logo
أي دول الاتحاد الأوروبي ستدفع فاتورة الحرب؟

أي دول الاتحاد الأوروبي ستدفع فاتورة الحرب؟

قاسيونمنذ يوم واحد
مؤتمر «تعافي أوكرانيا»؟
أول الدافعين بطبيعة الحال كان أوكرانيا المحطمة. فقد حوّل الغرب أوكرانيا، عملياً، إلى شركة ارتزاق خاصة، تخوض معركة طويلة بالوكالة عن الناتو وخدمة لمصالحه، بينما تتوارى مصالح الشعب الأوكراني الاستراتيجية عن الطاولة. وكان الاتحاد الأوروبي قد دعا إلى مؤتمر حول «تعافي أوكرانيا» ركز على دعم كييف للاستمرار في القتال!
انعقد المؤتمر يومي الخميس والجمعة 10 و11 تموز الجاري في روما، وأعلنت كييف على لسان رئيس وزرائها دينيس شميهال أن بلاده بحاجة إلى ما لا يقل عن 850 مليار يورو لإعادة الإعمار، بالإضافة إلى39 مليار يورو لتغطية عجز الموازنة أثناء الحرب، ناهيك عن الدعم العسكري المباشر المطلوب لاستمرار العمليات القتالية.
رغم خطابات التعاطف التي ألقيت في المؤتمر والتأكيد على دعم كييف، فالدعم تركز على استمرار القتال وأهمل الأوضاع الاقتصادية المتردية للأوكران. فالمتوفر حول دعم أوكرانيا اقتصادياً انحصر في الاستفادة من عوائد الفوائد على الأصول الروسية المجمدة في أوروبا الغربية منذ بداية الحرب، والمقدّرة بـ 300 إلى 350 مليار دولار. فاستخدامها مباشرة كما طلبت أوكرانيا غير وارد حالياً تفادياً لعواقب قانونية واقتصادية محتملة، وعلى رأسها تهديد الثقة بمنظومة اليورو. وشدد المستشار الألماني فريدريش ميرتس على ضرورة إدراج ملف التعويضات في أي مفاوضات مستقبلية مع موسكو.
أما على الصعيد العسكري، فقد أعلنت أوكرانيا حاجتها إلى عشر منظومات باتريوت أمريكية، وحصلت على ثلاث، اثنتان من ألمانيا وواحدة من النرويج. كما قدمت بريطانيا لأوكرانيا قرضاً لشراء 5000 صاروخ دفاع جوي MML داعمة بذلك الصناعات العسكرية الأوروبية.
الكتلة الأوروبية الشرقية مقابل أوروبا الامبريالية
لطالما شعرت دول أوروبا الشرقية بأنها على هامش القرار داخل الاتحاد الأوروبي، حيث ظلّت فرنسا وألمانيا تمسكان بزمام التوجيه السياسي والاستراتيجي للتكتل، حتى في الملفات التي تمسّ مصالح بقية الأعضاء. ومع أن كثيراً من دول الشرق الأوروبي كانت ترى في الفضاء الاقتصادي للاتحاد، وفي الانتماء إلى منطقة اليورو، فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية غير مباشرة من نفوذ الاتحاد في أفريقيا وآسيا، فإن السنوات الأخيرة ـ ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية العالميةـ وتقلص المكاسب جعلت التوافق داخل الاتحاد أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
ثم جاءت الحرب في أوكرانيا لتضاعف هذه التوترات، حتى بات الأمر لا يُحتمل بالنسبة لبعض حكومات شرق أوروبا، التي لم تعد تقبل أن تتحمل عبء حرب لا تتحكم في مسارها، ولا تملك رؤية واضحة لمآلاتها. ويجرى تصوير الدول الرافضة للإنفاق المتواصل على الحرب، وعلى رأسها المجر وسلوفاكيا، أنها متعاطفة مع بوتين، أو أنها تمثل تيارات يمينية متطرفة تفتقر إلى «الإنسانية». لكن قادة هذه الدول يقولون: إنهم ينطلقون من مصالحهم الوطنية.
ففي بودابست، أوضح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، في فيديو نشره على منصة «إكس»، أن الحرب كلّفت كل أسرة مجرية نحو 1300 دولار سنوياً منذ عام 2022، وهو رقم كبير بالنظر إلى الأوضاع المعيشية في بلاده. وقد صرّح مراراً: «يجب أن يعم السلام، فاقتصادنا لم يعد يحتمل هذه الحرب». ويرى أوربان أن هذه النفقات ليست سوى فاتورة لسياسات الولايات المتحدة، محذراً من أن انضمام أوكرانيا المحطمة إلى الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأوروبي بما فيه اقتصاد المجر. كما أبدى قلقه من طرح فتح السوق الأوروبية أمام المنتجات الزراعية الأوكرانية دون حماية أو تفاوض، معتبراً أن ذلك سيلحق ضرراً بالغاً بالمزارعين المجريين.
في براتيسلافا، عبّر رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو بوضوح عن رفضه لمقترح وقف واردات الغاز الروسي بحلول 2028 لكل دول الاتحاد بشكل قاطع، مؤكداً، أن أي عقوبات تضر بمصالح بلاده لن تلقى دعمه. وأوضح أن سلوفاكيا ملتزمة بعقد مع «غازبروم» حتى 2034 بقيمة 16 بليون يورو، وأن فسخه من طرف واحد سيعرّضها لمخاطر قانونية وخسائر إضافية في عقد من نمط «خذ أو ادفع بكل الأحوال»، وأكد، أن بلاده خسرت حتى الآن 500 مليون يورو نتيجة توقف نقل الغاز عبر أوكرانيا. كما شدد فيكو على أن دعم أوكرانيا يجب أن يقاس نسبةً إلى الناتج المحلي لكل دولة، معتبراً أن سلوفاكيا أدت أكثر من نصيبها، ولن تدعم مزيداً من العقوبات، حتى لو أثار ذلك زلازل سياسية داخل الاتحاد الأوروبي.
حتى دول أوروبا الشرقية التي تبدو متحمسة لدعم استمرار الحرب في أوكرانيا، كبولونيا، تبدو قلقة من نهج الدول المسيطرة في الاتحاد الأوروبي. الأمر الذي تجلى في غضب الرئيس البولوني الأسبوع الماضي من استثناء بلاده من لجان مختصة باتخاذ قرارات استراتيجية هامة وتهميشها، حتى إن كانت مثل هذه القرارات تتعلق باستخدام الأراضي البولونية وبنيتها التحتية كالمطارات. وصعد بالقول: «أعتقد أن الأوكرانيين وحلفائنا يعتقدون ببساطة أن مطار رزيسزو وطرقنا السريعة ملك لهم، معذرةً، إنها ملكنا، ويمكن أن نغلقها ونقول: وداعاً».
في موازاة التحضير لمؤتمر «تعافي أوكرانيا»، قاد نواب من المجر محاولة لسحب الثقة من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، متذرعين بفضائح سابقة كقضية لقاحات كورونا، لكن جوهر التصويت كان جملة من القضايا الاقتصادية السياسية، من سياسات الطاقة إلى إدارتها لملف دعم أوكرانيا. ورغم أن التصويت فشل رسمياً (175 مع، 360 ضد، و18 ممتنعاً)، فإن الأرقام تكشف معادلة أكثر قلقًا: عند جمع الممتنعين (18) والغائبين (166) إلى المصوّتين لسحب الثقة، يصبح عدد غير الداعمين المحتملين عملياً 359 نائباً، أي ما يعادل تقريباً عدد المؤيدين لها (360). هذا التوازن الهش يعكس تصدعاً جدياً في الاتحاد الأوروبي. واللافت أن أغلب الأصوات المعارضة جاءت من دول أوروبا الشرقية، مثل: المجر وسلوفاكيا والتشيك، التي ترى أن الحرب الأوكرانية ثقب في قارب الاتحاد الأوروبي، والتجربة التاريخية علمت دول أوروبا الشرقية أنها «كبش الفداء» في الملمات الأوروبية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النفط يتراجع مع ترقب مهلة ترمب لروسيا وأزمة الرسوم
النفط يتراجع مع ترقب مهلة ترمب لروسيا وأزمة الرسوم

الوئام

timeمنذ 40 دقائق

  • الوئام

النفط يتراجع مع ترقب مهلة ترمب لروسيا وأزمة الرسوم

شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا في التعاملات المبكرة ليوم الثلاثاء، مع تقييم الأسواق لمهلة الخمسين يومًا التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط مخاوف متزايدة من تصعيد تجاري قد يلقي بظلاله على الطلب العالمي. بحسب بيانات وكالة 'رويترز'، هبطت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 34 سنتًا، أي بنسبة 0.5% لتسجل 68.87 دولارًا للبرميل، بينما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتًا، أو 0.6%، لتصل إلى 66.56 دولارًا للبرميل، وذلك بحلول الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش. وكان الخامان قد سجلا في الجلسة السابقة انخفاضًا تجاوز دولارًا واحدًا عند التسوية، بعد أن تخلّت الأسواق عن المكاسب التي تحققت عقب الإعلان عن احتمال فرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية. وكان ترامب قد أعلن يوم الإثنين عن حزمة دعم عسكري جديدة لأوكرانيا، وهدد بفرض عقوبات على مشتري النفط الروسي إذا لم تلتزم موسكو بالتوصل إلى اتفاق سلام خلال 50 يومًا. وفي الوقت الذي أثارت فيه هذه التهديدات تقلبات قصيرة الأجل، أعادت المهلة المطروحة بعض الهدوء إلى الأسواق، إذ فسّرها المستثمرون كفرصة محتملة لتجنّب العقوبات. وكتب دانيال هاينز، كبير محللي السلع الأولية في 'إيه.إن.زد'، في مذكرة للعملاء: 'المهلة خففت من المخاوف بشأن تعطّل مباشر في تدفقات النفط الخام الروسي، إلا أن التوترات التجارية المتصاعدة لا تزال تلقي بثقلها على المعنويات'. وفي تصريحات سابقة، توعّد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على غالبية الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك بدءًا من الأول من أغسطس، ما لم يتم التوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة. ويخشى المستثمرون من أن تؤدي هذه السياسات الحمائية إلى تباطؤ اقتصادي عالمي يقلل من الطلب على الطاقة. في سياق موازٍ، نقلت وسائل إعلام روسية عن الأمين العام لمنظمة 'أوبك' هيثم الغيص، توقعه بأن يشهد الربع الثالث من العام طلبًا 'قويًا جدًا' على النفط، مرجّحًا أن يبقى الفارق بين العرض والطلب طفيفًا خلال الأشهر المقبلة. من جانب آخر، رفع بنك 'غولدمان ساكس' توقعاته لأسعار النفط خلال النصف الثاني من عام 2025، مشيرًا إلى تقلص المخزونات لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، واستمرار قيود الإنتاج الروسية، بالإضافة إلى إمكانية حدوث اضطرابات في الإمدادات.

التوترات التجارية العالمية ترفع أسعار الذهب
التوترات التجارية العالمية ترفع أسعار الذهب

الوئام

timeمنذ 41 دقائق

  • الوئام

التوترات التجارية العالمية ترفع أسعار الذهب

ارتفعت أسعار الذهب، اليوم الثلاثاء، مدعومة بتصاعد التوترات التجارية العالمية، مما عزز الإقبال على أصول الملاذ الآمن، في وقت يترقّب فيه المستثمرون صدور بيانات التضخم الأمريكية التي قد تقدم إشارات حول توجهات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وصعد سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% ليبلغ 3360.35 دولارًا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 04:36 بتوقيت غرينتش، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.3% إلى 3369.50 دولارًا. وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة 'KCM Trade'، إن المعدن النفيس أثبت مجددًا جاذبيته كأصل آمن في ظل التوترات المرتبطة بالرسوم الجمركية، مضيفًا أن تحركه نحو مستوى 3350 دولارًا يعكس هذا النمط المتكرر. اقرأ أيضًا: النفط يتراجع مع ترقب مهلة ترمب لروسيا وأزمة الرسوم ومع ذلك، أشار إلى أن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وقوة الدولار يشكّلان عوامل ضغط قد تحدّ من مكاسب الذهب، لافتًا إلى أن الوصول إلى مستوى 3400 دولار قد يتطلب تراجعًا في الدولار أو العوائد الأمريكية ما لم تتصاعد التوترات الجيوسياسية. ويأتي هذا التحرك في ظل تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب السبت الماضي، بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات القادمة من المكسيك والاتحاد الأوروبي بدءًا من الأول من أغسطس، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة. في المقابل، يترقب المستثمرون صدور بيانات أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لشهر يونيو، والمقرر إعلانها الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش. وتشير التوقعات إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 2.7%، من 2.4% في مايو، بينما يتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي إلى 3.0% من 2.8%. وفي سياق متصل، جدد ترمب، أمس الاثنين، هجومه على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مؤكدًا أن أسعار الفائدة يجب أن تنخفض إلى 1% أو أقل، في ظل توقعات الأسواق بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بحلول نهاية العام، مع إمكانية بدء الخفض في سبتمبر المقبل. ويؤدي تراجع أسعار الفائدة عادة إلى تعزيز الطلب على الذهب الذي لا يدر عائدًا، ما يجعله خيارًا مفضلًا في أوقات التباطؤ الاقتصادي أو التوترات السياسية. وفي أسواق المعادن النفيسة الأخرى، فاستقرت الفضة عند 38.15 دولارًا للأوقية، بعد أن سجلت أمس أعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2011. وقال ووترر إن الفضة تستفيد من مخاوف تتعلق بالإمدادات وارتفاع الطلب الصناعي، مضيفًا أن صعود الذهب خلال الأشهر الماضية دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول بديلة ذات قيمة، وكانت الفضة من أبرز المستفيدين. وارتفع البلاتين بنسبة 0.8% إلى 1374 دولارًا للأوقية، بينما صعد البلاديوم 0.2% ليصل إلى 1196.10 دولارًا.

الآسيويات في صدارة الرابحين عالميا من قفزات الذهب في 2025
الآسيويات في صدارة الرابحين عالميا من قفزات الذهب في 2025

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

الآسيويات في صدارة الرابحين عالميا من قفزات الذهب في 2025

كل قطعة ذهب تملكها السيدة فرزانة غاني تحمل ذكرى خاصة، فلديها أطقم مجوهرات فاخرة أهدتها لها حماتها من حفل زفافها في باكستان، وسلسلة ذهبية أهدتها لها والدتها بعد أداء فريضة الحج، وعملات ذهبية احتفالاً بميلاد ابنتها، وستستمر في الاستثمار في الذهب، مع وصول أسعاره إلى مستويات قياسية. تقول غاني، البالغة من العمر 56 عاماً، من ميامي بولاية فلوريدا "مقارنة بالسندات والنقود، لا أزال أفضل شراء العملات الذهبية". تشتهر العرائس في جنوب آسيا بتزيينهن بهذا المعدن الثمين، القلائد والأقراط وخواتم الأنف وأكسسوار الشعر والتمائم، التي يمكن إهداؤها أو توريثها. غالباً ما تبدأ كل سيدة في جمع الذهب قبل ولادتها، ويضم صندوقها في الغالب قطع وهدايا موروثة لإحياء ذكرى ميلادهن ومحطات حياتهن وأعيادهن الدينية. يعرف الذهب بأنه الملاذ الآمن الأكثر موثوقية منذ آلاف السنين، لكنه أكثر من مجرد استثمار لعائلات جنوب آسيا، إذ يمتد تقليد وراثة البنات لذهب أمهاتهن في مختلف أنحاء الهند الحضرية والريفية، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية، وهو متأصل بعمق في نسيج ثقافة المنطقة، حرفياً في كثير من الأحيان، فالنساء يقدسن القطع الذهبية باعتبارها إرثاً عائلياً ثميناً بدلاً من أن تكون وسيلة سريعة لكسب المال، وبالنسبة إليهن، قد يكون الذهب أحد الأصول القليلة التي تخصهن حصرياً. الذهب يقفز بأكثر من 26 في المئة في 2025 خلال العام الحالي، ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 26 في المئة، بعدما ارتفعت بنسبة 27 في المئة عام 2024، وبلغ المعدن الأصفر أعلى مستوى قياسي له متجاوزاً 3500 دولار للأونصة في أبريل (نيسان) الماضي، مدفوعاً بأجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الفوضوية للتعريفات الجمركية وهجماته على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتستفيد نساء جنوب آسيا، اللاتي استثمرن معظم أصولهن في الذهب منذ فترة طويلة، من هذا الارتفاع. "كل ما أملكه ذهب"، هكذا وصفت أم من جنوب آسيا لمتابعيها على منصة "تيك توك"، وهي تعرض قلادة من الذهب عيار 24 قيراطاً حصلت عليها قبل 28 عاماً. قالت "عندما اشتريت هذه (القلادة) تحديداً، كان الذهب رخيصاً جداً في تلك الأيام. كان سعر الغرام الواحد 12 دولاراً، أما الآن فهو أعلى من 100 دولار". كانت الهند ثاني أكبر سوق للمجوهرات الذهبية في العالم عام 2023، بفارق ضئيل عن الصين، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، وفي عام 2021، اشترت الهند 611 طناً من المشغولات الذهبية، وبالمقارنة، اشترت منطقة الشرق الأوسط، ثاني أكبر منطقة نحو 241 طناً. ويعتمد الطلب في الهند على المجوهرات، إذ من المتوقع أن تشهد البلاد ما بين 11 و13 مليون حفل زفاف سنوياً، وتستحوذ مجوهرات الزفاف على أكثر من 50 في المئة من حصة سوق الذهب. ويشكل سكان جنوب آسيا نحو 10 في المئة من قاعدة عملاء شركة "سولومون غلوبال"، مورد الذهب البريطاني، وشهدت الشركة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد النساء من أصل جنوب آسيوي اللاتي يشترين الذهب خلال العام الماضي. في بيان، قال كبير استراتيجيي السوق للأميركيتين في مجلس الذهب العالمي، جوزيف كافاتوني، "تعد المجوهرات من الأشياء التي تحظى بمكانة مرموقة في حياة الناس، فهي تركز بصورة كبيرة على المستهلك، كما أنها تمثل آلية فعالة للادخار ونقل الثروة من جيل إلى جيل". أصول عائلية تزداد قيمتها مع مرور الوقت لا يعد الناس في الهند الذهب ترفاً، وفقاً للرئيس التنفيذي لمجلس الذهب العالمي في الهند ساتشين جاين، بل ينظر إلى القطع الذهبية على أنها أصول عائلية لا تزداد قيمتها إلا مع مرور الوقت. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتمثل المجوهرات الذهبية حماية مالية ملموسة في منطقة قد لا يتمكن فيها ملايين الأشخاص، بخاصة النساء، من الوصول إلى حسابات مصرفية أو غيرها من صور الاستثمار المنظم. في الهند، تدير أقل من 50 في المئة من النساء شؤونهن المالية بصورة مستقلة، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة "يوغوف" في مارس (آذار) الماضي. نشأت غاني بهذه العقلية، ففي باكستان، نصحتها والدتها بادخار أي مصروف جيب، وبمجرد تراكمه، فإنها تشتري عملات ذهبية عيار 24 قيراطاً، وتقول وفق شبكة "سي أن أن"، "نحن النساء الشرقيات معروفات دائماً بامتلاكنا للمال في الأيام الصعبة... لا نعيش لليوم ثم ننسى الغد". هوس عالمي بالذهب لكن عام 2025، لن يقتصر اعتماد عرائس جنوب آسيا على استثمارات الذهب، إذ أدت حرب ترمب التجارية إلى فوضى كبيرة في حركة التجارة العالمية، ويتطلع المستثمرون إلى تحويل أصولهم من العملات الورقية الأكثر تقلباً. وسجل الذهب أقوى عائد ربع سنوي له منذ عام 1986 خلال الربع الأول من عام 2025، مع تزايد الطلب على الملاذات الآمنة إلى معادن أخرى مثل الفضة والبلاتين. وقال مدير الثروات في شركة الاستثمار "سافي أدفايزرز"، جوشوا بارون، "الذهب حصن منيع للأمان والقيمة". وحتى مع الانخفاضات العرضية، ارتفع سعر أونصة الذهب بأكثر من 1900 في المئة على مدار الـ50 عاماً الماضية، وفقاً لشركة "بيليون بي بوست" وهي أكبر تاجر ذهب عبر الإنترنت في المملكة المتحدة. تشتري البنوك المركزية في الهند والصين السبائك لتعزيز احتياطاتها، وزاد بنك الاحتياط الهندي احتياطاته من الذهب بنسبة 35 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية، وفقاً لشركة "سولومون غلوبال". وكثيراً ما دأب سكان جنوب آسيا على تخزين الذهب في منازلهم، وتشير التقديرات المتحفظة إلى وجود 25 ألف طن أو أكثر من الذهب في منازلهم في الهند. الهنود يحتفظون بذهبهم حتى مع ارتفاع الأسعار لكن سكان جنوب آسيا غير مهتمين ببيع ذهبهم حتى الآن، إذ يوضح جاين من مجلس الذهب العالمي، أن الهنود يحتفظون بذهبهم حتى مع ارتفاع الأسعار، على رغم اتجاه زيادة المبيعات عندما كانت الأسعار مرتفعة نسبياً في الماضي. ويقول كافاتوني من مجلس الذهب العالمي "تميل الأسواق الغربية إلى الاحتفاظ بالذهب عندما تكون الأوضاع مقلقة للغاية، وأخطار السوق وعدم اليقين، لكن العائلات (من جنوب آسيا)، احتفظت بالذهب لفترة طويلة، لأنها ترى أن الذهب ينمو مع التوسع الاقتصادي ويرتبط بالناتج المحلي الإجمالي". بدلاً من ذلك، أشار جاين، إلى أن المستهلكين الهنود عادوا في العام الماضي إلى المتاجر وحولوا مجوهراتهم القديمة إلى تصاميم أكثر عصرية، ولا يزال الشباب يرون قيمة الاحتفاظ بالذهب، لكنهم يريدون قطعاً يمكنهم ارتداؤها يومياً بدلاً من أطقم الزفاف الضخمة الموجودة في خزائن البنوك. يقول جاين "أعتقد أن المستهلك الأصغر سناً يرغب في امتلاك هذه القطع، والوقوع في حبها، واستخدامها، وجعلها جزءاً من حياته". عندما احتفلت ابنة غاني بزفافها في ديسمبر (كانون الأول) 2024، حولت عديد من عملاتها الذهبية وأطقم مجوهراتها القديمة إلى مجموعة عصرية للعروس، مجموعة يمكنها الاحتفاظ بها وتوريثها لأطفالها في المستقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store