
لماذا لم يسقط آياتُ الله؟!
عندما قامت الجمهورية الإسلامية في إيران 1979، تكررت القصة ذاتها، توقع خصومها، أن تفشل، وأن تسقط سريعاً، ليعود النظام القديم، ولو في شكل جديد يسترضي به الشعب، بعد أن استوعب الدرس، فنظام الجمهورية الإسلامية في إيران لم يبدأ بانقلاب عسكري في منتصف الليل، مثل جمهورية الضباط الأحرار في مصر، نظام الجمهورية الإسلامية تأسس عقب سلسلة من الثورات الشعبية على مراحل متقطعة، شغلت سنوات الربع الثالث من القرن العشرين، وزادت عليه سنوات عدة، ثورات شعبية حقيقية تنطبق عليها كل مواصفات الثورات الشعبية العظيمة، وخابت كل التوقعات، ولم يسقط حكم آيات الله في إيران، كما لم يسقط حكم ضباط الجيش في مصر، ويظل النظامان لغزاً، يحير ألباب الكثيرين من دارسي الشرق الأوسط، لغز من عدة زوايا: 1- عدم خبرة الضباط في مصر بالحكم من قبل، في بلد تكونت فيه عبر مائة وخمسين عاماً طبقات اجتماعية وسياسية وفكرية غنية وثرية مادياً وأدبياً ومستقرة، ومتجذرة سواء في السياسة أو الثقافة أو المجتمع أو علاقاتها مع العالم الخارجي، وكذلك عدم خبرة آيات الله في إيران بالحكم من قبل، صحيح هم جزء فعال ومؤثر في السياسة، لكن لم يسبق لهم منذ تأسست الحوزات العلمية مع فرض عقيدة التشيع بصفة رسمية على الدولة والمجتمع قبل خمسة قرون أو أكثر عند مطلع القرن السادس عشر، لم يكن للضباط في مصر خبرة بالحكم، لكن كانوا جزءاً من العملية السياسية، وكذلك كان الفقهاء في إيران. 2- ثم لغز من جهة كثرة الخصوم في الداخل والخارج الذين يتمنون ويحلمون ويسعون ويعملون- سراً وعلانيةً- لإسقاط النظام، هكذا كان حال الضباط في مصر، كما كان، وما زال حال آيات الله في إيران. 3- ثم لغز من جهة أن قوى دولية وإقليمية كثيرة، تعاونت في الحالتين للتخلص من ضباط مصر وفقهاء إيران دون نجاح يُذكر، ففشلت كافة المحاولات، وبقي النظامان اللذان يخرجان من كل محنة أشد وأقوى. 4- ثم لغز من جهة أن الأنظمة التي كانت قبلهما سقطت، رغم أنها كانت أثبت وأشد وأرسخ أقداماً منهما، في حين تغلب الضباط، ثم الفقهاء على كافة الصعاب، كأنها لم تكُن. 5- لغز من جهة أن اللحظة التي تأسس فيها النظامان كانت هشة ومضطربة، وتختلط فيها الأوراق، ولا شيء مضمون سواء في بنية الدولة أو المجتمع، ورغم ذلك استطاعت مراكب الضباط، ثم الفقهاءأن تخترق الأمواج المتلاطمة والضباب الكثيف، رغم الرياح العاصفة ورغم هشاشة المركب وضعف المجاديف.
في نكسة 5 يونيو 1967م العربية، كان هدف الحرب إسقاط قيادة عبد الناصر، لكنه لم يسقط، سقط بعضه، لكن لم يسقط كله، سقط بعض نظامه، لكن بقي النظام صامداً رغم تصدع بعض جدرانه، سقطت هيبته، لكن لم تسقط محبته، انشرخت قامته، لكن لم تسقط زعامته، انهزمت الأمة العربية بكاملها تحت قيادة زعيمها الأول، سقطت في بئر عميق وسقطت الأمة خلفه، لكنها حتى في لحظة السقوط لم تفقد الثقة فيه، ولم تتنكر لزعامته، ولم تبحث عن غير قيادته، لقد أفلح عبد الناصر في إقناع الأمة، أنه الحل الوحيد حتى وهو مهزوم، فلم تجهد نفسها في البحث عن حل بديل، ما دام هو قائم وسطها، يحدثها وتسمعه، تساقط الكثير من عبد الناصر ومن نظامه ومن هيبته، لكن بقيت قيادته، كما بقيت محبته، كما بقي الاعتقاد الجازم، أنه الحل الوحيد الذي ليس عنه بديل.
في نكسة 13 يونيو 2025 الفارسية، كان الهدف إسقاط النظام، تساقط بعض النظام بالفعل، انهدت بعض أركانه، سقط عدد معتبر من كبار رجاله في العسكرية والاستخبارات والعلوم النووية، لكنه لم يسقط، عض على جروحه، ورد على العدوان، وسجل للتاريخ أول نار فارسية، تشعل عاصمة الدولة العبرية، لم يحدث ذلك من قبل بهذه القوة، وهذه الكثافة، عاصمة العدو عاشت اثني عشر يوماً في جحيم كاف، لنسف ليس فقط بعض المباني والمنشآت والأهداف، لكن كاف لينسف كافة نظريات الأمن الإسرائيلي من جذورها، في أقل من أسبوعين، انكشفت هشاشة هذا الكيان الاصطناعي الغريب على المكان والزمان، انكشف عجز الدولة الصهيونية عن استرداد مواطنيها من المقاومة الفلسطينية، كما انكشف عجزها عن تحصين نفسها ومواطنيها ضد الصواريخ الإيرانية، كما ينكشف عجزها الأخلاقي والإنساني كل يوم في ضمائر الرأي العام في كل مكان من العالم.
هذان درسان، يحتاجان للفهم والتدقيق والاستيعاب: لماذا لم يسقط عبد الناصر رغم الضربة قاصمة الظهر صباح 5 يونيو 1976؟ ولماذا لم يسقط آيات الله رغم الضربة المتوحشة صباح 13 يونيو 2025؟
عبد الناصر، وكذلك آيات الله، احتفظ، واحتفظوا، بعقيدة أنهم الحل، وليسوا المشكلة، المشكلة ليست فيه، المشكلة ليست في الفقهاء، المشكلة في العدوان. وهذا صحيح، فدولة الاحتلال لن تسمح بأنظمة تستمد بعض شرعيتها من المجاهرة بالخصومة الجذرية معها. لكن فكرة أن عبد الناصر حتى وهو مهزوم كان هو الحل الوحيد، كما أن فكرة آيات الله رغم مثالبهم الكثيرة، هم الحل الذي لا بديل عنه، هذه وتلك ليست التفسير الوحيد لعدم سقوط النظام في الحالتين، لكن هناك سببا أهم وأعمق، هذا السبب هو الديكتاتورية، الدكتاتورية خير وقاية لمثل هذين النظامين الشموليين، سواء الناصري أو الملالي، لو كان في نظام عبد الناصر مقدار ولو قليل من الديمقراطية الليبرالية الغربية، كان سقط بسهولة، ولو كان في نظام آيات الله قدر ولو يسير من الديمقراطية الليبرالية الغربية، كان سقط بسهولة، الدكتاتورية الكاملة تحمي النظام في لحظة الخطر من زاوية، أنها لا تدع خرم إبرة، يمر منه نقد النظام أو الهجوم عليه أو اتخاذ الهزيمة ذريعة للنيل منه، كما توفر الديكتاتورية سنداً حصيناً لتوحيد كافة المواطنين في جبهة وطنية واحدة موحدة ضد العدوان، فلا يجرؤ أحد على أن يشذ برأي مختلف، وإلا وضع نفسه في خانة الأعداء والخونة والجواسيس والمنافقين والمرجفين والمتعاونين مع الأعداء. الديكتاتوريات في بلادنا هي الأصل، وهي الساكنة في عمق الشعور الجمعي والثقافة الشعبية، كما الديكتاتورية هي البنية التحتية التي تراكمت على أحقاب التاريخ، وباتت تشكل عقل الدولة والسلطة والحكم والإدارة، تماماً كما تشكل بنية المجتمع وروح الثقافة، هذه البنية التحتية الدكتاتورية تضمن- في لحظات الخطر- بقاء النظام متماسكاً، رغم ما ينزل به من شروخ وتصدعات. هذه الدكتاتورية إذا توفرت معها يقظة القيادة السياسية- كما في حالة عبد الناصر وآيات الله- فإنها تسد كل المنافذ التي يتسلل منها العدوان لشراء ذمم وضمائر وولاء القيادات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، لم يحدث أن باع أحد من رجال عبد الناصر نفسه، ومن ثم كان عبد الناصر حصيناً بين رجاله الذين التفوا حوله، كأنه في لحظة نصر، وليس في وضع هزيمة مخجلة، تكرر الحال مع آيات الله، صحيح أن ايران- على مستوى القاعدة الشعبية- فيها عدد كبير من الجواسيس والمتعاونين مع العدوان الإسرائيلي، لكن على مستوى القيادات أظهروا تفانياً وإخلاصاً للنظام. بينما صدام حسين في 2003، باعه رجاله وقبضوا الثمن، وفروا من ميادين القتال، وتركوه لمصيره، وبشار الأسد في 2024، باعه رجاله وقبضوا الثمن، وكرروا كل ما فعله رجال صدام قبل أكثر من عشرين عاماً.
لم يضعف عبد الناصر تحت ضغط الهزيمة، ولم يستجب لأي مطالب ديمقراطية، فازداد تمكناً وتماسكاً، وهذا هو الرهان الوحيد المتاح أمام آيات الله، أي الاستمرار في ديكتاتورية الفقهاء وعدم السماح بأي تيار ديمقراطي حقيقي، يتسلل في وقت الشدة. المصريون قبلوا من عبد الناصر تشديد قبضته بمبررات الحرب وتوحيد الجبهة الداخلية، فضلاً عن ثقتهم في نزاهة مقاصده كديكتاتور وطني محل ثقة من عامة المصريين، فهل يقبل الإيرانيون من آيات الله مزيداً من الديكتاتورية؛ لأجل الحفاظ على النظام؟ هذا هو موضوع مقال الأربعاء المقبل بمشيئة الله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 44 دقائق
- الدستور
عاجل.. "السلام رسالة الإسلام".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 4 يوليو 2025
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 4 يوليو 2025 الموافق 9 محرم 1447، بعنوان: "السَّلَامُ رِسَالَةُ الإِسْلَامِ". وقد أشارت الوزارة إلى أن الهدف المنشود من هذه الخطبة والمراد توصيله للجمهور هو: نشر السلام وإفشاء قيمه بين المجتمع، علما بأن الخطبة الثانية تتناول الكرم والجود والشهامة والمروءة وإنكار الذات، والعمل في صمت. نص خطبة الجمعة اليوم 4 يوليو 2025 السَّلَامُ رِسَالَةُ الإِسْلَامِ الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا وبهجة قلوبنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن الإسلام جاء برسالة سمحاء، وشريعة غراء، ود ومحبة، إلف ورحمة، سخاء بالأخلاق، ونشر للخير، ومنع للشر، حياة آمنة مستقرة، إنه مدد الإسلام؛ ولا غرو؛ فإن رسالته هي السلام. أيها الكرام، تأملوا معي اسم الإسلام، ألم تلاحظوا فيه معنى السلام؟! ثم تأملوا تسمينا باسم المسلمين، إنه ارتباط بالسلام في المسمى والسلوك، دينا ومتدينين، وقد سجل الله جل جلاله ذلك في قوله تعالى: {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل}. عباد الله، تدبروا تحية أهل الإسلام فيما بينهم، إنها السلام، يلقيها وينشرها المسلم على من عرف ومن لا يعرف، تأملوا ختام الصلاة: سلام على اليمين وسلام على اليسار، كأننا نبدأ أهل الدنيا من كل نواحيها بالسلام بعد أن فارقوها بخواطرهم لحظات، انصرفوا فيها لمناجاة الملك العلام سبحانه وتعالى، ثم تدبروا كيف نزل القرآن في ليلة كلها سلام تحفه ملائكة السلام، حيث قال سبحانه: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر}. أيها النبيل: اعلم أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وأن المؤمن الحق هو من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم كما أخبرنا صاحب الجناب المعظم ﷺ، فكن أيها المسلم سلما سلاما، فإن الإسلام تخطى بقضية السلام إلى مساحات أرحب شملت الإنسان والحيوان والجماد وسائر المخلوقات، إنه الإسلام دين السلام للعالمين. أيها السادة، ألا تعلمون أن رسالة الإسلام إلى الدنيا الحفاظ على الدنيا بخيراتها ومقوماتها وطاقاتها وقدراتها، وأن ندفع عنها شر المفسدين، قال تعالى: {كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين}، وكان الجناب الأعظم رسول السلام ﷺ جامعا لمقالة هي عين السلام وجوهره عندما قال: «لا ضرر ولا ضرار»، انظروا معي «لا ضرر» معناه: أن تزرع السلم والسلام، «ولا ضرار» معناه: أن تسالم من آذاك فلا تضره كما ضرك، ولكن خذ حقك بطريقة سلمية عاقلة، فلا تهور ولا فوضى، ولكن بالسلام تسدى الحقوق، وتوفى الاستحقاقات. أيها المكرم، لا تنس أن شريعتنا الإسلامية أرست قواعد السلام، وضبطت أحكامها، فكلنا جيران في عالم واحد، وهنا يبرز السلام أيقونة العلاقات الدولية في الإسلام، فنقرأ قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}، فنجد أن السلام رحمة وبر وتعايش، وعز وقوة {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز}. هذه هي رسالة الإسلام، السلام الشامل والعادل، السلام الذي ينشر الخير، ويتطلع إلى حب الحياة، وإلى البناء والتعمير، رسالة ترفض التطرف والاعتداء، والتخريب والفساد، تقرر أمن الإنسان وبناء شخصيته، السلام في الإسلام منظومة يحركها الشغف بالعمران، يحركها صناعة الحضارة وبناء الإنسان. ***** الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن البذل، والجود، والشهامة، والمروءة، وإنكار الذات، والعمل في صمت معان جليلة تمثلها قيمة التضحية التي تتطلع بالعبد إلى غايات أسمى، حيث تذوب المصلحة الشخصية، وتتألق قيمة بذل النفس والمال والوقت ابتغاء الأجر والثواب على ذلك عند الله عز وجل. أيها المكرم، اعلم أن التضحية اختبار واختيار صعب، يكلف العبد نفسه وماله وجهده وامتيازاته، وإذا أردت نجاحا في اختبار التضحية مع صعوبته، فتدبر أن الله تعالى هون من شأن الدنيا وزينتها، وعلمنا أن المضحي بالدنيا تنتظره المحاسن، والعقبى الطيبة، وإن شئت فاقرأ معي قول الحق سبحانه وتعالى: {زين للناس حب ٱلشهوٰت من ٱلنسآء وٱلۡبنين وٱلۡقنٰطير ٱلۡمقنطرة من ٱلذهب وٱلۡفضة وٱلۡخيۡل ٱلۡمسومة وٱلۡأنۡعٰم وٱلۡحرۡثۗ ذٰلك متٰع ٱلۡحيوٰة ٱلدنۡياۖ وٱلله عندهۥ حسۡن ٱلۡمـٔاب} إنه ثواب فقه الدنيا وفهم واقعها الذي يدفعك دفعا إلى التضحية. أيها المصريون، بمثل تضحياتكم فلتفاخر الأمم! وما خبر سقوط طائرة (رأس البر)، وكيف ضحى الطياران بحياتهما خوفا على أرواح المواطنين عنكم ببعيد، وما هو بغريب عنكم خبر السائق الشجاع الذي جاد بنفسه فأبعد سيارته التي انفجرت في مدينة (العاشر من رمضان) عن حياة الناس، وارتقى شهيدا، وأنقذ الناس من حادث مروع. أيها الكريم، علم أولادك معنى التضحية، اغرس فيهم حب الوطن، وحب الناس، وفعل الخيرات دون مقابل، علمهم أن التضحية مقام الأصفياء، وفعل الأتقياء، وعلامة من علامات الأولياء، بدونها تباد الأمم، وتنهار الحضارات، وتتخلف المجتمعات. اللهم اجعلنا فداء للأوطان، واحفظ بلادنا من كل سوء.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
وزير الأوقاف يدين اغتيال الاحتلال للدكتور مروان السلطان وأسرته فى غزة
أدان الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، بأشد العبارات الجريمة النكراء التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي باغتياله الدكتور مروان السلطان، مدير المستشفى الإندونيسي بقطاع غزة، رفقة زوجته وخمسة من أفراد أسرته، في استهداف وحشي ومتعمد للكوادر الطبية والمدنيين العزّل، ضمن سلسال مستمر من جرائم الحرب والإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامد، ومقدراته. وأكد الوزير أن هذه الجريمة تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ تنطوي على استهداف مباشر للمدنيين والأعيان المدنية، وتمثل انتهاكًا صارخًا لكل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية، واعتداءً سافرًا على المؤسسات الطبية والإغاثية في قطاع غزة المحاصر، في تجاهل مريع لكل القوانين والأعراف الدولية، علاوة على استخدام التجويع سلاحًا ضد أصحاب الأرض في القطاع المحاصر. ودعا وزير الأوقاف المجتمع الدولي، وهيئات حقوق الإنسان، والمنظمات الأممية، إلى تحمّل مسئولياتهم الأخلاقية والقانونية في وقف هذا العدوان الغاشم، والعمل العاجل على حماية المدنيين الأبرياء، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه المتكررة التي يندى لها جبين الإنسانية. رحم الله الدكتور مروان السلطان وأسرته، وتغمّدهم بواسع رحمته، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وأفرغ على أهل غزة صبرًا وثباتًا، وكتب النصر لهم على أعداء الإنسانية والقانون والحياة.

يمرس
منذ 2 ساعات
- يمرس
تغاريد حرة .. حقبة ملعونة بالغباء والجهل
(1) عندما ضاق خناقي واشتدت محنتي وغابت حكومات بلادي، وعلى نحو مؤلم ومخزي ومقرف كان هؤلاء هم المنقذ والعون والسند.. كان هؤلاء هم الحضور الذي بددوا الغياب، وتلاشت بوجودهم الوحشة والضيق والحزن الذي أثقل الكاهل وأحتل مساحات القلب وأرهق الوعي والذاكرة. هؤلاء الذين بددوا غربتي وصاروا لي وطنا في الغربة التي أعيشها.. حولوا تعاستي إلى سعادة غامرة، وتوفير أمان أحتاجه ولطالما بحثت عنه.. مع هؤلاء أحسست بمحبة لا توصف وتوفير أمان كان معدوما بعد أن نفدت حيلتي وتهدد وجودي.. لقد كانوا في الظروف الملجئه الدعم النفسي الذي لطالما احتجته بنفس منقطع في لحظة كانت تدعو للإنهيار أو الموت كمدا وقهرا.. الشكر قليل وألف قليل، ولو بيدي الكون كنت أهديتهم إياه جميلا وعرفانا ومحبة عصية على الوصف.. هؤلاء لن تنساهم الذاكرة وسأكتب عن كل واحده منهم بمفرده.. هؤلاء هم : الشيخ أحمد جليميد الشيخ علي العشملي الشيخ فتحي الزيادي الولد امين الصايدي (2) كنا نبحث عن استقلال القرار السيادي والسياسي اليمني والحمد لله صرنا اليوم بلا قرار ولا سيادة ولا يمن ولا وطن ونحمده على كل حال. (3) كامل تضامني مع هذا الإنسان الرائع الذي خاض معركة منتحر في وجه الظلم والإهمال والفشل وبسبب هذا هو اليوم في المعتقل.. خاض التحدي بجسارة .. يكتب الحقيقة الأكثر وجعا .. الحقيقة التي لا يجرأ الكثير على إطلاقها.. أنتصر بشجاعة فذة لقضية المجني عليه بشار العبسي .. الضحية الذي أزهقت روحه ظلما وعدوانا.. سند العبسي الباحث عن العدالة المفقودة في وطن بات يتسيده الفساد والفشل.. سند العبسي تاريخ إنساني نبيل في كل القضايا الذي خاض غمارها وعمل من أجلها وبجداره.. انتصر للأطفال ولمرضى السرطان وللأحرار والمنكوبين والمظلومين في اليمن المنكوب. كامل تضامني مع الأخ والصديق الرائع سند ناجي العبسي. إننا نعيش في الوطن الذي بات أكثر كلفة في قول الحقيقة والدفاع عن المظلومين. (4) كن بومه إن أردت ولكن لا تكذب (5) الأستاذ محمد علي القيرعي مثقف وحيد ومهمش للغاية.. تمرد على الجميع.. يكتب بتلفون مكسور وكمبيوتر معطوب ومرض يقول له أيامك الأخيرة.. محمد علي القيرعي المهمش مرتين وأكثر.. مهمش من السلطة ومهمش من المجتمع.. ومهمش من العالم أجمع. القيرعي يصارع على ثلاث جبهات في أيامه الأخيرة.. السلطة والمجتمع والمرض.. من ينقذه من مرضه.. من يشتري له تلفون أو كمبيوتر يكمل فيه مشروع كتابه أو على الأقل يكتب وصيته الأخيرة يلعن فيها الجميع. أظن لا أحد حتى أنا. من حقك أن تلعنا جميعا.. ولتسحقنا لعنتك إلى يوم القيامة. محبتي اخصها للمحبين والمتضامنين (6) وجدت ناس تحتال عليك بلطف لتصنع الجميل معك وناس تفرح وهي تخدمك وناس تعاركك لتساعدك.. شكرا لكل هؤلاء الرائعين.. (7) رغم كل المحبطات إلا أنني نجحت في تكوين علاقات جيدة تقوض تلك المحبطات وتعينني على الصمود.. مازلت قويا وخذلان البعض سأحوله إلى فرص ومزيد من القوة. (8) يا الله والخساسة والنذالة والحقارة التي فيهم (9) إنتاج الوعي ورفع مستواه، وإعلان التمرد والاحتجاج والسخط في وجه ثقافة العيب، من أطول وأشد المعارك ضراوة وشراسة، في ظل سيادة الجهل وانتشار الوعي الزائف والعزة الكاذبة والعيب المتجذر والمحمي من المجتمع.. (10) حراج يمني في نيويورك ، يوجد فيه ما تستطيع أن تتذكره وبدولار واحد فقط. (11) مع الأستاذ القدير والرائع والإنسان الفنان فؤاد الكبسي في نيويورك.. (12) لقاء في عرس ال الصايدي في نيويورك مع الدكتور نصر المولد والأستاذ امين الحميدي (13) الأن عرفت.. طلع اسمه رشاد ابو دنيا (14) مع صديقي الحرازي، عبد الواحد القديمي، في شارع الحمدي بنيويورك (15) ذباب التفاهة تستمتع بعفن قاذوراتها.. تعتاش عليها.. تكره الأناقة.. تكره النظافة.. تكره الحب والجمال.. تريد لو بإستطاعتها أن تفسد الكون كله في كل يوم وساعة.. (16) انظروا للأمية هنا ماذا تصنع..!!! انظروا للجهل عندما يسوس بلد ويتحكم بمصير ملايين البشر.. عندما يتحكم بشعبنا هؤلاء الذين يعجزون عن فك الخط والتمييز بين الكتاب والقنبلة.. بين القلم والجاسوس.. الذين لا يفرقون بين صناعة الوعي وصناعة وتكريس الأمية والتخلف.. إنها حقبة ملعونة بالغباء والجهل والولاء لأرباب الغنيمة والمنع والأمية. (17) في عدن يباع في المكتبات.. وفي صنعاء ممنوع إدخاله هدية ، بل ويجري مصادرة الهدية كونه كتاب في حدود سلطة الولاية.. في زمن ثورة الاتصالات والتقنية والإنترنت والذكاء الصناعي صنعاء تصادر الكتب.. أي عار هذا الذي يدركنا.. يدركنا ألف عار ابتدأ من صناعة الجهل والجوع ولا ينتهي بمصادرة الكتب. (18) سعر هذا القميص الذي ألبسه هنا بخمسين دولار، غير أن صديقي اشترى اثنين الواحد بخمسة عشر دولار من معرض تخفيض، وأهداء لي واحد بروح حميمية وطيبة باذخة.. هكذا أبدو أنيقا بنص كم. (19) فيما كنت أحاول تصحيح خبر ورد في مقالة اقتحمتني هذه الرسالة الوارده إلى هاتفي: أهلاً جيفري! أنا عضوة المجلس بيرينا سانشيز. اليوم هو آخر يوم للتصويت المبكر! يمكنكم التصويت حتى الساعة الخامسة مساءً. آمل أن أحظى بدعمكم لإعادة انتخابي بحصولي على المركز الأول في قائمة تصويتكم! رديت على الرسالة بالعربي بعد ترجمة رسالتهم: بامكانكم التصويت عني.. الجماعة في اليمن بيفهموا الرسالة غلط (20) كلما تقدم بك العمر تستطيع أن ترى العضات والعبر، وكيف تجري الأقدر..؟! وكيف تأتي على من ظلم..؟! لا أستثني طرف أو أحد.. كل سيأتي عليه الدور.