خطة إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى "مدينة إنسانية" تُشعل موجة غضب وانتقادات
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد كشف عن الخطة للمرة الأولى خلال إحاطة مع صحافيين الإثنين الماضي. وتنص الخطة على إنشاء منطقة مغلقة، من الصفر في جنوب قطاع غزة، وذلك خلال هدنة محتملة لمدة 60 يومًا في الحرب الدائرة مع حماس تُجرى مفاوضات بشأنها حاليًا في قطر.
وبحسب كاتس، ستستوعب المنطقة في البداية نحو 600 ألف نازح من جنوب غزة، وستضم أربعة مراكز لتوزيع المساعدات تديرها منظمات دولية.
وفي نهاية المطاف، يتوقع نقل كامل السكان المدنيين في غزة، أي أكثر من مليوني شخص، إلى تلك المنطقة.
لكن منتقدي المقترح تساءلوا عن جدوى الخطة وطابعها الأخلاقي، إذ أشار زعيم المعارضة الإسرائيلية إلى كلفتها الباهظة، بينما لفت خبير إلى غياب البنية التحتية الأساسية اللازمة لاستيعاب هذا العدد الكبير من الأشخاص.
ووصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المنشأة المقترحة بأنها "معسكر اعتقال"، في حين قال وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المملكة المتحدة إنه "مصدوم" من الفكرة.
وأوضح الوزير البريطاني هايمش فالكنر على منصة "إكس" "يجب ألا يتم تقليص الأراضي الفلسطينية. يجب أن يتمكن المدنيون من العودة إلى بلداتهم".
سيخضع الوافدون الجدد إلى "المدينة الإنسانية" إلى عمليات تدقيق أمنية للتأكد من عدم انتمائهم لحماس، وبمجرد دخولهم المنطقة، لن يُسمح لهم بالمغادرة.
وأضاف كاتس أن الجيش الإسرائيلي سيوفر الأمن "عن بُعد".
إلا أن الخطة أثارت عاصفة من الانتقادات امتدت على ما يبدو إلى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد هاجم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الاقتراح خلال اجتماع للحكومة، مؤكدًا أنه سيصرف التركيز عن الهدفين الأساسيين للجيش وهما هزيمة حماس وتأمين عودة الرهائن الإسرائيليين.
وأفادت قناة 12 الإسرائيلية بأن مسؤولين أمنيين لم تُذكر أسماؤهم وصفوا الخطة بأنها "مدينة خيام عملاقة"، محذرين من أنها قد تمهد الطريق لعودة الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة.
يتماشى هذا الطرح مع أهداف طويلة الأمد لوزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، مثل بتسلئيل سموطريتش وإيتمار بن غفير، وهما من الشركاء الأساسيين لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في الائتلاف الحاكم.
ويدعو هذان الوزيران إلى إعادة إنشاء مستوطنات يهودية في قطاع غزة الذي انسحبت منه إسرائيل في العام 2005، وإلى ترحيل الفلسطينيين طوعًا من القطاع.
كذلك أجّجت الكلفة المتوقعة للمبادرة والتي تراوح بين 10 و20 مليار شيكل (ما يعادل 3 إلى 6 مليارات دولار)، الغضب الشعبي الداخلي، في ظل تزايد الكلفة الاقتصادية للحرب المستمرة منذ قرابة عامين.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد في منشور على منصة إكس الأحد "هذا المال لن يعود أبدا. نتانياهو يترك سموطريتش وبن غفير ينطلقان من دون انضباط بأوهامهما المتطرفة فقط للحفاظ على ائتلافه. بدلًا من نهب أموال الطبقة الوسطى، أنهِ الحرب وأعد الرهائن".
من جهتها، ردّت السلطة الفلسطينية بلهجة حادة على المقترح، إذ قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان الأحد "المدينة الإنسانية لا علاقة لها بالإنسانية".
وكان لوكالة الأونروا الموقف نفسه ورأت إن الخطة "ستنشئ فعليًا معسكرات اعتقال ضخمة عند الحدود مع مصر".
وقال مسؤول فلسطيني مطّلع على مفاوضات الهدنة الجارية في قطر لوكالة فرانس برس إن حماس رفضت أي خطط لتركيز الفلسطينيين في جزء صغير من جنوب القطاع، واعتبرت ذلك "تحضيرًا لتهجيرهم قسرًا إلى مصر أو دول أخرى".
وحذّرت منظمة العفو الدولية، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، من أن نقل سكان غزة داخل القطاع أو ترحيلهم خارجه قسرًا يُعدّ جريمة حرب.
كذلك، أثارت الخطة قلقا كبيرا بين خبراء القانون. فالجمعة، وجّه 16 باحثًا إسرائيليًا في القانون الدولي رسالة إلى كاتس وزامير يحذرون فيها من أن الخطة قد ترقى إلى جريمة حرب.
ووصف ميخائيل ميلشتاين، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الخطة بأنها واحدة من عدة "أوهام" تروّج لها القيادة الإسرائيلية في ظل الغضب الشعبي المتزايد من مسار الحرب وغياب الحل السياسي.
وأشار إلى أن المنطقة المقترحة لا تحتوي على أي بنية تحتية قائمة، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية توفير الكهرباء والمياه.
وقال ميلشتاين الذي يرأس برنامج الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب لفرانس برس "يبدو أن إسرائيل تفضّل تبني أي فكرة جنونية بدلًا من الاعتماد على سياسات واقعية".
وأضاف "لا أحد يخبر الجمهور الإسرائيلي ما هو الثمن، وما هي العواقب الاقتصادية والسياسية والأمنية لإعادة احتلال غزة... ستكون الكلفة باهظة جدًا".
وختم بالقول "أرى حقًا أنه لو أدرك الناس أن هدف الحرب هو إعادة احتلال غزة، فإن ذلك سيفجّر اضطرابات اجتماعية كبيرة داخل إسرائيل".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 19 دقائق
- سرايا الإخبارية
رئيس إيران: مستعدون لفتح صفحة جديدة مع جيراننا في الخليج
سرايا - قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، إن بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة مع جيرانها في الخليج. ونقلت وكالة "إرنا" للأنباء عن بزشكيان قوله، خلال اجتماع مجلس الوزراء، إن إيران على استعداد للتعاون الشامل مع مجلس التعاون الخليجي، وأن "تفتح عبر هذا المسار، صفحة جديدة على صعيد علاقاتها في المنطقة ذاتها؛ وذلك في ظل الحاجة الملحة إلى تعزيز الأواصر وتطوير التعاون بين الدول الإسلامية". وكان جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، أدان بأشد عبارات الإدانة والاستنكار الهجوم الصاروخي الذي قامت به إيران ضد أراضي دولة قطر. وأكد الأمين العام أن "هذا الاعتداء يُعد انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر، ومساسا مباشرا بأمن دول المجلس كافة، مجددا التأكيد على أن أمن دول مجلس التعاون كلٌ لا يتجزأ، وأن المجلس يقف صفا واحدا مع دولة قطر في مواجهة أي تهديد لأمنها وسلامة أراضيها". وقال إنه "في الوقت الذي تقوم به دولة قطر ودول مجلس التعاون بإدانة شديدة للهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، وتبذل كل جهودها لوقف إطلاق النار والوساطة، تفاجأ بهذا الهجوم الصاروخي الإيراني على دولة قطر والذي يعتبر خرقا لجميع الأعراف والمعاهدات والقوانين الدولية والأممية". أخبار ذات صلة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إيران تشكك في التزام إسرائيل بالهدنة.. وتتعهد بالرد الفوري ترامب يهدد بضرب إيران مجددا إذا حاولت تخصيب اليورانيوم بعد حرب الـ12 يوما.. النووي الإيراني قيد "الحسابات الدقيقة" وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، السبت، إن إيران "مطالبة بترميم الثقة مع محيطها الخليجي". وذكر قرقاش، في تغريدة على حسابه الرسمي في منصة "إكس": "وقفت دول الخليج ضد الحرب الإسرائيلية على إيران وقفة قوية ومؤثرة، وسعت في كافة المنابر الدولية لخفض التصعيد ودعت لحلّ القضايا العالقة، وعلى رأسها الملف النووي، عبر المسار السياسي". وأضاف: "ورغم ذلك، جاء الاستهداف الإيراني لسيادة دولة قطر الشقيقة، وهو استهداف يطالنا جميعا". وتابع: "اليوم، ونحن نطوي صفحة الحرب، تبقى طهران مطالبة بترميم الثقة مع محيطها الخليجي، بعدما تضررت بفعل هذا الاعتداء".


الغد
منذ 3 ساعات
- الغد
نتنياهو مستعد للمرونة في الصفقة: مستعد للتنازل حتى عن محور موراغ
قال مسؤولون حضروا اجتماع الكابنيت المُصغَّر مساء أمس (الأحد) إنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مصمّم على إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، ومستعدّ أيضاً لإظهار مرونة في مسألة الانسحاب من محور مورج بين رفح وخان يونس—مرونةٌ لم يُبدِها في السابق. اضافة اعلان وأضاف :"جرت اتصالات في الدوحة، نعمل بجدّ'، أوضح هؤلاء المشاركون. 'نناقش خرائط محدثة، وحتى لو لم تُبرم الصفقة خلال يوم أو يومين، فإنّها تتجه نحو ذلك وقد تستغرق بضعة أيام إضافية. إذا دخلت الصفقة حيّز التنفيذ، فلن تُقام مدينة إنسانية في رفح، ببساطة لأنّه لن يُمكن الحفاظ على منطقة إنسانية. نتنياهو مستعدّ للتنازل عن أمورٍ لم يكن مستعداً للتنازل عنها سابقاً.' فيما يتعلق بخطة المدينة الإنسانية التي كان من المقرّر إقامتها في منطقة رفح بتكلفةٍ تقدر بين 10 و15 مليار دولار، قدّر ممثلو الجيش خلال النقاش أنّ الأمر سيحتاج إلى أكثر من عامٍ لإنجاز هذه المدينة التي كان من المفترض أن تتسع لما يصل إلى نصف مليون إنسان—أي ضعف التوقعات السابقة التي رجّحت إمكانية إنجاز مخيمات الخيام العملاقة لاستيعاب مئات الآلاف خلال ستة أشهر. وأبدى نتنياهو، وفق شهود العيان، غضباً من هذه التقديرات، وطالب الجيش بتقديم جدول زمني أكثر واقعية، وطلب في ختام الاجتماع 'خطة محسّنة… أقصر وأرخص وأكثر عملية'. واتهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فكرة 'المدينة الإنسانية' بأنّها مجرد مناورة إعلامية لتغطية الصفقة مع حماس، قائلاً: 'الجدل حول إنشاء هذه المدينة الإنسانية هو في الأساس تضليل يهدف لإخفاء حقيقة الصفقة التي تُطبخ مع حماس، والتي تتضمّن انسحاب الجيش من أراضٍ احتُلت بدم جنودنا، وإطلاق سراح مئات الإرهابيين، ومنح حماس فرصة لإعادة بناء قدراتها. التضليل ليس بديلاً عن النصر الكامل.'، نقلا ع موقع واي نت العبري.


الغد
منذ 4 ساعات
- الغد
وقف إطلاق النار قبل فوات الآوان
يغرق المفاوضون والوسطاء في الدوحة بالتفاصيل والشروط والمطالب الواجبة لوقف إطلاق النار في غزة، بينما المئات من الأطفال والنساء يقضون يوميا في حفلة القتل الإسرائيلية التي لا تتوقف ساعة. اضافة اعلان فقدت المواعيد والوعود، التي يطلقها الساسة عن قرب التوصل للهدنة، مصداقيتها، فتمر الأيام والأسابيع دون أن نصل إلى لحظة الحسم. وكلما ارتفع منسوب التفاؤل بقرب الاتفاق، تعود التقارير والتسريبات، لتعيدنا إلى المربع الأول. المتغير الوحيد يوميا، هو عداد القتل، والجوع الذي يفتك بمليوني فلسطيني. مرد الصعوبة والتعقيد في نظر المتابعين لمفاوضات الدوحة غير المباشرة، هو إدراك الطرفين، أن وقف إطلاق النار هذه المرة ليس هدنة مؤقتة، إنما بداية النهاية لحرب قاربت السنتين. هذا ما تشي فيه تصريحات المسؤولين الأميركيين، وما يطمح إليه الوسيط القطري والمصري، وعموم المجتمع الدولي. وهو بالتأكيد ما ينبغي العمل لأجله كهدف أسمى. المطروح بشكل أولي، هدنة لمدة ستين يوما، يتخللها تبادل لأسرى ومحتجزين، ودخول المساعدات الإنسانية دون قيود. ينبغي على المفاوضين من حركة حماس، التمسك بهذه المطالب، مضافا إليها ضمانات أميركية وموافقة إسرائيلية للدخول بمفاوضات لوقت دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، خلال فترة الهدنة. لا معنى ولا جدوى من "المفاصلة" على حدود الانسحاب حاليا، ولا على مصير السلاح والقيادات، ولتترك هذه العناوين وسواها لجولات التفاوض المفترضة خلال الستين يوميا. نتنياهو، نجح مرارا في التملص من اتفاق وقف إطلاق النار، عن طريق إغراق المفاوضات بالقضايا التفصيلية، وجر حماس لاتخاذ مواقف رافضة لشروطه. بهذا الأسلوب المخادع، حمى نتنياهو حكومته من السقوط، وواصل حرب الإبادة في غزة، واستثمر في الدعم الأميركي لفرض التهجير خيارا لا بديل عنه. الأولوية القصوى للفلسطينيين، ودونها متروك للمستقبل، هي كبح جماح آلة القتل الإسرائيلية، وإنقاذ السكان من المجاعة الكارثية. لم يعد مقبولا أن تكون هناك أولوية تفوق أو تعادل هذه المسألة. حياة الفلسطينيين وحقهم في الغذاء والدواء، لايمكن التصرف فيه بالمفاوضات أو ربطه بتنازلات في أمور عسكرية أو مصالح سياسية ضيقة. إسرائيل لن تنسحب من القطاع في وقت قريب، ولن تتراجع عن هدفها بإبعاد حماس عن حكم غزة. المتاح حاليا، وقف للنار والسماح بدخول المساعدات. هذا يعني الكثير لسكان القطاع، الذين لم يعد يعنيهم في هذه الأوقات تحديدا، من يحكم القطاع؟ أو حجم الانسحاب الإسرائيلي. مفاوضات الوضع الدائم في غزة، هي الكفيلة بمعالجة مرحلة مابعد الهدنة. والمسؤولية في ذلك لا تقع على حركة حماس، وهي لا تملك أصلا حق الانفراد بتقريرها. ينبغي أن يتولى إطار فلسطيني أوسع المفاوضات على انسحاب إسرائيل الكامل من غزة، وإدارة المرحلة الانتقالية، وترتيبات مرحلة إعادة الإعمار، وخطط الاستجابة السريعة للأوضاع الإنسانية المتدهورة. مسؤولية قيادة حركة حماس في هذه المرحلة، هي إنقاذ الفلسطينيين في غزة، من دوامة الموت التي لحقت بهم جراء عملية السابع من أكتوبر، التي نفذتها الحركة بقرار منفرد. تخليص غزة من تبعات هذه القرار، ومن بعد فتح الباب أمام إطار وطني فلسطيني أوسع، لتدبر الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني، والمنطقة برمتها، وحشد الدعم لمواجهة مشاريع التسوية القاتلة في الضفة الغربية. وقف إطلاق النار فورا في غزة، لأجل أهل غزة أولا، ولأجل الالتفات لما يحدث في الضفة الغربية قبل فوات الآوان. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا