
'ارتدادات السويداء وواقع المقاومة' حين تنقلب الحسابات على رؤوس أصحابها'!إسماعيل النجار
كتب إسماعيل النجار*
منذ أسابيع ليست ببعيدة في ذروة التصعيد الإقليمي والضغوط الأميركية المتصاعدة على محور المقاومة، كانت إسرائيل تعد العدة لشن عملية عسكرية مزدوجة ضد 'حزب الله' من محورين 'رئيسيين' الأول، عبر جبل الشيخ باتجاه منطقة البقاع، والثاني من الجنوب باتجاه نهر الأولي، في مناورة عسكرية تهدف إلى شل البنية الدفاعية للمقاومة في العمق اللبناني والقضاء على ما تبقَّى من إمكانيات عسكرية. لكنّ المخطط لم يكن إسرائيليًا صرفًا، بل كان يتكامل مع أدوار أخرى على الساحة السورية. فقد كان من المقرر أن يشنّ أبو محمد الجولاني، قائد 'هيئة تحرير الشام'، هجومًا متزامنًا مع الهجوم الصهيوني على مواقع 'حزب الله' من جهة السلسلة الشرقية للبنان، وعبر منطقة القصير الاستراتيجية، مع تحريك كافة الخلايا النائمه في الجبهة الداخلية لِشَل أي تحرك عسكري للإسناد. ولم تكن الجبهة اللبنانية الداخلية بمعزل عن هذا المخطط غائبه عن مسرح التخطيط والتنفيذ المرسوم وخصوصاً سمير جعجع. فمواقف العديد من القوى السياسية اللبنانية، خصوصًا بعض القيادات المسيحية والدرزية والسنية، كانت تضغط علنًا في اتجاه نزع سلاح المقاومة، تحت شعارات السيادة وبناء الدولة وإنهاء (الدويله) حسب تعبيرهم، دون إدراك للمخاطر المحدقة بلبنان أو ربما بتغاضٍ مدروس عنها في سياق التنسيق الضمني مع مشاريع خارجية.
غير أنّ الأحداث في السويداء السورية جاءت لتقلب الموازين وتقلب كل شيء رأسًا على عقب. فالصدام بين الدروز والأمن العام السوري، الذي كانت واشنطن تراهن عليه لتأجيج الصراع على الساحة السورية لتمهيد الطريق أمام إسرائيل لتحتل أراضٍأوسع، وخلق مناخات انفصال وشق صفوف الأقليات، ارتدّ بشكل مفاجئ على واشنطن وتل أبيب وقزمهم ابو محمد الجولاني. بدلاً من أن يُضعف الحاضنة الاجتماعية للدروز أو يدفعهم للاصطفاف مع مشاريع تفكيك الدولة السورية، جاء الرد الدرزي عسكرياً وبطولياً، وجاء الرد الشعبي اللبناني 'معكوسًا'إدراكً للخطر، وتشكلت عودة الوعي الجمعي إلى أولويات الحماية الذاتية والوجود.
إن ما حصل في السويداء، بكل بساطة، نسف كل الحسابات الأميركية والصهيونيه والجعجعيه. إذ بدأت الأصوات التي طالما دعت لنزع سلاح 'حزب الله' في لبنان، ومن ضمنها قيادات كانت رأس حربة في خطاب المواجهة، كالشيخ نديم الجميل وبعض رموز الطائفة الدرزية بدأت تُراجع مواقفها بشكل تدريجي، بل وتحذر الآن من مغبة المسّ بسلاح المقاومة، بعد أن استشعرت اقتراب الخطر على مجتمعاتها الطائفية والمناطقية من جرَّاء ما حصل في محافظة السويداء مع العلم أنهم لم يتعظوا من الذي حصل في الساحل قبل أشهر.
اليوم، باتت القوى التي طالما شككت بجدوى السلاح المقاوم تُقر ضمنًا وعلانية أن هذا السلاح هو صمام أمان لكل الطوائف، وليس حكرًا على طائفة واحدة. وهو ما عبّرت عنه بوضوح تحذيرات عدد من السياسيين المسيحيين والدروز مؤخرًا وأغلبية رجال الدين الدروز في لبنان، الذين لم يعودوا يرون في سلاح المقاومة مصدر تهديد، بل ضمانة حقيقية في زمن لا يعرف أحد كيف ومتى تشتعل فيه الجبهات وتسطوا السواطير والسكاكين على رقاب الأقليات، وخصوصاً أن لبنان أصبح مُحاطاً بكيانين متوحشين همآ سوريا وإسرائيل.
من كان يتهم المقاومة بأنها عبء على الدولة، هو نفسه اليوم يُقر بأنها ربما كانت آخر ما تبقى من توازن ردع يحول دون تسونامي دموي في المنطقة، قد يبتلع الجميع دون استثناء.وإن سقوط الرهانات الأميركية في السويداء، وتعثر أدواتها التكفيرية في الشمال السوري، وارتباك الحسابات الإسرائيلية، كلها عناصر تؤكد أن المقاومة، بقدر ما كانت مستهدفة، كانت أيضًا المُتغيّر الوحيد الذي يملك قدرة قلب المعادلات.
لذلك أن ما جرى ويجري ليس تفصيلاً هامشيًا في الصراع، بل هو تحول جذري في الرؤية اللبنانية والإقليمية. فالسلاح الذي طالما طُلب سحبه من أيدي الشيعه، بات اليوم السلاح الذي يحذر الجميع من التخلي عنه. والسؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم ليس 'متى يُنزع سلاح المقاومة؟'، بل: 'كيف نحميه من محاولات النيل منه؟' لأن وجوده، كما ثبت، هو ما يحفظ الباقي من كيان لبنان، في زمن تتهاوى فيه الدول تحت عباءات التبعية والعجز والانهيار.
(( ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين ))
بيروت في،، 24/7/2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
'ارتدادات السويداء وواقع المقاومة' حين تنقلب الحسابات على رؤوس أصحابها'!إسماعيل النجار
'ارتدادات السويداء وواقع المقاومة' حين تنقلب الحسابات على رؤوس أصحابها'! كتب إسماعيل النجار* منذ أسابيع ليست ببعيدة في ذروة التصعيد الإقليمي والضغوط الأميركية المتصاعدة على محور المقاومة، كانت إسرائيل تعد العدة لشن عملية عسكرية مزدوجة ضد 'حزب الله' من محورين 'رئيسيين' الأول، عبر جبل الشيخ باتجاه منطقة البقاع، والثاني من الجنوب باتجاه نهر الأولي، في مناورة عسكرية تهدف إلى شل البنية الدفاعية للمقاومة في العمق اللبناني والقضاء على ما تبقَّى من إمكانيات عسكرية. لكنّ المخطط لم يكن إسرائيليًا صرفًا، بل كان يتكامل مع أدوار أخرى على الساحة السورية. فقد كان من المقرر أن يشنّ أبو محمد الجولاني، قائد 'هيئة تحرير الشام'، هجومًا متزامنًا مع الهجوم الصهيوني على مواقع 'حزب الله' من جهة السلسلة الشرقية للبنان، وعبر منطقة القصير الاستراتيجية، مع تحريك كافة الخلايا النائمه في الجبهة الداخلية لِشَل أي تحرك عسكري للإسناد. ولم تكن الجبهة اللبنانية الداخلية بمعزل عن هذا المخطط غائبه عن مسرح التخطيط والتنفيذ المرسوم وخصوصاً سمير جعجع. فمواقف العديد من القوى السياسية اللبنانية، خصوصًا بعض القيادات المسيحية والدرزية والسنية، كانت تضغط علنًا في اتجاه نزع سلاح المقاومة، تحت شعارات السيادة وبناء الدولة وإنهاء (الدويله) حسب تعبيرهم، دون إدراك للمخاطر المحدقة بلبنان أو ربما بتغاضٍ مدروس عنها في سياق التنسيق الضمني مع مشاريع خارجية. غير أنّ الأحداث في السويداء السورية جاءت لتقلب الموازين وتقلب كل شيء رأسًا على عقب. فالصدام بين الدروز والأمن العام السوري، الذي كانت واشنطن تراهن عليه لتأجيج الصراع على الساحة السورية لتمهيد الطريق أمام إسرائيل لتحتل أراضٍأوسع، وخلق مناخات انفصال وشق صفوف الأقليات، ارتدّ بشكل مفاجئ على واشنطن وتل أبيب وقزمهم ابو محمد الجولاني. بدلاً من أن يُضعف الحاضنة الاجتماعية للدروز أو يدفعهم للاصطفاف مع مشاريع تفكيك الدولة السورية، جاء الرد الدرزي عسكرياً وبطولياً، وجاء الرد الشعبي اللبناني 'معكوسًا'إدراكً للخطر، وتشكلت عودة الوعي الجمعي إلى أولويات الحماية الذاتية والوجود. إن ما حصل في السويداء، بكل بساطة، نسف كل الحسابات الأميركية والصهيونيه والجعجعيه. إذ بدأت الأصوات التي طالما دعت لنزع سلاح 'حزب الله' في لبنان، ومن ضمنها قيادات كانت رأس حربة في خطاب المواجهة، كالشيخ نديم الجميل وبعض رموز الطائفة الدرزية بدأت تُراجع مواقفها بشكل تدريجي، بل وتحذر الآن من مغبة المسّ بسلاح المقاومة، بعد أن استشعرت اقتراب الخطر على مجتمعاتها الطائفية والمناطقية من جرَّاء ما حصل في محافظة السويداء مع العلم أنهم لم يتعظوا من الذي حصل في الساحل قبل أشهر. اليوم، باتت القوى التي طالما شككت بجدوى السلاح المقاوم تُقر ضمنًا وعلانية أن هذا السلاح هو صمام أمان لكل الطوائف، وليس حكرًا على طائفة واحدة. وهو ما عبّرت عنه بوضوح تحذيرات عدد من السياسيين المسيحيين والدروز مؤخرًا وأغلبية رجال الدين الدروز في لبنان، الذين لم يعودوا يرون في سلاح المقاومة مصدر تهديد، بل ضمانة حقيقية في زمن لا يعرف أحد كيف ومتى تشتعل فيه الجبهات وتسطوا السواطير والسكاكين على رقاب الأقليات، وخصوصاً أن لبنان أصبح مُحاطاً بكيانين متوحشين همآ سوريا وإسرائيل. من كان يتهم المقاومة بأنها عبء على الدولة، هو نفسه اليوم يُقر بأنها ربما كانت آخر ما تبقى من توازن ردع يحول دون تسونامي دموي في المنطقة، قد يبتلع الجميع دون استثناء.وإن سقوط الرهانات الأميركية في السويداء، وتعثر أدواتها التكفيرية في الشمال السوري، وارتباك الحسابات الإسرائيلية، كلها عناصر تؤكد أن المقاومة، بقدر ما كانت مستهدفة، كانت أيضًا المُتغيّر الوحيد الذي يملك قدرة قلب المعادلات. لذلك أن ما جرى ويجري ليس تفصيلاً هامشيًا في الصراع، بل هو تحول جذري في الرؤية اللبنانية والإقليمية. فالسلاح الذي طالما طُلب سحبه من أيدي الشيعه، بات اليوم السلاح الذي يحذر الجميع من التخلي عنه. والسؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم ليس 'متى يُنزع سلاح المقاومة؟'، بل: 'كيف نحميه من محاولات النيل منه؟' لأن وجوده، كما ثبت، هو ما يحفظ الباقي من كيان لبنان، في زمن تتهاوى فيه الدول تحت عباءات التبعية والعجز والانهيار. (( ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين )) بيروت في،، 24/7/2025


الحركات الإسلامية
منذ 2 أيام
- الحركات الإسلامية
«وكالة الصحافة الفرنسية» تطلق مناشدة لإجلاء مراسليها المستقلين من غزة... المبعوث الأميركي توم برّاك يحث الشرع على مراجعة سياسته وإلا خاطر بتفتيت سوريا.. إيران تصرّ على التخصيب وترمب يهددها بقصف جديد
تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 23 يوليو 2025. «وكالة الصحافة الفرنسية» تطلق مناشدة لإجلاء مراسليها المستقلين من غزة دعت وكالة الصحافة الفرنسية إسرائيل اليوم الثلاثاء إلى السماح بالإجلاء الفوري لمراسليها المستقلين وعائلاتهم من قطاع غزة، مشيرة إلى تدهور الظروف المعيشية وتصاعد المخاطر على سلامتهم. وقالت الوكالة في بيان إن صحفييها المستقلين يواجهون «وضعا مروعا» في غزة. وقالت الوكالة «منذ أشهر ونحن نشهد، ونحن عاجزون، التدهور الدراماتيكي لظروفهم المعيشية»، مضيفة أن الوضع أصبح لا يطاق على الرغم من «الشجاعة المثالية والالتزام المهني والصمود» الذي يتحلى به فريقها المحلي. وجاء بيان إدارة الوكالة بعد أن أصدرت رابطة صحفيي وكالة الصحافة الفرنسية بيانها الخاص الذي قالت فيه إن زملاءها في غزة يواجهون خطر الموت جوعا. وقالت الصحافة الفرنسية إنها نجحت في إجلاء ثمانية من موظفيها وعائلاتهم من غزة في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) 2024، بعد أشهر من الجهود مشيرة إنها تسعى الآن إلى تأمين ممر آمن لمراسليها الفلسطينيين المستقلين، على الرغم من «الصعوبة البالغة لمغادرة منطقة خاضعة لحصار صارم». ولم يستجب الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الفور لطلب التعليق على بيان الوكالة. إيران تصرّ على التخصيب وترمب يهددها بقصف جديد تصرّ طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم، رغم الضبابية التي تكتنف وضع منشآتها النووية في أعقاب الضربات الأميركية غير المسبوقة الشهر الماضي. وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فجر أمس، إن الولايات المتحدة «لن تتردد في توجيه ضربات جديدة لتلك المنشآت إذا اقتضت الضرورة»، مؤكداً أنها «دُمّرت بالكامل». وجاء تصريح ترمب تعليقاً على حديث وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لقناة «فوكس نيوز»، حيث أقرّ بأن المنشآت النووية الإيرانية «تعرضت لأضرار جسيمة وخطيرة»، إلا أنه شدد على أن طهران «لن تتخلى عن التخصيب». وقال إن أي اتفاق نووي مستقبلي ينبغي أن يتضمن حق التخصيب. وانتقدت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» ما قاله عراقجي عن وقف عملية التخصيب، وقالت إن «التصريح مبالغ فيه ويعكس موقف ضعف». ونفى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وجود أي نية لدى بلاده لتصنيع قنبلة ذرية، وقال إن «الأعداء خلقوا أجواء إعلامية زائفة تزعم العكس». برّاك يعود لـ «التفاؤل»: لن نتخلى عن لبنان عاد المبعوث الأميركي توم برّاك إلى «التفاؤل» خلال زيارته إلى بيروت حيث التقى أمس (الثلاثاء) رئيس البرلمان نبيه بري. وفيما اكتفى بوصف اللقاء بـ«الممتاز»، قال إن بلاده لن تتخلى عن لبنان وستعمل قدماً للوصول إلى الاستقرار و«عليكم أن تتحلوا بالأمل». وجاء كلام برّاك بعدما قال الاثنين إن بلاده «لا يمكنها الضغط على إسرائيل»، مُحمّلاً الدولة اللبنانية مسؤولية نزع سلاح «حزب الله». وأتى ذلك في وقت تواصل التصعيد الميداني في جنوب لبنان، حيث استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في بلدة تبنين، عند محيط المستشفى الحكومي. وفيما وصل عدد القتلى نتيجة الغارات الإسرائيلية إلى 230 شخصاً منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يؤكد خبراء أن منطقة جنوب الليطاني باتت خالية من «حزب الله» وتقول إسرائيل إنها «تلاحق الجيوب الصغيرة» التابعة للحزب. المبعوث الأميركي توم برّاك يحث الشرع على مراجعة سياسته وإلا خاطر بتفتيت سوريا دعا المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك، الرئيس أحمد الشرع، إلى تقويم سياساته وتبني نهج أكثر شمولاً بعد جولة جديدة من الصراعات الطائفية الدامية، الأسبوع الماضي، وإلا سيكون مهدداً بفقدان الدعم الدولي وتفتيت البلاد. وقال برّاك إنه نصح الشرع في مناقشات خاصة بمعاودة النظر في تكوين الجيش قبل الحرب وتقليص نفوذ الإسلاميين، وطلب المساعدة الأمنية الإقليمية. وفي مقابلة في بيروت، قال برّاك لوكالة «رويترز» إنه من دون تغيير سريع، فإن الشرع يخاطر بفقدان القوة الدافعة التي أتت به ذات مرة إلى السلطة. وأضاف برّاك أنه يتعين على الشرع القول: «سأتأقلم سريعاً، لأنني إن لم أفعل سأفقد طاقة الكون التي كانت تقف ورائي». وقال إن الشرع يمكن أن «ينضج كرئيس ويقول.. الشيء الصحيح الذي يجب أن أفعله هو ألا أتبع أسلوبي الذي لا يحقق المرجو منه». ووصل الشرع بعد أن أطاح مسلحون تحت قيادته بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) بعد حرب أهلية دامت أكثر من 13 عاماً. وتعهد الشرع بحماية أفراد الأقليات الطائفية العديدة في سوريا. إلا أن هذا التعهد بات على المحك، أولاً من خلال عمليات القتل الجماعي لأفراد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد في مارس (آذار)، والآن من خلال أعمال العنف الأخيرة في الجنوب الغربي. وجرى الإبلاغ عن مقتل المئات من الأشخاص في اشتباكات بمحافظة السويداء الجنوبية بين مسلحين دروز وعشائر بدوية سنية وقوات الشرع نفسها. وتدخلت إسرائيل بشن غارات جوية لمنع ما قالت إنه قتل جماعي للدروز على يد القوات الحكومية. القوات السورية لم ترتكب انتهاكات بحق الدروز وقال برّاك إن الحكومة الجديدة يجب أن تفكر في أن تكون «أكثر شمولاً على نحو أسرع» فيما يتعلق بدمج الأقليات في هيكل الحكم. لكنه رفض أيضاً التقارير التي تقول إن قوات الأمن السورية مسؤولة عن الانتهاكات بحق المدنيين الدروز. وأشار إلى أن مسلحي تنظيم «داعش» ربما كانوا متنكرين في زي الحكومة، وأن المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي يسهل التلاعب بها، بالتالي لا يمكن الاعتماد عليها. وقال: «لم تدخل القوات السورية إلى المدينة. هذه الفظائع التي تحدث لا ترتكبها قوات النظام السوري. إنهم ليسوا حتى في المدينة لأنهم اتفقوا مع إسرائيل على عدم دخولها». «لا وريث» للشرع ساعدت الولايات المتحدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، الأسبوع الماضي، مما أدى إلى إنهاء القتال الذي اندلع بين مسلحي العشائر البدوية والفصائل الدرزية في 13 يوليو (تموز). وقال برّاك إن المخاطر في سوريا عالية للغاية، في ظل عدم وجود خطة خلافة أو بديل ممكن للحكومة الجديدة. وقال برّاك: «مع هذا النظام السوري، لا توجد خطة بديلة. إذا فشل هذا النظام السوري... وهناك من يحاول دفعه للفشل.. (لكن) لأي غرض؟ فلا يوجد خليفة له». «أسوأ» من ليبيا ورداً على سؤال عما إذا كانت سوريا يمكن أن يؤول بها الحال إلى ما آلت إليه ليبيا وأفغانستان، قال: «نعم، بل أسوأ من ذلك». وقالت الولايات المتحدة إنها لم تدعم الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، وقال برّاك إن الغارات زادت من «الارتباك» في سوريا. وتصف إسرائيل المسؤولين الحاليين في دمشق بأنهم متشددون خطيرون، وتعهدت بإبقاء القوات الحكومية بعيداً عن جنوب غرب سوريا وحماية الأقلية الدرزية السورية في المنطقة، وشجعتها على ذلك مناشدات من الطائفة الدرزية في إسرائيل. وقال برّاك إن رسالته إلى إسرائيل هي إجراء حوار لتهدئة مخاوفها بشأن القادة الجدد في سوريا، وإن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دور «الوسيط النزيه» للمساعدة في تبديد أي مخاوف. وقال إن الشرع ألمح في بداية حكمه إلى أن إسرائيل ليست عدواً له، وأنه يمكن أن يطبع العلاقات معها في الوقت المناسب. وقال برّاك إن الولايات المتحدة لا تفرض الشكل السياسي الذي يجب أن تكون عليه سوريا سوى أن يتسم بالاستقرار والوحدة والعدالة والشمول. وأضاف: «إذا انتهى الأمر بحكومة اتحادية، فهذا هو قرارهم. والإجابة على هذا السؤال هي أن الجميع قد يحتاج الآن إلى التكيف». قادة لليمين المتطرف الإسرائيلي يناقشون خطط تحويل غزة إلى «ريفييرا» سياحية عقد بعض من قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي لقاء علنيا الثلاثاء لمناقشة تحويل غزة إلى «ريفييرا» سياحية، في حين يواجه سكان القطاع الفلسطيني المدمّر أزمة إنسانية متفاقمة. عُقد اللقاء الذي نظّم تحت شعار «الريفييرا في غزة: من رؤية إلى واقع في الكنيست، برعاية عدد من الأعضاء الأكثر تشددا في البرلمان الإسرائيلي، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وشاركت في اللقاء شخصيات منها وزير المال بتسلئيل سموتريتش، والناشطة دانييلا فايس، وهي من أبرز المنادين بالاستيطان اليهودي في قطاع غزة. يستحضر شعار اللقاء طرحا للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اقترح في فبراير (شباط) تحويل القطاع المدمّر من جراء الحرب إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» بعد إخراج سكانه الفلسطينيين ووضعه تحت سيطرة الولايات المتحدة. ولاقى الاقتراح ردود فعل مندّدة دولية وعربية، وأعاد إلى أذهان الفلسطينيين ذكريات «النكبة» التي رافقت قيام دولة إسرائيل في العام 1948 وأدت إلى تهجير نحو 700 ألف فلسطيني. وناقش المشاركون في لقاء الثلاثاء «خطة رئيسية» أعدتها منظمة فايس لإعادة إرساء وجود يهودي دائم في غزة. يلحظ المخطط التفصيلي بناء وحدات سكنية لـ 1.2 مليون مستوطن جديد، وتطوير مناطق صناعية وزراعية، بالإضافة إلى مجمعات سياحية ساحلية. في عام 2005 جرى تفكيك ثماني مستوطنات إسرائيلية كانت مقامة في مناطق مختلفة من غزة، تزامنا مع انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع الذي احتلته في حرب 1967. وعلى مدى العقدين الماضيين، طالب قسم من المجتمع في إسرائيل بعودة الاستيطان في غزة. اكتسبت المطالب زخما أكبر بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشعل فتيل الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة. روسيا: تدمير 33 مُسيَّرة أطلقتها أوكرانيا خلال الليل قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم (الأربعاء) على تطبيق «تلغرام» للمراسلة، إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 33 طائرة مُسيَّرة أوكرانية خلال الليل في 6 مناطق. وأطلقت روسيا عدداً غير مسبوق من المُسيَّرات والصواريخ على مدن أوكرانية في الأسابيع القليلة الماضية، ما أوقع قتلى، في هجمات تظهر -حسب كييف- عدم جدية موسكو في وقف هجومها الكاسح. الصين تقدم احتجاجات للاتحاد الأوروبي بعد شملها في عقوبات على روسيا قدّم وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو «احتجاجات رسمية» للاتحاد الأوروبي بعد إدراج مصرفَين صينيين في العقوبات التي فرضتها الكتلة على روسيا، على خلفية الحرب في أوكرانيا، وفق ما أعلنت بكين الأربعاء. وأوضحت وزارة التجارة الصينية، في بيان، أن «وانغ قدم احتجاجات رسمية بشأن إدراج مؤسستين ماليتين صينيتين في الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا» خلال محادثات مع المفوض التجاري في الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، الثلاثاء.


شفق نيوز
منذ 3 أيام
- شفق نيوز
بلاد الشام: هل كان لبنان حقاً جزءاً من سوريا؟
عاد مصطلح "بلاد الشام" ليثير الكثير من الجدل بعد التصريح الذي أدلى به مؤخراً المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان، توماس باراك، الذي حذّر من "عودة لبنان إلى بلاد الشام" في حال لم يسارع إلى حل مشكلة سلاح حزب الله، مشيراً إلى حقيقة تغير النظام الحاكم في سوريا. ورغم أن باراك سرعان ما شدّد لاحقاً على أنه يعتقد أن قادة سوريا الجدد "لا يريدون سوى التعايش والازدهار المتبادل مع لبنان"، إلا أن هذا لم يحُلْ دون عاصفة النقاش حول تصريحات المبعوث الأمريكي ومصطلح بلاد الشام. فما الذي يعنيه مصطلح بلاد الشام؟ وما تاريخ التقسيم السياسي لتلك المنطقة؟ ساحة صراع بلاد الشام هو مصطلح جغرافي وتاريخي كان يُستخدم لوصف مناطق واسعة تشمل اليوم: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية، وأحياناً كان يشمل أجزاء من جنوب تركيا وشمال السعودية وشبه جزيرة سيناء في مصر. خضعت هذه المنطقة، الواقعة في غرب آسيا، لسيطرة العديد من الإمبراطوريات الكبرى عبر التاريخ، مثل المصرية القديمة، والآشورية، والبابلية، والفارسية، والإغريقية، والرومانية. ونظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، كانت هذه الرقعة الشاسعة من الأرض مسرحاً لصراعات كبرى بين قوى وإمبراطوريات متنافسة، مثل المواجهات بين المصريين القدماء، في عهد تحتمس الثالث، وشعوب كنعانية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، أو الحرب بين الإمبراطورية البيزنطية (الرومانية الشرقية) والإمبراطورية الساسانية (الفارسية) في القرن السابع الميلادي، وهي الحرب التي ورد ذكرها في القرآن في سورة الروم. وفي القرن السابع الميلادي، ومع انتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية، انطلقت حملات الفتح الإسلامي التي بسطت سيطرتها على مساحات واسعة من آسيا وأفريقيا، وامتدت لاحقاً إلى أجزاء من أوروبا. ومع انتشار الإسلام واللغة العربية، بدأ يترسّخ مصطلح "بلاد الشام" في الأدبيات العربية. وهناك عدة تفسيرات لإطلاق اسم الشام على تلك المنطقة من الأرض، فمنها ما يربط بين التسمية واشتقاقات قديمة قد تكون مرتبطة بالسماء في بعض اللغات السامية، كذلك هناك ما يربط بينها وشخصية سام بن نوح المذكورة في التوراة، كما يرجع البعض التسمية إلى كون تلك المنطقة تقع على يسار(شِمال) مكة من جهة شروق الشمس بينما يقع اليمن على اليمين. أما في المصادر الغربية، فكانت تُعرف بعدة مصطلحات من بينها "ليفانت" (Levant) و"سوريا"، وهو الاسم الذي ورد في كتابات قديمة، مثل كتاب التاريخ للمؤرخ اليوناني هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد. عاصمة الأمويين ازدادت أهمية المنطقة بعد أن اتخذ الأمويون من دمشق عاصمةً لدولتهم التي استمرت نحو تسعين عاماً. وبعد سقوط الدولة الأموية وصعود العباسيين إلى الحكم، نُقلت عاصمة الخلافة الإسلامية إلى بغداد، فتراجعت المكانة السياسية لدمشق لصالح العاصمة الجديدة. ومع ذلك، شهد العصر العباسي، الذي امتد قروناً، صعود مدينة حلب كمركز سياسي وثقافي بارز، نافس دمشق على النفوذ في بلاد الشام. وتشير كتب التاريخ الإسلامي إلى أن بلاد الشام في العهد العباسي لم تكن تُدار كوحدة سياسية موحدة تحت سلطة والٍ واحد، بل قُسمت إلى كيانات إدارية متعددة، مثل ولايتي دمشق وحمص، وكان لكل منهما والٍ مستقل. ومع تراجع نفوذ الخلافة العباسية، برزت في بلاد الشام إمارات وممالك محلية، بعضها تمتّع باستقلال شبه تام، وبعضها الآخر خضع للخلافة اسمياً فقط، بينما خضعت أجزاء من الشام لسيطرة الفاطميين، الذين نافسوا العباسيين في الشرعية الدينية والسياسية. كذلك شهدت فترة الخلافة العباسية خسارة المسلمين للسيطرة على مناطق مختلفة في بلاد الشام، كما حدث أثناء الحروب الصليبية التي امتدت نحو مئتي عام. وبعد رحيل الصليبيين عن الشرق عام 1291، آلت السيطرة على بلاد الشام إلى دولة المماليك في مصر، التي واصلت تقسيم المنطقة إلى عدة وحدات إدارية، كانت في الغالب ستّ وحدات، عُرفت بـ'نيابات' أو 'ممالك'، من بينها دمشق وحلب وحماة وطرابلس وصفد والكرك. وكانت صيدا وبيروت تتبعان نيابة دمشق. العثمانيون جاء القرن السادس عشر الميلادي حاملاً معه صعود قوة جديدة. فالأتراك العثمانيون هزموا المماليك ليؤسسوا إمبراطورية ستهيمن لقرون على أغلب بلدان العالم الإسلامي، ومن بينها منطقة بلاد الشام. وبحسب المؤرخ اللبناني شارل الحايك، في مقابلة مع بي بي سي عربي، فإن المنطقة الجغرافية التي تعرف باسم بلاد الشام كانت مقسمة في زمن العثمانيين إلى عدة وحدات سياسية تغيّر شكلها وترتيبها كثيراً، لكن لأطول وقت كانت هناك أربع وحدات إدارية كبرى (إيالات) - وهي إيالة حلب، وإيالة دمشق، وإيالة طرابلس، وإيالة صيدا. وكانت كل إيالة تتشكل من وحدات إدارية أصغر يُطلق عليها "سنجق". فبيروت مثلاً ظلت لفترة طويلة زمن العثمانيين سنجقاً تابعاً لولاية صيدا. وبمرور الزمن بدأ نفوذ الدولة العثمانية في التراجع، ليفسح المجال أمام تنامي النزعات الاستقلالية، كما حدث في عهد والي مصر محمد علي (1805–1848)، حين سيطرت قواته على بلاد الشام فيما عُرف بالحكم المصري (1831- 1841). ثم جاءت الأحداث الكبرى التي شهدها القرن التاسع عشر لتُلقي بظلالها على التقسيم الإداري لتلك المنطقة. فبداية من عام 1850 وقعت أعمال عنف طائفية دموية في حلب، ثم في جبل لبنان ودمشق بعد 10 سنوات، راح ضحيتها أعداد كبيرة من المسيحيين، ما أثار موجة غضب في أوروبا. وعقب تلك الأحداث الدموية، وتحت ضغوط أوروبية، قرّرت السلطة العثمانية إحداث تغييرات في النظام الإداري للوحدات التي كانت تتشكل منها منطقة المشرق، فبدأت بإنشاء وحدة إدارية هي متصرّفية جبل لبنان، التي كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي يحكمها زعيم مسيحي ليس من أبناء منطقة الجبل. ثم في عام 1864، أُسّست ولاية سوريا التي ضمت الكيانات الإدارية لدمشق وطرابلس وصيدا. ويقول شارل الحايك إنّ إطلاق اسم سوريا على الولاية الجديدة يعكس وعياً تاريخياً لدى النخب المحلية التي اقترحت هذا الاسم. وبحسب كتاب المؤرخ البريطاني يوجين روغان "أحداث دمشق: مذبحة عام 1860 وتشكيل الشرق الأوسط الجديد"، فإن دمشق وبيروت تنافستا على نيل شرف أن تكون إحداهما عاصمة ولاية سوريا بشكلها الجديد، قبل أن يستقر العثمانيون على دمشق. ثم عاد العثمانيون وعدّلوا من شكل التقسيم الإداري لمنطقة الشرق العثماني، فأعلنوا تأسيس متصرفية القدس، ثم لاحقاً أسسوا وحدة إدارية جديدة هي ولاية بيروت، التي ضمت الأراضي التي كانت ضمن ولايتي صيدا وطرابلس. الحرب العالمية الأولى وتأسيس لبنان وسوريا مثلما كان للقرن التاسع عشر تأثير كبير على منطقة المشرق العثماني، فإن القرن العشرين بدوره حمل الكثير من رياح التغيير. فالدولة العثمانية انخرطت في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) بجانب ألمانيا وإمبراطورية هابسبورغ (التي كانت تضم أساساً النمسا والمجر) ضد معسكر بريطانيا وفرنسا وروسيا، ولاحقاً الولايات المتحدة، لتشهد منطقة الشرق الأوسط معارك عنيفة. ومن بين الأحداث الكبرى، الانتفاضة التي قادها حاكم مكة، الشريف حسين، ضد العثمانيين، مدعوماً من قبل بريطانيا. ومع انتهاء الحرب وسيطرة بريطانيا وفرنسا على الأراضي التي كانت تابعة للعثمانيين، بدت منطقة الشرق الأوسط على أبواب تغيير كبير، خاصة في ظل الوعود المتضاربة التي قطعتها الدول المنتصرة، خاصة بريطانيا، خلال الحرب. فبريطانيا تعهدت للشريف حسين بدعمه في تأسيس دولة عربية مستقلة، كما أبرمت اتفاقاً سرياً مع فرنسا وروسيا القيصرية (اتفاق سايكس-بيكو) على تقسيم مناطق النفوذ في الشرق العثماني، بجانب وعد بلفور الخاص بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي خضم هذه الأحداث المتلاحقة، ظهرت تيارات سياسية في منطقة المشرق تباينت مواقفها حيال مستقبل المنطقة. فأنصار الاستقلال كانت تحذوهم الكثير من الآمال والتطلعات لمبدأ حق تقرير المصير الذي تبناه الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون. ومما يدل على قوة هذه الآمال أن أحد أبرز رموز السلفية المعاصرة، الشيخ محمد رشيد رضا، المولود في القلمون بطرابلس، كتب مقالاً يمتدح فيه بشدة ويلسون، بحسب ما جاء في كتاب "كيف سرق الغرب الديمقراطية من العرب" للمؤرخة إليزابيث تومسون. في المقابل، ظهرت في جبل لبنان أصوات، خصوصا في الأوساط المارونية، تدعو إلى قيام كيان مستقل عن باقي ولايات الشام، بدعم من فرنسا. وفي عام 1920 أعلن عن إنشاء مملكة سوريا على أجزاء من ولايتي دمشق وحلب تحت حكم الأمير فيصل (الملك فيصل لاحقا). لكن تجربة المملكة السورية الوليدة لم تدم سوى لأشهر، إذ تعارضت مع تفاهمات دولية تم الاتفاق عليها في مؤتمر سان ريمو، وتم تطبيقها لاحقاً بالقوة العسكرية، لتخضع الأراضي الواقعة حالياً في سوريا ولبنان لسلطة الانتداب الفرنسي، بينما خضعت فلسطين لسلطة الانتداب البريطاني. وفي عام 1920، أعلنت فرنسا إنشاء لبنان الكبير، الذي ضم، بجانب جبل لبنان، مناطق متعددة من بينها بيروت وطرابلس وصيدا، وهو لبنان الذي نعرفه بشكله الحالي. أما في سوريا، فقد تم تقسيم المنطقة إلى عدة دويلات: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة الساحل، ودولة جبل العرب. وفي عشرينيات القرن العشرين، اندلعت ثورة في المناطق السورية ضد الانتداب الفرنسي، قبل أن يتم إعلان دولة سورية موحدة عام 1930. وبعد استقلال لبنان وسوريا عن فرنسا في أربعينيات القرن العشرين، شهدت العلاقات بين البلدين العديد من التطورات الهامة التي أسفرت عن تداخل كبير في مصائرهما، فخلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية وما أعقبها، كان لسوريا نفوذ سياسي وعسكري كبير في لبنان. وفي عام 2005 انسحب الجيش السوري من لبنان بعد تنامي الضغوط الدولية على دمشق، خاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. كذلك، فإن حزب الله اللبناني شارك بجانب قوات الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في الصراع ضد المعارضة المسلحة، وهو الصراع الذي انتهى في عام 2024 بسقوط حكم الأسد. لكن هل يمكن لهذا التاريخ الثري والمتداخل لتلك المنطقة أن يبرر الحديث عن عودة سياسية لبلاد الشام؟ يقول المؤرخ اللبناني شارل الحايك إن أصحاب هذا الطرح يعتمدون على "قراءات خيالية ليس لها علاقة بالتاريخ. فالمغالطة هنا تكمن في اعتبار بلاد الشام مصطلحاً يدل على كيان سياسي، وهو أمر غير صحيح. فلبنان وسوريا لم ينشآ كدولتين بالمعنى الحديث إلا بعد الحرب العالمية الأولى". ويختتم الحايك حديثه بالتحذير من أنه "لا يمكن بناء المستقبل على الماضي، فالماضي موجود لكي نتعلم منه".