
'حجارة داوود' تدمّر 'عربات جدعون'
اللافت للانتباه أنّ هذه العملية التي وصفتها أوساط صهيونية بـ'الاستثنائية' جاءت في منطقة بيت حانون بشمال القطاع، والتي اجتاحها الاحتلال مرارا وتكرارا، وكان في كل مرة يعلن أنّه قد تمكّن من 'تطهيرها'، لتعود المقاومة مجدّدا وتوجّه لجنوده ضربات جديدة تؤكّد بها مدى رسوخها في أرضها واستعصائها على الهزيمة.
طريقة تنفيذ عملية بيت حانون تعدّ أبلغ ردّ على كلّ من قال إن الاحتلال يقترب من القضاء النهائي على المقاومة وأنّها باتت تعدّ أيامها الأخيرة؛ فهاهي تثبت أنّها قد تكيّفت مع تطوّرات الحرب، وانتقلت إلى حرب استنزاف حقيقية، ولا تزال فاعلة وقادرة على توجيه ضربات موجعة تلو الأخرى للعدو.. منذ أيام، تمكّن مقاوم واحد في خان يونس من الوصول إلى ناقلة جند كان بها سبعة جنود، وألقى عليهم عبوّة من الفوهة العلوية للناقلة، فتفحّموا جميعا، واستغرق الأمر ساعات لإخماد الحريق، وبعد أيام أخرى، تمكّن مقاوم آخر من الوصول إلى دبابة وإلصاق عبوّة 'شواظ' بها وتفجيرها، وانسحب آمنا مع أنّه كان في مكان مكشوف للعدو.. وهذا يعني ببساطة أنّ 21 شهرا كاملا من القتال وحرب الإبادة لم تضعف معنويات المقاومين الأشاوس قيد أنملة، بل زادتهم إيمانا وثباتا وعزما على الثأر لعشرات الآلاف من الشهداء، من النساء والأطفال والمدنيين الذين قتلهم العدو بدم بارد في مجازر يومية مروّعة.
ومقابل هذه الشجاعة النّادرة للمقاومين وبسالتهم في القتال وروحهم المعنوية العالية، ما زالت صحف العدو تكشف يوميّا مدى التذمر الواسع لجنود الاحتلال من طول أمد الحرب وخسائرها المتواصلة ورغبتهم في إنهائها بأي شكل.. منذ أيام قليلة، نشرت 'هآرتس' شهادات مدوّية لخمسة جنود احتياط قبلوا الكشف عن أسمائهم وصورهم، وقد وصفوا الأوضاع في غزة بـ'المرهقة' و'المريرة' وأكّدوا للصحيفة، أنهم يعانون من إنهاك متزايد، وإجهاد بدني ونفسي شديدين، ومن الخوف المستمر من أن يأتي الدور عليهم ويقتلون في غزة. واعترف أحدهم أن شعر رأسه بدأ يتساقط من فرط التوتّر، لاسيما بعد أن أبيدت إحدى فرقهم العسكرية بالكامل في معركة مع المقاومة وبقي هو على قيد الحياة بأعجوبة، وخلص إلى القول حرفيّا: 'نحن ننهار، قد يبدو من الغريب أن نعترف بذلك، لكنّ الأمر يبدو معجزة أنّ 'حماس' لم تستغل الأمر أكثر من ذلك'!
هذا الحقائق الميدانية الصارخة التي تتميّز بعودة المقاومة وضراوتها في الأسابيع الأخيرة، دفعت ناحوم برنياع، المحلّل في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' إلى التأكيد أن 'مركبات جدعون تنتهي بفشل مدوّ، الجيش الإسرائيلي لا يقرّ بذلك علنا، لكنّ الإحباط كبير'.
و'عربات جدعون' هو الاسم الذي أطلقه رئيس الأركان الجديد زامير على 'عمليته' التي أطلقها في غزة منذ استئناف الحرب في 18 مارس، وكان يريد بها تحقيق ما عجز عنه سلفه هاليفي، أي استئصال 'حماس' وإطلاق سراح الأسرى بالقوّة، لكنّه بعد قرابة أربعة أشهر من المواجهات الضارية مع المقاومة، واجه نتنياهو واعترف له أنه 'لا يستطيع السيطرة على 2 مليون فلسطيني في غزة'، وطلب منه إنهاء الحرب وعقد صفقة تبادل للأسرى. أليس هذا اعترافا مدوّيا بخسارة الحرب وبأنّ 'حجارة داوود' التي أطلقتها المقاومة قد دمّرت 'عرباته'؟
لذلك، حينما تقبل 'حماس' بهدنة الستين يوما حتى لو لم تؤدّ إلى نهاية الحرب، فهي لا تفعل ذلك من منطلق ضعف وهزيمة، بل حرصا على إنهاء معاناة فلسطينيي القطاع الذين يتعرّضون منذ 21 شهرا كاملا لحرب إبادة شاملة، ومجازر يومية وحشية، وتشريدا متواصلا، وتجويعا جهنّميا، وتدميرا واسعا لبيوتهم ومنشآتهم… فهي تقبل الهدنة لإغاثتهم وتمكينهم من التقاط أنفاسهم، وأملا في نهاية الحرب، ولكنّ إذا عاد العدو بعدها، عادت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر للأنباء
منذ 40 دقائق
- خبر للأنباء
ترامب: فرصة كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل
وأوضح ترامب أنه ناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة. وأضاف الرئيس الأمريكي في تصريحات للصحفيين: "ليس هناك ما هو مؤكد في الحروب سواء في غزة أو في أماكن أخرى نتعامل معها، لكنني أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، وإذا لم يحدث ذلك، فربما في الأسبوع المقبل". وكشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن الرئيس ترامب مارس "ضغطا شديدا" على نتنياهو خلال لقائهما الثاني في البيت الأبيض الثلاثاء، للقبول بوقف إطلاق النار في غزة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نتنياهو غادر الاجتماع دون الإدلاء بأي تصريحات، في مؤشر على تعقّد المباحثات. وبحسب تصريحات ترامب، فقد ركز الاجتماع، الذي عقد في المكتب البيضاوي مساء الثلاثاء، بشكل شبه كامل على الحرب في غزة، وقال: "غزة مأساة. علينا إيجاد حل لها. أنا أريد ذلك، ونتنياهو يريد، وأعتقد أن الطرف الآخر يريد أيضا". وتدور المحادثات حول اتفاق مؤقت يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا، تتخللها مرحلتان لإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات 18 آخرين، إلى جانب إطلاق أسرى فلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على أن تتولى إدارة ترامب ضمان تنفيذ الاتفاق. لكن مصادر إسرائيلية حذرت من أن المفاوضات قد تتعثر بسبب إصرار نتنياهو على إبقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية على محور موراج "محور فيلادلفيا 2" – خلافا لتوصيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وكشفت "أكسيوس" أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عقد اجتماعا ثلاثيا مع مسؤول قطري ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي رون ديرمر، قبيل لقاء ترامب ونتنياهو، لبحث العقبة الأخيرة في مفاوضات وقف إطلاق النار، والمتمثلة بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي خلال هدنة تمتد لـ60 يوما. وبحسب المصادر، رفض الجانب القطري الخارطة الإسرائيلية باعتبارها محدودة وغير مقبولة، فيما أشار ويتكوف إلى أنها تشبه خطة وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، التي تتضمن بقاء قوات إسرائيلية في أجزاء واسعة من غزة، وهو ما ترفضه واشنطن. وفي ظل ضغوط داخلية يتعرض لها نتنياهو، قدمت إسرائيل لاحقا مقترحا جديدا تضمن انسحابا أوسع، مما أدى إلى تقدم في المفاوضات.

جزايرس
منذ 9 ساعات
- جزايرس
مخطط التهجير اصطدم بصمود الشعب الفلسطيني..حماس: الاحتلال فشل في كسر إرادة غزة وتحرير أسراه
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. وأضافت الحركة في بيانٍ لها، أن شعارات الهزيمة الساحقة والاجتثاث الكامل سقطت على أعتاب الأنفاق وكمائن المقاومة، مضيفةً أن "وهم تحرير الأسرى بالقوة تحطّم تحت وقع ضربات المقاومة المتلاحقة وتفوّقها الميداني".كما أشارت إلى أن "عربات جدعون احترقت بمن فيها، والمقاومون يواصلون المواجهة بنديّة رغم الجوع والحصار".وفي السياق لفت البيان إلى أن "الاحتلال يقر بعجزه عن تحرير الأسرى وهزيمة المقاومة معاً"، معتبراً أن "محاور التوغل تحوّلت لحقول موت"وأوضحت الحركة: "مخطط التهجير والتطهير العرقي اصطدم بصمود شعبنا ورفضه الإملاءات السياسية والمخابراتية".وختمت حماس بيانها بالقول إن "الفشل العسكري والسياسي والأخلاقي للاحتلال يفضح زيف دعايته ويؤكد أن معركتنا معه معركة وعي وإرادة وصبر".…مساعدات عسكرية أمريكية لإسرائيل بملايين الدولارات كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، الثلاثاء، عن وثائق أمريكية تشير إلى أن الولايات المتحدة تُنفق مئات ملايين الدولارات كمساعدات عسكرية لإسرائيل التي تواصل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة. ووفق وثائق رسمية صادرة عن سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي، "تُنشئ الولايات المتحدة بنية تحتية لاستيعاب طائرات التزويد بالوقود والمروحيات الجديدة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، بالإضافة إلى مقر جديد لوحدة الكوماندوز البحرية التابعة للجيش الإسرائيلي، والعديد من المشاريع الأخرى"، وفق "هآرتس". وأشارت إلى أن "برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية يشمل مشاريع جارية تُقدر قيمتها بأكثر من 250 مليون دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة المشاريع المستقبلية مليار دولار". وتابعت: "يغطي البرنامج بناء منشآت جديدة في قواعد عسكرية مختلفة، كما تشمل المبادرة أيضا تحسين البنية التحتية القائمة، وتجديد مدارج الطائرات، ومنشآت طلاء الطائرات". وذكرت الصحيفة أنه "وفقا للوثائق، تبني الولايات المتحدة 20 موقعا عسكريا في إسرائيل بتكلفة إجمالية قدرها 1.5 مليار دولار". وتتلقى إسرائيل 3.8 مليارات دولار سنويًا كمساعدات أمريكية بموجب مذكرة تفاهم موقعة مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، تغطي الفترة من 2019 إلى 2028، وفق الصحيفة. وبشأن الإبادة في غزة، قالت الصحيفة إنها "أدت إلى زيادة غير مسبوقة في المساعدات التكميلية، وزودت الولايات المتحدة إسرائيل بأسلحة إضافية بقيمة 18 مليار دولار بحلول سبتمبر 2024". وأضافت: "في يناير الماضي، وافق مجلس النواب الأمريكي على حزمة مساعدات عسكرية خاصة بقيمة 26 مليار دولار، شملت حوالي 4 مليارات دولار لأنظمة اعتراض الصواريخ".وبحسب الصحيفة فإن "هناك مناقصة واحدة، تُقدّر قيمتها بحوالي 900 مليون دولار، قيد التطوير حاليًا، ومن المتوقع طرحها في جويلية الجاري، وفقًا لوثيقة صادرة عن سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي". مفاوضات الدوحة تبحث إطارا أوليا لاتفاق وقف حرب غزة إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الثلاثاء، إن المفاوضات الجارية في الدوحة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيال وقف لإطلاق النار في غزة "ستحتاج إلى وقت". وقال المتحدث إن المفاوضات غير المباشرة التي تستضيفها العاصمة الدوحة، تبحث "إطارا أوليا" لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسط "انخراط إيجابي" من وفدي حركة حماس وإسرائيل. وأضاف الأنصاري في مؤتمر صحافي بالدوحة "لا أعتقد أن بإمكاني تحديد إطار زمني في الوقت الحالي، لكن يمكنني القول إن الأمر سيستغرق وقتا"، وذلك مع دخول المحادثات يومها الثالث. وتابع: مباحثات الدوحة تبحث "إطارا تفاوضيا" قبل بدء المرحلة النهائية لوقف الحرب، مشيرا إلى أن جهود الوسطاء تنصب على الوصول إلى مرحلة لإنهاء الحرب في غزة. وقال الأنصاري: "الوفدان موجودان ويتم تيسير الحديث مع كل وفد على حدة". وأشار إلى أنه "يتم حاليا النقاش بشأن إطار تفاوضي أولي قبل بدء المرحلة النهائية". كما جدد التأكيد على أن "ما يجري الحديث عنه هو ورقة إطار عامة، والمحادثات المفصلة لم تبدأ بعد". وأشار المسؤول القطري إلى "سعي الوسطاء لجسر الهوّة للإطار التفاوضي ولإيجاد بيئة مناسبة". وأكد أن "جهود الوسطاء تنصبّ على الوصول إلى مرحلة لإنهاء الحرب في غزة"، ردا على سؤال بشأن وجود ضمانات لوقف تام للحرب.


الشروق
منذ 19 ساعات
- الشروق
تصاعد العنصرية والتطبيع مع العنف في الاعلام الصهيوني
في فترة لا تتجاوز الأسبوع (من 29 حزيران وحتى 5 تموز 2025)، سجّل الإعلام الإسرائيلي موجة متصاعدة من الخطاب التحريضي والعنصري، اتسمت بكثافة عالية في نزع الشرعية عن الفلسطينيين، وتكريس لغة الكراهية، والترويج العلني للحلول العسكرية، بل والدينية، كبديل لأي مسار سياسي عقلاني. ما بين المقالات الصحفية، والتغريدات السياسية، والتحليلات الأمنية، تبرز ملامح خطاب متكامل لا يكتفي بالتغطية المنحازة، بل يتحول إلى أداة لتبرير سياسات الإقصاء والضم وشرعنة العنف ضد الفلسطينيين. من الصفقة إلى الفزاعة: اختطاف لغة التفاوض يبدأ الخطاب التحريضي من حيث يُفترض أن يبدأ النقاش الإنساني: ملف الأسرى والمحتجزين. لكن، بدلًا من التعامل مع هذه القضية من منطلق إنساني أو سياسي، أعاد الإعلام الإسرائيلي تقديمها بوصفها خطرًا أمنيًا، كما جاء في مقال تسفيكا يحزكيلي على موقع 'معاريف أونلاين'، حيث تم تصوير الصفقة المتوقعة مع حماس كتهديد لا كمبادرة إنسانية، والوساطات الدولية كخديعة تمكّن 'العدو' من التقاط أنفاسه. بهذا، يتم توجيه وعي الجمهور الإسرائيلي ضد كل ما هو تفاوضي، واعتباره تفريطًا أو ضعفًا. إعادة إنتاج نفي الوجود الفلسطيني مقال آخر للكاتب مئير بن شابات في صحيفة 'مكور ريشون' نفى تمامًا شرعية السلطة الفلسطينية، ليس فقط من باب الانتقاد السياسي، بل من خلال إعادة رسم المشهد الإقليمي بصورة تستبعدها بالكامل من أي معادلة مستقبلية. الخطير في هذا الخطاب أنه لا يقدّم بدائل، بل يدعو صراحة إلى مقاربة تتجاهل وجود الشعب الفلسطيني، وتتعامل مع السلطة كـ'عائق' يجب الحذر منه، لا كطرف يسعى لدور تفاوضي أو سيادي. عسكرة الدين وتحويل الاحتلال إلى فريضة في سلسلة مقالات لكتّاب محسوبين على التيار الديني القومي، برز توجه خطير يتمثل في توظيف الدين لتبرير العنف، ليس كأداة ردع، بل كفريضة أخلاقية. الحاخام أفيعاد غدوت، على سبيل المثال، يرى أن أعلى درجات الأخلاق هي 'حسم العدو وقتله'، فيما يدعو الحاخام حاييم نڤون إلى التعامل مع غزة كأرض يجب قمعها بالكامل دون اعتبار للمحتجزين أنفسهم، تحت شعار 'الجيش الأخلاقي'، مما يخلق سردية تحوّل الاحتلال إلى رسالة توراتية، وتمنح العقاب الجماعي شرعية دينية. غياب الفلسطيني: محو لغوي وسياسي في مقال لآري شافيط نُشر في 'مكور ريشون'، تتضح خطورة خطاب المحو؛ إذ لا يظهر الفلسطيني في أي فقرة، لا كعدو ولا كضحية، بل يتم إلغاء وجوده بالكامل من السردية. يتحدث المقال عن غزة كـ'غلاف' وعن الحرب كـ'ردع' دون الإشارة إلى أن هناك بشرًا يُقتلون ويُهجّرون تحت القصف. هذا الغياب البنيوي ليس مجرد تقصير، بل موقف سياسي قائم على الإلغاء والإقصاء. التطبيع مع الضم والاستيطان في مقالات أخرى، يُصوَّر الاستيطان الزاحف في الضفة الغربية بوصفه 'ثورة صامتة'، كما ورد في صحيفة 'يسرائيل هيوم'. يتم الاحتفاء بقرارات توسيع المستوطنات، وشق الطرق الالتفافية، وتقنين البؤر الاستيطانية، لا باعتبارها خرقًا للقانون الدولي، بل كنجاحات إدارية وطنية. بينما تُغيب تمامًا أي إشارة إلى الشعب الفلسطيني، وكأن الأرض 'مُستردة' وليست محتلة. 'حل سياسي' بلا سيادة فلسطينية حتى المقالات التي تطرح وقف الحرب في غزة، كما فعل الصحفي آفي يسسخاروف في 'يديعوت أحرونوت'، تُفرغ الحل السياسي من مضمونه، وتعيد تقديم السلطة الفلسطينية كجسم تنفيذي بلا دور تمثيلي، وتتعامل معها كأداة لإدارة القطاع لا كشريك في تقرير المصير. هذا النهج لا يسعى إلى تسوية، بل إلى إعادة إنتاج السيطرة بأدوات جديدة. التحريض السياسي على منصات التواصل لم يقتصر التحريض على وسائل الإعلام التقليدية، بل انتقل بكثافة إلى منصات التواصل، وعلى رأسها 'إكس' (تويتر سابقًا). سياسيون ووزراء ونواب في الكنيست استخدموا لغةً علنية تدعو إلى استمرار الحرب، ورفض أي هدنة، وشيطنة كل من يتحدث عن تسوية. إيتمار بن غفير طالب بإخضاع غزة بالكامل. تسفي سوكوت وصف وقف الحرب بـ'البصقة في وجه المقاتلين'. ليمور سون هارميلخ ويوليا مليونوفسكي هاجمتا المساعدات الإنسانية واعتبرتاها دعمًا للإرهاب. أفيغدور ليبرمان اتهم الحكومة بدعم حماس. بنيامين نتنياهو نفسه ربط بين 'النصر' ومشاريع الطاقة، متجاهلًا كليًا ملف الاحتلال. النتيجة: تكريس سردية الإلغاء والإقصاء هذا التصعيد في الخطاب لا يُمثّل مواقف فردية، بل يعكس توجهًا ممنهجًا داخل المؤسسات السياسية والإعلامية في إسرائيل، يقوم على ثلاث مرتكزات: 1. شيطنة الفلسطيني والتفاوض معًا: بحيث يُمنع أي أفق سياسي مستقبلي. 2. تحويل الحرب إلى غاية بحد ذاتها: ليست وسيلة لإنهاء صراع، بل غاية يُروَّج لها كضرورة دينية واستراتيجية. 3. تطبيع الإقصاء: من الأرض، ومن اللغة، ومن التحليل السياسي. إن خطورة هذا الخطاب لا تكمن فقط في التحريض المباشر، بل في إعادة تشكيل الوعي العام بحيث يرى في أي مسعى للسلام تهديدًا، وفي أي وجود فلسطيني عقبة يجب تجاوزها. هل كان الإعلام الغربي موضوعيا في تغطيته لعملية 'طوفان الأقصى' وما تلاها من أحداث؟ الأمين العام للإتحاد الدّولي للصحفيين: نحن بصدد رفع قضية ثالثة أمام الجنائية الدّولية حرب الإبادة على غزة منذ 2023 هي الأكثر دموية ضد الصحفيين في التاريخ