديو نشرته، يُظهر أسيراً إسرائيليا هزيلاً بسبب الجوع، انتقادات لاذعة من القوى الغربية. وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى دخول حوالي 600 شاحنة مساعدات يومياً، لتلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان القطاع - وهو العدد الذي كانت إسرائيل تسمح بدخوله إلى غزة قبل الحرب. حصار كامل تُسيطر إسرائيل على كل معابر قطاع غزة، وفرضت حصاراً كاملاً على القطاع في الثاني من مارس/ آذار الماضي، تم رفعه جزئياً في مايو/ أيار للسماح لمؤسسة خاصة هي "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة بفتح مراكز لتوزيع المواد الغذائية. واستؤنفت الشهر الماضي قوافل المساعدات، وعمليات إلقاء المساعدات من الجو من قبل بلدان عربية وأوروبية، في وقت حذّرت تقارير خبراء مفوضين من الأمم المتحدة من المجاعة في القطاع. وذكر بيان كوغات بأن دفع أثمان البضائع التي ستُسلم سيتم بواسطة تحويلات مصرفية مراقبة، فيما ستخضع الشحنات إلى عمليات تفتيش من الجيش الإسرائيلي قبل دخولها غزة، "منعا لتدخل منظمة حماس الإرهابية" في العملية، على حد قول البيان. وأوضح البيان أن السلع المسموح بها بموجب الآلية الجديدة ستشمل المواد الغذائية الأساسية، والفاكهة والخضار وحليب الأطفال والمنتجات الصحية. وتنادي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بفتح معابر قطاع غزة المحاصر أمام شاحنات المساعدات، قبل أن تفتك المجاعة بسكان غزة النازحين في معظمهم، والذين يزيد عددهم على مليوني إنسان. واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، يوم الإثنين أنّ "رفض إيصال الغذاء إلى المدنيين يمكن أن يكون بمثابة جريمة حرب، وربما جريمة ضد الإنسانية". وبدأت حرب غزة عندما قتلت حماس 1,200 شخص، واحتجزت 251 رهينة في هجوم على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وفقاً لأرقام إسرائيلية. منذ ذلك الحين، أودى الهجوم الإسرائيلي بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة. وحسب مسؤولين إسرائيليين، لا يزال نحو 50 رهينة في غزة، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة. وقد منعت حماس، حتى الآن، المنظمات الإنسانية من الوصول إلى الرهائن، ولا تملك عائلاتهم سوى تفاصيل قليلة أو معدومة عن أحوالهم.

بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة
بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة

BBC عربية

timeمنذ يوم واحد

  • BBC عربية

بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة

في ظل تعثّر محادثات وقف إطلاق النار مع حماس، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توسيع العمليات العسكرية في غزة، رغم تصاعد الضغوط الداخلية والدولية. ظهر رهينتان من المحتجزين الإسرائيليين في غزة، في مقاطع مصوّرة نشرتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وهما يعانيان الضعف والجوع الشديدان. ويقول أحدهما إنه لا يستطيع الوقوف أو المشي، وإنه "على وشك الموت"، وشُوهد الآخر في الفيديو المصور وهو يحفر ما يقول إنه سيكون قبره بيده، ما أثار صدمة واسعة في إسرائيل، وأعاد إشعال الدعوات للتوصل إلى اتفاق هدنة يُنهي الحرب ويضمن عودة الرهائن إلى عائلاتهم، وسط تحذيرات منظمات أممية من خطر المجاعة في القطاع. سخطٌ عام وتحديات سياسية أظهر استطلاع رأي نُشر مؤخراً على قناة 12 الإسرائيلية، أن 74% من الإسرائيليين، بمن فيهم 60% ممن صوتوا لائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يؤيدون عقد اتفاق مع حماس يُطلق بموجبه سراح جميع الرهائن دفعةً واحدةً مقابل إنهاء حرب غزة. ووجّه نحو 600 من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين المخضرمين المتقاعدين، من بينهم رؤساء سابقون لجهازي الشاباك والموساد، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يطلبون منه التدخل لوقف الحرب، معتبرين أن حماس "لم تعد تشكل تهديداً استراتيجياً، وأن الحرب فقدت مشروعيتها". كما وقّع أكثر من 1400 من العاملين في قطاع الفن، رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يطالبونه بوقف فوري لـ "الفظائع التي تُرتكب باسمنا" في غزة، على حدّ تعبيرهم. تبرز أهمية هذه التحركات غير المسبوقة من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية السابقة، باعتبارها تؤشر إلى انقسام داخلي عميق حول جدوى استمرار الحرب، فرسالة المسؤولين المتقاعدين، تُعد تحدياً مباشراً لسياسات نتنياهو، خاصة مع تأكيدهم أن "إسرائيل حققت أهدافها العسكرية" وأن "استمرار القتال يُفقد الدولة توازنها الأخلاقي والأمني" بحسب تعبيرهم. "إطالة الحرب ليست بدافع سياسي" رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، يوسي كوبرفاسر، يقول لبي بي سي عربي: "إن إطالة أمد الحرب في قطاع غزة ليست بدافع سياسي، بل لتحقيق أهداف محددة وضعتها إسرائيل منذ البداية، أبرزها هزيمة حركة حماس عسكريا، وإسقاط حكمها في القطاع، ومنع غزة من أن تصبح منصة لهجمات مستقبلية ضد إسرائيل". وأكد كوبرفاسر على "وجود شبه إجماع داخل الدولة الإسرائيلية على ضرورة تحقيق هذه الأهداف، محذرا من أن بقاء حماس في الحكم سيُعد إنجازا كبيرا لها، يسمح لها بإعادة بناء قوتها العسكرية وتعزيز مكانتها بعد أي عملية إعادة إعمار مرتقبة في القطاع". كوبرفاسر اعتبر استعادة الرهائن الإسرائيليين أولوية ملحة للقيادة السياسية والعسكرية، لكنه يقرُّ بوجود"خلافات بين المستوى السياسي والعسكري بشأن إدارة الحرب ومدى التورط في القطاع"، مشيرا إلى تردد الجيش الإسرائيلي في السيطرة الكاملة على غزة "خشية أن يُطلب منه لاحقا إدارة القطاع، وهو سيناريو يرفضه الجيش بشدة". فيما يتعلق بالمستقبل، رجح كوبرفاسر أن إسرائيل قد تلجأ إلى "تصعيد محدود" لزيادة الضغط على حماس ودفعها لتقديم تنازلات، لكنه أعرب عن شكوكه في قدرة هذا التصعيد على حسم المواجهة بالكامل. "بقاء حماس في السلطة يُعتبر انتصارا للحركة" كبير الباحثين في معهد البحوث الأمنية والقومية في تل أبيب، يوحانان تسوريف، يشارك كوبرفاسر في رأيه بأن بقاء حركة حماس في السلطة يعتبر انتصارا لها، ويشير في حديثه لبي بي سي عربي إلى أنه " إذا تم إطلاق سراح سجناء فلسطينيين ضمن صفقة تبادل، فستعيد حماس بناء قوتها ولن تتخلى عن هدفها الاستراتيجي في القضاء على إسرائيل، مما يشكل تهديداً طويل الأمد". تسوريف قال إن هناك أفكارا لتوسيع العمليات العسكرية بهدف الضغط على حماس، لكنه شكك في قدرة هذه الخطوة على تحقيق الأهداف المرسومة دون التوغل في عمق غزة، مع تأكيده أن"القرار النهائي بشأن المسار المستقبلي للحرب لم يُتخذ بعد، وأن الجدل لا يزال قائما داخل القيادة الإسرائيلية حول التوجه بين صفقة سياسية أو تصعيد عسكري إضافي". وكشف تسوريف عن تقديرات في المؤسسة العسكرية تشير إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي يفكر في الاستقالة إذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات واضحة مع القيادة السياسية بشأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب. "خيار وحيد" يرى الخبير السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بات أمام خيار وحيد في المرحلة الحالية، وهو توسيع العملية العسكرية في غزة، في ظل غياب أي أفق لاتفاق سياسي أو تحرك تفاوضي حقيقي. وأوضح شتيرن أنه "لفترة زمنية طويلة جداً، كان التقدير السائد أن نتنياهو يمتنع عن دفع صفقة التبادل إلى الأمام لأسباب سياسية بحتة، أبرزها رفض شركائه في الائتلاف لأي تنازلات قد تؤدي إلى انسحابهم من الحكومة، مما يهدد استقرارها". لكن، وبحسب شتيرن، فإن المشهد تغير مؤخراً، حيث لم تعد هناك أي دينامية تفاوضية فعلية، ولا بوادر لاتفاق قريب، مضيفاً "في ظل هذا الفراغ السياسي والتفاوضي، لا يبدو أن أمام نتنياهو سوى خيار التصعيد العسكري كوسيلة وحيدة للتحرك". سيناريوهات مطروحة بلا حسم بعد نحو أسبوعين من تعثّر المفاوضات نتيجة رفض حماس للشروط الإسرائيلية، يعتزم نتنياهو عرض ثلاثة خيارات مطروحة منذ مدة على المجلس الوزاري المصغّر بحسب ما جاء في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، ألا وهي: شنّ عملية احتلال، فرض حصار موسّع، أو مواصلة استئناف المحادثات على أمل التوصل إلى اتفاق. ورغم تحذير رئيس الأركان من أن تصعيد العمليات قد يهدد حياة الرهائن، لا تزال القيادة السياسية منقسمة، فيما يواصل رئيس الوزراء، صاحب القرار النهائي، تأجيل الحسم. لكن، ورغم طرح هذه السيناريوهات، لم يتم اتخاذ قرار حاسم بشأن أي منها حتى الآن، بسبب الخلافات داخل الحكومة والانقسام بين صناع القرار. وتشير تقديرات إلى أن الخيار الأكثر ترجيحاً هو اتباع استراتيجية "تطويق دون احتلال"، ما قد يُبقي الوضع الميداني في حالة مراوحة "دون تحقيق حسم عسكري أو سياسي". انقسام داخل الحكومة والجيش بينما يميل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إلى الحسم العسكري واحتلال القطاع بالكامل، يعارض رئيس الأركان إيال زامير هذا التوجه "محذرا من تآكل قدرة الجيش والمخاطر على حياة الرهائن". ووفقا لإذاعة الجيش، طالب زامير القيادة السياسية بـ "وضوح استراتيجي"، مؤكدا أن الجيش مستعد لقبول صفقة شاملة تنهي الحرب، حتى وإن تطلبت تقديم تنازلات، بشرط الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على المناطق الحدودية. في المقابل، لم يحسم وزير الدفاع يسرائيل كاتس موقفه، فيما لا يزال القائم بأعمال رئيس جهاز الشاباك مترددا، ما يعكس حجم الانقسام والخلافات داخل الأجهزة الأمنية. "استمرار الحرب لا يخدم الأهداف" وسط هذه التباينات، تتواصل الضغوط من عائلات الرهائن، التي حذرت من أن توسيع الحرب قد يكون كارثيا على حياة أبنائها. وفي بيان لهم، شددوا على أن "المراهنة على الحسم العسكري أثبتت فشلها"، وأن "إعادة الرهائن يجب أن تكون أولوية مطلقة" حتى وإن كان الثمن إنهاء الحرب دون تحقيق "نصر استراتيجي". من جهته، أكد زعيم المعارضة يائير لابيد، أن استمرار الحرب لا يخدم الأهداف التي بدأت من أجلها، بل يضر بصورة إسرائيل الدولية دون أن يساهم في استعادة الرهائن. وهاجم بشدة الدعوات لاحتلال غزة، محذراً من أن ذلك سيحمّل المواطنين الإسرائيليين عبء تمويل حياة مدنية كاملة في القطاع دون مكاسب أمنية. وأخيراً، في ظل تراجع التأييد الشعبي وتفاقم التكاليف الإنسانية والسياسية، تتزايد التساؤلات حول جدوى استمرار العمليات العسكرية في غزة. وبينما يرى بعض الخبراء أن الحسم العسكري الكامل قد لا يكون قابلاً للتحقيق أو مستداماً، تزداد الأصوات الداعية إلى حل تفاوضي يوازن بين متطلبات الأمن واعتبارات الواقع الإنساني. وفي غياب تسوية واضحة، يظل النزاع مفتوحاً على احتمالات متعددة، في واحدة من أكثر المراحل تعقيداً منذ بدء الحرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store